Connect with us

على مسؤوليتي

الجنس في جسد ميت

نشرت

في

في مقهى بالعاصمة الرباط، جلست تتحدث وتلقي النكات، شابة جميلة في منتصف الثلاثينات، لم تطرق باب الزواج بعد. قالت لي: “أنا لا زلت العب أمام باب المنزل”، نظرت إليها متسائلة عن قصدها، فأجابت: “أنا لا زلت عذراء، علاقتي مع الجنس لا تتجاوز الحدود التي ترسمها قريناتي”.

لا أعرف إن كان هو القدر الذي جعل حديثها يتوافق مع ذاك الصوت القادم من مذياع المقهى، كان لطبيب نسائي، يتحدث في برنامج على إحدى الإذاعات الخاصة عن الأمراض التي يمكن أن تصيب المرأة بعد سن الـ32. قال الطبيب: “أنصح الفتيات بالزواج قبل هذا السن، لأن الزواج أو بكلام أوضح العلاقة الجنسية في هذا الوقت وقبله تقي المرأة من كثير من الأمراض”.

تأملت الفتاة الجميلة الجالسة أمامي، أو ربما كنت في تأملي لها أتساءل إن كانت تعرف أن العلاقات الجنسية “الفوقية”، أو ما تصفه هي بـ”اللعب أمام باب المنزل” قد تكون مؤذية لها في الوقت الذي تعتقد فيه أنها علاقة “بدون أثر”. تساءلت في تأملي لها إن كان الوقت قد حان لنتحدث صراحة عن الجنس وآثاره الإيجابية على صحة المرأة الجسدية والنفسية، وإن كنا نضجنا بما يكفي لنتحدث صراحة عن الممارسة الجنسية كسلوك طبيعي يجب أن ننظر إليه بعدم الرضا حين لا يكون، وليس بعين الاحتجاج حين يكون.

في المغرب، التربية الجنسية مفقودة في مقرراتنا المدرسية، لا تكاد تتعدى درساً عن الجهاز التناسلي في حصة العلوم الطبيعية، يلقيها الأستاذ او الأستاذة وهما في ارتباك أمام همز التلاميذ وغمز التلميذات، وفي المغرب أيضاً، صفحات فيسبوكية ينشئها مغاربة ينشرون فيها ما يصفونه بـ”الفضائح”، وفي المغرب أيضا كلمة “جنس” أو ما يعادلها بباقي اللغات من أكثر الكلمات بحثاً على غوغل من قبل المغاربة، وفي المغرب أخبار تتداولها مواقع الإنترنت عن حالات اغتصاب، وحتى زنا المحارم، وفي المغرب حديث عن الأمهات العازبات، لكن في المغرب أيضاً تكتم شديد ورفض أشد لأي حديث أو نقاش عن “أثر الممارسة الجنسية على صحة ونفسية المرأة”.

لا يجوز الحديث عن الممارسة الجنسية لدى المرأة المتزوجة لأنه يدخل في إطار “العيب”، ولا يجب الحديث عن الممارسة الجنسية لدى المرأة العازبة لأنه يدخل في إطار “المحرم”، يتم في المغرب الحديث عن المساواة بين الجنسين، ولا أحد من المناضلات والمناضلين الفيمينيست يتجرؤون على الحديث عن المساواة الجنسية بين الجنسين، لماذا لا يفعلون؟ الجواب سهل، لأننا لا زلنا نعيش في مجتمع تسيطر عليه قيود سلطة تسمح له بأن يفعل كل شيء في السر، وتنبذه إن هو أخرج “معاصيه” للعلن.

في أوج ثورات “الربيع العربي”، تتبع الباحث الفرنسي ماتيو غيدير، والذي يشغل منصب أستاذ علم الإسلاميات بجامعة تولوز، نشطاء الربيع في كل من تونس، ومصر، وليبيا، والمغرب، واليمن بين سنتي 2011 و2012، من زاوية بحث مختلفة، همت رصد معالم “الثورة الجنسية” في ميدان المظاهرات، ونشر نتائج بحثه في كتاب عنونه بـ”جنس وشريعة”، وجد ماتيو أن تحرراً جنسياً معينا شهدته صفوف الشبيبة العربية كالتدوين حول العلاقات الجنسية في تونس مثلاً، ومصر أيضاً، إلا أن الأمر لم يخل من حوادث اغتصاب وتحرش إبان المظاهرات، وما وصفه باستعمال جسد المرأة في الصراع السياسي بين الإسلاميين والحداثيين، أو في الصراع مع السلطة العسكرية مثل اختبار كشف العذرية في مصر.

يرى الباحث أن هذه الدول بما فيها المغرب عاشت “ثورة جنسية مجهضة”، وفي حالة تونس يقول: “وقد تهاوت أسطورة العذرية أثناء السداسي الأول من الانتفاضة واغتنمت الكثير من الفتيات الفرصة لتمضية ليال كاملة خارج البيت العائلي، متعللات بالمشاركة في التظاهرات والإضرابات في حين كن يمضين الليل في أحضان العشيق. لكن الاستيقاظ كان مؤلماً بانتصار الإسلاميين في خريف 2011. وهو ما عبّر عنه أحدهم بطرافة مشيراً إلى العذرية قائلاً: ينبغي في الخريف إعادة ترقيع ما تم تمزيقه في الصيف.

إعادة ترقيع ما تم تمزيقه لا يختلف كثيراً عن قول الفتاة “لا زلت العب أمام باب المنزل”، فالثورة في بلداننا اختارت ان تكون مستترة، لا تزعج شبح التابوه، ولا تقلق راحة الأعراف والتقاليد، بل أوجدت حلولاً بديلة لا تثير غضب أحد، وإن كانت في أحيان كثيرة تنال رضاه.
لا زلت أذكر منذ سنوات حين طرقت صديقة باب منزلنا تطلب النصيحة، اخبرتني أن صديقة لها عاشرت صديقها جنسياً فوقياً، وأنها مقبلة على الزواج من شخص آخر، وأنها أرادت الذهاب لطبيبة نسائية للاطمئنان على حالتها العذرية فأخبرتها الطبيبة أن غشاء البكارة لا يزال موجوداً لكنه تهتك، واوصتها بضرورة ترقيعه.

طلبت الصديقة رأيي فيما يجب أن تفعله، وأجبتها بكل سذاجة ما عليها إلا أن تصارح زوج المستقبل، فالزواج المبني على كذب سيكون مجرد سجن، أجابتني الفتاة: “لقد سمعت مفتياً في قناة فضائية يقول إن على من فقدت عذريتها نتيجة لخطيئة ارتكبتها أن تستر نفسها، وأن تجري عملية الترقيع”.”

لم نكن أيامها نعيش ثورات الربيع حتى يأتي شخص متدين يقول إن على الخريف أن يعيد ترقيع ما هتكه الصيف. ومع ذلك كان هناك رجل دين ينصح بالتستر، أو الخداع الذي يراه تستراً، ويوصي بترقيع غشاء، ولو استلزم الأمر هتك قواعد ميثاق غليظ، المطلوب فيه الصدق حتى يديم الله المودة.

هل يمكن في ظل كل هذه التناقضات أن نتحدث عن الآثار السلبية لغياب نشاط جنسي في حياة امرأة متزوجة كانت أم عزباء؟.

طبعا لا يمكن الحديث عن أي شيء من هذا القبيل، والأمر هنا لا يتعلق فقط بالمرأة، بل بالرجل أيضاً، يكفي أن نمعن الإنصات في أحاديث البرامج الإذاعية وسوف نلاحظ أن الحديث يكون موجها في أغلب الأمر ان لم نقل كله للرجل المتزوج، يحدث هذا في مجتمع نصفه بالذكوري، وفي مجتمع يعرف جيداً أن أول علاقة جنسية لفتيانه تكون مع عاملات جنس يكبرنهم سناً، ومجتمع يعرف جيداً أن أول درس جنسي يتلقاه فتيانه لا يكون في حصة التربية الجنسية بالمدرسة، بل على موقع جنسي في الإنترنت، حتى يحسبه الفتى أن هذا هو الجنس، القائم على العنف، والغصب، والاغتصاب، وحتى زنا المحارم، وفي الأخير نتساءل بدون أدنى خجل: لماذا تنتشر بين ظهرانينا هذه الآفات؟.

تبدأ الثورة في المجتمعات حين يتحرر العقل من القيود، فيحرر الجسد من ثوب الأشواك الذي يتدثر به، وإلى أن تقوم يوماً ما هذه الثورة، ويتم الحديث عن “الواجب الجنسي”، قبل الجدال حول “الحرية الجنسية”، يمكن أن نعيش بنعيم زائف في مجتمع هو مجرد… جسد ميت.

شامة درشول

انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

مراد بورجى يكتب: أخنوش وآل الفاسي في مرمى الفصيل الصحراوي!!

نشرت

في

بواسطة

لم يتساءل سياسيونا عن حجم الانتقادات اللاذعة التي وجهها الرجل الرابع في الهرم البروتوكولي للدولة، النعم ميارة لكل من أخنوش وأغلبيته الحكومية، بقدر ما ظلوا يتساءلون عمّن هي “الجهة” التي قد تكون “دفعت” برئيس مجلس المستشارين وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال الحكومي، ليخرج للعلن، في هذا الوقت بالذات، لجلد أخنوش ومن خلاله آل الفاسي المُسيرين للحكومة والإدارة على حد سواء.

الكاتب العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين، النعم ميارة، عندما كان يخْطب في “الشغالين”، بمناسبة مرور 63 سنة على تأسيس الاتحاد العام، يوم الأحد 19 مارس الجاري، بمدينة قلعة السراغنة، ذكّرهم بكل صفاته قبل أن يتكلم عن الظرفية الصعبة، التي يمُرّ منها الشعب المغربي “بسبب ارتفاع الأسعار والمضاربات، وعدم الزيادة في الأجور”… قبل أن يعترف بكثير من الاستنكار: “حشومة مغاربة ما يلقاوش باش يكملوا الشهر عيب وعار”… ثم استطرد القول وهو يستعمل تلك الأمثال المغربية البليغة، مثل “الصبر اللي كيضبر”، و”الموس اللي وصل للعظم”… ليخلص إلى القول إن هذه الوضعية “لا تبشّر بالخير”، في تحذير للأغلبية الحكومية، التي يُشارك حزبه فيها بأربعة حقائب وزارية، اختارها عزيز أخنوش بعناية ودقة فائقة ليُسندها لوزراء حزب الاستقلال كي يتحمل حزبهم المسؤولية المباشرة على معاناة المغاربة، في قطاعات التجهيز والماء، والصناعة والتجارة، والنقل واللوجيستيك، والتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، فيما أسند رئيس الحكومة لوزراء حزبه الوزارات التي لها علاقة بـ”المال والأعمال” كوزارة الاقتصاد والمالية، الصحة، والفلاحة والصيد البحري.

ما كان مثيرًا في “تقريع” ميارة لأخنوش وحكومته، هو التهديد المُبطن الذي وجهه عبر الحكومة لوزراء حزب الاستقلال عندما قال لهم: “حظيوا ريوسكم، ما غاديش نبقاوا ساكتين بزاف، سكوتنا معناه أننا ضد المغاربة”.

هذا التهديد لا يوحي بأن هناك جهة ما “الفوق” طلبت من النعم ميارة أن “يجلد” أخنوش وحكومته، إذا ما علمنا أن هناك تيارًا صحراويًا أصبح الأقوى داخل حزب الاستقلال “العتيد” يرى في نفسه اليوم أنه قد يكون بديلًا لقيادة حزب الاستقلال، وبعده الحكومة، بعد “استحواذ” أخنوش على حزب عصمان، وأبعد قيادييه، ووزّر الوافدين الجدد عليه.

ميارة يُعتبر ثاني رجل نافذ في هذا التيار الصحراوي داخل حزب علال الفاسي. وهو التيار الذي استطاع انتزاع مقعد رئاسة الحزب من آل الفاسي الذين كانوا يحتكرونه إبّان الاستعمار، وظلوا يحتكرونه بعد الاستقلال لـ”يُجلس” عليه شخصٌ مثل حميد شباط، كي “يُمرمد” عباس الفاسي ومن معه في الوحل، ويتحسس هذا التيار، من خلال هذا “التمرميد”، مدى قبول “المخزن” بغير “الفيسكات” على رأس الحزب، وسلك نفس الطريق التي عبَدها لشباط: رئاسة النقابة، ثم الحزب، ثم الحكومة، في شخصه، أو في شخص “مُفاوض” البوليساريو حمدي “جونيور” ولد الرشيد.

ولكي نُكون قناعة من كون كل هذا مُمكن أن يتحقق، سنعود إلى ما استطاع حميد شباط فعله حينما أخرج حزب الاستقلال من حكومة عبد الإله بنكيران في سابقة من نوعها.

وقتها راج أيضا أن شباط طُلب منه فعل ذلك من “فوق”، خصوصًا بعد تعيين الملك لنزار بركة رئيسًا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، قيل وقتها إن ذلك من شأنه أن “يُخفف” من صدمة آل الفاسي بما فاجأهم به شباط!!.

والقليل جدًا من كان يعلم أن عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري هو من آلت إليه حقيبة المالية التي كان يشغلها نزار بركة باسم حزب الاستقلال كي يُصرِّف الأعمال بها إلى حين تعيين الملك لوزير جديد، لولا إصدار الحزب اللبرالي المغربي الذي كان يترأسه وقتها محمد زيان لتقرير، يتهم فيه عزيز أخنوش بأنه يُسخر الحكومة التي كان يترأسها الحزب الإسلامي وقتها لحماية مصالحه ومراكمة الأرباح، بناءً على وثائق رسمية نشرها الحزب تشير إلى وجود “علاقات تجارية مشبوهة” تربط بين مجموعة “أكوا” التي يملكها أخنوش وبين أطراف أخرى مكّنته من الحصول على صفقة تأمين أسعار المحروقات، التي سيجني منها الملايير دون اعتماد مسطرة الصفقات العمومية الجاري بها العمل.

وحتى لا نتيه في “مصائب” أخنوش وما أكثرها، سنترك تفاصيل ما تضمنه ذلك التقرير، وأشياء أخرى لا تزال في طي الكتمان لمقال منفرد، ونعود لتيار حمدي “سينيور” ولد الرشيد لنختم بالقول:
إذا كان هذا التيار الصحراوي قد استطاع اقتلاع جذور آل الفاسي من التحكم في حزب الاستقلال، الذي جعلهم يحكمون المغرب سواءً من خلال الحكومات المتعاقبة، أو من خلال مختلف المناصب العليا التي تعاقبوا عليها قبل وبعد الاستقلال، وإذا كان حميد شباط ومن ورائه هذا التيار انقلب على عبد الإله بنكيران، وتركه يبحث عمن يتحالف معه لتشكيل حكومته في نسختها الثانية، فكيف لا يكون هذا التيار هو من دفع بالصحراوي النعم ميارة ليقف في وجه هذه الأغلبية الحكومية ليوجه لها آخر تحذير بعد تحذير مماثل سبق أن وجهه رئيس برلمانيي الحزب نورالدين مضيان إلى أخنوش وحكومته، قبل أن يُطيح هذا التيار بنزار بركة، الذي كانوا قد ولّوه أمور الحزب، وبعده الإطاحة بعزيز أخنوش وحكومته بإعلان حزب الاستقلال الخروج من التحالف الحكومي مرة أخرى؟!!.

* مراد بورجى

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

ذ: مصطفى المنوزي.. بالتي هي أحسن وليس بالتي أعنف

نشرت

في

وجب التذكير على أنه سبق وأن قمنا ، ضمن عقلنا الجمعي الحزبي الإتحادي ، والذي ورثناه عن زعمائنا وشهدائنا وكل مهندسي المشروع الحداثي والتقدمي والديمقراطي ، في سياق الهوية الفكرية والسياسية الجدلية ، والتي تتأسس وتغترف من قانون نفي النفي ، قمنا ، إثر تسويات وتنازلات أو تلقائيا واضطراريا ، بمراجعات نقدية وتحيينية مع الثبات على المبدأ .

كما قمنا بمراعاة إيجابيات أسباب النزول ، والتي أفرزت الخيار الديمقراطي بدل خيار العنف مع الإحتفاظ بثورية المنطلقات التقدمية المقرونة بشروط استراتيجيا النضال الديمقراطي ، غير المختزلة في الواجهة الإنتخابية كإحدى آليات بناء الديمقراطية عبر قنطرة مطلب الملكية البرلمانية ، البديلة عن الملكية التنفيذية المعبرة واقعيا عن مظاهر الحكم المطلق والتسلط والتحكم متماهية مع حداثة مزعومة أو مترددة ، والتي حاول مهندسو دستور يوليوز 2011 أن يقلصوا من حدتها ويخفف من آثارها ، إلى درجة أن تسويغ التحول يتم بالتكييف دون المساس بجوهر عقيدة الحكم المرتبطة بتمثلات طبيعة النظام الوراثي وما يتسم به من محافظة وتقليدانية .

هذه التمثلات التي لا زالت تلقي بظلالها على الإنتقالات المنشودة ؛التزمنا و تغيرنا ولم يتغير النظام رغم تعهده تعاقديا ؛ صحيح أن هناك تميز بين العهود وعدم تماثل بين الأشخاص والمسؤولين ، ولكن صمود العقلية الوثوقية هو الحائل دون حصول إنتقال أمني يغير من العقيدة وعقدة الهيبة ، ومما يقوض أي أمل في التغيير ديمقراطيا . لسنا هنا نروم الدعوة ( النادمة ) إلى التراجع عن سلمية مناهج تدبير الصراع، وإنما نؤكد ضرورة ترسيخ مبادئ دمقرطة الصراع وتكريس شروط تدبيره السلمية ، لأنه ليس في مصلحتنا بتاتا أن تتضخم النزعة الوثوقية /التوحيدية كما يقول نتشيه ، لأن في لب هذه الأخيرة ما يوحي بالعودة إلى تقديس المواقع والوقائع ومما يشرعن لإلغاء النقد والإختلاف والإعتراض ويكرس إستمرار الإحتكار للسلطة وللقوة .

نستعرض هذه المعطيات والحيثيات مؤكدين على أن البنية الدستورية قد تسمح بل تتيح إمكانية الإنفتاح على الديمقراطية التشاركية بالاعتماد على الفعل المدني ببعد سياسي ، أمام تعثر مقتضيات الديمقراطية التمثيلية وفشل العمل الحزبي في تحصين صلاحياته الحصرية في العلاقة مع تدبير السياسات العمومية والتي تحولت بحكم تراخي الأحزاب والفراغ الذي تركته المعارضة وغياب المبادرات والإبداع ، إلى مجال وإختصاص السياسة العامة ، إلى جانب مجال الأمن والسعادة والدين .

لذلك نتساءل عن مصير مبادرات ومشروع ” الجبهة المدنية ببعد سياسي ( غير حزبي ) ” ! ؛ لقد تراكمت سياسات الأمر الواقع ، الذي يحاول إستعمال الحق الدستوري في إحتكار تدبير السلطة العمومية في المجالات الحيوية والسيادية المرتبطة بالسياسة العامة للدولة باسم المصلحة العليا للبلاد ، وهو ما يطرح إشكالات مفارقة على مستوى تفعيل مبدأ المسؤولية بالمحاسبة.

فالنظام السياسي مالك لكل شيء ولكن في نفس الوقت لا يساءل عن أي شيء ، فما العمل لكي تعود الأحزاب ومعها المواطنون إلى السياسة ، فليست السياسة سوى ضمان الأمن وحفظ النظام وتدبير الشأن السيادي بحكامة وحكامة ، وبعيدا عن منطق الكليانية والتي تزعم أن لا شيء يفلت من عناية وإحاطة المجال المحفوظ ؛ فليس طموح الوطنيين سوى العمل ، على إتاحة إمكانية مساءلة التنفيذ في إنتظار دمقرطة صناعة القرار وتفويض التدبير وفي ذلك علة الوجود والتعايش ، وفي ذلك تثمين لكل إرادة سياسية حقيقية صادقة تؤسس للمفهوم الجديد للعدالة إنصافا وإعترافا ؟.

  • توقيع مصطفى المنوزي

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

الأبناك المغربية تفشل في اقناع المغاربة بالأداء عبر الهاتف

نشرت

في

كثيرا ماتساءلنا عن سبب تزايد التعامل بالكاش، عوض البطاقات البنكية والأداء عبر الهاتف وتأثير ذلك، على القيمة الاجمالية للودائع البنكية وارتفاع السيولة النقدية في السوق النقدي.

ظاهرة يرجعها خبراء الإقتصاد وعلماء الإجتماع الى عدة عوامل سوسيو اقتصادية و إجرامية، تطرق إليها والي بنك المغرب، عبداللطيف الجواهري، عند ترأسه الندوة الصحافية حول موضوع “الشمول المالي” بحضور الملكة ماكسيما زوريجويتا، ملكة الأراضي المنخفضة، بصفتها المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون التمويل الشامل من أجل التنمية، التي حلت بالمغرب في زيارة رسمية حيث قال بالحرف:

“.. ارتفع تداول النقد ؛ الكاش؛ بين المغاربة، في نهاية العام الماضي بنحو 10.8 في المائة على أساس سنوي، ليصل إلى حوالي 354,8 مليارات درهم “.

و هو الأمر، الذي جعله يفكر في فرض ضريبة على “المعاملات النقدية”، حسب تعبيره.

الدراسات السوسيو اقتصادية، ترجع سبب ارتفاع التداول بالكاش، عوض التعامل بالعمليات البنكية والأداء عبر الهاتف بالمغرب، إلى العامل الثقافي، بالإضافة إلى أسلوب الادخار السائد في المجتمع المغربي، هذا فضلا عن مستوى الثقة في العمليات البنكية.

فثقافة المواطن المغربي، تعطي الاولوية، لعنصر الادخار والاكتناز في البيوت والاستثمار في شراء الذهب والعقار، على الدخول في ” مغامرات” و ” مجازفات” غير محسوبة العواقب بالنسبة له، عوض التعامل مع البنوك و السوق المالي ( البورصة) مما جعل التعامل النقدي (الكاش ) يرتفع من سنة لأخرى خصوصا في ظل أزمة كوفيد 19 التي رافقها تطبيق إجراءات الحجر الصحي، حيث اعتمد المواطن المغربي، بشكل كبير لمواجهة هذا المستجد،  على مدخراته.

فحسب والي بنك المغرب، فان منظومة الأداء عبر الهاتف، التي تسعى إلى التقليل من التعامل بـ”الكاش”، تم وضعها منذ سنوات، إذ بلغت المحافظ الإلكترونية المسجلة نحو 8 ملايين ولكن المعاملات بها تبقى دون التطلعات .

للتذكير فان الأداء عبر الهاتف المحمول، المُسمى “المحفظة الإلكترونية” (M-wallet) هو وسيلة أداء جديدة في المغرب، على شكل تطبيق يتم تحميله على الهاتف، ويكون مرتبطاً بحساب مفتوح لدى مؤسسة أداء أو بحساب بنكي يخول لمستعمليه :

# إنجاز مجموعة من عمليات الأداء بشكل آني، مثل تحويل مبالغ مالية إلى شخص آخر بإدخال رقم هاتف المرسل إليه فقط.
# الأداء مجاناً لدى التجار المعتمدين، أداء فواتير الماء والكهرباء والضرائب والهاتف.
# السحب من الشبابيك البنكية.

رغم كل هذه الامتيازات والتسهيلات التي يوفرها الأداء عبر الهاتف، يبقى التعامل بالكاش هو الثقافة السائدة لدى المواطن المغربي مما يجعلنا نتساءل هل أسباب عدم توفق البنوك المغربية في اقناع المواطن المغربي بالتعامل بالأداء عبر الهاتف والبطاقات البنكية راجع الى :

# ضعف مستوى ثقة المواطن في الابناك ؟.
# الرغبة في تفادي المصاريف البنكية المحتسبة على العمليات البنكية التي تسحب من الحساب البنكي بدون تفسير وتوضيح من المؤسسات البنكية؟.
# عدم انخراط تجار القرب في العملية بسبب التخوف من أداء الضريبة على القيمة المضافة، وهي ضريبة معقدة بالنسبة لهم من حيث تدبيرها وحسابها وكلفتها”؟.

و الخلاصة، أن تشجيع المواطن المغربي  على التعامل بالأداء عبر الهاتف والبطاقات البنكية،  لا زال مستعصيا، كما أشار إلى دلك، والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، و تغيير هذا الواقع، يتطلب بدل مجهود مضاعف على المستوى الثقافي و الإعلامي.

هذا و تجدر الإشارة، إلى أن المغرب، يتديل البلدان التي تنخفض فيها نسبة المعاملات البنكية عبر الهاتف أو البطاقات،  وهذا  الواقع له سلبيات عدة؛ فهذه الظاهرة يمكن استغلالها في تمويل الإرهاب وغسيل الأموال”،كما يعيق الوصول إلى الخدمات المالية، المتعددة، مثل الادخار والاقتراض والتأمين.

اذا كان القطاع البنكي المغربي لم يتوفق في اقناع المواطن المغربي بالتعامل بالأداء عبر الهاتف والبطاقات البنكية عوض التعامل بالكاش رغم تزايد ارتفاع معدل الاستبناك، فهل ستنجح سياسة فرض ضريبة على هذه المعاملات النقدية في انخفاض الكاش ومراقبة المعاملات المشبوهة في استعمالها لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب؟؟؟.

* ادريس العاشري

أكمل القراءة
إعلان

الاستطلاعات

هل أنت مع أو ضد الحملة التي تستهدف فوزي لقجع؟

عرض النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

الاكثر مشاهدة