على مسؤوليتي
مصطفى المنوزي في ..سرديات رمضانية “الحلقة الأولى” سردية”الاستدعاء”
نشرت
منذ 10 أشهرفي
بواسطة
مصطفى المنوزي
في صباح يوم عادي، كانت “سمية” تمشي في حي ” سيدي مألوف ” ، تحمل حقيبتها وتنتظر اللحظة التي تعود فيها إلى بيتها لتُكمل عملها المنزلي. فجأة، توقفت سيارة شرطة أمام منزلها، وترجل منها مفتشا أمن يرتديان زي الشرطة الرسمي. نظر الجميع إلى بعضهم البعض، لكنهم لم يتكلموا. السماء كانت صافية، والريح هادئة، لكن في قلب سمية، كانت هناك عاصفة من التساؤلات والشكوك.
“هل هناك شيء ما حدث؟ هل أخطأت في شيء؟ هل أنا مطلوبة للتحقيق؟” تساءلت سمية وهي تبتعد عن سيارتها متجهة إلى الباب، حيث سلمها أحد الشرطيين “” إستدعاء “” بموجبه “” عليها الحضور عاجلا “” إلى المخفر لأمر ” يهمها ” ؛ وذلك حسب ما ورد في نص الورقة الزرقاء الشبيهة في حجمها ولونها بورقة التصويت ، والتي تستعمل خلال مواعيد الإستفتاء على الدستور ، والحاملة تاريخيا لعبارة “” لا “” ، في حين تقابلها الورقة البيضاء مكتوب عليها عبارة ” نعم ” . نعود إلى الكونفوكسيون وما جرى لسمية بسببها ؛ ففي تلك اللحظة، لم تشعر سمية بما حولها ، كان كل شيء يحيط بها غير واضح ، وبدأت مشاعر الخوف تغمرها. قررت أن تخبر زوجها قبل الذهاب، فالتقطت هاتفها بعجلة، لكن يدها كانت ترتجف.
“سمية، ماذا حدث؟ لماذا الشرطة هنا؟ هل أنت بخير؟” جاء صوت زوجها بنبرة قلقًة ومرتبكة على الهاتف، قبل أن تبدأ سمية في شرحها له بصوت مختنق ، وما أن خرجت من المنزل باتجاه المخفر، حتى انتشرت الأقاويل في الحي بسرعة البرق. “هل سمعتِ؟ سمية استُدعيت إلى المخفر!” همست الجارات لبعضهن البعض، والكل كان يتساءل: “ماذا قد تكون فعلت؟ هل لها علاقة بشيء ما محرم أو مجرم ؟”.
كلما اقتربت سمية من المخفر، كان صدى الفضول يزداد من جيرانها المتجمهرين ، وكلما رأتهم من بعيد ، ارتسمت على وجوههم علامات القلق، حتى أولادها، الذين كانوا في المدرسة، بدأوا يتساءلون في صفوفهم عن السبب وراء استدعاء والدتهم، وأخذوا يقتبسون عبارات من الأقاويل المنتشرة ويرددونها دون فهم ، فتسارعت الشائعات عن ” المصيبة ” التي قد تكون قد ارتكبتها.
“أعتقد أن سمية كانت متورطة في شيء كبير!” قالت جارة مسنّة، مبتسمة بسخرية بينما كانت تنظر إلى وجه سمية المرهق. “ربما كان عندها سر تخفيه!” تضيف أخرى بنبرة غير مؤكدة.
أخذت سمية تشعر بثقل هذه الأقاويل وكأنها تقيد خطواتها، كانت تعلم أن لا شيء من ذلك صحيح، لكنها لا تستطيع أن تهدئ من روعها، مجرد فكرة أن الجميع في الحي يراقبون تحركاتها كان مؤلمًا جدًا.
حينما وصلت إلى المخفر، استقبلها ضابطان بابتسامة جافة، وقالا لها: “نحن فقط بحاجة إلى بعض المعلومات، ليس هناك شيء سيئ ، فقط مطلوب منك الحواب عن بعض الاستفسارات.”
لكن بعد أن خرجت، وجدتها الحكايات قد تفجرت، حيث كان الشارع كله يتحدث عن سبب الاستدعاء، تكهنات، وشكوك، وحوارات لا تنتهي. في نظر البعض، كانت مجرد ضحية، لكن في نظر آخرين، كانت جزءً من جريمة أكبر ، وبينما كانت سمية تحاول أن تحافظ على هدوئها، كان صوت الأقاويل يلاحقها في كل مكان.
“هل سنصدق كل هذه الأقاويل؟” تساءلت سمية، بينما كانت تمشي بخطى متثاقلة إلى منزلها، متخيلة كيف ستواجه عائلتها وجيرانها، بعدما أصبح كل شيء بالنسبة لهم يشير إلى السر الغامض الذي لم يكن موجودًا سوى في خيالاتهم.
وقبل أن تلتقط أنفاسها ، إستدرجتها حماتها للبوح بحقيقة ما جرى ، فاضطرت سمية لكي تسرد وقائع رحلة “” الإصطياف والضيافة “” لدى اصحاب الحال .
تذكرت سمية أنها عندما دخلت إلى مفوضية الشرطة، واجهت الحاجز الأول: الوصم والتحقير الاجتماعي، ذلك الموقف الذي كان يعيد إليها صورة السلطة في أذهان الناس ، كيف لورقة صغيرة كهذه قد تعني بداية شيء خطير، بدءً من الشائعات التي ستنتشر في الحي. “هل هي متورطة في شيء؟” “أعتقد أن الشرطة تحقق معها في قضية كبيرة!” هذه بعض الأقاويل التي سمعها جيرانها وهم يترقبون تحركاتها. سمية بدأت تشعر بضغط و ملاحقة مستمرة من تلك الأفكار وأسئلة الشبهة والإتهام التي كانت تعكس الوصمة الاجتماعية التي تأتي مع أي استدعاء للسلطات.
سمية عبرت لحماتها عما كانت تشعر به من حيرة و عجز وحرج كبير . في ذلك المكان الذي سيطر عليه الخوف والقلق، اكتشفت شيئًا مهمًا، وهو أن الاستدعاء ليس دعوة بل أمر. فحتى وإن كانت الورقة نفسها بسيطة في مظهرها، فإن لها دلالات كبيرة. هذا الاستدعاء لم يكن مجرد طلب للحضور، بل كان نوعًا من التضييق على الحرية، أي دعوةً إلى الخضوع والالتزام بما يفرضه النظام العام . ثم جاءت اللحظة التي بدأ فيها الضباط في التحضير لاستجواب سمية. وفي الجانب الآخر من مكتب الإستنطاق كانت فاطمة تنظر إليها بعيون مليئة بالحذر وكأنها تهمس لها : “لا تظهري أي ضعف، لأنهم سيشعرون به ويزيدون من قسوتهم.” كانت سمية تفكر في إيماءاتها وتحذيقها ، وتفكر في معنى تلك الورقة الزرقاء الصغيرة التي تسببت في دخولها إلى عالم مليء بعيون المراقبة والتفتيش في الذوات والعقول .
وعلى إثر الإستنطاق توصلت سمية إلى أن الشيك البنكي الذي أصدرته قد رجع دون أداء بسبب نقص المؤونة، وكان قلبها يتسارع مع كل خطوة كانت تخطوها نحو المجهول ، تتابعت الإجراءات بسرعة، بعد أن هددت بأن قضيتها ستعرض على “” وكيل الدولة “” الذي سيقرر إحالتها إلى غرفة التحقيق القضائي للتحقيق، وذلك لإقتران جنحة إصدار شيك بدون رصيد بجنحة النصب والإحتيال ، فما كان من سمية إلا أن تشعر بضيق شديد، وكأن الأرض تحوم بها، فكل شيء كان يسير بسرعة فائقة، وهي لا تزال غير قادرة على استيعاب ما يحدث. ورغم أن سمية كانت قد اعترفت بخطئها في إصدار شيك بدون رصيد، إلا أن ما اكتشفته في ذلك اليوم كان أكثر مما كانت تتوقع ؛ فبعد أن اكتشفت سمية أن الشيك الذي أصدرته قد رجع بسبب نقص المؤونة، كان قلبها يتسارع مع كل خطوة كانت تخطوها نحو المجهول ؛ وهي لا تزال غير قادرة على استيعاب ما يحدث ؛ كان المكان يعج بالوجوه المألوفة التي بدأت تبدو غريبة في عيني سمية ، وكانت قد سمعت عن أوضاع المعتقلين، لكنها لم تتخيل يومًا أن تجد نفسها في هذا الوضع الغريب والمؤلم .ولولا الصدفة ، حينما دخلت إلى مكتب التحقيق ولولا انها التقت بفاطمة تلك الشابة في مقتبل العمر، والتي كانت ترمقها من بعيد ، و قد اعتقلت هي الأخرى. لكن ما جعل سمية تتفاجأ أكثر هو السبب الذي كانت قد أُوقِفَت بسببه ، وقد بدت عليها علامات التعب والإرهاق، ففاطمة أخبرت سمية بأنها قد تم اعتقالها لأسباب “سياسية”، ولم تستطع سمية استيعابها تمامًا في البداية، فهل يعقل أن يكون هناك اعتقال امرأة بسبب “آراء”؟.
“لا تخافي، كلنا هنا في نفس الوضع. كل من هنا اعتُقل لأسباب واهية، وكثير منا تعرض للتعذيب” قالت فاطمة بصوت خافت، وهي تنظر إلى الأبواب والنوافذ المتأرجحة كما لو كانت تتوقع قدوم أحدهم في أي لحظة.
سمية لم تستطع أن تصدق ما كانت تسمعه. كانت تحاول جاهدة أن تظل هادئة، لكن الهمسات في أذنها عن الأهوال التي تحدث داخل المعقل بدأت تؤثر عليها، كانت فاطمة تروي لها قصصًا مفجعة عن سوء المعاملة التي يتعرض لها بعض نزلاء المفوضية ، وأنهم ، في بعض الأحيان ، يُجبرون على التوقيع على اعترافات كاذبة تحت التهديد والتعذيب ؛ وذكرتها مرة أخرى “أنتِ في مكان خطر ، هنا لا يُسمح لكِ بأن تكوني ضعيفة، فكلما أظهرتِ مشاعر هشة ، كلما زادوا في مضايقتكِ” أضافت فاطمة، بينما كانت تمسح دمعة صغيرة تكرجت على خدها. “نحن نتعرض للإهانات، والإجبار على الاعتراف بتهم لم نرتكبها ، هناك من يقبع في الزنزانة لشهور، أي مجرد رقم في قائمة الاتهام. لا أحد يعرف حتى كيف تم اعتقالهم. ، وقد وجب استحضار المأثورة / اللازمة (الداخل مفقود ، والخارج كأنه مولود ) ” .
سمية، التي كانت تسمع هذه الكلمات للمرة الأولى من شخص يعيش التجربة مباشرة، شعرت بذهول وارتباك ، لم يكن هذا هو المكان الذي كانت تتخيله حين تفكر في العدالة أو النظام ، فخلال تلك اللحظات التي أمضتها مع فاطمة، اكتشفت سمية أن المعاملة في المعتقل لا تقتصر على القسوة الجسدية فقط، بل تتعداها إلى القهر النفسي والتلاعب بالعقول ، “إنهم يحاولون كسرنا من الداخل. يرون فينا خصومًا يجب إخضاعهم بأي ثمن” قالت فاطمة بصوت منخفض لكنه عميق بلاغة ومؤثر وقعا .
سمية، التي كانت تحاول فهم كل ما يحدث، شعرت أن كل شيء حولها أصبح ضبابيًا. بينما كانت فاطمة تروي المزيد عن الوحشية التي تتعرض لها مثيلاتها من المعتقلات ، أدركت ، حينئذ ، سمية أن مصيرها قد يكون أكبر من مجرد إستدعاء ، وأن معركتها قد تكون أكبر مما كانت تتصور، وعلى الخصوص حين بدأ الضباط في التلويح بإخضاعها لطرحات التعنيف . بالرغم من انها حاولت أن تزعم بأنها على إستعداد لإنضاج وعيها بما يجري ؛ لكن بشكل مرتبك ومتردد ، وقد تملكتها آنذاك فكرة واضحة عن الواقع الذي كانت تعيش فيه فاطمة وزميلاتها المعتقلاتبأن حاولت الإستلهام منه ؛ صحيح أن الندم ساورها ، نادمة لكونها أخطأت في إصدار شيك بدون رصيد، ولكن الآن، ما يهم هو أنه عليها تجاوز الندم ولوم النفس ، فقد كان هناك شيء أكبر يلوح في الأفق: هل سيتعين عليها مواجهة هذه البيئة الذي تعتمد على القسوة والترهيب لتحقيق أهداف ” أمنية ” وبأي كيفية ؟ وهل ستظل قادرة على البقاء متماسكة في وجه هذا الانهيار المعنوي والنفسي؟.
قبل أن يُغلق باب الزنزانة خلف سمية، التفتت نحو فاطمة وقالت: “لكن كيف يمكننا أن نواجه كل هذا؟ كيف يمكننا النجاة؟”.
أجابتها فاطمة بصوت هادئ لكن حازم: “من خلال الصمود، من خلال إيماننا بأننا لن ننكسر، حتى وإن حاولوا كسرنا.”.
وبعد أن أنهت سمية بوحها الإسترجاعي ، لم تجد حماتها من قوله كتعقيب عن حكاية سمية سوى أن الإستدعاء مصيبة عظمى و فال شؤم ؛ فرغم حجمها الصغير ، فتلك الورقة الزرقاء فزاعة تدخل الرعب في قلوب الناس . بعدها تدخل زوج سمية وقال بنبرة الحقوقي العارف بأن تلك الورقة بمثابة إعلان رسمي عن وجود تهديد محتمل، حتى وإن كان التهديد غير واضح ، ولذلك كان الهدف من الاستدعاء: أن يشعر الناس بأنهم تحت الرقابة، وأنهم يمكن أن يُستدعوا في أي لحظة، وأنهم عرضة للاتهام وكل ما يترتب عن ذلك من وصم وإرهاب ومن مصير مجهول ! .
ففي كثير من مثل هذه السردية، نعاين ونتساءل كيف يمكن للمجتمع أن يبني صورًا وأحكامًا على مجرد استدعاء من السلطات، مما يزيد من التوتر النفسي والشخصي لكل لشخص مستدعى ، فسمية كحالة ونموذج ، لم تكن قد فعلت شيئًا مشينا و خاطئًا في العلاقة مع الشرف والمروءة ، ولكن الأقاويل والمخاوف جعلت حياتها أكثر تعقيدًا مما كانت عليه قبل تلك الورقة اللعينة المسماة “” استدعاء “” والتي يكون لها وقع خاص بالرهبة والفزع ، كلما تم ترديد العبارة كما يطلقونها عليها ؛ بصفة إعتيادية ، بالفرنسية وبلكنة مخزنية خشنة “” جاتها كونفوكاسيون من عند البوليس باش تحضر للكوميسارية “” ! .
(يتبع … الحلقة المقبلة : صدى الإستدعاء …وأوقاعه )
على مسؤوليتي
سعيد الكحل: تثمين العمل المنزلي عُقدة الإسلاميين
نشرت
منذ 3 ساعاتفي
ديسمبر 15, 2025بواسطة
سعيد لكحل
أخرجت توصيات اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس النواب بشراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة وصندوق الأمم المتحدة للسكان والوكالة الإسبانية للتعاون من أجل التنمية حول موضوع: “تثمين العمل المنزلي للنساء بالمغرب: من الاعتراف إلى التمكين”، يوم 26 نونبر 2025، أخرجت إسلاميي البيجيدي من وضعية “الاطمئنان” وانتظار نتائج عمل اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، إلى حالة الهيجان لِما تضمنته ـ تلك التوصيات ـ من إحداث “اللجنة الوطنية لتثمين العمل المنزلي”، ولجنة برلمانية خاصة لمراقبة تنفيذ توصيات اليوم الدراسي ودمج مخرجاته في عمل اللجان الدائمة، وإصدار تقرير سنوي مشترك تصدره الوزارة ومجلس النواب وصندوق الأمم المتحدة للسكان حول تتبع التوصيات والتقدم المحرز”. إذ عبرت “الأمانة العامة عن استغرابها ورفضها لقبول المؤسسة التشريعية والحكومة بتوصياتٍ من هذا القبيل تهم مختلف السياسات الوطنية العمومية والقطاعات الحكومية والجماعات الترابية”.
لقد أدرك البيجيدي أن مناهضته الشرسة لتثمين العمل المنزلي واطمئنانه إلى كون لجنة تعديل المدونة ستتجاوب مع مطالبه الرافضة لهذا التثمين، باتت دون جدوى بعد أن تم الالتفاف عليها بانخراط البرلمان والقطاعات الحكومية في إستراتيجية تثمين العمل المنزلي وإلغاء كل أشكال العنف القائم على النوع، وفي مقدمته العنف المادي والاقتصادي. خصوصا ما ورد في الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس مجلس النواب من تأكيد على أن “هذا الموضوع يقع في صميم الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل من العدالة الاجتماعية والمساواة ركيزتين أساسيتين لبناء الدولة الاجتماعية الحديثة. وشدد على أن إدراج العمل المنزلي ضمن منظومة الاعتراف الاقتصادي والاجتماعي ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل هو اختيار يعكس عمق المشروع المجتمعي المغربي الرامي لتحقيق الإنصاف والتوازن”.
إنها إستراتيجية واضحة أملتها الإرادة الملكية “وفي مغرب اليوم، لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها.
وهنا، ندعو لتفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض بوضعيتها” (خطاب العرش 2022)، والاتفاقيات الدولية، أهمها اتفاقية “سيداو” للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة؛ ثم نضالات الحركة النسائية، فضلا عن القيمة الاقتصادية لهذا العمل غير المعترف به والتي تصل إلى 513 مليار درهم. وهذه خطوة جد مهمة من الحكومة أن تقر بالمردودية الاقتصادية للعمل المنزلي وتدرس سبل تمكين ربات البيوت من تقاعد، مهما كان مبلغه، يحفظ لهن كرامتهن.
أحكام قضائية وفتاوى فقهية منصفة.
إن المحاولات اليائسة للإسلامويين وعلى رأسهم البيجيدي وذراعه الدعوية لن توقف زحف الربيع الحقوقي للنساء؛ وما شطحاته اليوم إلا دليل نكساته السياسية وخيباته في مسار إنصاف المرأة. ذلك أن رهانه على معارضة ادخال تعديلات جوهرية على مدونة الأسرة لتثمين العمل المنزلي، رهان خاسر. فالاجتهادات الفقهية النابعة من صميم الواقع المغربي انتصرت لحق الأرملة والمطلقة فيما تراكم من ممتلكات خلال فترة الزواج نظير ما بذلته من جهد، سواء في تربية الأولاد أو القيام بأشغال المنزل أو مساعدة الزوج في الكسب.
فقد ذهب فقهاء شمال المغرب ومنهم أبو القاسم بن خجو المشهور بالقوري، وأحمد بن عرضون وأخٌوه محمد بن عرضون وغيرهم، إلى الإفتاء بحق الكد والسعاية؛ كما اشتهر فقهاء منطقة سوس، من خلال نوازلهم الفقهية، بالإقرار للزوجة بحقها فيما تراكم من ممتلكات. إذ ذكر المرحوم محمد المختار السوسي في كتابه المعسول، “أن قضاة جزواة (وهي من بلاد سوس) أنهم كانوا يحكمون بالسعاية للمرأة في كل ما يدخل إلى الدار بقدر سعايتها”.
ولا تختلف المرأة في البادية عن المرأة في المدينة فيما يتعلق بحق السعاية. إذ نجد، في هذا الباب، فتوى للفقيه الورزازي، حين سئل عن الزوجة إذا كانت تخدم في دار زوجها، هل لها فيما استفاده زوجُها من خدمته وخدمتها أم لا ؟ فأجاب : “قال الإمام ابن العطار، مذهب مالك وأصحابه، أن المرأة إذا كانت تعمل مثلا الغزل والنسج ونحوهما. فإنها شريكة للزوج فيما استفاده من خدمتها أنصافا بينهما، وكذا الأم مع أولادها، والأخت مع أختها والبنت مع أبيها، ونساء الحاضرة والبادية في هذا سواء والله اعلم”.
ومن الفتاوى المؤيدة لتثمين العمل المنزلي، فتوى الفقيه العباسي في نوازله التي ورد فيها “ومن تزوجت ووجدت عند زوجها بهائم ومكثت عنده أربعة أعوام ثم فارقها، فإنها تأخذ سعايتها فيما زادت من البهائم بقول أهل المعرفة”.
أما ما يتعلق بالأحكام القضائية التي أنصفت النساء وأقرت حقهن في الممتلكات الزوجية، فيمكن إعطاء حُكمين على سبيل الذكر لا الحصر:
1 ـ الحكم الصادر عن محكمة الشرع بتزنيت سنة 1959 والذي قضى “بقسم قيمة الجميع نصفين: نصف للدمنة كما هو الجاري به العمل بهذه البلاد، والنصف الباقي يقسم بين المدعية (ر بنت (م) وبين المدعى عليه (م بن ع) لكونهما وحدهما في الدار والسعاية لهما فقط “.
وعللت المحكمة حكمها هذا بكون “العمل جرى بثبوت السعاية للنساء في البوادي كما بين في شرح العمليات، خصوصا ما كانت عليه نساء الأزواج المسافرين إلى فرنسا ويتركون أزواجهم يقمن مقامهم في تربية البهائم والأولاد وفي الحرث والحصد ومقابلة أملاكهم، بل ويحضرون في المحاكم يدافعن عن أملاك أزواجهن “. فالمحكمة وسّعت من دائرة الأعمال التي تخوِّل للزوجة حق السعاية، في إطار تثمين العمل المنزلي، وجعلتها على ثلاثة أصناف: أولها ويتعلق بالعمل الفلاحي المتمثل في الحرث والحصاد وتربية الماشية وغير ذلك. وثانيها العمل المنزلي المعبر عنه بتربية الأولاد، وثالثها ويتعلق بالعمل الإداري والقانوني والقضائي المتمثل في تحمل أعباء حل المشاكل الإدارية لأملاك الزوج أو الدفاع عنها أمام القضاء أو التقاضي بخصوصها لحمايتها من الترامي أو التضييع.
2 ـ قرار محكمة الاستئناف بالرباط رقم 244 الصادر بتاريخ 04.04.2000 بشأن الملف العقاري عدد1999/6323 ، والذي ذهب إلى أن “الكد والسعاية من لدن المرأة سواء في البادية أو الحاضرة المعتبر للتعويض عنه، هو المترتب من عمل مكتسب وافر على الحاجيات الشخصية يصب في ثروة مادية أنشئت اثناء الحياة الزوجية”.
واضح مما تقدم، أن الفقهاء والقضاة الذين تصدوا بالفتيا أو الحكم لمسألة تثمين الأعمال التي تقوم بها النساء في المنازل، إنما فعلوا وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم الحية، ولم يتعاملوا مع مؤسسة الزواج “كشركة تجارية”، أو “علاقة مشغِّل وأجير داخل البيت” كما يزعم البيجيدي. بل إن حرمان الزوجة من حقها فيما ساهمت فيه من ممتلكات زوجية لهو الظلم بعينه لأنه يدخل ضمن “أكل أموال الناس بالباطل” المنهي عنه في الإسلام.
إن رفض البيجيدي تثمين العمل المنزلي للنساء يجسد عداءه لحقوق النساء. لهذا نجده يناهض حق ولاية المرأة على نفسها في الزواج، وحقها في التطليق وحل رابطة الزواج، وحقها في ملكية جسدها وفي الإجهاض غير المرغوب فيه؛ كما يصر على شرعنة الاستغلال المادي والجنسي للنساء بالتشبث بتزويج الطفلات، وبقاعدة التعصيب التي تحرم الإناث من كامل حقهن في التركة، وكذا حرمانهن مما ساهمن في تكوينه ومراكمته من ممتلكات خلال فترة الزواج. وها هو اليوم يعارض سعي الحكومة إلى تثمين العمل المنزلي باعتباره عملا منتِجا.
على مسؤوليتي
السياسة : في الحاجة إلى المعنى في زمن التفاهة
نشرت
منذ 9 ساعاتفي
ديسمبر 15, 2025بواسطة
الجديد TV
لم تعد التفاهة في الحقل السياسي المغربي مجرد انزلاق لغوي أو ضعف تواصلي لدى بعض الفاعلين، بل أصبحت نمطًا اشتغاليًا يُعاد إنتاجه بشكل شبه منتظم داخل الفضاء العمومي.
الأخطر في هذا التحول ليس رداءة الخطاب في حد ذاتها، بل كونها تُقدَّم باعتبارها سياسة، وتُسوَّق بوصفها قربًا من المواطن، بينما هي في الواقع تفريغ ممنهج للفعل السياسي من محتواه المعرفي والأخلاقي.
السياسة، في معناها الفلسفي، تفترض القدرة على تحويل الواقع الاجتماعي إلى موضوع للنقاش العقلاني، وعلى بلورة اختيارات واضحة تُعرض للنقد والمساءلة. غير أن الممارسة السائدة تُظهر انتقالًا واضحًا من سياسة البرامج إلى سياسة الانطباعات. في الحملات الانتخابية، على سبيل المثال، نادرًا ما يشهد النقاش العمومي تفكيكًا حقيقيًا للسياسات العمومية أو تقييمًا للأثر الاجتماعي للقرارات السابقة. بدل ذلك، يهيمن خطاب شعاراتي فضفاض، يُكثر من الوعود العامة دون تحديد الوسائل، ويعتمد على سرديات شخصية، أو على استعراض “القرب” من المواطن عبر صور وأساليب تواصلية لا تحمل أي مضمون سياسي فعلي.
هذا الاختزال يتجلى بوضوح في النقاشات البرلمانية التي تتحول، في كثير من الحالات، إلى مشاهد خطابية موجهة للاستهلاك الإعلامي. أسئلة آنية تُطرح دون متابعة، سجالات لفظية تُستثمر للتصفيق أو للانتشار الرقمي، بينما تغيب النقاشات العميقة حول السياسات القطاعية، أو تقييم البرامج الحكومية، أو محاسبة الاختيارات الاقتصادية. البرلمان، هنا، لا يُعطَّل، لكنه يُفرَّغ من وظيفته التداولية، ويُعاد تعريفه كفضاء عرض لا كفضاء تفكير.
في الفضاء الرقمي، تتخذ التفاهة السياسية شكلًا أكثر فجاجة. تصريحات مبتورة، مقاطع قصيرة خارج سياقها، ومواجهات كلامية تُقدَّم بوصفها “نقاشًا سياسيًا”. سياسيون يراكمون الحضور عبر الإثارة لا عبر الفكرة، ويُقاس وزنهم بقدرتهم على إثارة الجدل لا بقدرتهم على صياغة بدائل. وهنا يتحقق منطق خطير: السياسة تُكافَأ حين تكون سطحية، وتُعاقَب حين تكون معقدة. المواطن لا يُمنع من الاهتمام، بل يُستنزف في متابعة لا تُفضي إلى فهم.
من منظور سوسيولوجي، لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن أزمة الثقة المتراكمة. فحين يغيب المعنى، يصبح العزوف موقفًا عقلانيًا. التفاهة السياسية لا تُقصي المواطن قسرًا، بل تدفعه إلى الانسحاب الهادئ، لأنه لا يرى في الخطاب المعروض ما يستحق الاستثمار الذهني أو العاطفي. وهكذا، تتحول المشاركة السياسية إلى طقس انتخابي محدود، لا إلى انخراط واعٍ في الشأن العام.
الأخطر أن هذا النسق لا يعمل ضد السلطة السياسية فقط، بل ضد السياسة ذاتها. فالتفاهة تُفرغ الصراع من مضمونه، وتحوّل الاختلاف إلى مشاحنات شخصية، وتُعيد إنتاج نفس النخب داخل نفس الدائرة الخطابية. لا أحد يُحاسَب على ضعف الفكرة، لأن الفكرة أصلًا لم تعد شرطًا. وبهذا، تُستبدل السياسة بوهم السياسة، كما وصف بودريار: تمثيل بلا أصل، وصورة بلا واقع.
في هذا السياق، تصبح مفاهيم مثل “الإصلاح” و“النموذج التنموي” و“ربط المسؤولية بالمحاسبة” جزءًا من قاموس متداول، لا من برنامج عمل. تُستعمل هذه المفاهيم بكثافة، لكنها لا تُحمَّل بمحتوى قابل للقياس أو للنقد. وهنا تتجلى تفاهة المعنى في أقصى صورها: اللغة السياسية تبدو غنية، لكنها معطّلة وظيفيًا.
إن التفاهة السياسية، بهذا المعنى، ليست فشلًا فرديًا، بل نتيجة نسق يكافئ السلامة الخطابية، ويعاقب الجرأة الفكرية. نسق لا يمنع النقاش، لكنه لا يسمح له بأن يغيّر شيئًا. وهذا ما يجعلها أداة ضبط ناعمة بالمعنى الفوكوي: ضبط عبر الإلهاء، لا عبر المنع؛ عبر الإشباع الرمزي، لا عبر القمع.
إن استعادة السياسة لمعناها في المغرب تمرّ عبر كسر هذا النسق، لا عبر تحسين لغته فقط. تمرّ عبر إعادة الاعتبار للبرنامج، وللتفكير طويل النفس، ولمساءلة حقيقية لا تُختزل في لحظة إعلامية. ففي سياق تُدار فيه السياسة بالضجيج، يصبح العمق فعلًا مزعجًا، ويغدو الدفاع عن المعنى موقفًا سياسيًا في حد ذاته. كل ذلك في انتظار معنى يعيد للسياسة شرفها.
* أوسي موح الحسن
على مسؤوليتي
سعيد الكحل: الفقيه الريسوني يعود إلى عادته القديمة
نشرت
منذ أسبوع واحدفي
ديسمبر 8, 2025بواسطة
سعيد لكحل
أصدر الفقيه الريسوني، بتاريخ 29 نونبر 2025، فتوى تحت عنوان “فتوى حول التعامل مع المحتلين والمعتدين”، يحرم فيها كل أشكال التعامل مع إسرائيل ومع الشركات والجهات الداعمة لها.
* التطاول على صلاحيات لجنة الإفتاء.
يصر الفقيه الريسوني على مخالفة إجماع المغاربة وتشبثهم، من جهة، بمرجعيتهم الدينية التي تلزمهم بطاعة ولي الأمر، ومن أخرى بوثيقتهم الدستورية التي تنص في الفصل 41 بأن “الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية. يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه. ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة”.
والفقيه الريسوني، بفتواه تلك التي تخرق الدستور وتتنكر لمذهب المغاربة وما أجمعوا عليه حفاظا على وحدتهم، يصر على تنصيب نفسه “مفتيا” في شؤون المغاربة الدينية والدنيوية. وليست المرة الأولى التي يتطاول فيها على اختصاصات المجلس العلمي الأعلى، بل سبق له أن فعلها مرات عديدة، حيث كانت أولاها يوم تصدى لمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، متهما واضعيه ومسانديه بمحاربة الدين وهدم ما تبقى من حصونه. إلا أن أخطرها لما طعن في أهلية الملك لإمارة المؤمنين، سنة 2003، فاضطر، ساعتها إلى تقديم استقالته من رئاسة حركة التوحيد والإصلاح. وها هو اليوم يواصل استهدافه لإمارة المؤمنين تنفيذا لمخطط تنظيم الإخوان الدولي الذي كشفت عنه رسالة مرشد التنظيم في مصر، مصطفى مشهور، إلى تنظيمات الإسلام السياسي بالمغرب سنة 1996، ومن أهدافها: ضرب الشرعية الدينية للملك ومنازعته صلاحياتها. لهذا شدد الفقيه الريسوني في فتواه على البعد الديني وذلك بالتحريم القاطع لأي تعامل مع إسرائيل.
* فتوى سياسية وليست دينية.
إن الفقيه الريسوني لم ينصّبه الدستور مفتيا ولا تم تعيينه رئيس لجنة الإفتاء. إنما هو لسان حال تنظيم الإخوان يروج لشعارات فرعه بالمغرب التي ظلت ترددها الجماعات المنتمية إليه على مدى خمس سنوات، واشتد صرخاتها مع “طوفان الأقصى” في محاولة يائسة للضغط على المغرب لقطع كل العلاقات مع إسرائيل. لم يكن هدف الريسوني ومعه إخوانه في التيار نصرة أهل غزة، بل استثمروا في مآسي الفلسطينيين أملا، من جهة، في استرجاع مواقعهم الانتخابية التي خسروها بسبب فقدانهم أصوات الناخبين، ومن أخرى سعيا إلى استهداف شرعية النظام الدينية والسياسية. ذلك أن تنظيمات الإسلام السياسي وفقهائها وعلى رأسهم أحمد الريسوني الذي تولى رئاسة “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” الذي يتشكل من الأعضاء المنتمين لهذا التيار قبل أن يستقيل مضطرا، لم يصدروا بيان إدانة ضد قطر وتركيا اللتين تربطهما علاقات قوية ومتعددة مع إسرائيل. فقد سبق لمحمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، أن صرح، في لقاء صحفي لقناة “فوكس” الأمريكية أن “دولة قطر منذ التسعينيات، منذ أوسلو كانت أول دولة تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، عندما كان هناك أمل في السلام، وفي عام 1997 وقعنا على البعثات التجارية.. حتى الآن لا تزال لدينا علاقة العمل هذه، لم تتوقف”. كما سبق لمعهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط (MEMRI) أن سرّب وثائق تثبت تمويل الحكومة القطرية لمسؤولين إسرائيليين ضمن “مشروع رافين”، ومنها وثائق يرجع تاريخها إلى عامي 2012 و2018، حين قدمت قطر منحتين على الأقل، لنتنياهو، الأولى قدرها 15 مليون دولار في عام 2012 والثانية قدرها 50 مليون دولار في عام 2018. نفس الأمر فيما يتعلق بتركيا التي تربطها علاقات قوية بإسرائيل؛ إذ تشير الأرقام إلى أن قيمة صادرات تركيا من الصلب إلى إسرائيل بلغت في مارس 2024 نحو 13 مليوناً و901 ألف و470 دولاراً، مقارنة بـ153 ألفاً و400 دولار فقط في الشهر نفسه من عام 2023، أي بزياد مهمة بنسبة 8962.2%. أما قيمة صادرات الصلب خلال الربع الأول من 2024(يناير–مارس)، فقد بلغت 41 مليوناً و421 ألفاً و420 دولاراً، في مقابل 177 ألفاً و560 دولاراً في الفترة نفسها من عام 2023، أي بزيادة نسبتها 23228.1%. أما حجم التجارة بين إسرائيل وتركيا فقد بلغ 7 ملايير دولار. رغم حجم التبادل التجاري لم يهاجم الريسوني أو تنظيمات الإسلام السياسي تركيا؛ بل برروا علاقاتها مع إسرائيل ودافعوا عنها كما هو حال حركة حماس التي قالت، مباركة تلك العلاقات، إنها “تتطلع إلى مواصلة تركيا لدورها في دعم القضية الفلسطينية وإنهاء الحصار بشكل كامل”. لكن حين تعلق الأمر بالمغرب سارعت الحركة إلى الإدانة معتبرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل “يعد خطيئة وسلوكا مضرا بمصالح الأمة وأمنها ويمثل خطرا على القضية الفلسطينية وطعنة في ظهر شعبنا وأمتنا”.
* تنظيم الإخوان لا يؤمن بالأوطان.
ليس مستغرَبا أن يتجاهل الريسوني ومعه إسلاميو المغرب ظروف المغرب وقضيته الوطنية الأولى التي تستنزف مقدراته على مدى نصف قرن؛ فهم لا يؤمنون بالوطن وعلى استعداد للتضحية بمصالحه العليا من أجل أوهامهم الإيديولوجية العابرة للحدود. وهذا ما يفسر فتح أسواق المغرب على مصراعيها أمام المنتوجات التركية رغم الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت فيها، فضلا عن الاستغلال الفظيع لقضية غزة لتجييش المواطنين وحشدهم في مظاهرات واحتجاجات لا تنتهي من أجل الضغط على النظام لقطع العلاقات مع إسرائيل. ذلك أن الإسلاميين لا يقدّرون المكاسب الدبلوماسية والعسكرية للدعم الأمريكي والإسرائيلي للمغرب والذي أثمر قرار مجلس الأمن 2797 المعترف بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية. كما لم يكترثوا للتهديدات المتزايدة التي يشكلها النظام الجزائري على أمن المغرب وحدة أراضيه. وهذا الذي على الريسوني وإخوانه الوعي به واستحضاره حين الحديث عن “التطبيع” ومزاياه الدبلوماسية (الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء) والعسكرية (تزويد المغرب بأحدث الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية الرادعة لأي عدوان وبتقنيات صناعتها (نموذج صناعة الدرونات الانتحاريةSPX). فمن حق المغرب أن يستفيد من الدعم العسكري الإسرائيلي مثلما استفادت منه تركيا في تطوير جيشها.
إن فتوى الريسوني بمقاطعة كل الشركات التي يضعها تنظيم الإخوان ضمن خانة “الداعمة لإسرائيل”، لا يريد بها دعم غزة بقدر ما يسعى إلى الإضرار مباشرة بالاقتصاد الوطني وبالوضع الاجتماعي للمغاربة الذي سيترتب عن إغلاق الشركات والمؤسسات الإنتاجية والخدماتية وتسريح عشرات الآلاف من العمال وحرمان خزينة الدولة من عائداتها الضريبة. إنهم يريدون خنق النظام بتأزيم الأوضاع الاجتماعية وتجفيف موارده المالية؛ وتلك إستراتيجية تعتمدها كل تنظيمات الإسلام السياسي.
إن المغرب ليس بحاجة إلى فتاوى الريسوني وأمثاله لتطوير قدراته وبناء علاقاته الدولية. والدعم المغربي الدائم والمبدئي للفلسطينيين لا يتوقف على فتوى ولا يتأثر بمواقف التنظيمات الإخوانية. وعلى سماسرة وتجار القضية الفلسطينية أن يعلموا أن المغرب هو الدولة الوحيدة التي تتحمل مسؤوليتها المالية الكاملة في تمويل بيت مال القدس. وكان حريا بالريسوني أن يتعظ مما جرّته عليه نزواته الفقهية، إذ لا يكاد يرأس هيئة حتى يُطرد منها بسبب تنطعه والإفتاء فيما لا يعنيه ولا يدخل ضمن المجال الفقهي.
* شطحات الفقيه الريسوني.
إن المتتبع لخرجات وفتاوى الريسوني سيدرك تناقضاته/شطحاته التي لا يحكمها مبدأ ثابت. فهو نفسه لم ينضبط لفتواه بتحريم أي تعامل أو “افتاق سلام” مع إسرائيل؛ إذ سبق له أن وافق، سنة 2006، عبر قناة الجزيرة على موقف أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، بجواز توقيع حركته على هدنة مع إسرائيل. بل ذهب الريسوني أبعد من هذا لما أفتى بإمكان حماس أن تسمي اتفاق الهدنة مع إسرائيل بأنها “اتفاقية سلام” مؤقتة. وفي غشت 2019، نشر فتوى يجيز فيها للمسلمين غير الفلسطينيين زيارة القدس والمسجد الأقصى، مع العلم أنه سبق أن أخبر الصحفي والكاتب الفلسطيني، منير شفيق، أنه “يفضل قطع رأسه على أن يطلب تأشيرة من سفارة صهيونية”.
شطحات الفقيه الريسوني لم تقتصر على العلاقة مع إسرائيل، بل شملت فتاواه قضايا أخرى منها ولاية المرأة على نفسها في الزواج؛ إذ شدد في تحريمها عبر بيانه، سنة 2000، حول مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، ثم غيّر رأيه، في حوار صحفي، بعد ستة أشهر فقط. وحين أعلن جلالة الملك عن مضمون التعديلات التي همت مدونة الأحوال الشخصية أمام البرلمان سنة 2003، برر الريسوني موافقته على التعديلات بأن “اختيار الحاكم يرفع الخلاف”. لكنه اليوم يقرر مخالفة هذه القاعدة الفقهية والخروج عما أفتى به جمهور الفقهاء بوجوب طاعة ولي الأمر إرضاء لنزعته الأيديولوجية ووفاء لتنظيم الإخوان.
المغرب يتغلب على الإمارات بثلاثية نظيفة ويتأهل لنهائي كأس العرب
فيضانات آسفي.. اجتماع طارئ وتعبئة شاملة لمواجهة الأزمة
سعيد الكحل: تثمين العمل المنزلي عُقدة الإسلاميين
تشكيلة المنتخب الوطني الرديف امام الإمارات
درعة-تافيلالت.. تعليق الدراسة مؤقتا بسبب سوء الأحوال الجوية
فيضانات آسفي.. النيابة العامة تفتح بحثا في الأسباب
المخرج سعيد بن الثقة يكشف الستار عن فيلمه الجديد الكوميدي “3 دقايق”
آسفي : تعليق الدراسة بالمؤسسات التعليمية لثلاثة أيام
(لارام) تفتح تسعة خطوط جوية مباشرة في اتجاه كل من أوروبا، وإفريقيا وأمريكا
النقابة الوطنية للصحافة تتضامن مع أسر ضحايا فيضانات آسفي
فيضانات آسفي: ارتفاع حصيلة الخسائر البشرية إلى 37 وفاة
السياسة : في الحاجة إلى المعنى في زمن التفاهة
ريال مدريد يفوز على ديبورتيفو ألافيس 2-1
الفيضانات الاستثنائية بإقليم آسفي: تعداد 21 حالة وفاة إلى حدود اللحظة
كأس العالم سيدات: الجيش الملكي يفوز على ووهان جيانغدا الصيني ( 2-1)
نشرة إنذارية: أمطار قوية وتساقطات ثلجية بعدد من مناطق المملكة
أمطار غزيرة و فيضانات تُغرق أحياء في آسفي
تيميتار: الفنانون الأمازيغ في صُلب حوار موسيقي عالمي
11 قتيلا في هجوم أثناء إحياء عيد يهودي على شاطئ في سيدني
الفيفا يعلن استضافة الدوحة لحفل جوائز الافضل لسنة 2025 يوم الثلاثاء
مدينة الصويرة تحتفي بأحد أبنائها البررة..محمد عبيد
إطلاق الدورة العاشرة للمنتدى الدولي للإعلام بواشنطن
سعيد الكحل: سقوط الأقنعة عن تجار الفتنة
كاس العرب 2025: المنتخب الجزائري حامل اللقب يكتفي بالتعادل مع السودان صفر-صفر
نحو إلزام الأحزاب الإسلامية بميثاق قانوني لوقف توظيف الدين وخطاب الكراهية
اختراق أمني يستهدف بيانات مستخدمي ChatGPT
أمريكا تقلص مدة انتظار التأشيرة بالمغرب إلى شهرين استعدادا لمونديال 2026
سعيد الكحل: الفقيه الريسوني يعود إلى عادته القديمة
هيئات نقابية صحافية تجدد رفضها القاطع لمشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة
محاكمة جديدة لسعد لمجرد بتهمة الاغتصاب في فرنسا
هذه هي الشروط الجديدة لدعم ترشح الشباب في الانتخابات
محكمة فرنسية تقرر تأجيل محاكمة سعد لمجرد بتهمة الاغتصاب
قرعة مونديال 2026: المغرب يقع في مجموعة البرازيل
وزير الداخلية يذكر باستمرار تسجيل الناخبين
مجلس التعاون الخليجي يجدد التأكيد على مغربية الصحراء ويرحب بقرار مجلس الأمن 2797
غوغل تكشف عن تحديث يتيح للشركات الاطلاع على رسائل الموظفين النصية!
المنتخب الوطني الرديف يستعد للقاء جزر القمر في كأس العرب
الجديدة: 90 سنة سجنا للمتابعين الستة في قضية اغتصاب قاصر
مراكش.. توقيف متورطين في سرقة سائحة أجنبية
مدريد تشيد بالعلاقات “الرائعة” بين المغرب وإسبانيا
مدينة الصويرة تحتفي بأحد أبنائها البررة..محمد عبيد
🔴 مباشر | الخطاب الملكي السامي
الدار البيضاء.. انطلاق المرحلة الرابعة من سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء
الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge
“الدوري الأول للراحلة حليمة مرجان”..الرياضة في خدمة العمل الخيري
الرباط تكرّم الراحل يونس رودياس أحد رموز كرة السلة بنادي الفتح الرياضي
الوداد الرياضي يحتفل بذكراه الـ88.. ليلة وفاء وتكريم لأساطير الأحمر
المغرب يدخل عصر العلاج الثوري لسرطان البروستاتا بتقنية HIFU
في حفل تأبيني مؤثر.. سبور بلازا يكرم روح الراحل كمال لشتاف
نادي “النور اولاد صالح” ينظم الدوري السنوي للكرة الحديدية
تفاصيل مؤامرة الجنرال أوفقير على رفاقه في الجيش وعلى الحسن الثاني
محمد لومة يحكي عن أخطر جرائم أوفقير في حق الوطن والشعب
للمرة الثانية الرباط تحتضن التجمع التدريبي الافريقي BAL في كرة السلة
هكذا اقتطعت الجزائر أجزاء من التراب المغربي و التونسي بدعم من فرنسا ( فيديو)
بالفيديو..تفاصيل محاولة اغتيال الحسن الثاني سنة 1972
1981: مقترح “الاستفتاء” حول الصحراء..عندما قال عبد الرحيم بوعبيد “لا” للحسن الثاني
محمد لومة يكشف مراحل الصراع بين الحسن الثاني و عبد الرحيم بوعبيد (الجزء الأول)
تفاصيل تحكى لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن حلون (الحلقة الثانية)
و شهد شاهد من أهلها..حقائق تكشف لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن جلون
حورية أجدور..صوت مجدد صاعد في سماء الأغنية الأمازيغية “فيديو “
الاكثر مشاهدة
-
رياضة منذ 6 أيامهؤلاء هم أفضل هدافي كأس أمم إفريقيا عبر التاريخ
-
واجهة منذ 5 أيامالمحامي الادريسي يقرر سلك المساطر القانونية ضد أعضاء لجنة أخلاقيات الصحافة
-
اقتصاد منذ 5 أيامالتجاري وفا بنك يتجاوز عتبة 10 مليارات درهم خلال 2025
-
منوعات منذ 5 أيامادراج القفطان المغربي ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي لليونسكو
-
منوعات منذ 4 أيامالدار البيضاء: معرض “خمسون” يحتفي بأعمال 50 فنانا
-
رياضة منذ 3 أيامكأس العرب: الأردن يصطدم بالعراق والإمارات تتحدى الجزائر
-
مجتمع منذ 7 أيامالحسيمة: المؤبد لقاتل الفنان الأمازيغي “تسوليت” حرقا
-
مجتمع منذ 5 أيامارتفاع حصيلة انهيار مبنيين في فاس إلى 22 قتيلا
