على مسؤوليتي
مصطفى المنوزي يكتب عن أزمة المعنى في الحقل التعليمي

نشرت
منذ 4 أسابيعفي
بواسطة
مصطفى المنوزي
في سياق متقلب تعصف به التحولات السياسية والاجتماعية، باتت المدرسة المغربية تشهد تآكلًا تدريجيًا في سرديتها التربوية الأصلية، التي كانت – ولو نظريًا – مبنية على قيم التنوير والعقل والمواطنة والارتقاء الاجتماعي. في المقابل، تسللت سرديات بديلة، أمنية ودينية، تنازعها الشرعية الرمزية داخل الفضاء العمومي والمؤسساتي، بينما تستفحل ظواهر الغش الأكاديمي، التدليس، وشراء الشهادات، مما أدى إلى إرباك منظومة التكوين وتقويض معنى الحرية الأكاديمية، بل وتفريغ الإفتحاص التربوي من مضمونه الإصلاحي.
1. المدرسة كمجال للصراع السردي وتنازع المقاربات
لم تعد المدرسة فضاءً محايدًا، بل تحولت إلى مسرح لتنازع سرديات متضادة:
* السردية التربوية التي تقوم على المواطنة والنقد وبناء الإنسان؛
* السردية الأمنية التي تحوّل المدرسة إلى آلية ضبط وإخضاع؛
* السردية الدينية التي تسعى إلى استعادة الهيمنة على القيم والمعاني من بوابة التأويل العقدي.
هذا التنازع لا يتم فقط على مستوى الخطاب، بل يُترجم إلى سياسات وقرارات وممارسات داخلية تُصيب المتعلم والمدرس والمفتش في صميم دورهم ومعناهم ووظيفتهم.
2. الغش الأكاديمي والتدليس: حين تُصنع النخب بالكذب
يتوازى هذا الصراع السردي مع اختلالات بنيوية عميقة تتجلى في تفشي الغش وشراء الشهادات العلمية وتوظيف المراكز “التكوينية” كوسائط لاقتصاد ريعي معرفي. لم يعد الغش انزلاقًا فرديًا، بل صار سلوكًا مُمأسسًا يزكيه التساهل، وتتغاضى عنه مؤسسات، وتستثمر فيه فئات تبحث عن الوجاهة والامتياز دون اجتهاد حقيقي. وفي هذا السياق، تفقد الشهادة الأكاديمية رمزيتها، ويتحول “المكوِّن” إلى كائن إداري فاقد للمعرفة الحية، يمارس التكوين بالقص واللصق، ويفتش الآخرين دون مرجعية علمية. فكيف نطالب بجودة التعليم، وأدوات التكوين نفسها مغشوشة؟
3. الإفتحاص التربوي: من آلية تطوير إلى أداة ضبط
المفروض أن يكون الإفتحاص التربوي آلية لتجويد الأداء وضمان العدالة البيداغوجية، لكنه غالبًا ما يُفرغ من مضمونه ليصبح مجرد تقنية تفتيشية تخضع أحيانًا لمنطق العلاقات الزبونية أو الانتقائية أو تصفية الحسابات. وذلك نتيجة خلل ثلاثي:
* ضعف تكوين المفتحصين؛
* غياب المعايير الواضحة؛
* تأثر العملية التقييمية بمنطق الضبط الإداري بدل الدعم التربوي.
وهكذا يُفرَغ الإصلاح من روحه، وتُصاب المدرسة بجمود تشخيصي لا ينتج فعلًا تربويًا تحويليًا.
4. الحرية الأكاديمية تحت الحصار: بين الأمننة والإيديولوجيا
أمام هذا الواقع، يطفو خطر آخر: التضييق على الحرية الأكاديمية، سواء بذريعة محاربة التطرف أو مواجهة التوظيف الإيديولوجي للمؤسسات. فبينما تُبرَّر مراقبة المضامين بضرورات الأمن العام، يتمدد منطق المراقبة ليمس الاستقلال الجامعي، ويحوّل المدرسة والجامعة إلى ذراع وظيفي للدولة لا فضاء للنقد والتفكير الحر.
بل الأخطر من ذلك، أن تصبح حرية البحث والمعرفة رهينة لـ”لجان افتحاص” لا تستند إلى المعايير الأكاديمية، بل إلى معايير الأخلاق السلطوية أو الصواب السياسي اللحظي.
5. نحو عقد سردي تربوي بديل: استعادة المعنى قبل المنهاج
لا سبيل لإصلاح حقيقي دون تحرير السردية التربوية من هيمنة التدليس والغش، ومن استلابها للسرديات الأمنية والدينية في صيغها الضيقة. المطلوب هو:
* إعادة بناء سردية تربوية عمومية تدمج القيم الدينية والأمنية ضمن أفق مواطني نقدي متوازن؛
* تجريم الغش الأكاديمي ومأسسة آليات النزاهة العلمية؛
ربط مسؤولية التكوين بالكفاءة لا بالولاء أو الحظوة؛
* صيانة الحرية الأكاديمية بميثاق وطني يضبط الحدود ولا يفرض الوصاية؛
* إعادة تعريف وظيفة الإفتحاص التربوي باعتباره أداة مواكبة وتحفيز، لا رقابة أو إذلال.
* فاقد الشيء لا يعطيه. ومن لا يؤمن بحرية المعرفة لا يمكن أن يُعلّم التفكير. ومن يسترخص الشهادة لا يمكن أن يبني الوطن.
لقد حان الوقت لأن نعيد للمدرسة والجامعة معناهما، لا فقط عبر الإصلاحات التقنية، بل عبر استعادة الضمير التربوي في وجه هيمنة التدليس وتنافس السرديات .
6. هشاشة التكوين ومصير الدولة وعقم التحديث
إن استمرار هشاشة تكوين الأطر في قطاعات التعليم، الإدارة، القضاء، والإعلام لا يهدد فقط جودة الخدمات، بل يُعرّض الدولة نفسها لتآكل مشروعيتها وضعف مناعتها الاستراتيجية. فحين تتولى النخب المصنَّعة بالتدليس مسؤولية القرار والتوجيه، تتحول المؤسسات إلى هياكل بلا روح، وتفقد الدولة قدرتها على التخطيط والابتكار والتفاوض مع المجتمع ومع الخارج. إنها أزمة مصير، لا مجرد اختلال في الأداء. ولذلك، فإن الإصلاح التربوي والتكويني ليس ترفًا قطاعيًا، بل هو رهان سيادي وجودي.
*مصطفى المنوزي
منسق دينامية ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية
على مسؤوليتي
الدريدي: رأي لا بد من التعبير عنه بشأن إقالة معاد الجامعي و فريد شوراق

نشرت
منذ يومينفي
يونيو 13, 2025بواسطة
حسن لمزالي
في انتظار صدور بلاغ توضيـحي من وزارة الداخلية أو خروج المسؤول عن التواصل، برتبة عامل المعين مؤخرا من طرف جلالة الملك لتوضيح هذا الخبر الشائع و الاشياء المحيطة به، أود ابداء ملاحظات أولية عن هذا الحدث الهام الذي يثبت خللا كبيرا في الاستيعاب السياسي لمنظومة السلطة الفعلية و الدستورية للمؤسسة الملكية في شقيها؛ رئاسة الدولة و إمارة المؤمنين؛ من طرف هذين المسؤولين.
ماقاما به واليي جهة فاس و مراكش، يؤكد جهلما السياسي العميق بكيفية تجسيد تنفيد توجيهات منظومة السلطة الفعلية و الدستورية للمؤسسة الملكية والتي اتخدت صيغة الاهابة للمواطنين المغاربة بعدم إقامة شعيرة النحر في العيد الكبير لهذه السنة 2025.
خطورة ماقاما به واليي جهة فاس و مراكش، هو الالتقاء و التماهي مع الحملة التي خاضها الإسلام السياسي ضد اهابة أمير المؤمنين، و هي الحملة التي كانت في عمقها تستهدف شرعية المؤسسة الملكية في شقها الأساسي الذي يقطع عليهم الطريق في استعمال الدين لاغراض سياسية اي؛ إمارة المؤمنين التي كما سبق وأن صنفها الرفيق المناضل الكبير ابراهام السرفاتي و العديد من المفكرين السياسيين المتنورين، بأنها صمام الأمان في المغرب، إمارة المؤمنين التي اكتسبت قوة أكثر في دستور 2011 ، حيث أصبحت تجسد الإسلام الدستوري المنصوص عليها في أعلى قانون وطني.
يجب كذلك التمحيص و التحقيق في مدى عدم تحمل المسؤولية المعنوية، التنظيمية السياسية لوزارة الاوقاف و الشؤون الإسلامية و كذلك المجالس الجهوية للمجالس الجهوية للعلماء! “الفقهاء” بجهتي مراكش و فاس. حيث قد كانوا حاضرين في صلاة العيد بمراكش و فاس، فماذا كان موقفهم حين علموا بأن هناك فقرة “النحر” في سيناريو و برنامج صلاة العيد؟.
يجب أن ياخد التحقيق في الحدثين، افتراضية أن يكون بعضهم بعلاقة تنظيمية أو تعاطف أو تماهي مع اطروحات الإسلام السياسي.
أن اقالة و تعيين هذين الموظفين الساميين والي جهة مراكش- اسفي و والي جهة مكناس- فاس، هي من الحقوق المضمونة و المحفوظة لرئيس الدولة ملك المغرب…..لكن أخطاء مثل هذه و نحن على بعد شهور من سنة الاستحقاقات الانتخابية، التي يعد لها الإسلام السياسي بكافة الوسائل التي لا تحترم الاخلاقيات الديمقراطية( وصلت حدود الهجوم من طرف عرابها بنكيران على المؤسسات الملكية ، العسكرية و …..)؛ هذه الخطاء تتطلب قرارات تاذيبة حازمة.
*مولاي احمد الدريدي: منسق الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والارهاب.
على مسؤوليتي
سعيد الكحل: حين يصيب العمى السياسي حماس والبوليساريو

نشرت
منذ 5 أيامفي
يونيو 10, 2025بواسطة
سعيد لكحل
لطالما حاولت عصابة البوليساريو الربط، تعسفا، بين أوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي وبين أوضاع الصحراويين المحتجزين في تندون.
وكذلك نحا قياديو بعض الفصائل الفلسطينية (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وتفرعاتها) نفس المنحى خدمة لأجندة أعداء الوحدة الترابية للمغرب. وإذا كان لا بد من الربط بين الحالتين، فإن الأولى الربط بين الحركات المسلحة لدى الطرفين في المآل وانعدام القراءة الإستراتيجية للواقع الداخلي والدولي معا.
حين أدركت حركة فتح بقيادة الراحل ياسر عرفات أن خيار المقاومة المسلحة وحده لم يحرر أرضا ولا انتزع حقا، قررت، عبر موافقة مجلها الوطني، سنة 1993، إضافة خيار المفاوضات للوصول إلى السلام إلى خيار الكفاح المسلح. وقد هيّأ ياسر عرفات حركة فتح لهذا الخيار بخطابه أمام أعضاء هيئة الأمم المتحدة، في الثّالث عشرة من نوفمبر1974، حين قال:” جئتكم يا سيادة الرئيس وبندقيّة الثّائر في يدي، وفي يدي الأخرى غصن الزّيتون، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي”.
نفس القناعة انتهى إليها مؤتمر القمة العربي غير العادي في القاهرة في يونيو 1996، حين قرر أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية.
واقعية حركة فتح تجسدت في انتزاع اعتراف إسرائيلي بالحركة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وبحقه في إقامة دولته وفق ما نصت عليه اتفاقية أوسلو. إلا أن هذه الواقعية لم تتوفر لباقي الفصائل الفلسطينية، خاصة حركتي حماس والجهاد اللتين ناهضتا اتفاق السلام وعملتا على إفشاله خدمة لأجندات ما سمي “محور الممانعة”.
لقد أضاعت حماس والجهاد على الفلسطينيين ما تضمنته اتفاقية أوسلو من بنود وفرص تسمح بقيام دولة فلسطينية على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية (20 %) بعد خمس سنوات من بداية سريان الاتفاقية تنتهي إلى تسوية دائمة بناء على قراري الأمم المتحدة 242و338. كما نصت الاتفاقية على أن المفاوضات ستشمل القدس واللاجئين والمستوطنات، والترتيبات الأمنية والحدود.
انتهى خيار حمل السلاح.
لم تدرك حركة حماس المتغيرات الإقليمية والدولية التي أحدثها سقوط جدار برلين، وكذا مبادرة السلام مقابل الأرض التي قدمتها الدول العربية في 1996 و 2002، ولازالت متمسكة بها بعد أن أيقنت أن الحروب ضد إسرائيل أفقد الدول العربية المجاورة لها مزيدا من الأراضي؛ بحيث وجدوا أنفسهم أمام ملفات الجولان وسيناء ومزارع شبعة ومنطقة الغُمر الأردنية. إن الحقيقة التي فرضت نفسها على القادة العرب هي أن ما تحقق بالسلام مع إسرائيل لم تحققه الحروب ضدها. فقد استرجعت مصر ولبنان والأردن أراضيها باتفاقيات السلام وليس بالحروب وحمل السلاح.
إن إصرار حماس على حمل السلاح لم يحقق للفلسطينيين أي مكسب سياسي ولم ينتزع لهم أي حق مادي ولا حرر لهم شبرا من الأراضي. بل جر عليهم القتل والدمار والتهجير ففقدوا ما لم يفقدوه طيلة حروبهم ضد إسرائيل. فحين تغيب الواقعية والحكمة عن قيادة المقاومة تحصل الكوارث والمآسي. وها هي حماس، وبعد عشرات الآلاف من القتلى والمفقودين والمعطوبين والدمار الشامل لقطاع غزة، تفاوض فقط من أجل وقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية.
إن ما يجمع حركة حماس بعصابة البوليساريو هو افتقارهما إلى الواقعية الإستراتيجية التي تسمح لهما باقتناص الممكن وحسن استثماره قبل فوات الأوان. فكلاهما لم يستخلصا الدروس من تخلي فصائل مسلحة عبر العالم عن سلاحها بعدما أدركت ألا جدوى من حمله كما هو الحال بالنسبة لحركة فتح الفلسطينية، وحزب العمال الكردستاني (PKK) في تركيا، والقوات المسلحة الثورية الكولومبية (FARC).
لا شك أن الارتهان إلى قوى خارجية في اتخاذ القرار يقود حتما إلى الخسران أو الاستسلام. وهذا حال عصابة البوليساريو التي تحولت إلى أداة لخدمة أعداء المغرب. إذ لم تستوعب التحولات الجيوسياسية ولا الانتصارات الدبلوماسية التي يحققها المغرب عبر تزايد التأييد الدولي لموقفه ولمبادرة الحكم الذاتي. فكما أضاعت حماس فرصة اتفاقية أوسلو، أضاعت جبهة البوليساريو فرصة الحكم الذاتي. إنه العمى السياسي الذي يصيب قيادة أي حركة لا تملك قرارها.
وهذا ما تعاني منه عصابة البوليساريو التي أرادها صانعها “بومدين” أن تكون حجرة في حذاء المغرب فصارت دبابيس في أحذية حكام الجزائر. لم تدرك العصابة أن المنافذ التي كانت تستغلها في تهريب السلاح لمحاربة المغرب أغلقت بعد التحولات السياسية والعسكرية التي تعرفها دول الساحل، وكذا قرار السلطات الموريتانية منع تسلل عناصر البوليساريو إلى أراضيها لمهاجم المغرب. وما يزيد من عزلة الجزائر وانحصار مشروعها الانفصالي ضد المغرب، التفاف دول الساحل وموريتانيا حول المبادرة الملكية بمنحهم منفذا على المحيط الأطلسي.
إن النجاح الدبلوماسي للمغرب وكذا تفوقه العسكري وتحكمه في مراقبة حدوده الشرقية والجنوبية ضد تسلل عناصر البوليساريو، عوامل تعجّل بطي ملف الصحراء وإضاعة آخر فرصة يمكن لعصابة البوليساريو استغلالها لفائدة محتجزي تندوف حتى يعودوا لحضن الوطن وينخرطوا في دينامية البناء والتنمية.
على مسؤوليتي
ذ.المنوزي يكتب: حين يتحول النقد إلى حرب هويات صلبة

نشرت
منذ أسبوع واحدفي
يونيو 6, 2025بواسطة
مصطفى المنوزي
إيمانا منا بأن كل مواطن ( بصيغة المفرد أو الجمع )، عينته الدولة في شخص ممثليها الدستوريين والقانونيين، يصيرون موظفين عموميين سامين لدى الدولة ومؤسساتها العمومية ، وموضوع محاسبة ومساءلة عمومية ، وكشخصيات عمومية يخضعون للنقد العمومي حسب السياقات والتعاقدات ؛ دون تعسف في إستعمال هذه الآليات .
لست أبالغ إذا قلت بأنه مهما بلغ هامش الإستقلالية والمرونة بين مجال السياسة العامة وما عداه من مجالات السياسات العمومية وخدمة الشأن العام المتاح للمنتخبين والحزبيين والتقنوقراطيين المستقليين ( بمعنى السياسيين غير المتحزبين ) ، فإن منطق الدولة يشتغل على سرعات متباينة ، يتحكم فيها من يملك الحق التاريخي في تملك واحتكار المجال المحفوظ مقرونا بحصانة خاصة ، فوق المحاسبة وبنفس الحجم الذي يبوؤهم فوق الدستور أحيانا . ومع ذلك يظل التعامل مع الجميع بنفس الوقار والتقدير وروح النقد البناء ، بعيدا عن أي تعنيف مادي أو لفظي أو رمزي حتى !.
إن الفضاء العمومي، باعتباره مشتركًا، لا بد أن يُدار بالحجاج المسؤول لا بالتحريض والانفعال. وما جرى مؤخرًا في إحدى الجامعات من تعامل غير لائق مع رئيس حكومة سابق، يطرح أسئلة جوهرية حول أخلاقيات الفعل العمومي، وحدود النقد المشروع. فمهما بلغت حدة الاختلاف السياسي أو الرمزي، فإن لكل مقام مقال، ولكل عتاب سياقًا، والخطأ لا يُصححه خطأ مضاد.
وفي هذا السياق، وجبت الإشارة إلى ظاهرة مقلقة بدأت تطفو على سطح الممارسة العمومية، وهي تضخم الخطاب الأخلاقي لدى بعض الفاعلين المعارضين، وتحوله في أحيان كثيرة إلى وسيلة لاستفزاز المقابل وخلق ردود فعل مشحونة، خصوصًا وسط فئات شابة كالطلبة. هذه الازدواجية بين الادعاء الأخلاقي وافتعال التوتير تفرغ الجامعة من بعدها التداولي، وتحوّل الفضاء العمومي إلى ساحة صراع رمزي، يغذي الانقسام بدل أن يطوّق الاختلاف.
إن التمادي في شرع اليد، والتطبيع مع العقاب الرمزي خارج المؤسسات، لا يبني أمنًا قانونيًا ولا عدالة اجتماعية. بل يغذي سرديات الحسبة الموازية، ويُربك شرعية الدولة ومؤسساتها، بما فيها الجامعة نفسها، التي وإن كانت حرمتها مقدسة، فإنها لا تفتقر إلى آليات الحماية والانضباط، ما دامت الدولة حاضرة، ولو بتراخٍ، لا غائبة.
في النهاية، لا مناص من التمييز بين النقد والانتقام، بين الاختلاف المشروع والاستهداف الممنهج. ومن واجبنا كمواطنين ومؤطرين أن نرتقي بالنقاش من الفعل الانفعالي إلى الفعل التشاركي المسؤول، ومن رد الفعل إلى المبادرة النقدية البنّاءة. هكذا فقط نصون الفضاء العمومي، ونحمي المشترك الوطني من الانزلاق إلى الفوضى الرمزية والمؤسسات الموازية.
هناك وقائع سوف تتكرر لتلازم نزعات التطرف مع العنف و ليطرح السؤال حول الأمن كقضية تثير الحاجة إلى مساءلة سرديات الدولة المؤطرة لاستراتيجية الأمننة مقرونة بمفارقة الإنفلات الأمني ، مما يستدعي تشخيص أسباب الهيمنة الرمزية للهويات الصلبة ، في أفق البحث وبلورة حلول بديلة لأزمة التسيب المستشرية كالسرطان .
إن الفضاء العمومي، بصفته مجالًا مشتركًا، لا يستقيم إلا عبر تسييره بالحجاج المسؤول، لا بالتجييش ولا بالتحريض. وما شهدناه مؤخرًا من تعاطٍ غير لائق مع رئيس حكومة سابق خلال زيارة لإحدى الجامعات، يعيد إلى الواجهة إشكالية الحدود بين النقد والمساءلة من جهة، والتشهير والإقصاء من جهة أخرى. فحِدّة الاختلاف، مهما بلغت، لا تبرر نسف قواعد الحوار أو تقويض أخلاقيات السجال. ذلك أن لكل سياق مقامه، ولكل فعل ردٌ يتوخى الاتزان لا الانتقام.
وفي هذا السياق، تبرز ظاهرة مقلقة في المشهد العمومي: تضخم الخطاب الأخلاقي لدى بعض المعارضين، وتحوله، أحيانًا، إلى أداة لاستفزاز الخصوم وخلق مناخ من التوتر، خصوصًا في أوساط شبابية مثل الجامعة. هذا التداخل بين ادعاء الطهارة الأخلاقية وممارسة التوتير السياسي يفرغ الجامعة من بعدها التداولي، ويحوّل الفضاء العمومي إلى حلبة لصراع رمزي يُغذّي الاستقطاب بدلًا من احتوائه.
وإن الانزلاق نحو شرع اليد، والتطبيع مع العقاب الرمزي خارج منطق المؤسسات، لا يبني أمنًا قانونيًا، ولا يعزز عدالة اجتماعية. بل يفتح الباب أمام سرديات موازية للحسبة، تُربك شرعية الدولة وتضعف مصداقية مؤسساتها، بما في ذلك الجامعة نفسها. فالجامعة،رغم قدسية حرمتها، لا تفتقر إلى آليات الحماية والضبط والانضباط، ما دامت الدولة قائمة، حتى وإن بدا حضورها باهتًا أو متراخيًا. لذلك، يصبح من الضروري التمييز بين النقد كأداة للمساءلة والبناء، وبين الاستهداف كوسيلة للانتقام والتصفية الرمزية. فواجبنا كمواطنين وفاعلين ومؤطرين، أن ننتقل من ردود الفعل الانفعالية إلى مبادرات نقدية تشاركية ومسؤولة، تصون المشترك الوطني وتحمي الفضاء العمومي من منزلقات الفوضى الرمزية والمؤسسات الموازية.
وإذا كان في التجربة ما يُستنطق، فإن ذاكرتي ما تزال تحتفظ بواقعتين تركتا أثرًا بالغًا في وعيي النقدي ومساري الحقوقي:
الأولى تعود إلى ربيع 1981، حين قررنا في تعاضدية كلية الحقوق بالدار البيضاء، ضمن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، تنظيم الذكرى الثانية لاستشهاد المناضل محمد كرينة. يومها، تعرض النشاط لهجوم منسق نفّذه بعض من طلبة الاتحاد العام المدعومين بفلول الشبيبة الإسلامية، وعلى رأسهم (م.ر) إمام الحي الجامعي ، الذي سيصبح لاحقًا وزيرًا وقياديًا بحزب المصباح. مُزقت صور الشهيد، واعتُدي على مناضلين من لائحة “المهدي وعمر”، بينما زعمت جريدة “العلم” في صفحتها الأولى أن “حرية الفكر تعرضت للاعتداء”، رغم أن العكس هو ما وقع. لولا تضامن الطلبة لفُرض علينا الصمت بالقوة.
أما الواقعة الثانية تعود إلى مارس 1996، حين نظّمت شبيبة الاتحاد الاشتراكي “الجامعة الربيعية” بكلية الحقوق ذاتها. لكن جماعة العدل والإحسان نظمت إنزالًا غير مسبوق، تحوّل إلى عملية ممنهجة لنسف النشاط، باستخدام العنف والتهديد في حق الحاضرين من قيادات الحزب ومؤطريه.
هاتان الواقعتان، بما تحملانه من تقاطعات بين التطرف والعنف، تظلان شاهدتين على مأزق متجدد: حين يتحوّل الفضاء الجامعي إلى مسرح لصراعات الهويات الصلبة، ويُستبدل فيه الحوار بالتخويف، والمعنى بالهيمنة، والنقد بالحسبة. وهو ما يستدعي التفكير في الأمن لا فقط كقضية، بل كمنظومة سردية تتقاطع فيها الدولة والمجتمع، وتُطرح بشأنها أسئلة الإنفلات والتسيب، والبحث عن بدائل عقلانية تُحد من تمدد السرطان الرمزي، الذي يفتك بمدنية المؤسسات ومصداقية المشترك الوطني.
لن ندين ما جرى عفويا ، ولن نتضامن بناء على طلب ، ما دمنا نتحمل جميعا مسؤولية سوء تدبير الإختلاف، وما دامت الهاجس الإنتخابي يؤطر قيادينا في نزواتهم ،في سياق سيميائية الأهواء، في حين تركن الدولة نفسها في زاوية اللايقين الضيقة ، فيرهن الوطن إلى المجهول واللامعقول .
*مصطفى المنوزي
منسق دينامية ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية .

إيران تعلن مقتل قائد استخبارات الحرس الثوري في الضربات الإسرائيلية

الجيش الإسرائيلي يعلن “إصابة عدة مواقع” بصواريخ إيرانية

كأس العرش.. المغرب التطواني يتأهل لنصف النهائي بفوزه على أولمبيك خريبكة (1-0)

كاس العالم للاندية: بايرن ميونيخ يحقق فوزا عريضا 10-صفر على اوكلاند سيتي

انتخاب سعاد لبراهمة رئيسة جديدة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان

جمال العلمي يكشف أسرار بناء فندق ” إكسلسيور” التاريخي

إسرائيل تستهدف “عشرات” من مواقع الصواريخ في غرب إيران

المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة يحتفي بالفنانة لطيفة أحرار

“علم الاجتماع والتحولات المجتمعية”..موضوع ندوة علمية بالرباط

عشرة قتلى في إسرائيل بهجمات صاروخية إيرانية

غارة جوية إسرائيلية جديدة على طهران

الوداد البيضاوي يتعاقد مع المدافع البرازيلي غيليرمي فيريرا

كأس العالم للأندية: تعادل إنتر ميامي الأمريكي والأهلي المصري بلا اهداف

طقس حار نسبيا وكثل ضبابية في توقعات اليوم

برشلونة يبرمج مباراة ودية بالدارالبيضاء في هذا التاريخ

كوكبة من النجوم المغاربة تؤثث سماء كأس العالم للأندية

إسرائيل تقصف منشأة صواريخ هامة تحت الأرض في إيران

كأس العرش.. اتحاد تواركة يتأهل لنصف النهائي بفوزه على سطاد المغربي (1-0)

كأس العرش.. أولمبيك آسفي يتأهل لنصف النهائي بفوزه على الاتحاد الإسلامي الوجدي (2-1)

ايداع قيلش “بطل شواهد الماستر” سجن الوداية بمراكش

الرباط تكرّم الراحل يونس رودياس أحد رموز كرة السلة بنادي الفتح الرياضي

الصحراء المغربية..المملكة المتحدة تدعم المخطط المغربي للحكم الذاتي

أمريكا توافق على تصدير 612 صاروخ “جافلين” المضاد للدبابات إلى المغرب

ابن كيران: مشاركة “إسرائيل” في مناورات بالمغرب لا يجوز شرعا

تقرير: المغرب يهيمن على 70% من الاحتياطي العالمي للفوسفاط

نجوم جدد يضيئون سماء موازين إيقاعات العالم

جمال العلمي يكشف أسرار بناء فندق ” إكسلسيور” التاريخي

مصر.. وفاة الفنانة سميحة أيوب عن عمر 93 عاما

طقس حار مع قطرات مطرية خفيفة متوقعة اليوم الثلاثاء

مهرجان أﺳﺒﻮع اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ بالدار اﻟﺒﻴﻀﺎء يتوقع استقطاب 10 ألف زائر يوميا

ارتفاع الودائع البنكية بنسبة 7 في المائة عند متم أبريل

الحكومة تمنح 136 رخصة لاستيراد النفايات

طنجة: توقيف متورط في جرائم اختطاف وتبييض أموال

دراسة: 81 من المغاربة يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي

رحيل الروائي التونسي عاشق المغرب حسونة المصباحي

تمديد الدراسة حتى 28 يونيو و هذه مواعيد الامتحانات

بنوك المغرب: 9 يونيو ،يوم عطلة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى

26 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال أسبوع

طنجة: تأييد الحكم بحبس الناشط رضوان القسطيط سنتين حبسا نافذا

ارتفاع مبيعات السيارات الجديدة في المغرب خلال شهر ماي

الرباط تكرّم الراحل يونس رودياس أحد رموز كرة السلة بنادي الفتح الرياضي

الوداد الرياضي يحتفل بذكراه الـ88.. ليلة وفاء وتكريم لأساطير الأحمر

المغرب يدخل عصر العلاج الثوري لسرطان البروستاتا بتقنية HIFU

في حفل تأبيني مؤثر.. سبور بلازا يكرم روح الراحل كمال لشتاف

نادي “النور اولاد صالح” ينظم الدوري السنوي للكرة الحديدية

تفاصيل مؤامرة الجنرال أوفقير على رفاقه في الجيش وعلى الحسن الثاني

محمد لومة يحكي عن أخطر جرائم أوفقير في حق الوطن والشعب

للمرة الثانية الرباط تحتضن التجمع التدريبي الافريقي BAL في كرة السلة

هكذا اقتطعت الجزائر أجزاء من التراب المغربي و التونسي بدعم من فرنسا ( فيديو)

بالفيديو..تفاصيل محاولة اغتيال الحسن الثاني سنة 1972

1981: مقترح “الاستفتاء” حول الصحراء..عندما قال عبد الرحيم بوعبيد “لا” للحسن الثاني

محمد لومة يكشف مراحل الصراع بين الحسن الثاني و عبد الرحيم بوعبيد (الجزء الأول)

تفاصيل تحكى لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن حلون (الحلقة الثانية)

و شهد شاهد من أهلها..حقائق تكشف لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن جلون

حورية أجدور..صوت مجدد صاعد في سماء الأغنية الأمازيغية “فيديو “

تهلاو فالصحيحة :الدكتور عماد ..هذه هي الفوائد الصحية للجبن” فيديو”

“ذاكرة ليست للنسيان” 4/4 بسبب نزعته الانتقامية، ادريس البصري يحتفظ ب 12 تلميذا داخل معتقل ” درب مولاي الشريف” لمدة ثلاث سنوات دون محاكمة.

تعرفو على فوائد الخل الطبيعي على صحة الجسم والبشرة مع الدكتور عماد ميزاب

ذاكرة ليست للنسيان.. تفاصيل محاولة اغتيال ادريس البصري ( الحلقة الثالثة)

الملحن سعيد الامام يكشف لأول مرة تفاصيل عن الراحل عبدو الشريف

الاكثر مشاهدة
-
الجديد TV منذ 7 ساعات
جمال العلمي يكشف أسرار بناء فندق ” إكسلسيور” التاريخي
-
دولي منذ 3 أيام
نجوم لوس أنجليس يرفعون الصوت ضد إجراءات ترامب بحق المهاجرين
-
دولي منذ 3 أيام
ضربات إسرائيلية واسعة على إيران تشمل منشأة نطنز النووية
-
دولي منذ 4 أيام
35 قتيلا في قصف إسرائيلي لمناطق متفرقة من غزة
-
مجتمع منذ يوم واحد
ايداع قيلش “بطل شواهد الماستر” سجن الوداية بمراكش
-
دولي منذ 3 أيام
سماع دوي انفجارات جديدة في طهران
-
واجهة منذ 5 أيام
تفلت: توقيف فرنسي من أصول جزائرية مبحوث عنه دوليا
-
دولي منذ 3 أيام
ستة علماء نوويين قتلوا في الهجوم الإسرائيلي