على مسؤوليتي
مراد بورجى: فصيل صحراوي يتجه نحو أمانة حزب الاستقلال وعينه على رئاسة الحكومة
نشرت
منذ سنتينفي
بواسطة
مراد بورجى
لم يكن مفاجئا تجديد الثقة في المسؤول الصحراوي البارز النعم ميّارة، كاتبا عاما للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، لولاية ثانية، ودون منازع، خلال المؤتمر الوطني الثاني عشر لنقابة حزب الاستقلال، الذي نُظِّم في بوزنيقة أيام 2 و3 و4 فبراير 2024، بعدما حظي بإعادة انتخابه بإجماع أكثر من 3 آلاف مؤتمِرة ومؤتمِر تحت الهتاف: “انتهى الكلام.. ميارة كاتب عام”.
الذي كان مفاجئا هو كلمته أمام المؤتمرين وضيوف المؤتمر، التي جاءت مسالمة ومهادنة بخلاف ما كان كثيرون ينتظرون، إذ كانوا يتوقّعون أن يكون أمامهم ميّارة، الذي صوّب مدفعيته بالأمس نحو الحكومة، ووزرائها، بمن فيهم وزراء حزبه أنفسهم، وعبّر عن غضبه منهم، وندّد بما يعانيه الشعب المغربي “بسبب ارتفاع الأسعار والمضاربات، وعدم الزيادة في الأجور”، حتى أنه قال بتصعيد في الاستنكار: “حشومة مْغاربة ما يلقاوش باش يكملوا الشهر عيب وعار”، بل وصل الأمر إلى توجيه تهديد مباشر إلى الحكومة، التي يُشارك حزبه فيها بأربعة حقائب وزارية، عندما صرخ “الصبر كيضبر”، وأن “الموس وصل للعظم”، وأن الوضعية “لا تبشّر بالخير”… وفق ما ورد في كلمته، يوم الأحد 19 مارس 2023، بمدينة قلعة السراغنة، لتخليد ذكرى مرور 63 سنة على تأسيس الاتحاد العام للشغالين.
إذا كان ميّارة في كلمته تلك اعتبر أن سياسات حكومة أخنوش، فشلت في تلبية تطلعات الطبقة الشغيلة في المغرب، وألحقت أبلغ الأضرار بالسواد الأعظم من المغاربة، بقرارات “لاشعبية”، فقد سبق له أن فعل نفس الشيء مع الحكومة السابقة، التي كانت بقيادة إسلاميي العدالة والتنمية، والتي وصل تنديده بها وبسياساتها الاجتماعية إلى حد التموقف على يسار كل النقابات الأخرى، عندما خلق ضجيجا في الحياة النقابية والسياسية بالإعلان عن الانسحاب من جلسات الحوار الاجتماعي مع حكومة العثماني.
فكيف تحوّل خطاب ميّارة، بمعدل 180 درجة، من الرفض إلى الموالاة، ومن الإدانة إلى الإشادة، في ظرف أقل من 10 أشهر، بين 19 مارس 2023، و2 فبراير 2024؟.
لنعد إلى كلمة ميارة في افتتاح مؤتمر النقابة، لنفهم الإشارات والرسائل، التي كان شهودًا عليها حضور وازن من وزراء وبرلمانيين ومسؤولين عموميين وقادة أحزاب سياسية ومنظمات نقابية واقتصادية وعدة هيئات من المجتمع المدني المغربي، وضيوف من عدة بلدان شقيقة وصديقة، ناهيك عن ثلاثة آلاف من المؤتمرين.
أول إشارة بعث بها ميارة لمن يهمهم الأمر، هي تخصيصه لثلاثة أرباع خطابه لتاريخ الولاء للعرش العلوي، من محمد الخامس ثم الحسن الثاني إلى الملك محمد السادس واستعراضه لإنجازات القصر، خلافا لما ذهب إليه سلفه الراحل عبد الرزاق أفيلال وما صرح به لأسبوعية “الصحيفة”، في البدايات الأولى لحكم الملك محمد السادس، من أن النقابة “مستقلة عن القصر” في قراراتها، فجرّ عليه ذلك “الغضب”، وانتزع منه عباس الفاسي المقعد، الذي ظل يشغله حوالي 42 سنة، ليُجلس عليه النقابي الفاسي محمد بنجلون الأندلسي في 29 يناير 2006.
أما الإشارة الثانية، التي بعث بها النعمة ميّارة، هي أنه يعي تماما أنه الرجل الرابع في الهرم البروتوكولي للدولة، ويعرف كيف يفرِّق بين المشاريع الملكية الكبرى، خصوصاً نموذج بنموسى التنموي، وبين البرامج الحزبية الانتخابوية، لذلك مزّق، بمناسبة المؤتمر، قميص القائد النقابي الغاضب، وارتدى جبّة “رجل دولة”، وبذلة محامي الدولة والأحزاب والنقابات، فهاجم هذه المرة التنسيقيات، فيما وجه انتقادات ملطفة للجهاز التنفيذي، وأشاد بالعمل الحكومي بما أنه وحزبه أحد مكوناته…
وهكذا شن ميارة هجوما كاسحا على التنسيقيات، التي أصبحت تقض مضاجع مسؤولين عموميين وحزبيين ونقابيين، بعدما أظهرت معارك التعليم الأخيرة، أن “القرار النضالي” للشغيلة لم يعد بيد النقابات والأحزاب، وقد مال لفائدة التنسيقيات، التي شرعت تسحب منهم البساط، ليصبح ميارة، الوحيد دون باقي قيادات النقابات الأخرى، من خرج إلى العلن للهجوم على التنسيقيات دفاعا عن “الدولة والأحزاب والنقابات”، وخصّص لذلك صدارة الربع الأخير من خطابه، إذ اعتبر ميارة أن التنسيقيات، دون أن يسمّيها، تستهدف النقابات، مؤكدا أن “هذا الاستهداف خطر على التجربة الديمقراطية في بلادنا”، وأنه “لابديل عن الأحزاب والنقابات التي بوأها الدستور مكانة مهمة في المنظومة المؤسساتية الوطنية”، أي أن ميارة، من خلال تحول خطابه، يُفهم أنه يوجه رسائل إلى من يهمهم الأمر مفادها أن نقابته تضع مصلحة الوطن هي العليا، وتضع الأمن والاستقرار فوق أي اعتبار.
لذلك، عوض لغة تهديد الحكومة بتصعيد النضالات الاحتجاجية “حْظيوْا رْيوسْكم ماغاديش نبقاوْا ساكتين ليكم”، جنح ميّارة إلى لغة الطمأنة، وحسن النوايا، والتمسك بالحوار عوض الاحتجاج، إذ يقول “إننا مؤمنون بفضيلة بل بفضائل الحوار، فرغم كل الظلم الذي قد يواجهنا، فإننا لن نتخلى أبدا عن الحوار، لأنه هو السبيل الأنجع كي نوصل مطالبنا، وكي نعبر كذلك عن مواقفنا من كل القضايا والإشكاليات الراهنة”، كالتقاعد، والقانون التنظيمي للإضراب، ومدونة الشغل، وقانون النقابات، إلى غير ذلك من القضايا.
الإشارة المهمة في هذا المؤتمر هي حرص ميّارة، وفي ذلك رسالة واضحة، على التأكيد والتشديد على “وحدة الخطاب والمواقف”، إذ يقول: “أؤكد لكم اليوم ما سبق أن عبّرت عنه مرارا وتكرارا في كل الاجتماعات واللقاءات التي عقدناها في العديد من الأقاليم والجهات، أننا لا نتبنى ازدواجية الخطاب، خطاب هنا وخطاب هناك، إن خطابنا واحد ومواقفنا واحدة”… فهل هي رسالة يوجّهها القيادي النقابي والحزبي باسم الفصيل الصحراوي لمن يهمهم الأمر؟.
أي أن هذا الفصيل الصحراوي يريد أن يؤكد “للقصر” أن معه ستنتهي سياسة “وضع رجل في الحكومة ورجل في المعارضة”، علما أن هذه التهمة أُلصقت بحزب الاستقلال خلال حكومة اليوسفي، التي كان يشارك فيها حزب علال الفاسي بوزن ثقيل، بيد أن نقابته لا تكف تنتقد الحكومة وتحتج عليها، وشبيبته باتت تصدر بيانات نارية بين الحين والآخر، وجريدته “العلم”، أم الصحافة المغربية، أضحت تعجّ بانتقادات حادة للحكومة، ومن يعود إلى زاوية “مع الشعب” لمدير النشر الفاسي عبد الكريم غلاب، و”بخط اليد” لرئيس التحرير الفاسي عبد الجبار السحيمي، سيبصم بالعشرة أن هذا المنبر ينتمي إلى المعارضة… ومنذ ذلك الحين، وفي كل الحكومات التي شارك فيها الاستقلال، باتت تطارده تهمة “وضع رجل هنا ورجل هناك”، إلى أن يأتي ميّارة، اليوم، ليقول بنبرة تأكيد قوية: “إننا لا نتبنى ازدواجية الخطاب”… فمن يكون هؤلاء “إننا”؟ هل هم الاستقلاليات والاستقلاليون بالعموم؟ أم هم استقلاليات واستقلاليو الصحراء على وجه التحديد؟.
أليست هذه الرسائل والإشارات تفيد أن التيار الصحراوي بلغ مرحلة لقيادة الحزب، عبر أمانته العامة، وليس عبر أمين عام غير صحراوي لكن منزوع الصلاحيات، ولن يحتاج بعد ذلك للتعديلات، التي تمس قوانين الحزب، والتي قد تنزع “ملكية الحزب” من عائلة الفاسي عبر إبعاد بعض القيادات الحزبية والإعلامية الموالية لبركة من اللجنة التنفيذية، أي الاتجاه رأسا إلى تقزيم وتحجيم (ممثلي القصر) داخل الحزب!!؟
كلام أصبح متجاوزاً بوجود ميّارة بالمنصب الذي هو فيه اليوم، ويمثل “جلالة الملك” في المنتديات والمحافل الدولية، دون الكلام عن انتخاب النعمة ميارة رئيسا لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، وهو منظمة برلمانية إقليمية، أسستها البرلمانات الوطنية لبلدان المنطقة الأورومتوسطية عام 2005، فيما يتواجد حمدي ولد الرشيد “جونيور” رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، والفاعلة الجمعوية عضو المجلس البلدي للسمارة فاطمة العدلي ضمن الوفد المفاوض للبوليساريو لحل ملف الصحراء المغربية بين الأخوة الأشقاء.
لغة التيارات تنحصر داخل الأحزاب، وتتأثر بالانتخابات، ولا علاقة لها بحب الوطن، وهو ما برهن عنه ومازال الصحراويون داخل وخارج المغرب كلما تعلق الأمر بالمصالح العليا للبلاد والعباد، ولذلك لم تعد لغة “التخوين” سارية المفعول، منذ انطلاق حكم العهد الجديد، ولن يدفع الخلف سوء تقدير السلف، ولربما كان لتجميد المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (كوركاس) خير للمغرب، فقد حد ذلك من التمييز بين سكان مناطق المغرب، وبدلًا منه، بتنا نتكلم اليوم عن (مجلسي الجهتين العيون والداخلة)، تماماً كما نتكلم عن سكان باقي جهات المملكة، وإذا ما تم حل ملف الصحراء وعاد الصحراويون المغاربة من محتجز تندوف للوطن، فستتحول الجهات، بمفهومها الحالي، إلى فدراليات بحكومات محلية، لنخرج مرة أخرى من منطق التمييز الذي قد يُقرأ من خلال حكم ذاتي مُوسّع، عبر تحويل المغرب لدولة فدرالية كما هو الحال في ألمانيا ودول أخرى، وقد راج هذا النقاش داخل الأوراش، التي نظمتها اللجنة، التي أعلن الملك محمد السادس عن إحداثها في خطاب مراكش يوم 01 مارس 2010 لإعداد مشروع حول الجهوية الموسعة، والتي ترأسها عمر عزيمان، المستشار الملكي حالياً.
لِنعُدْ إلى حزب الاستقلال العتيد لنقول إن هزم حميد شباط، “التيار العروبي”، لعبد الواحد الفاسي نجل علال الفاسي، وخروج الحزب من حكومة عبد الإله بنكيران، لم يكن السماح به عبثاً، أو مسألة قوة التيار من غيره، وما كان ليكون ذلك لولا أن قبِل بها القصر، وقد ساهم ذلك، حسب العارفين بخبايا الأمور، باقتلاع جذور “أهل فاس” من دواليب الإدارة ومناصبها العليا لتعويضهم بـ”اوْلاد الشعب” في تكريسٍ لدستور 2011، عندما تنازل الملك عن عدة صلاحيات وأسندها لرئيس الحكومة، فبرزت وقتها مقولة “ما للملك، وما لبنكيران”.
وعندما أنهى الملك استعراض عبد الإله بنكيران لعضلاته بإعفائه، وتعيين سعد الدين العثماني مكانه وهدّد بقوله “أن للقصر خيارات أخرى”، وأنهى الملك بنفس النبرة التهديدية في خطابه “فنطازيات” إلياس العمري، فتم إبعاده، ولأنه لم يعد بذلك مكان لخطاب الشعبوية، تم إقتلاع “الداخلية” لحميد شباط من الجدور وبنفس الطريقة التي استعملها هو في حق المناضل والنقابي الكبير الراحل عبد الرزاق أفيلال، وعاد نزار بركة ليجلس على كرسي الأمين العام حتى اليوم الذي آن فيه الأوان ليتولى التيار الصحراوي قيادة ثاني أقدم وأعرق حزب سياسي في المغرب (1944)، وتجربة محمد الشيخ بيد الله على رأس حزب الأصالة والمعاصرة كانت نموذجا يحتذى به، حيث مثّل المغرب أحسن تمثيل بصفته الصحراوية على رأس حزب صديق الملك فؤاد عالي الهمة، الذي خرج لبناء الحزب بعد أن تنازل عن صفة وزير منتدب لدى وزير الداخلية. وإذا كان قد انقلب عليه حواريوه، فإن الملك محمد السادس جازاه على نجاحه في “مهمته”، ورد له الاعتبار حينما عيّنه مستشاراً له في 07 دجنبر 2011.
خلاصة القول، عندما نتكلم اليوم عن إمكانية ترؤس الفصيل الصحراوي لحزب مثل حزب الاستقلال، فلن ينحصر طموحه هذا عند حد الأمانة العامة، بل سيمتد إلى رئاسة الحكومة التي يطمح لها كل الصحراويين بكل الأحزاب السياسية اليوم، ولن يتأتى لهم ذلك من خلال أحزاب يترأسها “الخالدون”، الذين سئم منهم الملك والشعب على حد سواء، كما عبّر الملك محمد السادس عن ذلك في عدة خطابات، وهو ما فتئ يطلب من هذه “الطينة” السياسية “الخالدة” الرحيل مادام وجودها يعرقل التنمية ويحد من دبلوماسية المغرب الخارجية، وترك المجال أمام الشباب المثقف ليدلو بدلوه، وفي سياق ذلك كان تعيين الصحراوية امباركة بوعيدة وزيرة منتدبة في الخارجية ضمن حكومة بنكيران الثانية، وهي التي تم تتويجها في منتدى دافوس بلقب “قائدة عالمية شابة” في مجال السياسة لسنة 2012، إلاّ أن “معلم الشكارة”، التي سبقته لحزب الحمامة، حاصرها ولم يبوِّئْها مكانا في الحكومة لخدمة الديبلوماسية الموازية كصحراوية بخمس لغات.
ولنكن صادقين مع أنفسنا ونقول اليوم إن الانتخابات المقبلة لن يحتاج فيها المغرب لحزب سياسي يقدم برنامجا لحملته الانتخابية مادام هناك برنامج ملكي متكامل يتجسد في النموذج التنموي، بالإضافة للأوراش الملكية الكبرى، التي تحتاج فقط إلى التنزيل السليم على الأرض، إلى جانب ذلك، هناك العمل على تحقيق نجاح استضافة المغرب لكأس العالم 2030… ولذلك، قد تُطرح من جديد فكرة حكومة ائتلاف وطنية يساهم فيها الجميع لتقلّد مسؤوليات المرحلة المقبلة، التي ستعرف غياب العديد من السياسيين المرشحين اليوم لدخول السجن بعد رفضهم الرحيل بسلام عندما طلب منهم الملك ذلك، مرارا وتكرارا، في خطابات عديدة.
الملك محمد السادس لا يريد هذه الطينة الخالدة من السياسيين، التي فشلت في كل شيء يهم مصلحة الوطن، فيما كل ما نجحت فيه هي مراكمة الثروة “الغير مشروعة”، ولن يسمح الملك أن يمتد وجودها لمرحلة ولي عهده الأمير مولاي الحسن “الثالث”، الذي سيمكّنه الانتقال الرقمي من الاطلاع على كل صغيرة وكبيرة في البلاد والعباد.
ومن أهم الملفات على الإطلاق، التي يريد الملك محمد السادس تصفيتها قبل تولي ولي عهده حكم المغرب هو ملف الصحراء المغربية، الذي بعد سحبه من لجنة تصفية الاستعمار والتوجه نحو سحبه من الأمم المتحدة، جاء اقتراح الملك محمد السادس، في خطاب المسيرة الخضراء الأخير، فتح الواجهة الأطلسية أمام الدول الإفريقية، وعلى رأسها الجزائر، التي خاضت كل معاركها ضد المغرب في سبيل أن تجد لها منفذًا للمحيط الأطلسي، فيما يسعى الملك، عبر إطلاق مبادرة إحداث إطار مؤسسي يجمع الدول الإفريقية الأطلسية الـ23، إلى توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك، بعد فشل المغرب العربي الكبير.
هذا يجرني مرة أخرى للعودة للحديث عن أهمية وجود الصحراويين في تسيير الدولة في المرحلة المقبلة لأذكّر بالمبادرة التي اطلقها النعم ميّارة حينما طالب بتوسيع “منتدى الحوار البرلماني 5+5″، الذي ينظمه برلمان البحر الأبيض المتوسط، لضم دول الساحل الخمس، ليصبح منتدى “5+5+5″… إذ رفع، في رئاسته للبرلمان المتوسطي، شعار “من أجل إرساء روح التضامن الفعّال في تبادل المعرفة والخبرة مع بلدان منطقة الجوار الجنوبي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، لاسيما على مستوى إفريقيا جنوب الصحراء، ومد جسور التعاون معها وإشراكها من أجل التعامل بشكل أكثر فعالية مع القضايا التي تتجاوز النطاق الجغرافي للمنطقة، مثل مكافحة الاتجار بالبشر، والجريمة المنظمة والإرهاب، والأمن، والتطرف، والهجرة، والتنمية المستدامة، والبيئة، والطاقات المتجددة”.
إذا كان الملك محمد السادس، في نفس خطابه، قد قال “لمواكبة التقدم الاقتصادي والتوسع الحضري، الذي تعرفه مدن الصحراء المغربية ، ينبغي مواصلة العمل على إقامة اقتصاد بحري، يساهم في تنمية المنطقة، ويكون في خدمة ساكنتها”، فهل كان الجالس على العرش يوجّه هذه التعليمات لمسؤولي المنطقة بالخصوص؟.
* مراد بورجى
على مسؤوليتي
سعيد الكحل: تثمين العمل المنزلي عُقدة الإسلاميين
نشرت
منذ 21 ساعةفي
ديسمبر 15, 2025بواسطة
سعيد لكحل
أخرجت توصيات اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس النواب بشراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة وصندوق الأمم المتحدة للسكان والوكالة الإسبانية للتعاون من أجل التنمية حول موضوع: “تثمين العمل المنزلي للنساء بالمغرب: من الاعتراف إلى التمكين”، يوم 26 نونبر 2025، أخرجت إسلاميي البيجيدي من وضعية “الاطمئنان” وانتظار نتائج عمل اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، إلى حالة الهيجان لِما تضمنته ـ تلك التوصيات ـ من إحداث “اللجنة الوطنية لتثمين العمل المنزلي”، ولجنة برلمانية خاصة لمراقبة تنفيذ توصيات اليوم الدراسي ودمج مخرجاته في عمل اللجان الدائمة، وإصدار تقرير سنوي مشترك تصدره الوزارة ومجلس النواب وصندوق الأمم المتحدة للسكان حول تتبع التوصيات والتقدم المحرز”. إذ عبرت “الأمانة العامة عن استغرابها ورفضها لقبول المؤسسة التشريعية والحكومة بتوصياتٍ من هذا القبيل تهم مختلف السياسات الوطنية العمومية والقطاعات الحكومية والجماعات الترابية”.
لقد أدرك البيجيدي أن مناهضته الشرسة لتثمين العمل المنزلي واطمئنانه إلى كون لجنة تعديل المدونة ستتجاوب مع مطالبه الرافضة لهذا التثمين، باتت دون جدوى بعد أن تم الالتفاف عليها بانخراط البرلمان والقطاعات الحكومية في إستراتيجية تثمين العمل المنزلي وإلغاء كل أشكال العنف القائم على النوع، وفي مقدمته العنف المادي والاقتصادي. خصوصا ما ورد في الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس مجلس النواب من تأكيد على أن “هذا الموضوع يقع في صميم الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل من العدالة الاجتماعية والمساواة ركيزتين أساسيتين لبناء الدولة الاجتماعية الحديثة. وشدد على أن إدراج العمل المنزلي ضمن منظومة الاعتراف الاقتصادي والاجتماعي ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل هو اختيار يعكس عمق المشروع المجتمعي المغربي الرامي لتحقيق الإنصاف والتوازن”.
إنها إستراتيجية واضحة أملتها الإرادة الملكية “وفي مغرب اليوم، لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها.
وهنا، ندعو لتفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض بوضعيتها” (خطاب العرش 2022)، والاتفاقيات الدولية، أهمها اتفاقية “سيداو” للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة؛ ثم نضالات الحركة النسائية، فضلا عن القيمة الاقتصادية لهذا العمل غير المعترف به والتي تصل إلى 513 مليار درهم. وهذه خطوة جد مهمة من الحكومة أن تقر بالمردودية الاقتصادية للعمل المنزلي وتدرس سبل تمكين ربات البيوت من تقاعد، مهما كان مبلغه، يحفظ لهن كرامتهن.
أحكام قضائية وفتاوى فقهية منصفة.
إن المحاولات اليائسة للإسلامويين وعلى رأسهم البيجيدي وذراعه الدعوية لن توقف زحف الربيع الحقوقي للنساء؛ وما شطحاته اليوم إلا دليل نكساته السياسية وخيباته في مسار إنصاف المرأة. ذلك أن رهانه على معارضة ادخال تعديلات جوهرية على مدونة الأسرة لتثمين العمل المنزلي، رهان خاسر. فالاجتهادات الفقهية النابعة من صميم الواقع المغربي انتصرت لحق الأرملة والمطلقة فيما تراكم من ممتلكات خلال فترة الزواج نظير ما بذلته من جهد، سواء في تربية الأولاد أو القيام بأشغال المنزل أو مساعدة الزوج في الكسب.
فقد ذهب فقهاء شمال المغرب ومنهم أبو القاسم بن خجو المشهور بالقوري، وأحمد بن عرضون وأخٌوه محمد بن عرضون وغيرهم، إلى الإفتاء بحق الكد والسعاية؛ كما اشتهر فقهاء منطقة سوس، من خلال نوازلهم الفقهية، بالإقرار للزوجة بحقها فيما تراكم من ممتلكات. إذ ذكر المرحوم محمد المختار السوسي في كتابه المعسول، “أن قضاة جزواة (وهي من بلاد سوس) أنهم كانوا يحكمون بالسعاية للمرأة في كل ما يدخل إلى الدار بقدر سعايتها”.
ولا تختلف المرأة في البادية عن المرأة في المدينة فيما يتعلق بحق السعاية. إذ نجد، في هذا الباب، فتوى للفقيه الورزازي، حين سئل عن الزوجة إذا كانت تخدم في دار زوجها، هل لها فيما استفاده زوجُها من خدمته وخدمتها أم لا ؟ فأجاب : “قال الإمام ابن العطار، مذهب مالك وأصحابه، أن المرأة إذا كانت تعمل مثلا الغزل والنسج ونحوهما. فإنها شريكة للزوج فيما استفاده من خدمتها أنصافا بينهما، وكذا الأم مع أولادها، والأخت مع أختها والبنت مع أبيها، ونساء الحاضرة والبادية في هذا سواء والله اعلم”.
ومن الفتاوى المؤيدة لتثمين العمل المنزلي، فتوى الفقيه العباسي في نوازله التي ورد فيها “ومن تزوجت ووجدت عند زوجها بهائم ومكثت عنده أربعة أعوام ثم فارقها، فإنها تأخذ سعايتها فيما زادت من البهائم بقول أهل المعرفة”.
أما ما يتعلق بالأحكام القضائية التي أنصفت النساء وأقرت حقهن في الممتلكات الزوجية، فيمكن إعطاء حُكمين على سبيل الذكر لا الحصر:
1 ـ الحكم الصادر عن محكمة الشرع بتزنيت سنة 1959 والذي قضى “بقسم قيمة الجميع نصفين: نصف للدمنة كما هو الجاري به العمل بهذه البلاد، والنصف الباقي يقسم بين المدعية (ر بنت (م) وبين المدعى عليه (م بن ع) لكونهما وحدهما في الدار والسعاية لهما فقط “.
وعللت المحكمة حكمها هذا بكون “العمل جرى بثبوت السعاية للنساء في البوادي كما بين في شرح العمليات، خصوصا ما كانت عليه نساء الأزواج المسافرين إلى فرنسا ويتركون أزواجهم يقمن مقامهم في تربية البهائم والأولاد وفي الحرث والحصد ومقابلة أملاكهم، بل ويحضرون في المحاكم يدافعن عن أملاك أزواجهن “. فالمحكمة وسّعت من دائرة الأعمال التي تخوِّل للزوجة حق السعاية، في إطار تثمين العمل المنزلي، وجعلتها على ثلاثة أصناف: أولها ويتعلق بالعمل الفلاحي المتمثل في الحرث والحصاد وتربية الماشية وغير ذلك. وثانيها العمل المنزلي المعبر عنه بتربية الأولاد، وثالثها ويتعلق بالعمل الإداري والقانوني والقضائي المتمثل في تحمل أعباء حل المشاكل الإدارية لأملاك الزوج أو الدفاع عنها أمام القضاء أو التقاضي بخصوصها لحمايتها من الترامي أو التضييع.
2 ـ قرار محكمة الاستئناف بالرباط رقم 244 الصادر بتاريخ 04.04.2000 بشأن الملف العقاري عدد1999/6323 ، والذي ذهب إلى أن “الكد والسعاية من لدن المرأة سواء في البادية أو الحاضرة المعتبر للتعويض عنه، هو المترتب من عمل مكتسب وافر على الحاجيات الشخصية يصب في ثروة مادية أنشئت اثناء الحياة الزوجية”.
واضح مما تقدم، أن الفقهاء والقضاة الذين تصدوا بالفتيا أو الحكم لمسألة تثمين الأعمال التي تقوم بها النساء في المنازل، إنما فعلوا وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم الحية، ولم يتعاملوا مع مؤسسة الزواج “كشركة تجارية”، أو “علاقة مشغِّل وأجير داخل البيت” كما يزعم البيجيدي. بل إن حرمان الزوجة من حقها فيما ساهمت فيه من ممتلكات زوجية لهو الظلم بعينه لأنه يدخل ضمن “أكل أموال الناس بالباطل” المنهي عنه في الإسلام.
إن رفض البيجيدي تثمين العمل المنزلي للنساء يجسد عداءه لحقوق النساء. لهذا نجده يناهض حق ولاية المرأة على نفسها في الزواج، وحقها في التطليق وحل رابطة الزواج، وحقها في ملكية جسدها وفي الإجهاض غير المرغوب فيه؛ كما يصر على شرعنة الاستغلال المادي والجنسي للنساء بالتشبث بتزويج الطفلات، وبقاعدة التعصيب التي تحرم الإناث من كامل حقهن في التركة، وكذا حرمانهن مما ساهمن في تكوينه ومراكمته من ممتلكات خلال فترة الزواج. وها هو اليوم يعارض سعي الحكومة إلى تثمين العمل المنزلي باعتباره عملا منتِجا.
على مسؤوليتي
السياسة : في الحاجة إلى المعنى في زمن التفاهة
نشرت
منذ يوم واحدفي
ديسمبر 15, 2025بواسطة
الجديد TV
لم تعد التفاهة في الحقل السياسي المغربي مجرد انزلاق لغوي أو ضعف تواصلي لدى بعض الفاعلين، بل أصبحت نمطًا اشتغاليًا يُعاد إنتاجه بشكل شبه منتظم داخل الفضاء العمومي.
الأخطر في هذا التحول ليس رداءة الخطاب في حد ذاتها، بل كونها تُقدَّم باعتبارها سياسة، وتُسوَّق بوصفها قربًا من المواطن، بينما هي في الواقع تفريغ ممنهج للفعل السياسي من محتواه المعرفي والأخلاقي.
السياسة، في معناها الفلسفي، تفترض القدرة على تحويل الواقع الاجتماعي إلى موضوع للنقاش العقلاني، وعلى بلورة اختيارات واضحة تُعرض للنقد والمساءلة. غير أن الممارسة السائدة تُظهر انتقالًا واضحًا من سياسة البرامج إلى سياسة الانطباعات. في الحملات الانتخابية، على سبيل المثال، نادرًا ما يشهد النقاش العمومي تفكيكًا حقيقيًا للسياسات العمومية أو تقييمًا للأثر الاجتماعي للقرارات السابقة. بدل ذلك، يهيمن خطاب شعاراتي فضفاض، يُكثر من الوعود العامة دون تحديد الوسائل، ويعتمد على سرديات شخصية، أو على استعراض “القرب” من المواطن عبر صور وأساليب تواصلية لا تحمل أي مضمون سياسي فعلي.
هذا الاختزال يتجلى بوضوح في النقاشات البرلمانية التي تتحول، في كثير من الحالات، إلى مشاهد خطابية موجهة للاستهلاك الإعلامي. أسئلة آنية تُطرح دون متابعة، سجالات لفظية تُستثمر للتصفيق أو للانتشار الرقمي، بينما تغيب النقاشات العميقة حول السياسات القطاعية، أو تقييم البرامج الحكومية، أو محاسبة الاختيارات الاقتصادية. البرلمان، هنا، لا يُعطَّل، لكنه يُفرَّغ من وظيفته التداولية، ويُعاد تعريفه كفضاء عرض لا كفضاء تفكير.
في الفضاء الرقمي، تتخذ التفاهة السياسية شكلًا أكثر فجاجة. تصريحات مبتورة، مقاطع قصيرة خارج سياقها، ومواجهات كلامية تُقدَّم بوصفها “نقاشًا سياسيًا”. سياسيون يراكمون الحضور عبر الإثارة لا عبر الفكرة، ويُقاس وزنهم بقدرتهم على إثارة الجدل لا بقدرتهم على صياغة بدائل. وهنا يتحقق منطق خطير: السياسة تُكافَأ حين تكون سطحية، وتُعاقَب حين تكون معقدة. المواطن لا يُمنع من الاهتمام، بل يُستنزف في متابعة لا تُفضي إلى فهم.
من منظور سوسيولوجي، لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن أزمة الثقة المتراكمة. فحين يغيب المعنى، يصبح العزوف موقفًا عقلانيًا. التفاهة السياسية لا تُقصي المواطن قسرًا، بل تدفعه إلى الانسحاب الهادئ، لأنه لا يرى في الخطاب المعروض ما يستحق الاستثمار الذهني أو العاطفي. وهكذا، تتحول المشاركة السياسية إلى طقس انتخابي محدود، لا إلى انخراط واعٍ في الشأن العام.
الأخطر أن هذا النسق لا يعمل ضد السلطة السياسية فقط، بل ضد السياسة ذاتها. فالتفاهة تُفرغ الصراع من مضمونه، وتحوّل الاختلاف إلى مشاحنات شخصية، وتُعيد إنتاج نفس النخب داخل نفس الدائرة الخطابية. لا أحد يُحاسَب على ضعف الفكرة، لأن الفكرة أصلًا لم تعد شرطًا. وبهذا، تُستبدل السياسة بوهم السياسة، كما وصف بودريار: تمثيل بلا أصل، وصورة بلا واقع.
في هذا السياق، تصبح مفاهيم مثل “الإصلاح” و“النموذج التنموي” و“ربط المسؤولية بالمحاسبة” جزءًا من قاموس متداول، لا من برنامج عمل. تُستعمل هذه المفاهيم بكثافة، لكنها لا تُحمَّل بمحتوى قابل للقياس أو للنقد. وهنا تتجلى تفاهة المعنى في أقصى صورها: اللغة السياسية تبدو غنية، لكنها معطّلة وظيفيًا.
إن التفاهة السياسية، بهذا المعنى، ليست فشلًا فرديًا، بل نتيجة نسق يكافئ السلامة الخطابية، ويعاقب الجرأة الفكرية. نسق لا يمنع النقاش، لكنه لا يسمح له بأن يغيّر شيئًا. وهذا ما يجعلها أداة ضبط ناعمة بالمعنى الفوكوي: ضبط عبر الإلهاء، لا عبر المنع؛ عبر الإشباع الرمزي، لا عبر القمع.
إن استعادة السياسة لمعناها في المغرب تمرّ عبر كسر هذا النسق، لا عبر تحسين لغته فقط. تمرّ عبر إعادة الاعتبار للبرنامج، وللتفكير طويل النفس، ولمساءلة حقيقية لا تُختزل في لحظة إعلامية. ففي سياق تُدار فيه السياسة بالضجيج، يصبح العمق فعلًا مزعجًا، ويغدو الدفاع عن المعنى موقفًا سياسيًا في حد ذاته. كل ذلك في انتظار معنى يعيد للسياسة شرفها.
* أوسي موح الحسن
على مسؤوليتي
سعيد الكحل: الفقيه الريسوني يعود إلى عادته القديمة
نشرت
منذ أسبوع واحدفي
ديسمبر 8, 2025بواسطة
سعيد لكحل
أصدر الفقيه الريسوني، بتاريخ 29 نونبر 2025، فتوى تحت عنوان “فتوى حول التعامل مع المحتلين والمعتدين”، يحرم فيها كل أشكال التعامل مع إسرائيل ومع الشركات والجهات الداعمة لها.
* التطاول على صلاحيات لجنة الإفتاء.
يصر الفقيه الريسوني على مخالفة إجماع المغاربة وتشبثهم، من جهة، بمرجعيتهم الدينية التي تلزمهم بطاعة ولي الأمر، ومن أخرى بوثيقتهم الدستورية التي تنص في الفصل 41 بأن “الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية. يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه. ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة”.
والفقيه الريسوني، بفتواه تلك التي تخرق الدستور وتتنكر لمذهب المغاربة وما أجمعوا عليه حفاظا على وحدتهم، يصر على تنصيب نفسه “مفتيا” في شؤون المغاربة الدينية والدنيوية. وليست المرة الأولى التي يتطاول فيها على اختصاصات المجلس العلمي الأعلى، بل سبق له أن فعلها مرات عديدة، حيث كانت أولاها يوم تصدى لمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، متهما واضعيه ومسانديه بمحاربة الدين وهدم ما تبقى من حصونه. إلا أن أخطرها لما طعن في أهلية الملك لإمارة المؤمنين، سنة 2003، فاضطر، ساعتها إلى تقديم استقالته من رئاسة حركة التوحيد والإصلاح. وها هو اليوم يواصل استهدافه لإمارة المؤمنين تنفيذا لمخطط تنظيم الإخوان الدولي الذي كشفت عنه رسالة مرشد التنظيم في مصر، مصطفى مشهور، إلى تنظيمات الإسلام السياسي بالمغرب سنة 1996، ومن أهدافها: ضرب الشرعية الدينية للملك ومنازعته صلاحياتها. لهذا شدد الفقيه الريسوني في فتواه على البعد الديني وذلك بالتحريم القاطع لأي تعامل مع إسرائيل.
* فتوى سياسية وليست دينية.
إن الفقيه الريسوني لم ينصّبه الدستور مفتيا ولا تم تعيينه رئيس لجنة الإفتاء. إنما هو لسان حال تنظيم الإخوان يروج لشعارات فرعه بالمغرب التي ظلت ترددها الجماعات المنتمية إليه على مدى خمس سنوات، واشتد صرخاتها مع “طوفان الأقصى” في محاولة يائسة للضغط على المغرب لقطع كل العلاقات مع إسرائيل. لم يكن هدف الريسوني ومعه إخوانه في التيار نصرة أهل غزة، بل استثمروا في مآسي الفلسطينيين أملا، من جهة، في استرجاع مواقعهم الانتخابية التي خسروها بسبب فقدانهم أصوات الناخبين، ومن أخرى سعيا إلى استهداف شرعية النظام الدينية والسياسية. ذلك أن تنظيمات الإسلام السياسي وفقهائها وعلى رأسهم أحمد الريسوني الذي تولى رئاسة “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” الذي يتشكل من الأعضاء المنتمين لهذا التيار قبل أن يستقيل مضطرا، لم يصدروا بيان إدانة ضد قطر وتركيا اللتين تربطهما علاقات قوية ومتعددة مع إسرائيل. فقد سبق لمحمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، أن صرح، في لقاء صحفي لقناة “فوكس” الأمريكية أن “دولة قطر منذ التسعينيات، منذ أوسلو كانت أول دولة تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، عندما كان هناك أمل في السلام، وفي عام 1997 وقعنا على البعثات التجارية.. حتى الآن لا تزال لدينا علاقة العمل هذه، لم تتوقف”. كما سبق لمعهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط (MEMRI) أن سرّب وثائق تثبت تمويل الحكومة القطرية لمسؤولين إسرائيليين ضمن “مشروع رافين”، ومنها وثائق يرجع تاريخها إلى عامي 2012 و2018، حين قدمت قطر منحتين على الأقل، لنتنياهو، الأولى قدرها 15 مليون دولار في عام 2012 والثانية قدرها 50 مليون دولار في عام 2018. نفس الأمر فيما يتعلق بتركيا التي تربطها علاقات قوية بإسرائيل؛ إذ تشير الأرقام إلى أن قيمة صادرات تركيا من الصلب إلى إسرائيل بلغت في مارس 2024 نحو 13 مليوناً و901 ألف و470 دولاراً، مقارنة بـ153 ألفاً و400 دولار فقط في الشهر نفسه من عام 2023، أي بزياد مهمة بنسبة 8962.2%. أما قيمة صادرات الصلب خلال الربع الأول من 2024(يناير–مارس)، فقد بلغت 41 مليوناً و421 ألفاً و420 دولاراً، في مقابل 177 ألفاً و560 دولاراً في الفترة نفسها من عام 2023، أي بزيادة نسبتها 23228.1%. أما حجم التجارة بين إسرائيل وتركيا فقد بلغ 7 ملايير دولار. رغم حجم التبادل التجاري لم يهاجم الريسوني أو تنظيمات الإسلام السياسي تركيا؛ بل برروا علاقاتها مع إسرائيل ودافعوا عنها كما هو حال حركة حماس التي قالت، مباركة تلك العلاقات، إنها “تتطلع إلى مواصلة تركيا لدورها في دعم القضية الفلسطينية وإنهاء الحصار بشكل كامل”. لكن حين تعلق الأمر بالمغرب سارعت الحركة إلى الإدانة معتبرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل “يعد خطيئة وسلوكا مضرا بمصالح الأمة وأمنها ويمثل خطرا على القضية الفلسطينية وطعنة في ظهر شعبنا وأمتنا”.
* تنظيم الإخوان لا يؤمن بالأوطان.
ليس مستغرَبا أن يتجاهل الريسوني ومعه إسلاميو المغرب ظروف المغرب وقضيته الوطنية الأولى التي تستنزف مقدراته على مدى نصف قرن؛ فهم لا يؤمنون بالوطن وعلى استعداد للتضحية بمصالحه العليا من أجل أوهامهم الإيديولوجية العابرة للحدود. وهذا ما يفسر فتح أسواق المغرب على مصراعيها أمام المنتوجات التركية رغم الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت فيها، فضلا عن الاستغلال الفظيع لقضية غزة لتجييش المواطنين وحشدهم في مظاهرات واحتجاجات لا تنتهي من أجل الضغط على النظام لقطع العلاقات مع إسرائيل. ذلك أن الإسلاميين لا يقدّرون المكاسب الدبلوماسية والعسكرية للدعم الأمريكي والإسرائيلي للمغرب والذي أثمر قرار مجلس الأمن 2797 المعترف بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية. كما لم يكترثوا للتهديدات المتزايدة التي يشكلها النظام الجزائري على أمن المغرب وحدة أراضيه. وهذا الذي على الريسوني وإخوانه الوعي به واستحضاره حين الحديث عن “التطبيع” ومزاياه الدبلوماسية (الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء) والعسكرية (تزويد المغرب بأحدث الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية الرادعة لأي عدوان وبتقنيات صناعتها (نموذج صناعة الدرونات الانتحاريةSPX). فمن حق المغرب أن يستفيد من الدعم العسكري الإسرائيلي مثلما استفادت منه تركيا في تطوير جيشها.
إن فتوى الريسوني بمقاطعة كل الشركات التي يضعها تنظيم الإخوان ضمن خانة “الداعمة لإسرائيل”، لا يريد بها دعم غزة بقدر ما يسعى إلى الإضرار مباشرة بالاقتصاد الوطني وبالوضع الاجتماعي للمغاربة الذي سيترتب عن إغلاق الشركات والمؤسسات الإنتاجية والخدماتية وتسريح عشرات الآلاف من العمال وحرمان خزينة الدولة من عائداتها الضريبة. إنهم يريدون خنق النظام بتأزيم الأوضاع الاجتماعية وتجفيف موارده المالية؛ وتلك إستراتيجية تعتمدها كل تنظيمات الإسلام السياسي.
إن المغرب ليس بحاجة إلى فتاوى الريسوني وأمثاله لتطوير قدراته وبناء علاقاته الدولية. والدعم المغربي الدائم والمبدئي للفلسطينيين لا يتوقف على فتوى ولا يتأثر بمواقف التنظيمات الإخوانية. وعلى سماسرة وتجار القضية الفلسطينية أن يعلموا أن المغرب هو الدولة الوحيدة التي تتحمل مسؤوليتها المالية الكاملة في تمويل بيت مال القدس. وكان حريا بالريسوني أن يتعظ مما جرّته عليه نزواته الفقهية، إذ لا يكاد يرأس هيئة حتى يُطرد منها بسبب تنطعه والإفتاء فيما لا يعنيه ولا يدخل ضمن المجال الفقهي.
* شطحات الفقيه الريسوني.
إن المتتبع لخرجات وفتاوى الريسوني سيدرك تناقضاته/شطحاته التي لا يحكمها مبدأ ثابت. فهو نفسه لم ينضبط لفتواه بتحريم أي تعامل أو “افتاق سلام” مع إسرائيل؛ إذ سبق له أن وافق، سنة 2006، عبر قناة الجزيرة على موقف أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، بجواز توقيع حركته على هدنة مع إسرائيل. بل ذهب الريسوني أبعد من هذا لما أفتى بإمكان حماس أن تسمي اتفاق الهدنة مع إسرائيل بأنها “اتفاقية سلام” مؤقتة. وفي غشت 2019، نشر فتوى يجيز فيها للمسلمين غير الفلسطينيين زيارة القدس والمسجد الأقصى، مع العلم أنه سبق أن أخبر الصحفي والكاتب الفلسطيني، منير شفيق، أنه “يفضل قطع رأسه على أن يطلب تأشيرة من سفارة صهيونية”.
شطحات الفقيه الريسوني لم تقتصر على العلاقة مع إسرائيل، بل شملت فتاواه قضايا أخرى منها ولاية المرأة على نفسها في الزواج؛ إذ شدد في تحريمها عبر بيانه، سنة 2000، حول مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، ثم غيّر رأيه، في حوار صحفي، بعد ستة أشهر فقط. وحين أعلن جلالة الملك عن مضمون التعديلات التي همت مدونة الأحوال الشخصية أمام البرلمان سنة 2003، برر الريسوني موافقته على التعديلات بأن “اختيار الحاكم يرفع الخلاف”. لكنه اليوم يقرر مخالفة هذه القاعدة الفقهية والخروج عما أفتى به جمهور الفقهاء بوجوب طاعة ولي الأمر إرضاء لنزعته الأيديولوجية ووفاء لتنظيم الإخوان.
مراكش تتحتضن عرضا لمسرحية “الكمانجي” للمخرج عبد الحق الصقلي
ترامب يطالب “بي. بي. سي” بتعويض قدره 10 مليارات دولار
الطقس: نشرة إنذارية لوزارة النقل واللوجيستيك
طقس اليوم في مختلف مناطق المغرب
كأس العرب: الأردن إلى النهائي على حساب السعودية
لجنة المعطيات الشخصية تنفي رفضها نشر لوائح الصحفيين
المغرب يتغلب على الإمارات بثلاثية نظيفة ويتأهل لنهائي كأس العرب
فيضانات آسفي.. اجتماع طارئ وتعبئة شاملة لمواجهة الأزمة
سعيد الكحل: تثمين العمل المنزلي عُقدة الإسلاميين
تشكيلة المنتخب الوطني الرديف امام الإمارات
درعة-تافيلالت.. تعليق الدراسة مؤقتا بسبب سوء الأحوال الجوية
فيضانات آسفي.. النيابة العامة تفتح بحثا في الأسباب
المخرج سعيد بن الثقة يكشف الستار عن فيلمه الجديد الكوميدي “3 دقايق”
آسفي : تعليق الدراسة بالمؤسسات التعليمية لثلاثة أيام
(لارام) تفتح تسعة خطوط جوية مباشرة في اتجاه كل من أوروبا، وإفريقيا وأمريكا
النقابة الوطنية للصحافة تتضامن مع أسر ضحايا فيضانات آسفي
فيضانات آسفي: ارتفاع حصيلة الخسائر البشرية إلى 37 وفاة
السياسة : في الحاجة إلى المعنى في زمن التفاهة
ريال مدريد يفوز على ديبورتيفو ألافيس 2-1
الفيضانات الاستثنائية بإقليم آسفي: تعداد 21 حالة وفاة إلى حدود اللحظة
مدينة الصويرة تحتفي بأحد أبنائها البررة..محمد عبيد
إطلاق الدورة العاشرة للمنتدى الدولي للإعلام بواشنطن
سعيد الكحل: سقوط الأقنعة عن تجار الفتنة
كاس العرب 2025: المنتخب الجزائري حامل اللقب يكتفي بالتعادل مع السودان صفر-صفر
نحو إلزام الأحزاب الإسلامية بميثاق قانوني لوقف توظيف الدين وخطاب الكراهية
اختراق أمني يستهدف بيانات مستخدمي ChatGPT
أمريكا تقلص مدة انتظار التأشيرة بالمغرب إلى شهرين استعدادا لمونديال 2026
سعيد الكحل: الفقيه الريسوني يعود إلى عادته القديمة
هيئات نقابية صحافية تجدد رفضها القاطع لمشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة
هذه هي الشروط الجديدة لدعم ترشح الشباب في الانتخابات
قرعة مونديال 2026: المغرب يقع في مجموعة البرازيل
وزير الداخلية يذكر باستمرار تسجيل الناخبين
محكمة فرنسية تقرر تأجيل محاكمة سعد لمجرد بتهمة الاغتصاب
غوغل تكشف عن تحديث يتيح للشركات الاطلاع على رسائل الموظفين النصية!
مجلس التعاون الخليجي يجدد التأكيد على مغربية الصحراء ويرحب بقرار مجلس الأمن 2797
الجديدة: 90 سنة سجنا للمتابعين الستة في قضية اغتصاب قاصر
مدريد تشيد بالعلاقات “الرائعة” بين المغرب وإسبانيا
مراكش.. توقيف متورطين في سرقة سائحة أجنبية
كأس العرب 2025… البطولة تنطلق اليوم بمواجهتين مثيرتين
هؤلاء هم أفضل هدافي كأس أمم إفريقيا عبر التاريخ
مدينة الصويرة تحتفي بأحد أبنائها البررة..محمد عبيد
🔴 مباشر | الخطاب الملكي السامي
الدار البيضاء.. انطلاق المرحلة الرابعة من سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء
الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge
“الدوري الأول للراحلة حليمة مرجان”..الرياضة في خدمة العمل الخيري
الرباط تكرّم الراحل يونس رودياس أحد رموز كرة السلة بنادي الفتح الرياضي
الوداد الرياضي يحتفل بذكراه الـ88.. ليلة وفاء وتكريم لأساطير الأحمر
المغرب يدخل عصر العلاج الثوري لسرطان البروستاتا بتقنية HIFU
في حفل تأبيني مؤثر.. سبور بلازا يكرم روح الراحل كمال لشتاف
نادي “النور اولاد صالح” ينظم الدوري السنوي للكرة الحديدية
تفاصيل مؤامرة الجنرال أوفقير على رفاقه في الجيش وعلى الحسن الثاني
محمد لومة يحكي عن أخطر جرائم أوفقير في حق الوطن والشعب
للمرة الثانية الرباط تحتضن التجمع التدريبي الافريقي BAL في كرة السلة
هكذا اقتطعت الجزائر أجزاء من التراب المغربي و التونسي بدعم من فرنسا ( فيديو)
بالفيديو..تفاصيل محاولة اغتيال الحسن الثاني سنة 1972
1981: مقترح “الاستفتاء” حول الصحراء..عندما قال عبد الرحيم بوعبيد “لا” للحسن الثاني
محمد لومة يكشف مراحل الصراع بين الحسن الثاني و عبد الرحيم بوعبيد (الجزء الأول)
تفاصيل تحكى لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن حلون (الحلقة الثانية)
و شهد شاهد من أهلها..حقائق تكشف لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن جلون
حورية أجدور..صوت مجدد صاعد في سماء الأغنية الأمازيغية “فيديو “
الاكثر مشاهدة
-
رياضة منذ 7 أيامهؤلاء هم أفضل هدافي كأس أمم إفريقيا عبر التاريخ
-
واجهة منذ 6 أيامالمحامي الادريسي يقرر سلك المساطر القانونية ضد أعضاء لجنة أخلاقيات الصحافة
-
اقتصاد منذ 6 أيامالتجاري وفا بنك يتجاوز عتبة 10 مليارات درهم خلال 2025
-
منوعات منذ 6 أيامادراج القفطان المغربي ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي لليونسكو
-
منوعات منذ 5 أيامالدار البيضاء: معرض “خمسون” يحتفي بأعمال 50 فنانا
-
رياضة منذ 4 أيامكأس العرب: الأردن يصطدم بالعراق والإمارات تتحدى الجزائر
-
على مسؤوليتي منذ 21 ساعةسعيد الكحل: تثمين العمل المنزلي عُقدة الإسلاميين
-
مجتمع منذ 6 أيامارتفاع حصيلة انهيار مبنيين في فاس إلى 22 قتيلا
