قبل التطرق لموضوع تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب بدون تفاوتات جهوية وتهميش. لاباس ان نقف عند مفهوم العدالة المجالية. تحقيقها واهميتها.
لمسايرة النمو الديمغرافي للساكنة المغربية وتوفير البنيات التحتية لجميع المناطق المغربية بدون تهميش، اعتمد المغرب سياسة الجهويّة واللاّمركزية سنة 2015 حيث تم تقسيم المملكةِ المغربيّة إلى 12 جهَة، بهدفُ تحقيق نوع من الاستقلالية لكُل جهَة مِن جهَات المَغرب .
من أهداف هذا التقسيم الجهوي نلخصه في :
تسهيل التسيير الإداري وتدبيير الشأن المحلي للجهات، واعتماد المبادرة المحلية في التنمية الاقتصادية، كما كان من أهداف هذا التقسيم إبراز الوحدة الثقافية والحضارية للمغرب وتسهيل إدارة الموارد المحلية للجهات.
للتذكير فأن مفهوم الجهة نربطه بظهير16يونيو 1971 الذي نظم كحل اقتصادي فرضته عوامل اقتصادية مرتبطة بالعجز في التنمية و الفوارق المجالية ،بالإضافة إلى دمقرطة المؤسسات الجهوية التي كانت تعرف اختلالات كرسها المستعمر ليخلق تناقضات وفوارق بين المغرب النافع والمغرب غير النافع .
تعتبر العدالة المجالية حق من حقوق الانسان لضمان العيش الكريم والحماية الاجتماعية للمواطن المغربي في ربوع المملكة المغربية بدون تمييز ولا تهميش.
العدالة المجالية تمنح الحق لكل مواطن مغربي الإستفادة من البنية التحتية العمومية ذات علاقة بحرية التنقل. التمدرس. الصحة. تقريب الادارة الترابية والانفتاح على معالم التطور التكنولوجي والتقني.
بما ان المغرب يعتبر من الدول العالمية التي نهجت سياسة الحماية الاجتماعية فلاباس ان نذكر ان مفهوم الجهوية يعتمد على التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في الخطابات الملكية .
ففي خطاب العرش لسنة 2011 يقول جلالة الملك محمد السادس نصره الله”مولين عناية قصوى في هذا المجال للجهة والجهوية التي نعتبرها خيارا استراتيجيا وليس مجرد بناء إداري ،وننظر أنها صرح ديمقراطي أساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية “ لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. المغرب محتاج لكل الطاقات والكفاءات المغربية سواء في المغرب أو مغاربة العالم مع تكثل كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين.
في هذا الصدد نجد أن مشروع قانون المالية للسنة المالية 2023 ركز على مجموعة من الإجراءات التي تهدف بشكل خاص إلى إنعاش الاقتصاد الوطني ومواصلة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي شرعت فيها المملكة.
الشق المتعلق بتكريس العدالة المجالية يمكن أن نلخصه في النقط التالية:
– توطيد الجهوية، لا كخيار دستوري وديمقراطي فقط، بل باعتمادها كبديل تنموي أيضا، وذلك للرفع من نجاعة السياسات العمومية والتقائيتها على المستوى الترابي، والتقليص من التفاوتات المجالية فيما يخص الاستثمارات، والولوج للخدمات العمومية الأساسية، وبالتالي انعكاس ذلك على التوزيع العادل للثروة بين الجهات؛
– مواصلة كافة الأوراش الكبرى لإصلاح الإدارة خاصة منها ما يتعلق بالحكامة الجيدة وتبسيط المساطر، والرقمنة، وكذا التسريع بتنزيل ورش اللاتمركز الإداري، بما يضمن تقريب الإدارة من المواطن والمقاولة، والرفع من مردودية المرافق العمومية ومن جودة خدماتها؛
– مواصلة التنزيل الفعلي لورش إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، لتمكينها من القيام بأدوارها في تحفيز الاستثمار الخاص، وتعزيز أثرها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهات؛
– تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، في مختلف مناحي الحياة العمومية.
السؤال المطروح هو هل فعلا نحن مستعدين كفاعلين سياسيين واقتصاديين ومجتمع مدني ان نعمل يد في يد لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية في ربوع المملكة المغربية بدون تفاوتات جهوية وتهميش؟؟.
بلغة الارقام لاباس ان نستانس بتقريرالمندوبية السامية للتخطيط المتعلق بتفاوتات في تراجع معدلات البطالة من المجال الحضري و المجال القروي.وحسب الجهات.
أعلنت المندوبية السامية للتخطيط عن تراجع معدلات البطالة خلال الفصل الثاني من سنة 2022 بنسب متفاوتة بين المجال الحضري والمجال القروي حيث انتقل :
من 12.8 في المائة إلى 11.2 في المائة على المستوى الوطني، ولكن مايجب الوقوف عليه هو تفاوت هذا التراجع بين المجال الحضري والمجال القروي.
في الوسط الحضري تراجع من 18,2 % إلى 15,5% ومن 4,8 % إلى 4,2 % في الوسط القروي الذي فقد 152 ألف منصب شغل، ما بين الفصل الثاني من سنة 2021 ونفس الفصل سنة 2022.
في حين عرف الوسط الحضري إحداث 285 ألف منصب شغل خلال نفس الفترة.
حسب نفس المذكرة للمندوبية السامية للتخطيط فإن هذا الانخفاض في معدل البطالة يتفاوت حسب الاعمار. القطاعات والجهات. والتي سنفسرها في الارقام التالية:
أعلى انخفاض سجل في صفوف الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 سنة وذلك بتراجعه من 20,9 % إلى18,7 % . عكس معدل التراجع لدى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة الذي انخفض من 30,8 % إلى 30,2% فقط اما الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة فمعدل البطالة تراجع ينسبة 30,2 % وحاملي الشهادات 18 %في والنساء ينسبة15,1%.
بخصوص الجهات فإن مذكرة المندوبية السامية للتخطيط اعلنت أن خمس جهات تضم قرابة سبعة عاطلين من بين عشرة أي 71,1 % من العاطلين على المستوى الوطني . تأتي جهة الدار البيضاء-سطات في المرتبة الأولى بنسبة 25,5% :
الرباط-سلا-القنيطرة بنسبة 12,8%
فاس-مكناس بنسبة 12,7 %
جهة الشرق بنسبة 10,8%
طنجة-تطوان-الحسيمة بنسبة 9.3%.
هذا و سجلت أعلى معدلات البطالة في الجهات الجنوبية بنسبة 20,9% وجهة الشرق 18.2%.
كل هذه المعطيات الصادرة عن مذكرة المندوبية السامية للتخطيط تجعلنا نستنتج أن معدل البطالة يتفاوت من جهة إلى أخرى وحسب الأجناس والاعمار خصوصا بين الوسط الحضري والوسط القروي الذي مازال يعيش تحت رحمة الامطار وفرص الشغل الموسمية.
يتبع..
* ادريس العاشري
محلل اقتصادي