على مسؤوليتي
العفو عن الصحافيين والمدونين والزفزافي ورفاقه، والعفو عن المُسن زيان.. ما للملك، وما للبرلمان
* مراد بورجى
ما زال الحدث الكبير، الذي طبع الاحتفال بعيد العرش “الفضّي”، الذي يؤرّخ لمرور 25 سنة من حكم الملك محمد السادس، والمتمثّل في العفو الملكي عن الصحافيين والمدونين وعدد كبير من النشطاء المدنيين والسياسيين، ضمنهم أعضاء من جماعة العدل والإحسان، (ما زال) يثير الكثير من ردود الفعل، حتى أنه أصبح حديث المجالس، وشكّل موضوعا لبلاغات وبيانات العديد من الهيئات السياسية والحقوقية والمدنية، وضمنها جماعة العدل والإحسان، التي ثمّنت مبادرة العفو الملكي، ودعت إلى “تبييض السجون وإجراء حوار ومصالحة وطنية واسعة”. وقال بلاغ للجماعة إن الأمانة العامة للدائرة السياسية تبارك “للمعتقلين السياسيين ومناهضي التطبيع نيلهم حريتهم واسترجاعهم لحقوقهم”.
بلاغ الجماعة يؤشر إلى “مُعطى” يخص المعتقلين المستفيدين من العفو، الذين بارك البلاغ لهم “استرجاعهم لحقوقهم”، يبدو أن الجماعة لم تستوعبه جيدا، بسبب ربما نوع من “سوء الفهم” لقرار العفو الملكي، الذي سارعت الجماعة إلى الإعراب عن تثمينه، ثم الدعوة إلى “الحوار والمصالحة”، وكأننا بصدد عفو عام “العفو الشامل”.
لنتوقف، هنا، عند الوضع العام المهني والاجتماعي للمعتقلين المفرج عنهم، ويمكن أن أركّز، كنموذج في هذا الصدد، على الزملاء الذين ينتمون إلى الجسم الصحفي، سواء منهم الذين كانوا في وضعية اعتقال أو وضعية متابعة، إذ أن أول سؤال سيُطرح، بعد عودة الروح من نشوة الفرح، التي تملّكتنا وتملّكت أساسا المعنيين وأسرهم، هو: هل الزملاء سيعودون مباشرة لمزاولة عملهم المهني بمجرّد التقاط الأنفاس وبعض الراحة من عناءات الوجود خلف القضبان، بعدما أتاح لهم العفو الملكي معانقة الحرية؟.
بداية، يجدر التوضيح أن العفو، باعتباره آلية يمارسها الملك بصفة حصرية، بمقتضى الفصل 58 من الدستور، ينقسم إلى نوعين: عفو جماعي وعفو فردي. واستنادا إلى الظهير المنظم للعفو، فإن العفو الجماعي، هو العفو الذي يصدره الملك بمناسبة أعياد دينية وهي ثلاثة، عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد المولد النبوي، وأعياد وطنية وعددها أربعة،وهي عيد العرش وثورة الملك والشعب وعيد الشباب وذكرى 11 يناير، أمّا العفو الفردي، فيصدره الملك بدون مناسبة، وفي أي وقت كان، إما مباشرة، وإما بطلب من المحكوم عليه أو من أقاربه أو أصدقائه أو من النيابة العامة أو إدارة السجون.
وكلا هذين النوعين من العفو، الجماعي والفردي، يندرجان في إطار ما يسمى “العفو الخاص”، الذي يُعتبر إجراءً ملكيًا سياديًا، وهو لا يرتبط بالأحكام وإجراءاتها ومساطرها، لكنه لا يمكن أن يُعتبر “براءة” بالنسبة للمستفيدين منه، بخلاف “العفو الشامل”، الذي يبقى من اختصاص البرلمان، بما أنه يمحو العقوبة وآثارها، حسب الفصل 51 من القانون الجنائي، الذي يشترط صدور هذا العفو بمقتضى نص تشريعي صريح، وبناءً على المقتضيات الجديدة، التي جاء بها دستور 2011، والتي قيّدت أيدي الملك في مباشرة العفو، ووضعت له حدودا رسمها الظهر الشريف ومجموعة القانون الجنائي، وأبرزها سحب آلية “العفو الشامل” من الملك، الذي ظل يمارسه منذ الاستقلال السياسي للبلاد سنة 1956، إلى حدود صدور الدستور الجديد.
معنى ذلك أن العفو الملكي على الصحافيين يندرج في إطار “العفو الخاص”، الذي يشمل فقط العقوبة أو ما تبقى منها، أي أنه لا يمحو الجريمة ولا الحكم، وإنما يتركّز على توقيف تنفيذ العقوبة فقط، ولا يشمل المطالب المدنية، على أساس أن العفو لا يجب أن يُلحِق ضررا بمصالح الغير، بخلاف ما ذهب إليه بلاغ العدل والإحسان الذي هنّأ المستفيدين من العفو الملكي على “نيلهم حريتهم واسترجاعهم لحقوقهم”!!.
ليس معنى هذا الاستهانة بالعفو الملكي الأخير عن الصحافيين، والآخرين خصوصا أن العفو جاء في ظرفية تعيش فيها البلاد حالات خطيرة من الاختناقات والانسدادات، بفعل السياسات اللاشعبية، التي تمضي فيها حكومة عزيز أخنوش، والتي ألحقت أضرارا بليغة بمستوى عيش السواد الأعظم من الشعب المغربي، فجاء العفو الملكي برياحٍ ورسائل للحرية والكرامة، خفّفت كثيرا من مظاهر الاحتقان والتوتّر، التي استمكنت في المجتمع، وفتحت أبواب الفرح مشرعا لتعمّ البهجة المستفيدين منه وأسرهم، ومعهم الكثير من المغاربة، الذي فرحوا لفرحهم.
كان قرارا ملكيا حكيما، ويُفترض أن يبقى مستمرا لتوسيع قاعدة المستفيدين منه خصوصا والمغرب يتولّى حاليا، منذ يناير 2024، رئاسة مجلس حقوق الإنسان، التي يأمل كل المغاربة أن تكون رئاسةً متميّزة ومنتجة وفاعلة في النهوض بالمهام الجسام، التي يضطلع بها رئيس المجلس، في ظرفية دولية تفاقمت فيها الاختناقات والانتهاكات، وفي صدارتها الاعتداءات الإجرامية، التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وضد قضيته العادلة، التي خصّص لها الملك نصف خطاب العيد الفضي للعرش.
بالعفو الملكي أصبحنا أمام عيدين: العيد الفضي للعرش وعيد العفو والحرية، وهي لحظة تاريخية تشكّل زبدة 25 سنة من حكم الملك محمد السادس، تحقّقت فيها مكتسبات وتراكمات في عدة مجالات، وبالتالي لا يمكن لهذا المسار الملكي والمغربي إلا أن يُنتج هذه المحطة، التي أدخلت الفرح على قلوب المستفيدين من العفو وعلى نفوس أسرهم والكثير من المغاربة… وضمن هؤلاء الأصدقاء والزملاء توفيق بوعشرين وعمر الراضي وسليمان الريسوني، فضلا عن المدوّنين رضا الطاوجني ويوسف الحيرش وسعيدة العلمي ومحمد قنزوز، وعدد من النشطاء المدنيين والحقوقيين والسياسيين، وكل هؤلاء كانوا معتقلين، وضمنهم أيضا 16 مدانا بمقتضيات قانون مكافحة الإرهاب من المستفيدين من برنامج “مصالحة”، إضافة إلى الموجودين في حالة سراح، وضمنهم المعطي منجيب وعماد استيتو وعفاف براني وهشام منصوري وعبد الصمد آيت عيشة، وللإشارة والبيان والتوضيح، لا أَدخُل، في هذه الوقفة، في ما جرى من متابعات ومحاكمات وأحكام… إذ ما يهمّ، هنا والآن، هو هذا العفو الجميل، وأعتقد أن الاحتفال اليوم بمعانقة الزملاء الصحافيين وغيرهم من المفرج عنهم الحرية، لا يمكن فصله عن الاحتفال بالذكرى الفضية لعيد الجلوس، احتفال له طعم جميل، وله معنى ملكي أصيل، ويغذّي في النفوس الآمال باكتمال الفرحة بعفو يشمل باقي معتقلي الريف الستة، ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق وسمير إيغيد وزكرياء أضهشور ومحمد جلول ومحمد حاكي، وغيرهم من معتقلي الاحتجاجات الاجتماعية، وكذلك العفو عن النقيب محمد زيان رأفة بسنه، في القادم القريب من الأيام، وضمن صيرورة الاحتفاء بخمسة وعشرين من حكم الملك محمد السادس.
وهذا يطرح علينا سؤال الأفق: هل ننتظر عفوا شاملا على معتقلي الريف، والمحامي زيان مثلا، أم ننتظر عفوا ملكيا مرتقبا يوم 20 غشت 2024؟.
بسرعة وبحماس سيجيب أكثرنا: نريد “العفو الشامل”… لكن عند التدبّر، سنجد أنفسنا أمام الحائط: فالعفو الشامل لم يبق بيد الملك، كما قلنا، وأصبح صلاحية يختص بها البرلمان (مجلس النواب)… وللعلم، فقد كانت فدرالية اليسار الديمقراطي، في الولاية التشريعية السابقة، تقدمت بمقترح قانون للعفو العام عن معتقلي الريف، عقب صدور الأحكام القاسية ضدهم سنة 2018، ثم عاد الحزب الاشتراكي الموحد، في الولاية الحالية، لطرح الموضوع من جديد، بعدما تبيّن أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي كان فقط يكذب عندما نكث بوعده، الذي ظل يطبّل له ويفضح به الدنيا، والرامي إلى تقديم ملتمس للملك من أجل العفو عما تبقى من معتقلي الريف، بداعي أن “الاستفادة من العفو رهينة بتقديم المعنيين بالأمر لطلب العفو”، وهو معطى غير صحيح، يردّده البعض، كوهبي مثلا عندما “حْصلْ” متلبّسا بالكذب على العفو سنة 2022.
ونفتح هنا قوسا لنذكّر بـ”المرافعة” إن صح التعبير، التي شكّلها خطاب العرش لسنة 2017 في أقوى خروج للملك محمد السادس بخصوص احتجاجات الريف، خلال سنتي 2016 و2017، بتوجيه نقد شديد اللهجة للطبقة السياسية، التي وجّه لها، كذلك، توبيخا غير مسبوق، إذ وصفها بأنها نخبة فاشلة، غير قادرة على إبداع حلول اجتماعية، حتى أصبحت فاقدة لثقة الملك والشعب معا، محمّلا مسؤولية الأوضاع الاجتماعية والسياسية المتأزمة إلى الأحزاب والإدارة معا، وتحديدا إلى وجود عقليات سلبية وأنانية وذهنية غير متشبعة بالوطنية مع غياب التخطيط الاستراتيجي، وهو الشيء الذي يجب تداركه لخلق بيئة سليمة تكون حاضنة للمفرج عنهم، السابقين واللاحقين (باقي المعتقلين الستة)، لفتح صفحة جديدة في العيش والبناء والنماء، فهؤلاء الشباب اعتُقلوا وهم يناضلون من أجل مطالب اجتماعية أساسا، لمواجهة الحكرة والتهميش والبطالة والفقر والمرض، وصولا إلى التعسفات والرشوة وعلاقات الزبونية وغيرها من مظاهر الفساد… وهؤلاء الشباب، دفعوا ثمن انزلاقات الغير والخروج عن القانون، الذي كان لابد للدولة أن تتدخل فيه، واليوم وبعد سبع سنوات وراء القضبان، التي فتحت لهم آفاق الدراسة والتكوين، هم في حاجة إلى عفو يفتح أمامهم، ويوفّر لهم فرص الانخراط في المجهود الوطني من أجل التنمية، عن طريق الأهلية الإدارية، بتأسيس أو الانخراط في أحزاب ونقابات وجمعيات، والمساهمة في أعمال يحقّقون بها ما كانوا يرفعونه من شعارات خلال فترة الاحتجاجات.
ونغلق القوس لأختم بالقول إن مفهوم العفو الذي يريده الملك محمد السادس لطي ملف الريف ربما تركه للأحزاب التي بادرت لطلبه، ليكون درساً لأحزاب أخرى ممن “خوّنوا” وقتها هؤلاء المغاربة من أبناء الريف الحبيب، بما أنّ العفو الشامل بيد البرلمان لكي يكون الحل سياسيا ويتجاوز ما هو قانوني، لأن الشق القانوني سيُدخل الملف إلى متاهات متعدّدة، رغم أن الجالس على العرش اضطر إلى طرد ومعاقبة وزراء ومسؤولين سامين، على خلفية احتجاجات الريف، لذلك يبقى الأمل معلّقا على مبادرة ملكية مماثلة، تدفع بالعفو عما تبقى من معتقلي الريف وباقي الاحتجاجات الاجتماعية، إضافة إلى النقيب محمد زيان، عن طريق العفو الشامل، خاصة مع بطء وتعثّرات مسطرة رد الاعتبار… لتمكينهم من استعادة أدوارهم كاملة في المجتمع، ولِمَ لا ابتكار حلول رغم أنها لم ينص عليها القانون، لكنه لا يمنعها، وتتمثّل في صيغة مبتكرة أو ما يمكن أن نسمّيه بـ”العفو التكميلي” لمحو “الآثار الإدارية” للحكم، حتى يتمكن جميع الفرج عنهم صحافيين وغيرهم من تحقيق آمالهم وأحلامهم، بالعودة مزاولة مهنهم،التي يقتاتون منها سبل العيش، وما أظن ذلك بعزيز على مسيرة 25 سنة من حكم الملك محمد السادس.
على مسؤوليتي
محمد امهيدية “الوالي العمدة”.. هل تأخذ الأغلبية العبرة من قرار الملك بـ”الإقالة”
– “طْلبها الوالي”… – “قررها الوالي”… هذه من العبارات، التي أصبحت العمدة نبيلة الرميلي تصدّ بها أعضاء مكتبها، وكذا المجلس الجماعي لمدينة الدارالبيضاء برمته، في غياب مؤسسة العمدة، التي أصبحت شبه منعدمة، منذ أن اتخذ الملك محمد السادس قرار “فضح” الوالي السابق سعيد احميدوش ومعه العمدة نبيلة الرميلي، بتعيينه للوالي محمد امهيدية.
“إقالة” العمدة نبيلة الرميلي من منصبها أصبح ضرورة ملحة بسبب ما أضحت تتعرض له أحزاب الأغلبية من “ذلّ” يومي، بعد أن “أعدمت” هذه السيدة ومعها زوجها توفيق كميل مؤسسة العمدة، فسقطا في ما جاء به خطاب العرش لسنة 2017، حين قال الملك محمد السادس مستنكراً “عندما يقوم مسؤول بتوقيف أو تعطيل مشروع تنموي أو اجتماعي، لحسابات سياسية أو شخصية، فهذا ليس فقط إخلالا بالواجب، وإنما هو خيانة، لأنه يضرّ بمصالح المواطنين، ويحرمهم من حقوقهم المشروعة”.
منطوق الخطاب الملكي يفتح الباب أمام رصد لائحة للمسؤولين المعنيين بالتخوين، وضمنهم “خائن” آخر للوطن وهو محمد بوسعيد، الذي سبق أن “طرده” الملك محمد السادس من وزارة المالية، بعد أن أخلّ بواجبه، فإذا بعزيز أخنوش يهمل إهمالا قرار الجالس على العرش ويتركه وراء ظهره وهو يستقبل بوسعيد بالأحضان وكأنه قادم على التو من حج بيت الله الحرام، فيعيّنه منسقا جهويا لحزب التجمع الوطني للأحرار بجهة الدارالبيضاء سطات، ما أن تسلّم مهمة التنسيق حتى شرع يتآمر في انقلاب على إرادة الناخبين البيضاويين، حيث حصول حزبه الأحرار على المرتبة الأولى، يُلزمه بتسيير جهة الدار البيضاء بناءا على الفصل 143 من الدستور المغربي الذي بوّأ مؤسسة الجهة موقع الصدارة، ثم يأتي بعدها المجلس الجماعي، فمجالس الأقاليم والعمالات، إلًا أن المنسق “المطرود” محمد بوسعيد، لم يكن وطنياً بما يكفي ليفكّر في الأجيال القادمة، لأن سقف فكره “انتهازي” لا يتعدى الانتخابات القادمة، التف على الدستور المغربي، الذي يعتبر وثيقة تعاقدية بين الشعب وممثليه، وفضّل العمودية على الجهة، فتنازل عنها ليشغلها حزب الاستقلال دون غيرها كحزب بئيس، وجاء بنبيلة الرميلي من “العدم” ليرهن بها مصير ومستقبل الدارالبيضاء، فيما توفيق كميل، رئيس فريق الحزب وقتها، كان قد “أوقع” برئيس الحكومة عزيز أخنوش في شراك “حبائله” بخداعه له، حينما جاء بزوجته نبيلة الرميلي ليقدمها له، وتكلم له عن “كفاءاتها العالية”، التي “أسقطتها” من وزارة الصحة بعد أن قرر الملك إبعادها، بمبرر عدم قدرتها على الجمع بين الوزارة والعمودية، فيما تؤكد أعمال الوالي محمد امهيدية، خلال فترة محدودة لا تتعدّى عشرة أشهر، أن المشكل يكمن في التدبير، ما يعني أن السيدة العمدة فشلت في كل شيء.
مناسبة العودة للكلام على كوبل الدارالبيضاء، هي الحرب المستعرة حاليا بين المنتخبين، التي أشعلها التسابق على صرف ما تبقّى من الميزانية، حتى لا تعتبر فائضا فتخصمه وزارة الداخلية من مخصص المقاطعات للسنة المالية 2025، ولذلك، فإن الصراعات الضارية والدائرة حاليا بين مستشاري جماعة الدارالبيضاء لصرف ميزانيات المقاطعات، أفضى إلى نتائج وخيمة وسيئة، لأن هذا الصرف والتصرف لا يأخذ بالاعتبار مشاريع الوالي الذي يلهث وراء أوراش التنمية فيما رؤساء ومستشارون يتسابقون لصرف هذه الأموال في الحفلات وفي تظاهرات لا يهمهم منها غير “الصرف” حتى آخر سنتيم!
حرب الصرف “غير الصحي” جعلت مستشارين يتهافتون وراء العمدة قبل التقرير الرسمي في الميزانية، التي تُوزّع إما بشحّ وإما بسخاء، حسب “قرب” مسؤولي المقاطعات من الكوبل الحاكم، خصوصا أن العمدة وزوجها بمجرّد عودتهما من شواطئ إسبانيا، استعرت حرب التخطيط المتعلق بحصص المقاطعات للسنة المقبلة، خوفا من توزيع “مُسبق” يكون تقرر وحُسم فيه خلال استجمام الكوبل الحاكم بإسبانيا، وسيُحال لـ”تقرّر” أغلبيتها فيه بالمكتب، إلزاما بداية شهر شتنبر الجاري، من أجل أن تحيله على اللجان الدائمة التي تتدارس الميزانية، ابتداء من أواسط الشهر، لتتمكن من عرضها، خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر المقبل، ليصادق المجلس على الميزانية، التي تُحدِد سلفا مخصص هذه المقاطعات، فيبقى للوالي مهمة التأشير عليها فقط.
فتح ورش الميزانية مسألة أساسية بالنسبة للوالي الجديد الذي تم تعيينه يوم 19 أكتوبر 2023، كانت قد فاتته مرحلة دراسة ميزانية السنة الحالية، ولهذا فميزانية السنة المقبلة لابد أن تحمل بصمته، كي تستجيب للمتطلّبات المالية والإدارية واللوجستية للدفع قُدما بالمشاريع المبرمجة بنفس السرعة التي اشتغل بها منذ تعيينه، وهذا العمل المهم جدا كان يتطلّب وجود العمدة في قلب الدارالبيضاء، لأن التحديات والرهانات التي رفعها الملك محمد السادس لحاضر ومستقبل الدارالبيضاء، في الغد المنظور، كانت تتطلّب عمدة تكون في مستوى اللحظة، قادرة على موازاة السرعة المحسوبة، التي تطبع عمل محمد امهيدية، المسؤول الأول عن التدبير الترابي لولاية الدارالبيضاء سطات، عوض أن يجد نفسه وحيدا في المعمعة، أمام الأوراش المتعثّرة منذ تولّيها العموديّة قبل ثلاثة سنوات، التي تدخّل فيها وأعاد بعضها إلى سكّة الإنجاز، مع حرص ميداني على تتبّعه لمجموعة من الأوراش التي فتحها، مع الاطلاع المنتظم على مسارات تقدم الأشغال فيها والتزام الشركات المنفذة بدفاتر التحملات… والعمل والاجتهاد لإقرار حلول مبتكرة تكون فعّالة، وتنزيل مخططات إخراج العديد من الأوراش العقارية من حالة الانسداد، التي فُرضت عليها عن سابق قصد وترصد خلال عهد الوالي السابق سعيد احميدوش، فيما الوالي الجديد، خلافا لسلفه، الذي كان باب مكتبه مقفلاً، فلم يحصد غير الطرد الملكي، قلتُ فيما الوالي الجديد شرع يشتغل، منذ البداية، بإرادة تشاركية، في محاولة لإشراك كل الجهات، كل حسب موقعها، في النهوض الجماعي بكل أوراش العاصمة الاقتصادية، مع فتح خط موصول مع المنعشين العقاريين، باللقاء معهم والاستماع إليهم بانفتاح كبير على كل المقترحات الإيجابية، التي من شأنها إقرار تدابير إدارية وعملية لتفادي تكرار توقّف أشغال البناء في مشاريع عقارية، إلى درجة أن الدارالبيضاء أصبحت تحمل أكبر عدد من منازعات المنعشين العقاريين مع السلطة والجماعة.
غير أن الوالي “فين” والعمدة “فين”! سعادة العمدة ركلت وراءها كل هواجس الوالي، وقبله انتظارات الملك نفسه، وانتعشت وأنعشت نفسها وروحها ومعها زوجها بنسائم البحر في رمال الشواطئ الإسبانية، ثم تعود اليوم، متأخرة، عن موعدها مع الملك وموعدها مع السكان البيضاويين، الذين تشنّفت آذانهم بالعبارة الزرقاء الفاقدة لكل روح: “تستاهل أحسن”!!!
في الوقت الذي كان على الحكومة أن تؤهّل مدينة الدار البيضاء لتكون أكبر قطب مالي في إفريقيا، كما يخطط لذلك ملك البلاد، الذي لديه علاقة خاصة بهذه المدينة العملاقة… أطبقت فضائح الكوبل الحاكم في المجلس الجماعي كل الآفاق، ووصل صداها إلى البرلمان حيث ارتفع صوت المطالبة، المبرّرة بوقائع ومعطيات مؤكدة، بمحاسبة نبيلة الرميلي وزوجها توفيق كميل.
إقالة العمدة الحالية، التي قد تكون بتوافق من أحزاب الأغلبية، مشياً على خطى الملك محمد السادس، لحفظ ماء الوجه، بعد أن شرع البيضاويون وحتى مستثمرون في الإشارة إليهم بأصابع الاتهام، خلافاً لما حصل مع عمدة الرباط… وفي حال لم تتوصّل أحزاب الأغلبية إلى “المبادرة”، هناك دائما المطلب، الذي رفعه عبد الصمد حيكر، عضو المجموعة النيابية للبيجيدي والمستشار بمجلس مدينة الدارالبيضاء، في مواجهة “الكوبل الحاكم”، الذي وجّه إليهما الاتهام، وسط البرلمان وأمام عموم الرأي العام، بـ”الابتزاز والفساد”! وليطالب وزير الداخلية، بصفة رسمية، بالشروع في تطبيق مسطرة “العزل” في حق نبيلة الرميلي من عموديّة مجلس جماعة الدارالبيضاء، وزوجها توفيق كميل من رئاسة مقاطعة سباتة، بناء على المادتين 66 و64من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات.
هناك حاجة ملحة لأن تخرج الدارالبيضاء من وضعها القائم منذ التعيين الملكي لمحمد امهيدية، والذي يجد البيضاويون أنفسهم أمام “والي أعرج”، الوالي في حاجة ليتحرك بطلاقة برجلين، بعمدة تكون أو يكون ذا كاريزما على الأقل ليوازي بين سلطة المنتخب الذي يقرر، وينفذ، وسلطة المُعيّن، الذي لم يعد وصي، بل يواكب عمل الجماعة، فيرد الاعتبار للعمل الحزبي، ويكون وطنياً حقيقياً مسكونا بتلك الجذوة أو الشعلة التي تتحرّك داخل الوالي وهو يقوم بما قام به، في تكامل بين السلط، وتنسيق في الخطط والبرامج، وتوفير الشروط الضرورية، التي تمكّن من الدفع بكل المشاريع، الكبرى والمتوسطة وحتى الصغيرة، لتحقيق الإقلاع المنشود لها ولكل الدارالبيضاء وللوطن ككل، الذي يستعد لاستقبال كأس إفريقيا سنة 2026، وكأس العالم سنة 2030…هذه هي الطريقة وحدها السالكة، وما عداها ستبقى العمدة تراكم الأخطاء القاتلة، التي لا مناص من أن تؤدي بها إلى العزل، وقد تتحوّل الملفات إلى القضاء وأصحابها إلى السجن… من يدري؟!.
على مسؤوليتي
“كوبل الدارالبيضاء” يتمرّد على الأوامر الملكية.. ويسيِّر المجلس من الشواطئ الإسبانية!!
* مراد بورجى
أضحت عمدة الدارالبيضاء، حاليا، متلبّسة بوضعيةٍ مُتقدمةٍ في الاستهتار بأوامر الملك محمد السادس، مُقدّمةً البرهان على أنها توجد الآن مسترخية بشواطئ الإسبان تمارس حالة من التمرّد والعصيان، في هذا الوقت بالذات، الذي اضطرت سلطات الدارالبيضاء إلى اتخاذ تدابير عملية جديدة لمواجهة أزمة شُح مياه الشرب، فضلا عن مواكبة التوجيهات الملكية المتعلّقة برفع رهانات تأهيل مدن المغرب لاحتضان كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
والمراد بالذّكر، هنا، هو “كوبل الدارالبيضاء” وليس العمدة لوحدها، فهما وجهان لعملة واحدة، أقل ما يقال عنهما إنها (هي تُضرِّب، وهو يعفي)، هذا “الكوبل الحاكم” بمجلس جماعة الدارالبيضاء، نبيلة الرميلي وزوجها توفيق كميل، تركا وراءهما كل القضايا الملحّة والحساسة لأكبر مدينة مغربية، مدينة الدارالبيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، ولا نقول حَزَما أمتعتهما ومتاعهما لأن “عتادهما” هناك، بل فقط شدّا الرحال إلى شواطئ إسبانيا، للمساهمة في النهوض بالسياحة الإسبانية، عكس ما يفعله الملك محمد السادس وولي عهده الأمير مولاي الحسن، حيث يقيما كل صيف بالشواطئ المغربية التي تفوق الشواطئ الإسبانية رونقا وجمالا، أما إذا تحدثنا، على وجه التخصيص، عن شواطئ الأقاليم الجنوبية، وبالأخص في سواحل الداخلة، فذلك حديث له شؤون وشجون من الرمال الذهبية والمناظر الخلابة.
في نفس هذا الوقت الذي “تسبح” فيه العمدة الرميلي في المياه الأوروبية، يوجد الوالي محمد امهيدية وحده “يغرق” في عرقه تحت الشمس الحارقة في تدبير مشاكل الأوراش المفتوحة بالدارالبيضاء، وضمنها وضعية ملعب العربي الزاولي، التي فرضت الزيارة المرتقبة للجنة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم على والي ولاية الدارالبيضاء سطات أن يطلب من المجلس الجماعي للدارالبيضاء عقد دورة استثنائية، يوم الاثنين الماضي، لدراسة نقطة فريدة تتعلق بـ”الدراسة والتصويت على مشروع اتفاقية شراكة من أجل تدبير ملعب العربي الزاولي بعمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي من طرف شركة سونارجيس” ليحوز على التأهيل.
وحتى لا يقول قائل إن الدورة الاستثنائية صادفت وجود كوبل الدارالبيضاء في إسبانيا، نشير، وهذه فضيحة أخرى إضافية، إلى أن العمدة كانت في الدارالبيضاء عندما طلب منها الوالي عقد الدورة الاستثنائية، إذ هي من راسلت، عضوات وأعضاء المجلس لدعوتهم إلى الاجتماع، ثم سافرت كعادتها خارج البلاد! .
تماما مثلما تفعل، كل مرة، وكل سنة، وفي عدة سفريات خاصة، لم يكن آخرها الحج الباذخ إلى الديار المقدّسة، إذ أردفته، اليوم، هي وزوجها، بالحج إلى الشواطئ الإسبانية للسباحة والاستجمام وأخذ حمّام شمس، وتركا الوالي محمد امهيدية يطلب عقد دورتين استثنائيتين في ظرف 12 يوماً في إطار الحفاظ على السرعة القصوى، التي يتطلّبها تحيين أوراش الدارالبيضاء لاحتضان كأس إفريقيا 2025، الذي يطل على الأبواب، فيما الكوبل الحاكم نبيلة الرميلي وتوفيق كميل لا يتخلّيان عن سفرياتهما، التي جعلاها أهمّ وأولى من مشاكل وقضايا الدارالبيضاء ومشاغل وانتظارات البيضاويين، ففي يوم الخميس 15 غشت 2024، راسلت العمدة عضوات وأعضاء المجلس لدعوتهم إلى الاجتماع، ثم بعدها “الظاهر الغابر” كما يقال، فقد طارت إلى إسبانيا.
يوما عن يوم، يتبدّى كم كان سديدا قرار الملك عندما أمر بإقالة نبيلة الرميلي، ومن عجيب الصدف أنه هو أيضا كان يوم خميس، ففي يوم الخميس 7 أكتوبر 2021، عيّن الملك أعضاء حكومة أخنوش وضمنهم نبيلة الرميلي وزيرةً للصحة، ويوم الخميس 14 أكتوبر، في أسرع تعديل حكومي في العالم، سيقوم الملك بـ”طرد” الرميلي من الحكومة، موجهاً بذلك “صفعة” لرئيسها عزيز أخنوش، وموجّها إليها، عبر بلاغ للديوان الملكي، أمرا واضحا وصريحا وهو “التفرغ الكامل لمهامها كرئيسة لمجلس مدينة الدارالبيضاء، بعدما تبيّن لها حجم العمل الذي تتطلبه منها هذه المهمة التمثيلية، وما تقتضيه من متابعة مستمرة لقضايا سكانها وللأوراش المفتوحة بهذه المدينة الكبرى”…
لكن العمدة، مع الأسف، لم تتفرّغ للأوراش المفتوحة بالدارالبيضاء ولقضايا سكانها، وإنما تفرّغت، هي وزوجها، لمصالحهما الذاتية، مهما استطاعا إلى إشباعها سبيلا، حتى أصبحا محط اتهامات منعشين عقاريين باقتراف تهمة ممارسة التواطؤ والتماطل من أجل الابتزاز، ومحل مطالبات مستشارين وبرلمانيين بمحاسبة الكوبل وبعزل العمدة!.
“مسك” ختامِ الكوبل نوجّهه إلى رئيس حزبهما السي عزيز أخنوش، الذي جاء بهما، ومعه أغلبيته العددية، لنذكّرهم، إذا كانت الذكرى تنفع المؤمنين، بكلام الملك عن العمدة وعن زوجها وعن أمثالهما، عندما قال مندّدا: “أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول لا يقوم بواجبه أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء، وهو يعلم بأنهم يعرفون بأنه ليس له ضمير”.
على مسؤوليتي
العفو يُخرج إلياس العمري ليقرأ فنجان الشهيد هنية والسنوار في حوار مع “مُخُّو”
* مراد بورجى
الظاهر أن إلياس العمري أصبح يمثّل، بالفعل، نموذج “الثعلب الذي يظهر ويختفي”، هذا ما تُظهره الخرجات العجيبة لهذا “الغمّاق” الكبير، الذي تملّكه طمع العودة إلى الساحة السياسية، بمجرّد ما أن باغته العفو الملكي على صحافيين ومدونين ومثقفين ونشطاء مدنيين، في انتظار العفو عن معتقلي الريف والنقيب زيان وبعض المتابعين في ملف اگديم إزيك، فاشتدّ به الحنين إلى تلك الأيام البائدة، التي أفسد فيها السياسة، فابتكر فكرة جديدة، بعد فشل العودة إلى الظهور عبر الصحافة، وهي تسويق نفسه لمن تعنيهم الأمور على أنه خبير بما يجري ويدور، وأنه مهندس السيناريوهات، وأنه أكثر من يعرف “ضرب الخط الزناتي”، حتى أنه “تنبّأ” برئاسة يحيى السّنوار لحركة حماس قبل عشرة أشهر من استشهاد هنية!.
فهل يكون “الغمّاق” إلياس “تمنى” اغتيال إسماعيل هنية مباشرة بعد 48 ساعة على “طوفان الأقصى” في07أكتوبر 2023؟ ذلك ما عبّر عنه في حديثه عن مكالمة هاتفية “مزعومة” سوّقها على أنها “استشارية” من طرف يهود أمريكا، الذين يطمعون في بركاته الثعلبية وتحليلاته الغيبية، ليرشدهم بنصائحه “النيّرة” ويقرأ لهم “الطالع”!!هذا التسويق “الثعلبي” جاء في “حوار” قد يكون إلياس أجراه “مع نفسه” في موقع “كاب أنفو”،التابع لمؤسسة “كاب راديو”، التي استحوذ عليها في ظروف “مريبة”، تواتر فيها الحديث عن “تفخيخ” للعمدة السابق لمدينة طنجة سمير عبد المولى لـ”ينهب” منه مبلغ 500 مليون سنتيم.
في هذا “الحوار”، طرح إلياس على نفسه السؤال التالي: “ما هي قراءتك لانتخاب يحيى السنوار، على رأس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وما إذا كان ذلك سيعقّد الوضع أم سيساهم في حلحلته؟”!.
فأجاب وقال: “بعد 7 أكتوبر بنحو 48 ساعة، اتصل بي صديق من اليهود القاطنين في أمريكا، يسألني عن رأيي في المرحلة القادمة، وكيف سيكون الوضع، بعد هذا التاريخ. قلت له آنذاك (أي قبل 10 أشهر) أن 3 شخصيات بالدرجة الأولى، ستكون فاعلة بشكل كبير في مستقبل فلسطين. وأخبرته أن يحيى السنوار سيُنتخب على رأس حركة حماس، ومروان البرغوثي على رأس حركة فتح، ومحمد دحلان كمؤثّر خارجي. وهؤلاء الثلاثة يمكنهم إنجاز السلام مع إسرائيل”.
لنناقش، أولا، ولو بتركيز، هذا الجواب، الذي يُعفي من استكمال قراءة باقي الحوار، والذي لا يخرج عن “الخزعبلات” المعهودة من إلياس، الذي أكاد أجزم أنه “غمّاق” كبير، ولم يتّصل به أي أحد لا يهودي ولا مسلم ولا نصراني ولا حتى بوذي، وإنما هي “فبركة” على الخفيف أسماها “دردشة”، هدفها الأساسي هو “إظهار” إلياس في صورة “السياسي الكبير، وأنه مازال يملك مفاصل مؤثّرة في العلاقات الدولية! وكأن للمغاربة ذاكرة سمكة حتى ينسوا “فعايل” إلياس وكيف انكشف “كذبه” وجرى طرده.
إذا ما عدنا إلى قراءة الفنجان “الثعلبية” لـ”زميلنا” إلياس، نجد أن الظرفية التي تنبّأ فيها بمقتل إسماعيل هنية وانتخاب يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس لا تستقيم إطلاقا مع ملابسات الأحداث، لأنه في حال اغتيال هنية كان سيخلفه، قانونيا وتنظيميا، نائبه صالح العاروري، إلاّ إذا كان إلياس قد “تنبّأ”، أيضا، إضافة إلى مقتل هنية، بمقتل العاروري، الذي اغتالته إسرائيل في بداية السنة الجارية (يناير 2024)، عقب عملية رصد وقصف لمكتبه في حي الضاحية ببيروت، الذي كان في حماية وتحت حراسة حزب الله.
ما لم يتنبّأ به “ليلى عبد اللطيف المغرب” هو أنه هو نفسه قد أضحى منبوذا في المجالس والصالونات، لكن “المسكين” يحاول جاهدا أن يصدّق أن الزمن لا يسير وأن الكرة الأرضية لا تدور وأن الدائرة لم تَدُرْ عليه، وأنه يكفي أن يُطلق العنان لشقشقة اللسان حتى تصدّقه الآذان! ولذلك بالذات لم يستطع السي إلياس “الخبير بالعلاقات الدولية” ذو الشهادة الابتدائية، أن يفهم ويستوعب أن هناك تحوّلات كبيرة يشهدها المغرب بعد العفو الملكي الأخير، الذي نأمل أن يتّسع قريبا لمعتقلي الريف وباقي الاحتجاجات الاجتماعية، فضلا عن النقيب المسنّ محمد زيان، وبعض معتقلي أكديم إزيك… ما لم يتنبّأ به “قارئ الفنجان” أن هذا العفو المرتقب هو أيضا إدانة ملكية صريحة لإلياس وللدور الخبيث، الذي لعبه في ما جرى بمخيم اگديم إزيك، قبل الحديث عن دوره القذر في أحداث الريف، ودون الكلام عن تزعّمه للقيادات المتكلّسة وعبثه الشعبوي في الحقل الحزبي الذي أفسد به السياسة (أكثر مما هي فالْسة)!!! هذا هو ما لا يريد إلياس أن يدركه، وهو أنه ما عاد له “مكان” في مشهدٍ سياسي طرده منه الملك محمد السادس، بصفة علنية، في خطاب عرش 2017، الذي خصّصه لاحتجاجات الريف، والذي وجّه فيه لإلياس ولأمثاله من الطبقة السياسية المتسلقة والفاشلة اتهامات خطيرة بإفساد السياسة، والانحراف بها عن جوهرها النبيل، ووصفهم بأنهم “يتسابقون إلى الواجهة للاستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة”، و”عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي”، قبل أن يختم الملك عن الاستغراب من وجود مسؤولين فشلوا في مهمتهم، ومع ذلك يتطلّعون إلى مناصب أكبر من مناصبهم الحالية، معتبرا أن “مثل هذه التصرفات والاختلالات، هي التي تزكّي الفكرة السائدة لدى عموم المغاربة، بأن التسابق على المناصب، هو بغرض الاستفادة من الريع واستغلال السلطة والنفوذ”.
لقد آن الأوان، انطلاقا من قراءة لأبعاد العفو الملكي الأخير، أن يخجل إلياس وأمثاله من السياسيين الفاشلين من أنفسهم، وأن يخرجوا من حياة المغاربة ويبتعدوا عن طريقهم وعن آمالهم وأحلامهم، ويذهبوا إلى حيث يتنعّمون بالأموال الفاحشة، التي تحصّلوا عليها بأساليب ممارستهم للسياسة، لعل إلياس، وكذا أمثاله، قد يهنأ بـ”النعيم” إلى أجل معلوم، قد يأتي عاجلا أم آجلا، حيث سيتجرجر للمساءلة والمحاسبة على كل الأفعال، التي ارتكبها في تلويث الحقل الحزبي، وعلى منابع ومآلات الملايير، التي استعملها هو وغيره، في الداخل وفي الخارج، دون أن يعلم أحد كيف أخرج مبالغ ضخمة من العملة الصعبة لتأسيس عدة شركات بعدّة دول… المساءلة آتية لا ريب فيها، على حدّ قولالمناضلين عندما يهتفون: “سْوا اليوم سْوا غدّا.. الحْسابْ ولابُدَّ”!!!.
-
رياضة منذ 5 أيام
إناث النادي الملكي للكرة الحديدية في المرتبة 3 ببطولة المغرب
-
مجتمع منذ 7 أيام
مراكش: توقيف مدافع عن ضحايا زلزال الحوز
-
سياسة منذ يومين
القيادة الجماعية لحزب “الجرار” تتصدع بتجميد عضوية أبو الغالي
-
رياضة منذ يومين
البنية الرياضية بالبيضاء تتعزز بافتتاح ملعب درب غلف ( فيديو)
-
سياسة منذ 3 أيام
مباحثات تجمع بوريطة ونظيره المصري في ظل تقارب الرباط وأديس أبابا
-
واجهة منذ 3 أيام
الشراكة تجمع كلا من النقابة الوطنية للصحافة المغربية والاتحاد الوطني للصحفيين في موزمبيق
-
رياضة منذ 7 أيام
كأس إفريقيا للأمم 2025.. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الغابوني (4-1)
-
سياسة منذ 5 أيام
المرشح حساني شريف يندد بتجاوزات خلال انتخابات الجزائر الرئاسية