على مسؤوليتي
سعيد الكحل: تفجيرات 16 ماي.. الذكرى والعبرة
نشرت
منذ 6 أشهرفي
بواسطة
حسن لمزالي
حلت الذكرى 22 للتفجيرات الإرهابية التي هزت الضمير والوجدان المغربيين ليلة 16 ماي 2003 بعد طول اطمئنان في “منطقة الراحة” التي عنوانها “الاستثناء المغربي”، وتجدد معها السؤال: أين المغرب من خطر الإرهاب وتكرار الفاجعة؟.
*فاعلية أمنية عالية
يُحسب للسلطات المغربية تعاملها مع خطر الإرهاب وتهديدات التنظيمات المتطرفة بحكمة لم تجعل الحرب على الإرهابيين هوَس المغاربة وموضوع انشغالهم اليومي. إذ ما أن تعلن الأجهزة الأمنية عن تفكيك خلية إرهابية وعرض المحجوزات حتى يخرج الخبر من دائرة اهتمام الرأي العام بعد الإشادة بالجهود الأمنية الفعالة. وقد لعبت الأجهزة الأمنية، بفضل ما راكمته من خبرات واسعة وما تتميز به من يقظة دائمة وجاهزية عالية للتعامل مع الخلايا الإرهابية، على مستوى الرصد والتتبع والتفكيك، دورا أكثر أهمية في إشاعة الطمأنينة في نفوس المواطنين وتحصينهم ضد الخوف والهوس والهلع (مؤشر ثقة المغاربة في المؤسسة الأمنية تجاوز 85%). لهذا لا يساور الخوفُ عموم المواطنين بعد الإعلان عن اعتقال العناصر الإرهابية وتفكيك مخططاتها التخريبية (ما يفوق 300 خلية إرهابية تم تفكيكها منذ 2002 وأزيد من 500 مخطط إرهابي تم إحباطه).
* وعي عام متنامي
يُظهر المغاربة تأييدهم الكبير للأجهزة الأمنية في جهودها لمحاربة التطرف والإرهاب، معربين عن امتنانهم الصادق لدور هذه الأجهزة في ضمان وحماية أمن المواطنين واستقرار الوطن. وقد تراجعت، إلى حد كبير، خطابات التشكيك في البلاغات الأمنية عقب تفكيك الخلايا الإرهابية، خصوصا تلك كانت تصدر عن تنظيمات الإسلام السياسي التي كان يزعجها تشديد الخناق على العناصر المتطرفة لما بينها من تبادل الخدمات والأدوار. ولطالما خرجت وجود من تلك التنظيمات ومعها بعض المحسوبين عليها من أشباه المثقفين، عبر قناة الجزيرة، تتهم الدولة المغربية بفبركة ملفات الإرهاب بدافع تصفية الحساب مع الإسلامويين.
* خطاب التهييج والتجييش ضد الدولة
رغم الجهود التي بذلتها الدولة في سبيل إعادة هيكلة الحقل الديني وضبط مجال الفتوى وحمايته مما عرفه من تسيّب فظيع قبل 2003، والذي استغلته التنظيمات المتطرفة وكذا الإسلاموية في التحريض ضد الدولة ومؤسساتها وتشريعاتها القانونية والدستورية؛ فإن ذات التنظيمات، عادت لما كانت عليه قبل تفجيرات الدار البيضاء من تحريض وتهييج الشارع العام لابتزاز الدولة وإضعافها. لقد استغلت تلك التنظيمات غزو أفغانستان ثم العراق لتجييش المواطنين خلف شعاراتها. وها هي اليوم تستغل أحداث غزة لضرب أسس الدولة وزعزعة استقرارها عبر المسيرات والوقفات الاحتجاجية التي لا تنتهي والمظاهرات التي تطوّق الموانئ لخنق الاقتصاد وتعطيل شرايينه. لقد كشفت تلك التنظيمات عن مخططها الانقلابي المستهدف للنظام الملكي.
إن دعاة التكفير والكراهية يستغلون مناخ التهييج والتجييش لاستقطاب الشباب وتجنيدهم كوقود لإحراق الأخضر واليابس. فلا وطن للتنظيمات الإسلاموية والإرهابية ولا ولاء لها له. لهذا يسعون لاستغلال الحرب على غزة للتجييش ضد النظام والدولة والوطن. وقد لا تأتيهم أحداث تخدم مخططاتهم مثلما تخدمها قضية غزة التي ألفت بين قلوبهم رغم ما بينهم من تنافر عقدي وإيديولوجي.
* تمدد الإرهاب وتزايد خطره
تختلف الظروف المحيطة بالمغرب بين 2003 و2023. فبعد أن كان مركز استقطاب المتطرفين والإرهابيين هو أفغانستان ثم العراق وسوريا، صار، بعد اندحار القاعدة وداعش في بلاد الشام والرافدين، هو منطقة الساحل والصحراء. وخطورة هذا الأمر تتمثل في:
1 ـ إن منطقة الساحل والصحراء تشكل المعقل الرئيسي للتنظيمات الإرهابية، حيث يتم التخطيط والتمويل وإدارة العمليات الإرهابية.
2 ـ ارتباط الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها في السنوات الأخيرة في المغرب بتنظيم داعش في منطقة الساحل والصحراء وسعيها إلى تنفيذ مخططاته الإجرامية.
3 ـ تحالف عصابات البوليساريو مع التنظيمات الإرهابية في المنطقة وتبادل المصالح بينهما.
4 ـ تواطؤ النظام الجزائري مع التنظيمات الإرهابية وتوظيفها لزعزعة استقرار دول المنطقة.
5 ـ امتلاك التنظيمات الإرهابية للطائرات المسيرة واستخدامها لتنفيذ الهجمات الإرهابية ضد الأماكن الأكثر تحصينا وحراسة (لأول مرة استخدم داعش وبوكو حرام الطائرات المسيرة لمهاجمة قاعدة عسكرية في بلدة وولغو الحدودية، الواقعة في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا، في مارس 2025). الأمر الذي يمكن أن تستغله تلك التنظيمات لمهاجمة المغرب، خصوصا وأن المسافة التي تفصل مثلا مالي (معقل الإرهابيين) عن المغرب، قصيرة جدا (462 كلم). ومعلوم أن طائرات درون يمكنها قطع مسافات طويلة وهي محملة بالأسلحة والقنابل مثلما يحدث في هجوم جماعة الحوثي على إسرائيل بالمسيرات التي تقطع المسافة الفاصلة بينهما (2200 كلم) دون توقف. ففي مقال نشره معهد الدراسات الأمنية بجنوب إفريقيا، يقول المحلل تايو أديبايو: ”يمثل استخدام المسيَّرات المسلحة في العمليات الميدانية مرحلة جديدة وخطيرة في تمرد داعش غرب إفريقيا، مرحلة تتحدى استراتيجيات مكافحة الإرهاب المتبعة في المنطقة حالياً، وهذا تطورٌ مثيرٌ للقلق من حيث التكتيكات والتطور، ويجعلنا نتساءل كيف تتأقلم القوى الإقليمية مع هذه الحرب الجديدة.“
* مشروع المنفذ على الأطلسي.
تندرج المبادرة المغربية بمنح دول الساحل منفذا على المحيط الأطلسي ضمن مقاربة شمولية لا تهدف، فقط، إلى تمكين تلك الدول من استغلال المنفذ على المحيط الأطلسي في التصدير والاستيراد، بل أساسا خلق الشروط الضرورية للتنمية المستدامة لفائدة شعوب المنطقة، ودعم جهود الدول في محاربة الفقر والتهميش اللذين تستغلهما التنظيمات الإرهابية في إيجاد بيئة حاضنة لها. فالمغرب يدرك جيدا أن منطقة الساحل والصحراء تشكل مجاله الأمني الحيوي. أي أن أمنه من أمن محيطه الإقليمي. إذ لا أمن في بيئة ينخرها الفقر والجوع والصراعات الإثنية، وفي منطقة من أبرز سماتها ضعف الدولة المركزية وعدم قدرتها على مراقبة وتأمين حدودها ما يشجع على انتشار اقتصاد التهريب والجريمة المنظمة والصراعات القبلية. وهذه كلها عوامل تستغلها التنظيمات الإرهابية في الاستقطاب والتجنيد والتمدد.
إن نجاح هذا المشروع يقتضي من المغرب توفير مظلة أمنية وعسكرية إستراتيجية عبر توقيع اتفاقيات مشتركة تسمح بنقل خبراته في مجال محاربة الإرهاب وتأمين الحدود إلى دول الساحل التي لم تسعفها “مجموعة فاغنر” في دحر الإرهابيين في بلدة تين زواتين.
على مسؤوليتي
في اليوم الوطني للإعلام .. مرثية مهنة تُغتال ببطء
نشرت
منذ ساعتينفي
نوفمبر 16, 2025بواسطة
محمد الطالبي
* محمد الطالبي
لا شيء أثقل على القلب من أن تستيقظ في اليوم الوطني للإعلام لتتأمل مهنة كانت يومًا عنوانًا للنبل والسلطة الرمزية، فإذا بها تتحول إلى ظل باهت لا يشبه تاريخها ولا يسعف حاضرها. مهنة حملت أسماء كبيرة: السلطة الرابعة وصاحبة الجلالة… لكنها اليوم أقرب إلى رقعة قماش بالية تناوب عليها العابثون، وجرّدوها من قدسيتها ومن دورها في حماية الحقيقة.
لقد أُريد للصحافي أن يتحول إلى مجرد أجير، إلى رقم يُقذف في بورصة الدعم، حيث الدعم لم يعد أداة للتأهيل، بل مادة سامة تُحقن ببطء تحت إشراف حكومي، حتى تنمحي معالم الجريمة ويستقيم المشهد الزائف.
وما يزيد الجرح اتساعًا أن المشكل لم يعد مقصورًا على مقاولي الصدفة، بل على منظومة كاملة تُدير المهنة بمنطق الريع، وتستبدل أهل الخبرة بديكور إعلامي جاهز لملء الفراغ. وكل ذلك في ظل قانون هشّ، وتجربة تدبير ذاتي جرى اغتيالها عمدًا، على مرأى من حكومة صامتة، وبرلمان تخلّى عن وظيفته التشريعية لصالح تمرير المنافع وتكريس تضارب المصالح.
وحين أشير إلى البعض، فلا يعني هذا منح صكوك البراءة لأي طرف، بما في ذلك نفسي. نحن أمام مأساة جماعية نتقاسم مسؤوليتها، كلٌّ بصمته، بتردده، بلحظاته التي كان يجب أن يصرخ فيها ولم يفعل.
اليوم، نرى البحر يلفظ جثة إعلام فقد ملامحه. جثة لا تعرّف بها سوى يد التشريح الأخلاقي والمهني، بعدما غرقنا جميعًا في صمت طويل سهّل مهمة القتلة المتسللين.
ومع ذلك، ستظل هناك بارقة. فالإعلام، مهما انحنى ظهره، سيبقى ملكًا للأحرار الحقيقيين، لأولئك الذين يتمسكون بالاختلاف والتعدد، ويضعون بند الضمير فوق كل نفوذ وريع وبريق زائل.
سيبقى الإعلام ملاذًا للشجعان، لا لمرتادي أسواق الذلّة، ولا لمن شدّوا خيولهم إلى عربات المصالح.
إنها مرثية مهنة تُغتال ببطء…
لكنها أيضًا دعوة صريحة للنهضة، قبل أن يكتمل احكام حبل المشنقة .
على مسؤوليتي
مصطفى المنوزي: نحو سيادة منفتحة وتكامل مغاربي مسؤول
نشرت
منذ 4 أيامفي
نوفمبر 12, 2025بواسطة
مصطفى المنوزي
تشكل قراءة الصحفي علي أنوزلا للصورة الجماعية التي جمعت مستشاري الملك ووزيري السيادة برؤساء الأحزاب السياسية نموذجًا لـــ”السيميائيات السياسية النقدية” التي تحاول تفكيك رموز السلطة عبر العلامات البصرية.
وقد لا نختلف مع الزميل علي فيما يخص تحصيل الحاصل من طبيعة النظام السياسي ، ولكن ليس من الضروري أن نعاين دون التفكير في البديل وتفعيل المنشود ، في ظل لحظة وطنية نحن المعنيين أكثر بها ؛ فعلا ، لقد استطاع أنوزلا، بذكاء بصري لافت، أن يحول الصورة إلى نصٍّ سياسي، يكشف توازنات الحضور والغياب، الضوء والظل، المركز والهامش. غير أن هذه القراءة، رغم قوتها الوصفية، تبقى حبيسة منطق التشخيص المأزوم أكثر من انفتاحها على أفق التحول الممكن الذي تتيحه المقاربة التشاركية، كما تمت الإشارة إليه في نص حررته سالفا “من الاستثناء إلى الاستدراك”.
فقراءة الزميل أنوزلا تنطلق من فرضية أن الصورة تجسد تراتبية السلطة في المشهد السياسي المغربي؛ فالإضاءة المنخفضة توحي بالتحكم، والموقع المكاني يعكس المركزية، وطاولة الاجتماعات تتحول إلى حاجز رمزي بين الفاعل الموجّه والمفعول به. أما تفاصيل مثل الحلوى وكؤوس الشاي، فليست في نظره مجرد مكونات بروتوكولية، بل رموز لضبط الإيقاع وتجميل الصرامة، حيث يتحول الطابع الاحتفالي إلى قناعٍ للسلطوية الناعمة.
هذا التحليل السيميائي يلتقط جوهر المشهد، لكنه يغفل بعدًا أعمق يتعلق بطبيعة التحولات السياسية في المغرب، إذ أن السلطة، وإن ظلت مركزية في تدبير اللحظة، فإنها تتحرك داخل سياق تراكمي من الاستدراك التشاركي، حيث يتم الانتقال تدريجيًا من الدعوة إلى الإصغاء، ومن التوجيه إلى التشاور، وإن ظل ذلك نسبيا ومشروطًا بميزان اللحظة.
من هنا يصبح التفكير النقدي التوقعي ضرورة لفهم الصورة لا كمشهد مغلق، بل كعلامة على مرحلة انتقالية في تمثّل الدولة لطبيعة التوافق الوطني حول الصحراء المغربية. فبدل أن تُقرأ الصورة كمشهد تراتبي، يمكن تأويلها كتعبير عن محاولة تدبير تلك المركزية في إطارٍ منظم يزاوج بين الاستقرار والتمثيلية، بين القرار السيادي والشرعية التشاركية. التفكير النقدي التوقعي لا يكتفي بوصف ما هو قائم، بل يسائل ما يمكن أن يصير، أي كيف يمكن تحويل المشهد السلطوي إلى مشهد تشاركي ناضج، يُستبدل فيه منطق الاستدعاء بمنطق الاستماع، وتتحول فيه الهرمية إلى فضاء دائري للحوار.
على هذا الأساس، لا ينبغي أن ينحصر التحليل السيميائي في تشخيص التفاوت بين الدولة والأحزاب، بل أن يُفتح النقاش حول سيميولوجيا جديدة للثقة، تجعل من الرموز أدوات تفاعل لا أدوات تثبيت. فالاختلاف في مواقع الجلوس لا يُقرأ فقط كترتيب سلطوي، بل كإشارة إلى أدوار متفاوتة داخل سيرورة سياسية تتلمس طريقها نحو حوكمة تشاركية. فالصورة، في النهاية، لا تختزل لحظة الحكم المركزي بقدر ما تكشف عن إمكانية إعادة تأويل السلطة ضمن تصور أكثر إدماجًا للمكونات الحزبية والمدنية، في انسجام مع ما دعت إليه المقاربة التشاركية بوصفها انتقالًا من القاعدة إلى القمة، ومن القرار الأحادي إلى القرار المشترك.
إن قراءة أنوزلا، وإن بدت دقيقة ومتماسكة، تصلح لأن تُدرّس في مناهج العلوم السياسية، ليس بوصفها إدانة بل بوصفها تمرينًا على تربية النظر النقدي في السياسة البصرية. فالمطلوب اليوم ليس فقط تفكيك الصورة السلطوية، بل إعادة إنتاج الصورة التشاركية عبر وعي جمعي يجعل من الفضاء العام منصة للتفاعل والمساءلة، لا مسرحًا للولاء والانضباط.
ونحن في مقاربتنا لا نؤمن بقطعية المسلمات، فكل نظام سياسي، مهما بدا متماسكًا، قابل للتغيير النسبي بحكم التنازلات الموسمية التي تفرضها عليه بعض القضايا المصيرية لفك الحصار الخارجي أو إعادة ترتيب الأولويات، في ظل هشاشة المشهد الحزبي وقواه المنخورة ، وليس أمامنا سوى البحث عن خيوط الأمل ؛ ولهذا فدورنا، كسلالة للحركة الوطنية وامتداد للصف الديمقراطي، أن نستثمر اللحظة الوطنية الراهنة للتوافق مع الدولة على إتاحة هامش من الانفتاح يخدم استرداد أنفاس العمل السياسي والمدني. وليس الأمر، في تقديرنا، مجرد لقاء لتزكية موقف جاهز، بل هو فرصة للدولة نفسها كي تُعيد شرعنة وشرعة التفكير في تفعيل مقترح الحكم الذاتي، الذي كان في لحظة ما ورقة ظرفية لتدبير التوتر، قبل أن يتحول اليوم إلى مدخل لبناء سيادة منفتحة وتوافقية.
فلنكن إيجابيين، ولتُوسّع الأحزاب، رغم علّاتها، دائرة الضوء بدل أن تبقى حبيسة ظل الطاولة الطويلة. فـما لا يُدرك كله لا يُترك جله، وما يُمكن التقاطه من إشارات الانفتاح، ولو جزئية أو رمزية، يمكن أن يُراكم في اتجاه تحولٍ أوسع نحو مشاركة مسؤولة. وبين قراءة أنوزلا التي تفضح المفارقة، والمقاربة التشاركية التي تبني الجسر، يمكن أن نؤسس لتفكير نقدي توقعي يعيد وصل الصورة بالسياسة، والسياسة بالمعنى، في أفق يربط بين الذاكرة الوطنية والسيادة التشاركية والمغاربية المتكاملة.
* مصطفى المنوزي
منسق ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية
على مسؤوليتي
في رثاء اللحظة البشرية واستشراف المستقبل الإنساني
نشرت
منذ 6 أيامفي
نوفمبر 10, 2025بواسطة
مصطفى المنوزي
من وحي حفيف الأعلام الفلسطينية التي رُفعت خفّاقةً بالتحدي والعزيمة، وهي ترفرف في صمتٍ مفعمٍ بالرحمة والحزن، انبثقت لحظة إنسانية نادرة داخل المقبرة العبرية، أو الميعارة كما نسميها بالدارجة المغربية. كان الصمت يتكلم، وكانت الوجوه تُنصت لِما لا يُقال. هناك، حيث تمتزج الأرض بالذاكرة، تدافعت الكلمات في داخلي، وأحسست أن البوح صار ضرورة أخلاقية، لا مجرد انفعال عابر.
كانت فسيفساء الحضور مشهداً مهيباً؛ أطياف متعددة ومتنوعة اجتمعت على احترام الطقوس، في انضباطٍ نادر يجمع بين الوقار والدفء. حضر الجميع بصوتٍ واحدٍ من الصمت، إلا من منعتهم الأعذار أو كبّلهم التردد. ودّعنا الرفيق إلى مثواه الأخير، وودعناه فينا، في تلك المسافة الرقيقة بين الحقيقة والرمز، وبين الفقد والأمل. شعرنا بالغصّة ذاتها التي تسكن القضايا المصيرية حين تبقى معلّقة، لكننا تمسّكنا ببذرة التفاؤل، علّها تُثمر حلولاً عادلة وديمقراطية لمعضلات هذا الوطن الذي لا يشيخ إلا بالخذلان.
رحل عنا دون أن يُشاور في أمره العظيم، كما قال الرفيق عبد اللطيف الهاشمي يوم استشهاد الرفيق رحّال جبيهة: «اليوم يسقط رجل آخر، يرحل دون أن يُشاور في أمره العظيم». كانت تلك العبارة لحنًا وذاكرة، غناها الرفاق في زنازن غبيلة بكراج علال، حيث كان الصمود أغنيةً تُغنَّى بالهمس واليقين.
تذكّرت واقعة الفرار من مستشفى ابن سينا، حين فرّ الشهيد رحّال ورفاقه، وكان من بينهم الفقيد ـ الشهيد المعطي سيون أسيدون، عريس لحظتنا الأليمة، ورفيق الجميع داخل عائلة اليسار المتعدد، وقريبُ البعض المستنير في الضفة الأخرى.
هرولت الدمعات من مآقي الأوفياء وشرفاء القضية، انحدرت على الخدود كما تنحدر فصول الوداع على وجه الوطن، وتركَت آثارها علامةً على الوجوه، إيذانًا بأن مرحلةً تنقضي وأخرى تتشكل. فلكل مرحلةٍ رجالها ونساؤها، ولكل الناس محطاتهم التي لا تُقاس بالعمر بل بالمعنى.
وأمام باب الميعارة، حين سكنت الجموع وارتفعت التساؤلات، راودني مشهدٌ غريب في رمزيته: كيف لشهيدنا، ومعه الفقيد إبراهام السرفاتي، أن يتواصلا في الأبدية مع شهدائنا في مقبرة الشهداء التي لا تفصلها عن تكنة الوقاية المدنية سوى أمتار معدودة؟ تلك التكنة التي تؤوي في حفرة جماعية جثامين شهداء انتفاضة يونيو 1981.
إنها الجغرافيا وهي تبوح بسخرية التاريخ، حين تلتقي الذاكرة العبرية بذاكرة اليسار، في مسافة قصيرة تُلغي حدود المعتقد والسياسة، وتفتح سؤال المعنى: من نحن حين يجمعنا التراب ولا تفرقنا السرديات؟.
هناك، في ذلك الصمت المضيء، بدا المشهد كأنه مرآة لوطنٍ يتعلّم ببطء كيف يرثي أبناءه دون أن يقتل الأمل فيهم. رثاء اللحظة البشرية ليس حنينًا للماضي، بل وعيًا بما تبقّى فينا من قدرة على الفهم والاتصال. فكل وداعٍ حقيقي هو تمرينٌ على استشراف المستقبل الإنساني، وكل فقدٍ عميق هو نداءٌ للمصالحة مع ذواتنا ومع تاريخنا.
لقد علمتنا المقبرة أن الأجساد تمضي، لكن القيم لا تُدفن، وأن الإنسانية هي المعبر الأخير الذي يلتقي فيه المختلفون على بساطٍ واحد من الذاكرة، لا بوصفهم خصومًا أو شهداء متنافرين، بل كبشرٍ يبحثون عن خلاصٍ جماعي في عالمٍ مثقلٍ بالفقد.
ذلك هو المعنى الأسمى للرثاء: أن نحزن بوعي، ونحلم بمسؤولية، ونستشرف الغد بعينٍ دامعةٍ لا تزال تُبصر الضوء.
غادرتنا اللحظة نفسها حاملين معنا وعودا متبادلة ، تستدعي منا كل اليقظة المطلوبة لدعم بعضنا البعض والوطن ، تفاديا لأي تيه يشوب البوصلة بين ثنايا موج الأطلسي وكثبان رمال الصحاري المتحركة والمتحررة .
*مصطفى المنوزي
مونديال 2026: البرتغال إلى النهائيات للمرة السابعة تواليا باكتساحها أرمينيا
في اليوم الوطني للإعلام .. مرثية مهنة تُغتال ببطء
لهذا السبب أمر ترامب حاملة الطائرات “جيرالد فورد” بالبقاء قبالة السواحل المغربية
المنتخب المغربي الرديف يتفوق وديا على منتخب جيبوتي ب( 6-0)
المنتخب الوطني لاقل من 17 سنة يستعد للقاء مالي
أمطار محلية وهبات رياح قوية في طقس اليوم
الداخلة: الذكاء الاصطناعي و الانتقال الطاقي موضوع اتفاقيتين استراتيجيتين
غضب جمهور الرجاء بعد شراكة النادي مع ” كوكاكولا”
نقابة الصحفيين التونسيين تنزل إلى الشارع قصد الاحتجاج
المغرب يحطم رقمه العالمي في عدد الانتصارات المتتالية بفوزه على الموزمبيق
الناقد المغربي حميد لحمداني ضمن المتوجين بـ “جائزة العويس الثقافية”
نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية بعدد من اقاليم المملكة
مدرب منتخب إسبانيا يوجه تحذيرا صارما للامين جمال
ميسي يقود الأرجنتين الى الفوز على أنغولا 2-0 وديا
هذه تشكيلة المنتخب الوطني أمام الموزمبيق
منتخب الفتيان يطيح بالولايات المتحدة ويتأهل إلى ثمن نهائي المونديال
المهرجان الوطني للمسرح بتطوان ينطلق وسط غضب عارم للمسرحيين المغاربة
تشكيلة المنتخب الوطني لاقل من 17سنة امام الولايات المتحدة الأمريكية
وزان .. مشاورات موسعة لإعداد برامج التنمية الترابية المندمجة
خط جوي جديد يربط بين أمستردام والرباط
المنتخب الوطني لاقل من 17 يستعد للقاء اليابان
مونديال قطر لأقل من 17 سنة .. المنتخب المغربي ينهزم أمام نظيره البرتغالي بسداسية
نقابة مهنيي الفنون الدرامية ترحب بالقرار الأممي و تثمن الخطاب الملكي السامي
الملك يدشن مركب الرباط الاستشفائي الجامعي
الجيش الإسرائيلي يعلن بدء شن غارات على أهداف لحزب الله في جنوب لبنان
الخط الفاصل مع الصحراء المغربية يختفي من خرائط غوغل
عصبة الأبطال .. نهضة بركان يتأهل لدور المجموعات بفوزه على أهلي طرابلس (2-1)
الملك محمد السادس يقرّ 31 أكتوبر عيدا وطنيا جديدا باسم “عيد الوحدة”
طقس الأحد.. أمطار خفيفة وطقس غائم
مؤسسة ولي العهد ودسترة الملكية البرلمانية.. 1/2
بووانو: فئة المتقاعدين لم تستفد شيئا مع حكومة عزيز أخنوش
نجحنا ولم ننتصر: تفكيك وصم تصفية الاستعمار واستعادة معنى التحرر
وفاة المناضل سيون أسيدون بعد غيبوبة دامت زهاء 3 أشهر
وفاة سيون أسدون ناتجة عن مضاعفات تعفنية..الوكيل العام للملك
هذا مضمون رسالة مسيحيي المغرب الموجهة لترامب
سعيد الكحل: بيان “عدلاوة” تنكّرٌ للنصر وتبخيسٌ للفرحة
فيلم “زاز”.. الكوميديا تعود بروح جديدة إلى القاعات المغربية
اليسار بين تقرير المصير والديمقراطية الترابية: قراءة في التحول الأممي الجديد
الرجاء الرياضي يفوز على ضيفه الكوكب المراكشي (1-0)
في رثاء اللحظة البشرية واستشراف المستقبل الإنساني
🔴 مباشر | الخطاب الملكي السامي
الدار البيضاء.. انطلاق المرحلة الرابعة من سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء
الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge
“الدوري الأول للراحلة حليمة مرجان”..الرياضة في خدمة العمل الخيري
الرباط تكرّم الراحل يونس رودياس أحد رموز كرة السلة بنادي الفتح الرياضي
الوداد الرياضي يحتفل بذكراه الـ88.. ليلة وفاء وتكريم لأساطير الأحمر
المغرب يدخل عصر العلاج الثوري لسرطان البروستاتا بتقنية HIFU
في حفل تأبيني مؤثر.. سبور بلازا يكرم روح الراحل كمال لشتاف
نادي “النور اولاد صالح” ينظم الدوري السنوي للكرة الحديدية
تفاصيل مؤامرة الجنرال أوفقير على رفاقه في الجيش وعلى الحسن الثاني
محمد لومة يحكي عن أخطر جرائم أوفقير في حق الوطن والشعب
للمرة الثانية الرباط تحتضن التجمع التدريبي الافريقي BAL في كرة السلة
هكذا اقتطعت الجزائر أجزاء من التراب المغربي و التونسي بدعم من فرنسا ( فيديو)
بالفيديو..تفاصيل محاولة اغتيال الحسن الثاني سنة 1972
1981: مقترح “الاستفتاء” حول الصحراء..عندما قال عبد الرحيم بوعبيد “لا” للحسن الثاني
محمد لومة يكشف مراحل الصراع بين الحسن الثاني و عبد الرحيم بوعبيد (الجزء الأول)
تفاصيل تحكى لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن حلون (الحلقة الثانية)
و شهد شاهد من أهلها..حقائق تكشف لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن جلون
حورية أجدور..صوت مجدد صاعد في سماء الأغنية الأمازيغية “فيديو “
تهلاو فالصحيحة :الدكتور عماد ..هذه هي الفوائد الصحية للجبن” فيديو”
الاكثر مشاهدة
-
على مسؤوليتي منذ 6 أيامفي رثاء اللحظة البشرية واستشراف المستقبل الإنساني
-
منوعات منذ يومينالمهرجان الوطني للمسرح بتطوان ينطلق وسط غضب عارم للمسرحيين المغاربة
-
على مسؤوليتي منذ 7 أياممحمد الطالبي.. وفقدت الكوفية معتمرها اسيدون
-
دولي منذ 4 أيامتبون يوافق على طلب ألماني بالعفو عن الكاتب بوعلام صنصال
-
دولي منذ 6 أيامخطف ناشطة على تيك توك وإعدامها علانية على يد جهاديين في مالي
-
على مسؤوليتي منذ ساعتينفي اليوم الوطني للإعلام .. مرثية مهنة تُغتال ببطء
-
سياسة منذ 5 أياملقاء تشاوري بجرادة حول إعداد برنامج التنمية الترابية المندمجة للإقليم
-
واجهة منذ 6 أيامطقس الإثنين.. حرارة معتدلة وكتل ضبابية بهذه المناطق
