Connect with us

على مسؤوليتي

مراد بورجى يكتب: الملك يدين السياسة الفلاحية الفاشلة لأخنوش وحكومته!

نشرت

في

في خضمّ الجدل الدائر حول دعوة الملك محمد السادس إلى عدم ذبح الأضاحي (وليس عدم ذبح الأكباش)، هناك سؤالان أساسيان يطرحان نفسيهما بقوة: ماذا سيفعل “تجّار الأزمات” مع صفقات استجلاب قطيع الأغنام والأبقار، بعدما لم يعد لها دور في تلبية جشعهم لتحقيق الأرباح الفاحشة؟ وقبل ذلك وبعده، لماذا ظل رئيس الحكومة عزيز أخنوش مصرّا على ذبح الأضحية قبل أن يتلقى صفعة مدوّية من إمارة المؤمنين؟.

أثارت دعوة رئيس الدولة الملك محمد السادس إلى عدم ذبح الأضحية الكثير من الجدل خارج المغرب، أكثر منه داخله، لأن “الخارج” قد لا يفهم، أو بالأحرى قد لا يدرك خصوصية تلك العلاقة الخاصة والعميقة التي تربط العرش بالمغاربة، الذين لا يرون في الملك رئيس الدولة فقط، بل ينظرون إليه، أيضا، باعتباره أمير المؤمنين، حامي حمى الملة والدين، وضامن الأمن والاستقرار للبلاد والعباد… وهذا طبيعي، لأن مسار تشكّل مؤسسة إمارة المؤمنين بالمغرب، رغم استنادها إلى مرجعية الإسلام، بُني على أسس مستقلّة (ليس هنا مجال التفصيل فيها) عن الخلافة المشرقية، منذ تأسيس أول دولة إسلامية بأقصى غرب شمال إفريقيا، دولة الأدارسة، في القرن الثاني الهجري (القرن الثامن الميلادي)، وصولا اليوم إلى دولة العلويين الشريفة، التي مثّلت، مع الملك محمد السادس بن الحسن العلوي، نموذجا متقدما لارتباط المملكة بأرض المغرب بكل مكوناتها الموحَّدة في تنوعها وتعددها، كما جسّدها دستور 2011، الذي دقّق تصديره في مرجعية وهوية الدولة المغربية الحديثة، بما هي “دولة إسلامية ذات سيادة كاملة متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها: العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية، والعبرية والمتوسطية”، بل إن تصدير الدستور أعطى خصوصية مغربية للمرجعية الدينية نفسها بربط الدين الإسلامي، لدى الشعب المغربي، بـ”قيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء”.

عدم إدراك هذه الخصوصية المغربية له ما يبرّره، والجدل الذي يثيره أصحابه يبقى إيجابيا ومحمودا، وقد نقله العديد من النشطاء المغاربة إلى مجال النقاش العمومي، وكان مفيدا ومثمرا في تفاعله مع الخصوصية المغربية، وهذا بخلاف تلك “الحملات” المنظمة والممنهجة، والتي قام أصحابها بتسويق القرار الملكي باعتباره “منعا” موسوما بـ”الحرام”، لأنه “عطّل” شعيرة دينية هي سنّة نبوية مؤكدة من قلب الإسلام، مستهدفين “ترييب” دولة المغرب بضرب خصوصية تلك العلاقة بين الشعب والملك والنظام!.

هذا النوع الأخير من الجدل لا تخفى مراميه بما تحمل من مناورات ومؤامرات، ليست هي موضوعنا هنا بعدما باتت مفضوحةً أمام الرأي العام الدولي ومسخرةً أمام المغاربة، إذ تكفينا فقط الإشارة إلى الارتياح العام الذي سرى في المجتمع المغربي، الذي سارع بناته وأبناؤه للتعبير عن فرحتهم بالدعوة الملكية، التي تجاوبت مع نبضاتهم، وترجمت تطلّعاتهم، التي عبّروا عنها طوال الفترة السابقة، حيث كان يجري الإعلان، بأساليب متعددة ومتنوعة، عن رغبات شعبية متنامية بإقامة شعيرة الأضحى لهذه السنة دون “طقس” ذبح الأضاحي.

فالدعوة الملكية، مغربيا، جاءت منسجمةً مع وظيفة مؤسسة إمارة المؤمنين، وتنزيلًا للثوابت الدينية للمملكة المؤطّرة بدستور 2011، وبهذه الصفة، “أهاب”، وليس “منع”، أهاب “أمير المؤمنين” بالمغاربة بعدم إقامة طقس ذبح أضحية العيد، وذلك بصفة استثنائية هذه السنة، لكن مع الإبقاء على كل الطقوس الأخرى المرافقة للعيد، إذ مثلما أهاب بالشعب المغربي عدم ذبح الأُضحية، كما ورد في رسالة ملكية، فقد أهاب به كذلك أن يحيي عيد الأضحى “وفق طقوسه المعتادة، ومعانيه الروحانية النبيلة، وما يرتبط به من صلاة العيد في المصليات والمساجد،وإنفاق الصدقات وصلة الرحم، وكذا كل مظاهر التبريك والشكر لله على نعمه مع طلب الأجر والثواب”.

الدعوة الملكية، باستنادها إلى إمارة المؤمنين، تندرج في صلب مقاصد الدين الإسلامي في مراعاة أحوال الناس وظروفهم، ودفع الضرر والحرج عنهم، باستحضار “ما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية”، وباعتبار أن “عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة”، وأن “القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محقّقا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود”، وفق ما جاء في الرسالة الملكية…

الملك يدين السياسة الفلاحية الفاشلة لأخنوش

من هذه الزاوية، تكون الدعوة الملكية تتضمّن، أيضا، شهادة إدانة من الجالس على عرش المملكة العلوية الشريفة “للمترامي” على كرسي رئاسة الحكومة، وتعبيرا عن عدم رضى الملك محمد السادس على سياسات عزيز أخنوش ومن معه، إلى الحد الذي يمكن فيه اعتبار الدعوة إلى عدم ذبح الأضاحي إعلانا مدويا عن حكم ملكي بواقع الفشل الحكومي! لقد وقف الملك إلى جانب الشعب ضد الحكومة، التي أعلن رئيسها بسكوته، في أكتوبر الماضي، بمجلس المستشارين، عن تأكيد إقامة طقس ذبح الأضحية، ويأتي أمير المؤمنين اليوم بعكس ذلك، ما يؤكد أن القصر ينأى بنفسه عن كل ما له صلة مباشرة بحكومة أخنوش ومن يشكّل بهم أغلبيته للبغي على الشعب.

الدعوة الملكية إدانة لعزيز أخنوش، كوزير للفلاحة منذ سنة 2007، وكمهندس لمخطط المغرب الأخضر”، الذي استعاره من مكتب دراسات أجنبي تلقّى نظيره أموالا ضخمة بالعملة الصعبة، قبل أن ينتهي إلى الفشل التام، بعد 12 سنة من العمل به، منذ بدايته سنة 2008 إلى نهايته سنة 2020، دون أن ينتج إلا الكوارث وتفاقم الإكراهات والتفريط في الحبوب والسكر والعدس والأرز والحليب وتجفيف الماء وارتفاع الأسعار، وزاد توالي سنوات الجفاف من حدّة وتعمّق الأزمات… وبكلمة: لقد أدى تدبير أخنوش لقطاع الفلاحة بأدوات مخطط المغرب الأخضر إلى إفراز أوضاع مختلة جعلت البلاد مهدّدة بالجوع والعطش!.

إن السياسة الفلاحية المنتهجة، منذ سنة 2008، لم تحقق أي هدف من أهدافها، التي طالما أعلن عنها أخنوش بكثير من التفخيم والتعظيم والاعتداد حتى الاستكبار، دون أن تصل البلاد إلى الاكتفاء الذاتي الموعود في أي مادة من المواد الاستهلاكية الأساسية، بعدما تبيّن أن مخطط المغرب الأخضر الفاشل موجّه أساسا لخدمة طبقة محدودة من الفلاحين الكبار الذين يوجهون منتجاتهم للتصدير لتلبية جشعهم إلى جني الأرباح الطائلة دون أدنى اعتبار لتلبية احتياجات السوق الداخلية، وفي المحصلة، تتحوّل العملة الصعبة الموعودة من التصدير إلى مجرد وهم، إن لم نقل إلى نصب واحتيال، لأن المستفيد الأول والأخير هي أرصدة الفلاحين الكبار المحظوظين وليس خزينة الدولة، إذ تفيد تقارير مكتب الصرف إلى أن حجم الموارد المستوردة من المواد الطرية من الحبوب والذرة والقطاني بلغت حوالي 40 مليار درهم،في حين لم تتجاوز عائدات المواد المصدرة من الطماطم والفواكه وغيرها ما يناهز 30 مليار درهم، بعجز تجاري يفوق 10 ملايير درهم! دون الكلام عن “تطبيل” أخنوش بكون هذا المخطط كان سيساهم في خلق مليون ونصف المليون منصب شغل، لتكشف أرقام المندوبية السامية للتخطيط عن فقدان 247 ألف منصب شغل في مجال الفلاحة والغابة والصيد… هذا فضلا عن كوارث المخطط البيئية، ولاسيما في ما يتعلّق بالإجهاد المائي (القطاع الفلاحي يستهلك نحو 80 في المائة من موارد المياه المتجددة في المغرب)، حتى أن مجلس الحسابات سجّل أن نسبة استنزاف المخطط للمياه بلغت نحو 90 في المائة، قبل أن يضع مسألة الأمن الغذائي في قفص الاتهام بسبب “تبرّم” المخطط عن الزراعات التقليدية (قمح، شعير، ذرة، قصب سكر… إلخ)، التي قال قضاة مجلس الحسابات إن المغرب كان من منتجيها الكبار، وبعدما جاء المخطط الأخضر أصبح من مستورديها الكبار!.

ونعود إلى طرح السؤال: لماذا عمد رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى “تأكيد” إقامة شعيرة الأضحى بذبح الأضاحي، ولماذا رفض الملك له هذه النيّة والرغبة والإرادة؟ الجواب بسيط جدا: لقد رأى المغاربة أجمعين، يتصدّرهم ملك البلاد، كيف “ضحك” أخنوش على الدولة وعلى الشعب، بإجراءات تزيد في تسمين الأغنياء وتجويع الفقراء، حين جعلت فئة من المستوردين “المحظوظين” يستفيدون مرتين، يلهفون من جهة مبالغ الدعم العمومي الباهظة (500 درهم عن كل رأس غنم)، التي وُزّعت “زعما” بهدف تخفيض الأثمان (أو “الثَّمَنات” حسب تعبير أخنوش)، ويلهطون من جهة ثانية جيوب الناس بإشعال النار في الأسعار، حتى أصبح معدّلها يتراوح بين 5 آلاف إلى أزيد من 10 آلاف درهم، أمّا ما دون ذلك من ماشية، فكانت أشبه بالقطط منها بالخرفان!.

لا يمكن للملك أن يترك لأخنوش “التسيّب” ليعيد تلك المسخرة، التي تغدق العطايا على “18 من المضاربين” من تجار الأزمات الذي كان على وزير الصناعة مزور المطالبة بفتح تحقيق معهم… ونفس الشي مع مخطط المغرب الأخضر، الذي أثبت فشله الذريع منذ سنوات، دون أن يقوم أخنوش، ولو للحظة، بإجراء وقفة مراجعة وتقييم وتصحيح، وهو الأمر الذي كان الوزير يفرض عليه ستارا حديديا من الكتمان، إلى الحد الذي اضطرت معه وزيرة منتدبة سابقة في الماء، خلال حكومة سعد الدين العثماني، وهي القيادية شرفات أفيلال، التي كشفت، مؤخرا، أنها كانت “ممنوعة من تقييم مخطط المغرب الأخضر”، وقالت: “كان ممنوعا علينا القول بإخضاع المخطط للتقييم”، وأن “السياسة الفلاحية كانت وحدها التي لا يقيّمها إلا القائمون عليها”، وكشفت أفيلال كذلك أن كل من لم يلتزم بهذا المنع كان يتعرض لـ”الهجمات والضربات”! ولعل هذا ما يفسر الموقف “المتعنت” والمتهور” لوزير الفلاحة، آنذاك، في مواجهة رئيس المجلس الأعلى للحسابات، لدى صدور تقرير 2018، الذي خصّص 400 صفحة لفضح اختلالات السياسة الفلاحية، إذ وصل الأمر بعزيز أخنوش إلى تهديد وشتم إدريس جطو! وهو نفس المنحى الذي يفسّر اليوم المواقف “الصفيقة” لباطرون الحكومة من مؤسسات الحكامة، وهي مؤسسات يتعامل معها أخنوش وفريقه التابع وكأنها ليس مؤسسات دستورية، وإنما مجرد “مصالح حكومية” لا يحق لها أن تبدي رأيا خارج “التهليل” لسياساته الفاشلة، وإلا تتعرض لشتى أصناف الحملات و”الهجمات والضربات” مثلما أقرّت بذلك الوزيرة شرفات!!!.

كل هذا، يتطلّب معه وبصفة ملحة وعاجلة، عملية تقييم ومحاسبة، طبقا للمعايير الدولية المعمول بها، لحصيلة “مخطط المغرب الأخضر”، خصوصا بعدما اعتمد المغرب مخططا “جديدا” ليس إلا استمرارية للمخطط القديم، تحت اسم “الجيل الأخضر”، الذي يغطي فترة عشر سنوات من 2020 إلى سنة 2030، حتى لا يكون المغاربة، مرّة أخرى، ضحايا “زيد الشحمة فظهر المعلوف”، بتعبئة أغلفة مالية ضخمة لصالح كبار الفلاحين المستفيدين من سياسة فلاحة التصدير مقابل “طحن” أوسع الفئات الشعبية!.

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

مصطفى المانوزي: أقاوم حتى لا يتحول الشَطَط إلى استبداد

نشرت

في

أعتذر عن النفس الشخصي الذي بمقتضاه أعيد صياغة نقدي الذاتي ؛ ففي ظلال حلول عيد ميلادي السادس والستين، لن أحتفي بالزمن بوصفه مجرد تقويم بيولوجي، بل كرصيد من التأمل النقدي في جدوى السيرورة، وعدالة المعنى، ومآلات الانتظار.

لقد بلغت سنًّا لا أبحث فيه عن جواب، بل أتحرى عمق السؤال. وأدركت أن “التعفن”، حين يستفحل في البنية الرمزية للنظام السياسي والاجتماعي، لا يقتل فقط الحياة، بل يعمّي البصيرة، ويُعدم التدرج الأخلاقي والمعرفي.

*الجملة المفتاحية: مرآة لسردية الانهيار الرمزي
“بسبب التعفن، يتساوى العَمَش مع العَمَى، كما يتحول الشطط إلى استبداد.”
ليست هذه مجرد استعارة. إنها بلاغة تحليلية تؤسس لسردية نقدية، تكشف كيف تُطمر الفروق الدقيقة في لحظة فساد المنظومات، وكيف يُعاد ترتيب الخطأ ليُغلف كضرورة، والانحراف ليُسوَّق كحكمة واقعية.
التأويل السيميائي: من الخلل النسبي إلى الانهيار الكلي.

1. العمش والعمى:
في زمن ما قبل التعفن، يمكن للتمييز بين النقص والبُعد أن يؤطر الفعل والنقد. أما بعده، فلا فرق بين من يرى غبشًا ومن فقد الرؤية كليًا، لأن النسق يُعيد تعريف الخلل بوصفه قاعدة.

2. الشطط والاستبداد:
حين يُترك الشطط بدون مقاومة أخلاقية أو مؤسساتية، يتجذر كعرف، ثم كشرعية، ثم كأداة للحكم. هكذا يولد الاستبداد من رحم التساهل مع الانحراف.

*السياق المغربي الراهن: من الرمزية إلى الواقعة
حين تُهدم معالم المدينة القديمة باسم التنمية،
وتُمحى الفوارق بين “المصلحة العامة” و”السطو على المجال”،
ويتحول النقد إلى جرم، والمشاركة إلى تهديد،
نكون أمام لحظة بلاغية/واقعية يتساوى فيها العَمَش بالعمى، ويتحول الشَطَط إلى استبداد.

إنه زمن سيولة المفاهيم، وتدجين الإرادة، وتعويم الانحراف.

بل زمن “إنتاج الشرعية من ركام الاستثناء”، حيث لا يبقى للشعب سوى أن “يرى ولا يرى”، أن “يُشارك دون أن يُحسب”، وأن “يُقرر ضمن شروط لا تسمح بالقرار”.

في الحاجة إلى سردية بديلة: من التشخيص إلى التأسيس
ما العمل إذن؟
إعادة تفكيك اللغة السائدة، وتحرير المعنى من تواطؤاته الرمزية.

الدفاع عن التمييز الضروري بين النقص والكارثة، بين التجاوز والخيانة، بين السلطة والمشروعية.

الانطلاق من ذاكرة النقد نحو أفق العدالة التوقعية، ليس بوصفها جبرًا للماضي، بل كــتحصين مستقبلي من تكرار الخراب.

* خاتمة في عيد الميلاد
عند ستة وستين عامًا، لا أملك ترف التفاؤل الساذج، ولا ترف التشاؤم العبثي.

لكني ما زلت أومن أن التفكير النقدي التوقعي ليس ترفًا فكريًا، بل فعل مقاومة ضد التعفن، وضد ذلك الانزلاق الذي يُسوّي العمش بالعمى، ويُجمّل الاستبداد بطلاء الشرعية.

ولذلك سأواصل المقاومة حتى لا يستفحل التعسف تحكمه وإستبدادا !

* مصطفى المنوزي
منسق ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

محمد الطالبي : وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة

نشرت

في

في البدء كانت الكلمة.
ومنذ تلك اللحظة، لم يكن الكون صامتاً أبداً. كانت الكلمة فعلاً خلاقاً، وكانت الحرية شرط وجودها. فليس ثمة معنى لكلمة تُولَد في القيد، ولا فائدة من صوتٍ لا يُسمع إلا بإذن.

*الكلمة التي لا تملك حق التحرك، لا تملك القدرة على التغيير.
الحرية ليست ترفاً ثقافياً، ولا موهبة سياسية تُمنح وقت الرخاء وتُسحب ساعة الغضب ولا مرتبطة بتغير عقارب الساعة اثناء تيهانها ، إنها الأصل الأول في الوجود الإنساني، وقلبُ الفعل الإعلامي.

الحرية هي ما يجعل من الصحافة سلطة رقابية حقيقية، لا تابعة. وهي ما يمنح الكاتبة والكاتب شرعية السؤال، والمواطن حق المعرفة، والمجتمع مناعة ضد الكذب والتضليل.

لكن يبدو أن هناك من لم يهضم بعد هذه الحقيقة. وان العهد الجديد وتوجهاته وتاطيره ربما ما زال البعض لم يهضمه ويتمثله في مسلكياته، فهناك من يتربص بالكلمة، وينظر إلى حرية الصحافة كخطر يجب تحييده، لا كأداة لبناء مجتمع واعٍ ومتين.

وهناك من يحاول – في صمت ماكر – أن يُعيد تشكيل المشهد المغربي ليصبح أكثر انضباطاً، لا بمعايير المهنية، بل بمعايير الولاء، والصمت، والاصطفاف.

في الأفق حديث “سري” لكنه يتسلل إلى العلن، عن تقنين التعبير، وضبط الكلام، وتقييد النشر، ومراقبة ما يُقال، ومن قاله، ولمن قاله.

هناك حديث لا عن من يمثل اصحاب وصاحبات الكلمة بقدر ما يُمثل عليهم.
حديث لا يُكتب بالحبر بل بالمقص، وعن “قوانين جديدة” تُفصّل لتمنح الشرعية للمراقبة، وتُشرعن التهديد، وتُدخلنا في عهد جديد عنوانه: الإعلام بلا روح.

لكننا نعلم – من تجارب الشعوب – أن القوانين حين تفقد صلتها بالعدالة، تتحول إلى أدوات للقمع.
وأن القانون بلا حرية، يشبه الجسد بلا روح، والدستور بلا احترام، لا قيمة له.

لا أحد فوق الدستور، ولا أحد تحته. الدستور ليس جداراً يُعلّق عليه الخطاب الرسمي، بل عقد اجتماعي يحفظ كرامة الأفراد ويصون حرياتهم.

وإن فقد الدستور وظيفته، فإن باقي القوانين تصبح بلا معنى وتفقد بعدها الأخلاقي.
المتسلطون ليسوا دائماً من يرفعون الهراوة، بل غالباً من يبتسمون وهم يكتبون تقارير …، ويرتبون جلسات التأديب، ويضعون الكلمة تحت المجهر.

أعداء الحرية يلبسون ثياب المسؤولية، يتحدثون باسمنا الجمعي ، ويقدمون أنفسهم كحماة لنا حتى من انفسنا .

لكن الحقيقة أن أكثر ما يهددنا هو الخوف.
الخوف من السؤال، الخوف من النقد، الخوف من الإعلام الحر، الخوف من مواطن لا يُصفق، بل يُفكر.

الحرية لا تخيف الدولة بل بعض من الجهات التي لا تؤمن بقوتها. بل تخيف فقط من يعرف في قرارة نفسه انه لا ينتمي الى عهدنا الجديد .

ولهذا، فإن معاداة حرية التعبير ليست مؤشراً على القوة، بل على الرعب من الانكشاف.
ألم نرَ كيف يُصنع “مجلس” لتمثيل الإعلاميين، ثم يُفرغ من روحه ليتحول إلى جهاز وصاية؟
هذه حكاية سنمار تتكرر كل مرة .

لكن من يقرأ التاريخ جيداً يعرف أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وأن الصحافة، كلما خُنقت، خرجت من ثقب آخر أكثر جرأةً ووضوحاً.

قد يقال: هذا كلام مثالي. لا يراعي “الواقع”، ولا يفهم “التوازنات”.
لكننا لسنا دعاة فوضى. نحن فقط نعرف أن السكوت لا يصنع حقيقة ، وأن الرأي الواحد لا يبني مجتمعاً، وأن المواطن الذي لا يعرف، لا يستطيع أن يختار، ولا أن يشارك، ولا أن يدافع عن نفسه.
الحرية ليست اختياراً، بل شرط حياة.

هي التي تبني العقول، وتحمي الدولة من الغرق في مستنقع التزلف والتضليل.
الإعلام ليس عدواً للدولة، بل صمام أمانها.

وحين يُخنق الإعلام، وتُربط الكلمة، تُفتح أبواب أخرى للخوف، وللإشاعة، وللشعبوية، وللانفجار الصامت.

*في البدء كانت الكلمة، وفي النهاية لا يصمد إلا الأحرار.
من تَحكَّم في الكلمة لحظةً، لن يستطيع أن يكبح جموح الزمن، ولا أن يُوقف صوت شعبٍ وُلد ليقول، لا ليُصفّق.

الكلمة الحرة لا تموت. حتى إن خُنِقت، تولد من جديد في أول صرخة، وأول منشور، وأول مقال يكتبه صحفيٌّ لا يخاف، ولا يبيع صوته .

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

د.عبد الرزاق مساعد يكتب عن الأعطاب الجنسية عند الرجل

نشرت

في

بواسطة

“الاستيهام والخيال، ضروريان لإتمام العملية الجنسية”: و بالتالي، فإن المرأة و الرجل اللذين لم يمارسا الاستمناء في فترة المراهقة، سيتعرضان حتما، لاضطرابات جنسية تظهر على علاقاتهم الجنسية، مع شركاءهم أو العكس.

الشيء الذي يجب ان نعرفه، هو أن أكثر من خمسين في المائة من الرجال، يصابون بالفشل الجنسي في فترة من حياتهم ، هناك من يستطيع أن يعرف كيفية التعامل، مع الفشل او العطب الجنسي الذي أصيب به. وعندما أقول أن عددا كبيرا من الرجال استطاعوا تجاوز فشلهم الجنسي، بتبسيط المشكل، فبالمقابل، هناك أشخاص عند حدوث الفشل او العطب الجنسي، يشعرون بإحباط شديد و كأن حياتهم انقلبت رأسا على عقب، و بالتالي يصبحون أشخاصا خائفين من الممارسة الجنسية و هذا هو الاحساس الذي يجعلهم يسقطون في فخ العجز الجنسي في النهاية.

فعندما يصاب الرجل بالفشل الجنسي ويقتنع أنه لن يعود الى حالته الطبيعية، يتهرب من الممارسة الجنسية بتقديم أعذار : كأن يقول لزوجته تارة أنا مريض و تارة يدخل منزله متأخرا حتى تنام زوجته أو يدخل لبيته مبكرا ويخلد للنوم قبل الجميع ، لكن عندما يضطر للقيام بالواجب الزوجي أو يمارس الجنس مع زوجته تلبية لرغبتها ، يذهب للمارسة منهزما لأنه يقول لنفسه “عندك ماتدير والو” وهكذا يستحضر الخوف و يقع الفشل. للأسف هذا هو واقع الحال عند العديد من الرجال ، بحيث أن الخوف يقلص من حجم الشرايين بفعل “هرمونات الخوف”. و في هاته الحالة، تزداد نبضات القلب و يرتفع الضغط الدموي ويصاب بالعرق ، وبالتالي يقع فقدان أو عدم الانتصاب، لأن الانتصاب يحتاج الى تمدد الشراين، لتصبح أوسع مما هي عليه، مع ارتفاع الصبيب الذي يصل إلى عشرين مرة أكثر من العادي.

الشئ الثاني، هو ان الفشل الجنسي، يغير من سلوك الرجل و يصبح له سلوك مغاير أثناء العلاقة الجنسية، بحيث لايقاسم شريكته المداعبة، بل يستعمل جسدها لكي يخلق الانتصاب ، فيصبح تركيزه أثناء الممارسة على قضيبه، وبالتالي يوجه تفكيره نحو قضيبه، هل سينتصب ام لا؟ في الوقت الذي كان عليه ان يداعب شريكته.

هذه العينة من الرجال، يصبح تفكيرها منصبا فقط، على القضيب طوال الوقت، أثناء العمل، خلال تناول الطعام ، و في كل وقت إلى أن يسقط في فخ العجز الدائم، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على العلاقة الزوجية، و بالتالي، فمن الطبيعي أن يدفع مثل هذا السلوك، الكثير من الزوجات إلى التعبير صراحة عن تضايقهن من هكذا وضع.

هذا الامر، يتعلق أكثر بشخصية كل رجل، و بشكل خاص، عندما تكون شخصية الرجل ضعيفة، فحتما لن يحسن المعاملة مع الخوف وعندئذ، يقول مع نفسه:” أنا غير قادر على واجبي الزوجي، و ربما ستذهب زوجتي عند رجال اخرين باحثة عن ما يلبي رغبتها الجنسية”، و هو الأمر الذي سيؤثر حتما على نفسيته. وهنا افتح قوسا لأقول:” أن الحياة الزوجية ليست جنس فقط ، هي أخذ وعطاء، تبادل الحب والحنان و مؤازرة الاخر، و الجنس يتوج كل هاته الأشياء”.

لكن للأسف، فإن بعض النساء، يدهبن عكس دلك، بحيث يسيطر عليهن الشك، و يتجه تفكيرهن، نحو تبرير تصرف أزواجهن، بوجود علاقات جنسية خارج إطار الزوجية، الشيء الذي سيضاعف لا محالة المشكل عند الزوج، حيث يصبح مضطرا للقيام بالعملية الجنسية تفاديا للمشاكل بينه و بين زوجته، فيصاحب هذا الاضطرار الخوف من عدم إتمام العملية الجنسية وهذا يؤدي بهذه الأخيرة الى الفشل و هذا يأتي بطبيعة الحال كرد سلبي للزوجة.

ماذا يمكن ان نقول للزوجة، التي أصيب زوجها بفشل أو عطب جنسي. يجب على المرأة أن تساعد زوجها عند شعوره بالفشل و العطب الجنسي وأن يكون سلوكها إيجابيا وليس سلبيا وأن تخفف من معاناته : كأن تقول له مثلا :” هذا شيء عادي و سنتجاوزه و أن الطبيب المختص قادر على أن يرجعك الى حالتك الطبيعية” أو ما شابه دلك، لأن الرجل عندما يصاب بفشل جنسي فانه يشعر بإحباط كبير، ربما يكون السبب المباشر في إصابته بالعجز الدائم.

زيارة الطبيب طبعا ضرورية، إن لم يحسن الرجل معاملته مع المشكل. لأننا لاحظنا في أغلب الأحيان الرجال المصابون بفشل جنسي، لايزورون الطبيب مباشرة بعد الإصابة، إنما ينتظرون سنة بعد سنة لعل المشكل يتم تجاوزه بشكل تلقائي، وهذا خطأ والمرأة للأسف، هي الاخرى لاتشجع الزوج على زيارة الطبيب وهكذا يتضاعف المشكل ويكبر الى ما لا تحمد عقباه، حيث يتم زيارة الطبيب بعد تفاقم المشكل العلاقاتي و يصبح الزواج مهددا بالطلاق.

من بين أسباب تطور مثل هده المشاكل الزوجية، عدم وجود الحوار والتواصل بين الزوجين، حول هذا الموضوع بالضبط و كذلك عدم زيارة الطبيب عند غياب الحوار. فغياب الحوار، يعتبر سببا واضحا في تطور مشكل الفشل الجنسي وهنا أعود الى شخصية الرجل و المرأة و من له الجرأة للحديث في الموضوع وبدون حرج للوصول الى حل ايجابي ، أما الصمت فمن الواضح أن نتائجه حتما ستكون سلبية.

* الدكتور عبد الرزاق مساعيد..أخصائي في المشاكل الجنسية

أكمل القراءة
رياضة منذ 9 ساعات

مارسيليا يرفض عرض جيرونا لضم أوناحي ويصعد مطالبه المالية

مجتمع منذ 11 ساعة

الصيادلة غاضبون ويدعون إلى حوار جدي مع وزارة الصحة

دولي منذ 13 ساعة

زلزالان عنيفان يضربان كامتشاتكا الروسية

منوعات منذ 14 ساعة

ندوة: دور الدبلوماسية الثقافية والفنية والإعلامية في تجسير العلاقات بين البلدان

اقتصاد منذ 15 ساعة

الاتحاد الأوروبي يتفاوض مع المغرب على شراكة شاملة لمكافحة الهجرة

دولي منذ 16 ساعة

غزة: مقتل 44 فلسطينيا من منتظري المساعدات بنيران إسرائيلية

على مسؤوليتي منذ 17 ساعة

مصطفى المانوزي: أقاوم حتى لا يتحول الشَطَط إلى استبداد

رياضة منذ 18 ساعة

أمم إفريقيا سيدات.. جنوب إفريقيا تفوز على السنغال بضربات الترجيح 4-1

سياسة منذ 19 ساعة

اليوم: مسيرة وطنية بالرباط ضد تجويع سكان غزة

دولي منذ 20 ساعة

أكثر من ألف قتيل جراء أعمال العنف في جنوب سوريا

واجهة منذ 21 ساعة

طقس الأحد: انخفاض في درجات الحرلرة مع هبوب رياح قوية

دولي منذ يوم واحد

روتايو يطالب بنهج سياسة حازمة مع الجزائر

رياضة منذ يوم واحد

أم صلال القطري يعلن تعاقده رسميا مع عادل تاحيف

واجهة منذ يوم واحد

النيابة العامة بالدار البيضاء: لا صحة لادعاءات سرقة أعضاء بشرية

منوعات منذ يوم واحد

بعد 19 سنة.. مصطفى الآغا يودع برنامج “الحلم”

رياضة منذ يوم واحد

إنفانتينو: المغرب أصبح مركزًا عالميًا لكرة القدم

منوعات منذ يوم واحد

وفاة الأمير النائم ” الوليد بن خالد” بعد غيبوبة دامت 21 سنة

مجتمع منذ يوم واحد

اندلاع حريق بغابة قرب مركز باب برد

مجتمع منذ يومين

إدارة سجن الناظور تكشف حقيقة وفاة أحد السجناء

اقتصاد منذ يومين

مندوبية التخطيط: 76% من الأسر المغربية تُقرّ بتدهور مستوى معيشتها

إعلان

الاكثر مشاهدة