على مسؤوليتي
بنكيران والبيجيدي والأربعين حرامي (1/2)

نشرت
منذ 5 أشهرفي
بواسطة
مراد بورجى
* مراد بورجى
أُثير كثيرٌ من الجدل حول المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، بعضها انتقادي لمواقفه وقراراته وضيوفه، وكذا لغياب أطروحات سياسية عميقة تعيد قراءة المشهد المجتمعي العام وتدقق تموقع البيجيدي داخل هذا المشهد، وبعضها الآخر اختار جانب الموالاة إما في حدود، وإما “بلا حدود” لدرجة التسابق في نَظْم قصائد “مديح” المؤتمر والزعيم.
بين هذا وذاك، يُطرح السؤال: هل يشكل إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران أمينا عاما من جديد نوعا من التنفيس عن الحزب ومناضليه بسبب “البلوكاج الحكومي 2016″، الذي يعزيه البعض لـ”تمرّد” بنكيران على القصر محاولا فرض حكومة على مقاسه، فتراجع القصر للخلف تاركًا بنكيران يصطدم ب “الزعيم” الجديد للأحزاب الإدارية الصغرى، عزيز أخنوش، الذي كان قد “أُنزل” بالمظلة من فوق على رأس حزب الحمامة في أكتوبر 2016، الحزب الذي كان قد تنكر له عزيز أخنوش بعد خروج الأحرار من الحكومة للمعارضة في أكتوبر 2011، بسبب تشبّت الوزير الملياردير بالحقيبة الوزارية المثقلة بأموال المخطط الأخضر، وظل وزيراً ضمن حكومة بنكيران، الذي ما لبث الملياردير أن تنكر له بدوره بعد أن كان قد احتفظ به في حكومته ولو بدون حزب.
ثم جاء “البلوكاج الانتخابي 2021″، الذي يمكن أن نفسّر جانبه الأول بتوقيع سعد الدين العثماني على التطبيع وإن كان بصفته رئيسا للحكومة وليس أميناً عاماً للبيجيدي، أمّا الجانب الثاني المتعلق بـ”التهاوي” من 125 مقعدا في الولاية السابقة (2016- 2021) إلى 13 مقعدا في الولاية الحالية (2021-2026)، فلم يجد له الكثيرون تفسيرا لحد الآن!
وفي الحالتين معاً (بلوكاج 2017 وبلوكاج 2021)، ظل حزب الإسلاميين وفياً للقصر ولقراراته، لم يغادر الحكومة لا بعد أن تجبّر أخنوش على أمينه العام، ولا بعد أن وقّع أمينهم العام على ما يتعارض مع أوراق ومبادئ الحزب.
أمّا “تسلق” أخنوش من 37 مقعدا في انتخابات 7 أكتوبر 2016 إلى 102 مقعد في انتخابات 8 شتنبر 2021، فقد فسّره الحليفان اللدودان لعزيز أخنوش في الحكومة، عبد اللطيف وهبي ونزار بركة، باستعمال المال وأثارا معا فضائح “قفة جود”، التي “استحوذ” بها زعيمهما على كرسي رئاسة الحكومة، الذي كان وبالاً عليه.
وكما يظهر، لا أقصد، هنا، التوقّف المنحصر عند مؤتمر البيجيدي، الذي، على المستوى الشخصي، أهنئ قيادته الجديدة، من الأمين العام إلى الأمانة العامة والمجلس الوطني، متمنيا لها كل التوفيق، وإنما أريد الانطلاق في أفق أرحب، يتعلّق بأوضاع مكونات الحقل الحزبي، وبعلاقتها مع المجتمع ومع الدولة، في صلةٍ بمغرب الغد المنظور، مغرب المونديال (2030) وطبيعة حكومته التنفيذية السادسة (2026-2031) منذ اعتلاء الملك العرش سنة 1999.
بكلمة أخرى، لقد شرعت عدّة أحزاب في خوض حملات انتخابية سابقة لأوانها في سعيها، حلما أو وهما، لـ”وضع اليد” على “حكومة المونديال”، فهل الإجابة، التي قدّمها المؤتمر، تعني أن البيجيدي نفض يديه من هذا السباق رغم بعض التصريحات المتفائلة لبعض قادته، التي تربط عودة بنكيران بعودة منشودة إلى “العَشْر الخوالي”، التي قاد فيها الحزب حكومة صاحب الجلالة، مدة ولايتين، رغم أنه اشتعلت خلالهما انتفاضة الريف، وتخللتهما أحداث اجتماعية في جرادة وبوعرفة وفكيك وأوطاط الحاج وزاكورة وطانطان وسيدي إيفني، لكن بالمقابل، لم يحدث أي انقطاع أو قطيعة بين الحكومة والشعب، لقد كان هناك تواصل مع المواطنين، وكانت هناك العديد من الإنجازات والمكتسبات، التي تحقّقت لفائدة العديد من الفئات الشعبية، وعلى رأسها مئات آلاف المستضعفين المعدمين، كما تحقّقت نسب نمو لا بأس بها لم تستطع حكومة أخنوش إلى اليوم أن تصل إليها، وعموما لن أدخل هنا في أي جدل حول حصيلة البيجيدي الحكومية بما لها وما عليها، وإنما يكفي إثارة خاصية لن يختلف حولها اثنان، وهي أن قيادة البيجيدي للحكومة في ولاية بنكيران وولاية العثماني يمكن أن تُوجّه إليها كل الانتقادات وحتى الاتهامات إلا أن تُثار حولها شبهات فساد، فقد خرج كل وزرائها من الحكومة، كما دخلوا، نظيفي اليد.
فيما الولاية الحكومية الحالية، ارتبطت بانفجار فضائح الفساد، الذي قال بنكيران إن عدد ملفاته، التي تفجرت خلال ولاية حكومة أخنوش، لم يشهده التاريخ السياسي المغربي من قبل عند منتخَبِي الأغلبية بالبرلمان وبالجماعات الترابية، في ظل غياب الإرادة الحكومية في ملف محاربة الفساد، حيث عَمَدَت الحكومة في أسابيعها الأولى إلى سحب القانون الجنائي الذي تضمن تجريم الإثراء غير المشروع، ثم جمّدت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وأردفت ذلك بتوقيف اجتماعات اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد. هذه القرارات، التي تتناقض جذريا مع التوجيهات الملكية الداعية إلى مواجهة الفساد، جاءت كمحاولة يائسة لامتصاص آثار العدد والحجم الصادمين من المتابعات والاعتقالات والمحاكمات المتتالية في حق عدد ممن يتولون مهام نيابية وطنية أو منتخبين ومسؤولين بجماعات ترابية بشبهة جرائم الفساد المالي والانتخابي والاتجار في مواد محرمة قانونا، في صدارتها المخدّرات.
صحيح أن المغاربة لا ينكرون حق نظافة اليد ويقدرونها حق قدرها، لكن الناس في حاجة أكثر إلى تدابير ملموسة تساهم في الرفع من قدراتهم المعيشية، في مجتمع يعيش فيه 1.4 مليون مغربي في الفقر المطلق و5 ملايين في وضعية هشاشة، وهذا ما يدركه جيدا تجار الانتخابات، الذين يخلقون أسواقا خفية ومعلومة لتصيّد ضحاياهم وشراء الضمائر والذمم، وعلى رأسهم باطرون المحروقات، عزيز أخنوش، الذي اتهمه حليفاه الحكوميان، البام والاستقلال، علانية، بشراء أصوات الناخبين، مثلما اتهمه حليفه اللدود عبد اللطيف وهبي بنهب 17 مليار درهم، التي قال إنه جناها، بشكل غير شرعي، من أرباح المحروقات، وطالبه بأن يرجع إلى خزينة الدولة المبلغ المنهوب، الذي وصل اليوم إلى حوالي 45 مليار درهم!!!
كان بعض الناس يأملون أن تصنع لهم “حكومة المال والأعمال” ما لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تحقيقه لهم، قبل أن يتفاجأ المغاربة، أو على الأقل السواد الأعظم من الشعب، بجحيم هذه الحكومة التي يقودها الملياردير باطرون المحروقات عزيز أخنوش، ويشرع في “طحنهم”بسلسلة من الضربات تتراوح بين تمدّد القمع وتسرطن الفساد، وفي القمة فجائع الغلاء! لقد اكتشف المغاربة، خصوصا الذين دوّختهم وعود أخنوش، أن أغلب وأهم وأبرز تلك الوعود تبخّرت في الهواء، بدءا من الوعد الوهمي بإحداث مليون منصب شغل صاف على مدى خمس سنوات، فإذا بنسبة البطالة تتضاعف بنسبة غير مسبوقة تجاوزت 13 في المائة، وبلغ عدد المعطّلين أزيد من مليون و600 ألف شخص، وصولا إلى إقصاء 8,5 ملايين مواطن من الاستفادة من نظام التأمين الأساسي عن المرض “أمو تضامن”، والفشل في إخراج مليون أسرة من دائرة الفقر، ولم ينجح إلا في مضاعفة أعداد المفقّرين، دون الحديث عن الوعد المعاق القاضي بتوفير “مدخول الكرامة” بقيمة 1000 درهم لفائدة الأشخاص البالغين 65 سنة فما فوق!!!
هناك الكثير مما يُقال حول الحصيلة الكارثية لحكومة عزيز أخنوش، رئيس حزب الأحرار، مسنودا بمخدوميْه، الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة وثلث أمينة عامة للبام فاطمة الزهراء المنصوري، مثلما هناك الكثير مما يُقال عن حصيلة المؤتمر الوطني التاسع للبيجيدي، ولذلك، سأكتفي فقط بإثارة سؤالين ملحّين مرتبطين بالمؤتمر وعلى صلة بسؤال “إلى أين يسير القصر بالمغرب”، وبطبيعة الحكومة المرتقبة:
الأول، الآن وقد انتهى المؤتمر، وعاد البيجيديون إلى قواعدهم “سالمين”، وتوصل الأمين العام للحزب ببرقية التهنئة الملكية البروتوكولية، يبقى السؤال هو: هل سيخصّص الملك محمد السادس استقبالا للأمين العام للبيجيدي؟ استقبال الملك له ستكون له دلالة.. وعدم استقباله، سيضيف عبد الإله بنكيران إلى لائحة فاطمة الزهراء المنصوري ونزار بركة ومحمد أوزين، وفي الحالين، سيكون للحديث شؤون وشجون كما يُقال، وسأكون في الموعد بمقال.
الثاني، يتعلّق بغياب أطروحة فكرية للحزب في المؤتمر، فهناك تجربة تحتاج إلى أطروحة فكرية وليس مجرد تقارير سياسية بعضها مكرور عن الهوية والمرجعية، وبعضها يستنجد بالشعاراتية الظرفية، والسؤال هنا هو: هل إن البيجيدي يدرك مسبقا أن المرحلة المقبلة (حكومة المونديال) هي مرحلة ملكية بامتياز، ولذلك لم يكلّف نفسه عناء مناقشتها أصلا في مؤتمره الوطني، وأحرى إجراء قراءة جديدة لمشروعه السياسي والفكري وإعادة صياغة برنامجه المجتمعي للمرحلة المقبلة، التي يلخّصها بنكيران بصورة بليغة في كون الملك هو من سيقوم بتسييرها؟ تُرى ماذا يعني هذا؟.
للإجابة على السؤال، من المفيد جدا إثارة السياق العام في عدة إشارات نختزلها في رؤوس أقلام.
في انتخابات 2007، تميز المشهد السياسي بالهجوم على البيجيدي، ضمن حملة عامة، إقليمية ودولية، تستهدف الحركات الإسلامية باعتبارها تعطّل التنمية وتغذّي الإرهاب، وأفرزت نتائج الاستشارة الشعبية تصدّرا تناوبيا بين حليفي الكتلة الديمقراطية الاستقلال (الأول) والاتحاد الاشتراكي (الخامس)، فيما حل حزب العدالة والتنمية ثانيا، وآلت قيادة الحكومة إلى عباس الفاسي، التي ستضع لها حدا حركة 20 فبراير زمن الربيع العربي (2011)، التي سيعرف البيجيدي كيف يستعملها دون أن يكون مشاركا فيها ليحصد الصدارة في الانتخابات السابقة لأوانها في نونبر 2011، لتؤول رئاسة “حكومة الربيع المغربي” إلى عبد الإله بنكيران.
في انتخابات 2011، سيتميز المشهد السياسي بهجومٍ، بعضه منظم وبعضه عشوائي، على حزب الأصالة والمعاصرة، ضمن حملة متنوعة رفعت شعار “مواجهة التحكّم”، وأبدع له بنكيران عدة أسماء وألقاب حتى أنه أدخل للحقل الحزبي المغربي صفات “العفاريت” و”التماسيح”… بيد أن البام، رغم ذلك، ستصنّفه النتائج رابعا، بعد البيجيدي والاستقلال والأحرار، متبوعا بالاتحاد الاشتراكي خامسا.
في انتخابات 2016، سيعرف المشهد السياسي المغربي حالة قصوى من الصراع الحزبي، سينحرف أحيانا إلى صراع شخصي، عندما تصدّر قيادة البام أمين عام جديد، كانت المجالس والصالونات تعْرفه وتُعرّفه بـ”الثعلب الذي يظهر ويختفي”، في إشارة إلى أنه “سياسي محتال”، اسمه إلياس العمري، هو الذي سيلوّث الساحة المغربية بادّعاءات القرب من جهات عليا، كما وصفه عبد الحميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال آنذاك، بأقدح الصفات (…)، وتبعه بنكيران، الذي شرع يصف إلياس بأنه “محتال” و”صعلوك”… فيما ركّز “الثعلب” على استثمار فشل ثورات الربيع واندحار إخوان مصر ليهاجم البيجيدي ضمن حرب شعواء أعلنها على الإسلاميين، عرف خصومه كيف يستثمرون تصريحاته الرعناء لتقديمه عاريا أمام الشعب باعتباره يحارب الملّة والدين ويستحق أن تُسلّط عليه لعنة الإسلام والمسلمين… نتائج هذه الانتخابات ستضع في الصدارة الحزبين الغريمين، البيجيدي أولا والبام ثانيا، ليُعيّن بنكيران رئيسا لـ”حكومة الريف” قيد التشكيل، وخلال المشاورات الحكومية، التي كانت تجري كلها ببيت بنكيران، ستندلع الأحداث الاجتماعية في الحسيمة عقب الموت المأساوي لتاجر السمك محسن فكري يوم 28 أكتوبر 2016، وتواصلت الأحداث وحدثت اعتقالات وانطلقت محاكمات، قبل أن تتوقف مشاورات “البلوكاج” يوم 15 مارس 2017، بإعفاء بنكيران وتعيين سعد الدين العثماني، الذي سيقود “حكومة التطبيع” ويبصم “مكرها” على “اتفاقات أبراهام” في 10 دجنبر 2020.
في انتخابات 2021، سيعرف المشهد السياسي المغربي “انقلابا” بنسبة 180 درجة، أفرزت هيمنة سياسية غير مسبوقة تخنق البلاد والعباد بعدما “تصدّر” الأحرار نتائج الانتخابات (102 مقعد)، متبوعا بالبام (86 مقعدا) والاستقلال (81 مقعدا)، وبهذه الأغلبية الساحقة، سيهيمن هذا التحالف الأغلبي الثلاثي على البرلمان، فضلا عن هيمنته على باقي المؤسسات الدستورية المنتخبة، الأمر الذي أدّى إلى نوع من “الخنق السياسي” تمارسه ثلاثة أحزاب سياسية، في عملية استئصالية للمنافسين وإقصائية للمعارضين!!!
انتخابات 2021، كان يُفترض أن تنبثق عنها “حكومة رجال ونساء الأعمال”، على أساس أن رئيسها الملياردير سيشكّل فريقا مغايرا لكل الحكومات السابقة، تُسيّر فيها الإدارة العمومية، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا، بأحدث أساليب التسيير والتدبير وبعقليات المال والأعمال والاستثمار، وهذا ما جرى فعلا وبـ”نجاح باهر”، إذ أصبحنا أمام حكومة تدير شؤون البلاد بعقليات الاستثمار المنتجة والمثمرة، لكن ليس لفائدة الدولة والمجتمع، وإنما لفائدة أباطرة الرأسمال المتوحّش، الذي تغتني منه “فئة محظوظة”، والذي يغذّي التفشي الفاحش للفساد، الذي خلقته السياسات المتبعة من قبل الحكومة وأحزابها الثلاثة، وبقيادة مباشرة لعزيز أخنوش وتزكية تواطؤية لفاطمة الزهراء المنصوري ونزار بركة، حكومة وفّرت بيئة مناسبة لاحتضان وتفريخ لوبيات وﺷﺑﻛﺎت اﻟرﯾﻊ واﻟﻔﺳﺎد واﻹﻓﺳﺎد، من خلال سحب قوانين وتعديل أخرى وإقرار العديد من النصوص القانونية التراجعية ومحاولة فرضها من خلال ﻣﺷروع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳطرة اﻟﻣدﻧﯾﺔ وﻣﺷروع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳطرة اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ، حيث تعتمد الحكومة على أغلبيتها العددية لضرب العديد من المكتسبات القانونية ومن المبادئ الدستورية، إلى حد شرعنة تضارب المصالح، الذي بات جاريا لدى حكومة لا يرفّ لها جفن أمام اكتساح رئيسها للعديد من الصفقات العمومية الضخمة، ولا تحرّك ساكنا أمام لوبيات اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ واﻻﺣﺗﻛﺎر وتفشي المضاربات وإشعال النار في الأسعار ورفض ﺗﺳﻘﯾف أثمان اﻟﻣﺣروﻗﺎت، فضلا عن الفضائح، التي أطبقت الآفاق، حول توزيع مبالغ الدعم العمومي الطائلة،معزّزة بإﺟراءات اﻹﻋﻔﺎء ﻣن رﺳوم اﻻﺳﺗﯾراد واﻟﺿرﯾﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻣﺿﺎﻓﺔ لاستيراد المواشي واللحوم.
وفي هذا الصدد، وبغضّ النظر عن التموقف من تجربة حزب العدالة والتنمية ومن خلاصات مؤتمره الوطني، يجب الاعتراف أن البيجيدي، الذي لا يتوفر إلا على مجموعة نيابية يقودها عبد الله بوانو، كان الأكثر حركة وفعالية في فضح مظاهر الفساد الحكومي أمام البرلمان، برلمان عملت فيه الهيمنة العددية للأغلبية الحكومية على تهميش المعاضة تهميشا مهولا لا مثيل له في تاريخ الولايات البرلمانية منذ أول انتخابات (الولاية التشريعية الأولى في المغرب المستقل) في 18 نونبر 1963!
والسؤال هنا، بعد “حكومة الربيع” سنة 2011، و”حكومة التطبيع” سنة 2017، و”حكومة الملياردير” سنة 2021، تُرى كيف سيكون شكل حكومة 2026، وأي “وصفة سياسية” ستميّز المشهد السياسي في أفق “انتخابات المونديال”؟.
هذا سيجرّنا إلى رصد سلوك الملك محمد السادس مع حكومة بنكيران، ثم حكومة العثماني، وكيف كان يتتبّع كل كبيرة وصغيرة، وينبّه ويتدخل بين الحين والآخر، وكيف استنكف عن التدخّل في العلاقة مع حكومة أخنوش، حتى أنه ترك لها الحبل على الغارب ففعلت ما تشاء إلى أن أنتجت “حكومة موروكومول”… تُرى، ما دلالات كل ذلك؟
وبين بنكيران والعثماني وأخنوش، كان مسار الجالس على العرش يتّجه، أولاً، إلى الإلحاح الملكي على دعوة الناخبين إلى “المشاركة المكثّفة في الانتخابات، وإلى حُسنِ استعمال أصواتهم في تقرير مصيرهم ومصير بلادهم… ومن أجل ألا يتركوا للأحزاب فرصة العبث بأوضاعهم في حاضرهم ومستقبل أبنائهم…”! ويصرّ، ثانياً، على خطاب ربط المسؤولية بالمحاسبة، حينما قال الملك محمد السادس: “حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ. فكما يُطبق القانون على جميع المغاربة، يجب أن يُطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة”… ولتسليط الضوء على هذا المسار الملكي، يتطلّب الأمر استعادة السياق الدستوري، من خلال استحضار “حادثة البلوكاج”، التي “لم تكن على بال المشرّع”، الأمر الذي “فجّر” جدلا كبيرا حول قراءة الفصل 47 من الدستور حول تعيين الملك لرئيس الحكومة، خصوصا بعدما لوّح الملك باللجوء إلى خيارات أخرى، لعل من أبرزها التحوّل إلى تعيين رئيس الحكومة من حزب آخر، إلى غير ذلك من القضايا المحورية، التي ستكون موضوع وقفةِ تأمل وتحليل واستشراف في المقال المقبل.
على مسؤوليتي
سعيد الكحل: هرطقات بنكيران وهلوساته المَرَضية

نشرت
منذ يومينفي
سبتمبر 17, 2025بواسطة
سعيد لكحل
ولاءُ نِفاق وتقيّة.
نشر موقع البيجيدي فيديو لأمينه العام، بنكيران، وهو يترأس اجتماعا للأمانة العامة يوم 13 شتنبر 2025، ظاهره تحذير القادة العرب من ثورة شعوبهم ضدهم، وباطنه تهديد مباشر منه لجلالة الملك بفسخ عقد البيعة. فقد تجاسر بنكيران على توجيه خطاب تهديدي نيابة عن الشعب، مفاده إما قطع العلاقات مع إسرائيل أو زوال المُلْك “حنا مهدَّدين كمواطنين ولكن أنتم مهددين في عروشكم. إذا الشعوب ما بقاتش تشعر بلّي الحكام سيحمونها سينحلّ الميثاق وستبحث الشعوب عن حل آخر”. وهو نفس الخطاب الذي روّجه البيجيديون وعدلاوة ومتطرفو اليسار خلال وقفاتهم الاحتجاجية ضد الحرب على غزة. وهنا وجب تذكير بنكيران بالأمور التالية:
1 ـ إنه لا يمثل الشعب المغربي وليس ناطقا باسم الهيئات الحزبية والنقابية والمهنية والمدنية والأمنية والعسكرية الذين بايعوا جلالة الملك عند توليه الحكم بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني. فلا جهة ولا أحد سمح له أو تشاور معه أو وكّله لمهمة البت في عقد البيعة. وهذا تطفّل وتجاوز للدستور والقانون والدين.
2 ـ إن علاقة الشعب بالملك في المغرب لا تخضع للمزايدات السياسوية ولا للابتزاز؛ ومن ثم لا يحق لأي كان أن يتدخل فيها. وقد حاول الاستعمار الفرنسي ذلك ففشل فشلا ذريعا.
3 ـ إن تجذر الملكية في وجدان الشعب المغربي عبر قرون حقيقة ثابتة لا تحتاج لبنكيران أو غيره أن يفتي فيها أو يستغلها لحساباته السياسوية. ويوم قرر المغاربة اتخاذ الملكية نظاما للحكم دون غيره، إنما فعلوا عن وعي وقناعة بصلاحيته لهم لتدبير شؤونهم الدينية والدنيوية.
4 ـ إن بنكيران كان ينتظر الفرصة التي تسمح له بالتهديد بالتحلل من الولاء للملك بصفته ولي الأمر، وبفسخ البيعة للملك بصفته أمير المؤمنين. لم يكن يجرؤ على هذا الابتزاز، من قبل سنة 2011، حين كان حزبه يحقق مكاسب انتخابية على مستوى الأصوات والمقاعد البرلمانية. إذ كان يدرك جيدا أن إبعاد الحزب عن المشاركة في الانتخابات ستعدمه سياسيا.
5 ـ إن ولاء بنكيران وحزبه وجماعته لم يكن يوما ولاء صدق وقناعة، بل نفاقا وتقية. والأمر لا يحتاج كبير عناء لإثباته والتأكد منه؛ إذ تكفي إطلالة سريعة على أدبيات التنظيمين وارتباطاتهما الإيديولوجية مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، للتأكد من أن الولاء الحقيقي للتنظيمين ليس للوطن ولا للملك، وإنما للمرشد العام للجماعة الذي يأمر فيطاع، ويوجِّه فينفَّذ. وخير مثال هنا هو الرسالة التي وجهها مرشد الإخوان بمصر، مصطفى مشهور، سنة 1996، لإسلاميي المغرب، وفي مقدمتهم حركة التوحيد والإصلاح، يحدد لهم الخطط التكتيكية والإستراتيجية التي التزموا، بتنفيذها وفق ما تستوجبه عقيدة الولاء والطاعة داخل التنظيم. ولا أدل على هذا، إفتاء أحمد الريسوني، في ماي 2003، يوم كان رئيسا لحركة التوحيد والإصلاح، بعدم أهلية جلالة الملك لإمارة المؤمنين ودعوته لإسنادها لغيره. وبنكيران لم يخرج عن نهج الريسوني في تهديده، اليوم، بفسخ عقد البيعة للملك والانقلاب عليه إذا لم يستجب لأوامر الخوانجية بإلغاء “التطبيع” الذي وقّعه أمينهم العام، وقطْع كل العلاقات الاقتصادية والعسكرية والعلمية والتجارية مع إسرائيل ضدا على المصالح العليا للوطن. ولا غرابة في الأمر ما دام الخوانجية لا يجعلون الوطن ومصالحه العليا ضمن أولوياتهم. وهذا أقوى دليل على أن الولاء للجماعة ينفي الولاء للوطن.
جبْنَا القْرَعْ يْوَنّسْنا عرّى راسو وهَوّسْنا.
يتوهّم بنكيران أن تهديده للحكام العرب سيُخلّف صدى في المغرب، حسب المثل (إياك أعني واسمعي يا جارة). لقد انتهت مدة صلاحية بنكيران كما تنتهي صلاحية المواد الاستهلاكية. إلا أن هوسه بكرسي السلطة أعماه عن استيعاب إشارة البلوكاج بانتهاء صلاحيته السياسية. وكما فقَدَ الصلاحية فقدَ معها المروءة وصار يتوهم أنه من أصحاب “الشَّان والمرْشَان”. إذ من الخسة والوضاعة أن يخاطب القادة العرب بما يسيء إلى مسؤولياتهم الدستورية ويطعن في وطنيتهم بقوله: “أول ما يجمعنا وحكامنا عقد فيه أنهم يلتزمون بواجب حمايتنا. دابا حنا مكنشعروش بنفوسنا محميين”. بل تمادى في خسته وحقارته ليَتّهم الملك، بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، بعجزه عن حماية البيجيديين ومقرهم ضد القصف الإسرائيلي: ” دابا حنا مكنشعروش بنفوسنا محميين. أنا ما تنشوف حتى مانع أن هاذ القاعة هذي أن تقصفها إسرائيل. أنا شخصيا جد جدّ متشائم “. وهذا تطاول خطير على أمير المؤمنين ورئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية الغرض منه ضرب الُّلحمة الوطنية بين الشعب والمؤسسة الملكية.
إن بنكيران، بمثل هذه الهرطقات و “التْبَوْحِيط” يتوهّم أنه سيبتز الدولة ويجعلها تراضيه مقابل سكوته. فهو يثبت من جديد أن تعيينه رئيسا للحكومة كان بمثابة “شمْتة” لن تتكرر أبدا (قال له شْمَتّك، قال له عرفتك). وحال بنكيران اليوم يصدق عليه المثل الشعبي “جبْنَا القْرَعْ يْوَنّسْنا عرّى راسو وهَوّسْنا”.
على مسؤوليتي
سعيد الكحل: العدميون لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب

نشرت
منذ أسبوع واحدفي
سبتمبر 11, 2025بواسطة
ريتا المصمودي
لم تستوعب فئة من العدميين أعداء النجاح، لحظة افتتاح الجوهرة الرياضية، ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط. لقد غاظتهم سرعة الإنجاز بأيادي وخبرات مغربية محضة، وكذا دقة الإنجاز التي جعلت المنشأة الرياضية تضاهي كبريات الملاعب الرياضية في العالم.
كعادة العدميين توقعوا تعثر الإنجاز وعدم وفاء المقاولات بتاريخ تسليم الملعب، أو ظهور عيوب في البناء أو الإنارة أو في الجوانب الهيكلية أو التقنية للملعب. لقد خاب انتظارهم للحظة الشماتة حتى يجلدوا كل المسؤولين، ويمارسوا هواية نصب المشانق وسحل أعضاء الحكومة؛ ولما لم يجدوا ما يغذي شماتتهم أو يفجرها، انقلبوا نائحين، في مسعى خسيس لتحويل لحظة الفرح بالإنجاز إلى لحظة نعيق وعويل كما تفعل النائحات في المآتم.
فجأة تذكّر العدميون ضحايا زلزال الحوز وساكنة المغرب العميق، فسارعوا إلى النبش في تقارير المندوبية السامية للتخطيط بحثا عن إحصائيات تخص نسبة البطالة والفقر. لم يكن غرضهم معالجة المشاكل الاجتماعية، بقدر ما كان سعيهم الخبيث إفساد لحظات الفرحة التي فجّرها افتتاح الملعب. إنهم غربان الشؤم يكرهون الفرح ويحاربون النجاح.
كلّ يرى بعيْن طبْعِه.
اعتاد العدميون على تبخيس كل ما هو إيجابي، سواء مكاسب سياسية أو اختراقات دبلوماسية أو إنجازات هيكلية أو مشروعات اقتصادية أو بنيات رياضية أو برامج اجتماعية. فالعدمية قبل أن تكون حقدا إيديولوجيا يوجِّه معتنقيه إلى تبخيس جهود الدولة بخلفية المناهضة/المعاداة لا الانتقاد، فهي طبْع مجبول عليه الشخص العدمي، به يرى ما حوله. وصدق الشاعر إيليا أبو ماضي لما نصح هذه العيّنة من البشر: “كن جميلا ترى الوجود جميلا”
والذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الوجود شيئا جميلا
إن طبع العدميين يجعل حالهم كحال من تعمى عيناه عن جمال الورود فلا يرى غير الأشواك المحيطة بها:
وترى الشّوك في الورود، وتعمى
أن ترى فوقها النّدى إكليلا
ومن تناقضات العدميين أنهم استكثروا على المغرب، أن يكون له قصب السبق في إنجاز مشروع القطار فائق السرعة “البراق”، أو يبني موانئ تنافس الموانئ العالمية في التجارة واللوجستيك والصناعة والخدمات، أو يشرع في إنجاز محطات الطاقة الشمسية. حجتهم في معارضة المشاريع الكبرى هي أن هناك أولويات تتعلق بالفقر والبطالة والصحة؛ وهذا حق يراد به باطل. لكن حين شرعت الحكومة في تنفيذ برنامج الدعم الاجتماعي المباشر إلى جانب نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO) كجزء من مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، خرج العدميون منتقدين الحكومة، تارة بحجة أن الدعم المباشر يشجع على الكسل والاتكال على الدولة بدل العمل، وتارة أخرى أن أموال الدعم أحرى أن تُوجَّه إلى خلق فرص العمل وتشجيع الاستثمار مرددين المثل الصيني (لا تعطني سمكة ولك علمني كيف أصطاد السمك)؛ وفي أخرى يتهمون الحكومة بأنها ستوظف الدعم الاجتماعي لتحقيق مكاسب انتخابية.
لا شك أن العدميين يتجاهلون الحقائق والمعطيات التالية:
1 ـ إن عدد الأسر المستفيدة من نظام الدعم الاجتماعي المباشر عند متم شهر يونيو من سنة 2025 قارب 4 ملايين أسرة (تم قبول 98,4 في المائة من ملفات طلبات الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر وفق تصريح الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع أمام البرلمان في يوليوز 2025). وهذا دليل على كون الدولة لم تترك الأسر المعوزة لمواجهة مصيرها، وإنما تبذل جهودها لتوفير الدعم لها، ولتزويد السوق المغربية بكل ما يحتاجه المواطنون ويعفيهم من الانتظام في طوابير طويلة أو من بطاقات التموين المذِلّة للكرامة. طبعا مبلغ الدعم ليس كافيا لكنه يحفظ ماء وجهها ويغنيها عن مد اليد.
2 ـ إن تكلفة الدعم الاجتماعي كلّف خزينة الدولة 37.7 مليار درهم سنة 2025. وهذا مبلغ مالي جد مهم كافي لتشييد على الأقل تسعة ملاعب من مستوى ملعب الأمير مولاي عبد الله. لكن الدولة استطاعت المزاوجة بين الدعم الاجتماعي وبناء الملاعب الرياضية بمعايير دولية، بالإضافة إلى تشييد مراكز استشفائية كبرى بعدد من المدن (الرباط، طنجة، أغادير، العيون وغيرها). طبعا العدد غير كاف لتوفير الخدمات الصحية للمواطنين ذوي الدخل المحدود. وبدل أن يكون ما تم تحقيقه مصدر فخر واعتزاز للعدميين، صار مبعث حقد وعداء للدولة ولكل المنجزات على اختلاف مستوياتها وتكاليفها.
3 ـ إن تكلفة تأهيل ملعب الأمير مولاي عيد الله، وفق ما جاء به مشروع قانون المالية لسنة 2023، حددت في 40 مليار سنتيم. أما تكلفة بناء ملعب بنسليمان، الذي يعد أحد أكبر الملاعب في العالم، فستكلف 5 مليارات درهم مغربي (500 مليون دولار).
كان من المفروض في العدميين أن يسائلوا أنفسهم بحس وطني صادق، ولكن هيهات أن يكون لهم هذا الحس ونفوسهم مرجل حقد وعداء لا ينطفئ، كيف للدولة المغربية، ذات الموارد المالية المحدودة، أن تنخرط في برامج اجتماعية رائدة وفي مشاريع تنموية واقتصادية طموحة رغم ظروف الجفاف وحرب الاستنزاف المفروضة عليها من طرف النظام الجزائري على مدى نصف قرن؟
4 ـ إن تطوير البنيات الرياضية وتأهيلها لا ينفصل عن تطوير وسائل المواصلات وتشييد الموانئ والسكك الحديدية والطرق السيارة. فجميع هذه المشروعات والمنشآت تساهم مباشرة في التنمية المستدامة وخلق فرص الاستثمار والشغل. إن الملاعب الرياضية ليست ترفا ولا مضيعة للمال العام؛ ذلك أن مردودها الاقتصادي والاجتماعي والنفسي والتربوي لا يقل أهمية عن المشروعات الاقتصادية والإنتاجية. وأنصح العدميين بالرجوع إلى نتائج مشاورة الكومنولث في عام 2015، مع مجموعة من خبراء الرياضة والتنمية لتقييم أفضل طريقة لاستخدام الرياضة للمساهمة في أهداف التنمية المستدامة. وتم نشر النتائج في منشور للكومنويلث بعنوان” الرياضة من أجل التنمية والسلام وخطة التنمية المستدامة لعام 2030 “، وكذا منشور آخر بعنوان ” تعزيز مساهمة الرياضة في أهداف التنمية المستدامة”. بالمناسبة، تشير التقديرات إلى أن الخمول البدني الذي تلعب الرياضة بكل أنواعها دورا مباشرا في محاربته، سيكلف الهند 7.5 مليار دولار أمريكي والمملكة المتحدة 26 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 إذا لم يتم اتخاذ التدابير المناسبة.
5 ـ إن محاربة الفقر وبناء المستشفيات ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة وتوسيع شبكة الطرق والمواصلات وخلق فرص الشغل يحتاج إلى موارد مالية مهمة عبر تنويع الاستثمارات، ومنها الاستثمار في الرياضة التي تمثل القوة الناعمة التي جعلت المغرب، منذ مونديال قطر الذي أبهر فيه الفريق الوطني لكرة القدم كل العالم، الوجهة السياحة الأولى في إفريقيا (بلغت مداخيل السياحة لسنة 2024 أكثر من 110 مليارات درهم (ما يقرب من 11.2 مليار دولار، بالإضافة إلى توفير مئات الآلاف من فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة). ويجدر تذكير العدميين أن الاهتمام بالرياضة وتشييد الملاعب هو من صميم واجبات الدولة والجماعات الترابية نحو فئات واسعة من المواطنات والمواطنين، سواء الممارسين أو المتفرجين والمشجعين الذين من حقهم ممارسة الرياضة والاستمتاع بمشاهدة المنافسات الرياضية. لقد صارت الرياضة صناعة وعاملا مهما من عوامل التنمية المستدامة (فرص الشغل التي توفرها الرياضة، عائدات الملاعب والإشهار وبيع حقوق البث التلفزي، ومداخيل اللاعبين، الأعمال الخيرية والاجتماعية التي يمولها اللاعبون (حكيم زياش، أبو خلال، حمد الله، أشرف حكيمي، بوصوفة، بلهندة وغيرهم. هذه مجرد نماذج)، فضلا عن الآفاق التي تفتحها الرياضة أمام المواهب. وصدق موليير بقوله: “نحن نأكل لنعيش، لا نعيش لنأكل”.
على مسؤوليتي
عسكرة الدولة بين الرمزية والمؤسسات: قراءة في قراري ترامب وماكرون

نشرت
منذ أسبوع واحدفي
سبتمبر 10, 2025بواسطة
مصطفى المنوزي
يشهد العالم اليوم، انزياحًا متسارعًا نحو تغليب السرديات الأمنية والعسكرية على حساب السرديات المدنية والديمقراطية. في هذا الإطار، يبرز قراران لافتان: اقتراح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب، وتعيين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لوزير الدفاع رئيسًا للوزراء.
كلا القرارين يعكس مسارًا عالميًا نحو عسكرة الدولة، لكن بأدوات ومقاصد مختلفة.
1. قرار ترامب: عسكرة اللغة والرمزية
اقتراح ترامب لا يتعلق بتسمية شكلية، بل هو إعادة صياغة لفلسفة الدولة. فمصطلح الدفاع يوحي بالشرعية والضرورة، بينما يحمل مصطلح الحرب نزعة هجومية وعدوانية. بذلك يتحول الخطاب العسكري الأمريكي من حماية الأمة إلى فرض الهيمنة.
هذا التحول الرمزي يعيد تشكيل السردية الأمريكية، من “شرطي عالمي” يزعم حماية الديمقراطية، إلى “إمبراطورية” تمارس الحرب كخيار أصيل لتحقيق مصالحها.
كما أن هذا التغيير يمهد لعسكرة السياسة الخارجية، حيث يصبح التدخل العسكري خيارًا مبررًا ومشروعًا، ما يضعف المؤسسات المدنية ويزيد من احتمالات التوتر الدولي.
2. قرار ماكرون: عسكرة البنية السياسية
أما قرار ماكرون، فيكشف نزوعًا مختلفًا. فاختياره لوزير الدفاع رئيسًا للوزراء يترجم هيمنة المنطق الأمني داخل السلطة التنفيذية. هنا لا يتعلق الأمر بالرمز واللغة، بل بالبنية المؤسساتية نفسها؛ فعلى المستوى السياسي، يعكس هذا الخيار محاولة لإدارة الأزمات الاجتماعية وصعود اليمين المتطرف عبر “تغليب الأمن على السياسة”.
وعلى المستوى الرمزي، ينقل فرنسا من صورة “جمهورية الحقوق” إلى “جمهورية محروسة”.
أما توقعيًا، فهو إشارة إلى أزمة الشرعية السياسية التي يعاني منها ماكرون، وإلى افتقاره لبدائل مدنية قادرة على إدارة المرحلة.
3. المقارنة النقدية: عسكرة المفردة أم عسكرة الوظيفة؟
رغم اختلاف السياقين، يجتمع القراران في مسار واحد: تضخم السرديات الأمنية والعسكرية. غير أن ترامب اختار عسكرة المفردة، أي اللغة والرمز، فيما اختار ماكرون عسكرة الوظيفة، أي السياسة والمؤسسات.
الأول أخطر على المدى البعيد، لأنه يرسّخ بارادايم جديدًا يجعل الحرب حالة دائمة في الوعي الجمعي. والثاني أخطر على المدى القريب، لأنه يغير هرم السلطة ويجعل الدولة جهازًا أمنيًا يقيس نجاحه بالضبط لا بالتدبير.
بكلمة، ترامب يمهّد بعسكرة رمزية تسبق العسكرة المؤسساتية، بينما ماكرون ينطلق من المؤسساتية ويبحث لاحقًا عن تبرير رمزي لها.
وكخلاصة تحليلية – في ضوء التفكير النقدي التوقعي:
فإن هذين القرارين يعكسان انتقالًا عالميًا من منطق “إدارة السلم” إلى منطق “إدارة الحرب”، ومن حماية الحقوق إلى تأبيد السيطرة الأمنية. من منظور استشرافي، يمكن أن تترتب عن هذا المسار ثلاثة سيناريوهات محتملة:
أ. سيناريو التصعيد الدولي: حيث تفتح عسكرة اللغة والمؤسسات معًا الباب أمام عودة أنماط الحرب الباردة، عبر إعادة بناء تحالفات قائمة على القوة لا على القيم.
ب . سيناريو التفكك الديمقراطي: إذ تتحول الديمقراطيات الغربية من أنظمة مدنية تعددية إلى دول طوارئ دائمة، تُدار بمنطق الأمن لا بمنطق الحقوق.
ج . سيناريو المقاومة المدنية: وهو الاحتمال الذي يفتح المجال أمام بروز سرديات مضادة، مدنية وحقوقية، قادرة على إعادة التوازن بين الأمن والحرية، بين الدولة والمجتمع.
هكذا، يصبح التفكير النقدي التوقعي ضرورة ملحّة لفهم ما وراء القرارات الرمزية والمؤسساتية، ولمساءلة الاتجاه العام الذي يدفع العالم نحو عسكرة متزايدة على حساب أفق السلم والحرية.
مصطفى المنوزي
رئيس المركز المغربي للديموقراطية والأمن

التحكيم في الدوري المغربي: بين الخطأ البشري وشبهة القصد

كأس العالم 2026: الفيفا تفتح تحقيقا بشأن إشراك منتخب جنوب إفريقيا للاعب موقوف

دنيا بطمة تثير جدلاً على “إنستغرام” بعد منشور وداع المغرب

عشرات الآلاف يتظاهرون في فرنسا ضد “التقشف”

المنتخب الوطني يواجه منتخب البحرين في لقاء ودي

ملف “إسكوبار الصحراء”..تأجيل محاكمة المتهمين بسبب مرض بعيوي

راوول أسينسيو يخضع للمحاكمة في قضية فيديو جنسي لفتاة قاصر

“أطلنطاسند” تطلق “Assia”، المساعدة الافتراضية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي

تصنيف ال(فيفا).. المغرب يحتل المرتبة ال11 عالميا

“لارام” تدشن خطا جويا جديدا مباشرا بين الدار البيضاء ونجامينا

إسبانيا تهدد بمقاطعة مونديال 2026 في حال مشاركة إسرائيل

العفو الدولية تدعو الدول إلى وقف دعم “الإبادة” ضد الفلسطينيين

مونديال طوكيو: اسحاق ناضر بطل 1500 م من عائلة مغربية

الناظور.. فتح بحث قضائي في قضية تهريب شحنة من 76 ألفا و841 قرصا مهلوسا

الطقس: أمطار في العديد من المدن المغربية

جمهور واسع يحج لمشاهدة “كازا كيرا” في أولى أيام عرضه بالقاعات السينمائية

فاس..توقيف ثلاثيني بحوزته 615 غرام من الكوكايين

احتجاجات واسعة في لندن ضد زيارة ترامب لبريطانيا

محمد وهبي يعقد ندوة صحافية بمركب محمد السادس لكرة القدم

طوكيو: البرتغالي إسحاق ناضر يحرز ذهبية 1500 م

الطاقم الطبي لأسيدون يؤكد استقرار حالته الصحية

مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة.. اعمارة يستقبل وزراء اتصال سابقين

ورطة لامين يامال.. جواز سفره مفقود في تركيا (فيديو)

المؤسسات الحكومية الأكثر جاذبية لخريجي المدارس العليا في المغرب عام 2025

ذ.مصطفى المنوزي: العفو بين الذاكرة والسياق الراهن

عسكرة الدولة بين الرمزية والمؤسسات: قراءة في قراري ترامب وماكرون

التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب ضد زامبيا

مدريد تستضيف نهائي دوري أبطال أوروبا 2027

المغربي وليد الحجام يوقع لعامين مع بوردو

مونديال 2026 .. المنتخب المغربي يتغلب على نظيره الزامبي (0 – 2) ويواصل تحقيق العلامة الكاملة

هجوم بإطلاق النار في القدس الشرقية يوقع خمسة قتلى

صفقة القرن للمغرب: مقاتلات إف-16 بلوك 72 الأمريكية الحديثة تصل قريبًا

مراكش.. مصرع شخصين في حريق بدوار مولاي عزوز بمنطقة النخيل

محكمة استئناف تثبت حكما قضى بدفع ترامب 83 مليون دولار على خلفية قضية تشهير

الرجاء الرياضي يتفوق على مضيفه الفتح الرباطي (2-0)

الهيئات المهنية تواصل التعبئة ضد مشروع تنظيم المجلس الوطني للصحافة

مونديال 2026: تونس تبلغ النهائيات للمرة السابعة في تاريخها

مدريد تستدعي سفيرها من إسرائيل

ترامب يوجه “إنذارا أخيرا” لحماس والحركة تعلن استعدادها للتفاوض

أزمة سياسية تهدد فرنسا مع حجب النواب الثقة عن حكومة بايرو

الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge

“الدوري الأول للراحلة حليمة مرجان”..الرياضة في خدمة العمل الخيري

الرباط تكرّم الراحل يونس رودياس أحد رموز كرة السلة بنادي الفتح الرياضي

الوداد الرياضي يحتفل بذكراه الـ88.. ليلة وفاء وتكريم لأساطير الأحمر

المغرب يدخل عصر العلاج الثوري لسرطان البروستاتا بتقنية HIFU

في حفل تأبيني مؤثر.. سبور بلازا يكرم روح الراحل كمال لشتاف

نادي “النور اولاد صالح” ينظم الدوري السنوي للكرة الحديدية

تفاصيل مؤامرة الجنرال أوفقير على رفاقه في الجيش وعلى الحسن الثاني

محمد لومة يحكي عن أخطر جرائم أوفقير في حق الوطن والشعب

للمرة الثانية الرباط تحتضن التجمع التدريبي الافريقي BAL في كرة السلة

هكذا اقتطعت الجزائر أجزاء من التراب المغربي و التونسي بدعم من فرنسا ( فيديو)

بالفيديو..تفاصيل محاولة اغتيال الحسن الثاني سنة 1972

1981: مقترح “الاستفتاء” حول الصحراء..عندما قال عبد الرحيم بوعبيد “لا” للحسن الثاني

محمد لومة يكشف مراحل الصراع بين الحسن الثاني و عبد الرحيم بوعبيد (الجزء الأول)

تفاصيل تحكى لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن حلون (الحلقة الثانية)

و شهد شاهد من أهلها..حقائق تكشف لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن جلون

حورية أجدور..صوت مجدد صاعد في سماء الأغنية الأمازيغية “فيديو “

تهلاو فالصحيحة :الدكتور عماد ..هذه هي الفوائد الصحية للجبن” فيديو”

“ذاكرة ليست للنسيان” 4/4 بسبب نزعته الانتقامية، ادريس البصري يحتفظ ب 12 تلميذا داخل معتقل ” درب مولاي الشريف” لمدة ثلاث سنوات دون محاكمة.

تعرفو على فوائد الخل الطبيعي على صحة الجسم والبشرة مع الدكتور عماد ميزاب

الاكثر مشاهدة
-
رياضة منذ 5 أيام
الرجاء الرياضي يتفوق على مضيفه الفتح الرباطي (2-0)
-
رياضة منذ يومين
المتقاعدون يحضرون لإنزال احتجاجي جديد أمام البرلمان
-
مجتمع منذ يوم واحد
فاس..توقيف ثلاثيني بحوزته 615 غرام من الكوكايين
-
دولي منذ يوم واحد
احتجاجات واسعة في لندن ضد زيارة ترامب لبريطانيا
-
دولي منذ 3 أيام
عاجل: القمة العربية والإسلامية تدعو الدول الى مراجعة علاقاتها مع إسرائيل
-
دولي منذ 6 أيام
هذه هي الدول العشرة التي رفضت قرار الموافقة على حل الدولتين
-
رياضة منذ 3 أيام
اتحاد طنجة يتعادل بميدانه مع أولمبيك آسفي (1-1)
-
واجهة منذ 6 أيام
“كازا غيرا: ريدوان وعمر لطفي يقدّمان مغامرة كوميدية جديدة في قاعات السينما