على مسؤوليتي
محمد امهيدية “الوالي العمدة”.. هل تأخذ الأغلبية العبرة من قرار الملك بـ”الإقالة”
– “طْلبها الوالي”… – “قررها الوالي”… هذه من العبارات، التي أصبحت العمدة نبيلة الرميلي تصدّ بها أعضاء مكتبها، وكذا المجلس الجماعي لمدينة الدارالبيضاء برمته، في غياب مؤسسة العمدة، التي أصبحت شبه منعدمة، منذ أن اتخذ الملك محمد السادس قرار “فضح” الوالي السابق سعيد احميدوش ومعه العمدة نبيلة الرميلي، بتعيينه للوالي محمد امهيدية.
“إقالة” العمدة نبيلة الرميلي من منصبها أصبح ضرورة ملحة بسبب ما أضحت تتعرض له أحزاب الأغلبية من “ذلّ” يومي، بعد أن “أعدمت” هذه السيدة ومعها زوجها توفيق كميل مؤسسة العمدة، فسقطا في ما جاء به خطاب العرش لسنة 2017، حين قال الملك محمد السادس مستنكراً “عندما يقوم مسؤول بتوقيف أو تعطيل مشروع تنموي أو اجتماعي، لحسابات سياسية أو شخصية، فهذا ليس فقط إخلالا بالواجب، وإنما هو خيانة، لأنه يضرّ بمصالح المواطنين، ويحرمهم من حقوقهم المشروعة”.
منطوق الخطاب الملكي يفتح الباب أمام رصد لائحة للمسؤولين المعنيين بالتخوين، وضمنهم “خائن” آخر للوطن وهو محمد بوسعيد، الذي سبق أن “طرده” الملك محمد السادس من وزارة المالية، بعد أن أخلّ بواجبه، فإذا بعزيز أخنوش يهمل إهمالا قرار الجالس على العرش ويتركه وراء ظهره وهو يستقبل بوسعيد بالأحضان وكأنه قادم على التو من حج بيت الله الحرام، فيعيّنه منسقا جهويا لحزب التجمع الوطني للأحرار بجهة الدارالبيضاء سطات، ما أن تسلّم مهمة التنسيق حتى شرع يتآمر في انقلاب على إرادة الناخبين البيضاويين، حيث حصول حزبه الأحرار على المرتبة الأولى، يُلزمه بتسيير جهة الدار البيضاء بناءا على الفصل 143 من الدستور المغربي الذي بوّأ مؤسسة الجهة موقع الصدارة، ثم يأتي بعدها المجلس الجماعي، فمجالس الأقاليم والعمالات، إلًا أن المنسق “المطرود” محمد بوسعيد، لم يكن وطنياً بما يكفي ليفكّر في الأجيال القادمة، لأن سقف فكره “انتهازي” لا يتعدى الانتخابات القادمة، التف على الدستور المغربي، الذي يعتبر وثيقة تعاقدية بين الشعب وممثليه، وفضّل العمودية على الجهة، فتنازل عنها ليشغلها حزب الاستقلال دون غيرها كحزب بئيس، وجاء بنبيلة الرميلي من “العدم” ليرهن بها مصير ومستقبل الدارالبيضاء، فيما توفيق كميل، رئيس فريق الحزب وقتها، كان قد “أوقع” برئيس الحكومة عزيز أخنوش في شراك “حبائله” بخداعه له، حينما جاء بزوجته نبيلة الرميلي ليقدمها له، وتكلم له عن “كفاءاتها العالية”، التي “أسقطتها” من وزارة الصحة بعد أن قرر الملك إبعادها، بمبرر عدم قدرتها على الجمع بين الوزارة والعمودية، فيما تؤكد أعمال الوالي محمد امهيدية، خلال فترة محدودة لا تتعدّى عشرة أشهر، أن المشكل يكمن في التدبير، ما يعني أن السيدة العمدة فشلت في كل شيء.
مناسبة العودة للكلام على كوبل الدارالبيضاء، هي الحرب المستعرة حاليا بين المنتخبين، التي أشعلها التسابق على صرف ما تبقّى من الميزانية، حتى لا تعتبر فائضا فتخصمه وزارة الداخلية من مخصص المقاطعات للسنة المالية 2025، ولذلك، فإن الصراعات الضارية والدائرة حاليا بين مستشاري جماعة الدارالبيضاء لصرف ميزانيات المقاطعات، أفضى إلى نتائج وخيمة وسيئة، لأن هذا الصرف والتصرف لا يأخذ بالاعتبار مشاريع الوالي الذي يلهث وراء أوراش التنمية فيما رؤساء ومستشارون يتسابقون لصرف هذه الأموال في الحفلات وفي تظاهرات لا يهمهم منها غير “الصرف” حتى آخر سنتيم!
حرب الصرف “غير الصحي” جعلت مستشارين يتهافتون وراء العمدة قبل التقرير الرسمي في الميزانية، التي تُوزّع إما بشحّ وإما بسخاء، حسب “قرب” مسؤولي المقاطعات من الكوبل الحاكم، خصوصا أن العمدة وزوجها بمجرّد عودتهما من شواطئ إسبانيا، استعرت حرب التخطيط المتعلق بحصص المقاطعات للسنة المقبلة، خوفا من توزيع “مُسبق” يكون تقرر وحُسم فيه خلال استجمام الكوبل الحاكم بإسبانيا، وسيُحال لـ”تقرّر” أغلبيتها فيه بالمكتب، إلزاما بداية شهر شتنبر الجاري، من أجل أن تحيله على اللجان الدائمة التي تتدارس الميزانية، ابتداء من أواسط الشهر، لتتمكن من عرضها، خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر المقبل، ليصادق المجلس على الميزانية، التي تُحدِد سلفا مخصص هذه المقاطعات، فيبقى للوالي مهمة التأشير عليها فقط.
فتح ورش الميزانية مسألة أساسية بالنسبة للوالي الجديد الذي تم تعيينه يوم 19 أكتوبر 2023، كانت قد فاتته مرحلة دراسة ميزانية السنة الحالية، ولهذا فميزانية السنة المقبلة لابد أن تحمل بصمته، كي تستجيب للمتطلّبات المالية والإدارية واللوجستية للدفع قُدما بالمشاريع المبرمجة بنفس السرعة التي اشتغل بها منذ تعيينه، وهذا العمل المهم جدا كان يتطلّب وجود العمدة في قلب الدارالبيضاء، لأن التحديات والرهانات التي رفعها الملك محمد السادس لحاضر ومستقبل الدارالبيضاء، في الغد المنظور، كانت تتطلّب عمدة تكون في مستوى اللحظة، قادرة على موازاة السرعة المحسوبة، التي تطبع عمل محمد امهيدية، المسؤول الأول عن التدبير الترابي لولاية الدارالبيضاء سطات، عوض أن يجد نفسه وحيدا في المعمعة، أمام الأوراش المتعثّرة منذ تولّيها العموديّة قبل ثلاثة سنوات، التي تدخّل فيها وأعاد بعضها إلى سكّة الإنجاز، مع حرص ميداني على تتبّعه لمجموعة من الأوراش التي فتحها، مع الاطلاع المنتظم على مسارات تقدم الأشغال فيها والتزام الشركات المنفذة بدفاتر التحملات… والعمل والاجتهاد لإقرار حلول مبتكرة تكون فعّالة، وتنزيل مخططات إخراج العديد من الأوراش العقارية من حالة الانسداد، التي فُرضت عليها عن سابق قصد وترصد خلال عهد الوالي السابق سعيد احميدوش، فيما الوالي الجديد، خلافا لسلفه، الذي كان باب مكتبه مقفلاً، فلم يحصد غير الطرد الملكي، قلتُ فيما الوالي الجديد شرع يشتغل، منذ البداية، بإرادة تشاركية، في محاولة لإشراك كل الجهات، كل حسب موقعها، في النهوض الجماعي بكل أوراش العاصمة الاقتصادية، مع فتح خط موصول مع المنعشين العقاريين، باللقاء معهم والاستماع إليهم بانفتاح كبير على كل المقترحات الإيجابية، التي من شأنها إقرار تدابير إدارية وعملية لتفادي تكرار توقّف أشغال البناء في مشاريع عقارية، إلى درجة أن الدارالبيضاء أصبحت تحمل أكبر عدد من منازعات المنعشين العقاريين مع السلطة والجماعة.
غير أن الوالي “فين” والعمدة “فين”! سعادة العمدة ركلت وراءها كل هواجس الوالي، وقبله انتظارات الملك نفسه، وانتعشت وأنعشت نفسها وروحها ومعها زوجها بنسائم البحر في رمال الشواطئ الإسبانية، ثم تعود اليوم، متأخرة، عن موعدها مع الملك وموعدها مع السكان البيضاويين، الذين تشنّفت آذانهم بالعبارة الزرقاء الفاقدة لكل روح: “تستاهل أحسن”!!!
في الوقت الذي كان على الحكومة أن تؤهّل مدينة الدار البيضاء لتكون أكبر قطب مالي في إفريقيا، كما يخطط لذلك ملك البلاد، الذي لديه علاقة خاصة بهذه المدينة العملاقة… أطبقت فضائح الكوبل الحاكم في المجلس الجماعي كل الآفاق، ووصل صداها إلى البرلمان حيث ارتفع صوت المطالبة، المبرّرة بوقائع ومعطيات مؤكدة، بمحاسبة نبيلة الرميلي وزوجها توفيق كميل.
إقالة العمدة الحالية، التي قد تكون بتوافق من أحزاب الأغلبية، مشياً على خطى الملك محمد السادس، لحفظ ماء الوجه، بعد أن شرع البيضاويون وحتى مستثمرون في الإشارة إليهم بأصابع الاتهام، خلافاً لما حصل مع عمدة الرباط… وفي حال لم تتوصّل أحزاب الأغلبية إلى “المبادرة”، هناك دائما المطلب، الذي رفعه عبد الصمد حيكر، عضو المجموعة النيابية للبيجيدي والمستشار بمجلس مدينة الدارالبيضاء، في مواجهة “الكوبل الحاكم”، الذي وجّه إليهما الاتهام، وسط البرلمان وأمام عموم الرأي العام، بـ”الابتزاز والفساد”! وليطالب وزير الداخلية، بصفة رسمية، بالشروع في تطبيق مسطرة “العزل” في حق نبيلة الرميلي من عموديّة مجلس جماعة الدارالبيضاء، وزوجها توفيق كميل من رئاسة مقاطعة سباتة، بناء على المادتين 66 و64من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات.
هناك حاجة ملحة لأن تخرج الدارالبيضاء من وضعها القائم منذ التعيين الملكي لمحمد امهيدية، والذي يجد البيضاويون أنفسهم أمام “والي أعرج”، الوالي في حاجة ليتحرك بطلاقة برجلين، بعمدة تكون أو يكون ذا كاريزما على الأقل ليوازي بين سلطة المنتخب الذي يقرر، وينفذ، وسلطة المُعيّن، الذي لم يعد وصي، بل يواكب عمل الجماعة، فيرد الاعتبار للعمل الحزبي، ويكون وطنياً حقيقياً مسكونا بتلك الجذوة أو الشعلة التي تتحرّك داخل الوالي وهو يقوم بما قام به، في تكامل بين السلط، وتنسيق في الخطط والبرامج، وتوفير الشروط الضرورية، التي تمكّن من الدفع بكل المشاريع، الكبرى والمتوسطة وحتى الصغيرة، لتحقيق الإقلاع المنشود لها ولكل الدارالبيضاء وللوطن ككل، الذي يستعد لاستقبال كأس إفريقيا سنة 2026، وكأس العالم سنة 2030…هذه هي الطريقة وحدها السالكة، وما عداها ستبقى العمدة تراكم الأخطاء القاتلة، التي لا مناص من أن تؤدي بها إلى العزل، وقد تتحوّل الملفات إلى القضاء وأصحابها إلى السجن… من يدري؟!.
على مسؤوليتي
مراد بورجى يكتب: مغرب ولي العهد ومأسسة المخزن العميق
1/3- المجلس الأعلى للأمن القومي المغربي.. دقّت الساعة!
* مراد بورجى
من المفيد جدا العودة إلى الخرجات الإعلامية المتعددة والمتزامنة لكل من مصطفى الرميد ولحسن الداودي (الوزيرين السابقين عن حزب العدالة والتنمية، الذي ترأس الحكومة لعشر سنوات كاملة)، لنفهم “الدور المحوري”، الذي يقولا إن رجالات “المخزن العميق” لعبوه لتسهيل ولوج حركاتهم الإسلامية، في عز الذروة، إلى الحياة السياسية المغربية من بابها الواسع، وأنهما ممتنان لهؤلاء لدرجة أن قال “وزير الدولة” مصطفى الرميد أن “المخزن العميق نعمة”!!
والواضح أن “الرسالة” هنا موجّهة لكل من ينتقدون النظام اليوم، وكأن عليهم أن يسلكوا نفس مسلك البيجيدي لدخول والتموقع في المشهد الحزبي أو السياسي ككل. كما تحمِل الرسالة، كذلك، ردا واضحا على الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان، في شقّها المتعلق بالملكية البرلمانية، وانتخاب “هيئة دستور جديد”، حيث بعث الرميد “رسالة” إلى شباب الجماعة المنفتح على خوض غمار السياسة من داخل الحقل الحزبي المغربي، وإلى كل من يرى في دستور 2011 أنه ممنوح، مفادها أن عملية انتخاب هذه “الهيئة” ستكون، بالضرورة الديمقراطية “التأسيسية”، مفتوحة على الجميع، ولن تستطيع القلة، التي تشكّلها الفئة المعارضة ل”الحكم”، منع باقي الأحزاب والمكونات من تقديم مرشحيها وتحقيق هيمنتها وفرض رؤيتها…
كما قدّم الرميد شرحا مبطّنا لقضيتين: أولا، ما كان قد جرى لأحمد الريسوني، عندما دعا المخزن العميق، في بداياته الأولى، إلى الاجتماع مع أعضاء الأمانة العامة ببيت المؤسس عبد الكريم الخطيب، حضره مبعوث الملك وقتها فؤاد عالي الهمة، في أول ظهور له بهذه الصفة، وكان مصحوبا بأحمد التوفيق وزير الأوقاف، حيث سيتم اتخاذ قرار “إزاحة” الريسوني من على رأس حركة التوحيد والإصلاح، وطال هذا القرار إزاحة الرميد نفسه من رئاسة فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب… ثانيا، ما كان قد جرى لعبد الإله بنكيران، عندما استدعاه القصر، ليعينه الملك رئيسا للحكومة في نسختها البيجيدية الثانية، وتفاجأ بنكيران بوجود مصطفى الرميد بالقصر، ليحضر الجلسة مع الملك بعد التعيين، والتي لم تمر بسلام، فقد تلقّى فيها بنكيران اللوم الملكي…
ما تحفّظ مصطفى الرميد عن ذكره، خلال خرجته الإعلامية مع الزميل يونس مسكين، هو كون بنكيران، خلال الحملة الانتخابية لتشريعات 2011 على ضوء الدستور الجديد، بدا في أحيان كثيرة مندفعا، وراح يطلق تصريحات بعضها كانت متهوّرة، صوب مدفعيته وقتها نحو فؤاد عالي الهمة يطلب من الملك صراحة إبعاده من العمل الحزبي، وهو ما كان، لكن بنكيران بعد فوز حزبه في تلك الانتخابات، انقلب على دستور 2011، وفرض نفسه رئيسا للحكومة بدل سعد الدين العثماني، الذي كان يفاوض “الخارج” قبل الربيع العربي بسنوات، وأصدرت الأمانة العامة بلاغاً يقول لحسن الداودي إنه هو من تلاه، ويؤكّد بلاغُ “قطعِ الطريق” أن الأمانة العامة “قررت” أن يكون عبد الإله بنكيران رئيساً للحكومة، وهو أيضاً ما كان، لكن بنكيران ظل يثير جدلا متصاعدا عندما كان يصرّف “رسائله”، من خلال ثلاثة أذرع تتحدّث بلسانه “المستتر”، ذراع إعلامي (أخبار اليوم) وذراع سياسي (صقور الحزب) وذراع فكري (كُتّاب الحزب)، وكان أحيانا يتوجّه إلى قنوات أجنبية، وتركيزا فضائية “الجزيرة” القطرية، مثلما جرى لدى استضافته من طرف الصحافي الزميل أحمد منصور، فصار يطلق تصريحات “هوجاء” وصلت إلى حد توجيه ضربات صريحة للدستور المغربي، وتقديم الملك بصورة “الحاكم المستبد بكل شيء”! فالملك، كما صرّح بنكيران بصفته هذه المرة رئيسا للحكومة المغربية للفضائية القطرية، (الملك) هو المسيّر الفعلي للحكومة التي يترأسها، فيما هو، يقول بنكيران، فقط مجرد وزير بهذه الحكومة، وبالخصوص عندما يحضر للمجالس الوزارية، وكان لافتا أن بنكيران يطالب ضمنا بصلاحيات أكبر، وهذا ما فهمه مراقبون من الافتتاحيات التي كانت تدعو بنكيران إلى المطالبة بصلاحيات واسعة مؤطّرة بدستور يعتبره فضفاضا إن لم يتم تفعيله بطريقة توضح بجلاء “ما للملك وما لبنكيران”، كما تدعوه إلى شنّ حربٍ على من أسماهم بـ”حزب الاستوزار” داخل البيجيدي..
“رسائل” بنكيران ستصل إلى القصر، وسيجيب عليها الجالس على العرش، بعد كل ذلك، بكثير من الحزم والحدة وبثلاثة أجوبة: الجواب الأول كان باللوم المباشر، لدى تعيينه رئيسا للحكومة بحضور الرميد (10 أكتوبر 2016)، والثاني بقرار إبعاده عن رئاسة الحكومة (15 مارس 2017)، والثالث بتقريعه هو وباقي زعماء الأحزاب السياسية في خطاب للعرش (29 يوليوز 2017)، وكانت الرسالة واضحة في انتقاداتها السياسية، التي كانت شديدة اللهجة، تعكس غضب الملك من ممارسات النخبة المهيمنة والمستخلدة في الأحزاب، والتي “عندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة.. أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه”، بتعبير الملك…
المقصود، هنا، هو التمهيد لموضوعنا بتقديم بعض الإشارات المعبّرة، على أساس أن أعود إليها للتفصيل في ملابساتها وبعض مساراتها، خصوصا أن جزءًا كبيرًا من معلومات ومعطيات المرحلة مازال مخفيا، وسيظل الحال على ما هو عليه، إن لم نستمر، كل من موقعه، في نبش ذاكرة مجموعة من الشخصيات التي كانت فاعلة ومؤثّرة بمواقع مختلفة، بغرض تشريح مرحلة مهمة من حياة المغرب، تبتدئ من بداية الإعداد لمرحلة المرور السلس لحكم الملك محمد السادس، لكي نستطيع فهم ما يجري اليوم من إعدادات للمرور إلى مغرب ولي العهد مولاي الحسن “الثالث”، وكذا فهم بعض ميكانيزمات اشتغال المخزن العميق، وعلى رأسه الملك محمد السادس…
في هذا الإطار العام، يمكن موضعة خرجة مصطفى الرميد، الذي خرج، في بادئ الأمر، من تلقاء نفسه، ليعرض وجهة نظره في ما جرى لحزبه، مستعيرًا أسلوب بنكيران في حكي بعض الأمور، التي جرت بينه وبين الملك وحوارييه، وكذا ليبعث لمن يعنيهم الأمر أن الرجل مستعد لمهمة خارج الحقل الحزبي، فكان أن كلّفه القصر بحل معضلة “الحملة ضد الاعتقال السياسي”، المشتعلة بالخارج، لتيسير مهمة ترؤس المغرب للجنة الأممية المكلفة بحقوق الإنسان، فكان أن أصدر الملك عفوه في لحظتين سياسيتين قويتين: العفو عن الصحافيين والنشطاء والمدونين (عيد العرش) والعفو عن مزارعي الكيف (ثورة الملك والشعب)، فيما ينتظر أن يلتقط البرلمان الإشارة لفتح النقاش داخل “قبّة التشريع” ليمتد العفو إلى معتقلي الريف وبعض معتقلي اگديم إزيك، الذين تم تدويل قضيتهم..
كل هذه القضايا سنعود إلى التفصيل فيها من خلال حلقات هذا المقال، للمساهمة في محاولة فهم تَشكّلات مرحلة سياسية دقيقة من حياة بلادنا، مرحلة كان الكتمان والغموض مقصودان، في أغلب أحيانها، من طرف “المخزن”، الذي لم يكن “عميقا” بعد، حيث رجالاته مروا من مراحل كانت أولى بداياتها مرحلة الراحل عبد الرحمان اليوسفي، التي قاد فيها الوزارة الأولى، وكان ينعتهم بـ”جيوب المقاومة”، بعد ذلك جاءت مرحلة الاستقلالي عباس الفاسي، حيث كانوا يوصفون بـ”حكومة الظل”، أمّا أبرز مرحلة فهي مرحلة عبد الإله بنكيران، الذي كان يُفرّق بين مستويات الجهة المخزنية “الغامضة”، التي يزعم أنها كانت تُناهضه، فكان عندما يريد استهداف أشخاص يدّعون قُربهم من النظام، يستعمل “التماسيح” (عزيز أخنوش) و”العفاريت” (إلياس العمري)، وعندما كان يريد أن يستهدف “الجهات العليا”، كما يقول، والتي يتهمها أنها هي من تُناهضه بتسخير تلك التماسيح والعفاريت، يستعير عبارة “الدولة العميقة” من الولايات المتحدة الأميركية، التي يسيّرها، في الأصل، المجلس الأعلى للأمن القومي… وهنا، نصل إلى بيت القصيد، إذ قد تكون هذه “الاستعارة” مدخلاً للخروج من “الغموض”، مقابل وضوح الرؤية المستقبلية لمغرب الغد، عبر شرعنة هذا الجانب “الغامض” من “الحكم”، ومن خلال تفعيل الفصل 54 من دستور 2011، الذي ينص على إحداث “المجلس الأعلى للأمن” القومي المغربي…
مسألة “وضوح الرؤية” أصبحت تطرح نفسها، بصفة ملحّة، باعتبار “المجلس الأعلى للأمن” يشكّل جزءا بنيويا من منظومة الحكم في المغرب، التي مازالت في حاجة إلى مراجعة هياكلها على ثلاثة مستويات: الأول استكمال البناء بتفعيل عدد من المؤسسات الدستورية، التي مازالت حبرا على دستور 2011 (المجلس الأعلى للأمن)، والثاني تجديد هياكل أخرى لمؤسسات باتت خارج القانون (المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان)، أما الثالث فهو إعادة النظر في مؤسسات دستورية قائمة (البرلمان بالخصوص، إضافة إلى المجالس العليا من حسابات ومنافسة وتعليم واقتصاد واجتماع وبيئة… إلخ)، حيث لا غنى عن خوض ثورة داخلية حقيقية تعيد العديد من المجالس والمؤسسات الدستورية والعمومية إلى سكة البناء والتطور والتغيير، لتتحمّل مسؤولياتها كاملة في تدبير مختلف جوانب الأمن المجتمعي لكل المغرب ولعموم المغاربة… ويمكن الوقوف عند نماذج من المؤسسات المذكورة، بمختلف مستوياتها، لتكون الصورة أوضح حول أعطاب الماضي وإشكالات الحاضر وتحديات المستقبل، لأن السؤال الأساس يبقى دائما: إلى أين يسير القصر بالمغرب؟
أبرز نموذج لهيئات المستوى الأول، تظهر في الواجهة مؤسسة المجلس الأعلى للأمن “القومي المغربي”، التي باتت ساعة ميلادها تدق بقوّة، لمواجهة المخاطر والتهديدات المحدّقة ببلادنا، وللمساهمة في تدبير التحديات والرهانات، التي يرفعها مغرب محمد السادس، لبناء أسس صلبة لمغرب الغد، مغرب جيل ولي العهد..
هذه المؤسسة الدستورية محكومة بدستور 2011، الذي أفرد لها نصا مرجعيا مفصّلا، من خلال الفصل 54، الذي أطّر هيكلة واختصاصات المجلس الأعلى للأمن بصفته “هيئة للتشاور بشأن استراتجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة”.
وعلى غرار التجارب المشهودة في العالم، فإن الملك، باعتباره رئيس الدولة، هو الذي يرأس المجلس الأعلى للأمن القومي وفق الفصل 54 دائما، وله أن يفوّض لرئيس الحكومة صلاحية رئاسة اجتماع لهذا المجلس، على أساس جدول أعمال محدد.
وبخصوص تركيبة المجلس الأعلى للأمن، يحددها الفصل 54 من الدستور في رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للسلطة القضائية، والوزراء المكلفين بالداخلية والشؤون الخارجية والعدل وإدارة الدفاع الوطني، وكذا المسؤولين عن الإدارات الأمنية، وضباط سامين بالقوات المسلحة الملكية، وكل شخصية أخرى يعتبر حضورها مفيدا لأشغال المجلس، طبقا للفصل إياه..
قد يطرح البعض إشكال “الدونية”، إن صحّت التسمية، في تنظيم العمل بالمجلس، بمقتضى “نظام داخلي” وليس بمقتضى “قانون تنظيمي”، الذي هو أكثر قوّة، كما هو الحال في عدد من المؤسسات الدستورية، فقد نصّ الفصل 54 على أنه “يُحدِّد نظامٌ داخلي للمجلس قواعدَ تنظيمه وتسييره”… لكنني أعتقد أن هذه مسألة ستكون واردة في مراجعة مرتقبة للدستور، ولذلك فإن الأهم، اليوم، هو الضرورة القصوى لتفعيل المجلس الأعلى للأمن، الذي يعتبر أول مؤسسة أمنية ينصّ عليها الدستور الجديد، وهي غائبة منذ 13 سنة على وضع أول دستور في عهد محمد السادس، بعد 5 دساتير في عهد الحسن الثاني، وهي ضرورة ملكية وشعبية وديمقراطية ودستورية واجتماعية، في محيط وطني وإقليمي ودولي متغيّر ويحبل بالكثير من التحديات والمخاطر، التي تجعل أمن المغاربة في صدارة كل الأجندات..
ومن الطبيعي أن أمن المغاربة موزّع على مختلف المجالات والقطاعات، لكن، إذا أخذنا بالاعتبار رهانات المرحلة الحالية وتخطيطات المرحلة المقبلة، فإن صدارة تلك القطاعات تقع على عاتق السياسة الأمنية، التي قطع فيها المغرب أشواطا ملحوظة، منها ما هو تطوّري، ومنها ما هو مشدود إلى أزمنة ماضية نحلم أن تصبح بائدة إلى الأبد، وهذا يصبّ في مطلب “الحكامة الأمنية”، حيث يصبح التنسيق منظما ومنتظما وممنهجاً بين الأجهزة الأمنية المتنوّعة، وحيث تتمّ مأسسة السياسة الأمنية وتتلاقح تصوّرات المتدخّلين الأمنيين بالمتدخلين المدنيين في بوتقة يكون مبتدأها وخبرها هو الاجتهاد والابتكار في تدبير حالات الأزمات، التي قد تشكل مخاطر على الأمن القومي للدولة المغربية، بما في ذلك دمج البعد الأمني في بناء التصورات والتحاليل الاستراتيجية للقضايا السيادية، سواء منها المحورية أو البنيوية ذات الصلة بالأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي والأمن الغذائي والأمن الصحي والأمن الطاقي..
الجالس على العرش يعي دقّة الظرفية ودقة هذا التحدّي، كما أنه لا يكفّ عن الحديث عن ضرورة احترام الدستور والانكباب على إخراج المؤسسات الدستورية إلى حيّز الوجود، وهذا ما أشار إليه غير ما مرة في أكثر من خطاب، إذ أكد بالحرف، في أحد خطبه أمام البرلمان، على أن التحديات المطروحة على بلادنا “تتطلب العمل الجاد والتحلي بروح الوطنية الصادقة لاستكمال إقامة المؤسسات الوطنية”، وزاد الملك مشدّدا على أن هذه “المؤسسات لا تهمّ الأغلبية وحدها أو المعارضة، وإنما هي مؤسسات يجب أن تكون في خدمة المواطنين دون أي اعتبارات أخرى. لذا ندعو إلى اعتماد التوافق الإيجابي في كل القضايا الكبرى للأمة. غير أننا نرفض التوافقات السلبية، التي تحاول إرضاء الرغبات الشخصية والأغراض الفئوية على حساب مصالح الوطن والمواطنين، فالوطن يجب أن يظل فوق الجميع”..
فهل تكون استمرارية “التوافقات السلبية” في المشهد السياسي المغربي هي التي وراء تعطّل إخراج مؤسسة “المجلس الأعلى للأمن” إلى النور؟!.
على مسؤوليتي
رئيسة برلمان البام “تصفع” المنصوري من حيث لا تدري!!
* مراد بورجى
أعرف الأخت والرفيقة نجوى كوكوس منذ سنوات، ولازلت أنظر إليها دائما بكثير من الأمل، الأمل في أن تجسّد الجيل الجديد من الباميات والباميين، الذين راهن عليهم المؤسسون لممارسة السياسة بصيغة أخرى، صيغة جسّدتها توجيهات الملك في برقية التهنئة باختتام مؤتمر البام الأخير، الذي، لعلّة ما، غادرته أغلب وجوه الرواد المؤسسين، مما يجعل مهمة الرفيقة جسيمة في هذه الظرفية الدقيقة.
لست، هنا، بصدد مناقشة كل ما جاءت به رئيسة المجلس الوطني، نجوى كوكوس، خلال مرورها يوم الأربعاء في برنامج “مع الرمضاني”، وإنما لألتقط بعض الإشارات المعبّرة في خرجتها الإعلامية.
وكانت أبلغ إشارة التأكيد والتشديد على أن “البام بألف خير”، والدفاع المستميت عن “نجاح القيادة الجماعية”، مبرزة أن عمر التجربة 8 أشهر هي فترة قصيرة جدا، وهي غير كافية للحكم على التجربة.. ومع ذلك، بدت كوكوس على قناعة تامة وهي تقول: “بعد تجربة 8 أشهر، أنا أرى أن التجربة ناجحة”، وقالت إن “القيادة الجماعية تحدي اتخذناه، وهو إبداع وليس بدعة، اخترناه لتقديم نموذج جديد للتدبير الحزبي من أجل إضفاء مقاربة تشاركية حتى لا يكون القرار أحاديا، لأنه عندما تكون القيادة الجماعية، فالأمناء العامون الثلاثة متساوون في المسؤولية، وهذا يخوّل لنا قرارات فيها تشاركية”.
السؤال: هل بهذه الشهادة على نجاح تدبير الأمانة العامة الثلاثية تكون رئيسة المجلس الوطني، “المسكينة” من حيث تدري أو لا تدري، نزعت فتيلا من “مؤامرة” استئصال صلاح الدين أبو الغالي من القيادة؟!
قد يكون السؤال ماكرا، لأن ما جرى، منذ 10 شتنبر 2024، يكشف عن حجم مذهل من “المكر” و”الخداع” وحتى “الخبث”! وعن استهتار بقوانين الحزب، لنأخذ هنا، كمثال، المادة 107 من القانون الأساسي، التي تضع مسطرة إقالة القيادة الجماعية للأمانة العامة اختصاص حصري للمجلس الوطني، قيّده باشتراط أساسي أن تتوفر، بالضرورة، ثلاثة أسباب: الفشل في تنفيذ برنامج الحزب، أو الضعف الظاهر في أجهزة الحزب، أو تراجع شعبية الحزب وإشعاه… وكل هذه الأسباب غير متوفّرة في الأمانة العامة الثلاثية، التي قالت رئيسة برلمان البام إنها، أولا، نجحت في القيام بمهامها منذ انتخابها إلى اليوم. وأكدت، ثانيا، أن أجهزة الحزب تشتغل بشكل عادِ وبسلاسة، ولا يوجد في الحزب على الإطلاق ما يعثّر ويعطّل أجهزته. وتباهت، ثالثا، بمحافظة الحزب على جاذبيته وبريقه، وقدّمت نموذجا لذلك بفعاليات الجامعة الصيفية للحزب نهاية شتنبر، التي قالت إنها زادت من إشعاع الحزب.
معنى ذلك، أن ليس هناك، على الإطلاق، من منطوق رئيسة برلمان الحزب، أي وضع من الأوضاع الثلاثة الموجبة للإقالة، بل أكثر من ذلك، إن الحزب، منذ “الإبعاد القسري” لصلاح الدين أبو الغالي، وهو يعيش تعثّرات تابعها الرأي العام بسبب فشل الأمينين العامين المتبقين في التدبير الحزبي القيادي، ما جعل حماة العدل أصحاب البذلات السوداء يجتمعون من كل مناطق البلاد للتنديد بمشاريع وهبي، التي اعتبروها مشاريع البام، الذي تبنّاها ودافع عنها، ومن مظاهر الفشل الندوة الصحفية التشهيرية، واستعمال وزير ورئيس فريق برلماني ورئيسة منظمة نسائية موازية ورئيسة لجنة الأخلاقيات، التي يفترض فيها أن تبتّ في قضية بكل نزاهة وحيادية، فإذا بها تتصدّر جوقة “المتآمرين” وبصفة علنية وأمام الرأي العام، لنتصور البام يُخرج للإعلام “الخصمة” التي هي نفسها “الحكمة”! وهذه من غرائب العمل السياسي على الطريقة المنصورية!
لكن دعونا ننظر إلى المشهد من زاوية أخرى، سنجد أن البام، منذ تغييب صلاح الدين أبو الغالي، وهو يبصم على خطوات متهوّرة وعلى قرارات طائشة، مما يقتضي، في اعتقادي، ليس “التآمر” على أبو الغالي، وإنما استقدامه ليكون النموذج البديل في الأمانة العامة، باعتباره يمثل أمينا عاما من الجيل الجديد، الذي سيكون الأقدر على التدبير الفعال والحكيم للحزب، للدفع به ليتمثّل ويستحضر ويحقّق الأدوار المتقّدمة، التي أناطها الملك بالحزب في برقية التهنئة باختتام المؤتمر.
لكن رئيسة المجلس الوطني، في حوارها مع الزميل رضوان الرمضاني، جانبت الحقيقة في قضية أبو الغالي، واستعملت أجوبة تناورية، كان من شأن التعامل معها، بـ”جدية ومسؤولية”، أن تكشف عن معضلة تنظيمية وسياسية خطيرة، تتمثّل في عمليات “الاستفراد” بالحزب، وبقرارات الحزب، وبمصائر الباميين، قيادة وقواعد، ناهيك عن ممارسات “تخراج العينين” و”العجرفة” و”الاستكبار”، التي لا تخفيها الابتسامات الباردة التي توزّعها منسقة القيادة هنا وهناك..
تقول كوكوس، عند الحديث عن أبو الغالي، إنه “ليس لدينا مشاكل كبيرة” من شأنها أن توقف نشاط الحزب، وجاء تبريرها لموقف الحزب بإقحام مشكل تجاري خاص في استصدار قرار تنظيمي تبريرا غير مقنع على الإطلاق، ما جعل الزميل الرمضاني يسألها باستغراب: البايع والشّاري والموثّق من البام، فكيف بلغت الأمور إلى هذه الزوبعة؟ وعلى الفور، أجابت كوكوس: “لأن البام توصل بشكاية، وكان واجبا التدخل للبحث عن حلول لتدبير الأمر، فلما استعصى الحل بطريقة حبية، كان لابد للمكتب السياسي أن يتخذ قرار تجميد العضوية”! كانت رئيسة المجلس الوطني على قناعة، في قرارة نفسها، أن الجواب غير مقنع، وهذا طبيعي لأن القرار أصلا ظالمٌ ومبنيٌّ على باطل، ولذلك حاولت تأكيد القول: “حنا ماشي محكمة، ولكن عندنا قانون، والقانون يطبّق على الجميع”!!!
ليست نجوى كوكوس وحدها، وإنما جمهور واسع من الباميات والباميين لديهم قناعات أن القضية كلها هي عملية مفبركة ومدبّرة لإبعاد أبو الغالي من القيادة في هذه الفترة، لكنهم “مساكين” لا يستطيعون أن “يُنفْنفوا قُدّام الشريفة”، وهذا يعرفه الخاص والعام، والجميع على بيّنة من أن الحزب لا دخل له في النزاع، وأن منسقة القيادة ومسؤول التنظيم عندما تدخّلا في النزاع، وجرّا معهما الباقيات والباقين، من صامتين ومؤيدين ومريدين، تدخّلا برعونة، وبغياب مطلق للحكمة، وبانحياز “مصلحي” مطلق للطرف الثاني في النزاع، بل الأدهى، إن لم أقل إنها “جريمة سياسية واجتماعية” أن الاثنين المذكورين، المنصوري وكودار، حرّضا الطرف الآخر على تجاوز السبيل القانوني الطبيعي، وهو القضاء المدني، واللجوء مباشرة إلى القضاء الزجري، في عملية مبيّتة مفضوحة تستهدف “اغتيال” أبو الغالي سياسياً، بتلطيخ سمعته بوشاية كاذبة!!
وهذا ما تعرفه كوكوس جيدا، لكنها عاجزة عن الاعتراف به، ولذلك عندما ذكرت أن البام ليس لديه مشاكل كبيرة، استطردت قولها إن هناك “وضعا خاصا” يعالجه الحزب بالسبل القانونية، وطبقا لقوانين الحزب، من نظام أساسي ونظام داخلي وميثاق للأخلاقيات، مبرزة أنه “لدينا مساطر وإجراءات كفيلة بالبتّ في جميع المشاكل المطروحة”! فلماذا لم يستعمل الحزب هذه المساطر والإجراءات؟
لماذا اتخذ المكتب السياسي قرارا خارج ما ينص عليه القانون، الذي يفرض أن أي قرار تأديبي بهذا المستوى يستوجب من المعني أن يكون “يشغل مهمة انتدابية أو نيابية حُركت في مواجهته متابعة من أجل جناية أو جنحة عمدية مرتبطة بتدبير الشأن العام بناء على إحالة المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للداخلية”؟ ولماذا تحال القضية على اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات، والإحالة تستوجب أن يكون المعني “صدر في شأنه قرار قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به من أجل جناية أو جنحة عمدية مرتبطة بتدبير الشأن العام ما لم يرد له اعتباره”؟ فكيف جرى إقحام هذين المقتضيين القانونيين في معاملة تجارية خاصة؟!؟
وعوض أن تقدم رئيسة المجلس الوطني جوابا حقيقيا ونزيها وموضوعيا وجديا ومسؤولا، اختارت إجابة خشبية سطحية بالقول: “لأن البام توصّل بشكاية”! يا سلام! بإمكان أي كان أن يتقدم بشكاية شخصية، لا يهم أن تكون مظلومة أم ظالمة، فهي كافية لاستصدار إجراءات حزبية، سواء كانت لفائدة هذا الطرف أو ذاك فهي ستكون بالتأكيد بخلفية مصلحية، ومهما كانت طبيعة القرارات، فإنها، في نهاية المطاف، تحوّل الحزب إلى وكالة تجارية للنظر في قضايا المتنازعين، لكن الأخطر هو التحوّل إلى محكمة تجارية، وهذه سابقة في العمل الحزبي لا يوجد لها مثيل إلا في بام المنصوري!
تبقى آخر نقطة، وهي عندما طرح الرمضاني السؤال: “البام كحزب وعد المغاربة بعد المؤتمر أن يعطي صورة جديدة للعمل السياسي، والحال أن ممارساته تزيد من إبعاد الشباب عندما يتابعون مشاكل البام وسيقولون (واش هذا هو العمل السياسي وهوما مضاربين غير مع بعضياتهم!)؟ فأجابا رئيسة المجلس الوطني بحسم: “ماكاينش مضاربة”!
سؤالي هنا: واشنو اللي كاين، كاينة الديمقراطية؟ لقد جاء تعبير الزميل الرمضاني معبّرا ودالا وهو يتحدث عن “المضاربة”، لأن المتنفذين اليوم، من كثرة رهبتهم ورعبهم على مصالحهم “المتنوعة” و”المتعدّدة”، يمارسون التدبير الحزبي بـ”المضاربة” في مواجهة كل من يشمون فيه رائحة تضييق على تلك المصالح، هذا ما فعلوه عندما ساوموا أبو الغالي بالنزاع التجاري الخاص، وعندما ضغطوا عليه من أجل تقديم الاستقالة، وعندما جيّشوا الحاضرين في “اجتماع 10 شتنبر الفضيحة” لاتخاذ قرار تجميد العضوية، وعندما عقدوا ندوة صحفية تشهيرية، وتكليف أربعة من المكتب السياسي بانتحال صفة النيابة العامة بتوجيه تهمتي “النصب والاحتيال”،بل وانتحال صفة هيئة قضائية وإصدار حكم بالإدانة، وعندما سخّروا رئيسة منظمة نسائية موازية ورئيسة لجنة التحكيم والأخلاقيات، وآخرا وليس أخيرا، عندما سخّروا بعض “الشرفاء” المزعومين، مثلما فعل أحدهم، وهو موظف جماعي، لما “صنع” أو “صنعوا له” صورةً تضامنية مع الشريفة فاطمة الزهراء المنصوري وكأنها صادرة عن “شرفاء مولاي عبد السلام بن مشيش”! فضلا عمّا يمكن أن تتفتّق عنه قريحة “المتآمرين” من استعمالات أخرى لمحاولة تقديم “الشريفة” في صورة “ضحية” في حاجة إلى التضامن، ولِم لا في حاجة إلى فتح فرع لمحكمة الأسرة بالحزب أيضاً “! أي مسخرة هذه!.
على مسؤوليتي
بورجى يكتب..للمنصوري أقول: نعم أعني بـ”الفوق” فؤاد عالي الهمة
* مراد بورجى
لم يكتمل النِصاب القانوني لنقول إن القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة نظمت “جامعة صيفية” ناجحة بغياب أحد العناصر الثلاثة، التي تعطي الشرعية لهذه القيادة، كي تسيّر مؤسسات الحزب، مما يجعل باطلاً العديد من القرارات التي قد تؤخذ في هذه الأيام بذريعة تسيير الحزب من طرف “الشريفة” فاطمة الزهراء المنصوري “بنت الصالحين”، التي أصبحت تُطلق على نفسها، في احتيال على قوانين الحزب، صفة “المنسقة الوطنية” للقيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، في حين أنها فقط عضوة القيادة الثلاثية، بعدما ارتأى صلاح الدين أبو الغالي والمهدي بنسعيد أن يجعلا منها منسقة مع المؤسسات الخارجية، تبلّغهم ما قررته جماعياً هذه القيادة الثلاثية، تنفيذا لما تم التداول عليه في المكتب السياسي للحزب، الذي فقد بدوره النّصاب القانوني بتغييب أبو الغالي من تلك القيادة الجماعية.
غاب أيضا النصاب الأخلاقي بإبعاد صلاح الدين أبو الغالي رغم تدارك المكتب السياسي للخطأ القانوني الجسيم المتمثل في تجميد عضويته من القيادة الجماعية، في حين عضويته أكبر من المكتب السياسي، لأن برلمان الحزب هو الذي انتخبه، الأمر الذي يُبطل كل اجتماعات وقرارات الحزب، فكان حرياً بعد هذا التراجع أن يكون صلاح الدين أبو الغالي حاضراً في ذلك اللقاء ليرد على لغة الخشب التي استعملتها عضوة القيادة الجماعية، وهي تخاطب شبابا من جيل ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الذي بدت معالم حكمه تظهر من اليوم.
تغييب فاطمة الزهراء المنصوري لأبو الغالي من حضور الجامعة الصيفية يعبر عن مدى خوفها وتستّرها وهروبها من الجواب عن الأسئلة الحقيقية، التي كان لابد أن تُطرح عليها وعلى المكتب السياسي ولجنة الاخلاقيات للجواب على الاتهامات الخطيرة وعلى الحقائق الفادحة، التي كالتها لها ولهم بيانات صلاح الدين أبو الغالي الجريئة، وحوارات أحمد الوهابي النارية، التي أجراها مع الزميل حميد المهداوي.
خطورة هذه الأفعال الحزبية المهزوزة تعبر عنها اليوم الفيديوهات، التي توثّق لتدخّلات فاطمة الزهراء المنصوري، يوم الجمعة 20 شتنبر 2024، بمناسبة انعقاد الجامعة الصيفية بمدينة بوزنيقة، والتي من المؤكد أنها ستكون صدمت المغاربة، الذين تفاجأوا بعنجهية هذا “الثلث من القيادة”، وهي تُظهر لهم قدرا “طاغيا” من الاستكبار والعجرفة… فقد ظهرت “الشريفة”، التي تحدثت في كل شيء دون أن تقول شيئا مما كان يجب أن يُقال، وهي ترتدي “الدجين”، وتتحدّث بحركات عجيبة بيديها وأصابعها وعينيها وملامحها، في حركات “تمثيلية” ستصل إلى أوجها بتحدّي الحضور، ومعهم الرأي العام، بوضع رِجل على رِجل، بطريقة لا يستسيغها إن لم نقل يكرهها المغاربة.
وفضلا عن ذلك، فقد أحبطت “الشريفة” الرأي العام، وقبله شباب الحزب الحاضر بالجامعة الصيفية، الذي تفاجأ بها تقول له إنها “مسلمة” و”بنت الصالحين”، في الوقت الذي كان الجميع يريد معرفة علاقتها بمخطط زوجها المتهم بالتورط في أخطر قضية محاولة نهب 1186 هكتارا من أراضي وممتلكات جماعة ترابية، بدواويرها وسكانها وبيوتها السكنية وفيلاتها ومتاجرها وإداراتها! هذه القضية، وهي قضية فساد فاضح، هي التي كان الرأي العام ينتظر من “الشريفة” أن تخرج من “رونضتها” وتقدم البيانات اللازمة حول ما يروج من شكوك في ذمتها، بحكم رابط الزوجية مع شخص تتوجّه له هذه الأيام أصابع الاتهام في مجموعة من القضايا الخطيرة، التي تستهدف ممتلكات جماعة بكاملها ومصالح سكانها، وأن تفصح عن موقفها من المعادلة: مصالح زوجها الخاصة ومصالح السكان بجماعتهم وبرئيسها أحمد الوهّابي ومستشاريها…
عوض ذلك، اختارت “الشريفة” اللعب بالكلمات والحركات والإشارات في تعبيرات بوليميكية مكشوفة عند الجواب حول سؤال يتعلّق بمن يثيرون مسألة استقوائها بـ”الفوق”، وهي مسألة جوهرية لا يجب الاستهتار بخطورتها، لأنها هي بيت القصيد في العديد من الممارسات والسياسات والعلاقات والقرارات، التي دفعت “الشريفة” إلى موقف متهوّر عن طريق الطعن في ذمة كل من يثير هذه القضية، وهي إشارة واضحة إلى الدرك السحيق، الذي انهارت إليه ممارسة صيغة من العمل السياسي تستهدف استئصال أي فعل ديمقراطي وأي احترام للرأي المخالف، إذ قالت بالحرف: “هاذو اللي كيكتبوا هاذ الشي (تقصد الاستقواء بالفوق)، ما عندهم تا شي شرعية، ما مصوّت عليهم شعب، ما معيّنهم ملك”، لنتصور ونتأمل ونتدبّر “زعامة حزبية” كل ما تجده لمناقشة المخالفين هو “تجريدهم من الشرعية”، دون أن يعرف أحد ماذا ومن تقصد، هل تقصد كل مغربية ومغربي لم يترشح للانتخابات ولم يعيّنه الملك، أي الطعن في أكثر من 99 في المائة من الشعب المغربي، فهل تريد أن تقول إننا، نحن الشعب، لسنا مغاربة وعديمي الشرعية؟!!
“الشريفة” ستمارس، في جوابها، كذلك، نوعا من “الطنز” المراكشي، لتقول حرفيا: “إلى قصْدوا بالفوق سيدي ربّي، كنتبنّاه، أنا كنآمن بالله، ومومنة ومسلمة ومربية ولادي بدين الإسلام وبنت الصالحين”. سنتجاوز، جدلا، مسألة إقحام الدين في السياسة، التي ظل البام يواجه بها خصمه اللدود البيجيدي، لنطرح عليها الأسئلة الأساسية: هل المؤمن بالله يظلم الناس، هل المؤمن بالله يستهدف المخالفين بالإقصاء والإبعاد بتجميد العضوية وحتى الطرد والتشهير والمس بالسمعة؟ وهل الإيمان بالله يكون بالاستئساد والاستقواء والتعالي على الناس بـ”بنت الصالحين”؟ مُخجل مثل هذا الكلام!
ثم تنتقل “الشريفة”، في نفس جوابها، إلى التدرّج في بلوغ مبتغاها، بالقول: “إلى كانوا كيقصدوا بالفوق الملك،صاحب الجلالة، كنتبنّاه، وكنتبنّى الخطابات والرسائل ديالو”، والحال أنه عوض مثل هذه “الهضرة” الحزبية، التي باتت رتيبة، عن التوجيهات الملكية، كان الأحرى هو تقديم البيانات والمعطيات، التي ساهمت بها باعتبارها “المنسقة الوطنية” للأمانة العامة الثلاثية، في تنزيل الخطابات والرسائل الملكية، ولعلّ أبرزها إذا أردنا التخصيص، هي تلك الرسائل السياسية التي وردت في برقية التهنئة، التي بعثها الجالس على العرش، إلى القيادة الثلاثية، التي ذكر أعضاءها الثلاثة بالأسماء، واعتبرها صيغة “تهدف إلى إرساء حكامة تنظيمية، وإلى أداء الأدوار المخوّلة دستوريا للأحزاب السياسية بشكل متجدد، وإلى ترسيخ مكانته ضمن الأحزاب الجادة المنخرطة في المشروع الديمقراطي والتنموي الوطني”.
فهل ما يجري حاليا في البام، في ظل “الهيمنة” الطاغية لـ”منسقة” القيادة الجماعية، له علاقة بالحكامة التنظيمية؟ وهل الدعوة الملكية إلى أداء دور الحزب الدستوري بشكل متجدّد، صرّفته “المنسقة” في أغرب وأخطر تجديد، ليكون الجديد هو إقحام الحزب في خلاف تجاري خاص واستعمال كل الوسائل بما في ذلك ضجيج التشهير في حالة صلاح الدين أبو الغالي والصمت المطبق في حالة نبيل بركة؟ وهل بهذه الفضائح التي تصل أحيانا إلى حد المسخرة تستحضر “المنسّقة” الإرادة الملكية في ترسيخ مكانة البام ضمن الأحزاب الجادة؟!
وأخيرا، وفي الذروة، التي ليس ما سبق إلا “تفريشة” لها، ستُوجّه “الشريفة”، في نفس جوابها، تحدّيا مباشرا إلى أولئك الذين يشيرون إلى قيامها بالاستقواء بـ”الفوق”، بالقول حرفيا: “إلى كانوا كيقصدوا بالفوق شي آخر، يقولوه لينا، وتكون عندهم الجرأة”! بالنسبةلي، شخصيا، لدي دائما ما يكفي من الجرأة لأسمي الأشياء بمسمّياتها. وإذا كانت “الشريفة” اختارت هذا الأسلوب التناوري المكشوف في التهرّب، أو بالأحرى في ممارسة “الهروب السياسي الكبير”، فإنني أجيبها بشكل واضح ومباشر دون لفّ ولا دوران لأقول لها: إن المقصود بـ”الفوق” تحديدا هو المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة، الذي تستعمل “المنسقة” بشأنه إشارات، أحيانا غامضة وأخرى واضحة، للإيحاء بقربها منه ولقاءاتها معه وكأنه مازال في موقع حزبي، وعلى هذا الأساس يتعامل معها الآخرون، ليسوا داخل الحزب فحسب، بل حتى خارجه، وعندما رحلت الحكومة المغربية من الرباط إلى مراكش وفي المقدمة رئيسها عزيز أخنوش، ومثله عشرات المسؤولين والشخصيات الوازنة، للمشاركة في تشييع جنازة المرحومة الفاضلة والدة فاطمة الزهراء المنصوري، لم يُخف العديد من الفاعلين السياسيين والمدنيين أن الأساس في هذا “الحجيج إلى مراكش” هو عندما قام الهمة، في إطار واجب إنساني، بزيارة للمنصوري لتقديم العزاء في وفاة والدتها، وأعتقد أن هذه هي نقطة التحوّل في سلوك “الشريفة”، حتى أن كثيرين روّجوا، من يومها، أنها ستكون هي رئيسة الحكومة الموعودة…
هذه المسألة هي ما كان الرأي العام ينتظر من خرجة المنصوري أن تتطرّق إليها، نظرا لخطورتها القصوى، لأن القضية المثارة حول “الفوق” تتضمّن مسّا صريحا بالمؤسسة الملكية، من خلال محاولة إقحام مستشار ملكي اسمه فؤاد عالي الهمة في ممارسات سياسية لفاعلة حزبية اسمها فاطمة الزهراء المنصوري…
والحال أن الهمة غادر أولا سفينة حزب الأصالة والمعاصرة، الذي اعتبر، في رسالة استقالته، أن البام بات مُخترقا بـ”انحرافات كثيرة”، قبل أن يلتحق بالديوان الملكي، عندما كرّمه الملك محمد السادس وعيّنه مستشارا له، حيث انتفت كل علاقة له مع البام إلا من زاوية وظيفته السامية، التي تضع جميع مكونات الحقل الحزبي المغربي على كفّة واحدة… حتى أن القصر، في حالة مماثلة ومعروفة، تدخّل بحزم مبنيّ على مقتضيات الدستور والقوانين، التي تؤطر العلاقة بين المؤسسة الملكية، وجميع المؤسسات والهيئات الوطنية، بما فيها الأحزاب السياسية، ليشدّد على أن فؤاد عالي الهمة هو “مستشار لجلالة الملك حاليا، ولم تعد تربطه أي علاقة بالعمل الحزبي”، وليؤكد أن “مستشاري صاحب الجلالة لا يتصرفون إلا في إطار مهامهم، وبتعليمات سامية محددة وصريحة من جلالة الملك”.
هذه هي الإشكالية، التي يطرحها العديد من الفاعلين السياسيين والمدنيين والإعلاميين، والتي من شأنها أن تُلحق أضرارا بالممارسة السياسية وبالعلاقات بين المؤسسة الملكية وباقي المؤسسات الدستورية، الأمر الذي يضع فاطمة الزهراء المنصوري في قفص الاتهام، خصوصا وهي تختار سبيل “الطنز” عوض مكاشفة الرأي العام، عمّا يروج حولها هي شخصيا، وحول حزبها، وحول القيادات الملتفّة حولها، من اتهامات مباشرة بالفساد (؟!)، ولعلّها صدفة مثيرة أنه في الوقت الذي تجمع فاطمة الزهراء المنصوري عضوات وأعضاء البام في بوزنيقة، يجتمع حماة العدل، المحاميات والمحامين المغاربة، الذين حجّوا من كل مناطق المغرب إلى الرباط، مساء يوم السبت 21 شتنبر 2024، للاحتجاج على مشاريع قوانين عبد اللطيف وهبي، التي هي مشاريع للبام، زكّتها ودافعت عنها “المنسقة” فاطمة الزهراء المنصوري، التي هي أيضا محامية، ويا للمفارقة، باعتبارها مشاريع فاسدة، وتحمي الفاسدين والمفسدين… إلى الحد الذي استنفرت مشاريع وهبي والمنصوري السواد الأعظم من المغاربة، تتقدّمهم 17 هيئة محاماة، معزّزة بإطارات مهنية وهيئات سياسية ومنظمات المجتمع المدني والحقوقي والنقابي، للتنديد بمشاريع تلحق أفدح الأضرار بمهنة المحاماة، وتوفّر غطاءات قانونية لشرعنة الإثراء اللامشروع، ولتحصين الفساد، ولحماية المفسدين، وكلهم، كل المغاربة إلا حفنة من الفاسدين، عازمون على مواصلة النضال من أجل إسقاط مقتضيات مشروع قانون المسطرة المدنية ومشروع قانون المسطرة الجنائية والقوانين المنظمة للمهنة، وبالتبعية، سيكون إسقاط هذه المشاريع إسقاطا لوهبي وللمنصوري ولحفنة المريدين، حيث لن يبقى لها غير “الطنز”، الذي ألحقت به أيما إساءة لـ”تمراكشيت” ولـ”تمغربيت”.
يتبع..
-
على مسؤوليتي منذ 4 أيام
مراد بورجى يكتب: مغرب ولي العهد ومأسسة المخزن العميق
-
منوعات منذ 5 أيام
عمر لطفي يجمع أبرز نجوم الشاشة في “البطل”
-
سياسة منذ 5 أيام
بوريطة يجري مباحثات مع وفد جنوب إفريقي من المؤتمر الوطني الإفريقي
-
سياسة منذ 6 أيام
مولاي الحسن الداكي: النيابة العامة تضع مكافحة التعذيب ضمن أولويات السياسة الجنائية
-
سياسة منذ 4 أيام
النقابة الوطنية للصحافة المغربية تحذر من تسلل مظاهر التسيب إلى القطاع
-
دولي منذ 7 أيام
ارتفاع حصيلة الحرب في غزة إلى 41870 قتيلا
-
دولي منذ 6 أيام
فوز قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية بنسة 69ر90 بالمائة
-
اقتصاد منذ 3 أيام
GoMobile و FNACAM يكشفان عن مفاتيح ولاء العملاء في العصر الرقمي