Connect with us

على مسؤوليتي

سعيد الكحل: غزة بين فكي كماشة الاحتلال والتطرف (2/2)

نشرت

في

4 ـ تحويل القضية الفلسطينية إلى أصول تجارية مربحة.

لا يجادل أحد في عدالة القضية الفلسطينية وحق شعبها في وطن مستقل ودولة ذات سيادة. إلا أن الحسابات السياسية لأطراف عديدة، فلسطينية ودولية وإقليمية، لا تريد للقضية أن تنتهي لما تحققه المتاجرة بها من أرباح ومكاسب.

لهذا تصر الأطراف المتاجرة بالقضية على عرقلة كل الجهود الدولية لإيجاد حل يسمح بقيام دولة فلسطينية مستقلة (إفشال اتفاق أوسلو نموذجا). وأولى العراقيل تتمثل في تقسيم الفلسطينيين إلى تنظيمات وحركات ذات ولاءات لقوى إقليمية توظف القضية للعب دور الزعامة عربيا أو إسلاميا، ولاكتساب “الشرعية” الشعبية لأنظمتها الدكتاتورية، أو لابتزاز القوى العظمى من أجل امتلاك السلاح النووي.

إلى جانب هذه الدول الإقليمية المتاجرة بالقضية، تشكلت تنظيمات الإسلام السياسي التي ترفع كلها شعار تحرير القدس وفلسطين، سواء من داخل الشعب الفلسطيني أو في عموم الشعوب العربية والإسلامية. غايتها، من جهة، كسب تعاطف الشعوب وتحسين صورتها للوصول إلى السلطة والتحريض ضد الأنظمة الحاكمة بعد اتهامها بالتخاذل والتآمر، وذلك بهدف إسقاطها وإقامة أنظمة الاستبداد الديني؛ ومن جهة أخرى، جمع التبرعات ومراكمة الثروات باسم “دعم الشعب الفلسطيني”، بينما توجه الأموال إلى الحسابات البنكية الشخصية وإقامة المشاريع والاستثمارات المربحة.

وتكفي هنا شهادة محمود عبد الحليم، عضو الهيئة التأسيسية للتنظيم الدولي للإخوان وأول مؤرخ لتاريخ الجماعة، التي كشف كيف كانت جماعة الإخوان تجمع الأموال تحت اسم دعم القضية الفلسطينية دون أن تسلمها للفلسطينيين، في كتابه “الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ” حيث يقول: “النقود التي كنا نجمعها لفلسطين من المساجد والمقاهي والبارات لم يكن القصد من جمعها إعانة إخواننا المجاهدين الفلسطينيين بها، فهم كانوا من هذه الناحية في غير حاجة إليها، لأنّ أغنياء أهل فلسطين من التجار كانوا من وراء هؤلاء المجاهدين.. كان جمعنا لهذه التبرعات أسلوبًا من أساليب التأثير في نفوس الناس بهذه القضية، وربطًا لقلوب الناس وعقولهم بها، واختبارًا لمدى تجاوبهم معها”.

أما داخل قطاع غزة فقد اتخذت حماس من ظروف الحصار مصادر لمراكمة الثروات لفائدة قيادييها على حساب قوت أهل غزة (أبو مرزوق مثلا، الذي أدانته إحدى المحاكم الفدرالية بولاية تكساس الأمريكية بتحويل الأموال بطرق غير شرعية أصبح صاحب أصول واستثمارات كبيرة تفوق ملياري دولار. وكذلك هو حال مشعل الذي بات يملك شركة خاصة بالعقارات مقرها الدوحة وأربعة أبراج سكنية ومتجر ضخم يشغل عشرين طابقا ومشاريع أخرى مسجل جميعها بأسماء أبناء عائلته. أما إسماعيل هنية فقد قدّرت صحيفة “ذي تايمز” ثروته بنحو أربع مليارات دولار). يضاف إلى مصادر التمويل الخارجي للحركة مصادر محلية، بحيث كانت وحدها تسيطر على عمليات تهريب السلع والبضائع عبر الأنفاق وفرض الضرائب الباهظة على المنتجات الغذائية ومواد البناء والمحروقات المهربة عبر الأنفاق؛ وهذه بعض النماذج: الضريبة المفروضة على السيارات المهربة 1000 دولار زائد 25% من قيمتها، علما بأن عدد السيارات المهربة يوميا كان يبلغ ما بين 100 و200 سيارة. وتبلغ ضريبة الإسمنت 20 دولار للطن (40 طن يوميا). أما ضريبة الأخشاب فتبلغ 32 دولار للطن (500 طن يوميا)؛ فيما تبلغ الضريبة على الغازوال المهرب من مصر نصف دولار للتر ( 6000 لتر يوميا )، و 20 سنتا عن لتر من الغاز (6000 لتر يوميا).

خطط إسرائيل ردا على الطوفان.

بعد كل هذه الخسائر التي تسبب فيها “طوفان الأقصى” وتعنت حماس وتشبثها بالسلطة وإقامة عرشها على جثث الضحايا، باتت مطالبها تنحصر في إنهاء العدوان على القطاع وانسحاب قوات الاحتلال بالكامل منه. علما أن القطاع كان خاليا من قوات الاحتلال قبل الطوفان ومنذ أن فك شارون الارتباط بالقطاع سنة 2005، حيث كان المواطنون يمارسون حياتهم العادية آمنين في مساكنهم وورشات عملهم. لكن إسرائيل لم تكتف بتقتيل الفلسطينيين وتدمير القطاع، بل وضعت خططا لخلق وضع آخر لم يخطر على بال قيادة حماس وإن كانت هي التي ساعدت وعجّلت بتنفيذه.

وفي هذا السياق صرح نتنياهو، يوم 6 أبريل 2025 “قبل 7 أكتوبر لم تكن لدينا الشرعية المحلية ولا الدولية لإعادة احتلال قطاع غزة، والوضع اختلف الآن”. وجدير بالتذكير أنه في 2 أبريل 2025، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن خطط للاستيلاء على مناطق واسعة من غزة “بهدف القضاء على ما تبقى من البنية التحتية لحماس وإنشاء مناطق أمنية جديدة ستقسم غزة إلى قسمين”. ليتأكد اليوم أن “طوفان الأقصى” كان كارثة حقيقية على كل الفلسطينيين امتدت آثارها المدمرة إلى لبنان وسوريا واليمن بفعل شعار “وحدة الساحات” الذي فرضته عليهم إيران التي باتت هي نفسها في عين الإعصار.

وفعلا وحّد الدمار والموت ساحات هذه الدول، لدرجة أن نائب رئيس حماس في الخارج موسى أبو مرزوق في مقابلة مع “نيويورك تايمز”، قال”لو كنت أعلم حجم الدمار الذي سينتج عن هجوم 7 أكتوبر 2023 لكنت عارضته” و “إن معرفة العواقب كانت ستجعل من المستحيل دعمه”.

أ ـ إنهاء مهمة “الكيان الوظيفي”.

تتوالى قرارات إسرائيل العقابية ضد الفلسطينية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة. وقد استغل نتنياهو ملف الرهائن وتعنت حماس في تحقيق ما لم يستطع تحقيقه هو ومن سبقه من قبل، وفي مقدمته: اقتطاع مزيد من الأراضي الفلسطينية وضمها لإسرائيل، إقامة مناطق عازلة، تهجير الفلسطينيين إلى دول أجنبية، تقسيم القطاع إلى مناطق ثلاثة أو خمسة، ثم إنهاء مهمة السلطة الفلسطينية تطبيقاً للقرار الإسرائيلي بإنهاء عمل اللجان المشتركة، لا سيما الاقتصادية والتجارية والمدنية مع السلطة، واحتجاز أموال المقاصة (الضرائب)، وعزل مختلف القرى والمحافظات بأكثر من 900 حاجز وبوابة حديدية، ما يكرس الضم الفعلي لأجزاء مهمة من الضفة بدون سكانها.

ب ـ خطط إسرائيل التجريبية.

تكريسا لتقسيم قطاع غزة وسعيا لاجتثاث سلطة حماس، تعمل إسرائيل بحسب القناة “12” العبرية، تطبيق خطة تجريبية في “حي الزيتون” في محافظة غزة، يقوم بمقتضاها: “الجيش الإسرائيلي بتطهير حي الزيتون شرق مدينة غزة من المسلحين، حتى تتمكن إسرائيل من تنفيذ خطة تجريبية، يتولى في إطارها مواطنون مدنيون من غزة إدارة الحي بدلاً من حماس”. وقد بدأ الحديث الإسرائيلي عن تسليم حكم حي الزيتون للعشائر فيه، بعد أيام من شن جيش الاحتلال عملية عسكرية واسعة في حي الزيتون، بهدف إخلائها من المسلحين.

ج ـ التهجير الطوعي.

إن فكرة تهجير الفلسطينيين ليست جديدة على إسرائيل لكن تنفيذها ليس أمرا هينا. وظلت إسرائيل تتحين الفرص لتنفيذها دون مناهضة دولية. في هذا السياق تكثف إسرائيل قصفها لغزة وتشدد حصارها وتمعن في تجويع الغزيين حتى لا يبقى أمامهم من مخرج سوى قبول “الهجرة الطوعية” خارج فلسطين حتى تظهر إسرائيل للعالم أنها لا تجبرهم على الهجرة أو تكون في نظر القانون الدولي ترتكب جريمة “التهجير القسري”. وهذا ما أكده وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الأحد 23 مارس 2025، بإن مجلس الوزراء الأمني ​​المصغر وافق على اقتراح وزير الدفاع يسرائيل كاتس لتنظيم “النقل الطوعي لسكان غزة الراغبين في الانتقال إلى دول ثالثة، وفقا للقانون الإسرائيلي والدولي، ووفقا لرؤية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب”.

ومن أجل تنفيذ الخطة، أعلنت إسرائيل عن إنشاء هيئة متخصصة في تسهيل “المغادرة الطوعية” للفلسطينيين من قطاع غزة، تضمّ ممثلين من وزارات حكومية وأجهزة أمنية، وستُشرف على تنفيذ مخطّط يُتيح لكل فلسطيني يرغب في المغادرة، الحصول على “رزمة” تشمل ترتيبات سفر عبر البحر، الجو، أو الطرق البرية. وقد كشفت صحيفة “جيروسالم بوست” أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تعملان معا للبحث عن دول مستعدة لاستقبال فلسطينيي القطاع. وفعلا بدأت عائلات غزية تغادر، يوميا، القطاع بصمت، خوفا على حياتها وهروبا من الجحيم ومن قبضة حماس، عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، الذي تسيطر عليه إسرائيل، وبترتيبات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتقدم إسرائيل كل التسهيلات والإغراءات للراغبين في الهجرة، ومنها إيجاد وظائف، إعطاء مبالغ مالية، تسهيل الحصول على الإقامة وتيسير إجراءات لَمّ الشمل العائلي.

وفي هذا الإطار صرحت سيدة لموقع “درج”: “زوجي يُقيم في هولندا منذ العام 2019، وكان يسعى دائماً لإخراجنا من غزة، لكن محاولاته كلها باءت بالفشل بسبب الإجراءات المعقدة، إلى أن تفاجأنا باتصال من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يبلّغنا بضرورة الاستعداد للمغادرة”. وحول المسار الذي سلكته هذه السيدة وعائلتها في رحلتها، فقد “بدأت فجراً من مدينة خان يونس، وتمّ نقلهم بسيارات الصليب الأحمر إلى معبر كرم أبو سالم، حيث مرّت الإجراءات بسهولة، ثم انتقلوا إلى مطار رامون، ومنه إلى الأردن، وبعد ذلك إلى هولندا”. ووفقا للقناة الـ12 الإسرائيلية، فإن “مائة من سكان غزة غادروا أرض القطاع الثلاثاء 25 مارس 2025، للعمل في إندونيسيا”. كما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبرا عن تقديم عرض أمريكي للرئيس السوري أحمد الشرع بتوطين مليون فلسطيني في سوريا مقابل الاعتراف والدعم والتمكين. وقد تحدثت الأنباء عن بدء إقامة مخيمات في ريف حلب لهذا الغرض.

بدنا نعيش”.

بات الفلسطينيون يدركون أنهم رهائن بيد حماس التي تساوم بهم من أجل مصالحها الخاصة وهي البقاء في الحكم والسلطة. وأمام الخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات ومآسي التجويع والتشريد والنزوح دون أفق واضح، نفذ صبر أهل غزة الذين خرجوا في مسيرات ومظاهرات احتجاجية ضد القصف الوحشي وضد بطش حماس ورفضها إطلاق الرهائن الذين تتخذهم إسرائيل ذريعة لتقتيل الفلسطينيين مرددين شعارات ضد حماس:”هي هي هي حماس إرهابية”، “حماس برا برا”، “الشعب يريد إسقاط حماس”، “يا حمدان ويا حية.. حلّوا عن هالقضية” . وبدل أن تتعامل حماس إيجابيا مع الاحتجاجات لجأت إلى الاغتيال والاتهام بالعمالة لإسرائيل. وكان من بين الضحايا الشاب عدي ربيع، يبلغ من العمر 22 عامًا، الذي تعرض للتعذيب والقتل على يد مسلحين من حماس بعد أن انتقدها علنًا؛ والشاب عبد الرحمن أحد أبناء عشيرة أبو سمرة الذي قتله أحد عناصر حماس ويدعى “إبراهيم شلدان”. وقد ردت عائلتا الضحيتين بقتل القاتلين قصاصا. فمن حق سكان غزة أن تضمن لهم حماس الحد الأدنى لظروف العيش، وأن تحميهم من أي اعتداء لا أن تحتمي بهم وتصادر المساعدات الدولية لتعيد بيعها لهم في السوق السوداء، وفق ما يؤكده الأهالي. بل إن عناصر حماس لا يتورعون عن قتل وتعذيب المواطنين الذين ينتقدون الحركة ويطالبون بالخلاص من قبضتها. وقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات إطلاق النار على الضحايا حتى الموت في الشارع العام، أو تكسير أطرافهم.

القانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد.

إن تطرف حماس وتعنتها في مواصلة احتجاز بقية الرهائن تقابله إسرائيل بمزيد من القصف بمختلف الأسلحة، بما فيها الممنوعة دوليا، مستغلة أخطاء حماس وسوء إدارتها للصراع وكذا الصور الإعلامية التي روجتها لمقاتليها وهم يستعرضون قوتهم عند تسليم الرهائن بهيئات لا تختلف عن هيئات الدواعش. فحماس، بالنسبة للدول الغربية هي منظمة إرهابية؛ وبالنسبة للدول العربية فهي لا تمثل الشعب الفلسطيني. لهذا أكد البيان الختامي للقمة العربية الطارئة بالقاهرة، في 4 مارس 2025، “على أهمية توحيد الصف الفلسطيني ومختلف الأطراف الوطنية الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”. كما رحب “بالقرار الفلسطيني بتشكيل لجنة إدارة غزة تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، التي تتشكل من كفاءات من أبناء القطاع، لفترة انتقالية بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الوطنية للعودة إلى غزة.. مع التأكيد في هذا الصدد أن ملف الأمن هو مسؤولية فلسطينية خالصة، ويتعين أن يدُار من قبل المؤسسات الفلسطينية الشرعية وحدها وفقا لمبدأ القانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد، وبدعم كامل من المجتمع الدولي”.

إذن لا خيار أمام حماس، ومن أجل إنقاذ أرواح من تبقى من الفلسطينيين وسحب الذرائع من إسرائيل حتى تكف عدوانها، سوى الانسحاب من السلطة والانخراط في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية إلى جانب بقية الفصائل تنفيذا لإعلان بيكين الذي تم توقيعه في 23 يوليوز 2024 بين 14 فصيلاً فلسطينياً مختلفاً، بما في ذلك فتح وحماس، وذلك من أجل تحقيق “وحدة فلسطينية وطنية شاملة تشمل جميع الفصائل الفلسطينية تحت إطار منظمة التحرير الفلسطينية، والالتزام بإقامة دولة فلسطينية مستقلة تكون القدس عاصمتها وذلك بمساعدة مصر والجزائر والصين وروسيا”.

إن حماس خسرت الحرب والأرض والشعب، وعليها أن تدرك أن قراراتها كانت وبالا على الفلسطينيين منذ ارتمائها في أحضان إيران والائتمار بأوامر الملالي. ولم يبق أمامها من خيار سوى القبول ببنود خارطة الطريق التي طرحتها حركة فتح لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وهي:

1ـ قبول قرارات الأمم المتحدة كأساس لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

2 ـ قبول التزامات السلطة الفلسطينية على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.

3 ـ قبول حماس وحدة النظام السياسي بما فيه الحكم والسلاح والقانون والتعددية السياسية.

4 ـ إنهاء حماس سيطرتها على غزة والشروع في خطوات دمج القطاع بالضفة الغربية والاتفاق على مفهوم موحد للمقاومة يكون سلميا ولا ينطوي على سفك الدماء.

5 ـ الاتفاق على دولة حديثة قائمة التعددية السياسية وحرية التعبير وسيادة القانون والتداول السلمي للسلطة عبر عملية ديمقراطية تفضي إلى انتخابات.

وصدق مؤمن الناطور، محامٍ من غزة، وأحد منظمي مظاهرات “بدنا نعيش” عام 2019، وسجين سياسي سابق لدى حماس، في مقالة له بصحيفة واشنطن بوست، في 30 مارس 2025 جاء فيها: “ما تقوم به حركة حماس، سواء من خلال احتجازها المستمر للمخطوفين الإسرائيليين أو استخدامها الدروع البشرية الفلسطينية، يُمثّل شرعنةً لاستمرار العنف الشديد في غزة، مما تسبب – ولا يزال يتسبب – في انعكاسات كارثية وغير مسبوقة على المدنيين الغزاويين..ورغم كل ذلك، ما تزال حماس ترفض تسليم 25 مخطوفًا و 25 جثة إلى إسرائيل لوقف الحرب. هكذا هم الإسلاميون، انتحاريون بطبعهم، مهما حاولوا إضمار ذلك”.

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

سعيد الكحل: تثمين العمل المنزلي عُقدة الإسلاميين

نشرت

في

بواسطة

أخرجت توصيات اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس النواب بشراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة وصندوق الأمم المتحدة للسكان والوكالة الإسبانية للتعاون من أجل التنمية حول موضوع: “تثمين العمل المنزلي للنساء بالمغرب: من الاعتراف إلى التمكين”، يوم 26 نونبر 2025، أخرجت إسلاميي البيجيدي من وضعية “الاطمئنان” وانتظار نتائج عمل اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، إلى حالة الهيجان لِما تضمنته ـ تلك التوصيات ـ من إحداث “اللجنة الوطنية لتثمين العمل المنزلي”، ولجنة برلمانية خاصة لمراقبة تنفيذ توصيات اليوم الدراسي ودمج مخرجاته في عمل اللجان الدائمة، وإصدار تقرير سنوي مشترك تصدره الوزارة ومجلس النواب وصندوق الأمم المتحدة للسكان حول تتبع التوصيات والتقدم المحرز”. إذ عبرت “الأمانة العامة عن استغرابها ورفضها لقبول المؤسسة التشريعية والحكومة بتوصياتٍ من هذا القبيل تهم مختلف السياسات الوطنية العمومية والقطاعات الحكومية والجماعات الترابية”.

لقد أدرك البيجيدي أن مناهضته الشرسة لتثمين العمل المنزلي واطمئنانه إلى كون لجنة تعديل المدونة ستتجاوب مع مطالبه الرافضة لهذا التثمين، باتت دون جدوى بعد أن تم الالتفاف عليها بانخراط البرلمان والقطاعات الحكومية في إستراتيجية تثمين العمل المنزلي وإلغاء كل أشكال العنف القائم على النوع، وفي مقدمته العنف المادي والاقتصادي. خصوصا ما ورد في الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس مجلس النواب من تأكيد على أن “هذا الموضوع يقع في صميم الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل من العدالة الاجتماعية والمساواة ركيزتين أساسيتين لبناء الدولة الاجتماعية الحديثة. وشدد على أن إدراج العمل المنزلي ضمن منظومة الاعتراف الاقتصادي والاجتماعي ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل هو اختيار يعكس عمق المشروع المجتمعي المغربي الرامي لتحقيق الإنصاف والتوازن”.

إنها إستراتيجية واضحة أملتها الإرادة الملكية “وفي مغرب اليوم، لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها.

وهنا، ندعو لتفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض بوضعيتها” (خطاب العرش 2022)، والاتفاقيات الدولية، أهمها اتفاقية “سيداو” للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة؛ ثم نضالات الحركة النسائية، فضلا عن القيمة الاقتصادية لهذا العمل غير المعترف به والتي تصل إلى 513 مليار درهم. وهذه خطوة جد مهمة من الحكومة أن تقر بالمردودية الاقتصادية للعمل المنزلي وتدرس سبل تمكين ربات البيوت من تقاعد، مهما كان مبلغه، يحفظ لهن كرامتهن.

أحكام قضائية وفتاوى فقهية منصفة.

إن المحاولات اليائسة للإسلامويين وعلى رأسهم البيجيدي وذراعه الدعوية لن توقف زحف الربيع الحقوقي للنساء؛ وما شطحاته اليوم إلا دليل نكساته السياسية وخيباته في مسار إنصاف المرأة. ذلك أن رهانه على معارضة ادخال تعديلات جوهرية على مدونة الأسرة لتثمين العمل المنزلي، رهان خاسر. فالاجتهادات الفقهية النابعة من صميم الواقع المغربي انتصرت لحق الأرملة والمطلقة فيما تراكم من ممتلكات خلال فترة الزواج نظير ما بذلته من جهد، سواء في تربية الأولاد أو القيام بأشغال المنزل أو مساعدة الزوج في الكسب.

فقد ذهب فقهاء شمال المغرب ومنهم أبو القاسم بن خجو المشهور بالقوري، وأحمد بن عرضون وأخٌوه محمد بن عرضون وغيرهم، إلى الإفتاء بحق الكد والسعاية؛ كما اشتهر فقهاء منطقة سوس، من خلال نوازلهم الفقهية، بالإقرار للزوجة بحقها فيما تراكم من ممتلكات. إذ ذكر المرحوم محمد المختار السوسي في كتابه المعسول، “أن قضاة جزواة (وهي من بلاد سوس) أنهم كانوا يحكمون بالسعاية للمرأة في كل ما يدخل إلى الدار بقدر سعايتها”.

ولا تختلف المرأة في البادية عن المرأة في المدينة فيما يتعلق بحق السعاية. إذ نجد، في هذا الباب، فتوى للفقيه الورزازي، حين سئل عن الزوجة إذا كانت تخدم في دار زوجها، هل لها فيما استفاده زوجُها من خدمته وخدمتها أم لا ؟ فأجاب : “قال الإمام ابن العطار، مذهب مالك وأصحابه، أن المرأة إذا كانت تعمل مثلا الغزل والنسج ونحوهما. فإنها شريكة للزوج فيما استفاده من خدمتها أنصافا بينهما، وكذا الأم مع أولادها، والأخت مع أختها والبنت مع أبيها، ونساء الحاضرة والبادية في هذا سواء والله اعلم”.

ومن الفتاوى المؤيدة لتثمين العمل المنزلي، فتوى الفقيه العباسي في نوازله التي ورد فيها “ومن تزوجت ووجدت عند زوجها بهائم ومكثت عنده أربعة أعوام ثم فارقها، فإنها تأخذ سعايتها فيما زادت من البهائم بقول أهل المعرفة”.

أما ما يتعلق بالأحكام القضائية التي أنصفت النساء وأقرت حقهن في الممتلكات الزوجية، فيمكن إعطاء حُكمين على سبيل الذكر لا الحصر:

1 ـ الحكم الصادر عن محكمة الشرع بتزنيت سنة 1959 والذي قضى “بقسم قيمة الجميع نصفين: نصف للدمنة كما هو الجاري به العمل بهذه البلاد، والنصف الباقي يقسم بين المدعية (ر بنت (م) وبين المدعى عليه (م بن ع) لكونهما وحدهما في الدار والسعاية لهما فقط “.

وعللت المحكمة حكمها هذا بكون “العمل جرى بثبوت السعاية للنساء في البوادي كما بين في شرح العمليات، خصوصا ما كانت عليه نساء الأزواج المسافرين إلى فرنسا ويتركون أزواجهم يقمن مقامهم في تربية البهائم والأولاد وفي الحرث والحصد ومقابلة أملاكهم، بل ويحضرون في المحاكم يدافعن عن أملاك أزواجهن “. فالمحكمة وسّعت من دائرة الأعمال التي تخوِّل للزوجة حق السعاية، في إطار تثمين العمل المنزلي، وجعلتها على ثلاثة أصناف: أولها ويتعلق بالعمل الفلاحي المتمثل في الحرث والحصاد وتربية الماشية وغير ذلك. وثانيها العمل المنزلي المعبر عنه بتربية الأولاد، وثالثها ويتعلق بالعمل الإداري والقانوني والقضائي المتمثل في تحمل أعباء حل المشاكل الإدارية لأملاك الزوج أو الدفاع عنها أمام القضاء أو التقاضي بخصوصها لحمايتها من الترامي أو التضييع.

2 ـ قرار محكمة الاستئناف بالرباط رقم 244 الصادر بتاريخ 04.04.2000 بشأن الملف العقاري عدد1999/6323 ، والذي ذهب إلى أن “الكد والسعاية من لدن المرأة سواء في البادية أو الحاضرة المعتبر للتعويض عنه، هو المترتب من عمل مكتسب وافر على الحاجيات الشخصية يصب في ثروة مادية أنشئت اثناء الحياة الزوجية”.

واضح مما تقدم، أن الفقهاء والقضاة الذين تصدوا بالفتيا أو الحكم لمسألة تثمين الأعمال التي تقوم بها النساء في المنازل، إنما فعلوا وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم الحية، ولم يتعاملوا مع مؤسسة الزواج “كشركة تجارية”، أو “علاقة مشغِّل وأجير داخل البيت” كما يزعم البيجيدي. بل إن حرمان الزوجة من حقها فيما ساهمت فيه من ممتلكات زوجية لهو الظلم بعينه لأنه يدخل ضمن “أكل أموال الناس بالباطل” المنهي عنه في الإسلام.

إن رفض البيجيدي تثمين العمل المنزلي للنساء يجسد عداءه لحقوق النساء. لهذا نجده يناهض حق ولاية المرأة على نفسها في الزواج، وحقها في التطليق وحل رابطة الزواج، وحقها في ملكية جسدها وفي الإجهاض غير المرغوب فيه؛ كما يصر على شرعنة الاستغلال المادي والجنسي للنساء بالتشبث بتزويج الطفلات، وبقاعدة التعصيب التي تحرم الإناث من كامل حقهن في التركة، وكذا حرمانهن مما ساهمن في تكوينه ومراكمته من ممتلكات خلال فترة الزواج. وها هو اليوم يعارض سعي الحكومة إلى تثمين العمل المنزلي باعتباره عملا منتِجا.

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

السياسة : في الحاجة إلى المعنى في زمن التفاهة

نشرت

في

بواسطة

لم تعد التفاهة في الحقل السياسي المغربي مجرد انزلاق لغوي أو ضعف تواصلي لدى بعض الفاعلين، بل أصبحت نمطًا اشتغاليًا يُعاد إنتاجه بشكل شبه منتظم داخل الفضاء العمومي.

الأخطر في هذا التحول ليس رداءة الخطاب في حد ذاتها، بل كونها تُقدَّم باعتبارها سياسة، وتُسوَّق بوصفها قربًا من المواطن، بينما هي في الواقع تفريغ ممنهج للفعل السياسي من محتواه المعرفي والأخلاقي.

السياسة، في معناها الفلسفي، تفترض القدرة على تحويل الواقع الاجتماعي إلى موضوع للنقاش العقلاني، وعلى بلورة اختيارات واضحة تُعرض للنقد والمساءلة. غير أن الممارسة السائدة تُظهر انتقالًا واضحًا من سياسة البرامج إلى سياسة الانطباعات. في الحملات الانتخابية، على سبيل المثال، نادرًا ما يشهد النقاش العمومي تفكيكًا حقيقيًا للسياسات العمومية أو تقييمًا للأثر الاجتماعي للقرارات السابقة. بدل ذلك، يهيمن خطاب شعاراتي فضفاض، يُكثر من الوعود العامة دون تحديد الوسائل، ويعتمد على سرديات شخصية، أو على استعراض “القرب” من المواطن عبر صور وأساليب تواصلية لا تحمل أي مضمون سياسي فعلي.

هذا الاختزال يتجلى بوضوح في النقاشات البرلمانية التي تتحول، في كثير من الحالات، إلى مشاهد خطابية موجهة للاستهلاك الإعلامي. أسئلة آنية تُطرح دون متابعة، سجالات لفظية تُستثمر للتصفيق أو للانتشار الرقمي، بينما تغيب النقاشات العميقة حول السياسات القطاعية، أو تقييم البرامج الحكومية، أو محاسبة الاختيارات الاقتصادية. البرلمان، هنا، لا يُعطَّل، لكنه يُفرَّغ من وظيفته التداولية، ويُعاد تعريفه كفضاء عرض لا كفضاء تفكير.

في الفضاء الرقمي، تتخذ التفاهة السياسية شكلًا أكثر فجاجة. تصريحات مبتورة، مقاطع قصيرة خارج سياقها، ومواجهات كلامية تُقدَّم بوصفها “نقاشًا سياسيًا”. سياسيون يراكمون الحضور عبر الإثارة لا عبر الفكرة، ويُقاس وزنهم بقدرتهم على إثارة الجدل لا بقدرتهم على صياغة بدائل. وهنا يتحقق منطق خطير: السياسة تُكافَأ حين تكون سطحية، وتُعاقَب حين تكون معقدة. المواطن لا يُمنع من الاهتمام، بل يُستنزف في متابعة لا تُفضي إلى فهم.

من منظور سوسيولوجي، لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن أزمة الثقة المتراكمة. فحين يغيب المعنى، يصبح العزوف موقفًا عقلانيًا. التفاهة السياسية لا تُقصي المواطن قسرًا، بل تدفعه إلى الانسحاب الهادئ، لأنه لا يرى في الخطاب المعروض ما يستحق الاستثمار الذهني أو العاطفي. وهكذا، تتحول المشاركة السياسية إلى طقس انتخابي محدود، لا إلى انخراط واعٍ في الشأن العام.

الأخطر أن هذا النسق لا يعمل ضد السلطة السياسية فقط، بل ضد السياسة ذاتها. فالتفاهة تُفرغ الصراع من مضمونه، وتحوّل الاختلاف إلى مشاحنات شخصية، وتُعيد إنتاج نفس النخب داخل نفس الدائرة الخطابية. لا أحد يُحاسَب على ضعف الفكرة، لأن الفكرة أصلًا لم تعد شرطًا. وبهذا، تُستبدل السياسة بوهم السياسة، كما وصف بودريار: تمثيل بلا أصل، وصورة بلا واقع.

في هذا السياق، تصبح مفاهيم مثل “الإصلاح” و“النموذج التنموي” و“ربط المسؤولية بالمحاسبة” جزءًا من قاموس متداول، لا من برنامج عمل. تُستعمل هذه المفاهيم بكثافة، لكنها لا تُحمَّل بمحتوى قابل للقياس أو للنقد. وهنا تتجلى تفاهة المعنى في أقصى صورها: اللغة السياسية تبدو غنية، لكنها معطّلة وظيفيًا.

إن التفاهة السياسية، بهذا المعنى، ليست فشلًا فرديًا، بل نتيجة نسق يكافئ السلامة الخطابية، ويعاقب الجرأة الفكرية. نسق لا يمنع النقاش، لكنه لا يسمح له بأن يغيّر شيئًا. وهذا ما يجعلها أداة ضبط ناعمة بالمعنى الفوكوي: ضبط عبر الإلهاء، لا عبر المنع؛ عبر الإشباع الرمزي، لا عبر القمع.

إن استعادة السياسة لمعناها في المغرب تمرّ عبر كسر هذا النسق، لا عبر تحسين لغته فقط. تمرّ عبر إعادة الاعتبار للبرنامج، وللتفكير طويل النفس، ولمساءلة حقيقية لا تُختزل في لحظة إعلامية. ففي سياق تُدار فيه السياسة بالضجيج، يصبح العمق فعلًا مزعجًا، ويغدو الدفاع عن المعنى موقفًا سياسيًا في حد ذاته. كل ذلك في انتظار معنى يعيد للسياسة شرفها.

* أوسي موح الحسن

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

سعيد الكحل: الفقيه الريسوني يعود إلى عادته القديمة

نشرت

في

بواسطة

أصدر الفقيه الريسوني، بتاريخ 29 نونبر 2025، فتوى تحت عنوان “فتوى حول التعامل مع المحتلين والمعتدين”، يحرم فيها كل أشكال التعامل مع إسرائيل ومع الشركات والجهات الداعمة لها.

* التطاول على صلاحيات لجنة الإفتاء.

يصر الفقيه الريسوني على مخالفة إجماع المغاربة وتشبثهم، من جهة، بمرجعيتهم الدينية التي تلزمهم بطاعة ولي الأمر، ومن أخرى بوثيقتهم الدستورية التي تنص في الفصل 41 بأن “الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية. يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه. ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة”.

والفقيه الريسوني، بفتواه تلك التي تخرق الدستور وتتنكر لمذهب المغاربة وما أجمعوا عليه حفاظا على وحدتهم، يصر على تنصيب نفسه “مفتيا” في شؤون المغاربة الدينية والدنيوية. وليست المرة الأولى التي يتطاول فيها على اختصاصات المجلس العلمي الأعلى، بل سبق له أن فعلها مرات عديدة، حيث كانت أولاها يوم تصدى لمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، متهما واضعيه ومسانديه بمحاربة الدين وهدم ما تبقى من حصونه. إلا أن أخطرها لما طعن في أهلية الملك لإمارة المؤمنين، سنة 2003، فاضطر، ساعتها إلى تقديم استقالته من رئاسة حركة التوحيد والإصلاح. وها هو اليوم يواصل استهدافه لإمارة المؤمنين تنفيذا لمخطط تنظيم الإخوان الدولي الذي كشفت عنه رسالة مرشد التنظيم في مصر، مصطفى مشهور، إلى تنظيمات الإسلام السياسي بالمغرب سنة 1996، ومن أهدافها: ضرب الشرعية الدينية للملك ومنازعته صلاحياتها. لهذا شدد الفقيه الريسوني في فتواه على البعد الديني وذلك بالتحريم القاطع لأي تعامل مع إسرائيل.

* فتوى سياسية وليست دينية.

إن الفقيه الريسوني لم ينصّبه الدستور مفتيا ولا تم تعيينه رئيس لجنة الإفتاء. إنما هو لسان حال تنظيم الإخوان يروج لشعارات فرعه بالمغرب التي ظلت ترددها الجماعات المنتمية إليه على مدى خمس سنوات، واشتد صرخاتها مع “طوفان الأقصى” في محاولة يائسة للضغط على المغرب لقطع كل العلاقات مع إسرائيل. لم يكن هدف الريسوني ومعه إخوانه في التيار نصرة أهل غزة، بل استثمروا في مآسي الفلسطينيين أملا، من جهة، في استرجاع مواقعهم الانتخابية التي خسروها بسبب فقدانهم أصوات الناخبين، ومن أخرى سعيا إلى استهداف شرعية النظام الدينية والسياسية. ذلك أن تنظيمات الإسلام السياسي وفقهائها وعلى رأسهم أحمد الريسوني الذي تولى رئاسة “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” الذي يتشكل من الأعضاء المنتمين لهذا التيار قبل أن يستقيل مضطرا، لم يصدروا بيان إدانة ضد قطر وتركيا اللتين تربطهما علاقات قوية ومتعددة مع إسرائيل. فقد سبق لمحمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، أن صرح، في لقاء صحفي لقناة “فوكس” الأمريكية أن “دولة قطر منذ التسعينيات، منذ أوسلو كانت أول دولة تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، عندما كان هناك أمل في السلام، وفي عام 1997 وقعنا على البعثات التجارية.. حتى الآن لا تزال لدينا علاقة العمل هذه، لم تتوقف”. كما سبق لمعهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط (MEMRI) أن سرّب وثائق تثبت تمويل الحكومة القطرية لمسؤولين إسرائيليين ضمن “مشروع رافين”، ومنها وثائق يرجع تاريخها إلى عامي 2012 و2018، حين قدمت قطر منحتين على الأقل، لنتنياهو، الأولى قدرها 15 مليون دولار في عام 2012 والثانية قدرها 50 مليون دولار في عام 2018. نفس الأمر فيما يتعلق بتركيا التي تربطها علاقات قوية بإسرائيل؛ إذ تشير الأرقام إلى أن قيمة صادرات تركيا من الصلب إلى إسرائيل بلغت في مارس 2024 نحو 13 مليوناً و901 ألف و470 دولاراً، مقارنة بـ153 ألفاً و400 دولار فقط في الشهر نفسه من عام 2023، أي بزياد مهمة بنسبة 8962.2%. أما قيمة صادرات الصلب خلال الربع الأول من 2024(يناير–مارس)، فقد بلغت 41 مليوناً و421 ألفاً و420 دولاراً، في مقابل 177 ألفاً و560 دولاراً في الفترة نفسها من عام 2023، أي بزيادة نسبتها 23228.1%. أما حجم التجارة بين إسرائيل وتركيا فقد بلغ 7 ملايير دولار. رغم حجم التبادل التجاري لم يهاجم الريسوني أو تنظيمات الإسلام السياسي تركيا؛ بل برروا علاقاتها مع إسرائيل ودافعوا عنها كما هو حال حركة حماس التي قالت، مباركة تلك العلاقات، إنها “تتطلع إلى مواصلة تركيا لدورها في دعم القضية الفلسطينية وإنهاء الحصار بشكل كامل”. لكن حين تعلق الأمر بالمغرب سارعت الحركة إلى الإدانة معتبرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل “يعد خطيئة وسلوكا مضرا بمصالح الأمة وأمنها ويمثل خطرا على القضية الفلسطينية وطعنة في ظهر شعبنا وأمتنا”.

* تنظيم الإخوان لا يؤمن بالأوطان.

ليس مستغرَبا أن يتجاهل الريسوني ومعه إسلاميو المغرب ظروف المغرب وقضيته الوطنية الأولى التي تستنزف مقدراته على مدى نصف قرن؛ فهم لا يؤمنون بالوطن وعلى استعداد للتضحية بمصالحه العليا من أجل أوهامهم الإيديولوجية العابرة للحدود. وهذا ما يفسر فتح أسواق المغرب على مصراعيها أمام المنتوجات التركية رغم الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت فيها، فضلا عن الاستغلال الفظيع لقضية غزة لتجييش المواطنين وحشدهم في مظاهرات واحتجاجات لا تنتهي من أجل الضغط على النظام لقطع العلاقات مع إسرائيل. ذلك أن الإسلاميين لا يقدّرون المكاسب الدبلوماسية والعسكرية للدعم الأمريكي والإسرائيلي للمغرب والذي أثمر قرار مجلس الأمن 2797 المعترف بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية. كما لم يكترثوا للتهديدات المتزايدة التي يشكلها النظام الجزائري على أمن المغرب وحدة أراضيه. وهذا الذي على الريسوني وإخوانه الوعي به واستحضاره حين الحديث عن “التطبيع” ومزاياه الدبلوماسية (الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء) والعسكرية (تزويد المغرب بأحدث الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية الرادعة لأي عدوان وبتقنيات صناعتها (نموذج صناعة الدرونات الانتحاريةSPX). فمن حق المغرب أن يستفيد من الدعم العسكري الإسرائيلي مثلما استفادت منه تركيا في تطوير جيشها.

إن فتوى الريسوني بمقاطعة كل الشركات التي يضعها تنظيم الإخوان ضمن خانة “الداعمة لإسرائيل”، لا يريد بها دعم غزة بقدر ما يسعى إلى الإضرار مباشرة بالاقتصاد الوطني وبالوضع الاجتماعي للمغاربة الذي سيترتب عن إغلاق الشركات والمؤسسات الإنتاجية والخدماتية وتسريح عشرات الآلاف من العمال وحرمان خزينة الدولة من عائداتها الضريبة. إنهم يريدون خنق النظام بتأزيم الأوضاع الاجتماعية وتجفيف موارده المالية؛ وتلك إستراتيجية تعتمدها كل تنظيمات الإسلام السياسي.

إن المغرب ليس بحاجة إلى فتاوى الريسوني وأمثاله لتطوير قدراته وبناء علاقاته الدولية. والدعم المغربي الدائم والمبدئي للفلسطينيين لا يتوقف على فتوى ولا يتأثر بمواقف التنظيمات الإخوانية. وعلى سماسرة وتجار القضية الفلسطينية أن يعلموا أن المغرب هو الدولة الوحيدة التي تتحمل مسؤوليتها المالية الكاملة في تمويل بيت مال القدس. وكان حريا بالريسوني أن يتعظ مما جرّته عليه نزواته الفقهية، إذ لا يكاد يرأس هيئة حتى يُطرد منها بسبب تنطعه والإفتاء فيما لا يعنيه ولا يدخل ضمن المجال الفقهي.

* شطحات الفقيه الريسوني.

إن المتتبع لخرجات وفتاوى الريسوني سيدرك تناقضاته/شطحاته التي لا يحكمها مبدأ ثابت. فهو نفسه لم ينضبط لفتواه بتحريم أي تعامل أو “افتاق سلام” مع إسرائيل؛ إذ سبق له أن وافق، سنة 2006، عبر قناة الجزيرة على موقف أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، بجواز توقيع حركته على هدنة مع إسرائيل. بل ذهب الريسوني أبعد من هذا لما أفتى بإمكان حماس أن تسمي اتفاق الهدنة مع إسرائيل بأنها “اتفاقية سلام” مؤقتة. وفي غشت 2019، نشر فتوى يجيز فيها للمسلمين غير الفلسطينيين زيارة القدس والمسجد الأقصى، مع العلم أنه سبق أن أخبر الصحفي والكاتب الفلسطيني، منير شفيق، أنه “يفضل قطع رأسه على أن يطلب تأشيرة من سفارة صهيونية”.

شطحات الفقيه الريسوني لم تقتصر على العلاقة مع إسرائيل، بل شملت فتاواه قضايا أخرى منها ولاية المرأة على نفسها في الزواج؛ إذ شدد في تحريمها عبر بيانه، سنة 2000، حول مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، ثم غيّر رأيه، في حوار صحفي، بعد ستة أشهر فقط. وحين أعلن جلالة الملك عن مضمون التعديلات التي همت مدونة الأحوال الشخصية أمام البرلمان سنة 2003، برر الريسوني موافقته على التعديلات بأن “اختيار الحاكم يرفع الخلاف”. لكنه اليوم يقرر مخالفة هذه القاعدة الفقهية والخروج عما أفتى به جمهور الفقهاء بوجوب طاعة ولي الأمر إرضاء لنزعته الأيديولوجية ووفاء لتنظيم الإخوان.

أكمل القراءة
على مسؤوليتي منذ 13 دقيقة

سعيد الكحل: تثمين العمل المنزلي عُقدة الإسلاميين

رياضة منذ 39 دقيقة

تشكيلة المنتخب الوطني الرديف امام الإمارات

مجتمع منذ ساعة واحدة

درعة-تافيلالت.. تعليق الدراسة مؤقتا بسبب سوء الأحوال الجوية

مجتمع منذ ساعتين

فيضانات آسفي.. النيابة العامة تفتح بحثا في الأسباب

منوعات منذ 3 ساعات

المخرج سعيد بن الثقة يكشف الستار عن فيلمه الجديد الكوميدي “3 دقايق”

مجتمع منذ 4 ساعات

آسفي : تعليق الدراسة بالمؤسسات التعليمية لثلاثة أيام

اقتصاد منذ 4 ساعات

(لارام) تفتح تسعة خطوط جوية مباشرة في اتجاه كل من أوروبا، وإفريقيا وأمريكا

واجهة منذ 5 ساعات

النقابة الوطنية للصحافة تتضامن مع أسر ضحايا فيضانات آسفي

مجتمع منذ 6 ساعات

فيضانات آسفي: ارتفاع حصيلة الخسائر البشرية إلى 37 وفاة

على مسؤوليتي منذ 6 ساعات

السياسة : في الحاجة إلى المعنى في زمن التفاهة

رياضة منذ 10 ساعات

ريال مدريد يفوز على ديبورتيفو ألافيس 2-1

مجتمع منذ 10 ساعات

الفيضانات الاستثنائية بإقليم آسفي: تعداد 21 حالة وفاة إلى حدود اللحظة

رياضة منذ 11 ساعة

كأس العالم سيدات: الجيش الملكي يفوز على ووهان جيانغدا الصيني ( 2-1)

واجهة منذ 13 ساعة

نشرة إنذارية: أمطار قوية وتساقطات ثلجية بعدد من مناطق المملكة

مجتمع منذ 19 ساعة

أمطار غزيرة و فيضانات تُغرق أحياء في آسفي

منوعات منذ 22 ساعة

تيميتار: الفنانون الأمازيغ في صُلب حوار موسيقي عالمي

دولي منذ 23 ساعة

11 قتيلا في هجوم أثناء إحياء عيد يهودي على شاطئ في سيدني

رياضة منذ 24 ساعة

الفيفا يعلن استضافة الدوحة لحفل جوائز الافضل لسنة 2025 يوم الثلاثاء

رياضة منذ يوم واحد

المنتخب الوطني الرديف يختتم تحضيراته للقاء الإمارات

رياضة منذ يومين

بطولة إسبانيا: ثنائية رافينيا تعزز صدارة برشلونة إلى سبع نقاط

رياضة منذ أسبوعين

مدينة الصويرة تحتفي بأحد أبنائها البررة..محمد عبيد

رياضة منذ أسبوع واحد

إطلاق الدورة العاشرة للمنتدى الدولي للإعلام بواشنطن

على مسؤوليتي منذ أسبوعين

سعيد الكحل: سقوط الأقنعة عن تجار الفتنة

رياضة منذ أسبوعين

كاس العرب 2025: المنتخب الجزائري حامل اللقب يكتفي بالتعادل مع السودان صفر-صفر

على مسؤوليتي منذ أسبوعين

نحو إلزام الأحزاب الإسلامية بميثاق قانوني لوقف توظيف الدين وخطاب الكراهية

تكنولوجيا منذ أسبوعين

اختراق أمني يستهدف بيانات مستخدمي ChatGPT

رياضة منذ أسبوع واحد

أمريكا تقلص مدة انتظار التأشيرة بالمغرب إلى شهرين استعدادا لمونديال 2026

على مسؤوليتي منذ 7 أيام

سعيد الكحل: الفقيه الريسوني يعود إلى عادته القديمة

سياسة منذ أسبوع واحد

هيئات نقابية صحافية تجدد رفضها القاطع لمشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة

منوعات منذ أسبوعين

سعيد الناصري يطرح فيلمه الجديد “الشلاهبية” على يوتيوب

على مسؤوليتي منذ أسبوعين

محاكمة جديدة لسعد لمجرد بتهمة الاغتصاب في فرنسا

سياسة منذ أسبوعين

هذه هي الشروط الجديدة لدعم ترشح الشباب في الانتخابات

منوعات منذ أسبوعين

محكمة فرنسية تقرر تأجيل محاكمة سعد لمجرد بتهمة الاغتصاب

رياضة منذ أسبوع واحد

قرعة مونديال 2026: المغرب يقع في مجموعة البرازيل

سياسة منذ أسبوعين

وزير الداخلية يذكر باستمرار تسجيل الناخبين

سياسة منذ أسبوعين

مجلس التعاون الخليجي يجدد التأكيد على مغربية الصحراء ويرحب بقرار مجلس الأمن 2797

تكنولوجيا منذ أسبوعين

غوغل تكشف عن تحديث يتيح للشركات الاطلاع على رسائل الموظفين النصية!

رياضة منذ أسبوعين

المنتخب الوطني الرديف يستعد للقاء جزر القمر في كأس العرب

مجتمع منذ أسبوعين

الجديدة: 90 سنة سجنا للمتابعين الستة في قضية اغتصاب قاصر

مجتمع منذ أسبوعين

مراكش.. توقيف متورطين في سرقة سائحة أجنبية

رياضة منذ أسبوعين

مدينة الصويرة تحتفي بأحد أبنائها البررة..محمد عبيد

سياسة منذ شهر واحد

🔴 مباشر | الخطاب الملكي السامي

رياضة منذ شهرين

الدار البيضاء.. انطلاق المرحلة الرابعة من سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء

الجديد TV منذ 4 أشهر

الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge

رياضة منذ 6 أشهر

“الدوري الأول للراحلة حليمة مرجان”..الرياضة في خدمة العمل الخيري

رياضة منذ 7 أشهر

الرباط تكرّم الراحل يونس رودياس أحد رموز كرة السلة بنادي الفتح الرياضي

الجديد TV منذ 7 أشهر

الوداد الرياضي يحتفل بذكراه الـ88.. ليلة وفاء وتكريم لأساطير الأحمر

الجديد TV منذ 7 أشهر

المغرب يدخل عصر العلاج الثوري لسرطان البروستاتا بتقنية HIFU

رياضة منذ 8 أشهر

في حفل تأبيني مؤثر.. سبور بلازا يكرم روح الراحل كمال لشتاف

رياضة منذ 8 أشهر

نادي “النور اولاد صالح” ينظم الدوري السنوي للكرة الحديدية

الجديد TV منذ 8 أشهر

تفاصيل مؤامرة الجنرال أوفقير على رفاقه في الجيش وعلى الحسن الثاني

الجديد TV منذ 9 أشهر

محمد لومة يحكي عن أخطر جرائم أوفقير في حق الوطن والشعب

رياضة منذ 9 أشهر

للمرة الثانية الرباط تحتضن التجمع التدريبي الافريقي BAL في كرة السلة

الجديد TV منذ 9 أشهر

هكذا اقتطعت الجزائر أجزاء من التراب المغربي و التونسي بدعم من فرنسا ( فيديو)

الجديد TV منذ 12 شهر

بالفيديو..تفاصيل محاولة اغتيال الحسن الثاني سنة 1972

الجديد TV منذ سنة واحدة

1981: مقترح “الاستفتاء” حول الصحراء..عندما قال عبد الرحيم بوعبيد “لا” للحسن الثاني

الجديد TV منذ سنة واحدة

محمد لومة يكشف مراحل الصراع بين الحسن الثاني و عبد الرحيم بوعبيد (الجزء الأول)

الجديد TV منذ سنة واحدة

تفاصيل تحكى لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن حلون (الحلقة الثانية)

الجديد TV منذ سنة واحدة

و شهد شاهد من أهلها..حقائق تكشف لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن جلون

الجديد TV منذ سنتين

حورية أجدور..صوت مجدد صاعد في سماء الأغنية الأمازيغية “فيديو “

إعلان

الاكثر مشاهدة