على مسؤوليتي
سعيد الكحل يكتب.. بيان التخوين من شيوخ الإخوان

نشرت
منذ 5 أشهرفي
بواسطة
سعيد لكحل
أصدر شيوخ تنظيمات جماعة الإخوان بالمغرب، يوم 12 أبريل 2025، ” بيان شرعي يحرم، ويدين رسوّ سفن أمريكية بميناء طنجة محمّلة بعتاد عسكري موجه للكيان الصــهيـوني”، تجاوزوا فيه حدود الشرع الذي يعلي من قيمة الوطن ويجعل التضحية من أجله استشهادا، بأن حرّموا رسو سفن دولة صديقة وداعمة للوحدة الترابية للمغرب؛ مما يعرض مصلحة الوطن للخطر.
وقد وضعهم بيانهم هذا خارج دائرة الوطن وأظهر عدم ولائهم له واستعدادهم للتضحية بمصالحه العليا. فلا حب لهم للوطن ولا استعداد للتضحية من أجله. علما أن النصوص الشرعية تحث وتحبب الدفاع عن الوطن والاستشهاد في سبيله (من قاتل دون أرضه فهو في سبيل الله).
بل إن القرآن الكريم، أعلى من قيمة حب الوطن وجعلها في مقام حب النفس كما في قوله تعالى ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾. وقد فسر الفخر الرازي الآية بأن الله جعل فراق الوطن معادلاً لقتل النفس. ولذلك قال العز بن عبد السلام: “اعتناء الشرع بالمصالح العامة، أوفر وأكثر من اعتنائه بالمصالح الخاصة”.
كما تجاوز أصحاب البيان، حدود الواقع بتنكّرهم لجسامة التضحيات التي قدمها ويقدمها الشعب المغربي من أجل الوحدة الترابية على مدى نصف قرن، وتجاهلهم لحجم المخاطر والمؤامرات التي يحيكها أعداء الوطن، وعلى رأسهم النظام الجزائري الذي يصرف ثروات الشعب في التسلح وتمويل الإرهاب بهدف تقسيم المغرب وتدمير كيانه.
إن الموقعين على البيان تطاولوا على وظيفة الإفتاء. فهم ليسوا أعضاء في مؤسسة دينية رسمية مختصة بالإفتاء، ولا يمثلون المجلس العلمي الأعلى الذي هو، بمقتضى الدستور “الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة”. بل هم في غالبيتهم ينتمون لحركة التوحيد والإصلاح وجماعة العدل والإحسان وبعض المتورطين في ملفات الإرهاب ومن عُرف عنهم “التْبَحْلِيس” للخوانجية، لا تهمهم “غزة ولا تازة”، وإنما مهمتهم تنفيذ الإستراتيجية التي رسمها المرشد العام للتنظيم الدولي للإخوان في مصر، مصطفى مشهور، والتي كشفت عنها رسالته إلى قياداتها سنة 1996. ومن أهدافها الأساسية نزع الشرعية الدينية والشعبية عن الملك. وقد اتخذوا لهم سبلا خبيثة منها:
1 ـ التشكيك في الأهلية الدينية لأمير المؤمنين: إذ سبق لرئيس حركة التوحيد والإصلاح، أحمد الريسوني، أن قال، في حوار لصحيفة “Aujourd’hui le Maroc” ماي 2003، بأن جلالة الملك محمد السادس غير مؤهل ليتولى مسؤولية إمارة المؤمنين، وطالب أن تسند لغيره. والريسوني اليوم هو على رأس الموقعين على النداء خدمة/تنفيذا لنفس الأجندة التي انخرط فيها منذ اعتناقه لإيديولوجية الإسلام السياسي.
2 ـ تكفير الملك بفتاوى مرشد جماعة العدل والإحسان، عبد السلام ياسين، ومنها:
أ ـ إن الملك يمثل المنكر والخروج على الدين (المنكر الأكبر هو حكم المنافقين الذين يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يقولون )(ص 146 الإحسان2).
ب ـ إنه وثني وبالتالي كافر بسبب اتخاذه شعار: الله، الوطن، الملك، شعارا للمملكة. إذ سبق لياسين أن خاطب الملك الحسن الثاني رحمه الله، في رسالة “الإسلام أو الطوفان” بقوله (تب إلى الله من تألهك وشركك لأنك جعلت شعار جيش المسلمين ثالوثا تشرك نفسك فيه وتؤلهها، وإن تثليث النصارى حين ينادون الأب والابن والروح القدس لشرك أهون خطرا من شركك حين تفرض على المسلمين أن ينادوا الله والوطن والملك ومن الشعار تتولد طقوس الكفر التي تحشد لإقامتها كل قوتك فاتخذت لنفسك أعيادا لم يأمرنا بها الله).
وها هم أصحاب البيان يكرسون النهج التكفيري لياسين: “نعلن ما يلي:
1- يُحرَّم شرعًا السماح برسوّ هذه السفن في أي ميناء مغربي يُستخدم في العدوان على المسلمين، وخصوصًا على فلسـطين المحتلة، لما في ذلك من موالاة لأعداء الأمة على أبنائها، وهو من أعظم صور الخيانة والمعاداة لله ورسوله ﷺ”.
مغالطة المصادرة على الإشاعة.
لدوافعهم الخبيثة، أسس أصحاب البيان فتواهم على “مغالطة المصادرة على الإشاعة” وكأنها حقيقة ثابتة مستغلين صمت الجهات المسؤولة على ميناء طنجة (الوزارة، إدارة الميناء، الحكومة) كالتالي: ” نُعلن رفضنا التام لما تردَّدَ من سماح السلطات المغربية برُسوّ سفن عسكرية أمريكية بميناء طنجة، تحمل قِطَعَ غِيارٍ لطائرات حربية موجهة إلى الكيان الصهيوني المحتل، الذي يواصل عدوانه الغاشم على شعبنا في غـزة وسائر فلسـطين”. إذ لم يكلفوا أنفسهم مراسلة الوزارة أو طرح سؤال على الحكومة من طرف أحد برلمانيي حزب العدالة والتنمية لمعرفة الحقيقة. وكان أحرى بهم استحضار التنبيه الإلهي ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾؛ لكن الخبث والتآمر على النظام أعميا بصيرتهم. فغايتهم ليس البحث عن الحقيقة بقدر ما هي إلصاق تُهم “الخيانة” “والمشاركة” و”التواطؤ” للنظام لضرب شرعيته الدينية والشعبية بشكل صارخ: “إن تسهيل مرور هذه القطع الحربية تواطؤٌ مادي ومعنوي مع آلة القتل الصـهيونية، ومشاركةٌ في العدوان على الأبرياء، وهو ما يُعَدّ خيانة لله ولرسوله ﷺ، ولدماء الشهداء، وللمواقف الشعبية الرافضة للتطــبيع”.
لقد تنكّر أصحاب البيان لكل الجهود التي بذلها ملك المغرب ولا يزال يبذلها لصالح الفلسطينيين، سواء من خلال بيت مال القدس لدعم صمود المقدسيين في مواجهة خطط التهويد (الوكالة أنجزت ما بين 2000 و2022، نحو 200 مشروع كبير وعشرات المشاريع المتوسطة والصغيرة، استفادت منها فئات المجتمع المقدسي كافة. وبلغت كلفة هذه المشاريع ما مجموعه 64 مليون دولار، شملت مجالات الإعمار والصحة والتعليم، ومشاريع دعم الأيتام والأرامل والمسنين والأشخاص في وضعية الإعاقة). علما أن المساهمات المالية للدول في الوكالة توقفت منذ عام 2011؛ إذ لم تتوصل الوكالة منذ ذلك الحين بأي مساهمة من أي دولة باستثناء المملكة المغربية التي ظلت هي «الممول الوحيد لهذه المؤسسة بنسبة 100 في المائة في صنف تبرعات الدول»، ونحو 70 في المائة في صنف «تبرعات المؤسسات والأفراد» وفق ما أكده السيد محمد سالم الشرقاوي، مدير وكالة بيت مال القدس الشريف، في فبراير 2023.
فضلا عن المبادرات الإنسانية للمغرب عبر بناء مؤسسات صحية (إعادة بناء وتجهيز مستشفى القدس التخصصي في غزة بعد تدميره بالكامل سنة 2008)، وجامعية (إعادة بناء كلية الزراعة والبيئة ومنشآتها المختلفة، بعد أن تم تدميرها بالكامل خلال الحرب الإسرائيلية على غزة سنة 2009 بقيمة 4.5 مليون دولار من المال الخاص لجلالة الملك)، يضاف إليها بناء مستشفيات ميدانية في فترتي وباء كورونا والحرب على غزة، وإرسال آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية للتخفيف من معاناة الفلسطينيين.
وتكفي هنا الإحالة على بيانات منظمة التحرير الفلسطينية وهي تعبر”عن تقديرها لثبات ووضوح مواقف القيادة المغربية بشأن القضية الفلسطينية وكذا الدعم والمساندة الذي تقدمه الرباط للمقدسيين وجهودها المتواصلة لصيانة مدينة القدس والحفاظ على معالمها الإسلامية”. وحظيت المبادرة الملكية للتخفيف من أزمة الفلسطينيين المالية، من خلال تدخل جلالته لدى حكومة إسرائيل للإفراج عن الأموال الفلسطينية المحتجزة، بتقدير عال من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية التي وجهت (فبراير 2025) عبر أمين سر لجنتها التنفيذية، حسين الشيخ، الشكر للعاهل المغربي، الملك محمد السادس والحكومة المغربية، مثمنة “هذا الجهد الاخوي المتواصل والمستمر في دعم صمود وثبات شعبنا على أرض وطنه”.
وكانت آخر مبادرة أطلقتها وكالة بيت مال القدس الشريف بالرباط، يوم الاثنين 15 أبريل 2025، تهم التكفل ب 300 طفل مبتور الأطراف، و500 طفل يتيم ضمن مشروع كفالة اليتيم المقدسي الذي ترعاه وكالة بيت مال القدس الشريف منذ سنة 2008. فليعلم موقعو البينا أنه لما اختار القادة العرب الحرب ضد إسرائيل كان المغرب أول المشاركين فيها، ولما انحازوا للسلم عبر مبادرة “الأرض مقابل السلام”، دعم المغرب ويدعم جهود السلام التي أثمرت اتفاق أوسلو الذي انقلب عليه تجار وسماسرة القضية الفلسطينية خدمة لمصالحهم المناقضة لمصلحة الفلسطينيين.
إن اللؤم والعقوق من أبرز سمات الموقعين على البيان والواقفين خلفه لدرجة أنهم تجاهلوا، كلية، تضحيات الجنود المغاربة بدمائهم الزكية، في حرب 73؛ وكذا الالتزامات المغربية الرسمية وتأكيدات العاهل المغربي، في كل المناسبات، على أن القضية الفلسطينية “تعد من أولويات السياسة الخارجية لجلالة الملك، أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، الذي وضعها في مرتبة قضية الوحدة الترابية للمملكة”
ضرب المصالح العليا للوطن.
لا تخفى على المواطن النبيه أن ارتفاع وتيرة المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية وتمددها هما ليس بغاية وقف الحرب في غزة، بل المستهدف منها هو النظام الملكي واستقرار الوطن. ذلك أن تنظيمات الإسلام السياسي متأكدة من قوة النظام وتجذر الملكية في وجدان الشعب المغربي، فضلا عن قوة الدولة المغربية بكل مؤسساتها، وخاصة الأمنية والعسكرية؛ الأمر الذي يجعل إمكانية الانقلاب على النظام أو السيطرة على الدولة، أو حتى إشعال ثورة، من سابع المستحيلات.
وقد حاولت ولا تزال، يائسة، جماعة العدل والإحسان تشكيل تحالف موسع مناهض للنظام. لهذا، وإدراكا منهم بأهمية التحالف الإستراتيجي الأمريكي ـ المغربي ـ الإسرائيلي في تزويد المغرب بأسباب القوة العسكرية لمواجهة المخاطر التي تتهدد أمنه واستقراره، خصوصا من طرف النظام الجزائري الذي ير ى فيه الإسلاميون عاملا حاسما في إنهاك النظام وإضعافه في حالة شن الحرب ضد المغرب؛ نجدهم يكثفون المظاهرات والمسيرات للضغط على النظام حتى يلغي اتفاقية أبراهام. فيكون لهذا الإلغاء تداعيات خطيرة على باقي الاتفاقيات العسكرية والدبلوماسية والأمنية مع أمريكا وإسرائيل، بحيث تتراجعان عن الاعتراف بمغربية الصحراء وتلغيان تزويدهما للمغرب بأحدث أنواع الأسلحة الرادعة للعدوان الخارجي؛ مما يجعل ظهر المغرب مكشوفا لأعدائه.
تلك أوهامهم وأوهام اليسار المفلس. فلا غرابة أن تتواطأ تنظيمات الإسلام السياسي مع أعداء الوحدة الترابية للمغرب لضرب أسس العلاقات القوية للمغرب مع حليفيه الأساسيين في حربه ضد أعدائه. ولعل إحاطة مبعوث الأمين العام للصحراء المغربية، السيد ستافان دي ميستورا، في إطار مشاورات مجلس الأمن بنيويورك يوم 14 أبريل 2025، كافية لوصف خطورة الأوضاع على الحدود مع الجزائر، حيث جاء فيها “في الواقع، لم نشهد أي تحسن في العلاقات الجزائرية-المغربية، بل على العكس تماماً. إن تحسناً من هذا النوع يُعد شرطاً ضرورياً لتفادي خطر نشوب صراع إقليمي، بالنظر إلى التوترات المستمرة، وانعدام الاتصال الدبلوماسي، وإغلاق الحدود، والزيادة الكبيرة في مشتريات الأسلحة والنفقات المرتبطة بها”.
وقد زاد سعار هذه التنظيمات لما تيقنت من عزم الإدارة الأمريكية، في عهد الرئيس دونالد ترامب، على إنهاء ملف الصحراء المغربية؛ الأمر الذي سيعصف بكل أوهامهم ورهاناتهم الخاسرة. إن أمريكا، بحكم وزنها في مجلس الأمن، تملك مفاتيح الملف، وقوة داعمة عسكريا ودبلوماسيا للمغرب؛ وأي إفساد للعلاقات معها هو حرمان للمغرب من دعمها. وسبق للعاهل المغربي أن نوه بأهمية الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في خطاب المسيرة 2021 ” وإننا نعتز بالقرار السيادي، للولايات المتحدة الأمريكية، التي اعترفت بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه. وهو نتيجة طبيعية، للدعم المتواصل، للإدارات الأمريكية السابقة، ودورها البناء من أجل تسوية هذه القضية. فهذا التوجه يعزز بشكل لا رجعة فيه، العملية السياسية، نحو حل نهائي، مبني على مبادرة الحكم الذاتي، في إطار السيادة المغربية”.
ومن أجل حرمان المغرب من الدعم الأمريكي، لم يكتف الخوانجية بالمظاهرات والمسيرات من أجل إلغاء التطبيع، بل أرادوها مسيرات لمنع رسو السفن الأمريكية في الموانئ المغربية بذريعة نقلها الأسلحة لإسرائيل. وما يفضح مخططات لخوانجية، هو سكوتهم المطبق عن القواعد العسكرية الأمريكية في تركيا وقطر التي تُشحن إليها الأسلحة الفتاكة ومنها إلى إسرائيل، وكذا ابتلاع ألسنتهم عن المناورات العسكرية المشتركة بين قطر وإسرائيل، ثم دعمهم لتركيا أردوغان رغم التبادل التجاري والتعاون العسكري بينها وبين إسرائيل والذي لم يتوقف طيلة الحرب على غزة. وقد تداولت مواقع الاجتماعي صورا لشظايا صواريخ تركية استعملتها إسرائيل لقتل أطفال غزة. فلسان حال لخوانجية يقول: التطبيع حلال على قطر وتركيا، حرام على المغرب.
الإخوان لا يؤمنون بالأوطان.
إن شيوخ الإخوان ومن وقّع معهم على البيان لا يؤمنون بالوطن ولا بالمواطنين. وكيف لهم أن يؤمنوا به وهم أسسوا تنظيماتهم وفق إستراتيجية مناهضة للأنظمة المدنية والديمقراطية. جميعهم يسعون إلى تطبيق الشريعة وإقامة نظام الخلافة على أنقاض الدولة المدنية. بل من الموقعين من كانوا قياديين في تنظيمات إرهابية وحوكموا في ملفات الإرهاب. ولولا العفو الملكي لظلوا في السجن سنين عددا. فهل لمثل هؤلاء يحق لهم الحديث عن الوطن أو الشعب وهم الذين خططوا لتفجير المنشآت الأمنية والاقتصادية والسياحية والأسواق العمومية؟.
إن التاريخ يُسجل أن تنظيمات الإسلام السياسي لم يصدر عنها موقف وطني واحد منذ اندلاع الصراع المفتعل من طرف النظام الجزائري ضد المغرب. ذلك أن هذه التنظيمات لم تشارك في المسيرة الخضراء، سواء كأفراد أو كتنظيمات كانت مشكَّلة ونشطة حينها. بل إنها لم تدعم الدولة في لحظات مفصلية في الصراع حول الصحراء، ومنها لحظة تحرير معبر الـﯕرﯕرات. فكل هدفهم التشويش على جهود الدولة والسعي إلى إفساد علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الداعمة لوحدتها الترابية، علما أن البيجيدي كان على رأس الحكومة التي وقعت على استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وها هو اليوم، عبر شيوخه، يتهم ملك البلاد، بكل وقاحة وسفالة وانحطاط، بالخيانة والمشاركة في إبادة أهل غزة وأطفالها.
ويتأكد أن حزب العدالة والتنمية وذراعه الدعوية “حركة التوحيد والإصلاح”، لم يستوعبا جيدا الدرس من التطاول على اختصاصات جلالة الملك رغم التنبيه والتوبيخ اللذين واجه بهما بلاغُ الديوان الملكي بيانَ الأمانة العامة للبيجيدي في موضوع الهجوم على السيد ناصر بوريطة. وقد شدد البلاغ على “إن السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص جلالة الملك، نصره الله، بحكم الدستور، ويدبره بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية”، وأن “العلاقات الدولية للمملكة لا يمكن أن تكون موضوع ابتزاز من أي كان ولأي اعتبار، لاسيما في هذه الظرفية الدولية المعقدة”. طبعا لا تهم البيجيدي ولا باقي تنظيمات الإسلام السياسي المصالح العليا للوطن ولا كيفية التصدي للمخاطر المحدقة بوحدته الترابية، بقدر ما يهمهم إضعاف الموقف الدولي للمغرب وحرمانه من الدعم الدبلوماسي المتواصل لمبادرة الحكم الذاتي. إن هذه التنظيمات وشرذمة اليسار المتطرف يراهنون على فشل مخطط الحكم الذاتي ليتخذوه شرارة لإشعال الفتنة وتدمير الوطن. تلك أمانيهم وأوهامهم.
على مسؤوليتي
سعيد الكحل: هرطقات بنكيران وهلوساته المَرَضية

نشرت
منذ يومينفي
سبتمبر 17, 2025بواسطة
سعيد لكحل
ولاءُ نِفاق وتقيّة.
نشر موقع البيجيدي فيديو لأمينه العام، بنكيران، وهو يترأس اجتماعا للأمانة العامة يوم 13 شتنبر 2025، ظاهره تحذير القادة العرب من ثورة شعوبهم ضدهم، وباطنه تهديد مباشر منه لجلالة الملك بفسخ عقد البيعة. فقد تجاسر بنكيران على توجيه خطاب تهديدي نيابة عن الشعب، مفاده إما قطع العلاقات مع إسرائيل أو زوال المُلْك “حنا مهدَّدين كمواطنين ولكن أنتم مهددين في عروشكم. إذا الشعوب ما بقاتش تشعر بلّي الحكام سيحمونها سينحلّ الميثاق وستبحث الشعوب عن حل آخر”. وهو نفس الخطاب الذي روّجه البيجيديون وعدلاوة ومتطرفو اليسار خلال وقفاتهم الاحتجاجية ضد الحرب على غزة. وهنا وجب تذكير بنكيران بالأمور التالية:
1 ـ إنه لا يمثل الشعب المغربي وليس ناطقا باسم الهيئات الحزبية والنقابية والمهنية والمدنية والأمنية والعسكرية الذين بايعوا جلالة الملك عند توليه الحكم بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني. فلا جهة ولا أحد سمح له أو تشاور معه أو وكّله لمهمة البت في عقد البيعة. وهذا تطفّل وتجاوز للدستور والقانون والدين.
2 ـ إن علاقة الشعب بالملك في المغرب لا تخضع للمزايدات السياسوية ولا للابتزاز؛ ومن ثم لا يحق لأي كان أن يتدخل فيها. وقد حاول الاستعمار الفرنسي ذلك ففشل فشلا ذريعا.
3 ـ إن تجذر الملكية في وجدان الشعب المغربي عبر قرون حقيقة ثابتة لا تحتاج لبنكيران أو غيره أن يفتي فيها أو يستغلها لحساباته السياسوية. ويوم قرر المغاربة اتخاذ الملكية نظاما للحكم دون غيره، إنما فعلوا عن وعي وقناعة بصلاحيته لهم لتدبير شؤونهم الدينية والدنيوية.
4 ـ إن بنكيران كان ينتظر الفرصة التي تسمح له بالتهديد بالتحلل من الولاء للملك بصفته ولي الأمر، وبفسخ البيعة للملك بصفته أمير المؤمنين. لم يكن يجرؤ على هذا الابتزاز، من قبل سنة 2011، حين كان حزبه يحقق مكاسب انتخابية على مستوى الأصوات والمقاعد البرلمانية. إذ كان يدرك جيدا أن إبعاد الحزب عن المشاركة في الانتخابات ستعدمه سياسيا.
5 ـ إن ولاء بنكيران وحزبه وجماعته لم يكن يوما ولاء صدق وقناعة، بل نفاقا وتقية. والأمر لا يحتاج كبير عناء لإثباته والتأكد منه؛ إذ تكفي إطلالة سريعة على أدبيات التنظيمين وارتباطاتهما الإيديولوجية مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، للتأكد من أن الولاء الحقيقي للتنظيمين ليس للوطن ولا للملك، وإنما للمرشد العام للجماعة الذي يأمر فيطاع، ويوجِّه فينفَّذ. وخير مثال هنا هو الرسالة التي وجهها مرشد الإخوان بمصر، مصطفى مشهور، سنة 1996، لإسلاميي المغرب، وفي مقدمتهم حركة التوحيد والإصلاح، يحدد لهم الخطط التكتيكية والإستراتيجية التي التزموا، بتنفيذها وفق ما تستوجبه عقيدة الولاء والطاعة داخل التنظيم. ولا أدل على هذا، إفتاء أحمد الريسوني، في ماي 2003، يوم كان رئيسا لحركة التوحيد والإصلاح، بعدم أهلية جلالة الملك لإمارة المؤمنين ودعوته لإسنادها لغيره. وبنكيران لم يخرج عن نهج الريسوني في تهديده، اليوم، بفسخ عقد البيعة للملك والانقلاب عليه إذا لم يستجب لأوامر الخوانجية بإلغاء “التطبيع” الذي وقّعه أمينهم العام، وقطْع كل العلاقات الاقتصادية والعسكرية والعلمية والتجارية مع إسرائيل ضدا على المصالح العليا للوطن. ولا غرابة في الأمر ما دام الخوانجية لا يجعلون الوطن ومصالحه العليا ضمن أولوياتهم. وهذا أقوى دليل على أن الولاء للجماعة ينفي الولاء للوطن.
جبْنَا القْرَعْ يْوَنّسْنا عرّى راسو وهَوّسْنا.
يتوهّم بنكيران أن تهديده للحكام العرب سيُخلّف صدى في المغرب، حسب المثل (إياك أعني واسمعي يا جارة). لقد انتهت مدة صلاحية بنكيران كما تنتهي صلاحية المواد الاستهلاكية. إلا أن هوسه بكرسي السلطة أعماه عن استيعاب إشارة البلوكاج بانتهاء صلاحيته السياسية. وكما فقَدَ الصلاحية فقدَ معها المروءة وصار يتوهم أنه من أصحاب “الشَّان والمرْشَان”. إذ من الخسة والوضاعة أن يخاطب القادة العرب بما يسيء إلى مسؤولياتهم الدستورية ويطعن في وطنيتهم بقوله: “أول ما يجمعنا وحكامنا عقد فيه أنهم يلتزمون بواجب حمايتنا. دابا حنا مكنشعروش بنفوسنا محميين”. بل تمادى في خسته وحقارته ليَتّهم الملك، بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، بعجزه عن حماية البيجيديين ومقرهم ضد القصف الإسرائيلي: ” دابا حنا مكنشعروش بنفوسنا محميين. أنا ما تنشوف حتى مانع أن هاذ القاعة هذي أن تقصفها إسرائيل. أنا شخصيا جد جدّ متشائم “. وهذا تطاول خطير على أمير المؤمنين ورئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية الغرض منه ضرب الُّلحمة الوطنية بين الشعب والمؤسسة الملكية.
إن بنكيران، بمثل هذه الهرطقات و “التْبَوْحِيط” يتوهّم أنه سيبتز الدولة ويجعلها تراضيه مقابل سكوته. فهو يثبت من جديد أن تعيينه رئيسا للحكومة كان بمثابة “شمْتة” لن تتكرر أبدا (قال له شْمَتّك، قال له عرفتك). وحال بنكيران اليوم يصدق عليه المثل الشعبي “جبْنَا القْرَعْ يْوَنّسْنا عرّى راسو وهَوّسْنا”.
على مسؤوليتي
سعيد الكحل: العدميون لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب

نشرت
منذ أسبوع واحدفي
سبتمبر 11, 2025بواسطة
ريتا المصمودي
لم تستوعب فئة من العدميين أعداء النجاح، لحظة افتتاح الجوهرة الرياضية، ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط. لقد غاظتهم سرعة الإنجاز بأيادي وخبرات مغربية محضة، وكذا دقة الإنجاز التي جعلت المنشأة الرياضية تضاهي كبريات الملاعب الرياضية في العالم.
كعادة العدميين توقعوا تعثر الإنجاز وعدم وفاء المقاولات بتاريخ تسليم الملعب، أو ظهور عيوب في البناء أو الإنارة أو في الجوانب الهيكلية أو التقنية للملعب. لقد خاب انتظارهم للحظة الشماتة حتى يجلدوا كل المسؤولين، ويمارسوا هواية نصب المشانق وسحل أعضاء الحكومة؛ ولما لم يجدوا ما يغذي شماتتهم أو يفجرها، انقلبوا نائحين، في مسعى خسيس لتحويل لحظة الفرح بالإنجاز إلى لحظة نعيق وعويل كما تفعل النائحات في المآتم.
فجأة تذكّر العدميون ضحايا زلزال الحوز وساكنة المغرب العميق، فسارعوا إلى النبش في تقارير المندوبية السامية للتخطيط بحثا عن إحصائيات تخص نسبة البطالة والفقر. لم يكن غرضهم معالجة المشاكل الاجتماعية، بقدر ما كان سعيهم الخبيث إفساد لحظات الفرحة التي فجّرها افتتاح الملعب. إنهم غربان الشؤم يكرهون الفرح ويحاربون النجاح.
كلّ يرى بعيْن طبْعِه.
اعتاد العدميون على تبخيس كل ما هو إيجابي، سواء مكاسب سياسية أو اختراقات دبلوماسية أو إنجازات هيكلية أو مشروعات اقتصادية أو بنيات رياضية أو برامج اجتماعية. فالعدمية قبل أن تكون حقدا إيديولوجيا يوجِّه معتنقيه إلى تبخيس جهود الدولة بخلفية المناهضة/المعاداة لا الانتقاد، فهي طبْع مجبول عليه الشخص العدمي، به يرى ما حوله. وصدق الشاعر إيليا أبو ماضي لما نصح هذه العيّنة من البشر: “كن جميلا ترى الوجود جميلا”
والذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الوجود شيئا جميلا
إن طبع العدميين يجعل حالهم كحال من تعمى عيناه عن جمال الورود فلا يرى غير الأشواك المحيطة بها:
وترى الشّوك في الورود، وتعمى
أن ترى فوقها النّدى إكليلا
ومن تناقضات العدميين أنهم استكثروا على المغرب، أن يكون له قصب السبق في إنجاز مشروع القطار فائق السرعة “البراق”، أو يبني موانئ تنافس الموانئ العالمية في التجارة واللوجستيك والصناعة والخدمات، أو يشرع في إنجاز محطات الطاقة الشمسية. حجتهم في معارضة المشاريع الكبرى هي أن هناك أولويات تتعلق بالفقر والبطالة والصحة؛ وهذا حق يراد به باطل. لكن حين شرعت الحكومة في تنفيذ برنامج الدعم الاجتماعي المباشر إلى جانب نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO) كجزء من مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، خرج العدميون منتقدين الحكومة، تارة بحجة أن الدعم المباشر يشجع على الكسل والاتكال على الدولة بدل العمل، وتارة أخرى أن أموال الدعم أحرى أن تُوجَّه إلى خلق فرص العمل وتشجيع الاستثمار مرددين المثل الصيني (لا تعطني سمكة ولك علمني كيف أصطاد السمك)؛ وفي أخرى يتهمون الحكومة بأنها ستوظف الدعم الاجتماعي لتحقيق مكاسب انتخابية.
لا شك أن العدميين يتجاهلون الحقائق والمعطيات التالية:
1 ـ إن عدد الأسر المستفيدة من نظام الدعم الاجتماعي المباشر عند متم شهر يونيو من سنة 2025 قارب 4 ملايين أسرة (تم قبول 98,4 في المائة من ملفات طلبات الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر وفق تصريح الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع أمام البرلمان في يوليوز 2025). وهذا دليل على كون الدولة لم تترك الأسر المعوزة لمواجهة مصيرها، وإنما تبذل جهودها لتوفير الدعم لها، ولتزويد السوق المغربية بكل ما يحتاجه المواطنون ويعفيهم من الانتظام في طوابير طويلة أو من بطاقات التموين المذِلّة للكرامة. طبعا مبلغ الدعم ليس كافيا لكنه يحفظ ماء وجهها ويغنيها عن مد اليد.
2 ـ إن تكلفة الدعم الاجتماعي كلّف خزينة الدولة 37.7 مليار درهم سنة 2025. وهذا مبلغ مالي جد مهم كافي لتشييد على الأقل تسعة ملاعب من مستوى ملعب الأمير مولاي عبد الله. لكن الدولة استطاعت المزاوجة بين الدعم الاجتماعي وبناء الملاعب الرياضية بمعايير دولية، بالإضافة إلى تشييد مراكز استشفائية كبرى بعدد من المدن (الرباط، طنجة، أغادير، العيون وغيرها). طبعا العدد غير كاف لتوفير الخدمات الصحية للمواطنين ذوي الدخل المحدود. وبدل أن يكون ما تم تحقيقه مصدر فخر واعتزاز للعدميين، صار مبعث حقد وعداء للدولة ولكل المنجزات على اختلاف مستوياتها وتكاليفها.
3 ـ إن تكلفة تأهيل ملعب الأمير مولاي عيد الله، وفق ما جاء به مشروع قانون المالية لسنة 2023، حددت في 40 مليار سنتيم. أما تكلفة بناء ملعب بنسليمان، الذي يعد أحد أكبر الملاعب في العالم، فستكلف 5 مليارات درهم مغربي (500 مليون دولار).
كان من المفروض في العدميين أن يسائلوا أنفسهم بحس وطني صادق، ولكن هيهات أن يكون لهم هذا الحس ونفوسهم مرجل حقد وعداء لا ينطفئ، كيف للدولة المغربية، ذات الموارد المالية المحدودة، أن تنخرط في برامج اجتماعية رائدة وفي مشاريع تنموية واقتصادية طموحة رغم ظروف الجفاف وحرب الاستنزاف المفروضة عليها من طرف النظام الجزائري على مدى نصف قرن؟
4 ـ إن تطوير البنيات الرياضية وتأهيلها لا ينفصل عن تطوير وسائل المواصلات وتشييد الموانئ والسكك الحديدية والطرق السيارة. فجميع هذه المشروعات والمنشآت تساهم مباشرة في التنمية المستدامة وخلق فرص الاستثمار والشغل. إن الملاعب الرياضية ليست ترفا ولا مضيعة للمال العام؛ ذلك أن مردودها الاقتصادي والاجتماعي والنفسي والتربوي لا يقل أهمية عن المشروعات الاقتصادية والإنتاجية. وأنصح العدميين بالرجوع إلى نتائج مشاورة الكومنولث في عام 2015، مع مجموعة من خبراء الرياضة والتنمية لتقييم أفضل طريقة لاستخدام الرياضة للمساهمة في أهداف التنمية المستدامة. وتم نشر النتائج في منشور للكومنويلث بعنوان” الرياضة من أجل التنمية والسلام وخطة التنمية المستدامة لعام 2030 “، وكذا منشور آخر بعنوان ” تعزيز مساهمة الرياضة في أهداف التنمية المستدامة”. بالمناسبة، تشير التقديرات إلى أن الخمول البدني الذي تلعب الرياضة بكل أنواعها دورا مباشرا في محاربته، سيكلف الهند 7.5 مليار دولار أمريكي والمملكة المتحدة 26 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 إذا لم يتم اتخاذ التدابير المناسبة.
5 ـ إن محاربة الفقر وبناء المستشفيات ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة وتوسيع شبكة الطرق والمواصلات وخلق فرص الشغل يحتاج إلى موارد مالية مهمة عبر تنويع الاستثمارات، ومنها الاستثمار في الرياضة التي تمثل القوة الناعمة التي جعلت المغرب، منذ مونديال قطر الذي أبهر فيه الفريق الوطني لكرة القدم كل العالم، الوجهة السياحة الأولى في إفريقيا (بلغت مداخيل السياحة لسنة 2024 أكثر من 110 مليارات درهم (ما يقرب من 11.2 مليار دولار، بالإضافة إلى توفير مئات الآلاف من فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة). ويجدر تذكير العدميين أن الاهتمام بالرياضة وتشييد الملاعب هو من صميم واجبات الدولة والجماعات الترابية نحو فئات واسعة من المواطنات والمواطنين، سواء الممارسين أو المتفرجين والمشجعين الذين من حقهم ممارسة الرياضة والاستمتاع بمشاهدة المنافسات الرياضية. لقد صارت الرياضة صناعة وعاملا مهما من عوامل التنمية المستدامة (فرص الشغل التي توفرها الرياضة، عائدات الملاعب والإشهار وبيع حقوق البث التلفزي، ومداخيل اللاعبين، الأعمال الخيرية والاجتماعية التي يمولها اللاعبون (حكيم زياش، أبو خلال، حمد الله، أشرف حكيمي، بوصوفة، بلهندة وغيرهم. هذه مجرد نماذج)، فضلا عن الآفاق التي تفتحها الرياضة أمام المواهب. وصدق موليير بقوله: “نحن نأكل لنعيش، لا نعيش لنأكل”.
على مسؤوليتي
عسكرة الدولة بين الرمزية والمؤسسات: قراءة في قراري ترامب وماكرون

نشرت
منذ أسبوع واحدفي
سبتمبر 10, 2025بواسطة
مصطفى المنوزي
يشهد العالم اليوم، انزياحًا متسارعًا نحو تغليب السرديات الأمنية والعسكرية على حساب السرديات المدنية والديمقراطية. في هذا الإطار، يبرز قراران لافتان: اقتراح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب، وتعيين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لوزير الدفاع رئيسًا للوزراء.
كلا القرارين يعكس مسارًا عالميًا نحو عسكرة الدولة، لكن بأدوات ومقاصد مختلفة.
1. قرار ترامب: عسكرة اللغة والرمزية
اقتراح ترامب لا يتعلق بتسمية شكلية، بل هو إعادة صياغة لفلسفة الدولة. فمصطلح الدفاع يوحي بالشرعية والضرورة، بينما يحمل مصطلح الحرب نزعة هجومية وعدوانية. بذلك يتحول الخطاب العسكري الأمريكي من حماية الأمة إلى فرض الهيمنة.
هذا التحول الرمزي يعيد تشكيل السردية الأمريكية، من “شرطي عالمي” يزعم حماية الديمقراطية، إلى “إمبراطورية” تمارس الحرب كخيار أصيل لتحقيق مصالحها.
كما أن هذا التغيير يمهد لعسكرة السياسة الخارجية، حيث يصبح التدخل العسكري خيارًا مبررًا ومشروعًا، ما يضعف المؤسسات المدنية ويزيد من احتمالات التوتر الدولي.
2. قرار ماكرون: عسكرة البنية السياسية
أما قرار ماكرون، فيكشف نزوعًا مختلفًا. فاختياره لوزير الدفاع رئيسًا للوزراء يترجم هيمنة المنطق الأمني داخل السلطة التنفيذية. هنا لا يتعلق الأمر بالرمز واللغة، بل بالبنية المؤسساتية نفسها؛ فعلى المستوى السياسي، يعكس هذا الخيار محاولة لإدارة الأزمات الاجتماعية وصعود اليمين المتطرف عبر “تغليب الأمن على السياسة”.
وعلى المستوى الرمزي، ينقل فرنسا من صورة “جمهورية الحقوق” إلى “جمهورية محروسة”.
أما توقعيًا، فهو إشارة إلى أزمة الشرعية السياسية التي يعاني منها ماكرون، وإلى افتقاره لبدائل مدنية قادرة على إدارة المرحلة.
3. المقارنة النقدية: عسكرة المفردة أم عسكرة الوظيفة؟
رغم اختلاف السياقين، يجتمع القراران في مسار واحد: تضخم السرديات الأمنية والعسكرية. غير أن ترامب اختار عسكرة المفردة، أي اللغة والرمز، فيما اختار ماكرون عسكرة الوظيفة، أي السياسة والمؤسسات.
الأول أخطر على المدى البعيد، لأنه يرسّخ بارادايم جديدًا يجعل الحرب حالة دائمة في الوعي الجمعي. والثاني أخطر على المدى القريب، لأنه يغير هرم السلطة ويجعل الدولة جهازًا أمنيًا يقيس نجاحه بالضبط لا بالتدبير.
بكلمة، ترامب يمهّد بعسكرة رمزية تسبق العسكرة المؤسساتية، بينما ماكرون ينطلق من المؤسساتية ويبحث لاحقًا عن تبرير رمزي لها.
وكخلاصة تحليلية – في ضوء التفكير النقدي التوقعي:
فإن هذين القرارين يعكسان انتقالًا عالميًا من منطق “إدارة السلم” إلى منطق “إدارة الحرب”، ومن حماية الحقوق إلى تأبيد السيطرة الأمنية. من منظور استشرافي، يمكن أن تترتب عن هذا المسار ثلاثة سيناريوهات محتملة:
أ. سيناريو التصعيد الدولي: حيث تفتح عسكرة اللغة والمؤسسات معًا الباب أمام عودة أنماط الحرب الباردة، عبر إعادة بناء تحالفات قائمة على القوة لا على القيم.
ب . سيناريو التفكك الديمقراطي: إذ تتحول الديمقراطيات الغربية من أنظمة مدنية تعددية إلى دول طوارئ دائمة، تُدار بمنطق الأمن لا بمنطق الحقوق.
ج . سيناريو المقاومة المدنية: وهو الاحتمال الذي يفتح المجال أمام بروز سرديات مضادة، مدنية وحقوقية، قادرة على إعادة التوازن بين الأمن والحرية، بين الدولة والمجتمع.
هكذا، يصبح التفكير النقدي التوقعي ضرورة ملحّة لفهم ما وراء القرارات الرمزية والمؤسساتية، ولمساءلة الاتجاه العام الذي يدفع العالم نحو عسكرة متزايدة على حساب أفق السلم والحرية.
مصطفى المنوزي
رئيس المركز المغربي للديموقراطية والأمن

التحكيم في الدوري المغربي: بين الخطأ البشري وشبهة القصد

كأس العالم 2026: الفيفا تفتح تحقيقا بشأن إشراك منتخب جنوب إفريقيا للاعب موقوف

دنيا بطمة تثير جدلاً على “إنستغرام” بعد منشور وداع المغرب

عشرات الآلاف يتظاهرون في فرنسا ضد “التقشف”

المنتخب الوطني يواجه منتخب البحرين في لقاء ودي

ملف “إسكوبار الصحراء”..تأجيل محاكمة المتهمين بسبب مرض بعيوي

راوول أسينسيو يخضع للمحاكمة في قضية فيديو جنسي لفتاة قاصر

“أطلنطاسند” تطلق “Assia”، المساعدة الافتراضية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي

تصنيف ال(فيفا).. المغرب يحتل المرتبة ال11 عالميا

“لارام” تدشن خطا جويا جديدا مباشرا بين الدار البيضاء ونجامينا

إسبانيا تهدد بمقاطعة مونديال 2026 في حال مشاركة إسرائيل

العفو الدولية تدعو الدول إلى وقف دعم “الإبادة” ضد الفلسطينيين

مونديال طوكيو: اسحاق ناضر بطل 1500 م من عائلة مغربية

الناظور.. فتح بحث قضائي في قضية تهريب شحنة من 76 ألفا و841 قرصا مهلوسا

الطقس: أمطار في العديد من المدن المغربية

جمهور واسع يحج لمشاهدة “كازا كيرا” في أولى أيام عرضه بالقاعات السينمائية

فاس..توقيف ثلاثيني بحوزته 615 غرام من الكوكايين

احتجاجات واسعة في لندن ضد زيارة ترامب لبريطانيا

محمد وهبي يعقد ندوة صحافية بمركب محمد السادس لكرة القدم

طوكيو: البرتغالي إسحاق ناضر يحرز ذهبية 1500 م

الطاقم الطبي لأسيدون يؤكد استقرار حالته الصحية

مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة.. اعمارة يستقبل وزراء اتصال سابقين

ورطة لامين يامال.. جواز سفره مفقود في تركيا (فيديو)

المؤسسات الحكومية الأكثر جاذبية لخريجي المدارس العليا في المغرب عام 2025

ذ.مصطفى المنوزي: العفو بين الذاكرة والسياق الراهن

التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب ضد زامبيا

عسكرة الدولة بين الرمزية والمؤسسات: قراءة في قراري ترامب وماكرون

مدريد تستضيف نهائي دوري أبطال أوروبا 2027

المغربي وليد الحجام يوقع لعامين مع بوردو

مونديال 2026 .. المنتخب المغربي يتغلب على نظيره الزامبي (0 – 2) ويواصل تحقيق العلامة الكاملة

هجوم بإطلاق النار في القدس الشرقية يوقع خمسة قتلى

صفقة القرن للمغرب: مقاتلات إف-16 بلوك 72 الأمريكية الحديثة تصل قريبًا

مراكش.. مصرع شخصين في حريق بدوار مولاي عزوز بمنطقة النخيل

محكمة استئناف تثبت حكما قضى بدفع ترامب 83 مليون دولار على خلفية قضية تشهير

الرجاء الرياضي يتفوق على مضيفه الفتح الرباطي (2-0)

الهيئات المهنية تواصل التعبئة ضد مشروع تنظيم المجلس الوطني للصحافة

مونديال 2026: تونس تبلغ النهائيات للمرة السابعة في تاريخها

مدريد تستدعي سفيرها من إسرائيل

ترامب يوجه “إنذارا أخيرا” لحماس والحركة تعلن استعدادها للتفاوض

أزمة سياسية تهدد فرنسا مع حجب النواب الثقة عن حكومة بايرو

الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge

“الدوري الأول للراحلة حليمة مرجان”..الرياضة في خدمة العمل الخيري

الرباط تكرّم الراحل يونس رودياس أحد رموز كرة السلة بنادي الفتح الرياضي

الوداد الرياضي يحتفل بذكراه الـ88.. ليلة وفاء وتكريم لأساطير الأحمر

المغرب يدخل عصر العلاج الثوري لسرطان البروستاتا بتقنية HIFU

في حفل تأبيني مؤثر.. سبور بلازا يكرم روح الراحل كمال لشتاف

نادي “النور اولاد صالح” ينظم الدوري السنوي للكرة الحديدية

تفاصيل مؤامرة الجنرال أوفقير على رفاقه في الجيش وعلى الحسن الثاني

محمد لومة يحكي عن أخطر جرائم أوفقير في حق الوطن والشعب

للمرة الثانية الرباط تحتضن التجمع التدريبي الافريقي BAL في كرة السلة

هكذا اقتطعت الجزائر أجزاء من التراب المغربي و التونسي بدعم من فرنسا ( فيديو)

بالفيديو..تفاصيل محاولة اغتيال الحسن الثاني سنة 1972

1981: مقترح “الاستفتاء” حول الصحراء..عندما قال عبد الرحيم بوعبيد “لا” للحسن الثاني

محمد لومة يكشف مراحل الصراع بين الحسن الثاني و عبد الرحيم بوعبيد (الجزء الأول)

تفاصيل تحكى لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن حلون (الحلقة الثانية)

و شهد شاهد من أهلها..حقائق تكشف لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن جلون

حورية أجدور..صوت مجدد صاعد في سماء الأغنية الأمازيغية “فيديو “

تهلاو فالصحيحة :الدكتور عماد ..هذه هي الفوائد الصحية للجبن” فيديو”

“ذاكرة ليست للنسيان” 4/4 بسبب نزعته الانتقامية، ادريس البصري يحتفظ ب 12 تلميذا داخل معتقل ” درب مولاي الشريف” لمدة ثلاث سنوات دون محاكمة.

تعرفو على فوائد الخل الطبيعي على صحة الجسم والبشرة مع الدكتور عماد ميزاب

الاكثر مشاهدة
-
رياضة منذ 5 أيام
الرجاء الرياضي يتفوق على مضيفه الفتح الرباطي (2-0)
-
رياضة منذ يومين
المتقاعدون يحضرون لإنزال احتجاجي جديد أمام البرلمان
-
مجتمع منذ يوم واحد
فاس..توقيف ثلاثيني بحوزته 615 غرام من الكوكايين
-
دولي منذ يوم واحد
احتجاجات واسعة في لندن ضد زيارة ترامب لبريطانيا
-
دولي منذ 3 أيام
عاجل: القمة العربية والإسلامية تدعو الدول الى مراجعة علاقاتها مع إسرائيل
-
دولي منذ 6 أيام
هذه هي الدول العشرة التي رفضت قرار الموافقة على حل الدولتين
-
رياضة منذ 3 أيام
اتحاد طنجة يتعادل بميدانه مع أولمبيك آسفي (1-1)
-
واجهة منذ 6 أيام
“كازا غيرا: ريدوان وعمر لطفي يقدّمان مغامرة كوميدية جديدة في قاعات السينما