على مسؤوليتي
هل تختفي غرفة النوم الزوجية
نشرت
منذ 5 سنواتفي
بواسطة
الجديد TV
تفرض ضغوط الحياة الجديدة ووتيرتها المتسارعة على الأزواج أنماطا وأشكالا مختلفة من الأساليب الحياتية التي كانت تبدو خيالا بالنسبة لآبائنا وأجدادنا. فبعد ظهور ما يسمى بزواج البيوت المنفصلة Living Apart Together، الذي انتشر في الأعوام الأخيرة بشكل لافت وأثبت قدرته على النجاح والاستمرار رغم الشكوك التي رافقته في البداية، ظهر اليوم أيضا ما يسمى بزواج غرفة النوم المنفصلة Sleeping Apart Together، الذي تتجند العديد من الدراسات للدفاع عنه وإثبات أهميته بالنسبة لزمننا الحالي.
زواج الحياة المنفصلة، يتلخص في بقاء كل طرف في بيته، مع تحديد أيام في الأسبوع للقاء والخروج والقيام بأشياء مشتركة. ويتبادل الطرفان الزيارات بالتناوب، ويسافران مع الأطفال- إن وجدوا- ويلتقيان الأهل والأصدقاء كأي زوجين عاديين، ويرى هذا النوع من الزواج أنه الشكل الأمثل والأقرب إلى طبيعة حياتنا العصرية، حيث لم يعد الدخول في علاقات إنسانية وارتباطات أسرية يستوجب بالضرورة تخلي الأطراف عن حريتها واستقلاليتها ومحيطها وارتباطاتها وعاداتها. كما أن لعوامل مثل استقلالية المرأة وعملها وتأخر سن الزواج دخلا في ظهور هذا النوع من الزيجات، فضلا عن أن الرجل أصبح أكثر قدرة على قضاء حاجياته وتدبير أمور بيته بمفرده ولم يعد يحتاج المرأة في التنظيف والغسل والطهي وهي الوظائف التي جاءت الثورة النسوية لتنقضها وتحولها إلى مهمات مشتركة بين الرجل والمرأة، مما يعني أن الحاجة من وراء الزواج تغيرت وهو ما أدى بالضرورة إلى تغير أشكاله.
ويجد هذا النوع من الزواج رواجا بين الشباب الذين لا يرغبون في الإنجاب أو الأزواج الذين سبق لهم أن دخلوا في تجارب سابقة أسفرت عن إنجاب أبناء.
في الأعوام الأخيرة ظهر أيضا ما يسمى بزواج غرف النوم المنفصلة، بالتزامن مع العديد من الدراسات والتنظيرات التي تروج له وتدعي الحاجة إليه في ظل التغيرات الكبيرة التي تطرأ على حياتنا العصرية.
وترى معظم هذه الدراسات أن نوعية الوظائف الجديدة التي نقوم بها والوتيرة السريعة للعمل واكتظاظ الحياة الاجتماعية وزحمة التكنولوجيا وتوسع الاتصالات كلها عوامل ضاغطة ومستنزفة للطاقة، وهو ما يعني بالضرورة أن الإنسان العصري يحتاج إلى النوم عميقا وبهدوء ومن دون إزعاج. كما أن أتباع هذا النوع من الزواج يجدون أن عادات النوم تختلف من شخص لآخر ولا يرون ضرورة للتخلي عنها لأجل إرضاء الطرف المقابل، كأن يرغب طرف في النوم على مرتبة لينة بينما يفضّل شريكه المرتبة الصلبة، أو في بقاء النافذة مفتوحة، أو في تشغيل السخان أثناء النوم أو في القراءة لوقت متأخر أو النوم بغطاء خفيف، وغيرها من المتطلبات والارتباطات الشرطية التي قد تكون معاكسة تماما لرغبات الشريك. وتماماً كما هو الحال مع زواج البيوت المنفصلة، يلقى هذا النوع رواجا منقطع النظير لدى فئات كثيرة من البشر، وفي الولايات المتحدة وحدها أظهرت دراسة حديثة أن ما يقرب عن ربع المتزوجين ينامون في غرف منفصلة وأن تصاميم البيوت تغيرت تبعا لذلك وأصبحت معظم البيوت والشقق تضم غرفتي نوم رئيسيتين.
ورغم أن الأمر يبدو شبيهاً بالصرعة أو الموضة إلا أنه أكثر جدية مما قد يتبادر لنا، بل ويبدو بديهيا أيضا في ظل تغير الاحتياجات والتوقعات بين الأزواج، فأغلب العلاقات الحديثة مبنية على مبدئي الشراكة والاختيار، وليس على الحاجة والضرورة كما هو حال الزواج التقليدي، والبشر لم يعودوا يتزوجون لأجل أن ينجبوا أطفالا ويرعوا احتياجات بعضهم البعض المعيشية والمالية، بل لأنهم راغبون في البقاء مع بعض رغبة حرة مستقلة بعيدة عن أي إسقاطات أو إكراهات
لمياء المقدم
كاتبة تونسية مقيمة بهولاندا
على مسؤوليتي
اليسار بين تقرير المصير والديمقراطية الترابية: قراءة في التحول الأممي الجديد
نشرت
منذ يومينفي
نوفمبر 3, 2025بواسطة
مصطفى المنوزي
هناك نقطة مركزية في مقترح الحكم الذاتي المغربي تتجاوز الطابع الإداري والسياسي، وتكمن في الإشارة الواضحة إلى المشروع الديمقراطي الحداثي المؤطر للمقترح . فهذه الإشارة ليست مجرد إضافة شكلية، بل تمثل ركيزة تعبوية يمكن أن يُبنى عليها خطاب وطني جديد يواجه سردية الانفصال، التي ما زالت تختزل النظام السياسي المقترح في ما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية”، وهي صيغة متقادمة إيديولوجيًا، ومتناقضة مع السياق المغاربي الراهن حيث تتعاظم دينامية النهضة الأمازيغية وتتعقد رهانات الأمن الإقليمي في شمال إفريقيا.
غير أن أي نداء لتبني الحكم الذاتي كأفق ديمقراطي تحويلي، يتطلب ضمانات تحفيزية ومطمئنة، سواء لسكان الأقاليم الجنوبية أو للفاعلين الحقوقيين والسياسيين، حتى لا يبدو المشروع مجرد تجميل لنظام مركزي تقليداني ما زال يعاني من أعطاب بنيوية في الديمقراطية التمثيلية والعدالة المجالية. فالمسألة لم تعد فقط في تقديم عرض متقدم للحكم الذاتي، بل في القدرة على تليين الطابع السلطوي والتقليداني للنظام المغربي وتوسيع فضاء المشاركة الفعلية والشفافية المؤسساتية، انسجامًا مع التزامات المغرب الدولية ومع علاقاته المتشابكة مع الحلفاء والشركاء الغربيين والإفريقيين ؛ فالتحول الحاصل في أروقة الأمم المتحدة، والذي تُرجم في القرار 2797 الداعم للمقاربة المغربية، يمثل نقطة انعطاف حاسمة في المرجعية الأممية.
فالأمم المتحدة لم تعد تتحدث بلغة “تصفية الاستعمار” بل بلغة “الحلول الواقعية”، أي الانتقال من منطق التحرير الكلاسيكي إلى منطق الاستقرار الإقليمي والتنمية المشتركة. وهذا التحول يُربك جزءًا من اليسار الراديكالي، الذي ما زال أسيرًا لسرديات سبعينيات القرن الماضي، حين كان تقرير المصير يُختزل في الانفصال عن الدولة القائمة، لا في تحريرها من الداخل وبناء مؤسساتها على أسس ديمقراطية وعدالة اجتماعية.
اليسار، في ضوء هذا التحول، مدعو إلى مراجعة مفهوم التحرر نفسه. فالمعركة لم تعد ضد الدولة الوطنية، بل من أجل إعادة تأسيسها لتكون دولة عادلة، عقلانية، وفاعلة في التنمية. اليسار الذي ظل يرى في البوليساريو “حركة تحرر” يكتشف اليوم أن المشروع الانفصالي لم يعد يرمز إلى التقدم، بل إلى تجميد الواقع داخل بنية تابعة للنظام الجزائري، الذي يوظف خطاب تقرير المصير لغايات جيوسياسية تتجاوز إرادة الصحراويين أنفسهم.
التحذير هنا ضروري: فالتحول الأممي لصالح المقاربة المغربية لا ينبغي أن يُغري بالتراخي أو الاطمئنان، لأن أي انزلاق في تدبير المرحلة المقبلة ـ سواء من خلال غلبة المقاربة الأمنية، أو استمرار أعطاب الحكم المحلي، أو تهميش الكفاءات الصحراوية ـ يمكن أن يعيد إنتاج التوتر ويُفقد المشروع مصداقيته. كما أن البيئة الإقليمية المحيطة بالمغرب، المثقلة بإرث الاستعمار وتقاطعات مصالح القوى الكبرى، تفرض حذرًا استراتيجيًا وتوازنًا دقيقًا بين الالتزامات الدولية ومتطلبات السيادة الوطنية.خاصة وأن الدول العظمى في نظر الأمر الواقع الدولي لا يهمها سوى المصالح ثم السلام المفيد في التعاقدات الإقتصادية والأمنية ثانيا . ولذلك فإن اليسار الوطني الجديد، إذا أراد أن يستعيد دوره التاريخي، فعليه أن يلتقط هذه اللحظة الأممية لا بوصفها “انتصارًا دبلوماسيًا” فقط، بل كفرصة لبناء مشروع ديمقراطي ترابي منفتح، يجعل من الحكم الذاتي أداة لتحرير الدولة والمجتمع معًا. فالمعنى الحقيقي للتحرر اليوم لم يعد في الانفصال، بل في المأسسة الديمقراطية للسيادة، أي في القدرة على تحويل الدولة من سلطة على المجتمع إلى سلطة به وله.
بهذا المعنى، يشكّل الحكم الذاتي كما تتصوره الأمم المتحدة والمغرب مجالًا لتلاقي الواقعية السياسية مع الطموح الديمقراطي، شرط أن يظل هذا الطموح يقظًا أمام كل نزوع نحو الانغلاق أو الاستئثار، وألا يتحول الإجماع الوطني إلى غطاء لجمود النظام أو تعطيل سيرورة الإصلاح. فالرهان ليس فقط على “حل النزاع”، بل على تجديد النموذج السياسي المغربي في تفاعله مع جواره الإقليمي، ومع شركائه الجيوستراتيجيين، ومع ذاكرته التحررية نفسها.
وهنا تبرز ضرورة التساؤل عن جدوى تحيين مطلب تشييد المغرب الكبير، لا كمشروع وحدوي طوباوي، بل كمجال تاريخي لإعادة بناء الذاكرة المغاربية المشتركة على أسس العدالة الانتقالية المحدثة، أي الانتقال من منطق جبر الضرر المادي والمعنوي إلى منطق حوكمة السرديات ودمقرطة الذاكرة الجماعية. فربما لن تُبنى مغارب المستقبل بالحدود والسيادة فقط، بل بقدرتنا على إعادة سرد تاريخنا المشترك بما يضمن الاعتراف، المصالحة، والمصير الجماعي المتجدد.
* مصطفى المنوزي
يشكل قرار مجلس رقم 2797 الداعي إلى مفاوضات لحل النزاع حول الصحراء المغربية في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، (فتحا مبينا) يفصل بين مغرب ما قبل 31 أكتوبر 2025 ومغرب ما بعده.
إنه قرار تاريخي ينتصر لتضحيات شعب أمام كل مؤامرات تقسيم ترابه وتقزيم كيانه بفضل صموده وحكمة مَلكه. وأهمية هذا القرار الذي لطالما انتظره المغرب منذ سنة 2007، حين تقدم بمقترح الحكم الذاتي لإخراج ملف الصحراء من وضعية الجمود التي أدخله فيها حكام الجزائر لما يحققه لهم من مآرب سياسية، وعلى رأسها: تصدير مشاكلهم الداخلية إلى الخارج وتعليق فشلهم في خلق شروط التنمية وتوفير ظروف العيش الكريم للشعب الجزائري الذي يضطر، يوميا، للاصطفاف في الطوابير من أجل العدس والحليب والزيت، رغم الثروات البترولية والغازية التي يتوفرون عليها؛ أهمية هذا القرار الأممي يمكن الإشارة إليها كالتالي:
1 ـ على المستوى الداخلي.
أ ـ إضفاء الشرعية الدولية على السيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية. إذ رغم السيادة الاقتصادية التي تعترف بها الدول الكبرى من خلال الاتفاقيات التجارية والاستثمارات المهمة بذات الأقاليم، تظل السيادة القانونية المعترف بها من مجلس الأمن والأمم المتحدة، والتي تشكل “الشرعية الدولية”، مطلوبة حتى لا “يتطاول أحد على حقوقه (=المغرب) وحدوده التاريخية” كما جاء في الخطاب الملكي بذات المناسبة.
ب ـ إنهاء الابتزاز والاستغلال اللذين عانى منهما المغرب مدة نصف قرن وأثّر سلبا على جهود التنمية ومواردها، ومن ثم، على ظروف العيش ومستوى الخدمات الاجتماعية المقدمة للمواطنين. فبعد أن شدد جلالة الملك، في ذكرى المسيرة الخضراء 2021، على ضرورة مغادرة “المنطقة الرمادية” لإقامة الشراكات الاقتصادية والتجارية مع الدول تشمل الصحراء المغربية، أعاد التأكيد عليها في ذكرى ثورة الملك والشعب، 20 غشت 2022 (ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات).
ج ـ التفرغ لبناء المغرب الموحَّد والصاعد عبر “تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية أكبر، بما يضمن استفادة الجميع من ثمار النمو، وتكافؤ الفرص بين أبناء المغرب الموحد في مختلف الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها”(الخطاب الملكي أمام البرلمان 10 أكتوبر 2025). فقرار مجلس الأمن سيسمح للمغرب بتوجيه كل جهوده إلى التنمية عبر كل جهات ومناطق المغرب. لقد كان النزاع المفتعل مكلفا ومستنزفا للموارد البشرية والمالية وللوقت وكذا لفرص التنمية.
2 ـ على المستوى الخارجي.
أ ـ إنهاء حالة “لا سلم ولا حرب” بين المغرب والجزائر التي فرضت تسابقا محموما نحو التسلح ينذر بانفجار الوضع في أي لحظة. لهذا جاءت مبادرة الرئيس دونالد ترامب لإقرار اتفاق سلام بين المغرب والجزائر. وهي المبادرة التي ثمّنها جلالة الملك في خطابه، بنفس المناسبة، عبر الدعوة الصادقة للرئيس الجزائري “لحوار أخوي صادق، بين المغرب والجزائر، من أجل تجاوز الخلافات، وبناء علاقات جديدة، تقوم على الثقة، وروابط الأخوة وحسن الجوار”.
ب ـ “إحياء الاتحاد المغاربي على أساس الاحترام المتبادل، والتعاون والتكامل، بين دوله الخمس”؛ مما سيساعد على رفع العراقيل أمام دوله للتنسيق لمواجهة التحديات (التنمية، الجفاف، تحسين الخدمات الاجتماعية..) والمخاطر التي تحذق بالمنطقة (الإرهاب، الهجرة السرية، العصابات المنظمة لتهريب السلاح والبشر والمخدرات، الصراع بين القوى الدولية على ثروات المنطقة..).
ج ـ طرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي بعد أن أقر مجلس الأمن بالحل التفاوضي في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية. إذ لم يعد ما يبرر التعامل مع البوليساريو ككيان “مستقل” والاحتفاظ بعضويته داخل الاتحاد. وهي فرصة أمام الاتحاد الإفريقي ليصحح الخطأ الذي ارتكبه في حق المغرب بقبوله عضوية البوليساريو دون أن تعترف بها هيئة الأمم المتحدة.
د ـ إخراج ملف الصحراء من اللجنة الرابعة لهيئة الأمم المتحدة لإزالة أي غطاء تستغله البوليساريو لترويج أطروحتها “كحركة تحرر”. خصوصا وأن ما صدر عن قيادة البوليساريو من رفض للقرار الأممي وتهديد بحمل السلاح، يفرض على المغرب إغلاق المداخل المرتبطة بـ”القانون الدولي” التي تستغلها الجبهة حتى يسهل عزلها وإظهارها، في حالة تعنتها، كمنظمة مارقة لا تمتثل لقرارات مجلس الأمن؛ ومن ثم، يسهل تصنيفها كتنظيم إرهابي.
لقد مكّنت حكمة المغفور له الملك الحسن الثاني، من استرجاع الأقاليم الصحراوية بفضل المسيرة الخضراء دون حرب تحرير، وتأمينها بالجدار الرملي دون الانجرار إلى حرب لا تبقي ولا تذر؛ كما مكّنت حكمة الملك محمد السادس من وضع إستراتيجية معتمدة على التدرج والهدوء غيرت موازين القوى وجرّدت الخصوم من الدعم الدولي والغطاء “القانوني” لتسحبهم إلى داخل الإطار الذي تحدده مبادرة الحكم الذاتي ضمن السيادة المغربية. إذ لم يعد من خيار أمام البوليساريو وداعميهم سوى القبول بالتفاوض من داخل الإطار أو التمرّد على القرار الأممي وتحمل تبعات ذلك.
على مسؤوليتي
نجحنا ولم ننتصر: تفكيك وصم تصفية الاستعمار واستعادة معنى التحرر
نشرت
منذ 3 أيامفي
نوفمبر 3, 2025بواسطة
مصطفى المنوزي
نجحنا ولم ننتصر ؛ عبارة تبدو متناقضة للوهلة الأولى، لكنها تختزل مسارًا طويلًا من التباسات التاريخ والسياسة والذاكرة. فقد تحققت مظاهر السيادة الشكلية، وارتفعت الأعلام، وتداولنا على المؤسسات، لكن جوهر التحرر ظل معلقًا بين إرادة الداخل وضغوط الخارج، بين خطاب الوطنية ومخلفات الوصاية الذهنية التي رسختها سردية “تصفية الاستعمار” المغرضة.
إن ما تحرر حقًا لم يكن الأرض فحسب، بل الوعي ذاته، حين بدأنا نفكك اللغة التي قيدتنا، وننزع عن أنفسنا صفة “الملحق” بتاريخ غيرنا ، فليس التحرر محطة بل مسار مفتوح على النقدوالمراجعة، على استعادة المبادرة والمعنى. لقد نجحنا في إثبات وجودنا، لكن الانتصار الحقيقي لن يتحقق إلا عندما نعيد تعريف الذات خارج منطق المقارنة والتبعية، ونستعيد حريتنا في السرد، في الفعل، وفي التأويل.
كان النظام في العهد ، المتوافق حوله بأنه بائد ، وتم إرساء لبنات القطع معه ، في ظلال محطة التناوب، يستعمل اللحظة الوطنية وسيلة لضمان إستمرارية عمره الإفتراضي ، في حين كانت الحركة الوطنية والديمقراطية والتقدمية ، تعتبر اللحظة الوطنية مدخلا متوازيا لولوج اللحظة الديمقراطية العظمى ؛ وكتتويج لثورة الملك والشعب . وكانت القضية الوطنية محاولة حد أدنى مشترك لدعم التعاقد المنشود . لكن منذ بدايات العهد الجديد، تميزت الخطابات الملكية بطابعها التوجيهي التحويلي، حيث شكل كل خطاب منها لحظة تأسيسية في إعادة تعريف الدولة لعلاقتها بالمجتمع وبالمجتمع الدولي. وإذا كان خطاب 20 غشت 1999 قد دشّن المفهوم الجديد للسلطة، مؤطرًا الانتقال من شرعية الحكم إلى شرعية الخدمة، فإن خطاب 31 مارس 2025 جاء ليؤكد اكتمال مسار آخر أكثر تركيبًا، هو مسار الانتقال من شرعية الدفاع إلى شرعية السيادة التفاوضية.
فما جرى في هذا المنعطف الأخير ليس انتصارًا تقليديًا في ميزان القوى، بل هو تتويج لعملية طويلة من التحول في الفكر السياسي والدبلوماسي المغربي، بدأت بإعادة صياغة المرجعيات الخطابية نفسها. فمنذ سنة 1963، حين طُرح ملف الصحراء أمام اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار( الإسباني ) ، كان الخطاب الرسمي مشبعًا بمنطق التحرير والوحدة الترابية، منسجمًا مع سياقات ما بعد الاستقلال. غير أن هذا المنطق أبان مع مرور الزمن عن محدودية أمام ديناميات الشرعية الدولية الجديدة، التي انتقلت من تصفية الاستعمار إلى تسوية النزاعات وفق مبدأ الواقعية السياسية. ومن هنا، برز التحول العميق الذي أنجزه المغرب عندما نقل الملف من منطق التحرير إلى منطق التفاوض، ومن سجل التاريخ إلى سجل القانون الدولي.
هذا التحول لم يكن تقنيًا فحسب، بل تراكميًا ومؤسسًا على إعادة بناء سردية الدولة حول نفسها. فعندما تقدم المغرب سنة 2007 بمقترح الحكم الذاتي، لم يكن يقدم حلاً فحسب، بل كان يعيد تموضعه في الحقل الدبلوماسي كفاعل اقتراحي يملك المبادرة. ومنذ ذلك التاريخ، تبلورت الأرضية التوافقية التفاوضية التي ستتوج بقرار مجلس الأمن في مارس 2025، مانحًا المقترح المغربي مكانة مرجعية ضمن إطار الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، أي في منطق الحلول السلمية والسيادية لا في منطق التصفية أو الوصاية ؛ ولذلك فإن دلالات هذا القرار تتجاوز مضمونه، إذ أنهى فعليًا مرحلة ارتباط القضية الصحراوية بسردية تصفية الاستعمار التي ظلت تقيّدها منذ ستة عقود، وأدخلها في أفق السيادة المغربية المتفاوض عليها ؛ ولعل الخطاب الملكي الذي تفاعل مع الحدث عبّر عن هذا التحول بلغة دقيقة وهادئة، حين قال الملك: “لم ننتصر” و“نحن مرتاحون للموقف الدولي”، مقدمًا الشكر لجميع المغاربة على تضحياتهم، وموجهًا نداءً إلى “الإخوة” ومدًّا لـ“اليد للأخ النظير ”. هذه المفردات تختزل فلسفة مرحلة جديدة: السيادة ليست إعلان نصر بل ممارسة مسؤولية، والتسوية ليست تنازلاً بل إنتاجًا مشتركًا للشرعية.
غير أن هذا المسار التفاوضي لن يكتمل من دون استحضار البعدين المؤسسي والحقوقي في رؤية الدولة للتحول. فقبل ربع قرن، دعا الملك في خطاب 15 دجنبر 1999 أمام القضاة إلى تتويج معركة مناهضة الشطط في استعمال السلطة بتنصيب مجلس الدولة، باعتباره مؤسسة للتحكيم والوساطة القضائية بين المركز ومنطقة الحكم الذاتي الترابية، وهي فكرة كانت استباقية في أفق ما نعيشه اليوم من ورش للجهوية المتقدمة وتقاسم السلط. وقبله كان شرارة التحول في القضية الوطنية في خطاب سادس نوننبر 1999.كما أن خطاب تنصيب هيئة الإنصاف والمصالحة في 6 يناير؟2004 رسّخ تصورًا مغربيًا أصيلًا للعدالة الانتقالية، باعتبارها مشروعًا وطنيًا متجددًا لا يقتصر على الماضي السياسي، بل يشمل المصالحة المستمرة بين الدولة والمجتمع، وبين المغاربة أنفسهم في أقاليمهم المتعددة.
إن هذه المرجعيات تؤسس اليوم لما يمكن تسميته بـ“العدالة الانتقالية التوقعية”، أي تلك التي تتجه إلى المستقبل وتعمل على إرساء ضمانات عدم تكرار المآسي والانتهاكات الجسيمة، وتستعيد روح المصالحة في بعدها الترابي والوطني. ومن هذا المنظور، فإن المصالحة مع الصحراء ليست مجرد تسوية سياسية، بل امتداد لمسار وطني طويل لبناء الثقة وتجديد التعاقد الجماعي حول السيادة والكرامة، وبناء الذاكرة الجماعة المشتركة ، بعيدا عن السرديات الأمنية وسرديات الضحايا غير المنتجة .
إن ما تحقق اليوم يمثل نجاحًا سياديًا لأنه نتاج تفاعل عقلاني بين السياسة والذاكرة والمؤسسات. لقد خرج المغرب من دائرة الدفاع التاريخي إلى فضاء السيادة الواقعية، ومن سردية التحرير إلى سردية البناء، مؤكدًا أن النضج السياسي يقاس بقدرته على تحويل الانتصار إلى ثقة هادئة، وتحويل الإجماع الوطني إلى مشروع تفاوضي منفتح. وبهذا المعنى، فإن المسار الذي بدأ بالمفهوم الجديد للسلطة سنة 1999 ومرّ عبر العدالة التصالحية سنة 2004، ثم الإصلاح الدستوري سنة 2011، يجد اليوم امتداده الطبيعي في هذا النضج السيادي الذي يجمع بين التوازن الداخلي والشرعية الدولية.
إنه مسار مغربي فريد، ينتصر للعقلانية دون تفريط في الثوابت، ويؤسس لسيادة تفاوضية تشاركية تُعبّر عن مغربٍ اختار أن يكون فاعلًا لا مفعولًا به، وبانيًا لا متفرجًا على تحولات محيطه. صحيح أن الكلفة كانت باهضة لكن بإرساء ضمانات عدم التكرار سنرد الإعتبار ونجبر الأضرار بتبادل الإعتراف وتحقيق الإنصاف .
* مصطفى المنوزي
وزير الداخلية: نجاح المحطة الانتخابية المقبلة يقتضي تخليق الحياة السياسية
الوداد الرياضي يفوز على حسنية أكادير (2-1)
الإصابة تغيب حكيمي لمدة شهرين عن الملاعب
فرنسا تقرر تعليق موقع “شي إن” الإلكتروني على وقع التحقيق بشأن الدمى الجنسية
المنتخب الوطني لاقل من 17 يختتم تحضيراته للقاء البرتغال
بووانو: فئة المتقاعدين لم تستفد شيئا مع حكومة عزيز أخنوش
رغم الأزمة “شي إن” تفتتح في باريس أول متجر غير إلكتروني بالعالم
بلدية أندرلخت تكرم بطلي العالم لأقل من 20 سنة علي معمر وأنس تجوارت
مونديال قطر لأقل من 17 سنة .. المنتخب المغربي يواجه نظيره البرتغالي وعينه على انتزاع الفوز
زهران ممداني العدو الجديد لترامب يفوز بمنصب رئيس بلدية نيويورك
سان جرمان يخسر حكيمي و ديمبيليه في شوط واحد أمام بايرن
الرجاء الرياضي يفوز على ضيفه الكوكب المراكشي (1-0)
توقعات أحوال الطقس ليومه الأربعاء
الملك محمد السادس يقرّ 31 أكتوبر عيدا وطنيا جديدا باسم “عيد الوحدة”
تعاون هولندي/ مغربي يقود إلى توقيف قاصر بهولندا متهم بالإرهاب
24 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال أسبوع
اتهام راهب باعتداءات جنسية على لاجئين قصر في المغرب
سلا .. لقاء تشاوري حول إعداد برنامج التنمية الترابية المندمجة
المغرب يقترب من إتمام صفقة إقتناء مقاتلات «إف-35» الشبحية
الريصاني تحتضن تظاهرة : ” خمسون سنة من الوحدة… خمسون جملاً نحو المستقبل”
هذه هي التشكيلة الرسمية للوداد أمام كوتوكو في كأس الكاف
ترامب يعلن عن رغبته في لقاء رئيس كوريا الشمالية
وفاة الملكة الأم في تايلاند عن 93 عاما
المغرب يتصدر قائمة “الكاف” للملاعب المعتمدة
المنتخب الوطني لاقل من 17 يستعد للقاء اليابان
كل ما ترغبون في معرفته بخصوص خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء
البرنامج الجديد للنقل الحضري العمومي للفترة 2025-2029.. استلام 70 حافلة جديدة بميناء أكادير
“ماركا” تبرز الصعود اللافت للدولي المغربي حمزة إكمان
ثنائية حكيمي تعيد سان جرمان الى نغمة الانتصارات
نقابة مهنيي الفنون الدرامية ترحب بالقرار الأممي و تثمن الخطاب الملكي السامي
الرجاء الرياضي يتغلب على ضيفه أولمبيك الدشيرة (1-0)
هذا هو موعد تقديم حكيم زياش أمام جماهير الوداد
آمنة بوعياش تتوج بوسام الاستحقاق المهني لعام 2025 بمدريد
الملك يدشن مركب الرباط الاستشفائي الجامعي
حضور مغربي قوي ضمن قائمة المرشحين لجوائز الاتحاد الإفريقي لكرة القدم
الدار البيضاء تستلم 257 حافلة جديدة للنقل الحضري العمومي (صور)
إسرائيل تسلم جثامين 30 فلسطينيا إلى غزة عبر الصليب الأحمر
نجاح كبير للنسخة الرابعة من منتدى WeXchange
المنتجات المجالية: من صحرائنا المغربية نرسم الهوية الوطنية
لحظة الحسم في الصحراء: من احتكار الدولة إلى التشاور الوطني
🔴 مباشر | الخطاب الملكي السامي
الدار البيضاء.. انطلاق المرحلة الرابعة من سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء
الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge
“الدوري الأول للراحلة حليمة مرجان”..الرياضة في خدمة العمل الخيري
الرباط تكرّم الراحل يونس رودياس أحد رموز كرة السلة بنادي الفتح الرياضي
الوداد الرياضي يحتفل بذكراه الـ88.. ليلة وفاء وتكريم لأساطير الأحمر
المغرب يدخل عصر العلاج الثوري لسرطان البروستاتا بتقنية HIFU
في حفل تأبيني مؤثر.. سبور بلازا يكرم روح الراحل كمال لشتاف
نادي “النور اولاد صالح” ينظم الدوري السنوي للكرة الحديدية
تفاصيل مؤامرة الجنرال أوفقير على رفاقه في الجيش وعلى الحسن الثاني
محمد لومة يحكي عن أخطر جرائم أوفقير في حق الوطن والشعب
للمرة الثانية الرباط تحتضن التجمع التدريبي الافريقي BAL في كرة السلة
هكذا اقتطعت الجزائر أجزاء من التراب المغربي و التونسي بدعم من فرنسا ( فيديو)
بالفيديو..تفاصيل محاولة اغتيال الحسن الثاني سنة 1972
1981: مقترح “الاستفتاء” حول الصحراء..عندما قال عبد الرحيم بوعبيد “لا” للحسن الثاني
محمد لومة يكشف مراحل الصراع بين الحسن الثاني و عبد الرحيم بوعبيد (الجزء الأول)
تفاصيل تحكى لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن حلون (الحلقة الثانية)
و شهد شاهد من أهلها..حقائق تكشف لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن جلون
حورية أجدور..صوت مجدد صاعد في سماء الأغنية الأمازيغية “فيديو “
تهلاو فالصحيحة :الدكتور عماد ..هذه هي الفوائد الصحية للجبن” فيديو”
الاكثر مشاهدة
-
رياضة منذ 4 أيامالمنتخب الوطني لاقل من 17 يستعد للقاء اليابان
-
سياسة منذ 5 أيامكل ما ترغبون في معرفته بخصوص خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء
-
سياسة منذ 4 أيامنقابة مهنيي الفنون الدرامية ترحب بالقرار الأممي و تثمن الخطاب الملكي السامي
-
رياضة منذ 6 أيامهذا هو موعد تقديم حكيم زياش أمام جماهير الوداد
-
واجهة منذ يومينالملك يدشن مركب الرباط الاستشفائي الجامعي
-
اقتصاد منذ 4 أيامارتفاع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج إلى 92,73 مليار درهم
-
سياسة منذ 4 أيامالخط الفاصل مع الصحراء المغربية يختفي من خرائط غوغل
-
رياضة منذ 4 أيامعصبة الأبطال .. نهضة بركان يتأهل لدور المجموعات بفوزه على أهلي طرابلس (2-1)
