تلقت ساكنة بن امسيك سيدي عثمان، بالدارالبيضاء، باستغراب كبير، قرار نقل الطبيبة الوحيدة المتخصصة في أمراض النساء والتوليد، و التي تشغل أيضًا منصب مديرة المستشفى الإقليمي بن امسيك، خاصة مع التحسن الكبير، الذي تزامن مع توليها مسؤولية إدارة هذا المستشفى الحيوي في المنطقة،وفقا لما أكده البعض ممن التقيناهم في محيط المستشفى، لاسيما في مجالات التكفل بالنساء الحوامل، و الإشراف على الولادات، والتدخلات الجراحية الاستعجالية، إلى جانب مهامها الإدارية التي عززت من نجاعة التسيير الصحي داخل المستشفى.
و بحسب ما أفادنا به، مسؤول نقابي بالمستشفى فضل عدم الكشف عن اسمه، فقد أثار هذا القرار استغراب معظم العاملين بالمستشفى من طاقم طبي و ممرضين، بالنظر لما شهده المستشفى، خلال فترة إدارتها، من:” تحول نوعي في مستوى الخدمات الصحية المقدمة، ليصبح بدلك قادرًا على التكفل بمعظم الحالات المرضية محليًا ، ما قلّل بشكل ملحوظ من تحويل المرضى إلى المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد”. قبل أن يضيف المتحدث ذاته قائلا أن :”هذا التحول ليس صدفة، بل هو نتيجة لتدبير محكم مبني على إعادة هيكلة الخدمات الطبية، تحسين التنسيق بين الفرق الصحية، وتوفير بيئة عمل تحفز على الأداء الفعّال”.
و بحسب بعض العاملين في المستشفى، فإن إحدى ثمار هذا العمل، هو تلقّي إدارة المستشفى، في أكثر من مناسبة، إشادات من المركز الاستشفائي الجامعي، تعبيرًا عن نجاحها في تخفيف الضغط على هذا الأخير بفضل تحسين الخدمات الصحية داخل تراب مقاطعات بن امسيك. و لم تقتصر هذه الفعالية على الخدمات التوليدية فقط، بل شملت أيضًا باقي الأقسام، حيث أصبح المستشفى قادرًا على تقديم رعاية متكاملة اعتمادًا على طاقمه الداخلي.
كما استطاعت هذه الطبيبة الشابة، التي لم تتخلى عن دورها الانساني، رغم مسؤوليتها الإدارية، وفق شهادات استقيناها من عين المكان، من مواجهة، النقص على مستوى أطباء الأشعة المعينين بالمستشفى، إذ تمكنت الإدارة، بفضل تدخلاتها الشخصية، من تأمين قراءة وتفسير هذه الفحوصات، مما ساهم في تحسين التكفل بالمرضى وتقديم تشخيص سريع وفعّال، خصوصًا للحالات المستعجلة.
و هو الأمر الدي جعل العديد من المتابعين، يطرحون عدة تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء قرار نقل المديرة والطبيبة الوحيدة للنساء والتوليد بالمستشفى. فبينما يُروج بأن الأمر يندرج ضمن إعادة انتشار للمسؤولين، تشير بعض المصادر إلى أن القرار قد يكون مدفوعًا باعتبارات سياسية أكثر من كونه مسألة تدبير صحي.
ومما أجج مثل هذه التفسيرات، تداول أنباء حول احتمال تعيين المديرة السابقة لمستشفى بني ملال، التي أثارت فترة إدارتها الكثير من الجدل بسبب المشاكل التي خلفتها، على رأس المستشفى الجهوي ببني ملال. هذه الخطوة، إن تأكدت، ستزيد من الشكوك حول مدى تأثير الحسابات السياسية على استقرار المؤسسات الصحية، ومدى تأثير هذه القرارات على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
يأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه المغرب تنفيذ الورش الملكي الخاص بالحماية الاجتماعية، وهو المشروع الذي يهدف إلى توسيع استفادة عموم المواطنين من الخدمات الصحية. ومع ذلك، فإن مثل هذه القرارات قد تعرقل تحقيق هذا الهدف، خاصة عندما تؤدي إلى نقص حاد في الخدمات الطبية الأساسية، مثل رعاية النساء الحوامل والإشراف على الولادات.
إن نقل الطبيبة الوحيدة المتخصصة في أمراض النساء والتوليد، وفق مصدرنا النقابي، قد يهدد فعليًا إمكانية حصول *207,252 نسمة (56,209* *أسرة*) على الرعاية الطبية العاجلة، مما يفتح الباب أمام انعكاسات خطيرة على صحة الأمهات والأطفال حديثي الولادة.