قامت الحكومة المغربية، بدفع أجور المقاولات الصحفية الخاصة، منذ أزمة كوفيد 19، ليسجل مبلغ الدعم، خلال أربع سنوات ما يفوق مليار و نصف مليار درهم، و هو ما من شأنه أن يضر بالاستقلالية و التعددية و حرية التعبير في البلاد.
و في هذا الصدد، كشف الباحث في الإعلام عبد الله أموش، في تقرير تحليلي بعنوان “لماذا تدفع الحكومة أجور الصحافة الخاصة؟”، نشره المعهد المغربي لتحليل السياسات، عن وجود مجموعات صحافية كبرى بيد عدد محدود من رجال أعمال نافذين، لهم علاقات مباشرة أو غير مباشرة بالسلطات السياسية، من بينهم مجموعة “كراكتير” التابعة لمجموعة “أكوا” القابضة التي يمتلكها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ومجموعة “إيكو ميديا”، بالإضافة إلى مجموعة “هوريزون برس” التي يرأسها الوزير السابق منصف بلخياط.
وأوضح أموش أن هذا الدعم يوزع على مختلف الفاعلين في سلسلة الإنتاج الصحفي، من ناشرين إلى شركات الطبع والتوزيع وإذاعات خاصة.
ووفقًا للتقرير، استفادت عشرات المؤسسات الصحفية من هذا الدعم، حيث تم إعفاؤها من أداء أجور العاملين، وواجبات الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والضريبة على الدخل لفائدة هؤلاء العاملين، بينما تولت الدولة تغطية هذه الكلفة بالكامل.
وتلقى العاملون في المقاولات الصحفية الخاصة دعمًا ماليًا عموميًا يصل إلى نحو 325 مليون درهم في أواخر عهد الحكومة السابقة (2016-2021)، وأكثر من مليار درهم في فترة الحكومة الحالية (2021-2026)، وذلك استنادًا إلى بيانات تغطي الفترة من منتصف 2020 حتى مارس 2025.
ويأتي هذا الدعم في سياق إلغاء نظام أداء الأجور القديم مع صدور قوانين جديدة تنظم الدعم العمومي للصحافة والنشر والطباعة والتوزيع.
وقد بلغ عدد المقاولات الصحفية التي تلقت الدعم المالي المباشر 142 مقاولة سنة 2020، وارتفع العدد تدريجيًا إلى 207 مقاولة سنة 2024، في حين ارتفع عدد المستفيدين من الدعم في صفوف الصحافيين والعاملين من 2,199 فردًا سنة 2021 إلى 2,309 سنة 2024.
كما شمل الدعم العمومي مؤسسات أخرى في السلسلة الاقتصادية للصحافة، حيث استفادت إحدى شركات توزيع الصحف من دعم مالي قدره 60 مليون درهم على مدى أربع سنوات، بينما تلقت 11 مقاولة للطباعة دعمًا بقيمة 30 مليون درهم، في حين نالت 12 إذاعة خاصة دعمًا مباشرًا قدره 55 مليون درهم.
وحسب التقرير، فإن هذه المعطيات تثير تساؤلات حول أسباب الاستمرار في نظام دفع أجور للعاملين في شركات يفترض أنها خاصة، بدل العودة إلى صيغة دعم تكاليف المقاولات نفسها، فضلاً عن مدى شفافية صرف هذا الدعم واحترام مبادئ المحاسبة التي يضمنها الدستور والقانون.