شهدت منصة مهرجان “عيطة بلادي” لحظة فنية استثنائية حين اعتلى نجم الطرب الشعبي المغربي عبد الله الداودي الخشبة إلى جانب الفنانة المتألقة منال بن شليخة لتقديم ديو حي لأغنية ” ركوب الخيل”، في أداء قوي تفاعل معه الجمهور بشكل لافت.
منذ اللحظات الأولى لانطلاق المقطوعة، بدا واضحًا أن هذا اللقاء الفني لم يكن مجرد مشاركة عابرة، بل حدث حقيقي أضفى على السهرة طابعًا احتفاليًا مميزًا. فقد اختلطت قوة أداء الداودي بخبرة سنين في العيطة بزخم وحيوية منال بن شليخة التي أثبتت حضورها وقدرتها على مواكبة هذا اللون الغنائي الأصيل بثقة واستعداد كبير.
جاء الديو عفويًا، لكنه بدا متقنًا في كل تفاصيله. فالتجاوب بين الفنانين ظهر جليًا في الطبقات الصوتية المتناغمة وبين مقاطع النداء والجواب التي تُعدّ جوهر العيطة. وتمكنت منال بن شليخة من مجاراة الداودي بإحساس قوي وأداء متمكن، ما جعل الجمهور يصفق بحرارة في كل مقطع.
الجمهور، الذي ملأ جنبات الفضاء المخصص للحفل، عبّر عن إعجابه الواسع بالديو، وردّد كلمات الأغنية في لحظات جماعية تحولت إلى ما يشبه الكورال الشعبي. وقد خطف هذا الأداء الحي الأنظار، وأصبح من أبرز فقرات المهرجان وأكثرها تداولًا بين الحاضرين.

الهتافات، الزغاريد، وتصفيق الجمهور، كلها رسمت لوحة من التقدير الكبير لفنانين جمعتهما العيطة بروحها، وقدّما لحظة فنية راسخة في ذاكرة الحضور.
أثبت هذا الديو أن العيطة المغربية قادرة على التجدد والانتعاش حين تلتقي خبرة الرواد بحماس الوجوه الجديدة. وقد فتح هذا الأداء المشترك الباب أمام توقعات الجمهور بربما تكرار هذه التجربة أو إطلاق عمل رسمي يجمع الفنانين مستقبلًا.

مهرجان “عيطة بلادي” نجح مرة أخرى في خلق مساحة للمفاجآت الفنية، وكان ديو عبد الله الداودي ومنال بن شليخة واحدًا من أجمل لحظاته، ديو أعاد الروح لعيطة “ركوب الخيل” ومنح الجمهور جرعة عالية من المتعة والإبهار.

في إقليم بولمان، تعيش سكورة مداز هذه الأيام على إيقاع تجربة درامية جديدة تحمل الكثير من الشغف والفرح. المنطقة التي تشبه عناقاً بين الطبيعة والإنسان، فتحت قلبها ودفء بيوتها لمسلسل “حموشان وهلالة”، العمل الذي يجمع بين سيناريو الإعلامي والكاتب أحمد بوعروة ورؤية المخرجة المبدعة جميلة بنعيسى البرجي، بمساعدة فاطمة اكلاز وعبد الاله العمري ومصطفى اهنيني، وإدارة التصوير من توقيع إبراهيم ازابار.

ويأتي هذا التعاون الجديد بين جميلة البرجي بنعيسى وأحمد بوعروة بعدما راكم هذا الثنائي تجارب ناجحة على القناتين الأولى والثانية من خلال مسلسلات “الرحاليات”، “سوق الدلالة”، “الناس لملاح”…عادا اليوم بخطى واثقة ليقدّما عملاً جديداً ينبض بالإنسانية، ويغتني بروح المكان ويحتفي بقيم الجبل وأهله.

“حموشان وهلالة” ليس قصة تُكتب فقط، بل حكاية تُلتقط من هواء سكورة، من وهادها، ومن وجوه ناسها الطيبين. هنا، لا يُصوَّر المسلسل فحسب، بل تُصوَّر حياة، وتُستعاد ذاكرة، وتتقاطع أصوات الأرض مع نبض الدراما.

ويضيء العملَ حضورُ نخبة من الممثلين المتميزين، الذين يحمل كل واحد منهم لوناً جديداً يُغني الحكاية أبرزهم ياسين أحجام، سارة فارس، عبد الرحيم المنياري، مصطفى اهنيني، سناء بحاج، فاطمة بوجو، إلهام واعزيز، محمد حراكة، حنان الخالدي، الصديق مكوار، طارق الخالدي، بوشعيب العمراني، محمد بندحو، فاطمة الشيخ، حسن أوعسو وكلثوم النازي وغيرهم من الطاقات التي تمنح للمسلسل عمقه الإنساني وحرارته الفنية.

أما أهل سكورة مداز، فقد كانوا—كالعادة—أبطالاً خارج الكادر سواء المجتمع المدني، الجماعة الترابية، والسلطات المحلية من عمالة وقيادة ودرك ملكي، الذين قدّموا دعماً جميلاً وغير مشروط، وفروا الأمن والاطمئنان للفريق، وجعلوا من فضاءات العمل بيئة مثالية تُشبه كرم الأطلس ونقاء ناسه.
ويولد حاليا لأول مرة من جبال بولمان، عمل تلفزيوني مغربي أصيل، يواصل من خلاله الثنائي بوعروة والبرجي بناء مشروعهما الإبداعي الذي أثبت أن الدراما الحقيقية تُصنع بالحب، وبالإنصات للمكان، وباحترام الإنسان.

تسلم الناقد المغربي، حميد لحمداني، درع جائزة فرع “الدراسات الأدبية والنقدية”، في إطار فعاليات الدورة التاسعة عشر لـ “جائزة العويس الثقافية، المنظمة على مدى ثلاثة أيام، احتفاء بنخبة من المبدعين العرب في مجال الأدب والفكر.

وبذلك، تكون مؤسسة “سلطان بن علي العويس الثقافية” قد أسدلت الستار على هذه الاحتفالات التي تضمنت تنظيم معرض صور للفائزين، وجلسة شهادات عن تجربتهم الإبداعية، وتوقيع كتبهم الصادرة عن المؤسسة، فضلا عن ندوتين للناقد المغربي حميد لحمداني والروائية العراقية إنعام كجه جي.

وقدمت الجائزة الدروع التذكارية لبقية الفائزين في هذه الدورة، وهم: العراقيان حميد سعيد الفائز بجائزة “الشعر”، وإنعام كجه جي الفائزة بجائزة “القصة والرواية والمسرحية”، والمفكر التونسي عبد الجليل التميمي الفائز بجائزة “الدراسات الإنسانية المستقبلية”.

وكانت مؤسسة “سلطان بن علي العويس الثقافية” قد نظمت جلسة فكرية، في مقرها بدبي، خصصت للفائز بجائزة فرع (الدراسات الأدبية والنقدية)، الأكاديمي المغربي، حميد لحمداني، المتخصص في المناهج النقدية والدراسات السردية والترجمة.

وخلال هذه الجلسة، قدم لحمداني، أستاذ التعليم العالي سابقا بجامعة سيدي محمد بن عبد الله – كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، ورقة بعنوان “مفاهيم نقدية متصلة بنظرية الأدب وتلقيه”، انطلق فيها من مصطلح متداول في النقد العربي مرتبط بمفهوم “القصد”، وهو مفهوم هيمن طويلا على الدراسات الأدبية قديما وحديثا، وشكل جوهر التصور السائد للعلاقة التواصلية بين المبدع من جهة، والنقاد والقراء من جهة أخرى.

يذكر أن “جائزة العويس الثقافية”، التي تتزامن هذه السنة مع الذكرى المئوية لميلاد صاحبها الشاعر سلطان بن علي العويس، تهدف إلى دعم وتكريم الأدباء والمفكرين والعلماء العرب وتشجيعهم على المضي قدما نحو النهوض الفكري والأدبي في العالم العربي.