Connect with us

على مسؤوليتي

مصطفى المنوزي يكتب عن أزمة المعنى في الحقل التعليمي

نشرت

في

في سياق متقلب تعصف به التحولات السياسية والاجتماعية، باتت المدرسة المغربية تشهد تآكلًا تدريجيًا في سرديتها التربوية الأصلية، التي كانت – ولو نظريًا – مبنية على قيم التنوير والعقل والمواطنة والارتقاء الاجتماعي. في المقابل، تسللت سرديات بديلة، أمنية ودينية، تنازعها الشرعية الرمزية داخل الفضاء العمومي والمؤسساتي، بينما تستفحل ظواهر الغش الأكاديمي، التدليس، وشراء الشهادات، مما أدى إلى إرباك منظومة التكوين وتقويض معنى الحرية الأكاديمية، بل وتفريغ الإفتحاص التربوي من مضمونه الإصلاحي.

1. المدرسة كمجال للصراع السردي وتنازع المقاربات
لم تعد المدرسة فضاءً محايدًا، بل تحولت إلى مسرح لتنازع سرديات متضادة:
* السردية التربوية التي تقوم على المواطنة والنقد وبناء الإنسان؛
* السردية الأمنية التي تحوّل المدرسة إلى آلية ضبط وإخضاع؛
* السردية الدينية التي تسعى إلى استعادة الهيمنة على القيم والمعاني من بوابة التأويل العقدي.

هذا التنازع لا يتم فقط على مستوى الخطاب، بل يُترجم إلى سياسات وقرارات وممارسات داخلية تُصيب المتعلم والمدرس والمفتش في صميم دورهم ومعناهم ووظيفتهم.

2. الغش الأكاديمي والتدليس: حين تُصنع النخب بالكذب
يتوازى هذا الصراع السردي مع اختلالات بنيوية عميقة تتجلى في تفشي الغش وشراء الشهادات العلمية وتوظيف المراكز “التكوينية” كوسائط لاقتصاد ريعي معرفي. لم يعد الغش انزلاقًا فرديًا، بل صار سلوكًا مُمأسسًا يزكيه التساهل، وتتغاضى عنه مؤسسات، وتستثمر فيه فئات تبحث عن الوجاهة والامتياز دون اجتهاد حقيقي. وفي هذا السياق، تفقد الشهادة الأكاديمية رمزيتها، ويتحول “المكوِّن” إلى كائن إداري فاقد للمعرفة الحية، يمارس التكوين بالقص واللصق، ويفتش الآخرين دون مرجعية علمية. فكيف نطالب بجودة التعليم، وأدوات التكوين نفسها مغشوشة؟

3. الإفتحاص التربوي: من آلية تطوير إلى أداة ضبط
المفروض أن يكون الإفتحاص التربوي آلية لتجويد الأداء وضمان العدالة البيداغوجية، لكنه غالبًا ما يُفرغ من مضمونه ليصبح مجرد تقنية تفتيشية تخضع أحيانًا لمنطق العلاقات الزبونية أو الانتقائية أو تصفية الحسابات. وذلك نتيجة خلل ثلاثي:
* ضعف تكوين المفتحصين؛
* غياب المعايير الواضحة؛
* تأثر العملية التقييمية بمنطق الضبط الإداري بدل الدعم التربوي.

وهكذا يُفرَغ الإصلاح من روحه، وتُصاب المدرسة بجمود تشخيصي لا ينتج فعلًا تربويًا تحويليًا.

4. الحرية الأكاديمية تحت الحصار: بين الأمننة والإيديولوجيا
أمام هذا الواقع، يطفو خطر آخر: التضييق على الحرية الأكاديمية، سواء بذريعة محاربة التطرف أو مواجهة التوظيف الإيديولوجي للمؤسسات. فبينما تُبرَّر مراقبة المضامين بضرورات الأمن العام، يتمدد منطق المراقبة ليمس الاستقلال الجامعي، ويحوّل المدرسة والجامعة إلى ذراع وظيفي للدولة لا فضاء للنقد والتفكير الحر.
بل الأخطر من ذلك، أن تصبح حرية البحث والمعرفة رهينة لـ”لجان افتحاص” لا تستند إلى المعايير الأكاديمية، بل إلى معايير الأخلاق السلطوية أو الصواب السياسي اللحظي.

5. نحو عقد سردي تربوي بديل: استعادة المعنى قبل المنهاج
لا سبيل لإصلاح حقيقي دون تحرير السردية التربوية من هيمنة التدليس والغش، ومن استلابها للسرديات الأمنية والدينية في صيغها الضيقة. المطلوب هو:
* إعادة بناء سردية تربوية عمومية تدمج القيم الدينية والأمنية ضمن أفق مواطني نقدي متوازن؛
* تجريم الغش الأكاديمي ومأسسة آليات النزاهة العلمية؛
ربط مسؤولية التكوين بالكفاءة لا بالولاء أو الحظوة؛
* صيانة الحرية الأكاديمية بميثاق وطني يضبط الحدود ولا يفرض الوصاية؛
* إعادة تعريف وظيفة الإفتحاص التربوي باعتباره أداة مواكبة وتحفيز، لا رقابة أو إذلال.
* فاقد الشيء لا يعطيه. ومن لا يؤمن بحرية المعرفة لا يمكن أن يُعلّم التفكير. ومن يسترخص الشهادة لا يمكن أن يبني الوطن.

لقد حان الوقت لأن نعيد للمدرسة والجامعة معناهما، لا فقط عبر الإصلاحات التقنية، بل عبر استعادة الضمير التربوي في وجه هيمنة التدليس وتنافس السرديات .

6. هشاشة التكوين ومصير الدولة وعقم التحديث
إن استمرار هشاشة تكوين الأطر في قطاعات التعليم، الإدارة، القضاء، والإعلام لا يهدد فقط جودة الخدمات، بل يُعرّض الدولة نفسها لتآكل مشروعيتها وضعف مناعتها الاستراتيجية. فحين تتولى النخب المصنَّعة بالتدليس مسؤولية القرار والتوجيه، تتحول المؤسسات إلى هياكل بلا روح، وتفقد الدولة قدرتها على التخطيط والابتكار والتفاوض مع المجتمع ومع الخارج. إنها أزمة مصير، لا مجرد اختلال في الأداء. ولذلك، فإن الإصلاح التربوي والتكويني ليس ترفًا قطاعيًا، بل هو رهان سيادي وجودي.

*مصطفى المنوزي
منسق دينامية ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

سقوط حكومة بايرو: قراءة في أزمة الجمهورية الخامسة و مصير العقلنة البرلمانية

نشرت

في

1. حدث استثنائي في سياق استثنائي
إن سقوط حكومة فرانسوا بايرو بعد تصويت الجمعية الوطنية بحجب الثقة (364 ضد و194 مع) ليس مجرد حدث عابر في التاريخ السياسي الفرنسي، بل هو محطة فارقة تكشف عن اهتزازات عميقة في بنية النظام السياسي للجمهورية الخامسة. لأول مرة منذ 1958، تعجز حكومة عن الحفاظ على ثقة البرلمان، رغم أن النظام صُمم أصلاً ليجعل السلطة التنفيذية، خصوصًا رئيس الجمهورية، في موقع قوة شبه مطلقة.

2. البعد الدستوري: اهتزاز “الاستثناء الديغولي”
أراد الجنرال ديغول عند صياغة دستور 1958 أن يحصّن السلطة التنفيذية ضد تقلبات البرلمان التي طبعت الجمهوريات السابقة. وقد مُنحت لرئيس الجمهورية سلطات واسعة لتفادي “عدم الاستقرار الوزاري”. لكن سقوط حكومة بايرو يطرح سؤالًا جوهريًا: هل ما يزال النموذج الديغولي قادرًا على الصمود أمام الضغوط الحزبية والانقسامات المجتمعية؟.

3. الأزمة الديمقراطية والتمثيلية
النتيجة الكاسحة ضد الحكومة تعبّر عن أكثر من مجرد رفض برنامج سياسي؛ إنها انعكاس لأزمة تمثيل أعمق:
انعدام الثقة بين النخب السياسية والقاعدة الشعبية، وهو ما تبلور في احتجاجات “السترات الصفراء” وأزمات التضخم.
تآكل الوساطة الحزبية: لم تعد الأحزاب قادرة على إنتاج توافقات مستقرة، بل تحولت إلى جزر متنافرة تشتغل بمنطق المزايدة.
انقسام داخل الأغلبية الرئاسية نفسها، إذ لم تعد قادرة على توفير شبكة أمان سياسي لرئيس الوزراء.

4. تداعيات على موازين القوى
سقوط حكومة بايرو سيؤدي حتمًا إلى إعادة ترتيب المشهد:
المعارضة اليسارية ستسعى إلى تعزيز خطابها الاجتماعي كبديل جدي، أما اليمين التقليدي واليمين المتطرف سيستثمران الحدث لإظهار فشل “المركزية الماكرونية”؛ مما يطرح احتمالية انتخابات تشريعية مبكرة تلوح في الأفق إذا تعذّر تشكيل أغلبية صلبة، مما سيزيد من درجة المخاطرة السياسية لماكرون.

5. الأبعاد الرمزية والتحول في الثقافة السياسية
إن فشل الحكومة تحت رقابة البرلمان يعيد فرنسا، جزئيًا، إلى منطق “البرلمانية الكلاسيكية” التي كان ديغول يعتبرها سبب الضعف والفوضى في الجمهورية الرابعة. هذا التحول الرمزي يعني أن البرلمان لم يعد مجرد غرفة تسجيل للخيارات الرئاسية، بل أصبح فاعلًا مركزيًا يعيد فرض نفسه على ساحة القرار السياسي.

6. الاستشراف: نحو تعديل دستوري أم إعادة هندسة سياسية؟
السيناريو الأول: أن ينجح ماكرون في إعادة تشكيل حكومة توافقية تُعيد بعض الاستقرار، مع الحفاظ على قواعد اللعبة الديغولية.

السيناريو الثاني: أن يدخل النظام الفرنسي في أزمة مؤسسية ممتدة، بما يفرض نقاشًا واسعًا حول ضرورة تعديل الدستور أو الانتقال إلى “الجمهورية السادسة”.

السيناريو الثالث: أن تتسع رقعة عدم الاستقرار، بما يعيد فرنسا إلى حالة من المراوحة بين الشرعية البرلمانية والشرعية الرئاسية.

من هنا فإن سقوط حكومة بايرو ليس حدثًا إجرائيًا فحسب، بل مؤشر على أزمة عميقة في بنية النظام السياسي الفرنسي: أزمة شرعية، أزمة تمثيل، وأزمة ثقة. فالجمهورية الخامسة، التي بُنيت على توازن مائل لصالح الرئاسة، تجد نفسها لأول مرة مهددة بالعودة إلى منطق التعددية البرلمانية المتنازعة. إنها لحظة مفصلية قد تحدد ملامح مستقبل الديمقراطية الفرنسية بين خيارين: إما إعادة الترميم المؤقت، أو الشروع في هندسة دستورية جديدة تفتح الباب أمام “جمهورية سادسة”.

من باب الاستشراف: إلى أين تتجه “العقلنة البرلمانية”؟
إن سقوط حكومة بايرو لا يضع فقط علامة استفهام حول متانة النظام الرئاسي–البرلماني في فرنسا، بل يعيد أيضًا إحياء النقاش حول جدوى “العقلنة البرلمانية” التي شكّلت حجر الزاوية في دستور 1958. فإذا كانت هذه العقلنة قد وُلدت كأداة لتأمين الاستقرار التنفيذي وتحصين الحكومة من تقلبات الأغلبية، فإن ما جرى يبيّن أن فعاليتها أصبحت نسبية أمام تحولات الخريطة الحزبية والأزمات الاجتماعية المتفاقمة.

وقد يقود هذا التحول إلى أحد مسارين:
إما مزيد من التشديد الدستوري في محاولة لإنعاش العقلنة عبر منح السلطة التنفيذية أدوات إضافية، أو تآكل تدريجي للعقلنة أمام ضغط البرلمان وصعود النزعة التمثيلية المباشرة، بما قد يفتح الباب نحو برلمانية أكثر كلاسيكية. لكن الدرس الأعمق هو أن العقلنة ليست مجرد تقنية دستورية، بل هي بالأساس ثقافة سياسية تقوم على التوافق والثقة المتبادلة بين الفاعلين. من دون تجديد للوساطة الحزبية، ومن دون إعادة بناء الشرعية التمثيلية، ستظل العقلنة البرلمانية حبراً على ورق، وسيجد النظام السياسي نفسه مضطراً إلى التفكير في إعادة هندسة أوسع قد تمهّد للجمهورية السادسة.

مصطفى المنوزي
رئيس أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

ذ.مصطفى المنوزي: العفو بين الذاكرة والسياق الراهن

نشرت

في

بين الفينة والأخرى، يُطرح الحديث عن احتمال تكرار سيناريو العفو الذي شمل قادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية خلال ستينيات سنوات الرصاص. يومها، صدرت أحكام قاسية وصلت إلى الإعدام، لكن العفو جاء في سياق سياسي مضطرب: أحداث 23 مارس 1965، حالة الاستثناء، ثم التحضير لاختطاف الشهيد المهدي بنبركة. لم يكن العفو آنذاك بلا مقابل، بل جزءًا من تسوية أملتها موازين القوى.

الشيء نفسه حصل مع عفو محمد آجار بونعيلات، الذي ارتبط بتداعيات الانقلابين العسكريين الفاشلين، وفقدان النظام لقاعدته الاجتماعية، مما اضطره إلى استيعاب قدماء المقاومة وجيش التحرير، وتأسيس المجلس الوطني لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ، بعضوية سعيد بونعيلات ورئاسة عبد الكريم الخطيب وإطلاق سياسة “مغربة الأراضي” كرد فعل على الشبهات المحيطة بالدور الفرنسي في أحداث الإنقلابين وكذا على رفض فرنسا في عهد بومبيدو دعم الدولة لمواجهة أحداث مارس 1973.

ودون أن نغفل واقعة إختطاف الحسين المانوزي من تونس في 29 أكتوبر 1972 (نفس اليوم والشعر بالنسبة للمهدي ) ، وتوجيه رسائل ملغومة لكل من عمر بنجلون ومحمد اليازغي في نفس الفترة ، لكن، هل يمكن القياس بين الأمس واليوم؟ الوقائع مختلفة، الأشخاص مختلفون، والمشاريع متباينة قطعيا والسياقات مغايرة جذريًا. إذا كانت هناك كلفة سياسية أو أمنية، فمن سيتحملها؟ وبأي سقف؟ صحيح أن الردع اليوم أكثر نعومة، لكن الكلفة ما تزال باهظة.

إن استدعاء منطق الرهائن أو الكلفة السياسية لم يعد يجدي في زمن جديد. الحل لا يكمن في محاكاة الماضي، بل في تبني مقاربة إنسانية وحقوقية، تُعيد بناء الثقة وتفتح أفقًا حقيقيًا للإنصاف والمصالحة.وإذا كان لابد من تشبيه فنموذج مدينة إيفني أولى وأفضل وأقرب ؛ ولكن بعد تأهيل الإختلالات وتقويم الأعطاب.

* مصطفى المنوزي
منسق منتدى ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

سعيد الكحل: صحيفة لوموند والحنين إلى الهيمنة الاستعمارية

نشرت

في

بواسطة

صحيفة الابتزاز والاستفزاز.
لم يكن صدفة أن تخصص صحيفة “لوموند” سلسلة مقالات مستهدفة ملك البلاد وعلاقة الشعب به وبالملكية. ذلك أن هذه الصحيفة درجت على مهاجمة الملكية في المغرب والتحريض ضدها طيلة عقود. إلا أن مقالاتها الأخيرة تجاوزت كل الحدود بخوضها في أعراض جلالة الملك ومستقبل الملكية في المغرب عبر الترويج لأضغاث أحلام مموليها والمتحكمين في خط تحريرها.

لم تستفد الصحيفة من التاريخ لمّا حاول الاحتلال الفرنسي تعيين ابن عرفة مكان الملك الشرعي محمد الخامس فتصدى له الشعب المغربي بكل حزم. إن الشعب ذاته لا يزال وسيبقى وفيا للملكية، ولا يقبل عنها بديلا لضمان أمنه ووحدته واستقراره. وما يزيد المغاربة تمسكا بالملكية: أولا، وعيهم التام بأهميتها في تقوية اللحمة الوطنية الجامعة لكل مكونات الشعب المغربي؛ وثانيا، تجسيدها لهويتهم التاريخية والوطنية على مدى قرون؛ ثالثا، المآلات الفاشلة التي انتهت إليها الثورات أو الانقلابات العسكرية على الأنظمة الملكية في الدول العربية. وقد أظهر المغاربة بكل عفوية، عبر تريند “فخورون بملكنا” الذي غصت به مواقع التواصل الاجتماعي، مدى تعلقهم بالملك وحبهم له، كجواب مباشر على استفزازات الصحيفة.

تزعم الصحيفة “الحياد” و”الاستقلالية”، لكن الوقائع المسجلة خلال عقود أثبتت أنها تعتمد الابتزاز والتضليل والافتراء أسلوبا لتحقيق الربح على حساب المبادئ والحقيقة. ففي سبعينيات القرن الماضي، كشفت وثائق أرشيف “ميتروخين” الشهيرة حول أنشطة المخابرات السوفييتية، أن صحيفة لوموند كانت منفذا أساسيا للدعاية السوفييتية ونشر معلومات مضللة لصالح السوفييت.

ولعل قائمة الأحكام القضائية ضد الصحيفة تثبت متاجرتها بالأعراض وترويج الأكاذيب (في1998 أدان القضاء الفرنسي الصحيفة لصالح الملك الحسن الثاني رحمه الله، في 2014، قضت المحكمة العليا في إسبانيا بتغريم الصحيفة لصالح ريال مدريد وبرشلونة بعد أن اتهمتهما أنهما على علاقة بالطبيب الإسباني إيوفيميانو فوينتس، المدان الرئيسي في “عملية بويرتو” الخاصة بالمنشطات. وفي 2016 أُدينت صحيفة واثنان من صحافييها بتهمة التشهير، بعد أن كتبوا أن الممثل الأميركي جون مالكوفيتش لديه حساب مصرفي مخفي في سويسرا).

مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس.

لازال التيار الاستعماري في فرنسا يحن إلى ماضيه البغيض رغم الضربات المتتالية الأخيرة التي تلقاها الوجود الفرنسي في دول الساحل؛ إذ بات مبغوضا في عموم إفريقيا. بل إن هذا التيار لم يستوعب مقولة السيد ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، أن “مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس”. لهذا يتمادى هذا التيار في أسلوب الابتزاز والاستفزاز. أكيد لم يستوعب أن مغرب اليوم صار قوة إقليمية وازنة وجسرا أساسيا بين إفريقيا وأوروبا. واستهداف النظام الملكي هو استهداف لاستراتيجية متكاملة وضع أسسها الملك محمد السادس الذي يسهر على ترسيخ موقع المغرب كشريك إستراتيجي للقارة الإفريقية من خلال مبادرة الأطلسي، أنبوب الغاز المغرب ـ نيجيريا، الاستثمارات (ثاني مستثمر في إفريقيا)، البنوك المغربية تتواجد في 26 بلدا إفريقيا لدعم الاستثمارات وتمويل المشاريع، التعاون العسكري والأمني والاستخباراتي، بالإضافة إلى التكوين الجامعي ( المغرب يستقبل 19 ألف طالب من 49 دولة إفريقية، 90 في المائة منهم يستفيدون من منح دراسية مقدمة من الدولة المغربية)، فضلا عن التكوين الديني للأئمة.

فالمغرب لاعب جديد ومنافس حقيقي شعاره “إفريقيا للأفارقة” ومبدؤه “رابح/رابح”. وقد أشادت دول الساحل على لسان السيد Hassan Adoum Bakhit Haggar, سفير تشاد في المغرب، بالدور المغربي الذي تحتضنه شعوبها ووقوفه إلى جانبها “ما نبحث عنه، نحن الأفارقة هو شريك وفيّ في السراء والضراء، في فترات الشدة وفترات الرخاء هذه هي المصداقية التي نريد. فالمغرب كان دائما إلى جانب الدول الإفريقية، وأن جلالة الملك قدم لإخوانه في جنوب الصحراء التسهيلات في البنية التحتية لتعويض النقص الذي تواجهه اقتصاداتهم. المواد الأولية نتوفر عليها، إدارتها نتوفر عليها كذلك، يبقى كيف يتم تسويقها لتخفيض كلفة نقل المواد الأولية، وهذا العرض يوفر لنا فرصة مهمة جديرة بالتقدير”.

إن إستراتيجية المغرب في إفريقيا تختلف جوهريا عن إستراتيجية فرنسا أو الدول التي استعمرت إفريقيا. وقد حدد جلالة الملك ما تمثله إفريقيا للمغرب في خطاب 20 غشت 2016: “فنحن لا نعتبر إفريقيا سوقا لبيع وترويج المنتوجات المغربية، أو مجالا للربح السريع، وإنما هي فضاء للعمل المشترك، من أجل تنمية المنطقة، وخدمة المواطن الإفريقي. وفي هذا الإطار، يساهم المغرب إلى جانب الدول الإفريقية، في إنجاز مشاريع التنمية البشرية والخدمات الاجتماعية، التي لها تأثير مباشر على حياة سكان المنطقة”. أكيد أن هذه الإستراتيجية المغربية لن ترض عنها الدوائر الإعلامية المرتبطة بالتيار الاستعماري التوسعي التي ترى فيها منافسا حقيقيا لمصالحها وتهديدا مباشرا لها.

يا جبل ما يهزك ريح.

بقدر المؤامرات والمخططات العدائية التي تستهدف وحدة المغرب الترابية واستقراره السياسي، بقدر ما يزداد، من جهة، المغرب قوة وصمودا في دفاعه عن وحدة ترابه وتحقيق المكاسب الدبلوماسية بتوالي الاعترافات بسيادته على الصحراء ومصداقية مقترح الحكم الذاتي، ومن أخرى، تشبث المغاربة بالنظام الملكي وانخراطهم البنّاء في مشروع الإصلاح والتحديث والعصرنة. ولعل المحاولات اليائسة التي يلجأ إليها كابرانات الجزائر بالتحالف مع التيار الاستعماري الأوروبي، تدل على فشلهم الذريع في عزل المغرب عن مجاله الطبيعي والحيوي الإفريقي. بل انقلب سحرهم عليهم لما قررت دول الساحل تطويق الجزائر من الجنوب واسترجاعها لسيادتها ونديتها أمام فرنسا بعد طرد جيشها وفك الارتباط بنظامها المالي والعسكري.

ولا شك أن سُعار كابرانات الجزائر وصحفيي صحيفة لوموند التي يساهم عسكر الجزائر في رأسمالها، ومن ثم التحكم في خط تحريرها المعادي للمغرب، اشتد مع إعلان الرئيس الفرنسي، ماكرون، الاعتراف بمغربية الصحراء والتزامه بالدفاع عنها في المحافل الدولية. شكّل هذا الاعتراف صدمة قوية للكابرانات الذين ظلوا يراهنون على دوام الابتزاز الفرنسي والأوروبي للمغرب لنهب ثرواته. لهذا يسخّر حكام الجزائر، بالتنسيق مع التيار الاستعماري الأوروبي، خاصة في فرنسا وإسبانيا، كل الوسائل الخبيثة للإساءة إلى العلاقات الجيدة بين المغرب وفرنسا بعد اعترافها بمغربية الصحراء. تلك أوهامهم التي كانت وستكون وبالا عليهم.

إن النهضة الشاملة التي حققها المغرب في عهد الملك محمد السادس على المستويات التنموية والاقتصادية والصناعية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية والرياضية والبنيات التحتية، شكلت كابوسا لحكام الجزائر الذين صرفوا “مال قارون” بتعبير رئيسهم تبون، لتقسيم المغرب وإسقاط نظامه وتدمير اقتصاده دون جدوى. فعلاقة الشعب المغربي بملكه غير خاضعة لإرادة القوى الخارجية، كما أنها عصيّة على المخططات العدائية. وما محاولتهم البئيسة اليوم إلا مثالا لحالة اليأس التي وصلوا إليها بعد استنفاد كل مخططاتهم. وكان أجدر بصحيفة لوموند، بدل اجترار وإعادة تدوير هرطقات الغربان وترّهات الخائنين، أن تتذكر، أولا، أن الأجهزة الأمنية المغربية التي تشيع عنها الأراجيف هي التي أمّنت أولمبياد فرنسا بعد أن لجأ لخدماتها وزير الداخلية الفرنسي، وهي التي تم توشيح رئيسها السيد عبد اللطيف حموشي، بميدالية وبراءة وسام جوقة الشرف من درجة ضابط، الذي منحته السلطات الفرنسية، وهي التي جنبت فرنسا حمّامات دم، بفضل خبرتها في رصد وتفكيك الخلايا الإرهابية. ثانيا، أن تنشغل، من جهة، بالانهيار الوشيك لفرنسا اقتصاديا بعد أن بلغت ديونها الخارجية مستوى قياسي: 3.9 تريليون دولار، أي ما يعادل 113 % من الناتج الوطني الخام؛ ومن أخرى، بالأزمة السياسية التي تنخر النظام الجزائري والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان إلى جانب النهب الفظيع والمتسارع لثروات الشعب الجزائري الذي بات محكوما عليه بالاصطفاف في طوابير ماراثونية من أجل العدس والحليب والزيت. سيبقى المغرب شوكة في حلق خصومه وأعدائه.

أكمل القراءة
دولي منذ 3 دقائق

وضع رؤوس خنازير أمام مساجد في باريس يستفز مشاعر مسلمي فرنسا

منوعات منذ 44 دقيقة

محكمة مصرية تؤيّد إيداع نجل محمد رمضان دار رعاية

دولي منذ 55 دقيقة

انفجارات الدوحة وقعت في مجمع تابع لحركة حماس

دولي منذ ساعة واحدة

الجيش الإسرائيلي يستهدف “قيادة حركة حماس” في الدوحة

دولي منذ 3 ساعات

إسبانيا تمنع وزيرين إسرائيليين من دخول أراضيها

رياضة منذ 3 ساعات

رسميا.. الفتح الرباطي يستقبل الرجاء بالقنيطرة

واجهة منذ 3 ساعات

هذا توضيح وزارة النقل حول خلفيات مخالفات صفائح السير الدولي

دولي منذ 4 ساعات

أسطول المساعدات المتجه إلى غزة ستهدف “بهجوم بمسبرة” قبالة سواحل تونس

واجهة منذ 9 ساعات

طقس الثلاثاء.. ضباب وأمطار رعدية ورياح قوية

دولي منذ 20 ساعة

محكمة استئناف تثبت حكما قضى بدفع ترامب 83 مليون دولار على خلفية قضية تشهير

على مسؤوليتي منذ 21 ساعة

سقوط حكومة بايرو: قراءة في أزمة الجمهورية الخامسة و مصير العقلنة البرلمانية

دولي منذ 22 ساعة

أزمة سياسية تهدد فرنسا مع حجب النواب الثقة عن حكومة بايرو

رياضة منذ 24 ساعة

مونديال 2026 .. المنتخب المغربي يتغلب على نظيره الزامبي (0 – 2) ويواصل تحقيق العلامة الكاملة

رياضة منذ 24 ساعة

مونديال 2026: تونس تبلغ النهائيات للمرة السابعة في تاريخها

منوعات منذ يوم واحد

وفاة المعلم الكناوي مصطفى باقبو

دولي منذ يوم واحد

مدريد تستدعي سفيرها من إسرائيل

رياضة منذ يوم واحد

ورطة لامين يامال.. جواز سفره مفقود في تركيا (فيديو)

واجهة منذ يوم واحد

صفقة القرن للمغرب: مقاتلات إف-16 بلوك 72 الأمريكية الحديثة تصل قريبًا

دولي منذ يوم واحد

هجوم بإطلاق النار في القدس الشرقية يوقع خمسة قتلى

رياضة منذ يوم واحد

التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب ضد زامبيا

إعلان

الاكثر مشاهدة