لن ينسى العالم قصة الطفل المغربي ريان أورام، وسيسجل التاريخ هذا المد التضامني الجارف الذي غمر منصات التواصل الاجتماعي، من كل بقاع العالم، الذي تحول فعلا إلى قرية صغيرة، وكان محوره الطفل ريان وبئر بقرية إغران بالجماعة الترابية تمروت، بإقليم شفشاون، يتابع تفاصيل المحاولات الجادة لإنقاذ الطفل ريان في هذا الحادث المأساوي، حيث نجحت فرق الإنقاذ في انتشاله، بعد جهود ملحمية، واصلت الليل بالنهار على مدى خمسة أيام، والذي شاءت إرادة الله تعالى أن يلبي داعي ربه، راضيا مرضيا.
وعلى إثر الحادث المفجع الذي أودى بحياة الطفل ريان أورام، أجرى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، اتصالا هاتفيا مع السيد خالد اورام، والسيدة وسيمة خرشيش والدي الفقيد، الذي وافته المنية، بعد سقوطه في بئر.
وبهذه المناسبة المحزنة، أعرب جلالة الملك، نصره الله، عن أحر تعازيه وأصدق مواساته لكافة أفراد أسرة الفقيد في هذا المصاب الأليم، الذي لا راد لقضاء الله فيه، داعيا الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جنانه، وأن يلهم ذويه جميل الصبر وحسن العزاء، في فقدان فلذة كبدهم.
كما عبر جلالته عن تقديره للجهود الدؤوبة التي بذلتها مختلف السلطات والقوات العمومية، والفعاليات الجمعوية، وللتضامن القوي، والتعاطف الواسع، الذي حظيت به أسرة الفقيد، من مختلف الفئات والأسر المغربية، في هذا الظرف الأليم.
ولن ننسى التضامن والتعاطف، أيضا، من كل بقاع العالم من أوروبا إلى الأميركتين، عبر آسيا وإفريقيا، والعرب بكل العالم.
ولن ننسى أيضا أن ريان لم يحظى بتعاطف العربي المسلم فقط، بل بكل بني البشر مؤمن وغير مؤمن، إنها قضية إنسانية وبامتياز، ففي الفاتيكان، أعرب البابا فرنسيس، الأحد، عن حزنه إثر الوفاة المأساوية للطفل ريان، مهنئا الشعب المغربي على تضامنه في هذه المحنة.
كما أعرب البابا عن امتنانه لعناصر الإنقاذ التي بذلت قصارى جهدها لإنقاذ الطفل، معربا عن أسفه لأن جهودهم الدؤوبة لم تسفر عن إنقاذ الطفل.
وأدى فلسطينيون صلاة الغائب في المسجد الأقصى على روح الطفل المغربي.
كما نعى الامام الأكبر شيخ الازهر، في مصر، أحمد الطيب الطفل ريان وتقدم بخالص العزاء لجلالة الملك وللشعب المغربي ولوالدي الفقيد. كما عبر عن تقديره الكبير للمحاولات الحثيثة التي تم بذلها لانقاذه.
من جانبه، أبدى الرئيس إيمانويل ماكرون “مشاطرته لآلام الأسرة والشعب المغربي”، وكتب رئيس الدولة الفرنسي على “فيسبوك” “أريد أن أقول لأسرة الصغير ريان والشعب المغربي أننا نشارطهم آلامهم”.
وبعد أن كشفت مأساة الطفل ريان وحدة الإنسانية والمبادئ النبيلة، من خلال التعاطف العالمي تجاه معاناته والمتابعة المتواصلة لعمليات إنقاذه، وكذلك تضامن الأطفال العرب وحرصهم على متابعة عمليات الإنقاذ في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، آن الأوان للتفكير في التفاعل مع هذا التجاوب والتضامن والمؤازرة، والعمل على إنشاء مدينة تحيي الذاكرة وتخلد روح الراحل، مدينة بقرية إغران بالجماعة الترابية تمروت، تحيي سنويا، كل خامس فبراير، ذكرى الراحل، مدينة تضم منشئات صحية، وأخرى سياحية، وثقافية، ورياضية، تدفع نحو مستقل قرية كانت محط أنظار العالم برمته.
وفي هذا الإطار، أدعو الجميع حكومة ورجال أعمال وسلطات منتخبين ومجتمع مدني بين كل من تابع مأساة ريان، والجهود التي بدلت من أجل إنقاذه، العمل على إنجاح فكرة خلق مدينة ريان وتحويلها من فكرة إلى مشروع و على أرض الواقع.
* عبد الرزاق المنفلوطي
رئيس النقابة الوطنية لصيادلة المغرب