نظمت الرابطة المغربية للشباب ناشري الصحف، بمقر المؤسسة الأوروبية – العربية للدراسات العليا في غرناطة (إسبانيا) يوم 18 من شهر يوليوز 2025، ندوة دولية تحت عنوان: “دور الدبلوماسية الثقافية والفنية والإعلامية في تجسير العلاقات بين البلدان المغرب وإسبانيا “نموذجا”.
وعرفت الندوة، برنامجا متنوعا من الأنشطة الموجهة لجميع الفئات: مداخلات، ولقاءات للتعارف والتشبيك، وإعلانا ترويجيا عن فيلم سيصور بين المغرب وإسبانيا تحت إسم “طريق”، وشملت هذه الأنشطة مشاركة خبراء وفنانين ومثقفين وسينمائيين وإعلاميين من المغرب وإسبانيا.
وبهذه المناسبة، قالت السيدة ماريا أورتيغا كاستيلو، نائبة عمدة بلدية فيثنار بجهة غرناطة، “باسم بلدية فيثنار، أردت أن أكون هنا اليوم قبل كل شيء لدعم وتأكيد أهمية هذا النوع من المبادرات التي تُجسد أهمية الدبلوماسية الثقافية في سياق يسوده الكراهية والنزاعات والتهميش والعنصرية، وهي ظواهر نعيشها حالياً في عدة مناطق من إسبانيا.
وأضافت أورتيغا، التي تشغل أيضا منصب المستشارة المكلفة بالثقافة والتربية والمساواة بنفس البلدية، في تصريحها “أعتقد أن هذه، الندوة الصحافية والعرض الترويجي لفيلم طريق اليوم يعدان مثالاً واضحا على نوع المبادرات التي يجب أن يشارك فيها جميع الممثلين العموميين والمواطنين على حد سواء. من المهم جدا أن نكون هنا اليوم لنتحدث عن بناء جسور والتشارك في ثقافة هي في الواقع مشتركة بيننا بالفعل”.
وختمت تصريحها بالقول، “كان من المهم جدا اليوم أيضا التعرف على الرابطة المغربية للشباب ناشري الصحف، وعلى العمل البناء الذي تقوم به. لقد كان خطاب أعضائها مليئا بالود والتعاون، ومن المهم جدا أن نتعرف عليه ونعمل معا لتعزيز تلك الشبكات وتلك الجسور التي يجب علينا بناءها تدريجيا أرى أن هذا أمر أساسي”.
من جهتها أكدت السيدة ماريا كاسادو، مخرجة سينمائية إسبانية، على أهمية الدبلوماسية الفنية والثقافية والإعلامية بالقول، “تعتبر الدبلوماسية الثقافية واحدة من الأعمدة الأساسية في العلاقة بين إسبانيا والمغرب، حيث تنسج روابط من التفاهم المتبادل من خلال الفن والسينما والإبداع المشترك. في لحظة يصبح فيها الحوار بين الثقافات أكثر ضرورة من أي وقت مضى، تبرز السينما كلغة مشتركة تتجاوز الحدود”.
وأضافت الفاعلة الثقافية والسينمائية، أن “واحدا من الأمثلة الواضحة على هذا التعاون هو الفيلم الطويل “طريق”، وهو إنتاج مشترك بين إسبانيا والمغرب سيتم تصويره في مواقع من كلا البلدين، حيث يجمع بين مناظر من جنوب إسبانيا مع مشاهد طبيعية وتاريخية من جنوب المغرب. لا يمثل “طريق” فقط رهانا على السينما، بل هو أيضا التزام بالتنوع والهوية المشتركة والإرث المتوسطي الذي يجمع بين الضفتين”.
من حانبه، قال محمد فجري، رئيس الرابطة المغربية للشباب ناشري الصحف، خلال عرضه في الندوة الصحافية حول أدوار الدبلوماسية الثقافية والفنية والإعلامية في تجسير العلاقات بين البلدان المغرب وإسبانيا “نموذجا”، أنه “يمكن التأكيد من منطلق الحديث عن الدبلوماسية الناعمة أو الثقافية على أن كلا من المغرب وإسبانيا يتميزان على غرار باقي الدول الأخرى بتنوع ثقافي مهم، هذا التنوع يذوب داخل قناة واحدة أساسها التعايش والترابط المشترك والائتلاف وينفي الإقصاء والتهميش مما أكسب البلدين علاقات متنوعة على عدد من المستويات وأتاح فرصة للإنصات وللسماح بتقبل الآخر فالتاريخ والجغرافيا عوامل ساعدت على اندماج أكثر والبدان محتاجان لمثقفيهم وفنانيهم وإعلاميهم للاستثمار في المشترك وفي هذا التقارب”.
وأضاف السيد فجري، “فكما يوجد اليوم اتفاق على تنظيم مشترك لكأس العالم يمكن التوافق حول مواثيق ثقافية وفنية وإعلامية تشكل خارطة عمل ودليلا للتفاهم بين شعبي البلدين وكم أظهرت عدد من حوادث الطبيعة التي حدثت في البلدين والدعم المتبادل أنهما أقرب مما قد يعتقد البعض”.
وذكر رئيس الرابطة المغربية للشباب ناشري الصحف، أن “أهمية الدبلوماسية الثقافية والفنية والإعلامية يكتسي اليوم طابع الإلحاحية والأهمية فكم كبير من القضايا والتوترات العارضة لم تكن ليحدث لو استعنا بالقوة الناعمة عوض ترك الميدان بيد السياسيين وحدهم الساعين وراء الأصوات والكراسي أكثر من أي شيء آخر. فالأحداث مثل ما يقع اليوم في عدد من المدن الإسبانية ولو بشكل معزول لا يمكن فصله عن تصاعد الخطاب العنصري في الأشهر الأخيرة ما يستوجب بشكل مستعجل تقديم الدعم لضحاياه والتصدي لحملات وجرائم الكراهية هاته”.
واستطرد السيد محمد فجري، قائلا، “إن وسائل الإعلام كما المثقفين والفنانين والسينمائيين وغيرهم مطالبون بالقيام بأدوارهم فوسائل الإعلام مثلا يجب أن تقوم بأدوارها في التوعية والتحسيس للتأكيد على أن حادثا فرديا لا يمكن أن يستخدم كمبرر لإطلاق حملة إلكترونية محمومة، سرعان ما تحولت إلى اعتداءات ميدانية طالت مهاجرين من مختلف الألوان والجنسيات بينهم مغاربة وهنا يجب التركيز على خطورة التعميم في التغطية الإعلامية إذ ينبغي التعامل بحذر وموضوعية، والتمييز ما بين تصرفات الأفراد وتصرفات المجموعات أو الجاليات بشكل عام سواء أكانت مغربية أو غيرها من الجاليات المقيمة في هذا البلد المتسامح”.
وأضاف السيد محمد فجري، قائلا، “إن خطاب الكراهية والتحريض على العنف في الاتجاهين سواء صوب السكان الأصليين للبلد وأبنائه أو من المهاجرين النظاميين المقيمين ليس من مصلحة أحد لأن الهجرة اليوم ليست مقتصرة على بلد معين مهما بلغ من الغنى والتقدم فالهجرة حق ولا يجب أن يتحول هذا الحق إلى وسيلة للضغط والابتزاز وإلى رهاب للهجرة وأن تستعمل هاته الورقة في كل مرة لغايات سياسوية ضيقة فالمغرب مثلا اليوم من أكبر الدول التي تتحمل ضغط الهجرة والمهاجرين باعتباره دولة عبور نحو القارة الحلم وإسبانيا كذلك وغيرها غير أن المقاربة يجب أن تكون إنسانية وأحيانا قانونية وعبر التوعية والحوار عوض خطاب تحريضي لن يفيد أي طرف”.
وختم رئيس الرابطة المغربية للشباب ناشري الصحف، مداخلته بالقول، “اليوم وفي عصرنا الحالي في ظل التطور الرقمي، هناك حاجة ملحة إلى إنتاج وتطوير الوساطة الثقافية والاجتماعية والفنية والإعلامية، تحديدا في قضايا التفاعل الثقافي وحوار الحضارات والثقافات، وذلكم ما نحتاجه ويحتاجه العالم، لأجل تجذير ثقافة المحبة والحوار، دفاعا عن القضايا الوطنية العادلة”.
بدوره قال السيد أيمن رغايس، إعلامي ومنسق مشاريع الرابطة المغربية للشباب ناشري الصحف بإسبانيا، “نحن نؤمن بأن الفن والثقافة والإعلام المسؤول يمكن أن يكونوا الجسر الأقوى بين الشعبين المغربي والإسباني. وسنواصل في الرابطة المغربية للشباب ناشري الصحف العمل على هذا الجسر انطلاقا من دور الشباب والفنانين والصحافيين على هذا المستوى”.
وشدد السيد رغايس، في عرضه الذي حمل عنوان: “الدبلوماسية الثقافية والفنية تجارب دولية مقارنة”، “على أهمية تعزيز صورة المغرب الحقيقية والإيجابية والتبادل البناء بين الشعوب من خلال مشاريع فنية وثقافية مشتركة بين ضفتي المتوسط تساهم في الفهم الصحيح للمشترك والإرث الإنساني بين هاتين الدولتين العريقيتين في التاريخ”.
وركزت الندوة بشكل كبير على دور مجالات الإعلام والفن والثقافة في تعزيز الحوار والتفاهم والتبادل الفكري، إذ لا يخفي ما لأهمية الدبلوماسية الثقافية والفنية والإعلامية من أدوار كبيرة في تجسير التبادل الفكري بين البلدان، مما يساهم في تعزيز الابتكار والتنمية إلى جانب تعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة، مما يساهم في تقوية لغة التسامح والتفاهم المتبادل وتعزيز المستقبل المشترك.
وسعت هذه الندوة إلى أن تكون منصة لتبادل الرؤى والخبرات والتجارب حول الأدوار المتعددة للدبلوماسية الثقافية والفنية والإعلامية، ولتؤسس لتعاون مستدام يربط بين البلدين، ويخدم العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا، ومن خلالهما بين أوروبا والعالم العربي.