الجميل في الإنسان المغربي بصفة عامة أنه متضامن مع أقرانه ورفقائه ونظرائه ، وفي ذلك عزاء للذات ولبعضنا البعض ، ومن يشذ عن النسق والسياق فهو ظالم لنفسه قبل الآخر.
التضامن قيمة إنسانية رفيعة ، وقد تضامن المغاربة مع فريقهم وفي ذلك دعم لخيارات تخص قطاع الرياضة وتثمين للمجهودات المبذولة، بغض النظر عن كمها ونوعها ، وكانت تظاهرة المونديال لحظة وطنية بإمتياز، تفرغ لها الأوفياء والشرفاء ونزهاء الوطن دون تناسي اللحظة الديمقراطية المؤجلة باستمرار ، ولأن للضرورة أحكام وللتضحيات أسس ومعايير وحدود، فإنه حان الوقت لتمكين اللحظة الديمقراطية من فرصتها وحقها في البناء بإرادة حقيقية تتجاوز نزوات الزمن السياسي اللحظية ، إلى الزمن الإجتماعي، فليس يفصل بين الزمنين سوى خيط رفيع يخط التمييز بين الإضطرارية وبين الجبرية في سياق جدول اعمال وطني تائه في برمجة جيوستراتيجية عالمية ، تستغرق الإرادات وتوجه الخيارات، ليطرح السؤال الضروري : من نحن؟ وماذا نريد؟ ، تتفرع عنه أسئلة منتجة للحقيقة والشفافية ، حقيقة الوعود والإلتزامات من أجل صناعة المواطن المتشبع والمتمتع بحقوق الإنسان ، ومدى صحتها وتوفر الإرادة السياسية لتنفيذها وتقبل المحاسبة بصددها.
أما الشفافية فمرتبطة بأسئلة النزاهة والمصداقية وحسن النوايا وتكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون ، والإنصاف وغيرها من القيم الإنسانية ذات الصلة بالحرية والكرامة والعدالة والحق في الحياة وفي الأمن ضد الخوف وضد الفاقة .
عشنا لحظات شبه سعيدة في توقيت اعتبرناه مناسبا لتجاوز تداعيات ” مسلسل ” كوفيد 19 الهيتشكوكي الذي شوش على مطلب الدولة الآمنة القوية بديلا لعقيدة الدولة الأمنية المخيفة.
فهل في مقدور تضامننا أن يسهم في ترسيخ إرادة الإنتقال الأمني المترددة ، بما يعنيه من إستكمال إرساء المفهوم الجديد للسلطة والمفهوم الحديث للعدالات ؟ وكيف لمهندسي العقل الأمني والإستشارة السيادية أن يطلق سراح المجلس الأعلى للأمن ومجلس الدولة كدين تاريخي متخلد في ذمة العهد الجديد ورواده .
* مصطفى المنوزي
رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن