Connect with us

على مسؤوليتي

هل أغلب الأزمات الوطنية ناتجة عن سوء تفعيل الدستور؟

نشرت

في

مبدئيا من واجب كل مواطن أن يحترم الصلاحيات المخولة دستوريا لكل الأشخاص المعنوية والذاتية ، ويخضع لها ، في إنتظار التقييم والتقويم الضرورين لكل نمو وتطور وارتقاء أو إنتقال .

لكن بنفس القوة والقيمة من حقنا أن نمأسس طريقة حياتنا العامة والعادية أيضا ، فنحن أحرار في اتخاذ كل المواقف التي تحصن حقوقنا القانونية والمكتسبة ومصالحنا المشروعة ، ولا حق لأي كان أن يحاسبنا أو يقيد من هوامش حركاتنا إلا طبقا لمشروعية القانون وشرعية التعاقد الرابط فيما بيننا ، إن وجد أو كان له سبب ومحل مشروعين ، لأن التعاقد أو محتوى العلاقة التعاقدية هما ما يحدد المشترك تعاقديا ، ويسن المقتضيات المنظمة ويؤطر للإلتزامات التبادلية ويحدد الجزاء على مخالفتها أو الإخلال بها .

لذلك ومن هنا فالمحاسبة ينبغي أن تكون مؤسستية وبمقتضى التعاقد ، كشريعة للمتعاقدين ، ومادام الدستور كعقد سياسي قانوني مصادق عليه بالإستفتاء الشعبي ، فهو يلزم الجميع ، ويحدد لكل مؤسسة على حدة صلاحياتها واختصاصاتها ، بنفس القدر الذي يحدد الحقوق والواجبات لكل المواطنين والمواطنات ، وبذلك فالمرجع هو الدستور .

ومن أهم الواجبات الدستورية طرح السؤال : ما الذي تم إنجازه وتم تفعيله كمقتضيات دستورية ؟ وبنفس القدر نؤكد على أنه من أهم الحقوق أن يسائل المواطنون كافة المؤسسات المعنية بتنزيل الدستور عن أسباب عدم التفعيل وعن التقصير أو عن مدى دستورية التطبيق أو عن سوء التشريع والتأويل في العلاقة مع مشروعية وضمان الحق في الأمن القانوني ، وما يترتب عنه من أمن قضائي وحكامة أمنية .

رغم أن المساءلة يصعب تحقيقها خارج منطق الإنتقاء القسري الذي تفرضه طبيعة النظام السياسي المغربي والذي ، وإن حصل تجاهه انتقال من شرط التقديس إلى فرض التوقير ، فإن الحصانة تظل حقا مصونا لكل التصرفات المعتبرة مجالا محفوظا . لكن ما يؤرق بأنه رغم إيمان المغاربة بهذه الحقيقة الدستورية ؛ فإن ما يشوش على هذه القناعة ، كأمر واقع وبمثابة مسلمة يقينية ، هو أن القنوات و الوسائط المفوض عليها بتصريف ” أعمال السيادة ” تتعسف في إستعمال التفويض إعتقادا منها بأن الحصانة تنتقل بالوكالة إلى تلك الآليات والقنوات ، مما يوحي وكأننا لازلنا رهائن ظلال دستور 1962 والتعديلات اللاحقة ، ومما يغيب المجهود الوطني المرتبط عضويا بنتائج تسوية الحقيقة والإنصاف المتعثرة ، وهذا أمر يستدعي التدقيق في مدى التفعيل الديمقراطي لمبدأ المسؤولية بالمحاسبة على الأقل تجاه المؤسسات الدستورية والعمومية المفوض لها تصريف أعمال السيادة والأمن والتشريع وطبعا المؤسسة القضائية ، فالمساءلة صارت ضرورية تجاه الدولة ومؤسساتها وموظفيها العموميين المكلفين بإنفاذ القانون وتصريف القوة العمومية .

ليطرح السؤال أيننا من استراتيجية عدم الإفلات من العقاب ، وهي مطلب ناتج عن أقوى توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ، من بينها التوصية الأساس الا وهي سن ضمانات عدم تكرار الماضي الأسود ، ماضي سنوات الرصاص ، والذي لا يمكن تبييضه بمجرد خطاب النوايا وتسويق التوصيات إلى الخارج دون أن نعاين وقعها الإنساني والحقوقي والسياسي والمؤسساتي على أرض الواقع المغربي . إنها إلتزامات واضحة لا يمكن بأية حال تبرير أي تسويف أو تلكؤ في تنفيذها ، وقد صدق الفلاسفة عندما أقروا بأنه لا يكفي وصف العالم بل لابد من التفكير والعمل على تغييره !.

. توقيع مصطفى المنوزي

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

“والقلم وما يسطرون”.. عودة سالمة مؤكدة لرفيقي وصديقي سيون أسيدون

نشرت

في

بواسطة

* مراد بورجى
المناضل الكبير العزيز سيون أسيدون، كان ومازال أكثر من رفيق ومن صديق ومن أخ ومن أستاذ ومن مرشد، لأن ما جمعني به أكثر من مجرّد صداقة رفاقية، علاقتنا تعدّت العام والعموميات إلى خصوصيات كُثر، بعضها يعرفه بعض الرفاق والرفيقات، وأغلبه لا يعلمه إلا الراسخون في علم ترجمان أحلامه هو الحياتية الشخصية، وأحلامه الكبرى بالوطن والديمقراطية والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية… وبعض هذه الأحلام والأعمال والأفعال هي أمانة في الصدر المكنون.

كنا في غاية القلق لمّا نقل العزيز سيون إلى غرفة العمليات في حالة صحية حرجة، سنتعرّف على تفاصيلها ودواعيها منه شخصيا، فلدي إحساس داخلي، لا أدري كنهه ولا مصدره، يطمئنني أن سيون سيعود إلينا سالم الجسد والروح بكل تأكيد، حتى ليمكن لي أن أقسم على ذلك بـ”القلم وما يسطرون”… وبسبب هذا القلم استضافته السجون… مرت على العزيز سيون الكثير من المحن في حياته الخاصة والعامة، وكذا الكثير من المصادفات العجيبة، كان تاريخ ميلاده يعود إلى سنة 1948، وهي السنة التي نشأت فيها إسرائيل في قلب أرض فلسطين، فكان أبرز وأشمخ يهودي مغربي سيعادي الاحتلال الإسرائيلي ويناصر الحق الفلسطيني ويناهض المدّ التطبيعي.

ومن الصدف، كذلك، مع هذه السنة (1948)، أنها ستُردف بسنة “مقلوبة” (1984)، سيعانق خلالها، في مثل هذه الأيام تقريبا، وتحديدا بمناسبة ثورة الملك والشعب (20 غشت)، سيعانق الحرية، إثر عفو ملكي على عدد من مناضلي وقادة اليسار السبعيني، بعدما قضى سيون 12 سنة سجنا من أصل 15 سنة، التي كان محكوما عليه بها في المحاكمات السياسية الكبرى لسنة 1973، للإشارة كانت هناك محاكمة مراكش، التي كان أغلب معتقليها من الحركة الاتحادية، فيما سيون كان ضمن محاكمة الدارالبيضاء، التي كان أغلب معتقليها من الحركة الماركسية اللينينية المغربية.

لقد كان سيون مناضلا أمميا بامتياز، إذ كان من أبرز المشاركين المغاربة في الانتفاضة الطلابية في ماي 1968، حيث كان يدرس هناك، وما أن عاد إلى المغرب في 1972، حتى قرّر احتراف “القلم”، فأصدر صحيفة “صوت الكادح”، لكن صوت أسيدون سرعان ما تعرّض للتكميم، إذ تعرّض، في نفس سنة عودته إلى المغرب، للاختطاف ونقله إلى المعتقل السري “دار المقري” في الرباط، حيث سيُذاق شتى أشكال التعذيب والتنكيل، بتهمة التخطيط لقلب نظام الحكم، والقصة في الأصل هي قصة صوت وقلم.

منذ عرفت سيون أسيدون وهو شعلة حركة ونشاط، لا يعرف فسحة ليقعد ويرتاح، حتى في داخل السجن، كان يتحرّك ويخطّط، إلى درجة أن إدارة السجن فرضت عليه حالة قصوى من الحصار والتضييق ليقضي أبشع عقوبة في العزل الانفرادي لمدة سنة كاملة، كان دائما يخطط لشيء ما، حتى أنه خطط للفرار من السجن، وكذلك فعل، وظل حرا طليقا لمدة أربعة أيام في الاختباء والتواري قبل سقوطه من جديد بين يدي الجلاد، ومنذ الإفراج عنه في سنة 1984، وهو لا يكف عن التخطيط، يخطط ويبني إطارات حركية ثورية تقدمية، يخطط ويدعو ويقود مظاهرات شعبية احتجاجية وتضامنية، ويخطط وينخرط في مختلف الأشكال النضالية والحقوقية، بحضور وازن وفاعل في العديد من الإطارات المدنية، من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارانسي المغرب)، والجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، والحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل (BDS) المغرب.

وفي مختلف هذه الجبهات والواجهات، كان سيون أسيدون يتحرّك في مختلف ميادينها من المغرب إلى لبنان، ومن إفريقيا وأوروبا إلى آسيا، يحلم بالحرية والتحرر والتحرير، ويغني مع مارسيل خليفة العشق الأممي للشمس والحلم والأمل، وأتصوّره الآن، وهو يتماثل للشفاء، يرفع صوته بالغناء، ونهتف ونغني معه:

مناضلون بلا عنوان
مناضلون في أي مكان
نكتب سير الأبطال للأطفال
نحلم بالورد والخبز والزيت
وكتب الحب والنار
ورسم العصافير والتذكار
وعشق المطر والأزهار

صديقي ورفيقي وعزيزي سيون أسيدون.. “جمعْ راسك معانا” لنعانقك وأنت تعود إلينا سليما معافى صامدا صبورا وشامخا، لنتحاكى أحلامنا، ولتتيح لنا فرصة أخرى لنقول ونكرر ونردّد كم نحبك وكم تحبّنا… سلاما عزيزي حتى مطلع كل فجر.

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

سعيد الكحل..عملاء في خدمة أجندات الأعداء

نشرت

في

بواسطة

لم تعد العمالة لأعداء المغرب والانخراط في خدمة أجنداتهم أمرا سريا يتوارى مقترفوه من الفضيحة من سوء وخسة ما يفعلونه، بل صار سلوكا علنا يجاهرون به وكأنهم في تحدّ سافر للدولة وقوانينها وللشعب وثوابته الدينية والوطنية. عملاء يتصايحون كذبا وبهتانا أنهم “وطنيون” يناصرون قضايا الوطن والأمة، بينما هم طابور خامس يؤدون الأدوار التخريبية التي رسمها لهم أعداء الوطن. تختلف انتماءاتهم الحزبية والتنظيمية وتتناقض مرجعياتهم الإيديولوجية لدرجة يبدو معها مستحيلا التقاطع أو الالتقاء عند أدنى اتفاق أو تنسيق، لكن يجمعهم العداء للوطن وللنظام ولثوابت الشعب المغربي.

جميعهم تجار المواقف وسماسرة القضايا المدرة للعملة والمنفعة، وأدوات تنفيذية بيد الأعداء. لهذا لا يجدي نفعا جدالُهم ولا يغير الحوارُ نهجَهم. لقد اختاروا لأنفسهم دور الضباع الناهشة والكلاب المسعورة التي لا يأمن الوطن والشعب غدرهم. فبعد أن أعماهم الحقد على النظام وأغراهم الأورو والدولار، تجرّدوا من كل القيم الدينية والوطنية وارتموا في أحضان مموليهم الذين يخططون لتقسيم المغرب جغرافيا، أو إحراقه بنار الفتنة المذهبية والطائفية كما أحرقوا دولا وشعوبا مشرقية تهاونت حكوماتها في التصدي لذات المخططات في مهدها، كما هو حال لبنان وسوريا والعراق واليمن وليبيا.

الكلب النبّاح إلى ما عض ما يرتاح.
ما يغيظ أعداء المغرب وعملاءهم هو نجاحه الكبير في التصدي لمخططاتهم العدائية بفضل إستراتيجيته الأمنية والعسكرية والدبلوماسية المشهود بها دوليا، فضلا عن الحكمة والاقتدار في إدارة القضايا الكبرى وفق ما تمليه المصالح العليا للوطن. فبعد رهانهم على محاصرة المغرب ومنع تمدده إفريقيا بدعم وتمويل وتسليح عصابات البوليساريو لخلق كيان وهمي في خاصرة المغرب بعد انسحاب موريتانيا من إقليم وادي الذهب؛ إلا أن اليقظة والحنكة المغربية أفشلت مخططهم، فكانت فرصة تاريخية لاسترجاع الإقليم الذي تحل ذكراه اليوم. ثم كانت مؤامرتهم لغلق معبر الـﯕرﯕرات قصد خنق الاقتصاد الوطني، فكانت إرادة المغرب أقوى لتدفن مخططهم في رمال الصحراء التي سقاها أبناء المغاربة الأبطال بدمائهم الزكية. نجاحات لم يستسغها الأعداء والعملاء والخونة الذين راهنوا، خاسئين، على جعل الصحراء مقبرة للجيش وللنظام الملكي.

تلك كانت أوهامهم التي عصفت بها وتيرة المشاريع التنموية العملاقة التي تعرفها الأقاليم المسترجعة، وكذا الدعم الدبلوماسي المتواصل لموقف المغرب ولمخطط الحكم الذاتي الذي تعزز بالاعتراف الأمريكي والفرنسي والبريطاني، وهي القوى العظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن. فبقدر النجاحات والمكاسب التي يحققها المغرب، بقدر سُعار الكلاب الضالة من عملاء ومرتزقة ومموّليهم الذين يفتحون لهم قنوات وأمواج وصفحات إعلامهم للنباح والعويل.

آش يْضُرْ السحاب من نْبِيحْ الكلاب.
لم يلتفت المغرب لمؤامرات أعدائه ولا لنباح عملائهم، بل استمر في توسيع مكاسبه الدبلوماسية عبر فتح عشرات من القنصليات بالأقاليم المسترجعة وحصد مزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، وكذا مكاسبه العسكرية بتطهير معبر الـﯕرﯕرات من فلول المرتزقة وتنظيف المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني من خيام وبراريك البوليساريو فضلا عن تأمينها التام ضد أي تسلل أيا كانت طبيعته بفضل الترسانة العسكرية المتطورة التي حصل عليها المغرب كثمرة لاتفاقية أبراهام التي حققت للمغرب تفوقا عسكريا ومكّنته من امتلاك سلاحه الرادع الذي جعل أعداءه يحسبون ألف حساب لتبعات أي تهور عسكري يستهدون به المغرب.

إن المغرب ماض في تطوير اقتصاده وتأهيل بنياته التحتية وتعزيز قدراته العسكرية دون اكتراث بنباح العملاء والخونة والبيادق المتآمرين على وحدته واستقراره. ومتى كان الخونة والعملاء بناة الأوطان؟؟ وليس غريبا أن تلتقي فلول العملاء والخونة عند شعار “إسقاط المخزن” بعدما فشلوا في استهداف الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية عبر التشهير وترويج الإشاعات الكاذبة واختلاق الأحداث الوهمية.

تختار حتى تعيى وتهز من أولاد الكلبة جرو.
إن تكالب العملاء والخونة ضد الوطن والنظام والشعب لم يكن صدفة ولا نزوة، بل هو مخطط ومؤامرة ضمن إستراتيجيات عدائية تستهدف أمن المغرب واستقراره ووحدته الترابية والمذهبية. لهذا لا غرابة أن يلتقي اليساري المتطرف مع الشيعي المعمم مع لخوانجي لمكلّخ مع القومجي المزيف في “الحسينيات” الشيعية/الإيرانية ليؤدوا جميعهم الولاء لملالي إيران ويرددوا “لبيك يا حسين”، ويترنّموا ببكائيات كربلاء، ثم يتواعدون بتجييش الدهماء عند كل ساحة أو ميناء.

خططهم ضرب الاقتصاد الوطني بمحاصرة الموانئ، وترويع السياح عبر المسيرات والشعارات والاحتجاجات في الساحات العمومية وأمام القنصليات، ثم بتخويف المستثمرين وتحذيرهم من أن المغرب لم يعد بلدا آمنا. وما رفع شعار “إسقاط المخزن” إلا رسالة أريد بها إخافة المستثمرين، ومن ثم ضرب الاستثمارات التي يراهن عليها المغرب في بناء اقتصاد تنافسي يحقق النماء والرخاء للشعب. لكن الدولة تعرف حجمهم ومقْت الشعب لهم، لهذا تتركهم في نباحهم يعْوُون وفي تسكّعهم يهيمون؛ ألا سحقا للخونة والعملاء المأجورين.

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

حكومة الائتلاف الوطني لتنظيم المونديال 3/3: أول انتخابات ببصمة ولي العهد

نشرت

في

بواسطة

* مراد بورجى
في الجزء الثاني من هذا المقال (2/3- (ولي العهد.. فاعل دستوري يدخل على الخط)، خلصنا إلى أن قراءة مفتوحة ومرنة للفصل 47 تُقدّم عدّة خِيّارات متاحة أمام الملك لاختيار الشخص الذي يراه مناسباً لقيادة الحكومة المقبلة التي سينحصر دورها في تنزيل البرنامج الملكي، في غياب برامج أخرى يمكن للأحزاب السياسية عرضها في الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، نظرا للظرفية الدقيقة والحساسة، المرتبطة أولاً: بالإعداد لدولة اجتماعية، دولة ولي العهد، وثانيا: بتهييء وتهيُّؤ المغرب لاحتضان أكبر حدث رياضي عالمي، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، وهو كأس العالم 2030، الذي تكتسي دورته المقبلة طابعا خاصا يتمثل في احتفال الفيفا بمرور قرن على انطلاق منافسات المونديال، مما سيستقطب المزيد من الأضواء الإعلامية على البلدان الثلاثة، وخاصة المغرب البلد الإفريقي الأول الذي سينظم تظاهرة من هذا الحجم مع بلدين أوربيين في حوض البحر الأبيض المتوسط.

هذه الوضعية ستجعل الأحزاب السياسية، وبالخصوص رؤساءَها وقادتها، في محكّ دقيق يضعهم وجها لوجه ليس أمام الملك محمد السادس فقط، بل وأمام ولي عهده الأمير مولاي الحسن، ويعرّي مسؤوليتهم على الفساد الانتخابي المتفشّي، بوسائل عدّة لعلّ أبرزها أداة “التزكيات”، التي تعتبر أخطر عملية في النظام الانتخابي المغربي، وطالما حذّر منها الجالس على العرش، في أكثر من خطاب، وحمّل مسؤوليتها إلى الأحزاب، وهذا ما كلّف وزير الداخلية بإبلاغه للهيئات السياسية في الاجتماع، الذي عقده معها يوم السبت 2 غشت 2025، بعدما “سحب” الملك الثقة من رئيس الحكومة ومن معه ووضعها في وزير السيادة.

نظريا، وفي غياب التسابق نحو تصدر الانتخابات، تعتبر “التزكية” وثيقة تعاقدية يمنحها الحزب للمرشّح الراغب في خوض استحقاق انتخابي، مهني (الغرف المهنية) أو ترابي محلي (مجالس جماعية حضرية أو قروية) أو إقليمي (مجالس العمالات والأقاليم) أو جهوي (مجالس الجهات) أو وطني (البرلمان)… لكن “أمّ الاختلالات” في تدبير الانتخابات، هي أن أغلب التزكيات، لدى أغلب الأحزاب، تتحوّل إلى صلاحية حصرية للأمين العام أو الرئيس، وأن مَنحَها قد يتحوّل إلى أخطر بؤرة للفساد الانتخابي، الذي يلطّخ اليوم الحياة السياسية المغربية، إذ إن وجود العشرات من البرلمانيين، النواب والمستشارين، إما خلف القضبان، وإما ملاحقين بالمتابعات ومهددين بالاعتقال، فضلا عن العشرات، إن لم أقل المئات من رؤساء الجماعات وباقي المنتخبين، الذين يوجدون في أوضاع مماثلة بسبب قضايا ذات صلة بالفساد، كل هؤلاء المدانين أو المتابعين بمحاكم جرائم الأموال هم النموذج الفاضح للتزكيات المنحرفة! والمسؤولون المباشرون هم قادة الأحزاب، الذين يتحرّكون بهاجس اللهث وراء المقعد بأي ثمن (المال الحرام)! ولهذا السبب، لم يعد مثيرا للاستغراب والعجب أن نرى، في كل انتخابات، قادة الأحزاب يمنحون تزكيات لرؤساء جماعات ومنتخبين متابعين أمام محاكم جرائم الأموال، باستعمال “حيلة قانونية” خرق لقرينة البراءة ومس بحق دستوري في غياب صدور أحكام نهائية! فيما نجد في الديمقراطيات، التي تحترم شعوبها وتحسب ألف حساب لناخبيها، أن المرشح أو المنتخب، في أي موقع بوّأته إياه العملية الانتخابية (رئيس حكومة، وزير، برلماني، عمدة، مستشار…)، لا يتردّد في تقديم استقالته لمجرد إثارة شبهات حوله، كيفما كانت طبيعتها ومهما كان حجمها، والنماذج معروفة وشهيرة.

انحراف استعمال التزكيات هو حجر الزاوية في الفساد الحزبي والانتخابي والسياسي، لأنه هو الذي يفتح الباب أمام الفاسدين والمفسدين للاختباء وراء الأحزاب، والتسلّل إلى المناصب والمواقع الرسمية المتقدمة في هياكل الدولة… بل الأدهى من ذلك أن التزكيات المنحرفة تُقصي الكفاءات والأطر النشطاء والمبدعين مقابل إعادة نفس الوجوه الرتيبة المستخلدة، التي بدورها تعيد إنتاج كائنات فاسدة، لا يمكن إلا أن تكون عرقلة وعقبة أمام قيادة البلاد نحو إصلاحات جوهرية.

الملك اختار اليوم، أمام “الظرفية المغربية الدقيقة”، أسلوبا آخر، هو إرداف التوجيهات الملكية بمبعوث مباشر إلى الأحزاب المغربية ليبلّغهم الرسالة الملكية، التي حرص عبد الوافي لفتيت على تبليغها حرفيا، بوثيقة مكتوبة، كان يقرأها سطرا سطرا، تنزيلا لموجبات الفقرتين من خطاب العرش الأخير المتعلقتين بالانتخابات، وفي مقدمتها، ولننتبه جيدا لعبارات الخطاب، التشديد على “وجود إرادة سياسية قوية لمواصلة بناء الصرح الديمقراطي وتعزيز المسار التنموي للمملكة، عبر مؤسسات تحظى بالشرعية والثقة والاحترام، منبثقة عن الإرادة الشعبية الحرة والتعبير الحر عنها”.

الملك، بهذه التوجيهات وما سيليها، يضع الدولة والمجتمع، أمام معركة اليوم والغد: “النزاهة الانتخابية”، لإنتاج مؤسسات قادرة على تحقيق إصلاحات جوهرية في البنيات الأساسية للبلاد.. ولذلك، نجد لفتيت يشدد، في تبليغ رسائل الملك، على “ضرورة التصدي الصارم والحازم لكل ما من شأنه المساس بمصداقية العملية الانتخابية، (استعمال المال)، والعمل على تخليقها في إطار مسؤولية مشتركة”، في إشارة إلى “دور الأحزاب في انتقاء وتزكية المرشحين”، وعلى “التصدي الصارم لكل التجاوزات التي قد تطال العملية الانتخابية، (الرقابة القضائية)، وكل ما يمس التعبير الحر عن إرادة المواطنات والمواطنين”.

رسائل الملك واضحة، وأعتقد أن قادة الأحزاب عليهم اليوم وضع حد لهذا الفساد الانتخابي، بالإقلاع عن منح التزكيات لـ”مالين الشكارة” الفاسدين منهم وغير الفاسدين، ورفع اليد عن القيادة والريادة التي “يحتلها” أشخاص بعينهم، حتى أصبحت المناصب حكراً عليهم لعشرات السنين، وأن يُفتح الباب أمام أجيال جديدة بكفاءات شابة وعقليات مبدعة تشتغل بالأهداف وتعالج المشاكل المستعصية بحلول مبتكرة، فالمغرب اليوم، في حاجة ماسة لإفساح المجال لهذه الأجيال، التي ينتمي إليها ولي العهد، ولكي تشتغل مع ملك الغد.

انتخابات 2026.. حكومة الانتقال إلى الدولة الاجتماعية، دولة ولي العهد
رسائل الملك هي تتويج للتوجيهات، الواردة في العديد من الخطابات والرسائل، الداعية إلى النزاهة الانتخابية، وإلى المشاركة الواسعة للمواطنين من أجل استعمال أصواتهم في مكافأة المجدّين ومعاقبة المفسدين، يقول الملك مخاطبا المواطنين: “عليكم أن تحكّموا ضمائركم وأن تحسنوا الاختيار. لأنه لن يكون من حقكم غدا، أن تشتكوا من سوء التدبير، أو من ضعف الخدمات التي تقدّم لكم”، حيث يعتبر الملك أن الأصوات هي “السلطة التي يتوفر عليها المواطن، للحفاظ على مصالحه، وحل بعض مشاكله، ومحاسبة وتغيير المنتخبين”… ومثلما “يحرّض” الملك المواطنين على محاسبة المنتخبين الفاسدين والفاشلين، فإنه يدعو كل من يهمهم الأمر، من مؤسسات الحكامة إلى مختلف هيئات تدبير الشأن العام، إلى تفعيل المبدأ الدستوري، الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة.

إنها معركة مصيرية، في تقديري، من شأنها التحرّر من “الوجوه المكرورة” أو “الوجوه المخلَّدة” التي تعض على المواقع بالأسنان والنواجد، وإفساح المجال، إذا ما صدقت النيات والإرادات، أمام نخب حزبية جديدة يتصدرها الشباب والكفاءات وذوو الخبرات، ينخرطون في ثورة داخلية سياسية وتنظيمية، قادرة على تحقيق إصلاحات جوهرية ورفع التحديات المصيرية لمغرب الغد، مغرب ولي العهد.

هذه المعركة المصيرية قد تكون أول معركة سياسية يدبّرها الملك محمد السادس ببصمة من ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الذي لا نحتاج للإشارة إلى أن ولاية العهد تتبوّأ موقعا حيويا داخل أركان الدولة ونظام الحكم، انطلاقا من رمزيتها القوية باعتبارها تشكل ضمان استمرارية الدولة المغربية.

هذا في ما يتعلّق بالدلالة الدستورية لولي العهد، لكن هناك أيضا دلالة مجتمعية، باعتباره، على الصعيد الشخصي، يرمز إلى جيل مغربي جديد، إذ لا يمكن عزل مولاي الحسن عن المناخ العام الذي يوجد فيه اليوم ملايين الشباب المغاربة، الذين يعيشون “الزمن الرقمي”، الذي يفتح أعينهم على جيل جديد من الإصلاحات، التي تؤمّن الرّفاه والكرامة والعدالة التي تترجم كافة الحقوق المواطنية والإنسانية بكلّ أبعادها الحضارية الكونية… بمعنى أن ولي العهد يعبّر عن آمال أجيال شابّة لم تعد تتحمّل استمرار وتكرار وإعادة إنتاج نفس السلوكاتوالأمراض والاختلالات، التي تؤدّي إلى إذكاء الغضب الاجتماعي وتغذية الاحتجاجات والاضطرابات.

وبمعنى أكثر قصدية، أن تربية محمد السادس لولي العهد مولاي الحسن ليست نفس تربية الحسن الثاني لولي عهده، فتربية ولي العهد اليوم مطبوعة بالإشراك والتشاركية حتى لا يجد نفسه، يوما بعد طول عمر الملك، يباشر إدارة الدولة مع فريق وكأنه “تلاحْ في بْحرْ”، حسب تعبير الهمّة في توصيف بداية حكم الملك محمد السادس وفريقه الشاب في يوليوز 1999… بهذه الخلفية، يتابع ولي العهد حاليا كل شاذة وفاذة من أمور تدبير الدولة، داخليا وخارجيا، وهو على إدراك وثيق بكل تفاصيل التدبير التنفيذي لحكومة أخنوش، وعلى إلمام عميق بأسباب الغضب الشعبي، الذي يندلع هنا وهناك، وله تقييمه الخاص لكل مفاصل ومحطات هذا الوضع العام، وذلك بناء على ملفّات مدقّقة توضع على مكتبه بصفة مستمرة ومنتظمة، كما لديه رصد وثيق لتحوّلات الحقل الحزبي، الواقع تحت قبضة نخبة مهيمنة، التي بعدما أغلقت الانتخابات والمؤسسات على المستقلين إلا بشروط مشدّدة، شرعت في تلغيم المشهد العام، بتحويل أحزابها إلى منصات للتحصّل على الريع والتحوّز على الأراضي والصفقات والتربّح وتوزيع المنافع على المحظوظين، واستقواء القياديين، في كل ذلك، بمزاعم وادّعاء القرب من الجهات العليا وأن المسؤول الحزبي “الموعود” أو “الموعودة” مرضي عليه من المخزن وأنه وأنها “رجل القصر” أو “امرأة القصر”!!!.

حضور ولي العهد في الاستحقاق الانتخابي المقبل من شأنه أن يضع حدّا لكل هذه الادعاءات والمزاعم، وأن يضع السواد الأعظم من المغاربة في الصورة الحقيقية لما يجري حتى لا يقع أي مغربية أو مغربي في شباك السياسيين الانتهازيين الوصوليين الفاسدين، وحتى يعلم الجميع أن “رجل القصر” أو “امرأة القصر” لا وجود لهما في واقع الحياة السياسية الفعلية والقانونية، مما يعني أن هذا السلوك هو احتيال حزبي وإجرام سياسي، وجب رصد ومحاسبة المسؤولين المروّجين له، ليُحاط علما كل من يعنيهم الأمر أن القصر ليس له شخص مفضّل خارج مقتضيات الدستور وضمن ما تتطلّبه تحوّلات اللعبة السياسية من مقاربات وتدافعات، حيث الأكفأ هو الأفضل، وإشراك الكفاءات الشابة هو الأمثل، وهذا يتطلّب تحقيق مشاركة واسعة للشباب في العمل السياسي، ويمكن لولي العهد استثمار بعض المهام، التي يكلّفه بها رئيسه ملك البلاد، في دعوة الشباب إلى الخروج من السلبية والتوجهات العدمية للانخراط بفعالية في الممارسة السياسية لتكون جسرا لتقرير مصيرهم ومصير بلادهم ومستقبلهم.

أكمل القراءة
دولي منذ 18 دقيقة

18 قتيلا فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة

واجهة منذ ساعتين

توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد

رياضة منذ 13 ساعة

برشلونة يستهل حملة الدفاع عن لقبه بانتصار على مايوركا المنقوص

دولي منذ 14 ساعة

عدد سكان مصر بالداخل يصل إلى 108 ملايين نسمة

دولي منذ 15 ساعة

ترامب يؤيد مقترح بوتين بشأن الأراضي الأوكرانية المحتلة

دولي منذ 18 ساعة

إسبانيا ما زالت تكافح حرائق الغابات

رياضة منذ 19 ساعة

السكيتيوي: مباراة المغرب والكونغو الديمقراطية تكتسي طابع الندية

دولي منذ يوم واحد

مأساة بالجزائر.. سقوط حافلة من جسر يحصد 18 قتيلاً

دولي منذ يوم واحد

ترامب وبوتين يختتمان قمتهما في ألاسكا من دون التوصل لاتفاق بشأن أوكرانيا

اقتصاد منذ يوم واحد

الدرهم يرتفع بنسبة 0.8 في المائة مقابل الدولار

واجهة منذ يوم واحد

حالة الطقس: موجة الحر مستمرة اليوم السبت

دولي منذ يومين

إسبانيا ترفع مستوى التأهب وسط موجة حر شديد

على مسؤوليتي منذ يومين

“والقلم وما يسطرون”.. عودة سالمة مؤكدة لرفيقي وصديقي سيون أسيدون

منوعات منذ يومين

هالة صدقي تستقبل سعد لمجرد في الساحل الشمالي بمصر

رياضة منذ يومين

المغرب الفاسي يعلن تعاقده مع حمزة آيت علال لموسمين

مجتمع منذ يومين

الناظور .. أحكام مشددة ضد شبكة أنس في قضية المخدرات والمؤثرات العقلية

سياسة منذ يومين

بيان “ترانسبرانسي” حول الوضع الصحي للمناضل سيون أسيدون

منوعات منذ يومين

نشرة إنذارية: موجة حر مع الشركي وزخات رعدية من الجمعة إلى الإثنين

منوعات منذ يومين

فيديو: بن غفير يهدد مروان البرغوثي داخل زنزانته

رياضة منذ يومين

موهبة مغربية تعزز صفوف إشبيلية الاسباني

إعلان

الاكثر مشاهدة