Connect with us

على مسؤوليتي

المتقاعد بين الإعفاء الضريبي والرفع من المعاش

نشرت

في

من مخرجات جولة أبريل 2024 تنفيذا للاتفاق الجماعي لـ 30 ابريل 2020، التزام الحكومة وتنفيذها لتحسين الدخل لفائدة موظفي الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وأجراء القطاع الخاص مستبعدة الزيادة في مبالغ معاشات المتقاعدين مما أفضى إلى تذمر جميع المتقاعدين وهيئاتهم التمثيلية من هذا الإقصاء المقصود.

ولما استبشر مجموع المتقاعدين بمشروع قانون المالية رقم 60.24 للسنة المالية 2025 على أمل تَضَمُّنِه للزيادة في مبالغ المعاشات، تم وَأْد هذا الحلم بِتنْصِيصِ مشروع القانون المذكور على التخفيض من الضريبة على الدخل ليس إلا.

فهل يتم الاكتفاء بالسعي للإعفاء من الضريبة على الدخل، علما بأن شريحة كبيرة من المتقاعدين مَعْفِية من أداء هذه الضريبة لِهَزَالة مبالغ معاشاتها، وحتى في حالة إعفاء بعض المعاشات من الضريبة المعنية فإن الزيادة غير المباشرة في مبالغها ستَتَآكل وتَضْمحِل بفعل التضخم لِيَظَل المتقاعد يدور في حلقة مُفرَغة.

وإذا كان الأمر كذلك وتبينت عدم فعالية ونجاعة وشُمولِية إعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل في تعزيز القدرة الشرائية للمتقاعدين بصفة دائمة، فهل يجب الترافع من أجل الزيادة في مبالغ المعاشات؟.

وإذا اتفقنا على ضرورة وإلزامية الرفع من مبالغ المعاشات للحفاظ على القدرة الشرائية للمتقاعدين، فإننا نتساءل عن الأسس القانونية لهذه الزيادة والجهة التي ستتحمل تكاليفها؟ هل هي المؤسسات العمومية التي تُدبِّر أنظمة التقاعد؟ أم الجهة المُشغِّلة من قَبِيلِ الدولة بالنسبة للموظفين للمنخرطين في نظام المعاشات المدنية؟ .

بغاية معالجة هذا الموضوع سنحاول الإحاطة بآليات التخفيض من الضريبة على الدخل وبِمَآلاَت الإعفاء منها(أولا) مع التطرق إلى الأسس القانونية للزيادة في مبالغ المعاشات وجهات تَحَمُّل تكاليف أي زيادة؟ (ثانيا) ثم في المنتهى هل يجب النضال من أجل الإعفاء الضريبي والزيادة في مبلغ المعاش فقط؟ أم يتعين البحث عن آليات ووسائل أخرى لتعزيز القوة الشرائية للمتقاعدين؟.

أولا: آليات تخفيض وإعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل
1- آليات تخفيض الضريبة على المعاشات
يتمثل الأساس القانوني لإخضاع المعاشات للضريبة على الدخل في المادة 56 من المدونة العامة للضرائب التي تَعتبِر المعاشات من قبيل الأجور لتطبيق الضريبة على الدخل.

ومن أهم آليات تخفيض الضريبة على المعاشات تخفيض سعر هذه الضريبة الذي سيعرف انخفاضا ابتداء من فاتح يناير 2025، كما لا يجب أن يغيب عن البال آلية الخصم الجزافي حيث تخضع معاشات التقاعد لخصم جزافي، فَوِفْقَ المادة 60 من المدونة العامة للضرائب يُطبق على المبلغ الإجمالي للمعاشات والإيرادات المفروضة عليه الضريبة مع الخصم تخفيض جزافي نسبته 70%من المبلغ الإجمالي السنوي الذي يساوي أو يقل عن 168.000 درهم سنويا و40% لما زاد عن ذلك، بما يفيد أن تخفيض سعر الضريبة على الدخل من فاتح يناير 2025 وارتباطا مع التخفيض الجزافي المذكور سيُفضِي إلى الزيادة بطريقة غير مباشرة في مبالغ المعاشات باستثناء المعاشات المعفية من الضريبة على الدخل.

2- مآلات إعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل
علاوة على أن التخفيض الجزافي لا يمس إلا شريحة معينة من المتقاعدين فقد طالب البعض وبإلحاح العمل على الإعفاء الكامل لمعاشات التقاعد من الضريبة على الدخل بحجة أن اشتراكات التقاعد المقتطعة من الأجور لفائدة المعاشات وكذا معاشات التقاعد تخضع للضريبة المذكورة، وبذلك بغاية تفادي الخضوع مرتين لذات الضريبة.

بهذا الخصوص يتعين التذكير بأن المادة 59 من المدونة العامة للضريبة تفيد بأن المبالغ المحجوزة لتأسيس المعاشات ورواتب التقاعد تُخصم من المبلغ الاجمالي للأجر قبل فرض الضريبة على الدخل ، كما أن المادة 17 من القانون رقم 43.95 القاضي بإعادة تنظيم الصندوق المغربي للتقاعد تنص صراحة على أنه « تُعْفَى الاقتطاعات لأجل المعاش ومساهمات المُشَغِّلين من جميع الضرائب أو الرسوم »، مما يتضح معه أن مبالغ اشتراكات التقاعد المقتطعة من الأجور لا تخضع للضريبة وبالتالي تسقط مَقُولة الخضوع للضريبة مرتين، مرة إِبَّان الحياة العملية ومرة ثانية في مرحلة التقاعد.

ولِنَفْرض أنه تم الاعفاء التام للمعاشات من الضريبة على الدخل، والذي من المفروض قانونا ومُوَازنَاتيّاً أن يتم بطريقة تدريجية قد تستغرق بضع سنين، فإن مفعول إعفاء مبالغ المعاشات سيختفي بمرور السنوات ومع التضخم وارتفاع الأسعار وتتعرض المعاشات من جديد للتآكل مع ضعف القدرة الشرائية للمتقاعدين، مما دفع بالبعض إلى طَرْح إلزامية الزيادة في مبالغ المعاشات للهروب من هذه الحلقة المفرغة.

ثانيا: الأسس القانونية للزيادة في مبالغ المعاشات والجهات المكلفة بالتكاليف
1- الأسس القانونية للزيادة في المعاشات
بخصوص نظام الضمان الاجتماعي فإن الفصل 68 من الظهير الشريف بمثابة قانون بتاريخ 27 يوليوز 1972 يتعلق بالضمان الاجتماعي كما تم تغييره وتتميمه، (جريدة رسمية = ج.ر عدد 3121 بتاريخ 23 غشت 1972) يفيد بأن إمكانية إعادة تقدير معاشات الزمانـة والشيخوخة والمتـوفى عنهم رهين بصدور مرسوم تتداخل وتتقاطع بشأنه عدة معطيات سياسية ومالية واقتصادية واجتماعية.

وفيما يتعلق بإعادة التقييم السنوي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد فإن معاشات متقاعدي هذا النظام تعرف زيادة سنوية بواسطة تحديد نسبة إعادة التقييم السنوي للنظام الجماعي بناء على الفقرة الثالثة من الفصل 35 من المرسوم رقم 2.20.935 بتاريخ 27 يوليو2021 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.77.551 بتاريخ 4 أكتوبر 1977 بتحديد كيفيات تطبيق النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد -النظام العام-(ج.ر عدد 6284 بتاريخ 19 أغسطس 2021)، والتي تفيد بأنه:

– تُحدد نسبة إعادة التقييم السنوي للنظام في ثلثي (3/2) نسبة تطور أجرة النظام السنوية المتوسطة برسم السنة المعنية،
– ويُحدد أقصاها (أي نسبة إعادة التقييم السنوي للنظام) في نسبة تطور الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك من نفس السنة (لمزيد من التوضيح انظر رشيد أعمر: رفع مبالغ المعاشات بين الإمكانية والاستحالة، مقال منشور بموقع اليوم 24 بتاريخ 18 مايو 2024).

أما فيما يخص نظام المعاشات المدنية (القانون رقم 011 .71 بتاريخ 30 ديسمبر 1971 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية، ج. ر عدد 3087 مكرر بتاريخ 31 دجنبر 1971) فإنه وفق الفصل 44 -2 منه تضاف إلى معاشات التقاعد ومعاشات ذوي الحقوق كل زيادة تطرأ على المرتب الأساسي (Traitement de base) المخصص للدرجة والسلم والرتبة التي كان ينتمي إليها الموظف أو المستخدم عند حذفه من أسلاك الإدارة( للتوضيح أكثر انظر المرجع السالف الذكر)، وبالتالي فإن أي زيادة تطرأ على المرتب الأساسي، أي الزيادة في القيمة السنوية للأرقام الاستدلالية، تُفضِي بحق القانون إلى الرفع من معاشات المتقاعدين … لكن الواقع الحقيقي يُخالِف هذه الحقيقة القانونية لِعدَم تفعيلها.

ويتجلى عدم التفعيل في كون الزيادة في الأجور تنصب فقط على عنصر التعويضات النظامية دون المرتب الأساسي الذي لم تَطْرَق بابه أي زيادة منذ فاتح يوليوز 1997 (المرسوم رقم 2. 96. 815 بتاريخ 11 نوفمبر1996، ج. ر عدد4436 بتاريخ 5 ديسمبر1996) مما حَالَ دون الزيادة في معاشات متقاعدي نظام المعاشات المدنية باستثناء ما ترتب عن التخفيض الجزافي للضريبة على الدخل.

وقد يقول قائل لما لا يستفيد متقاعدو نظامي الضمان الاجتماعي والمعاشات المدنية من الزيادة في المعاشات على غرار مُنتسِبي النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد؟.

إن عِلَّة عدم الاستفادة تتمثل في كون النظامين يعملان بتقنية التوزيع الذي تقوم على أساس التضامن بين الأجيال مع تَحمُّلِ المساهمين لنفقات معاشات المتقاعدين بخلاف النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد الذي يَمْزِج بين تقنيتي التوزيع والرسملة حيث تعتمد الرسملة على معاملة كل منخرط بشكل انفرادي ويُفتح له حساب فردي يُشكِّل المرجع الأساسي لاحتساب معاشه (هنا يطرح السؤال حول مدى إلزامية التخلي عن النظام التوزيعي والارتكان إلى نظام يمزج بين التوزيع والرسملة للتغلب على تدهور المؤشر الديموغرافي؟).

وَهَبْ أنه تقرر الرفع من المعاشات فما هي الجهة المخولة لتحمل التكاليف؟ هل هي المؤسسات العمومية المكلفة بتدبير أنظمة التقاعد؟.

2- الجهات المكلفة بتحمل تكاليف الزيادات
بخصوص إعادة التقييم السنوي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد فإن هذا النظام يتحمل التكاليف المترتبة عن إعادة التقييم السنوي وفق الشروط المذكورة أعلاه والواردة في المرسوم رقم المرسوم رقم 2.20.935 بتاريخ 27 يوليو2021 المومإ إليه آنفا.

وفيما يخص نظام الضمان الاجتماعي، فإن قرار الرفع من المعاشات رهين بصدور مرسوم من لدن الحكومة وطبق الشروط التي سَتُحدَّد في هذا المرسوم إذا استوجب ذلك الفرق الملاحظ بين مستوى الأجور المُصفَّاة على أساسها الرواتب المذكورة وبين مستوى الأجور المعمول بها حسب الفصل 68 من نظام الضمان الاجتماعي.

ورغم وجود هذا الفرق وبشكل صارخ فإن المرسوم يظل قرارا سياسيا يأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل مالية واقتصادية لاسيما التوازن المالي للنظام الذي قد يتأثر سلبا عند تحمل تكاليف الزيادات في المعاشات مما قد يحول دون اعتماد المرسوم المذكور ويُفضِي إلى حرمان المتقاعدين من الاستفادة من أي زيادة.

وفيما يتعلق بأحكام القانون رقم 011 .71 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية فإنها لا تسمح للصندوق المغربي للتقاعد باقتطاع الزيادة في المعاشات من اشتراكات المنخرطين ومساهمات المشغلين (الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية)، كما لا يتضمن القانون رقم 43.95 القاضي بإعادة تنظيم الصندوق المغربي للتقاعد أي مقتضى يخوله أداء زيادات في معاشات المتقاعدين أو الأرامل أو ذوي حقوقهم.

وعند انعدام الأساس القانوني فإنه يستحيل على الآمر بالصرف للصندوق المغربي للتقاعد منح أي زيادة في المعاشات. . وفي هذا السياق قد يقول قائل بأنه تُمنَح تعويضات عائلية للمتقاعدين المستحقين لها قانونا دون سند قانوني؟ وفعلا لا وجود لمقتضى قانوني يرخص للصندوق المذكور منح هذه التعويضات …لكن لا يجب أن ننسى ان هذه التعويضات تتحملها فقط الميزانية العامة في شقها المتعلق بميزانية التسيير للتكاليف المشتركة التي تحملت برسم سنة 2024 إلى غاية فاتح يونيو 2024 التعويضات العائلية لفائدة المتقاعدين المدنيين في حدود 180.23 مليون درهم (مذكرة حول النفقات المتعلقة بالتكاليف المشتركة المرفقة بمشروع قانون المالية لسنة 2025 صفحة6).

وإذا امْتُنِع قانونا مطالبة إدارة الصندوق المغربي للتقاعد بالرفع من معاشات المتقاعدين فهل يمكن الترافع من أجل هذا المطلب لدى الحكومة باعتبارها الجهة المُشغِّلة؟
يبدو أنه يتعذر منطقا وقانونا مطالبة الحكومة بصفتها المُشغِّل بالزيادة في المعاشات لأن مهمتها تتمثل في أداء ما يَنُوبُها من مساهمات فقط…لكن هل يمكن الترافع لدى الحكومة بصفتها الدستورية بغاية الرفع من المعاشات؟ …
في المنتهى:
في ظل وضعية معاشية (نسبة إلى المعاش) دونِيَّة لمنتسبي نظامي المعاشات المدنية والضمان الاجتماعي المرتهنين لتقنية التوزيع، تَنْحُو الأذهان والأفئدة إلى الإعفاء الضريبي والزيادة في المعاشات…غير أن إعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل لن يفيد إلا شريحة معينة من المتقاعدين ويقتصر أثرها على المدى المتوسط بفعل التضخم…أما الزيادة في مبالغ المعاشات فتتسم بالاستحالة المطلقة الواقعية وفق الوضعية القانونية الحالية للنظامين المذكورين…فما هو المخرج من دَوْرَة سِيزِيف المغربي؟
يبدو أنه يتعين العمل على مجموعة محاور مندمجة ومتكاملة تتمثل أساسا في:
– العمل على التخفيض الضريبي التدريجي للوصول إلى الإعفاء التام للمعاشات من الضريبة على الدخل،
– اعتماد قانون يُلزِم الحكومة كلما بلغ التضخم حدا معينا بالرفع من المعاشات حفاظا على القدرة الشرائية للمتقاعدين،
– تمويل الزيادة في المعاشات عبر اقتطاع نسبة مئوية من الضريبة على الدخل تو ضع في حساب خصوصي للخزينة يُحْدَث لهذا الغرض وتُرصَد موارده للزيادة في المعاشات عند توفر شروطها المتمثلة أساسا في بلوغ التضخم سقفا معينا يُحَدَّد قانونا مع إمكانية تغطية عجز هذا الحساب عند الاقتضاء من لدن الميزانية العامة،
– تمكين المتقاعدين من تسهيلات بعدة مجالات كالنقل والعناية الصحية وغيرهما على غرار ما هو معمول به في كثير من الدول،
– إعادة النظر في النظام التوزيعي الذي يعمل به نظامي المعاشات المدنية والضمان الاجتماعي لِيَضْحَى نظاما يمزج بين تقنيتي التوزيع والرسملة حماية للقوة الشرائية لمتقاعدي المستقبل.

* رشيد أعمر

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

مصطفى المانوزي: أقاوم حتى لا يتحول الشَطَط إلى استبداد

نشرت

في

أعتذر عن النفس الشخصي الذي بمقتضاه أعيد صياغة نقدي الذاتي ؛ ففي ظلال حلول عيد ميلادي السادس والستين، لن أحتفي بالزمن بوصفه مجرد تقويم بيولوجي، بل كرصيد من التأمل النقدي في جدوى السيرورة، وعدالة المعنى، ومآلات الانتظار.

لقد بلغت سنًّا لا أبحث فيه عن جواب، بل أتحرى عمق السؤال. وأدركت أن “التعفن”، حين يستفحل في البنية الرمزية للنظام السياسي والاجتماعي، لا يقتل فقط الحياة، بل يعمّي البصيرة، ويُعدم التدرج الأخلاقي والمعرفي.

*الجملة المفتاحية: مرآة لسردية الانهيار الرمزي
“بسبب التعفن، يتساوى العَمَش مع العَمَى، كما يتحول الشطط إلى استبداد.”
ليست هذه مجرد استعارة. إنها بلاغة تحليلية تؤسس لسردية نقدية، تكشف كيف تُطمر الفروق الدقيقة في لحظة فساد المنظومات، وكيف يُعاد ترتيب الخطأ ليُغلف كضرورة، والانحراف ليُسوَّق كحكمة واقعية.
التأويل السيميائي: من الخلل النسبي إلى الانهيار الكلي.

1. العمش والعمى:
في زمن ما قبل التعفن، يمكن للتمييز بين النقص والبُعد أن يؤطر الفعل والنقد. أما بعده، فلا فرق بين من يرى غبشًا ومن فقد الرؤية كليًا، لأن النسق يُعيد تعريف الخلل بوصفه قاعدة.

2. الشطط والاستبداد:
حين يُترك الشطط بدون مقاومة أخلاقية أو مؤسساتية، يتجذر كعرف، ثم كشرعية، ثم كأداة للحكم. هكذا يولد الاستبداد من رحم التساهل مع الانحراف.

*السياق المغربي الراهن: من الرمزية إلى الواقعة
حين تُهدم معالم المدينة القديمة باسم التنمية،
وتُمحى الفوارق بين “المصلحة العامة” و”السطو على المجال”،
ويتحول النقد إلى جرم، والمشاركة إلى تهديد،
نكون أمام لحظة بلاغية/واقعية يتساوى فيها العَمَش بالعمى، ويتحول الشَطَط إلى استبداد.

إنه زمن سيولة المفاهيم، وتدجين الإرادة، وتعويم الانحراف.

بل زمن “إنتاج الشرعية من ركام الاستثناء”، حيث لا يبقى للشعب سوى أن “يرى ولا يرى”، أن “يُشارك دون أن يُحسب”، وأن “يُقرر ضمن شروط لا تسمح بالقرار”.

في الحاجة إلى سردية بديلة: من التشخيص إلى التأسيس
ما العمل إذن؟
إعادة تفكيك اللغة السائدة، وتحرير المعنى من تواطؤاته الرمزية.

الدفاع عن التمييز الضروري بين النقص والكارثة، بين التجاوز والخيانة، بين السلطة والمشروعية.

الانطلاق من ذاكرة النقد نحو أفق العدالة التوقعية، ليس بوصفها جبرًا للماضي، بل كــتحصين مستقبلي من تكرار الخراب.

* خاتمة في عيد الميلاد
عند ستة وستين عامًا، لا أملك ترف التفاؤل الساذج، ولا ترف التشاؤم العبثي.

لكني ما زلت أومن أن التفكير النقدي التوقعي ليس ترفًا فكريًا، بل فعل مقاومة ضد التعفن، وضد ذلك الانزلاق الذي يُسوّي العمش بالعمى، ويُجمّل الاستبداد بطلاء الشرعية.

ولذلك سأواصل المقاومة حتى لا يستفحل التعسف تحكمه وإستبدادا !

* مصطفى المنوزي
منسق ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

محمد الطالبي : وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة

نشرت

في

في البدء كانت الكلمة.
ومنذ تلك اللحظة، لم يكن الكون صامتاً أبداً. كانت الكلمة فعلاً خلاقاً، وكانت الحرية شرط وجودها. فليس ثمة معنى لكلمة تُولَد في القيد، ولا فائدة من صوتٍ لا يُسمع إلا بإذن.

*الكلمة التي لا تملك حق التحرك، لا تملك القدرة على التغيير.
الحرية ليست ترفاً ثقافياً، ولا موهبة سياسية تُمنح وقت الرخاء وتُسحب ساعة الغضب ولا مرتبطة بتغير عقارب الساعة اثناء تيهانها ، إنها الأصل الأول في الوجود الإنساني، وقلبُ الفعل الإعلامي.

الحرية هي ما يجعل من الصحافة سلطة رقابية حقيقية، لا تابعة. وهي ما يمنح الكاتبة والكاتب شرعية السؤال، والمواطن حق المعرفة، والمجتمع مناعة ضد الكذب والتضليل.

لكن يبدو أن هناك من لم يهضم بعد هذه الحقيقة. وان العهد الجديد وتوجهاته وتاطيره ربما ما زال البعض لم يهضمه ويتمثله في مسلكياته، فهناك من يتربص بالكلمة، وينظر إلى حرية الصحافة كخطر يجب تحييده، لا كأداة لبناء مجتمع واعٍ ومتين.

وهناك من يحاول – في صمت ماكر – أن يُعيد تشكيل المشهد المغربي ليصبح أكثر انضباطاً، لا بمعايير المهنية، بل بمعايير الولاء، والصمت، والاصطفاف.

في الأفق حديث “سري” لكنه يتسلل إلى العلن، عن تقنين التعبير، وضبط الكلام، وتقييد النشر، ومراقبة ما يُقال، ومن قاله، ولمن قاله.

هناك حديث لا عن من يمثل اصحاب وصاحبات الكلمة بقدر ما يُمثل عليهم.
حديث لا يُكتب بالحبر بل بالمقص، وعن “قوانين جديدة” تُفصّل لتمنح الشرعية للمراقبة، وتُشرعن التهديد، وتُدخلنا في عهد جديد عنوانه: الإعلام بلا روح.

لكننا نعلم – من تجارب الشعوب – أن القوانين حين تفقد صلتها بالعدالة، تتحول إلى أدوات للقمع.
وأن القانون بلا حرية، يشبه الجسد بلا روح، والدستور بلا احترام، لا قيمة له.

لا أحد فوق الدستور، ولا أحد تحته. الدستور ليس جداراً يُعلّق عليه الخطاب الرسمي، بل عقد اجتماعي يحفظ كرامة الأفراد ويصون حرياتهم.

وإن فقد الدستور وظيفته، فإن باقي القوانين تصبح بلا معنى وتفقد بعدها الأخلاقي.
المتسلطون ليسوا دائماً من يرفعون الهراوة، بل غالباً من يبتسمون وهم يكتبون تقارير …، ويرتبون جلسات التأديب، ويضعون الكلمة تحت المجهر.

أعداء الحرية يلبسون ثياب المسؤولية، يتحدثون باسمنا الجمعي ، ويقدمون أنفسهم كحماة لنا حتى من انفسنا .

لكن الحقيقة أن أكثر ما يهددنا هو الخوف.
الخوف من السؤال، الخوف من النقد، الخوف من الإعلام الحر، الخوف من مواطن لا يُصفق، بل يُفكر.

الحرية لا تخيف الدولة بل بعض من الجهات التي لا تؤمن بقوتها. بل تخيف فقط من يعرف في قرارة نفسه انه لا ينتمي الى عهدنا الجديد .

ولهذا، فإن معاداة حرية التعبير ليست مؤشراً على القوة، بل على الرعب من الانكشاف.
ألم نرَ كيف يُصنع “مجلس” لتمثيل الإعلاميين، ثم يُفرغ من روحه ليتحول إلى جهاز وصاية؟
هذه حكاية سنمار تتكرر كل مرة .

لكن من يقرأ التاريخ جيداً يعرف أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وأن الصحافة، كلما خُنقت، خرجت من ثقب آخر أكثر جرأةً ووضوحاً.

قد يقال: هذا كلام مثالي. لا يراعي “الواقع”، ولا يفهم “التوازنات”.
لكننا لسنا دعاة فوضى. نحن فقط نعرف أن السكوت لا يصنع حقيقة ، وأن الرأي الواحد لا يبني مجتمعاً، وأن المواطن الذي لا يعرف، لا يستطيع أن يختار، ولا أن يشارك، ولا أن يدافع عن نفسه.
الحرية ليست اختياراً، بل شرط حياة.

هي التي تبني العقول، وتحمي الدولة من الغرق في مستنقع التزلف والتضليل.
الإعلام ليس عدواً للدولة، بل صمام أمانها.

وحين يُخنق الإعلام، وتُربط الكلمة، تُفتح أبواب أخرى للخوف، وللإشاعة، وللشعبوية، وللانفجار الصامت.

*في البدء كانت الكلمة، وفي النهاية لا يصمد إلا الأحرار.
من تَحكَّم في الكلمة لحظةً، لن يستطيع أن يكبح جموح الزمن، ولا أن يُوقف صوت شعبٍ وُلد ليقول، لا ليُصفّق.

الكلمة الحرة لا تموت. حتى إن خُنِقت، تولد من جديد في أول صرخة، وأول منشور، وأول مقال يكتبه صحفيٌّ لا يخاف، ولا يبيع صوته .

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

د.عبد الرزاق مساعد يكتب عن الأعطاب الجنسية عند الرجل

نشرت

في

بواسطة

“الاستيهام والخيال، ضروريان لإتمام العملية الجنسية”: و بالتالي، فإن المرأة و الرجل اللذين لم يمارسا الاستمناء في فترة المراهقة، سيتعرضان حتما، لاضطرابات جنسية تظهر على علاقاتهم الجنسية، مع شركاءهم أو العكس.

الشيء الذي يجب ان نعرفه، هو أن أكثر من خمسين في المائة من الرجال، يصابون بالفشل الجنسي في فترة من حياتهم ، هناك من يستطيع أن يعرف كيفية التعامل، مع الفشل او العطب الجنسي الذي أصيب به. وعندما أقول أن عددا كبيرا من الرجال استطاعوا تجاوز فشلهم الجنسي، بتبسيط المشكل، فبالمقابل، هناك أشخاص عند حدوث الفشل او العطب الجنسي، يشعرون بإحباط شديد و كأن حياتهم انقلبت رأسا على عقب، و بالتالي يصبحون أشخاصا خائفين من الممارسة الجنسية و هذا هو الاحساس الذي يجعلهم يسقطون في فخ العجز الجنسي في النهاية.

فعندما يصاب الرجل بالفشل الجنسي ويقتنع أنه لن يعود الى حالته الطبيعية، يتهرب من الممارسة الجنسية بتقديم أعذار : كأن يقول لزوجته تارة أنا مريض و تارة يدخل منزله متأخرا حتى تنام زوجته أو يدخل لبيته مبكرا ويخلد للنوم قبل الجميع ، لكن عندما يضطر للقيام بالواجب الزوجي أو يمارس الجنس مع زوجته تلبية لرغبتها ، يذهب للمارسة منهزما لأنه يقول لنفسه “عندك ماتدير والو” وهكذا يستحضر الخوف و يقع الفشل. للأسف هذا هو واقع الحال عند العديد من الرجال ، بحيث أن الخوف يقلص من حجم الشرايين بفعل “هرمونات الخوف”. و في هاته الحالة، تزداد نبضات القلب و يرتفع الضغط الدموي ويصاب بالعرق ، وبالتالي يقع فقدان أو عدم الانتصاب، لأن الانتصاب يحتاج الى تمدد الشراين، لتصبح أوسع مما هي عليه، مع ارتفاع الصبيب الذي يصل إلى عشرين مرة أكثر من العادي.

الشئ الثاني، هو ان الفشل الجنسي، يغير من سلوك الرجل و يصبح له سلوك مغاير أثناء العلاقة الجنسية، بحيث لايقاسم شريكته المداعبة، بل يستعمل جسدها لكي يخلق الانتصاب ، فيصبح تركيزه أثناء الممارسة على قضيبه، وبالتالي يوجه تفكيره نحو قضيبه، هل سينتصب ام لا؟ في الوقت الذي كان عليه ان يداعب شريكته.

هذه العينة من الرجال، يصبح تفكيرها منصبا فقط، على القضيب طوال الوقت، أثناء العمل، خلال تناول الطعام ، و في كل وقت إلى أن يسقط في فخ العجز الدائم، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على العلاقة الزوجية، و بالتالي، فمن الطبيعي أن يدفع مثل هذا السلوك، الكثير من الزوجات إلى التعبير صراحة عن تضايقهن من هكذا وضع.

هذا الامر، يتعلق أكثر بشخصية كل رجل، و بشكل خاص، عندما تكون شخصية الرجل ضعيفة، فحتما لن يحسن المعاملة مع الخوف وعندئذ، يقول مع نفسه:” أنا غير قادر على واجبي الزوجي، و ربما ستذهب زوجتي عند رجال اخرين باحثة عن ما يلبي رغبتها الجنسية”، و هو الأمر الذي سيؤثر حتما على نفسيته. وهنا افتح قوسا لأقول:” أن الحياة الزوجية ليست جنس فقط ، هي أخذ وعطاء، تبادل الحب والحنان و مؤازرة الاخر، و الجنس يتوج كل هاته الأشياء”.

لكن للأسف، فإن بعض النساء، يدهبن عكس دلك، بحيث يسيطر عليهن الشك، و يتجه تفكيرهن، نحو تبرير تصرف أزواجهن، بوجود علاقات جنسية خارج إطار الزوجية، الشيء الذي سيضاعف لا محالة المشكل عند الزوج، حيث يصبح مضطرا للقيام بالعملية الجنسية تفاديا للمشاكل بينه و بين زوجته، فيصاحب هذا الاضطرار الخوف من عدم إتمام العملية الجنسية وهذا يؤدي بهذه الأخيرة الى الفشل و هذا يأتي بطبيعة الحال كرد سلبي للزوجة.

ماذا يمكن ان نقول للزوجة، التي أصيب زوجها بفشل أو عطب جنسي. يجب على المرأة أن تساعد زوجها عند شعوره بالفشل و العطب الجنسي وأن يكون سلوكها إيجابيا وليس سلبيا وأن تخفف من معاناته : كأن تقول له مثلا :” هذا شيء عادي و سنتجاوزه و أن الطبيب المختص قادر على أن يرجعك الى حالتك الطبيعية” أو ما شابه دلك، لأن الرجل عندما يصاب بفشل جنسي فانه يشعر بإحباط كبير، ربما يكون السبب المباشر في إصابته بالعجز الدائم.

زيارة الطبيب طبعا ضرورية، إن لم يحسن الرجل معاملته مع المشكل. لأننا لاحظنا في أغلب الأحيان الرجال المصابون بفشل جنسي، لايزورون الطبيب مباشرة بعد الإصابة، إنما ينتظرون سنة بعد سنة لعل المشكل يتم تجاوزه بشكل تلقائي، وهذا خطأ والمرأة للأسف، هي الاخرى لاتشجع الزوج على زيارة الطبيب وهكذا يتضاعف المشكل ويكبر الى ما لا تحمد عقباه، حيث يتم زيارة الطبيب بعد تفاقم المشكل العلاقاتي و يصبح الزواج مهددا بالطلاق.

من بين أسباب تطور مثل هده المشاكل الزوجية، عدم وجود الحوار والتواصل بين الزوجين، حول هذا الموضوع بالضبط و كذلك عدم زيارة الطبيب عند غياب الحوار. فغياب الحوار، يعتبر سببا واضحا في تطور مشكل الفشل الجنسي وهنا أعود الى شخصية الرجل و المرأة و من له الجرأة للحديث في الموضوع وبدون حرج للوصول الى حل ايجابي ، أما الصمت فمن الواضح أن نتائجه حتما ستكون سلبية.

* الدكتور عبد الرزاق مساعيد..أخصائي في المشاكل الجنسية

أكمل القراءة
منوعات منذ 20 دقيقة

راغب علامة يمنع من الغناء في مصر بسبب المعجبات

واجهة منذ ساعة واحدة

آليات تكنولوجية جديدة لتعزيز المراقبة في باب سبتة

مجتمع منذ 3 ساعات

24 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال أسبوع

دولي منذ 4 ساعات

جورج عبد الله يغادر فرنسا الجمعة بعد 40 عاما خلف القضبان

دولي منذ 5 ساعات

إحالة وزيرة الثقافة الفرنسية وكارلوس غصن للمحاكمة بتهمة الفساد

واجهة منذ 7 ساعات

حرارة وضباب وسحب رعدية متوقعة الأربعاء

سياسة منذ 15 ساعة

البرتغال تدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي

رياضة منذ 15 ساعة

لبؤات الأطلس يهزمن غانا ويحلقن نحو نهائي كأس الأمم الأفريقية

اقتصاد منذ 16 ساعة

شراكة استراتيجية بين مكتب الاستشارة Lkelma و SiteMinde الرائد العالمي في تكنولوجيا الفندقة

الجديد TV منذ 18 ساعة

الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge

رياضة منذ 19 ساعة

تصفيات المونديال.. المنتخب المغربي يستقبل النيجر في 5 شتنبر

منوعات منذ 20 ساعة

منال بنشليخة تطلق تحديا جديدا وتوزع 10 تذاكر مجانية لحفلها بأكادير”الصورة”

سياسة منذ 21 ساعة

333 نائبا برلمانيا يغيبون عن جلسة المصادقة على قانون المسطرة الجنائية

مجتمع منذ 22 ساعة

التهريب الدولي للمخدرات يقود لتوقيف مسافرين كنديين بمطار البيضاء

دولي منذ 23 ساعة

الولايات المتحدة تنسحب من منظمة اليونسكو

رياضة منذ 24 ساعة

المنتخب النسوي ينهي التحضير لموقعة نصف نهائي الكان

اقتصاد منذ يوم واحد

أسعار النفط تواصل الانخفاض لليوم الثاني على التوالي

اقتصاد منذ يوم واحد

سوطيما تستحوذ على أغلبية رأسمال شركة سولوديا المغرب

منوعات منذ يوم واحد

الداخلة تحتضن تصوير فيلم “الأوديسة” للمخرج كريستوفر نولان

منوعات منذ يوم واحد

اليوم الثلاثاء هو أقصر الأيام في تاريخ البشرية!

إعلان

الاكثر مشاهدة