Connect with us

على مسؤوليتي

دولة ولي العهد وشباب جماعة العدل والإحسان ورهانات البناء والتحرير

نشرت

في

* مراد بورجى
عندما كنت أتابع فعاليات الندوة الفكرية، التي نظمتها جماعة العدل والإحسان، أول أمس الأحد 8 دجنبر 2024، تحت عنوان: “الشباب ورهانات البناء والتحرير”، والتي حضرها العديد من الفاعلين والنشطاء السياسيين والمدنيين، وكنت خلالها أتأمل في ملامح العديد من الشباب العدليين وهم يعبّرون عن مواقفهم ومطالبهم وانتظاراتهم وتطلّعاتهم إلى مغرب جديد، تبادر إلى ذهني سؤال محوري: ما موقع هذه الندوة، التي نُظمت بمناسبة الذكرى 12 لرحيل عبد السلام ياسين المرشد المؤسس لجماعة العدل والإحسان، من المسار العام، الذي فتحته الجماعة بوثيقتها السياسية، التي طرحتها للنقاش العمومي يوم 6فبراير 2024، خصوصا بعدما ختم نائبُ الأمين العام للجماعة فتح الله أرسلان الندوة بالتأكيد على أن الحوار خيار استراتيجي، وأضاف: “الحوار والانفتاح والمذاكرة والتذاكر والنقاش في القضايا التي تجمعنا جميعا”؟.

لا أعتقد أنني سأكون مجانبا للصواب، إذا قلت إن هناك أشياء جديدة، تعتمل في أحشاء جماعة العدل والإحسان، كما لن أكون مبالغا إذا قلت أن لدي معرفة تمتد على أزيد من عقدين ونصف ببعض خصائص وخصوصيات الجماعة، التي تربطني علاقة وثيقة وطيبة بأغلب قادتها الشباب والشيوخ ومن بينهما، وأحرص باستمرار على تتبع أنشطتهم بالمواكبة الإعلامية وكذا الوجدانية، وتعرّفت على ما يبذلونه من اجتهادات سياسية وفكرية، وما يتحلّون به من أخلاق الانفتاح على الآخر، دون شروط مسبقة ودون أي عُقد ولا أحكام جاهزة، ولعلها من أولى الجماعات الإسلامية، التي بنت ودعت إلى بناء علاقات مثمرة مع مختلف الحساسيات اليسارية، بما في ذلك التي تناقضهم في معتقداتهم الدينية، فيجلسون معهم على الطاولة، لمدارسة الهمّ الأساس وهو بناء مغرب جديد، بأفق جديد.

لكل ذلك، وبالعودة إلى السؤال أعلاه، أعتقد أن هذه الندوة الفكرية حول “الشباب” تندرج في نفس المسار، وقد تعقبها ندوة أخرى حول “النساء”، لتعقبهما معا، في ما أظن وأقدّر، ندوة سياسية أكبر وأعمق، بمناسبة مرور سنة على إصدار “الوثيقة السياسية”، التي وجّهت رسائل واضحة للقصر الملكي بالدرجة الأولى، فيما تبعث اليوم برسالة جديدة تقول فيها، حسب تحليلي واعتقادي، إنها مستعدة للحوار، وإن شبابها مؤهّل ليحمل المشعل ويشارك في إعداد المرحلة المقبلة، التي يُعدّ لها القصر العُدّة.

كل هذا يُستشفّ من أرضية الندوة، من خلال بروز رؤية مغايرة، فيها توازن، وإعلاء لقيم الواقعية والعقلانية، ورصد للعديد من “التحديات والتحولات الراهنة والمتغيرات السلوكية والقيمية المتسارعة في العالم”، ولـ”صرخات” الشباب “الرافضة للإقصاء والاحتقار (الحݣرة) والمطالبة بالكرامة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان”، والتشديد على أن “تدبير المسألة الشبابية وغيرها من قضايا الأمة يستوجب وجود مشروع مجتمعي متكامل، وإرادة حقيقية للتغيير من أجل بناء وطن الحرية والكرامة”… وكل ذلك، بانفتاح على كل القراءات الممكنة، والمتعدّدة، وبتجاوز إيجابي لأي تفكير نمطي من زاوية “الفكر الوحيد” وأن “الذات” وحدها من تمتلك “الحقيقة”، التي لا يأتيها باطل لا من اليمين ولا من الشمال… إنها قراءات أخرى مغايرة، ترى أرضية ندوة الشباب لجماعة العدل والإحسان أنها (القراءات أو التصورات والمشاريع والبرامج ووجهات النظر) يجب أن “تكتسي طابع الواقعية والموضوعية وتشخّص أصل الداء؛ وتُبَصِّر بالتحديات والتحولات المجتمعية؛ وتُنتج الرؤى والأفكار والمداخل التغييرية؛ وتَفتح أفق الاستشراف”، من أجل “تكثيف فرص التقاء الشباب، واستدامة الحوار والنقاش بينهم، بغية التفكير الجماعي في سُبل بناء مغرب أفضل، يستجيب لتطلعاتهم لغد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”، وكذا البحث عن سبل بناء جبهة لمحاربة الإقصاء الممنهج الذي تبديه الأحزاب السياسية اتجاههم.

هذا التوجّه والنمط الجديد من التفكير داخل الجماعة، مع مجموع الإشارات الصادرة أول أمس من بيت “المرشد المؤسس” لأكبر جماعة إسلامية منظمة في المغرب، يفترض أن تدشّن معه الدولة فتح حوار هادئ وعقلاني وسياسي،في ظرفية دقيقة ومرحلة مفصلية من تاريخ المغرب.

وأعتقد أن جزءا كبيراً من التفاعل مع هذا المسار نجده في توجّهات الوثيقة السياسية نفسها، التي طرحتها “العدل والإحسان”، والتي تتقاطع، إيجابيا، مع “إشارات” الملك محمد السادس، قبل خمس سنوات (يوليوز 2019)، عبر مستشاريْه عبد اللطيف المنوني وعمر عزيمان، اللذين أكدا أن المغرب يتجه نحو “الملكية البرلمانية”.

الحديث عن هذا المسار يدفعنا، بالضرورة، إلى معاودة تفحّص الوثيقة السياسية، التي أعتقد أنه يمكن اعتبارها مبادرة حركية إسلامية للإجابة على الدعوات الملكية الملحّة إلى تجاوز أعطاب الممارسة الحزبية السائدة، وإلى تحقيق التأهيل التنظيمي والسياسي المنشود الكفيل بالاستجابة لتحديات ومتطلبات الأجندة التنموية المجتمعية الوطنية، وهو ما يتقاطع أيضا مع “الوثيقة السياسية”، التي تكثّف رؤية جماعة العدل والإحسان للإصلاح السياسي الشامل، وهذا تحوّل نوعي في الممارسة السياسية للجماعة، إذ تجاوزت أفق “القومة”، كما أسمتها أدبيات المرشد الراحل عبد السلام ياسين، بمرادفها “الثورة”، حسب أدبيات مختلف شتات اليسار، تجاوز إيجابي يعكس خاصية “الاجتهاد”، الذي بات يسم أدبيات الجماعة، وإيمانها بالتطوّر والتغيير، وضمنهما أفق الانتقال إلى منطق “الإصلاح”، الذي مهما كان جذريا سيبقى في إطار النظام القائم، بدل “القومة” .

وهذا ما نلاحظه في تلاقي “الوثيقة السياسية” مع توجّهات الملك الإصلاحية، ويمكن العودة إلى مقالاتي السابقة، التي استعرضت فيها بعض أبواب وفصول الإصلاح لدى الجالس على العرش، من خلال خطبه ورسائله، فضلا عن بلاغات القصر، سنجد أنها هي نفسها، خارج التفاصيل واللغة والتعبير والمقال والمقام، تطرحها الوثيقة السياسية كـ”مداخل” للإصلاح في مواجهة “مخارج” الفساد والاستبداد.

لنأخذ، مثلا، المواقف التي عبّرت عنها الوثيقة في انتقاد الأحزاب ومطالبتها بالتأهيل، سنجدها مواقف ممثلة ومتقاطعة مع التوجهات الملكية، فجماعة العدل والإحسان ترى أن الأحزاب تتنافس على هامش السلطة، ومن أجل أن تكون قريبة من السلطة، بهدف الاستفادة من الريع ومصالح معينة، والجماعة، لذلك، تطالب بممارسة السياسة بشكل مغاير، قوامه التخليق والصِّدْقية والعقلنة، إذ “لا يمكن تصور عمل ديمقراطي دون عمل حزبي”، يكفل المساهمة في بناء دولة “عصرية عادلة منضبطة للتعاقد الدستوري المنبثق عن الإرادة الشعبية”، وهي بالتالي، حسب مقدّمي الوثيقة السياسية إلى الرأي العام الوطني والدولي، دولة “مدنية بكل ما يعنيه ذلك من بُعد عن طبيعة الدول التيوقراطية والعسكرية والبوليسية”، وأن السبب الأساسي وراء تفشّي الرشوة والفساد لدى المستشارين الجماعيين والبرلمانيين هو غياب التنافس الحقيقي على السلطة، وعلى الأفكار والبرامج السياسية، مما يفتح الباب أمام سيادة الانتهازية والزبونية والمصالح الشخصية الضيقة.

واللافت، هنا، أن “رؤية” الجماعة للوضع السياسي الراهن تُميّز بين العمل الدعوي والعمل السياسي، إذ لا مجال للاشتغال في العمل السياسي، حسب مقدّمي الوثيقة دائما، بأدوات العمل الدعوي، والعكس صحيح… فالسياسة يكون فيها “المكر والخديعة”، وفي حلبتها يظهر مبدأ “التوافق”، كشكل من أشكال “التعاقد”، في توسّل “التغيير الديمقراطي”، بعيدا عن “الفرض” و”العنف”، وإنما بوسائل سياسية تأخذ بالاعتبار، من جهة، أن “التغيير فيه التدرج وليس فوريا بمنطق كن فيكون”، وأن “الانتقال والتحوّل والتغيير مسار طويل، وفيه تضحيات”، وتقتضي، من جهة ثانية، اعتماد “التنازل المتبادل”، مثلما قال محمد باسك منار، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة، وشرح ذلك بالقول: “أتنازل في خطابي وبعض مواقفي، والآخر كذلك ومثال، ونقترب من بعض”، وهذا البعض هو الآخر، الذي قد يكون جماعة أخرى أو حزبا أو جمعية أو رئيس دولة، أي “الاقتراب من الملك”، أي أن الجماعة ليس لها أي مشكل مع شكل النظام السياسي، ملكي أو جمهوري، إذ تشدّد على أن ما يهمها هو جوهر النظام السياسي، أن تتوفر فيه القواعد، التي يتأسس عليها أي نظام ديمقراطي، يعتمد “التدافع السياسي”، على قاعدة “التداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة ومنتظمة وفعالة”، و”خضوع مسؤوليها للمحاسبة والمساءلة، بغض النظر عن مكانتهمالسياسية ومواقعهم الاجتماعية”، وبكلمة: تحرير البلاد من الفساد والاستبداد.

وأعتقد أنه غني عن البيان أن هذه مواقف والدعوات نكاد نجدها تتطابق أحيانا حتى في لغتها مع التوجيهات والإشارات والانتقادات، التي يوجّهها الجالس على العرش إلى الأحزاب، ودعواته إلى التأهيل السياسي للانخراط الإيجابي والفاعل في تدبير الشأن العمومي، وفي تفعيل وإعمال المبدأ الدستوري، الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة… إنها دعوة ملكية لتحرير البلاد من الفاسدين والمفسدين بتأمين عدم إفلاتهم من العقاب…

هل يمكن القول، بعد كل هذا وذاك، إن مساحات “المشترك” باتت تظهر وتتوطّد وتتّسع؟ للإجابة، نذكّر بمبادرة العفو الملكي النوعي والمتقدّم، الذي طبع الاحتفال بعيد العرش “الفضّي” (مرور 25 سنة من حكم الملك محمد السادس)، فقد شمل هذا العفو صحافيين ومدونين وعدد كبير من النشطاء المدنيين والسياسيين ومناهضي التطبيع، يتصدّرهم أعضاء جماعة العدل والإحسان، التي ثمّنت، بالمناسبة، مبادرة العفو الملكي، ودعت إلى “تبييض السجون”، وإلى “إجراء حوار ومصالحة وطنية واسعة”…أليس “العفو” و”تثمين العفو” خُطوتيْن قد تكونان جسرا للعبور نحو “مصالحة وطنية شاملة” تؤشّر إلى إرادة المغاربة، كل المغاربة، في العيش المشترك في مغرب يسع الجميع؟.

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

مصطفى المانوزي: أقاوم حتى لا يتحول الشَطَط إلى استبداد

نشرت

في

أعتذر عن النفس الشخصي الذي بمقتضاه أعيد صياغة نقدي الذاتي ؛ ففي ظلال حلول عيد ميلادي السادس والستين، لن أحتفي بالزمن بوصفه مجرد تقويم بيولوجي، بل كرصيد من التأمل النقدي في جدوى السيرورة، وعدالة المعنى، ومآلات الانتظار.

لقد بلغت سنًّا لا أبحث فيه عن جواب، بل أتحرى عمق السؤال. وأدركت أن “التعفن”، حين يستفحل في البنية الرمزية للنظام السياسي والاجتماعي، لا يقتل فقط الحياة، بل يعمّي البصيرة، ويُعدم التدرج الأخلاقي والمعرفي.

*الجملة المفتاحية: مرآة لسردية الانهيار الرمزي
“بسبب التعفن، يتساوى العَمَش مع العَمَى، كما يتحول الشطط إلى استبداد.”
ليست هذه مجرد استعارة. إنها بلاغة تحليلية تؤسس لسردية نقدية، تكشف كيف تُطمر الفروق الدقيقة في لحظة فساد المنظومات، وكيف يُعاد ترتيب الخطأ ليُغلف كضرورة، والانحراف ليُسوَّق كحكمة واقعية.
التأويل السيميائي: من الخلل النسبي إلى الانهيار الكلي.

1. العمش والعمى:
في زمن ما قبل التعفن، يمكن للتمييز بين النقص والبُعد أن يؤطر الفعل والنقد. أما بعده، فلا فرق بين من يرى غبشًا ومن فقد الرؤية كليًا، لأن النسق يُعيد تعريف الخلل بوصفه قاعدة.

2. الشطط والاستبداد:
حين يُترك الشطط بدون مقاومة أخلاقية أو مؤسساتية، يتجذر كعرف، ثم كشرعية، ثم كأداة للحكم. هكذا يولد الاستبداد من رحم التساهل مع الانحراف.

*السياق المغربي الراهن: من الرمزية إلى الواقعة
حين تُهدم معالم المدينة القديمة باسم التنمية،
وتُمحى الفوارق بين “المصلحة العامة” و”السطو على المجال”،
ويتحول النقد إلى جرم، والمشاركة إلى تهديد،
نكون أمام لحظة بلاغية/واقعية يتساوى فيها العَمَش بالعمى، ويتحول الشَطَط إلى استبداد.

إنه زمن سيولة المفاهيم، وتدجين الإرادة، وتعويم الانحراف.

بل زمن “إنتاج الشرعية من ركام الاستثناء”، حيث لا يبقى للشعب سوى أن “يرى ولا يرى”، أن “يُشارك دون أن يُحسب”، وأن “يُقرر ضمن شروط لا تسمح بالقرار”.

في الحاجة إلى سردية بديلة: من التشخيص إلى التأسيس
ما العمل إذن؟
إعادة تفكيك اللغة السائدة، وتحرير المعنى من تواطؤاته الرمزية.

الدفاع عن التمييز الضروري بين النقص والكارثة، بين التجاوز والخيانة، بين السلطة والمشروعية.

الانطلاق من ذاكرة النقد نحو أفق العدالة التوقعية، ليس بوصفها جبرًا للماضي، بل كــتحصين مستقبلي من تكرار الخراب.

* خاتمة في عيد الميلاد
عند ستة وستين عامًا، لا أملك ترف التفاؤل الساذج، ولا ترف التشاؤم العبثي.

لكني ما زلت أومن أن التفكير النقدي التوقعي ليس ترفًا فكريًا، بل فعل مقاومة ضد التعفن، وضد ذلك الانزلاق الذي يُسوّي العمش بالعمى، ويُجمّل الاستبداد بطلاء الشرعية.

ولذلك سأواصل المقاومة حتى لا يستفحل التعسف تحكمه وإستبدادا !

* مصطفى المنوزي
منسق ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

محمد الطالبي : وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة

نشرت

في

في البدء كانت الكلمة.
ومنذ تلك اللحظة، لم يكن الكون صامتاً أبداً. كانت الكلمة فعلاً خلاقاً، وكانت الحرية شرط وجودها. فليس ثمة معنى لكلمة تُولَد في القيد، ولا فائدة من صوتٍ لا يُسمع إلا بإذن.

*الكلمة التي لا تملك حق التحرك، لا تملك القدرة على التغيير.
الحرية ليست ترفاً ثقافياً، ولا موهبة سياسية تُمنح وقت الرخاء وتُسحب ساعة الغضب ولا مرتبطة بتغير عقارب الساعة اثناء تيهانها ، إنها الأصل الأول في الوجود الإنساني، وقلبُ الفعل الإعلامي.

الحرية هي ما يجعل من الصحافة سلطة رقابية حقيقية، لا تابعة. وهي ما يمنح الكاتبة والكاتب شرعية السؤال، والمواطن حق المعرفة، والمجتمع مناعة ضد الكذب والتضليل.

لكن يبدو أن هناك من لم يهضم بعد هذه الحقيقة. وان العهد الجديد وتوجهاته وتاطيره ربما ما زال البعض لم يهضمه ويتمثله في مسلكياته، فهناك من يتربص بالكلمة، وينظر إلى حرية الصحافة كخطر يجب تحييده، لا كأداة لبناء مجتمع واعٍ ومتين.

وهناك من يحاول – في صمت ماكر – أن يُعيد تشكيل المشهد المغربي ليصبح أكثر انضباطاً، لا بمعايير المهنية، بل بمعايير الولاء، والصمت، والاصطفاف.

في الأفق حديث “سري” لكنه يتسلل إلى العلن، عن تقنين التعبير، وضبط الكلام، وتقييد النشر، ومراقبة ما يُقال، ومن قاله، ولمن قاله.

هناك حديث لا عن من يمثل اصحاب وصاحبات الكلمة بقدر ما يُمثل عليهم.
حديث لا يُكتب بالحبر بل بالمقص، وعن “قوانين جديدة” تُفصّل لتمنح الشرعية للمراقبة، وتُشرعن التهديد، وتُدخلنا في عهد جديد عنوانه: الإعلام بلا روح.

لكننا نعلم – من تجارب الشعوب – أن القوانين حين تفقد صلتها بالعدالة، تتحول إلى أدوات للقمع.
وأن القانون بلا حرية، يشبه الجسد بلا روح، والدستور بلا احترام، لا قيمة له.

لا أحد فوق الدستور، ولا أحد تحته. الدستور ليس جداراً يُعلّق عليه الخطاب الرسمي، بل عقد اجتماعي يحفظ كرامة الأفراد ويصون حرياتهم.

وإن فقد الدستور وظيفته، فإن باقي القوانين تصبح بلا معنى وتفقد بعدها الأخلاقي.
المتسلطون ليسوا دائماً من يرفعون الهراوة، بل غالباً من يبتسمون وهم يكتبون تقارير …، ويرتبون جلسات التأديب، ويضعون الكلمة تحت المجهر.

أعداء الحرية يلبسون ثياب المسؤولية، يتحدثون باسمنا الجمعي ، ويقدمون أنفسهم كحماة لنا حتى من انفسنا .

لكن الحقيقة أن أكثر ما يهددنا هو الخوف.
الخوف من السؤال، الخوف من النقد، الخوف من الإعلام الحر، الخوف من مواطن لا يُصفق، بل يُفكر.

الحرية لا تخيف الدولة بل بعض من الجهات التي لا تؤمن بقوتها. بل تخيف فقط من يعرف في قرارة نفسه انه لا ينتمي الى عهدنا الجديد .

ولهذا، فإن معاداة حرية التعبير ليست مؤشراً على القوة، بل على الرعب من الانكشاف.
ألم نرَ كيف يُصنع “مجلس” لتمثيل الإعلاميين، ثم يُفرغ من روحه ليتحول إلى جهاز وصاية؟
هذه حكاية سنمار تتكرر كل مرة .

لكن من يقرأ التاريخ جيداً يعرف أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وأن الصحافة، كلما خُنقت، خرجت من ثقب آخر أكثر جرأةً ووضوحاً.

قد يقال: هذا كلام مثالي. لا يراعي “الواقع”، ولا يفهم “التوازنات”.
لكننا لسنا دعاة فوضى. نحن فقط نعرف أن السكوت لا يصنع حقيقة ، وأن الرأي الواحد لا يبني مجتمعاً، وأن المواطن الذي لا يعرف، لا يستطيع أن يختار، ولا أن يشارك، ولا أن يدافع عن نفسه.
الحرية ليست اختياراً، بل شرط حياة.

هي التي تبني العقول، وتحمي الدولة من الغرق في مستنقع التزلف والتضليل.
الإعلام ليس عدواً للدولة، بل صمام أمانها.

وحين يُخنق الإعلام، وتُربط الكلمة، تُفتح أبواب أخرى للخوف، وللإشاعة، وللشعبوية، وللانفجار الصامت.

*في البدء كانت الكلمة، وفي النهاية لا يصمد إلا الأحرار.
من تَحكَّم في الكلمة لحظةً، لن يستطيع أن يكبح جموح الزمن، ولا أن يُوقف صوت شعبٍ وُلد ليقول، لا ليُصفّق.

الكلمة الحرة لا تموت. حتى إن خُنِقت، تولد من جديد في أول صرخة، وأول منشور، وأول مقال يكتبه صحفيٌّ لا يخاف، ولا يبيع صوته .

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

د.عبد الرزاق مساعد يكتب عن الأعطاب الجنسية عند الرجل

نشرت

في

بواسطة

“الاستيهام والخيال، ضروريان لإتمام العملية الجنسية”: و بالتالي، فإن المرأة و الرجل اللذين لم يمارسا الاستمناء في فترة المراهقة، سيتعرضان حتما، لاضطرابات جنسية تظهر على علاقاتهم الجنسية، مع شركاءهم أو العكس.

الشيء الذي يجب ان نعرفه، هو أن أكثر من خمسين في المائة من الرجال، يصابون بالفشل الجنسي في فترة من حياتهم ، هناك من يستطيع أن يعرف كيفية التعامل، مع الفشل او العطب الجنسي الذي أصيب به. وعندما أقول أن عددا كبيرا من الرجال استطاعوا تجاوز فشلهم الجنسي، بتبسيط المشكل، فبالمقابل، هناك أشخاص عند حدوث الفشل او العطب الجنسي، يشعرون بإحباط شديد و كأن حياتهم انقلبت رأسا على عقب، و بالتالي يصبحون أشخاصا خائفين من الممارسة الجنسية و هذا هو الاحساس الذي يجعلهم يسقطون في فخ العجز الجنسي في النهاية.

فعندما يصاب الرجل بالفشل الجنسي ويقتنع أنه لن يعود الى حالته الطبيعية، يتهرب من الممارسة الجنسية بتقديم أعذار : كأن يقول لزوجته تارة أنا مريض و تارة يدخل منزله متأخرا حتى تنام زوجته أو يدخل لبيته مبكرا ويخلد للنوم قبل الجميع ، لكن عندما يضطر للقيام بالواجب الزوجي أو يمارس الجنس مع زوجته تلبية لرغبتها ، يذهب للمارسة منهزما لأنه يقول لنفسه “عندك ماتدير والو” وهكذا يستحضر الخوف و يقع الفشل. للأسف هذا هو واقع الحال عند العديد من الرجال ، بحيث أن الخوف يقلص من حجم الشرايين بفعل “هرمونات الخوف”. و في هاته الحالة، تزداد نبضات القلب و يرتفع الضغط الدموي ويصاب بالعرق ، وبالتالي يقع فقدان أو عدم الانتصاب، لأن الانتصاب يحتاج الى تمدد الشراين، لتصبح أوسع مما هي عليه، مع ارتفاع الصبيب الذي يصل إلى عشرين مرة أكثر من العادي.

الشئ الثاني، هو ان الفشل الجنسي، يغير من سلوك الرجل و يصبح له سلوك مغاير أثناء العلاقة الجنسية، بحيث لايقاسم شريكته المداعبة، بل يستعمل جسدها لكي يخلق الانتصاب ، فيصبح تركيزه أثناء الممارسة على قضيبه، وبالتالي يوجه تفكيره نحو قضيبه، هل سينتصب ام لا؟ في الوقت الذي كان عليه ان يداعب شريكته.

هذه العينة من الرجال، يصبح تفكيرها منصبا فقط، على القضيب طوال الوقت، أثناء العمل، خلال تناول الطعام ، و في كل وقت إلى أن يسقط في فخ العجز الدائم، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على العلاقة الزوجية، و بالتالي، فمن الطبيعي أن يدفع مثل هذا السلوك، الكثير من الزوجات إلى التعبير صراحة عن تضايقهن من هكذا وضع.

هذا الامر، يتعلق أكثر بشخصية كل رجل، و بشكل خاص، عندما تكون شخصية الرجل ضعيفة، فحتما لن يحسن المعاملة مع الخوف وعندئذ، يقول مع نفسه:” أنا غير قادر على واجبي الزوجي، و ربما ستذهب زوجتي عند رجال اخرين باحثة عن ما يلبي رغبتها الجنسية”، و هو الأمر الذي سيؤثر حتما على نفسيته. وهنا افتح قوسا لأقول:” أن الحياة الزوجية ليست جنس فقط ، هي أخذ وعطاء، تبادل الحب والحنان و مؤازرة الاخر، و الجنس يتوج كل هاته الأشياء”.

لكن للأسف، فإن بعض النساء، يدهبن عكس دلك، بحيث يسيطر عليهن الشك، و يتجه تفكيرهن، نحو تبرير تصرف أزواجهن، بوجود علاقات جنسية خارج إطار الزوجية، الشيء الذي سيضاعف لا محالة المشكل عند الزوج، حيث يصبح مضطرا للقيام بالعملية الجنسية تفاديا للمشاكل بينه و بين زوجته، فيصاحب هذا الاضطرار الخوف من عدم إتمام العملية الجنسية وهذا يؤدي بهذه الأخيرة الى الفشل و هذا يأتي بطبيعة الحال كرد سلبي للزوجة.

ماذا يمكن ان نقول للزوجة، التي أصيب زوجها بفشل أو عطب جنسي. يجب على المرأة أن تساعد زوجها عند شعوره بالفشل و العطب الجنسي وأن يكون سلوكها إيجابيا وليس سلبيا وأن تخفف من معاناته : كأن تقول له مثلا :” هذا شيء عادي و سنتجاوزه و أن الطبيب المختص قادر على أن يرجعك الى حالتك الطبيعية” أو ما شابه دلك، لأن الرجل عندما يصاب بفشل جنسي فانه يشعر بإحباط كبير، ربما يكون السبب المباشر في إصابته بالعجز الدائم.

زيارة الطبيب طبعا ضرورية، إن لم يحسن الرجل معاملته مع المشكل. لأننا لاحظنا في أغلب الأحيان الرجال المصابون بفشل جنسي، لايزورون الطبيب مباشرة بعد الإصابة، إنما ينتظرون سنة بعد سنة لعل المشكل يتم تجاوزه بشكل تلقائي، وهذا خطأ والمرأة للأسف، هي الاخرى لاتشجع الزوج على زيارة الطبيب وهكذا يتضاعف المشكل ويكبر الى ما لا تحمد عقباه، حيث يتم زيارة الطبيب بعد تفاقم المشكل العلاقاتي و يصبح الزواج مهددا بالطلاق.

من بين أسباب تطور مثل هده المشاكل الزوجية، عدم وجود الحوار والتواصل بين الزوجين، حول هذا الموضوع بالضبط و كذلك عدم زيارة الطبيب عند غياب الحوار. فغياب الحوار، يعتبر سببا واضحا في تطور مشكل الفشل الجنسي وهنا أعود الى شخصية الرجل و المرأة و من له الجرأة للحديث في الموضوع وبدون حرج للوصول الى حل ايجابي ، أما الصمت فمن الواضح أن نتائجه حتما ستكون سلبية.

* الدكتور عبد الرزاق مساعيد..أخصائي في المشاكل الجنسية

أكمل القراءة
منوعات منذ 56 دقيقة

منال بنشليخة تطلق تحديا جديدا وتوزع 10 تذاكر مجانية لحفلها بأكادير”الصورة”

سياسة منذ ساعتين

333 نائبا برلمانيا يغيبون عن جلسة المصادقة على قانون المسطرة الجنائية

مجتمع منذ 3 ساعات

التهريب الدولي للمخدرات يقود لتوقيف مسافرين كنديين بمطار البيضاء

دولي منذ 4 ساعات

الولايات المتحدة تنسحب من منظمة اليونسكو

رياضة منذ 5 ساعات

المنتخب النسوي ينهي التحضير لموقعة نصف نهائي الكان

اقتصاد منذ 6 ساعات

أسعار النفط تواصل الانخفاض لليوم الثاني على التوالي

اقتصاد منذ 7 ساعات

سوطيما تستحوذ على أغلبية رأسمال شركة سولوديا المغرب

منوعات منذ 8 ساعات

الداخلة تحتضن تصوير فيلم “الأوديسة” للمخرج كريستوفر نولان

منوعات منذ 9 ساعات

اليوم الثلاثاء هو أقصر الأيام في تاريخ البشرية!

سياسة منذ 10 ساعات

المصادقة على قانون المجلس الوطني للصحافة

دولي منذ 11 ساعة

غزة: مقتل 15 فلسطينيا في قصف إسرائيلي

واجهة منذ 12 ساعة

طقس الثلاثاء.. ارتفاع درجات الحرارة ونزول قطرات مطرية

منوعات منذ 24 ساعة

بعد خبر طلاقهما.. فاطمة الزهراء لحرش توجه رسائل مشفرة

رياضة منذ يوم واحد

رئيس”الفيفا” يحلّ بتغازوت لقضاء عطلة قصيرة رفقة عائلته

منوعات منذ يوم واحد

أيمن السرحاني يحصد 3 ملايين مشاهدة بـ”ضرني راسي”

رياضة منذ يوم واحد

الهلال “ينسحب” من السوبر السعودي لهذا السبب

مجتمع منذ يوم واحد

أمن طاطا يحبط محاولة تهريب 600 كلغ من مخدر الشيرا

تكنولوجيا منذ يوم واحد

مايكروسوفت “تستثمر في براز البشر” لمواجهة تغير المناخ!

اقتصاد منذ يوم واحد

المغرب يقترب من تحقيق هدف إنتاج مليون سيارة سنويا

تكنولوجيا منذ يوم واحد

78 % من المغاربة يحصلون على أخبارهم عبر الإنترنت

إعلان

الاكثر مشاهدة