رصدت دراسة حديثة، عددًا من الأزمات التي تهدد صادرات النفط والغاز الجزائرية، خلال السنوات المقبلة، وتحد من قدرة البلاد على تحقيق طموحاتها في زيادة إيرادات قطاع المحروقات.
واستعرضت الدراسة -التي أعدها وزير الطاقة الجزائري السابق عبدالمجيد عطار- واقع قطاع الطاقة وتحدياته في الجزائر بحلول عام 2035.
واعتمد عطار -في دراسته التي كشفت عن أبرز التحديات التي تواجه صادرات النفط والغاز الجزائرية- على الأرقام المستوحاة من الإحصائيات الرسمية من وزارة الطاقة، ومجمع سوناطراك ومجمع سونلغاز، بالإضافة إلى الهيئات الدولية.
وعرض أبرز رهانات الجزائر في مجال الطاقة، موضحًا أن ذلك يجعل من الضرورة التحضير للمرحلة المقبلة، لحتمية ضمان الأمن الطاقوي، والوصول بالاستقلالية الطاقوية الوطنية في البلاد.
أمن الطاقة الجزائري
استنادًا إلى الدراسة -التي نشرت مفتطفا منها منصة الطاقة المتخصصة، فإنّ الجزائر تتمتع في الوقت الراهن بـ3 عوامل رئيسة لضمان أمن الطاقة، لا سيما مصادر الطاقة، والإمكانات الكبيرة من الإنتاج والتوزيع، وتوفر الأسواق.
ولم تمنع هذه المؤشرات عبدالمجيد عطار من طرح التساؤل: هل هذه الوضعية مستمرة في السنوات المقبلة؟ في إشارة إلى عدد من العوامل قد تتسبب في تراجع صادرات النفط والغاز الجزائرية.
وأوضح الوزير السابق أن الجزائر تتأثر في هذا الشأن بالوضع العالمي العام، والأزمات الجيوسياسية، كونها تسبب اختلال بعض المؤشرات على غرار الأسواق المحتملة، في أوروبا بالدرجة الأولى، كما يحدث حاليًا في ظل تبعيات فرضتها الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأشار إلى تراجع أسعار الصادرات من المواد الطاقوية عند كل هزة عالمية، فضلًا عن تراجع الطلب جراء الركود الاقتصادي بسبب أزمة كورونا.
تحوّل الطاقة في الجزائر
التوجّه العالمي الحالي يسير في سياق تحول النموذج الطاقوي، وتسعى من خلاله كل دولة للاعتماد على النموذج الأكثر نجاعة بالنسبة إليها، وهو ما يؤثر في المعادلة العالمية في العرض والطلب على مصادر الطاقة، ومن ثم السعر.
وتشير دراسة عطار التي اطلعت عليها ، إلى أنّه في وقت تمثّل فيه الطاقة المتجددة، في العالم نحو 13%، وتعتمد 56% على المحروقات التقليدية -النفط والغاز-، و27% على الفحم، و4% على الطاقة النووية، ترتفع نسبة الاعتماد على الطاقة المتجددة في الدول المتقدمة لتصل إلى 34%، و30% للغاز الطبيعي، وهي الأرقام التي تعكس المنحنى الذي يأخذه مسار الطاقة العالمي في الوقت الراهن.
وذكرت الدراسة -استنادًا إلى أرقام شركة النفط البريطانية “بي بي”- أنّ دور الهيدروجين سيكون حاسمًا خلال الـ30 عامًا المقبلة، خاصة في قطاع النقل، والأشغال العمومية والبناء.
وأوضحت الدراسة أن الأرقام تكشف عن أنّ توزيع المحروقات التقلدية ترتكز بمنطقة الشرق الأوسط بصفة أساسية، إذ تستحوذ المنطقة على 48.3% من المخزون العالمي من النفط، و40.3% من الغاز الطبيعي، ما يجعل التوجه نحو المصادر الجديدة لبقية العالم حتمية بالنسبة إليهم.
استهلاك الطاقة
رسمت الدراسة مخططًا لاستهلاك الطاقة في الجزائر بين عامي 2017 و2019، إذ شهد الغاز الطبيعي ارتفاعًا يُقدر بـ80.6 %، تليه الكهرباء بزيادة بـ78.2%، ثم المنتجات النفطية بـ51.5%، وبعدها غاز النفط المسال.
وكشفت الدراسة التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، عن مفاجأة تتمثل في أنّ أكبر المستهلكين للطاقة في الجزائر هي القطاعات غير المنتجة، أي المنازل، إذ ارتفعت بين عامي 2017 و2019 بما يزيد على 64%، وبعدها قطاع النقل الذي شهد قفزة كبيرة من حيث الاستهلاك بلغت 139%، وفي المرتبة الثالثة الصناعة والأشغال العمومية.
ودعا عبدالمجيد عطار إلى أهمية إعادة النظر في سياسة الدعم في أسعار الطاقة لدفع المواطنين إلى مراجعة طريقة الاستهلاك.
أسباب هشاشة القطاع
أرجعت الدراسة هشاشة قطاع المحروقات، بما في ذلك صادرات النفط والغاز الجزائرية، إلى 3 أسباب رئيسة، أولها ارتباطه بنموذج استهلاك الطاقة، يهيمن عليه الاستعمال المفرط للغاز الطبيعي، والموجه بالدرجة الأولى إلى القطاعات غير المنتجة، لا سيما الاستهلاك المنزلي والإدارات والجماعات المحلية.
ويتعلق ثاني الأسباب بوتيرة ارتفاع نسبة نمو الطلب الداخلي على الطاقة، التي تبلغ في المتوسط 7% سنويًا، لارتباطها بنظام دعم الأسعار لمختلف منتجات الطاقة، كالكهرباء، والوقود، والغاز.
وأما السبب الثالث الذي يهدد صادرات النفط والغاز الجزائرية فهو استنزاف المخزون الوطني من المواد الطاقوية خاصة الغاز، الأمر الذي يفرض تسريع وتيرة برامج الطاقات المتجددة لتخفيف الضغط على هذا المورد غير قابل للتجديد.
المصدر: موقع الطاقة المتخصص