Connect with us

على مسؤوليتي

سردية برج إيفل من رمز للهيمنة إلى وعي بإعادة بناء معنى الحرية

نشرت

في

* ذ. مصطفى المنوزي
( من وحي ذكرى 2 مارس 1956 لنسخ معاهدة الحماية )
في قلب باريس، حيث يلامس برج إيفل السماء بفخامة هندسية تخطف الأنفاس، يقف هذا الصرح الشاهق كشاهد على عظمة الحضارة الفرنسية وابتكارها ، لكن هذا البرج، الذي يُعتبر أيقونة للفن والهندسة في الغرب، يتحول في السياق الأفريقي إلى رمز مظلم، يحمل في طياته ذكريات مريرة عن حقبة استعمارية دامت قرونًا.

إنه ليس مجرد هيكل معدني، بل هو مرآة تعكس آلام الشعوب الأفريقية التي عانت من ويلات الاستعمار الفرنسي . فبرج إيفل الأفريقي الأصل والمنبع ، بكل ما يحمله من تناقضات، يظل تذكيرًا صارخًا بالجراح التي لم تندمل، وبالحاجة الملحة إلى تصحيح تاريخي يعيد الاعتبار لتلك الشعوب التي عانت تحت نير الاستعمار.

إنه مع وصول القوات الفرنسية إلى أفريقيا، بدأت عملية منهجية لتفكيك المجتمعات المحلية وفرض الهيمنة الثقافية. تم تهجير ملايين الأفارقة من أراضيهم، ليحل محلهم مستوطنون فرنسيون جلبوا معهم لغتهم وثقافتهم. هذه العملية لم تكن مجرد احتلال للأرض، بل كانت أيضًا احتلالًا للهوية. الثقافة الفرنسية، بكل ما تحمله من قيم وأفكار، أصبحت تُفرض على الشعوب الأفريقية، مما أدى إلى خلق هوة عميقة بين الأفارقة وجذورهم الثقافية.

لقد تحولت اللغة الفرنسية إلى لغة النخبة، بينما تراجعت اللغات المحلية إلى الخلفية، مما أدى إلى فقدان جزء كبير من التراث الثقافي الأفريقي. ولم تكن الموارد الطبيعية في أفريقيا سوى غنيمة للقوى الاستعمارية. الذهب، المطاط، والمعادن الثمينة كانت تُنهب بلا رحمة لتعزيز الاقتصاد الفرنسي، بينما تُركت الشعوب الأفريقية تعاني من الفقر والتخلف ، حيث لم يقتصر الاستغلال على الموارد المادية فحسب، بل امتد ليشمل البشر أنفسهم ، وكان العمل القسري أداة أخرى لاستنزاف طاقة الأفارقة، مما خلق تبعية اقتصادية استمرت حتى بعد انتهاء الاستعمار رسميًا. ومازالت هذه التبعية تُلقي بظلالها على الاقتصادات الأفريقية حتى اليوم.

وكانت فرنسا واحدة من أكبر المشاركين في تجارة الرق عبر المحيط الأطلسي ، فملايين الأفارقة تم نقلهم قسرًا إلى العديد من المستعمرات الفرنسية في الأمريكتين، حيث عانوا من ظروف عمل قاسية حيث إن هذه التجارة لم تدمر حياة الأفراد فحسب، بل دمرت أيضًا البنية الاجتماعية للعديد من المجتمعات الأفريقية. وتم تفكيك العائلات ، والروابط الاجتماعية تمزقت، مما جعل عملية إعادة بناء السيادة الوطنية بعد الاستقلال مهمة شاقة للغاية. وكان الطب الكولونيالي يُقدم على أنه أداة لتحسين صحة السكان المحليين، لكنه في الواقع كان وسيلة لتعزيز الهيمنة الثقافية.

فالتجارب الطبية غير الأخلاقية التي أُجريت على الأفارقة كانت انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، بينما تم استخدام الطب كأداة لترسيخ التبعية الصحية. حتى اليوم، تعتمد العديد من الدول الأفريقية على الأنظمة الصحية التي ورثتها من الاستعمار ؛ وتحت غطاء المبادرات الإنسانية، كان التبشير الطبي يُستخدم لنشر الدين المسيحي والقيم الغربية ، هذه الممارسات لم تكن تهدف فقط إلى تحسين الظروف الصحية، بل كانت أيضًا محاولة لإضعاف الهوية الثقافية للشعوب الأفريقية؛ ولذلك كان التبشير الطبي أداة مزدوجة: طبية ودينية، تهدف إلى خلق مجتمعات أكثر خضوعًا للقوى الاستعمارية.

وبالموازاة و من خلال القضاء القنصلي، كانت فرنسا تفرض سلطتها القضائية على شعوب مستعمراتها ، فهذا النظام كان يُقدم على أنه حماية للأجانب، لكنه في الواقع كان يُستخدم لحرمان المواطنين المحليين من العدالة المتساوية، وبذلك شكل القضاء القنصلي أداة أخرى لترسيخ الهيمنة الفرنسية، حيث كانت القوانين تُطبق بشكل انتقائي لصالح المستوطنين الفرنسيين. أما على التعاون الثقافي ، فباسمه كانت فرنسا تُروج لثقافتها وقيمها في المستعمرات ؛ وكان التعليم يُستخدم كأداة لبناء تبعية معرفية، حيث يتم تعليم وتكوين النخب الأفريقية وفقًا للمناهج الفرنسية، مما أدى إلى خلق جيل من القادة الذين يفكرون بمنطق المستعمر ، وما زالت هذه التبعية المعرفية تُلقي بظلالها على الأنظمة التعليمية في العديد من الدول الأفريقية. وعلى مستوى مهنة الترجمة ، فقد لعب التراجمة دورًا محوريًا في تسهيل التواصل بين المستعمرين والسكان المحليين، لكن الترجمة كانت أيضًا أداة للهيمنة الثقافية. من خلال ترجمة النصوص الفرنسية إلى اللغات المحلية، ساهمت التراجمة في نشر الثقافة الفرنسية وقيمها، مما أدى إلى تهميش اللغات والثقافات الأفريقية. في الوقت نفسه، كانت الترجمة تُستخدم لتصريف وتمرير القوانين والسياسات الاستعمارية، مما جعلها أداة لفرض النظام الاستعماري وتبريره .

ومن جهة أخرى كان الأنثروبولوجيون الفرنسيون يدرسون المجتمعات الأفريقية تحت مظلة البحث العلمي، لكن دراساتهم كانت غالبًا ما تُستخدم لتعزيز الهيمنة الاستعمارية ، من خلال فهم الثقافات المحلية، تمكنت السلطات الاستعمارية من تطوير استراتيجيات أكثر فعالية للسيطرة على الشعوب الأفريقية. لأن الأنثروبولوجيا، التي كان من المفترض أن تكون علمًا لفهم البشر، تحولت إلى أداة لاستغلالهم.

وبعد الاستقلال، ورثت العديد من الدول الأفريقية أنظمة قانونية فرانكفونية تم تصميمها لخدمة مصالح المستعمر. هذه القوانين، التي تم تطبيقها في ظل الاستعمار، استمرت في حكم المجتمعات الأفريقية بعد الاستقلال، مما أدى إلى استمرار التبعية القانونية والسياسية لفرنسا ؛ ولهذا فالتشريع الفرانكفوني لم يكن مجرد نظام قانوني، بل كان أداة لضمان استمرار النفوذ الفرنسي في أفريقيا.

أما في المجال الرياضي فقد أصبحت فرنسا تستخدم الرياضة كأداة لتعزيز نفوذها الثقافي في مستعمراتها السابقة ؛ فعبر تجنيس الرياضيين الأفارقة ودمجهم في الفرق الفرنسية، كانت فرنسا تُعزز صورة “نفسها ” كقوة حضارية ومتسامحة؛ غير أن عمليات التجنيس الرياضي اعتمدت أيضًا وسيلة لاستغلال المواهب الأفريقية وتعزيز التبعية الثقافية ؛ فالرياضة، التي يُفترض أن تكون أداة للتوحيد، تحولت إلى أداة للهيمنة.

نالت الشعوب حظوظها من الإستقلال الشكلي ؛ عبر آلية التسوية المشروطة تارة ؛ وعبر منح إستقلالات ذاتية أو نسخ الحمايات وإلغاء الإنتداب ؛ ليبقى سؤال عدالة الإنتقال الديمقراطي كمطلب ملح لأجل طي صفحة الماضي ، أوإحداث القطائع الصغرى الممكنة ، على أساس ان القطيعة الكبرى بمثابة سردية عظمى تتطلب كفاحا أعظم ؛ ولايجاد صيغ سلمية ناجعة لحل التوترات المتوارتة مع الجوار ، ونسخ الحدود والخرائط التي خلفها الإستعمار . وفي هذا وجب فتح فرص جديدة تروم استكمال مطلب التحرر تكريسا لمطلب الوحدة والديموقراطية ؛ وذلك عبر آليات العدالة الإنتقالية . مما يقتضي و يجب معه أولًا كشف الحقائق. تشكيل لجان الحقيقة والعدالة يُعد خطوة أساسية لتوثيق الانتهاكات التي ارتكبتها فرنسا ضد الشعوب الأفريقية.

جمع شهادات الضحايا وإعادة كتابة التاريخ من منظور الضحايا ، باعتباره أحد السبل بل اقواها لتحقيق المصالحة مع الماضي ؛ لأنه رغم مرور الزمن، لم تغب عن الذاكرة الأفريقية هذه الجراح التي تركها الاستعمار، ورغم الصعوبات التي واجهتها شعوب أفريقيا، إلا أن الأمل لا يزال قائماً في تصحيح هذا التاريخ . فكما يمكن تصور صهر الحديد الذي كان يمثل الهيمنة الاستعمارية وإعادة تشكيله ليمثل جسوراً تربط بين شعوب القارة السمراء، يمكن للأمم الأفريقية أن تبني مستقبلها، حيث تُفتح الأبواب وتُبنى الجسور، ويمتد الطريق نحو العدالة والحرية.

ولهذا فإن العدالة الانتقالية ليست مجرد مسعى لتصحيح الماضي، بل هي دعوة لإعادة بناء المستقبل على أسس من المساواة والعدالة، حيث تجد الشعوب الأفريقية مكانها في عالم يعترف بحقوقها، ويعترف بما تحمل من تاريخ، ويصنع مستقبلاً يشهد بتضامنها وتحررها. ثم إن إصلاح المؤسسات التي ساهمت في ارتكاب الانتهاكات هو جزء لا يتجزأ من العدالة الانتقالية ؛ فالمؤسسات العسكرية والاقتصادية التي تم بناؤها خلال فترة الاستعمار يجب أن تخضع لإصلاحات جذرية لضمان عدم تكرار الممارسات الاستعمارية.

في مقدمة هذه السردية تحدثنا عن برج إيفل كمعلمة ترمز إلى الفخر الفرنسي والابتكار الهندسي، لكننا رأيناه في السياق الأفريقي ، وقائعا ومواقعا ؛ يتحول إلى رمز للظلم والمعاناة ! .

الآن، وعلى سبيل الختم والإستنتاج ، لا مناص من أن نتخيل ونتمثل حديد البرج وهو يُصهر ويُذوب، ليتحول إلى سكك لقطارات التنمية التي تنصب على امتداد القارة السمراء، ومن شمالها المغاربي إلى مصر ؛ هذه السكك لن تكون مجرد خطوط حديدية، بل ستصير جسورا من أجل العبور الآمن نحو التحرر الكامل والديمقراطية الشاملة.

* ملحوظة : هذه مجرد محاولة تجريبية لصياغة سردية برج إيفل، الذي كان يومًا ما رمزًا للهيمنة، نتوخى من بيطها إمكانية وأمل أن يتحول إلى رمز للتحرر والعدالة. مع الرهان على جيل جديد من الأحلام والطاقات البشرية تحمل مشعل صهر حديد جميع الأبراج وإعادة تشكيلها آفاقا لخدمة شعوب أفريقيا ، و استعارة قوية لمستقبل يكون أكثر إشراقًا، حيث تُشيد الجسور بدلًا من الجدران، وتُفتح الطرق بدلًا من إغلاقها . ومن اجل بلورة الحل البديل ، ولعل ذلك يتجسد في مشروع العدالة الانتقالية ؛ والتي ليست فقط تعبير عن رغبة لتصحيح الماضي، بل هي أيضًا إرادة وعزيمة من أجل بناء مستقبل يتسم بالعدل والمساواة، حيث يمكن للشعوب الأفريقية أن تجد مكانها في عالم يتسم بالحرية والكرامة. وبمثابة نداء إلى أنصار الحقيقة والعدالة من أجل التفكير في إطلاق دينامية حقوقية ومعرفية تربط مسلسل العدالة الإنتقالية بالصيغة المغربية وتؤهل إيجابياتها الوجيهة والمنتجة ، وتعميمها في كافة ربوع أفريقيا وعلى امتداد عمقها الإنساني .

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

سعيد لكحل: من يحمل السلاح ضد المغرب هو عدو مرتزق يا بنكيران

نشرت

في

* جا يعاونو في قبر باه هرب له بالفاس.

ليس صدفة أن تخرج، فجأة، أصوات من داخل البيجيدي في تناغم غير معهود، كما هو الحال في تصريحات بنكيران الذي كثيرا ما انتقد بوانو، ليعلنوا، في تجمعات حزبية أن عناصر البوليساريو ليسوا مرتزقة.

فقد صرح بنكيران “حنا مَتَنعْتَبْرُكُمْش مرتزقة في الأصل. أنتم كنتم ناس مغاربة ضد النظام ديالكم”، وقبله قال بوانو “هاذ جبهة البوليساريو فيهم خوتنا وأولاد عمنا وجلهم مغاربة”. الأمر الذي يدل على تداول سابق في أجهزة الحزب من أجل اتخاذ موقف واحد يبرئ البوليساريو مما قاموا به، طيلة نصف قرن، من أعمال عدوانية وعمليات إرهابية وتعذيب وقتل أسرى من الجنود والطيارين المغاربة؛ وكأن لسان حال قيادة البيجيدي يقول بأن تلك الأعمال لا تشكل جرائم حرب يعاقب عليها القانون الوطني والدولي. جرائم ومخططات إرهابية لم تحرّك ضمير قيادة البيجيدي، لكنها حركت ضمير نواب أمريكيين بفداحتها وخلفياتها ودوافعها، ومنهم السيناتور الجمهوري جو ويلسون، والنائب الديمقراطي جيمي بانيتا، ليتقدما بمشروع قانون يحث الكونغريس الأمريكي على تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية. وتضمن المشروع معطيات موثقة منها ما أوردته “صحيفة واشنطن بوست في أبريل 2025 بأن إيران قامت بتدريب مقاتلي البوليساريو وزودتهم بطائرات بدون طيار، مما يزيد من القلق بشأن تصاعد قدرات هذه الجماعة والدعم الخارجي لها”.

كما استند مشروع القرار على تصريح المدعو عمر منصور، وزيرة داخلية البوليساريو، سنة 2022 يؤكد فيه أن مقاتليهم يتدربون على “تجميع وتشغيل الطائرات المسيرة المسلحة” التي زودتهم بها إيران؛ وهي التداريب التي تم نشر صورها عبر قنوات البوليساريو ومواقع التواصل الاجتماعي. وينص مشروع القانون في المادة الرابعة على التالي: “في غضون 90 يوماً من تاريخ صدور هذا القانون، يجب على وزير الخارجية تقديم تقرير إلى اللجان المختصة في الكونغرس يتضمن مبررات تفصيلية بشأن ما إذا كانت جبهة البوليساريو تستوفي شروط التصنيف كمنظمة إرهابية أجنبية بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية (8 U.S.C. 1189)؛ وفرض العقوبات بموجب المادة 1263 من قانون ماغنيتسكي العالمي للمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان (القانون العام 114-328؛ 22 U.S.C. 2656.).

لم يعد خافيا انخراط البيجيدي في خدمة أجندة أعداء الوحدة الترابية للمغرب، وفي مقدمتهم نظام الملالي الذي تورط في تسليح عناصر البوليساريو وتدريبهم، سواء في مخيمات تندوف على أيدي عناصر من حزب الله، أو في صفوف جيش بشار للدفاع عن النظام وفي نفس الوقت اكتساب الخبرة القتالية والتمرين على حرب العصابات واستعمال الأسلحة بمختلف أنواعها. وما يؤكد هذا التخندق، إحجام البيجيدي عن إصدار أي بيان إدانة للقصف الذي تعرضت له مدينة السمارة ليلة 28/29 أكتوبر 2024 وأسفر عن مقتل شخص واحد وعدة إصابات متفاوتة الخطورة، ثم الهجوم الإرهابي على مدينة المحبس يوم 10 نونبر 2024، مستهدفا مدنيين صحراويين كانوا يحيون الذكرى 49 للمسيرة الخضراء؛ والأخير الذي نفذته فلول البوليساريو الإرهابية يوم الجمعة 27 يونيو 2025، عبر إطلاق ما لا يقل عن خمسة صواريخ باتجاه المدينة دون إصابات أو خسائر. كل هذه المعطيات والهجمات تجاهلها البيجيدي واختار الصمت جاعلا الولاء الإيديولوجي أسمى من الولاء للوطن. وأنّى له الولاء الوطني وأيديولوجيته تتأسس على عقيدة “الولاء والبراء”، ودولته المنشودة تتحدد في “الخلافة”، وأساس الانتماء إليها هو العقيدة وليس المواطنة.

*لا يحمل السلاح ضد وطنه إلا إرهابي أو انفصالي مرتزق.

لا يغيب عن قيادة البيجيدي أن عصابة البوليساريو لا تمثل الصحراويين المنحدرين فعلا من الأقاليم الصحراوية والمحتجزين في مخيمات تندوف. ومن ثم، يتوجب التمييز بين المواطنين المحتجزين بقوة الحديد والنار وبين ميليشيات البوليساريو التي تضم جنسيات مختلفة من دول جنوب الصحراء. فالمحتجزون هم فعلا مواطنون مغاربة و”خوتنا وأولاد عمنا”، مغلوبون على أمرهم وكثير منهم غامروا بحياتهم فتمكّنوا من الفرار والالتحاق بأرض الوطن، فيما سيّئو الحظ تعرضوا للقتل أو للتعذيب بعد انكشاف أمرهم أو فشل محاولاتهم. لهؤلاء سيظل “الوطن غفورا رحيما”.

فهم لا يدْعون إلى الانفصال ولا يحملون سلاحا ولا يطلقون صواريخ ضد وطنهم. أما ميليشيات البوليساريو وقيادتها فقد اختارت الإرهاب أسلوبا والارتزاق منهجا خدمة لأجندات قوى إقليمية ودولية تناصب العداء للوحدة الترابية للمغرب ولنظامه السياسي ولمشروعه المجتمعي. وكان أحرى بقيادة البيجيدي أن تأخذ المبادرة بمراسلة الكونغريس الأمريكي لتعزيز مشروع القانون المعروض عليه بغرض تسريع إنهاء ملف الصحراء الذي بات وشيكا.

لهذا تُعدّ تصريحات قيادة البيجيدي عملا هدّاما وتخريبيا للجهود وللأصوات التي تطالب بتصنيف البوليساريو تنظيما إرهابيا يعمل على زعزعة استقرار منطقة الساحل والصحراء خدمة للأجندة الجزائرية والإيران

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

مصطفى المانوزي: أقاوم حتى لا يتحول الشَطَط إلى استبداد

نشرت

في

أعتذر عن النفس الشخصي الذي بمقتضاه أعيد صياغة نقدي الذاتي ؛ ففي ظلال حلول عيد ميلادي السادس والستين، لن أحتفي بالزمن بوصفه مجرد تقويم بيولوجي، بل كرصيد من التأمل النقدي في جدوى السيرورة، وعدالة المعنى، ومآلات الانتظار.

لقد بلغت سنًّا لا أبحث فيه عن جواب، بل أتحرى عمق السؤال. وأدركت أن “التعفن”، حين يستفحل في البنية الرمزية للنظام السياسي والاجتماعي، لا يقتل فقط الحياة، بل يعمّي البصيرة، ويُعدم التدرج الأخلاقي والمعرفي.

*الجملة المفتاحية: مرآة لسردية الانهيار الرمزي
“بسبب التعفن، يتساوى العَمَش مع العَمَى، كما يتحول الشطط إلى استبداد.”
ليست هذه مجرد استعارة. إنها بلاغة تحليلية تؤسس لسردية نقدية، تكشف كيف تُطمر الفروق الدقيقة في لحظة فساد المنظومات، وكيف يُعاد ترتيب الخطأ ليُغلف كضرورة، والانحراف ليُسوَّق كحكمة واقعية.
التأويل السيميائي: من الخلل النسبي إلى الانهيار الكلي.

1. العمش والعمى:
في زمن ما قبل التعفن، يمكن للتمييز بين النقص والبُعد أن يؤطر الفعل والنقد. أما بعده، فلا فرق بين من يرى غبشًا ومن فقد الرؤية كليًا، لأن النسق يُعيد تعريف الخلل بوصفه قاعدة.

2. الشطط والاستبداد:
حين يُترك الشطط بدون مقاومة أخلاقية أو مؤسساتية، يتجذر كعرف، ثم كشرعية، ثم كأداة للحكم. هكذا يولد الاستبداد من رحم التساهل مع الانحراف.

*السياق المغربي الراهن: من الرمزية إلى الواقعة
حين تُهدم معالم المدينة القديمة باسم التنمية،
وتُمحى الفوارق بين “المصلحة العامة” و”السطو على المجال”،
ويتحول النقد إلى جرم، والمشاركة إلى تهديد،
نكون أمام لحظة بلاغية/واقعية يتساوى فيها العَمَش بالعمى، ويتحول الشَطَط إلى استبداد.

إنه زمن سيولة المفاهيم، وتدجين الإرادة، وتعويم الانحراف.

بل زمن “إنتاج الشرعية من ركام الاستثناء”، حيث لا يبقى للشعب سوى أن “يرى ولا يرى”، أن “يُشارك دون أن يُحسب”، وأن “يُقرر ضمن شروط لا تسمح بالقرار”.

في الحاجة إلى سردية بديلة: من التشخيص إلى التأسيس
ما العمل إذن؟
إعادة تفكيك اللغة السائدة، وتحرير المعنى من تواطؤاته الرمزية.

الدفاع عن التمييز الضروري بين النقص والكارثة، بين التجاوز والخيانة، بين السلطة والمشروعية.

الانطلاق من ذاكرة النقد نحو أفق العدالة التوقعية، ليس بوصفها جبرًا للماضي، بل كــتحصين مستقبلي من تكرار الخراب.

* خاتمة في عيد الميلاد
عند ستة وستين عامًا، لا أملك ترف التفاؤل الساذج، ولا ترف التشاؤم العبثي.

لكني ما زلت أومن أن التفكير النقدي التوقعي ليس ترفًا فكريًا، بل فعل مقاومة ضد التعفن، وضد ذلك الانزلاق الذي يُسوّي العمش بالعمى، ويُجمّل الاستبداد بطلاء الشرعية.

ولذلك سأواصل المقاومة حتى لا يستفحل التعسف تحكمه وإستبدادا !

* مصطفى المنوزي
منسق ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

محمد الطالبي : وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة

نشرت

في

في البدء كانت الكلمة.
ومنذ تلك اللحظة، لم يكن الكون صامتاً أبداً. كانت الكلمة فعلاً خلاقاً، وكانت الحرية شرط وجودها. فليس ثمة معنى لكلمة تُولَد في القيد، ولا فائدة من صوتٍ لا يُسمع إلا بإذن.

*الكلمة التي لا تملك حق التحرك، لا تملك القدرة على التغيير.
الحرية ليست ترفاً ثقافياً، ولا موهبة سياسية تُمنح وقت الرخاء وتُسحب ساعة الغضب ولا مرتبطة بتغير عقارب الساعة اثناء تيهانها ، إنها الأصل الأول في الوجود الإنساني، وقلبُ الفعل الإعلامي.

الحرية هي ما يجعل من الصحافة سلطة رقابية حقيقية، لا تابعة. وهي ما يمنح الكاتبة والكاتب شرعية السؤال، والمواطن حق المعرفة، والمجتمع مناعة ضد الكذب والتضليل.

لكن يبدو أن هناك من لم يهضم بعد هذه الحقيقة. وان العهد الجديد وتوجهاته وتاطيره ربما ما زال البعض لم يهضمه ويتمثله في مسلكياته، فهناك من يتربص بالكلمة، وينظر إلى حرية الصحافة كخطر يجب تحييده، لا كأداة لبناء مجتمع واعٍ ومتين.

وهناك من يحاول – في صمت ماكر – أن يُعيد تشكيل المشهد المغربي ليصبح أكثر انضباطاً، لا بمعايير المهنية، بل بمعايير الولاء، والصمت، والاصطفاف.

في الأفق حديث “سري” لكنه يتسلل إلى العلن، عن تقنين التعبير، وضبط الكلام، وتقييد النشر، ومراقبة ما يُقال، ومن قاله، ولمن قاله.

هناك حديث لا عن من يمثل اصحاب وصاحبات الكلمة بقدر ما يُمثل عليهم.
حديث لا يُكتب بالحبر بل بالمقص، وعن “قوانين جديدة” تُفصّل لتمنح الشرعية للمراقبة، وتُشرعن التهديد، وتُدخلنا في عهد جديد عنوانه: الإعلام بلا روح.

لكننا نعلم – من تجارب الشعوب – أن القوانين حين تفقد صلتها بالعدالة، تتحول إلى أدوات للقمع.
وأن القانون بلا حرية، يشبه الجسد بلا روح، والدستور بلا احترام، لا قيمة له.

لا أحد فوق الدستور، ولا أحد تحته. الدستور ليس جداراً يُعلّق عليه الخطاب الرسمي، بل عقد اجتماعي يحفظ كرامة الأفراد ويصون حرياتهم.

وإن فقد الدستور وظيفته، فإن باقي القوانين تصبح بلا معنى وتفقد بعدها الأخلاقي.
المتسلطون ليسوا دائماً من يرفعون الهراوة، بل غالباً من يبتسمون وهم يكتبون تقارير …، ويرتبون جلسات التأديب، ويضعون الكلمة تحت المجهر.

أعداء الحرية يلبسون ثياب المسؤولية، يتحدثون باسمنا الجمعي ، ويقدمون أنفسهم كحماة لنا حتى من انفسنا .

لكن الحقيقة أن أكثر ما يهددنا هو الخوف.
الخوف من السؤال، الخوف من النقد، الخوف من الإعلام الحر، الخوف من مواطن لا يُصفق، بل يُفكر.

الحرية لا تخيف الدولة بل بعض من الجهات التي لا تؤمن بقوتها. بل تخيف فقط من يعرف في قرارة نفسه انه لا ينتمي الى عهدنا الجديد .

ولهذا، فإن معاداة حرية التعبير ليست مؤشراً على القوة، بل على الرعب من الانكشاف.
ألم نرَ كيف يُصنع “مجلس” لتمثيل الإعلاميين، ثم يُفرغ من روحه ليتحول إلى جهاز وصاية؟
هذه حكاية سنمار تتكرر كل مرة .

لكن من يقرأ التاريخ جيداً يعرف أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وأن الصحافة، كلما خُنقت، خرجت من ثقب آخر أكثر جرأةً ووضوحاً.

قد يقال: هذا كلام مثالي. لا يراعي “الواقع”، ولا يفهم “التوازنات”.
لكننا لسنا دعاة فوضى. نحن فقط نعرف أن السكوت لا يصنع حقيقة ، وأن الرأي الواحد لا يبني مجتمعاً، وأن المواطن الذي لا يعرف، لا يستطيع أن يختار، ولا أن يشارك، ولا أن يدافع عن نفسه.
الحرية ليست اختياراً، بل شرط حياة.

هي التي تبني العقول، وتحمي الدولة من الغرق في مستنقع التزلف والتضليل.
الإعلام ليس عدواً للدولة، بل صمام أمانها.

وحين يُخنق الإعلام، وتُربط الكلمة، تُفتح أبواب أخرى للخوف، وللإشاعة، وللشعبوية، وللانفجار الصامت.

*في البدء كانت الكلمة، وفي النهاية لا يصمد إلا الأحرار.
من تَحكَّم في الكلمة لحظةً، لن يستطيع أن يكبح جموح الزمن، ولا أن يُوقف صوت شعبٍ وُلد ليقول، لا ليُصفّق.

الكلمة الحرة لا تموت. حتى إن خُنِقت، تولد من جديد في أول صرخة، وأول منشور، وأول مقال يكتبه صحفيٌّ لا يخاف، ولا يبيع صوته .

أكمل القراءة
على مسؤوليتي منذ 6 ساعات

سعيد لكحل: من يحمل السلاح ضد المغرب هو عدو مرتزق يا بنكيران

منوعات منذ 7 ساعات

بعد خبر طلاقهما.. فاطمة الزهراء لحرش توجه رسائل مشفرة

رياضة منذ 8 ساعات

رئيس”الفيفا” يحلّ بتغازوت لقضاء عطلة قصيرة رفقة عائلته

منوعات منذ 9 ساعات

أيمن السرحاني يحصد 3 ملايين مشاهدة بـ”ضرني راسي”

رياضة منذ 10 ساعات

الهلال “ينسحب” من السوبر السعودي لهذا السبب

مجتمع منذ 11 ساعة

أمن طاطا يحبط محاولة تهريب 600 كلغ من مخدر الشيرا

تكنولوجيا منذ 12 ساعة

مايكروسوفت “تستثمر في براز البشر” لمواجهة تغير المناخ!

اقتصاد منذ 13 ساعة

المغرب يقترب من تحقيق هدف إنتاج مليون سيارة سنويا

تكنولوجيا منذ 13 ساعة

78 % من المغاربة يحصلون على أخبارهم عبر الإنترنت

مجتمع منذ 15 ساعة

ميناء طنجة.. إحباط محاولة تهريب 25 كلغ من الكوكايين

دولي منذ 16 ساعة

مقتل 93 فلسطينيا ينتظرون المساعدات في غزة

الجديد TV منذ 17 ساعة

الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge

رياضة منذ 18 ساعة

روما الإيطالي يضم الوسط المغربي نائل العيناوي

واجهة منذ 19 ساعة

توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين

رياضة منذ يوم واحد

مارسيليا يرفض عرض جيرونا لضم أوناحي ويصعد مطالبه المالية

مجتمع منذ يوم واحد

الصيادلة غاضبون ويدعون إلى حوار جدي مع وزارة الصحة

دولي منذ يوم واحد

زلزالان عنيفان يضربان كامتشاتكا الروسية

منوعات منذ يوم واحد

ندوة: دور الدبلوماسية الثقافية والفنية والإعلامية في تجسير العلاقات بين البلدان

اقتصاد منذ يومين

الاتحاد الأوروبي يتفاوض مع المغرب على شراكة شاملة لمكافحة الهجرة

دولي منذ يومين

غزة: مقتل 44 فلسطينيا من منتظري المساعدات بنيران إسرائيلية

إعلان

الاكثر مشاهدة