Connect with us

على مسؤوليتي

دولة ولي العهد و”حزب” العدل والإحسان 1/2

نشرت

في

1/2- المجلس التأسيسي والملكية البرلمانية وإمارة المؤمنين والبيعة
* مراد بورجى

أثار مقالي عن “دولة ولي العهد وشباب جماعة العدل والإحسان ورهانات البناء والتحرير” الكثير من الجدل من العدليين ومن خارجهم.

جوهر المقال يطرح أفقا ممكنا لعلاقة مفترضة بين جماعة العدل والإحسان وبين النظام السياسي المغربي، من زاوية الانخراط الإيجابي في المشهد السياسي المغربي، أي المشاركة في مسارات بناء مغرب الغد، وهو ما أدخلته ضمن سلسلة من مقالاتي عن “دولة ولي العهد”، وارتأيت تخصيص حلقة ثانية وبعدها ستكون هناك حلقة ثالثة لمواصلة النقاش حول العدل والإحسان والنظام السياسي، من خلال قضايا الملكية والديمقراطية وإمارة المؤمنين والبيعة، على ضوء الخرجات الإعلامية لمصطفى الرميد، الوزير السابق والقيادي المستقيل من حزب العدالة والتنمية، الذي كانت له، مؤخرا، كلمة مثيرة انتشرت كالنار في هشيم الساحتين السياسية والإعلامية، عندما قال، بثبات ووثوقية، إن “المخزن العميق نعمة”!!.

لم أكن مبالغا عندما اعتبرت، في حينه، أن هذه الكلمة هي “رسالة” بعثها الرميد إلى من “يهمهم الأمر”، وهم “جماعة العدل والإحسان”، باعتباره مؤهّلا لـ”يتكلّف” بهذه المهمة، إذ هو وسيط مقبول ومناسب لأي حوار مفترض مرتقب، فهو يحوز “ثقة الدولة”، و”ثقة الجماعة”… وجدير بالذّكْر، هنا، من جهة، التذكير بالعلاقة الوثيقة بين الرميد والجماعة، التي سأعود إليها في فقرات لاحقة، ومن جهة ثانية، الإشارة إلى أن المُخاطب الموثوق لدى “المخزن” في مبادرة العفو الملكي على الصحافيين والمدوّنين والنشطاء المدنيين والعدليين كان هو الرميد، وزير العدل الأسبق وليس وزير العدل الحالي الذي أبعده المخزن عن ذلك.

عندما أكدت، في مقالي السابق، أن “رؤية” جماعة العدل والإحسان للوضع السياسي الراهن تُميّز بين العمل الدعوي والعمل السياسي، فقد كان القصد، أن “نظرة” الجماعة، من هذه الزاوية، لم تعد تحمل أي حدّ أو “فيتو” إزاء شكل النظام السياسي، رغم استمرار بعض “الزوايا الرمادية”، التي “تكلّف” الرميد بتشريحها ووضعها في سياقاتها لتذويب حواجزها، من خلال خرجاته الإعلامية، التي باتت تتعدّد وتتوالى في الفترة الأخيرة، منها مثلا أنه في بداية شهر يونيو الفارط، كانت له خرجة في فاس، خلال مشاركته في ندوة نظمتها هيئة المحامين بفاس والجمعية المغربية لحماية المال العام، حول “ربط المسؤولية بالمحاسبة وتجريم الإثراء غير المشروع”، وفي نهاية الشهر نفسه، كانت له خرجة أخرى قوية، من خلال الحوار المطوّل الذي أجراه معه موقع “صوت المغرب”، ضمن برنامج “ضفاف الفنجان”، وفي الخرجتين، كما هي عادته، أثار الرميد وراءه الكثير من الجدل.

لشخصية الرميد مواصفات كاريزمية، في عرض مواقفه، والدفاع عن طروحاته، وحشد المناصرين. بيد أن هذه الكاريزمية تحد من انطلاقتها “الحماسة الزائدة” في ممارسته للسياسة، “حماسة” يصفها هو بـ”الالتزام” و”المبدئية”، بينما ينعتها خصومه ومنافسوه بـ”المشاكسة” و”المشاغبة” و”الاندفاعية”، التي كانت تخلق له متاعب شتى مع شركاء حزبه السياسيين، من أحزاب وحكومة، بل كان يخوض، أحيانا، صراعات قوية حتى مع زملائه في قيادة العدالة والتنمية، وطالما فاجأهم بخرجات إعلامية قوية، يطلق فيها تصريحات “نارية”، وأحيانا كان يضطر إلى الدخول في عملية “اعتزال سياسي” معلنة، يقاطع خلالها اجتماعات الأمانة العامة للحزب، قبل أن يرسو به المآل اليوم على وضع مسافة “نهائية” بينه وبين العمل السياسي العملي والميداني، متحررا من الالتزام الحزبي، وزاده ذلك تحررا في التعبير عن أفكاره السياسية، التي لا يلتزم فيها دائما بلغة التحليل “الباردة”، بل قد تتخلّلها عواطف جيّاشة، كما فعل في الحوار مع “صوت المغرب”، حين أدلى باعتراف حابل بكتلة مشاعر إنسانية فيّاضة عندما قال: “أحب جلالة الملك”.

في خرجاته الإعلامية، قدّم الرميد بعض الإضاءات عن تأسيس الحركة الإسلامية في المغرب، من الشبيبة الإسلامية إلى رابطة المستقبل الإسلامي وحركة الإصلاح والتجديد ثم حركة التوحيد والإصلاح فحزب العدالة والتنمية، كما قدّم بعض التحليلات والمواقف تتعلّق بجماعة العدل والإحسان، وببعض القضايا الخلافية، وفي صدارتها طبيعة النظام السياسي، وضمنه الحديث عن مطلب الملكية البرلمانية.

الرميد، الذي ناقش معي غير ما مرّة بعض مقالاتي السياسيّة حول النظام السياسي المغربي، حرص على أن يستعرض رؤيته لأفق الملكية البرلمانية، بطرحٍ تقاطعَ، بشكل كبير، مع عدد من الأفكار، التي عبّرتُ عنها حول الموضوع، خصوصا ما يتعلّق بجدارة الأحزاب المغربية، التي يفترض أن تنكبّ على مراجعة الذات والتوجّهات وآليات ووسائل وسبل الاشتغال، من أجل أن تلبّي انتظارات عموم الشعب المغربي، وأن تفهم أن المغرب في حاجة إلى أحزاب قوية تكون في مستوى متطلبات اللحظة المجتمعية، وقادرة على تدبير المرحلة وتحصين الممارسة السياسية، ومؤهّلة للارتقاء إلى مرحلة أعلى من الممارسة الديمقراطية، لتكون حاضنة لأفق الملكية البرلمانية.

في هذا السياق، أعتقد أنه من المفيد أن نفرد، هنا، وقفة عند هذا الموضوع (الملكية البرلمانية)، وبالتبعية قضايا (وضع الدستور) و(المجلس التأسيسي) و(البيعة) و(إمارة المؤمنين)، كما وردت في خرجات الرميد الإعلامية، لما لها من أهمية في تحوّلات السياسة المغربية، وانسجاما مع جوهر مقالاتي حول “إلى أين يسير القصر بالمغرب؟”، ذلك أن حديث الرميد عن هذه القضايا وفي ارتباط بجماعة العدل والإحسان، في نظري، له أكثر من دلالة ومن إشارة ومن رسالة، ولا أعتقد أنه يحتمل قراءة بسيطة أو عرَضية كحديث عابر… ولذلك وجب الوقوف عند هذه القضايا.

الرميد وعبد السلام ياسين والمجلس التأسيسي للدستور:

لنعد إلى البدايات، فخلال التجاذبات والتقاطبات الأولى، التي رافقت تشكّل الحركة الإسلامية، سيتحدث الرميد، في حوار “ضفاف الفنجان”، عن علاقة قريبة ومتميزة مع الشيخ الراحل عبد السلام ياسين، إلى درجة أن “المرشد الراحل”، خلال سنة 1982، استقدم الرميد من الدارالبيضاء للاجتماع معه في مراكش، ليعرض عليه الانضمام إلى مجموعته لتأسيس حركة إسلامية، أسماها “أسرة الجماعة”، هي التي ستتحوّل، في مرحلة تالية، إلى “جماعة العدل والإحسان”.

الرميد مضى مباشرة إلى خلافه الجوهري مع توجّهات جماعة العدل والإحسان، فهو لم يتحدث لا عن المرجعيات ولا العمل الدعوي ولا الحركي، إذ أن حجر زاوية الخلاف، بالنسبة للرميد، هو شكل النظام السياسي، أي الملكية وإمارة المؤمنين، ويعتقد الرميد أن العدليين لا يرون، نصب أعينهم، إلا “الخلافة”، لكن مع التشديد من طرف الرميد على أنهم ما داموا لم يخرجوا عن الإجماع الوطني “علانية”، ولا يُؤْذون بلادهم، وهم ضد العنف، فليس هناك أي إشكال في وجود هذا التفكير المخالف، والذي يؤكد الرميد أنه هو نفسه يخالفه جوهريا، مقدما نموذجا لذلك بـ”العتبة”، التي وضعتها الجماعة، والمتمثّلة في مطلب “المجلس التأسيسي”، لوضع دستور جديد للبلاد… يقول الرميد إنها مسألة غير واقعية تجعل “وثيقتهم” مجرّد “منبر للتواصل” لا أكثر، فمطلب المجلس التأسيسي، بحسب الرميد، لا يمكن أن يفتح بابا مع المؤسسات، مشدّدا على أن المجالس التأسيسية لا يمكن إلا أن تكون في سياقات صعبة مثل الثورات أو حروب أهلية أو انفلاتات كبرى.

الرميد سيذهب أبعد من ذلك، ويفترض جدلا أنه في حالة اعتماد خيار المجلس التأسيسي، باعتبار أنه أرقى شكل ديمقراطي، فإن الديمقراطية تفرض تشكّله بالانتخاب، وليس بالتوافق أو التعيين، ليشير إلى أن من سيفوز في هذه الانتخابات، بناء على معطيات الواقع الراهن، هم الأعيان وأصحاب الأموال، وعموما “دهاقنة” الانتخابات، داعيا بذلك إلى اعتماد الواقعية والمساهمة في البناء والإصلاح والتغيير من داخل المؤسسات الدستورية، باعتبار ذلك، كما يرى الرميد، الخيار الأسلم في هذه المرحلة السياسية الدقيقة.

ولعلّ ذلك ما دعا الرميد إلى أن يُصدر ما يشبه “حكم القيمة” على الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان، وعلى إمكانية أن تفتح أفقا لانخراط الجماعة في العمل السياسي، حينما اعتبر أنها “غير كافية”! والحال أن المسألة، بالنسبة للجماعة، لا تتعلّق بتقدير لحجم التنازلات وهل ستكون كافية أو غير كافية، بقدر ما تمثّل الوثيقة مرحلة أو محطة من التطوّر الجمعي لتفكير الجماعة في مغرب الغد، ومحاولة استكشاف واستفتاح لأبواب تتيح مشاركة جميع المغاربة في تقرير حال مغرب اليوم ومآل مغرب الغد، كما سبق التنويه بذلك في مقالي عن دولة ولي العهد وشباب جماعة العدل والإحسان، وفي ما طرحته الوثيقة السياسية من مواقف تكاد تتطابق مع التوجّهات والتوجيهات الملكية، من قبيل الانتقادات اللاذعة، التي يوجّهها الجالس على العرش إلى الأحزاب المغربية.

الملكية البرلمانية وتطور النظام السياسي المغربي:

الانتقادات الموجهة إلى الأحزاب، في نظري، هي التي دفعت الرميد إلى القول، في حواره مع “صوت المغرب”، إن النظام السياسي المغربي القائم هو ما يستحقّه المغاربة اليوم، قبل أن يمضي مباشرة إلى عوائق قضية “الملكية البرلمانية”، على أساس أن “المعضلة” تتمثّل في ما يمكن أن أسميه “البنية التحتية الأساسية” للملكية البرلمانية، وهي الأحزاب السياسية، التي قال الرميد، كما قلنا ذلك مرارا، إنها غير مؤهّلة، وتساءل بإنكار: هل نؤسس الملكية البرلمانية على فراغ؟ هذا الأفق، أي الملكية البرلمانية، في حاجة إلى أحزاب حقيقية ونقابات حقيقية وصحافة حقيقية ومجتمع مدني حقيقي، يقول الرميد قبل أن يتابع مستدركا: “مازلنا نتلمّس طريقنا في بناء المؤسسات، التي يجب أن يتأسس عليها أي تطور نوعي للنظام السياسي”، وضمن هذه المؤسسات، طبعا، الأحزاب المغربية.

هذا الوضع “المخنوق”، الذي توجد عليه الأحزاب، يطرح، كذلك، مسؤولية “السلطة” على هذا المآل، فالأحزاب المغربية تخضع للسلطة، وتحديدا لوزارة الداخلية… والنموذج الأبرز، هنا، هو التأريخ الذي قدّمه الرميد، كما حكاه في خرجاته الإعلامية، لظهور وتشكّل الخلايا الأولى لإسلاميي المغرب، والذي يستعرض فيه ظروف الاتصالات، التي كان قادة الحركة الإسلامية يجرونها مع وزارة الداخلية، ومنها حديث الرميد عن “أول تواصل” له مع إدريس البصري، خلال النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، وكيف راسل وزير الداخلية القوي، آنذاك، مستأذنا إجراء “لقاء” مع مسؤول من السفارة الفرنسية، أعقبها إنجاز “تقرير” حول اللقاء رفعه الرميد للبصري، قبل أن يستدعيه هذا الأخير لـ”يناقش” معه آفاق حركتهم الإسلامية، كما تطرّق الرميد إلى عملية “التوحيد” بين “رابطة العمل الإسلامي”، التي كان الرميد والريسوني من أبرز قادتها، وبين “حركة الإصلاح والتجديد”، التي كان يتزعّمها عبد الإله بنكيران، في إطار حركي جديد باسم حركة التوحيد والإصلاح… وفي هذا التأريخ، ستغيب العديد من التفاصيل والمعطيات، حول خلفية ظهور الوليد الجديد، حزب العدالة والتنمية، الذي تأسس من قِبَل “إسلاميي المخزن” بتوجيه ومباركة من طرف السلطة.

رسائل الرميد إلى إخوان محمد عبّادي:

الحكاية، التي رواها الرميد عن البصري وطرحه لموضوع “الإسلاميين” مع الملك الراحل الحسن الثاني، مهمة جدا ليس فقط من الزاوية التأريخية، ولكن أساسا لرسالتها السياسية. فقد سأل الحسن الثاني وزيره القوي: “كم سيحصلون من مقاعد إذا دخلوا الانتخابات؟”، أجاب البصري: “بين ثمانية وعشرة مقاعد”، فأذن له الحسن الثاني… كان الرميد يشير إلى مشاركة سياسية “مراقَبَة”، دون استعمال صريح للكلمة، ليبيّن، وفي هذا البيان “رسالة تحت الماء” يوجّهها لجماعة العدل والإحسان، أن الحزب الذي بدأ محتشما، ثم دخل البرلمان هامشيا، سرعان ما سيتبوّأ المشهد السياسي، ويتولّى رئاسة الحكومة، خلال ولايتين متتاليتين، من خلال تفاعله الإيجابي مع تحوّلات وتطوّرات المرحلة السياسية.

نفس “الرسالة” سنجدها في حديث الرميد عن “الملكية البرلمانية”، وكيف كان من أشد مؤيديها في بداية التسعينيات، ليقول إنه بعدما خبر الكثير من المعطيات والتطوّرات، أصبح له موقف مغاير، واقعي وعقلاني، يأخذ بالاعتبار المصلحة العليا للمغرب والمغاربة… وتحوّل ما كان يصفه، هو وبنكيران وإخوانه الإسلاميون، بـ”الدولة العميقة”، أو “العفاريت والتماسيح”، إلى “نعمة”، جاد بها الله على البلاد، وفي هذا إعادة قراءة لتاريخ تأسيس “البيجيدي”، الذي لم يكن مفروشا بالورود، إذ اكتنفته العديد من محطّات التوتّر مع السلطة، أو حتى مع القصر، كما جرى تصريفها، مثلا، في محطتي إقالة (استقالة) الرميد من رئاسة الفريق البرلماني، وكذا إقالة (استقالة) أحمد الريسوني من رئاسة حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لـ”البيجيدي”، عندما “أفتى” بعدم “شرعية” الملك محمد السادس لخلافة الملك الراحل الحسن الثاني في “إمارة المؤمنين”، ما دعا الأمانة العامة للحزب، بضغط من القصر، إلى التحرّك على عجل وإرغام الريسوني على الاستقالة من رئاسة الحركة، وفق ما ذكرتُ في مقال سابق، كنت تعرضتُ فيه لهذه الواقعة، التي كنت شاهدا على بعض فصولها ومحطاتها.

سماح نظام الحسن الثاني بدخول هؤلاء الإسلاميين إلى السياسة، كان مقابل “الخضوع” لأجندة القصر، ليكونوا عونا له في مواجهة القوى اليسارية، التي كانت فئة منها تسعى إلى الإطاحة بالنظام الملكي… وأن هذه الأجندة هي التي كانت وراء غضبة القصر على الرميد نفسه.

الملكية البرلمانية وغضبة القصر على الرميد ومناصرة العدل والإحسان:

حاول الرميد، في خرجاته الإعلامية، تفادي الوقوف عند غضبة القصر عليه، إذ اكتفى بالقول: “الدولة كانت لديها قراءة معينة لأداء الرميد، وكانت ترى أنه ليس ذلك المسؤول، الذي يصلح لأن يكون في الواجهة بالنسبة لحزب إسلامي”.

لكن ما لم يقله الرميد، هنا، أن غضبَ القصر عليه ودفعَه إلى الاستقالة من رئاسة الفريق البرلماني للبيجيدي سنة 2003، كانت بسبب تصريحاته المؤيدة، أحيانا، لموكّليه المتهمين في الاعتداءات الإرهابية ليوم 16 ماي، في ما عُرف بتيار السلفية الجهادية، إلى حد أنه اتهم الدولة بالوقوف وراء التفجيرات الإرهابية، إضافة إلى تصريحاته ومطالباته المتعددة بـ”الملكية البرلمانية”.

في هذه المحطة الدقيقة، التي تداعى فيها البيجيدي إلى التبرير والدفاع لامتصاص “غضب المخزن”، سيجد الرميد مناصرة قوية من جماعة العدل والإحسان، وسينبري الموقع الرسمي للجماعة للدفاع عنه، معتبرا أن “جريمة مصطفى الرميد، المغضوب عليه لدى السلطات العليا، هي تجرُّؤه عندما قال في إمارة المؤمنين برأي يخالف المسلمات المخزنية”. ويورد الموقع ما قاله الرميد حرفيا، مقتطعا من ورقة منشورة بعنوان “تدقيق المقالة في ما ينبغي أن يكون بين الإسلام والملكية والديمقراطية من علاقة”، قال فيها الرميد بالحرف إن “صفة إمارة المؤمنين لا تمنح صاحبها سلطات مطلقة، ولا تجعل منه معصوما غير قابل للمساءلة في منظور الإسلام إذا تحمّل مسؤولية من مسؤوليات التشريع أو التنفيذ أو غيرها… ولذلك، فإن إمارة المؤمنين والبيعة، تبعا لها، لا ينبغي أن تفهم على أنها تتيح سلطات تتجاوز أحكام الدستور والقانون”، ليتساءل الموقع: “أين هو العيب في كلام الأستاذ الرميد، الذي يُعدّ في طليعة الإسلاميين المدافعين عن إمارة المؤمنين؟”.

والمثير، هنا، أن تحفّظ القصر لم يطوه النسيان ولا “بركات” 20 فبراير على العدالة والتنمية، فقد أُثير التحفّظ من جديد حول الرميد عندما اقترحه بنكيران لتولّي حقيبة العدل في حكومة البيجيدي الأولى، إذ ظل اقتراحه للاستوزار معلّقا ولم يقع إلغاء التحفظ إلا بعد أزيد من أسبوع عندما اتصل فؤاد عالي الهمة بعبد الإله بنكيران ليخبره أن الملك حقّق في القضية، وتأكد له أن الموضوع المُثار حول الرميد غير صحيح.

كانت هذه القضية طبيعية لأن كلاما كثيرا كان يُثار حول الرميد، وكانت تصريحاته تثير الكثير من الجدل، ومن ذلك، مثلا، أنه كان “الإسلامي”، دون باقي إخوانه وقومه، الذي يرفع باستمرار المطلب، الذي كان يرفعه اليسار الماركسي، حول “الملكية البرلمانية”، منذ المشاركة في المشهد السياسي المغربي نهاية تسعينيات القرن الماضي، وبالخصوص في ظرفية “ربيع” 2011 وتظاهرات حركة 20 فبراير، وفي نفس الوقت كان الرميد من أكثر المتحمّسين لخطاب الملك محمد السادس ليوم 9 مارس، الذي رأى فيه “قاعدة لتأسيس ملكية برلمانية”، وأنه أسّسَ لـ”عهد ملكي جديد”.

اللافت أن الرميد كان غير بعيد عن المناخ العام، الذي سوّقه الملك، الذي يخطط لأن “يسود ولا يحكم”، عبر مستشاريْه عبد اللطيف المنوني وعمر عزيمان، ففي الوقت نفسه (الأسبوع الأخير من يوليوز 2019)، وعشية الاحتفال بالذكرى العشرين لعيد العرش (30 يوليوز)، سيقول المستشاران الملكيان: “نحن على طريق ملكية برلمانية”، وسيقول الرميد، وهو آنذاك وزير دولة مكلف بحقوق الإنسان: “لسنا دولة مستبدة والمغرب يسير نحو الملكية البرلمانية”.

وإذن، فإن ما لم يقله الرميد، وكان من شأنه أن يكشف كل أسباب “غضبة” القصر عليه، هو ما دار في اجتماع بالرباط، في يوليوز 2003، وفي ظل مضاعفات التفجيرات الإرهابية في الدارالبيضاء (16 ماي)، بمنزل وزير الداخلية حينئذاك مصطفى الساهل، وكان مرفوقا بالوزير المنتدب لدى وزير الداخلية آنذاك فؤاد عالي الهمة، الذي قرّع كلا من الريسوني والرميد، اللذين استُدعيا للاجتماع، على مواقفهما وتصريحاتهما: الريسوني بتشكيكه في شرعية الملك محمد السادس في إمارة المؤمنين، والرميد بـ”دزينة” مواقف، أولاها بعض تصريحاته المتماهية مع دفاعه عن معتقلي السلفية الجهادية، وثانيها بعض تصريحاته “المزعجة”، آنذاك، عن “الملكية البرلمانية”، تفيد نوعا من “التشكيك في المؤسسات”، وثالثها، وأساسا، تأييده للريسوني في اجتماع لقيادة حزب العدالة والتنمية خُصّص للتعامل مع مضاعفات تصريحات رئيس حركة التوحيد والإصلاح، الذي سيتولّى، بعد ذلك، رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ويغادر المغرب ويستقر في قطر، وتختفي معه تصريحاته المشكّكة في شرعية إمارة المؤمنين، التي ارتبطت بكل ملوك المغرب عن طريق “البيعة”.

البيعة وأمير المؤمنين وأمير المسلمين:

ارتبطت “البيعة”، باستمرار، بنظام الحكم الملكي “العربي” في المغرب، الذي ابتدأ مع دولة الأدارسة (788-974م)، وبُنيت الأصول الدينية والشرعية للبيعة على المذهب المالكي، الذي استقدمه معه مؤسس الدولة إدريس الأول، الذي يعود نسبه إلى الأسرة العلوية (إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب)، وشكّلت البيعة عقدا دينيا وسياسيا بين “الرعية” وبين “الحاكم”، وهو النهج، الذي مضت عليه مجمل “الدول” أو “الأسر”، التي تداولت على حكم المغرب (باستثناء الدولة المرابطية، لافتقادها إلى الانتساب إلى “آل البيت النبوي الشريف”، إذ رفض مؤسسها يوسف بن تاشفين حمل لقب “أمير المؤمنين” بداعي أنه أمازيغي صحراوي، وأن هذا اللقب لا يحمله إلا من هو متحدّر من السلالة النبوية، ليختار لنفسه لقب “أمير المسلمين”)، وصولا إلى الدولة العلوية الحالية.

حتى أن التهامي الكلاوي، عندما أراد الخروج عن السلطان (الملك) محمد بن يوسف، وكان ذلك يوم 23 دجنبر 1950، وكان السلطان، كما جرت العادة، يستقبل الوفود في فاس من كل أنحاء وجهات المغرب، بمناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوي، حيث تقدّم له الوفود البيعة، وكان على رأسهم الباشا التهامي باعتباره الرجل الثاني في البلاد بعد السلطان، وكان أيضا صهر الصدر الأعظم محمد المقري، ومستقويا بتأييد مسؤولي سلطات “الحماية”، وعندما لاحظ أن السلطان يقرّب إليه وفد حزب الاستقلال وهو ألدّ أعدائه، لم يتمالك نفسه أن “نهر” السلطان، وقال له: “لستم إلا ظل سلطان، لم تعودوا سلطان المغرب، أنتم سلطان حزب الاستقلال”، فكانت غضبة قوية من السلطان محمد الخامس، حيث طرده على الفور من القصر.

فعاد الكلاوي أدراجه، وصرف وفود قبائله حتى لا تقدّم تجديد البيعة، ثم وصلت الأمور إلى حد تجييش 270 توقيعا لباشوات وقواد على عريضة 19 ماي 1953، يتحلّلون فيها من البيعة، ويعلنون “إخلاصهم” للحماية الفرنسية، ومطالبتهم بـ”إبعاد” السلطان محمد الخامس.

كانت “البيعة” عمليا هي دستور البلاد، مع فارق أنها تعتبر “فوق دستورية”، ولذلك، لم يضمّنها واضعو مشروع دستور 1908 ضمن مقتضياته المؤطّرة لنظام الحكم في المغرب، وكان سيكون الحال كذلك أيضا في أول دستور سيعرفه المغرب سنة 1962، إذ أن مسودة الدستور، في البداية، التي وضعها خبراء فرنسيون، باستناد إلى تجربة وضع دستور الجمهورية الخامسة في فرنسا سنة 1958، جاءت خالية من أي إشارة للبيعة ولإمارة المؤمنين، إلى أن تدخّل الدكتور عبد الكريم الخطيب لينبه الملك الحسن الثاني إلى ضرورة النص على البيعة وإمارة المؤمنين في دستور المملكة، حسب الروايات الشائعة.

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

مصطفى المانوزي: أقاوم حتى لا يتحول الشَطَط إلى استبداد

نشرت

في

أعتذر عن النفس الشخصي الذي بمقتضاه أعيد صياغة نقدي الذاتي ؛ ففي ظلال حلول عيد ميلادي السادس والستين، لن أحتفي بالزمن بوصفه مجرد تقويم بيولوجي، بل كرصيد من التأمل النقدي في جدوى السيرورة، وعدالة المعنى، ومآلات الانتظار.

لقد بلغت سنًّا لا أبحث فيه عن جواب، بل أتحرى عمق السؤال. وأدركت أن “التعفن”، حين يستفحل في البنية الرمزية للنظام السياسي والاجتماعي، لا يقتل فقط الحياة، بل يعمّي البصيرة، ويُعدم التدرج الأخلاقي والمعرفي.

*الجملة المفتاحية: مرآة لسردية الانهيار الرمزي
“بسبب التعفن، يتساوى العَمَش مع العَمَى، كما يتحول الشطط إلى استبداد.”
ليست هذه مجرد استعارة. إنها بلاغة تحليلية تؤسس لسردية نقدية، تكشف كيف تُطمر الفروق الدقيقة في لحظة فساد المنظومات، وكيف يُعاد ترتيب الخطأ ليُغلف كضرورة، والانحراف ليُسوَّق كحكمة واقعية.
التأويل السيميائي: من الخلل النسبي إلى الانهيار الكلي.

1. العمش والعمى:
في زمن ما قبل التعفن، يمكن للتمييز بين النقص والبُعد أن يؤطر الفعل والنقد. أما بعده، فلا فرق بين من يرى غبشًا ومن فقد الرؤية كليًا، لأن النسق يُعيد تعريف الخلل بوصفه قاعدة.

2. الشطط والاستبداد:
حين يُترك الشطط بدون مقاومة أخلاقية أو مؤسساتية، يتجذر كعرف، ثم كشرعية، ثم كأداة للحكم. هكذا يولد الاستبداد من رحم التساهل مع الانحراف.

*السياق المغربي الراهن: من الرمزية إلى الواقعة
حين تُهدم معالم المدينة القديمة باسم التنمية،
وتُمحى الفوارق بين “المصلحة العامة” و”السطو على المجال”،
ويتحول النقد إلى جرم، والمشاركة إلى تهديد،
نكون أمام لحظة بلاغية/واقعية يتساوى فيها العَمَش بالعمى، ويتحول الشَطَط إلى استبداد.

إنه زمن سيولة المفاهيم، وتدجين الإرادة، وتعويم الانحراف.

بل زمن “إنتاج الشرعية من ركام الاستثناء”، حيث لا يبقى للشعب سوى أن “يرى ولا يرى”، أن “يُشارك دون أن يُحسب”، وأن “يُقرر ضمن شروط لا تسمح بالقرار”.

في الحاجة إلى سردية بديلة: من التشخيص إلى التأسيس
ما العمل إذن؟
إعادة تفكيك اللغة السائدة، وتحرير المعنى من تواطؤاته الرمزية.

الدفاع عن التمييز الضروري بين النقص والكارثة، بين التجاوز والخيانة، بين السلطة والمشروعية.

الانطلاق من ذاكرة النقد نحو أفق العدالة التوقعية، ليس بوصفها جبرًا للماضي، بل كــتحصين مستقبلي من تكرار الخراب.

* خاتمة في عيد الميلاد
عند ستة وستين عامًا، لا أملك ترف التفاؤل الساذج، ولا ترف التشاؤم العبثي.

لكني ما زلت أومن أن التفكير النقدي التوقعي ليس ترفًا فكريًا، بل فعل مقاومة ضد التعفن، وضد ذلك الانزلاق الذي يُسوّي العمش بالعمى، ويُجمّل الاستبداد بطلاء الشرعية.

ولذلك سأواصل المقاومة حتى لا يستفحل التعسف تحكمه وإستبدادا !

* مصطفى المنوزي
منسق ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

محمد الطالبي : وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة

نشرت

في

في البدء كانت الكلمة.
ومنذ تلك اللحظة، لم يكن الكون صامتاً أبداً. كانت الكلمة فعلاً خلاقاً، وكانت الحرية شرط وجودها. فليس ثمة معنى لكلمة تُولَد في القيد، ولا فائدة من صوتٍ لا يُسمع إلا بإذن.

*الكلمة التي لا تملك حق التحرك، لا تملك القدرة على التغيير.
الحرية ليست ترفاً ثقافياً، ولا موهبة سياسية تُمنح وقت الرخاء وتُسحب ساعة الغضب ولا مرتبطة بتغير عقارب الساعة اثناء تيهانها ، إنها الأصل الأول في الوجود الإنساني، وقلبُ الفعل الإعلامي.

الحرية هي ما يجعل من الصحافة سلطة رقابية حقيقية، لا تابعة. وهي ما يمنح الكاتبة والكاتب شرعية السؤال، والمواطن حق المعرفة، والمجتمع مناعة ضد الكذب والتضليل.

لكن يبدو أن هناك من لم يهضم بعد هذه الحقيقة. وان العهد الجديد وتوجهاته وتاطيره ربما ما زال البعض لم يهضمه ويتمثله في مسلكياته، فهناك من يتربص بالكلمة، وينظر إلى حرية الصحافة كخطر يجب تحييده، لا كأداة لبناء مجتمع واعٍ ومتين.

وهناك من يحاول – في صمت ماكر – أن يُعيد تشكيل المشهد المغربي ليصبح أكثر انضباطاً، لا بمعايير المهنية، بل بمعايير الولاء، والصمت، والاصطفاف.

في الأفق حديث “سري” لكنه يتسلل إلى العلن، عن تقنين التعبير، وضبط الكلام، وتقييد النشر، ومراقبة ما يُقال، ومن قاله، ولمن قاله.

هناك حديث لا عن من يمثل اصحاب وصاحبات الكلمة بقدر ما يُمثل عليهم.
حديث لا يُكتب بالحبر بل بالمقص، وعن “قوانين جديدة” تُفصّل لتمنح الشرعية للمراقبة، وتُشرعن التهديد، وتُدخلنا في عهد جديد عنوانه: الإعلام بلا روح.

لكننا نعلم – من تجارب الشعوب – أن القوانين حين تفقد صلتها بالعدالة، تتحول إلى أدوات للقمع.
وأن القانون بلا حرية، يشبه الجسد بلا روح، والدستور بلا احترام، لا قيمة له.

لا أحد فوق الدستور، ولا أحد تحته. الدستور ليس جداراً يُعلّق عليه الخطاب الرسمي، بل عقد اجتماعي يحفظ كرامة الأفراد ويصون حرياتهم.

وإن فقد الدستور وظيفته، فإن باقي القوانين تصبح بلا معنى وتفقد بعدها الأخلاقي.
المتسلطون ليسوا دائماً من يرفعون الهراوة، بل غالباً من يبتسمون وهم يكتبون تقارير …، ويرتبون جلسات التأديب، ويضعون الكلمة تحت المجهر.

أعداء الحرية يلبسون ثياب المسؤولية، يتحدثون باسمنا الجمعي ، ويقدمون أنفسهم كحماة لنا حتى من انفسنا .

لكن الحقيقة أن أكثر ما يهددنا هو الخوف.
الخوف من السؤال، الخوف من النقد، الخوف من الإعلام الحر، الخوف من مواطن لا يُصفق، بل يُفكر.

الحرية لا تخيف الدولة بل بعض من الجهات التي لا تؤمن بقوتها. بل تخيف فقط من يعرف في قرارة نفسه انه لا ينتمي الى عهدنا الجديد .

ولهذا، فإن معاداة حرية التعبير ليست مؤشراً على القوة، بل على الرعب من الانكشاف.
ألم نرَ كيف يُصنع “مجلس” لتمثيل الإعلاميين، ثم يُفرغ من روحه ليتحول إلى جهاز وصاية؟
هذه حكاية سنمار تتكرر كل مرة .

لكن من يقرأ التاريخ جيداً يعرف أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وأن الصحافة، كلما خُنقت، خرجت من ثقب آخر أكثر جرأةً ووضوحاً.

قد يقال: هذا كلام مثالي. لا يراعي “الواقع”، ولا يفهم “التوازنات”.
لكننا لسنا دعاة فوضى. نحن فقط نعرف أن السكوت لا يصنع حقيقة ، وأن الرأي الواحد لا يبني مجتمعاً، وأن المواطن الذي لا يعرف، لا يستطيع أن يختار، ولا أن يشارك، ولا أن يدافع عن نفسه.
الحرية ليست اختياراً، بل شرط حياة.

هي التي تبني العقول، وتحمي الدولة من الغرق في مستنقع التزلف والتضليل.
الإعلام ليس عدواً للدولة، بل صمام أمانها.

وحين يُخنق الإعلام، وتُربط الكلمة، تُفتح أبواب أخرى للخوف، وللإشاعة، وللشعبوية، وللانفجار الصامت.

*في البدء كانت الكلمة، وفي النهاية لا يصمد إلا الأحرار.
من تَحكَّم في الكلمة لحظةً، لن يستطيع أن يكبح جموح الزمن، ولا أن يُوقف صوت شعبٍ وُلد ليقول، لا ليُصفّق.

الكلمة الحرة لا تموت. حتى إن خُنِقت، تولد من جديد في أول صرخة، وأول منشور، وأول مقال يكتبه صحفيٌّ لا يخاف، ولا يبيع صوته .

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

د.عبد الرزاق مساعد يكتب عن الأعطاب الجنسية عند الرجل

نشرت

في

بواسطة

“الاستيهام والخيال، ضروريان لإتمام العملية الجنسية”: و بالتالي، فإن المرأة و الرجل اللذين لم يمارسا الاستمناء في فترة المراهقة، سيتعرضان حتما، لاضطرابات جنسية تظهر على علاقاتهم الجنسية، مع شركاءهم أو العكس.

الشيء الذي يجب ان نعرفه، هو أن أكثر من خمسين في المائة من الرجال، يصابون بالفشل الجنسي في فترة من حياتهم ، هناك من يستطيع أن يعرف كيفية التعامل، مع الفشل او العطب الجنسي الذي أصيب به. وعندما أقول أن عددا كبيرا من الرجال استطاعوا تجاوز فشلهم الجنسي، بتبسيط المشكل، فبالمقابل، هناك أشخاص عند حدوث الفشل او العطب الجنسي، يشعرون بإحباط شديد و كأن حياتهم انقلبت رأسا على عقب، و بالتالي يصبحون أشخاصا خائفين من الممارسة الجنسية و هذا هو الاحساس الذي يجعلهم يسقطون في فخ العجز الجنسي في النهاية.

فعندما يصاب الرجل بالفشل الجنسي ويقتنع أنه لن يعود الى حالته الطبيعية، يتهرب من الممارسة الجنسية بتقديم أعذار : كأن يقول لزوجته تارة أنا مريض و تارة يدخل منزله متأخرا حتى تنام زوجته أو يدخل لبيته مبكرا ويخلد للنوم قبل الجميع ، لكن عندما يضطر للقيام بالواجب الزوجي أو يمارس الجنس مع زوجته تلبية لرغبتها ، يذهب للمارسة منهزما لأنه يقول لنفسه “عندك ماتدير والو” وهكذا يستحضر الخوف و يقع الفشل. للأسف هذا هو واقع الحال عند العديد من الرجال ، بحيث أن الخوف يقلص من حجم الشرايين بفعل “هرمونات الخوف”. و في هاته الحالة، تزداد نبضات القلب و يرتفع الضغط الدموي ويصاب بالعرق ، وبالتالي يقع فقدان أو عدم الانتصاب، لأن الانتصاب يحتاج الى تمدد الشراين، لتصبح أوسع مما هي عليه، مع ارتفاع الصبيب الذي يصل إلى عشرين مرة أكثر من العادي.

الشئ الثاني، هو ان الفشل الجنسي، يغير من سلوك الرجل و يصبح له سلوك مغاير أثناء العلاقة الجنسية، بحيث لايقاسم شريكته المداعبة، بل يستعمل جسدها لكي يخلق الانتصاب ، فيصبح تركيزه أثناء الممارسة على قضيبه، وبالتالي يوجه تفكيره نحو قضيبه، هل سينتصب ام لا؟ في الوقت الذي كان عليه ان يداعب شريكته.

هذه العينة من الرجال، يصبح تفكيرها منصبا فقط، على القضيب طوال الوقت، أثناء العمل، خلال تناول الطعام ، و في كل وقت إلى أن يسقط في فخ العجز الدائم، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على العلاقة الزوجية، و بالتالي، فمن الطبيعي أن يدفع مثل هذا السلوك، الكثير من الزوجات إلى التعبير صراحة عن تضايقهن من هكذا وضع.

هذا الامر، يتعلق أكثر بشخصية كل رجل، و بشكل خاص، عندما تكون شخصية الرجل ضعيفة، فحتما لن يحسن المعاملة مع الخوف وعندئذ، يقول مع نفسه:” أنا غير قادر على واجبي الزوجي، و ربما ستذهب زوجتي عند رجال اخرين باحثة عن ما يلبي رغبتها الجنسية”، و هو الأمر الذي سيؤثر حتما على نفسيته. وهنا افتح قوسا لأقول:” أن الحياة الزوجية ليست جنس فقط ، هي أخذ وعطاء، تبادل الحب والحنان و مؤازرة الاخر، و الجنس يتوج كل هاته الأشياء”.

لكن للأسف، فإن بعض النساء، يدهبن عكس دلك، بحيث يسيطر عليهن الشك، و يتجه تفكيرهن، نحو تبرير تصرف أزواجهن، بوجود علاقات جنسية خارج إطار الزوجية، الشيء الذي سيضاعف لا محالة المشكل عند الزوج، حيث يصبح مضطرا للقيام بالعملية الجنسية تفاديا للمشاكل بينه و بين زوجته، فيصاحب هذا الاضطرار الخوف من عدم إتمام العملية الجنسية وهذا يؤدي بهذه الأخيرة الى الفشل و هذا يأتي بطبيعة الحال كرد سلبي للزوجة.

ماذا يمكن ان نقول للزوجة، التي أصيب زوجها بفشل أو عطب جنسي. يجب على المرأة أن تساعد زوجها عند شعوره بالفشل و العطب الجنسي وأن يكون سلوكها إيجابيا وليس سلبيا وأن تخفف من معاناته : كأن تقول له مثلا :” هذا شيء عادي و سنتجاوزه و أن الطبيب المختص قادر على أن يرجعك الى حالتك الطبيعية” أو ما شابه دلك، لأن الرجل عندما يصاب بفشل جنسي فانه يشعر بإحباط كبير، ربما يكون السبب المباشر في إصابته بالعجز الدائم.

زيارة الطبيب طبعا ضرورية، إن لم يحسن الرجل معاملته مع المشكل. لأننا لاحظنا في أغلب الأحيان الرجال المصابون بفشل جنسي، لايزورون الطبيب مباشرة بعد الإصابة، إنما ينتظرون سنة بعد سنة لعل المشكل يتم تجاوزه بشكل تلقائي، وهذا خطأ والمرأة للأسف، هي الاخرى لاتشجع الزوج على زيارة الطبيب وهكذا يتضاعف المشكل ويكبر الى ما لا تحمد عقباه، حيث يتم زيارة الطبيب بعد تفاقم المشكل العلاقاتي و يصبح الزواج مهددا بالطلاق.

من بين أسباب تطور مثل هده المشاكل الزوجية، عدم وجود الحوار والتواصل بين الزوجين، حول هذا الموضوع بالضبط و كذلك عدم زيارة الطبيب عند غياب الحوار. فغياب الحوار، يعتبر سببا واضحا في تطور مشكل الفشل الجنسي وهنا أعود الى شخصية الرجل و المرأة و من له الجرأة للحديث في الموضوع وبدون حرج للوصول الى حل ايجابي ، أما الصمت فمن الواضح أن نتائجه حتما ستكون سلبية.

* الدكتور عبد الرزاق مساعيد..أخصائي في المشاكل الجنسية

أكمل القراءة
منوعات منذ 9 ساعات

بعد خبر طلاقهما.. فاطمة الزهراء لحرش توجه رسائل مشفرة

رياضة منذ 10 ساعات

رئيس”الفيفا” يحلّ بتغازوت لقضاء عطلة قصيرة رفقة عائلته

منوعات منذ 11 ساعة

أيمن السرحاني يحصد 3 ملايين مشاهدة بـ”ضرني راسي”

رياضة منذ 12 ساعة

الهلال “ينسحب” من السوبر السعودي لهذا السبب

مجتمع منذ 13 ساعة

أمن طاطا يحبط محاولة تهريب 600 كلغ من مخدر الشيرا

تكنولوجيا منذ 14 ساعة

مايكروسوفت “تستثمر في براز البشر” لمواجهة تغير المناخ!

اقتصاد منذ 15 ساعة

المغرب يقترب من تحقيق هدف إنتاج مليون سيارة سنويا

تكنولوجيا منذ 16 ساعة

78 % من المغاربة يحصلون على أخبارهم عبر الإنترنت

مجتمع منذ 17 ساعة

ميناء طنجة.. إحباط محاولة تهريب 25 كلغ من الكوكايين

دولي منذ 18 ساعة

مقتل 93 فلسطينيا ينتظرون المساعدات في غزة

الجديد TV منذ 19 ساعة

الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge

رياضة منذ 20 ساعة

روما الإيطالي يضم الوسط المغربي نائل العيناوي

واجهة منذ 21 ساعة

توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين

رياضة منذ يوم واحد

مارسيليا يرفض عرض جيرونا لضم أوناحي ويصعد مطالبه المالية

مجتمع منذ يوم واحد

الصيادلة غاضبون ويدعون إلى حوار جدي مع وزارة الصحة

دولي منذ يومين

زلزالان عنيفان يضربان كامتشاتكا الروسية

منوعات منذ يومين

ندوة: دور الدبلوماسية الثقافية والفنية والإعلامية في تجسير العلاقات بين البلدان

اقتصاد منذ يومين

الاتحاد الأوروبي يتفاوض مع المغرب على شراكة شاملة لمكافحة الهجرة

دولي منذ يومين

غزة: مقتل 44 فلسطينيا من منتظري المساعدات بنيران إسرائيلية

على مسؤوليتي منذ يومين

مصطفى المانوزي: أقاوم حتى لا يتحول الشَطَط إلى استبداد

إعلان

الاكثر مشاهدة