Connect with us

على مسؤوليتي

مراد بورجى يكتب: الملك يدين السياسة الفلاحية الفاشلة لأخنوش وحكومته!

نشرت

في

في خضمّ الجدل الدائر حول دعوة الملك محمد السادس إلى عدم ذبح الأضاحي (وليس عدم ذبح الأكباش)، هناك سؤالان أساسيان يطرحان نفسيهما بقوة: ماذا سيفعل “تجّار الأزمات” مع صفقات استجلاب قطيع الأغنام والأبقار، بعدما لم يعد لها دور في تلبية جشعهم لتحقيق الأرباح الفاحشة؟ وقبل ذلك وبعده، لماذا ظل رئيس الحكومة عزيز أخنوش مصرّا على ذبح الأضحية قبل أن يتلقى صفعة مدوّية من إمارة المؤمنين؟.

أثارت دعوة رئيس الدولة الملك محمد السادس إلى عدم ذبح الأضحية الكثير من الجدل خارج المغرب، أكثر منه داخله، لأن “الخارج” قد لا يفهم، أو بالأحرى قد لا يدرك خصوصية تلك العلاقة الخاصة والعميقة التي تربط العرش بالمغاربة، الذين لا يرون في الملك رئيس الدولة فقط، بل ينظرون إليه، أيضا، باعتباره أمير المؤمنين، حامي حمى الملة والدين، وضامن الأمن والاستقرار للبلاد والعباد… وهذا طبيعي، لأن مسار تشكّل مؤسسة إمارة المؤمنين بالمغرب، رغم استنادها إلى مرجعية الإسلام، بُني على أسس مستقلّة (ليس هنا مجال التفصيل فيها) عن الخلافة المشرقية، منذ تأسيس أول دولة إسلامية بأقصى غرب شمال إفريقيا، دولة الأدارسة، في القرن الثاني الهجري (القرن الثامن الميلادي)، وصولا اليوم إلى دولة العلويين الشريفة، التي مثّلت، مع الملك محمد السادس بن الحسن العلوي، نموذجا متقدما لارتباط المملكة بأرض المغرب بكل مكوناتها الموحَّدة في تنوعها وتعددها، كما جسّدها دستور 2011، الذي دقّق تصديره في مرجعية وهوية الدولة المغربية الحديثة، بما هي “دولة إسلامية ذات سيادة كاملة متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها: العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية، والعبرية والمتوسطية”، بل إن تصدير الدستور أعطى خصوصية مغربية للمرجعية الدينية نفسها بربط الدين الإسلامي، لدى الشعب المغربي، بـ”قيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء”.

عدم إدراك هذه الخصوصية المغربية له ما يبرّره، والجدل الذي يثيره أصحابه يبقى إيجابيا ومحمودا، وقد نقله العديد من النشطاء المغاربة إلى مجال النقاش العمومي، وكان مفيدا ومثمرا في تفاعله مع الخصوصية المغربية، وهذا بخلاف تلك “الحملات” المنظمة والممنهجة، والتي قام أصحابها بتسويق القرار الملكي باعتباره “منعا” موسوما بـ”الحرام”، لأنه “عطّل” شعيرة دينية هي سنّة نبوية مؤكدة من قلب الإسلام، مستهدفين “ترييب” دولة المغرب بضرب خصوصية تلك العلاقة بين الشعب والملك والنظام!.

هذا النوع الأخير من الجدل لا تخفى مراميه بما تحمل من مناورات ومؤامرات، ليست هي موضوعنا هنا بعدما باتت مفضوحةً أمام الرأي العام الدولي ومسخرةً أمام المغاربة، إذ تكفينا فقط الإشارة إلى الارتياح العام الذي سرى في المجتمع المغربي، الذي سارع بناته وأبناؤه للتعبير عن فرحتهم بالدعوة الملكية، التي تجاوبت مع نبضاتهم، وترجمت تطلّعاتهم، التي عبّروا عنها طوال الفترة السابقة، حيث كان يجري الإعلان، بأساليب متعددة ومتنوعة، عن رغبات شعبية متنامية بإقامة شعيرة الأضحى لهذه السنة دون “طقس” ذبح الأضاحي.

فالدعوة الملكية، مغربيا، جاءت منسجمةً مع وظيفة مؤسسة إمارة المؤمنين، وتنزيلًا للثوابت الدينية للمملكة المؤطّرة بدستور 2011، وبهذه الصفة، “أهاب”، وليس “منع”، أهاب “أمير المؤمنين” بالمغاربة بعدم إقامة طقس ذبح أضحية العيد، وذلك بصفة استثنائية هذه السنة، لكن مع الإبقاء على كل الطقوس الأخرى المرافقة للعيد، إذ مثلما أهاب بالشعب المغربي عدم ذبح الأُضحية، كما ورد في رسالة ملكية، فقد أهاب به كذلك أن يحيي عيد الأضحى “وفق طقوسه المعتادة، ومعانيه الروحانية النبيلة، وما يرتبط به من صلاة العيد في المصليات والمساجد،وإنفاق الصدقات وصلة الرحم، وكذا كل مظاهر التبريك والشكر لله على نعمه مع طلب الأجر والثواب”.

الدعوة الملكية، باستنادها إلى إمارة المؤمنين، تندرج في صلب مقاصد الدين الإسلامي في مراعاة أحوال الناس وظروفهم، ودفع الضرر والحرج عنهم، باستحضار “ما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية”، وباعتبار أن “عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة”، وأن “القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محقّقا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود”، وفق ما جاء في الرسالة الملكية…

الملك يدين السياسة الفلاحية الفاشلة لأخنوش

من هذه الزاوية، تكون الدعوة الملكية تتضمّن، أيضا، شهادة إدانة من الجالس على عرش المملكة العلوية الشريفة “للمترامي” على كرسي رئاسة الحكومة، وتعبيرا عن عدم رضى الملك محمد السادس على سياسات عزيز أخنوش ومن معه، إلى الحد الذي يمكن فيه اعتبار الدعوة إلى عدم ذبح الأضاحي إعلانا مدويا عن حكم ملكي بواقع الفشل الحكومي! لقد وقف الملك إلى جانب الشعب ضد الحكومة، التي أعلن رئيسها بسكوته، في أكتوبر الماضي، بمجلس المستشارين، عن تأكيد إقامة طقس ذبح الأضحية، ويأتي أمير المؤمنين اليوم بعكس ذلك، ما يؤكد أن القصر ينأى بنفسه عن كل ما له صلة مباشرة بحكومة أخنوش ومن يشكّل بهم أغلبيته للبغي على الشعب.

الدعوة الملكية إدانة لعزيز أخنوش، كوزير للفلاحة منذ سنة 2007، وكمهندس لمخطط المغرب الأخضر”، الذي استعاره من مكتب دراسات أجنبي تلقّى نظيره أموالا ضخمة بالعملة الصعبة، قبل أن ينتهي إلى الفشل التام، بعد 12 سنة من العمل به، منذ بدايته سنة 2008 إلى نهايته سنة 2020، دون أن ينتج إلا الكوارث وتفاقم الإكراهات والتفريط في الحبوب والسكر والعدس والأرز والحليب وتجفيف الماء وارتفاع الأسعار، وزاد توالي سنوات الجفاف من حدّة وتعمّق الأزمات… وبكلمة: لقد أدى تدبير أخنوش لقطاع الفلاحة بأدوات مخطط المغرب الأخضر إلى إفراز أوضاع مختلة جعلت البلاد مهدّدة بالجوع والعطش!.

إن السياسة الفلاحية المنتهجة، منذ سنة 2008، لم تحقق أي هدف من أهدافها، التي طالما أعلن عنها أخنوش بكثير من التفخيم والتعظيم والاعتداد حتى الاستكبار، دون أن تصل البلاد إلى الاكتفاء الذاتي الموعود في أي مادة من المواد الاستهلاكية الأساسية، بعدما تبيّن أن مخطط المغرب الأخضر الفاشل موجّه أساسا لخدمة طبقة محدودة من الفلاحين الكبار الذين يوجهون منتجاتهم للتصدير لتلبية جشعهم إلى جني الأرباح الطائلة دون أدنى اعتبار لتلبية احتياجات السوق الداخلية، وفي المحصلة، تتحوّل العملة الصعبة الموعودة من التصدير إلى مجرد وهم، إن لم نقل إلى نصب واحتيال، لأن المستفيد الأول والأخير هي أرصدة الفلاحين الكبار المحظوظين وليس خزينة الدولة، إذ تفيد تقارير مكتب الصرف إلى أن حجم الموارد المستوردة من المواد الطرية من الحبوب والذرة والقطاني بلغت حوالي 40 مليار درهم،في حين لم تتجاوز عائدات المواد المصدرة من الطماطم والفواكه وغيرها ما يناهز 30 مليار درهم، بعجز تجاري يفوق 10 ملايير درهم! دون الكلام عن “تطبيل” أخنوش بكون هذا المخطط كان سيساهم في خلق مليون ونصف المليون منصب شغل، لتكشف أرقام المندوبية السامية للتخطيط عن فقدان 247 ألف منصب شغل في مجال الفلاحة والغابة والصيد… هذا فضلا عن كوارث المخطط البيئية، ولاسيما في ما يتعلّق بالإجهاد المائي (القطاع الفلاحي يستهلك نحو 80 في المائة من موارد المياه المتجددة في المغرب)، حتى أن مجلس الحسابات سجّل أن نسبة استنزاف المخطط للمياه بلغت نحو 90 في المائة، قبل أن يضع مسألة الأمن الغذائي في قفص الاتهام بسبب “تبرّم” المخطط عن الزراعات التقليدية (قمح، شعير، ذرة، قصب سكر… إلخ)، التي قال قضاة مجلس الحسابات إن المغرب كان من منتجيها الكبار، وبعدما جاء المخطط الأخضر أصبح من مستورديها الكبار!.

ونعود إلى طرح السؤال: لماذا عمد رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى “تأكيد” إقامة شعيرة الأضحى بذبح الأضاحي، ولماذا رفض الملك له هذه النيّة والرغبة والإرادة؟ الجواب بسيط جدا: لقد رأى المغاربة أجمعين، يتصدّرهم ملك البلاد، كيف “ضحك” أخنوش على الدولة وعلى الشعب، بإجراءات تزيد في تسمين الأغنياء وتجويع الفقراء، حين جعلت فئة من المستوردين “المحظوظين” يستفيدون مرتين، يلهفون من جهة مبالغ الدعم العمومي الباهظة (500 درهم عن كل رأس غنم)، التي وُزّعت “زعما” بهدف تخفيض الأثمان (أو “الثَّمَنات” حسب تعبير أخنوش)، ويلهطون من جهة ثانية جيوب الناس بإشعال النار في الأسعار، حتى أصبح معدّلها يتراوح بين 5 آلاف إلى أزيد من 10 آلاف درهم، أمّا ما دون ذلك من ماشية، فكانت أشبه بالقطط منها بالخرفان!.

لا يمكن للملك أن يترك لأخنوش “التسيّب” ليعيد تلك المسخرة، التي تغدق العطايا على “18 من المضاربين” من تجار الأزمات الذي كان على وزير الصناعة مزور المطالبة بفتح تحقيق معهم… ونفس الشي مع مخطط المغرب الأخضر، الذي أثبت فشله الذريع منذ سنوات، دون أن يقوم أخنوش، ولو للحظة، بإجراء وقفة مراجعة وتقييم وتصحيح، وهو الأمر الذي كان الوزير يفرض عليه ستارا حديديا من الكتمان، إلى الحد الذي اضطرت معه وزيرة منتدبة سابقة في الماء، خلال حكومة سعد الدين العثماني، وهي القيادية شرفات أفيلال، التي كشفت، مؤخرا، أنها كانت “ممنوعة من تقييم مخطط المغرب الأخضر”، وقالت: “كان ممنوعا علينا القول بإخضاع المخطط للتقييم”، وأن “السياسة الفلاحية كانت وحدها التي لا يقيّمها إلا القائمون عليها”، وكشفت أفيلال كذلك أن كل من لم يلتزم بهذا المنع كان يتعرض لـ”الهجمات والضربات”! ولعل هذا ما يفسر الموقف “المتعنت” والمتهور” لوزير الفلاحة، آنذاك، في مواجهة رئيس المجلس الأعلى للحسابات، لدى صدور تقرير 2018، الذي خصّص 400 صفحة لفضح اختلالات السياسة الفلاحية، إذ وصل الأمر بعزيز أخنوش إلى تهديد وشتم إدريس جطو! وهو نفس المنحى الذي يفسّر اليوم المواقف “الصفيقة” لباطرون الحكومة من مؤسسات الحكامة، وهي مؤسسات يتعامل معها أخنوش وفريقه التابع وكأنها ليس مؤسسات دستورية، وإنما مجرد “مصالح حكومية” لا يحق لها أن تبدي رأيا خارج “التهليل” لسياساته الفاشلة، وإلا تتعرض لشتى أصناف الحملات و”الهجمات والضربات” مثلما أقرّت بذلك الوزيرة شرفات!!!.

كل هذا، يتطلّب معه وبصفة ملحة وعاجلة، عملية تقييم ومحاسبة، طبقا للمعايير الدولية المعمول بها، لحصيلة “مخطط المغرب الأخضر”، خصوصا بعدما اعتمد المغرب مخططا “جديدا” ليس إلا استمرارية للمخطط القديم، تحت اسم “الجيل الأخضر”، الذي يغطي فترة عشر سنوات من 2020 إلى سنة 2030، حتى لا يكون المغاربة، مرّة أخرى، ضحايا “زيد الشحمة فظهر المعلوف”، بتعبئة أغلفة مالية ضخمة لصالح كبار الفلاحين المستفيدين من سياسة فلاحة التصدير مقابل “طحن” أوسع الفئات الشعبية!.

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

سعيد الكحل: تثمين العمل المنزلي عُقدة الإسلاميين

نشرت

في

بواسطة

أخرجت توصيات اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس النواب بشراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة وصندوق الأمم المتحدة للسكان والوكالة الإسبانية للتعاون من أجل التنمية حول موضوع: “تثمين العمل المنزلي للنساء بالمغرب: من الاعتراف إلى التمكين”، يوم 26 نونبر 2025، أخرجت إسلاميي البيجيدي من وضعية “الاطمئنان” وانتظار نتائج عمل اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، إلى حالة الهيجان لِما تضمنته ـ تلك التوصيات ـ من إحداث “اللجنة الوطنية لتثمين العمل المنزلي”، ولجنة برلمانية خاصة لمراقبة تنفيذ توصيات اليوم الدراسي ودمج مخرجاته في عمل اللجان الدائمة، وإصدار تقرير سنوي مشترك تصدره الوزارة ومجلس النواب وصندوق الأمم المتحدة للسكان حول تتبع التوصيات والتقدم المحرز”. إذ عبرت “الأمانة العامة عن استغرابها ورفضها لقبول المؤسسة التشريعية والحكومة بتوصياتٍ من هذا القبيل تهم مختلف السياسات الوطنية العمومية والقطاعات الحكومية والجماعات الترابية”.

لقد أدرك البيجيدي أن مناهضته الشرسة لتثمين العمل المنزلي واطمئنانه إلى كون لجنة تعديل المدونة ستتجاوب مع مطالبه الرافضة لهذا التثمين، باتت دون جدوى بعد أن تم الالتفاف عليها بانخراط البرلمان والقطاعات الحكومية في إستراتيجية تثمين العمل المنزلي وإلغاء كل أشكال العنف القائم على النوع، وفي مقدمته العنف المادي والاقتصادي. خصوصا ما ورد في الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس مجلس النواب من تأكيد على أن “هذا الموضوع يقع في صميم الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل من العدالة الاجتماعية والمساواة ركيزتين أساسيتين لبناء الدولة الاجتماعية الحديثة. وشدد على أن إدراج العمل المنزلي ضمن منظومة الاعتراف الاقتصادي والاجتماعي ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل هو اختيار يعكس عمق المشروع المجتمعي المغربي الرامي لتحقيق الإنصاف والتوازن”.

إنها إستراتيجية واضحة أملتها الإرادة الملكية “وفي مغرب اليوم، لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها.

وهنا، ندعو لتفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض بوضعيتها” (خطاب العرش 2022)، والاتفاقيات الدولية، أهمها اتفاقية “سيداو” للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة؛ ثم نضالات الحركة النسائية، فضلا عن القيمة الاقتصادية لهذا العمل غير المعترف به والتي تصل إلى 513 مليار درهم. وهذه خطوة جد مهمة من الحكومة أن تقر بالمردودية الاقتصادية للعمل المنزلي وتدرس سبل تمكين ربات البيوت من تقاعد، مهما كان مبلغه، يحفظ لهن كرامتهن.

أحكام قضائية وفتاوى فقهية منصفة.

إن المحاولات اليائسة للإسلامويين وعلى رأسهم البيجيدي وذراعه الدعوية لن توقف زحف الربيع الحقوقي للنساء؛ وما شطحاته اليوم إلا دليل نكساته السياسية وخيباته في مسار إنصاف المرأة. ذلك أن رهانه على معارضة ادخال تعديلات جوهرية على مدونة الأسرة لتثمين العمل المنزلي، رهان خاسر. فالاجتهادات الفقهية النابعة من صميم الواقع المغربي انتصرت لحق الأرملة والمطلقة فيما تراكم من ممتلكات خلال فترة الزواج نظير ما بذلته من جهد، سواء في تربية الأولاد أو القيام بأشغال المنزل أو مساعدة الزوج في الكسب.

فقد ذهب فقهاء شمال المغرب ومنهم أبو القاسم بن خجو المشهور بالقوري، وأحمد بن عرضون وأخٌوه محمد بن عرضون وغيرهم، إلى الإفتاء بحق الكد والسعاية؛ كما اشتهر فقهاء منطقة سوس، من خلال نوازلهم الفقهية، بالإقرار للزوجة بحقها فيما تراكم من ممتلكات. إذ ذكر المرحوم محمد المختار السوسي في كتابه المعسول، “أن قضاة جزواة (وهي من بلاد سوس) أنهم كانوا يحكمون بالسعاية للمرأة في كل ما يدخل إلى الدار بقدر سعايتها”.

ولا تختلف المرأة في البادية عن المرأة في المدينة فيما يتعلق بحق السعاية. إذ نجد، في هذا الباب، فتوى للفقيه الورزازي، حين سئل عن الزوجة إذا كانت تخدم في دار زوجها، هل لها فيما استفاده زوجُها من خدمته وخدمتها أم لا ؟ فأجاب : “قال الإمام ابن العطار، مذهب مالك وأصحابه، أن المرأة إذا كانت تعمل مثلا الغزل والنسج ونحوهما. فإنها شريكة للزوج فيما استفاده من خدمتها أنصافا بينهما، وكذا الأم مع أولادها، والأخت مع أختها والبنت مع أبيها، ونساء الحاضرة والبادية في هذا سواء والله اعلم”.

ومن الفتاوى المؤيدة لتثمين العمل المنزلي، فتوى الفقيه العباسي في نوازله التي ورد فيها “ومن تزوجت ووجدت عند زوجها بهائم ومكثت عنده أربعة أعوام ثم فارقها، فإنها تأخذ سعايتها فيما زادت من البهائم بقول أهل المعرفة”.

أما ما يتعلق بالأحكام القضائية التي أنصفت النساء وأقرت حقهن في الممتلكات الزوجية، فيمكن إعطاء حُكمين على سبيل الذكر لا الحصر:

1 ـ الحكم الصادر عن محكمة الشرع بتزنيت سنة 1959 والذي قضى “بقسم قيمة الجميع نصفين: نصف للدمنة كما هو الجاري به العمل بهذه البلاد، والنصف الباقي يقسم بين المدعية (ر بنت (م) وبين المدعى عليه (م بن ع) لكونهما وحدهما في الدار والسعاية لهما فقط “.

وعللت المحكمة حكمها هذا بكون “العمل جرى بثبوت السعاية للنساء في البوادي كما بين في شرح العمليات، خصوصا ما كانت عليه نساء الأزواج المسافرين إلى فرنسا ويتركون أزواجهم يقمن مقامهم في تربية البهائم والأولاد وفي الحرث والحصد ومقابلة أملاكهم، بل ويحضرون في المحاكم يدافعن عن أملاك أزواجهن “. فالمحكمة وسّعت من دائرة الأعمال التي تخوِّل للزوجة حق السعاية، في إطار تثمين العمل المنزلي، وجعلتها على ثلاثة أصناف: أولها ويتعلق بالعمل الفلاحي المتمثل في الحرث والحصاد وتربية الماشية وغير ذلك. وثانيها العمل المنزلي المعبر عنه بتربية الأولاد، وثالثها ويتعلق بالعمل الإداري والقانوني والقضائي المتمثل في تحمل أعباء حل المشاكل الإدارية لأملاك الزوج أو الدفاع عنها أمام القضاء أو التقاضي بخصوصها لحمايتها من الترامي أو التضييع.

2 ـ قرار محكمة الاستئناف بالرباط رقم 244 الصادر بتاريخ 04.04.2000 بشأن الملف العقاري عدد1999/6323 ، والذي ذهب إلى أن “الكد والسعاية من لدن المرأة سواء في البادية أو الحاضرة المعتبر للتعويض عنه، هو المترتب من عمل مكتسب وافر على الحاجيات الشخصية يصب في ثروة مادية أنشئت اثناء الحياة الزوجية”.

واضح مما تقدم، أن الفقهاء والقضاة الذين تصدوا بالفتيا أو الحكم لمسألة تثمين الأعمال التي تقوم بها النساء في المنازل، إنما فعلوا وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم الحية، ولم يتعاملوا مع مؤسسة الزواج “كشركة تجارية”، أو “علاقة مشغِّل وأجير داخل البيت” كما يزعم البيجيدي. بل إن حرمان الزوجة من حقها فيما ساهمت فيه من ممتلكات زوجية لهو الظلم بعينه لأنه يدخل ضمن “أكل أموال الناس بالباطل” المنهي عنه في الإسلام.

إن رفض البيجيدي تثمين العمل المنزلي للنساء يجسد عداءه لحقوق النساء. لهذا نجده يناهض حق ولاية المرأة على نفسها في الزواج، وحقها في التطليق وحل رابطة الزواج، وحقها في ملكية جسدها وفي الإجهاض غير المرغوب فيه؛ كما يصر على شرعنة الاستغلال المادي والجنسي للنساء بالتشبث بتزويج الطفلات، وبقاعدة التعصيب التي تحرم الإناث من كامل حقهن في التركة، وكذا حرمانهن مما ساهمن في تكوينه ومراكمته من ممتلكات خلال فترة الزواج. وها هو اليوم يعارض سعي الحكومة إلى تثمين العمل المنزلي باعتباره عملا منتِجا.

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

السياسة : في الحاجة إلى المعنى في زمن التفاهة

نشرت

في

بواسطة

لم تعد التفاهة في الحقل السياسي المغربي مجرد انزلاق لغوي أو ضعف تواصلي لدى بعض الفاعلين، بل أصبحت نمطًا اشتغاليًا يُعاد إنتاجه بشكل شبه منتظم داخل الفضاء العمومي.

الأخطر في هذا التحول ليس رداءة الخطاب في حد ذاتها، بل كونها تُقدَّم باعتبارها سياسة، وتُسوَّق بوصفها قربًا من المواطن، بينما هي في الواقع تفريغ ممنهج للفعل السياسي من محتواه المعرفي والأخلاقي.

السياسة، في معناها الفلسفي، تفترض القدرة على تحويل الواقع الاجتماعي إلى موضوع للنقاش العقلاني، وعلى بلورة اختيارات واضحة تُعرض للنقد والمساءلة. غير أن الممارسة السائدة تُظهر انتقالًا واضحًا من سياسة البرامج إلى سياسة الانطباعات. في الحملات الانتخابية، على سبيل المثال، نادرًا ما يشهد النقاش العمومي تفكيكًا حقيقيًا للسياسات العمومية أو تقييمًا للأثر الاجتماعي للقرارات السابقة. بدل ذلك، يهيمن خطاب شعاراتي فضفاض، يُكثر من الوعود العامة دون تحديد الوسائل، ويعتمد على سرديات شخصية، أو على استعراض “القرب” من المواطن عبر صور وأساليب تواصلية لا تحمل أي مضمون سياسي فعلي.

هذا الاختزال يتجلى بوضوح في النقاشات البرلمانية التي تتحول، في كثير من الحالات، إلى مشاهد خطابية موجهة للاستهلاك الإعلامي. أسئلة آنية تُطرح دون متابعة، سجالات لفظية تُستثمر للتصفيق أو للانتشار الرقمي، بينما تغيب النقاشات العميقة حول السياسات القطاعية، أو تقييم البرامج الحكومية، أو محاسبة الاختيارات الاقتصادية. البرلمان، هنا، لا يُعطَّل، لكنه يُفرَّغ من وظيفته التداولية، ويُعاد تعريفه كفضاء عرض لا كفضاء تفكير.

في الفضاء الرقمي، تتخذ التفاهة السياسية شكلًا أكثر فجاجة. تصريحات مبتورة، مقاطع قصيرة خارج سياقها، ومواجهات كلامية تُقدَّم بوصفها “نقاشًا سياسيًا”. سياسيون يراكمون الحضور عبر الإثارة لا عبر الفكرة، ويُقاس وزنهم بقدرتهم على إثارة الجدل لا بقدرتهم على صياغة بدائل. وهنا يتحقق منطق خطير: السياسة تُكافَأ حين تكون سطحية، وتُعاقَب حين تكون معقدة. المواطن لا يُمنع من الاهتمام، بل يُستنزف في متابعة لا تُفضي إلى فهم.

من منظور سوسيولوجي، لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن أزمة الثقة المتراكمة. فحين يغيب المعنى، يصبح العزوف موقفًا عقلانيًا. التفاهة السياسية لا تُقصي المواطن قسرًا، بل تدفعه إلى الانسحاب الهادئ، لأنه لا يرى في الخطاب المعروض ما يستحق الاستثمار الذهني أو العاطفي. وهكذا، تتحول المشاركة السياسية إلى طقس انتخابي محدود، لا إلى انخراط واعٍ في الشأن العام.

الأخطر أن هذا النسق لا يعمل ضد السلطة السياسية فقط، بل ضد السياسة ذاتها. فالتفاهة تُفرغ الصراع من مضمونه، وتحوّل الاختلاف إلى مشاحنات شخصية، وتُعيد إنتاج نفس النخب داخل نفس الدائرة الخطابية. لا أحد يُحاسَب على ضعف الفكرة، لأن الفكرة أصلًا لم تعد شرطًا. وبهذا، تُستبدل السياسة بوهم السياسة، كما وصف بودريار: تمثيل بلا أصل، وصورة بلا واقع.

في هذا السياق، تصبح مفاهيم مثل “الإصلاح” و“النموذج التنموي” و“ربط المسؤولية بالمحاسبة” جزءًا من قاموس متداول، لا من برنامج عمل. تُستعمل هذه المفاهيم بكثافة، لكنها لا تُحمَّل بمحتوى قابل للقياس أو للنقد. وهنا تتجلى تفاهة المعنى في أقصى صورها: اللغة السياسية تبدو غنية، لكنها معطّلة وظيفيًا.

إن التفاهة السياسية، بهذا المعنى، ليست فشلًا فرديًا، بل نتيجة نسق يكافئ السلامة الخطابية، ويعاقب الجرأة الفكرية. نسق لا يمنع النقاش، لكنه لا يسمح له بأن يغيّر شيئًا. وهذا ما يجعلها أداة ضبط ناعمة بالمعنى الفوكوي: ضبط عبر الإلهاء، لا عبر المنع؛ عبر الإشباع الرمزي، لا عبر القمع.

إن استعادة السياسة لمعناها في المغرب تمرّ عبر كسر هذا النسق، لا عبر تحسين لغته فقط. تمرّ عبر إعادة الاعتبار للبرنامج، وللتفكير طويل النفس، ولمساءلة حقيقية لا تُختزل في لحظة إعلامية. ففي سياق تُدار فيه السياسة بالضجيج، يصبح العمق فعلًا مزعجًا، ويغدو الدفاع عن المعنى موقفًا سياسيًا في حد ذاته. كل ذلك في انتظار معنى يعيد للسياسة شرفها.

* أوسي موح الحسن

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

سعيد الكحل: الفقيه الريسوني يعود إلى عادته القديمة

نشرت

في

بواسطة

أصدر الفقيه الريسوني، بتاريخ 29 نونبر 2025، فتوى تحت عنوان “فتوى حول التعامل مع المحتلين والمعتدين”، يحرم فيها كل أشكال التعامل مع إسرائيل ومع الشركات والجهات الداعمة لها.

* التطاول على صلاحيات لجنة الإفتاء.

يصر الفقيه الريسوني على مخالفة إجماع المغاربة وتشبثهم، من جهة، بمرجعيتهم الدينية التي تلزمهم بطاعة ولي الأمر، ومن أخرى بوثيقتهم الدستورية التي تنص في الفصل 41 بأن “الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية. يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه. ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة”.

والفقيه الريسوني، بفتواه تلك التي تخرق الدستور وتتنكر لمذهب المغاربة وما أجمعوا عليه حفاظا على وحدتهم، يصر على تنصيب نفسه “مفتيا” في شؤون المغاربة الدينية والدنيوية. وليست المرة الأولى التي يتطاول فيها على اختصاصات المجلس العلمي الأعلى، بل سبق له أن فعلها مرات عديدة، حيث كانت أولاها يوم تصدى لمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، متهما واضعيه ومسانديه بمحاربة الدين وهدم ما تبقى من حصونه. إلا أن أخطرها لما طعن في أهلية الملك لإمارة المؤمنين، سنة 2003، فاضطر، ساعتها إلى تقديم استقالته من رئاسة حركة التوحيد والإصلاح. وها هو اليوم يواصل استهدافه لإمارة المؤمنين تنفيذا لمخطط تنظيم الإخوان الدولي الذي كشفت عنه رسالة مرشد التنظيم في مصر، مصطفى مشهور، إلى تنظيمات الإسلام السياسي بالمغرب سنة 1996، ومن أهدافها: ضرب الشرعية الدينية للملك ومنازعته صلاحياتها. لهذا شدد الفقيه الريسوني في فتواه على البعد الديني وذلك بالتحريم القاطع لأي تعامل مع إسرائيل.

* فتوى سياسية وليست دينية.

إن الفقيه الريسوني لم ينصّبه الدستور مفتيا ولا تم تعيينه رئيس لجنة الإفتاء. إنما هو لسان حال تنظيم الإخوان يروج لشعارات فرعه بالمغرب التي ظلت ترددها الجماعات المنتمية إليه على مدى خمس سنوات، واشتد صرخاتها مع “طوفان الأقصى” في محاولة يائسة للضغط على المغرب لقطع كل العلاقات مع إسرائيل. لم يكن هدف الريسوني ومعه إخوانه في التيار نصرة أهل غزة، بل استثمروا في مآسي الفلسطينيين أملا، من جهة، في استرجاع مواقعهم الانتخابية التي خسروها بسبب فقدانهم أصوات الناخبين، ومن أخرى سعيا إلى استهداف شرعية النظام الدينية والسياسية. ذلك أن تنظيمات الإسلام السياسي وفقهائها وعلى رأسهم أحمد الريسوني الذي تولى رئاسة “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” الذي يتشكل من الأعضاء المنتمين لهذا التيار قبل أن يستقيل مضطرا، لم يصدروا بيان إدانة ضد قطر وتركيا اللتين تربطهما علاقات قوية ومتعددة مع إسرائيل. فقد سبق لمحمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، أن صرح، في لقاء صحفي لقناة “فوكس” الأمريكية أن “دولة قطر منذ التسعينيات، منذ أوسلو كانت أول دولة تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، عندما كان هناك أمل في السلام، وفي عام 1997 وقعنا على البعثات التجارية.. حتى الآن لا تزال لدينا علاقة العمل هذه، لم تتوقف”. كما سبق لمعهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط (MEMRI) أن سرّب وثائق تثبت تمويل الحكومة القطرية لمسؤولين إسرائيليين ضمن “مشروع رافين”، ومنها وثائق يرجع تاريخها إلى عامي 2012 و2018، حين قدمت قطر منحتين على الأقل، لنتنياهو، الأولى قدرها 15 مليون دولار في عام 2012 والثانية قدرها 50 مليون دولار في عام 2018. نفس الأمر فيما يتعلق بتركيا التي تربطها علاقات قوية بإسرائيل؛ إذ تشير الأرقام إلى أن قيمة صادرات تركيا من الصلب إلى إسرائيل بلغت في مارس 2024 نحو 13 مليوناً و901 ألف و470 دولاراً، مقارنة بـ153 ألفاً و400 دولار فقط في الشهر نفسه من عام 2023، أي بزياد مهمة بنسبة 8962.2%. أما قيمة صادرات الصلب خلال الربع الأول من 2024(يناير–مارس)، فقد بلغت 41 مليوناً و421 ألفاً و420 دولاراً، في مقابل 177 ألفاً و560 دولاراً في الفترة نفسها من عام 2023، أي بزيادة نسبتها 23228.1%. أما حجم التجارة بين إسرائيل وتركيا فقد بلغ 7 ملايير دولار. رغم حجم التبادل التجاري لم يهاجم الريسوني أو تنظيمات الإسلام السياسي تركيا؛ بل برروا علاقاتها مع إسرائيل ودافعوا عنها كما هو حال حركة حماس التي قالت، مباركة تلك العلاقات، إنها “تتطلع إلى مواصلة تركيا لدورها في دعم القضية الفلسطينية وإنهاء الحصار بشكل كامل”. لكن حين تعلق الأمر بالمغرب سارعت الحركة إلى الإدانة معتبرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل “يعد خطيئة وسلوكا مضرا بمصالح الأمة وأمنها ويمثل خطرا على القضية الفلسطينية وطعنة في ظهر شعبنا وأمتنا”.

* تنظيم الإخوان لا يؤمن بالأوطان.

ليس مستغرَبا أن يتجاهل الريسوني ومعه إسلاميو المغرب ظروف المغرب وقضيته الوطنية الأولى التي تستنزف مقدراته على مدى نصف قرن؛ فهم لا يؤمنون بالوطن وعلى استعداد للتضحية بمصالحه العليا من أجل أوهامهم الإيديولوجية العابرة للحدود. وهذا ما يفسر فتح أسواق المغرب على مصراعيها أمام المنتوجات التركية رغم الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت فيها، فضلا عن الاستغلال الفظيع لقضية غزة لتجييش المواطنين وحشدهم في مظاهرات واحتجاجات لا تنتهي من أجل الضغط على النظام لقطع العلاقات مع إسرائيل. ذلك أن الإسلاميين لا يقدّرون المكاسب الدبلوماسية والعسكرية للدعم الأمريكي والإسرائيلي للمغرب والذي أثمر قرار مجلس الأمن 2797 المعترف بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية. كما لم يكترثوا للتهديدات المتزايدة التي يشكلها النظام الجزائري على أمن المغرب وحدة أراضيه. وهذا الذي على الريسوني وإخوانه الوعي به واستحضاره حين الحديث عن “التطبيع” ومزاياه الدبلوماسية (الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء) والعسكرية (تزويد المغرب بأحدث الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية الرادعة لأي عدوان وبتقنيات صناعتها (نموذج صناعة الدرونات الانتحاريةSPX). فمن حق المغرب أن يستفيد من الدعم العسكري الإسرائيلي مثلما استفادت منه تركيا في تطوير جيشها.

إن فتوى الريسوني بمقاطعة كل الشركات التي يضعها تنظيم الإخوان ضمن خانة “الداعمة لإسرائيل”، لا يريد بها دعم غزة بقدر ما يسعى إلى الإضرار مباشرة بالاقتصاد الوطني وبالوضع الاجتماعي للمغاربة الذي سيترتب عن إغلاق الشركات والمؤسسات الإنتاجية والخدماتية وتسريح عشرات الآلاف من العمال وحرمان خزينة الدولة من عائداتها الضريبة. إنهم يريدون خنق النظام بتأزيم الأوضاع الاجتماعية وتجفيف موارده المالية؛ وتلك إستراتيجية تعتمدها كل تنظيمات الإسلام السياسي.

إن المغرب ليس بحاجة إلى فتاوى الريسوني وأمثاله لتطوير قدراته وبناء علاقاته الدولية. والدعم المغربي الدائم والمبدئي للفلسطينيين لا يتوقف على فتوى ولا يتأثر بمواقف التنظيمات الإخوانية. وعلى سماسرة وتجار القضية الفلسطينية أن يعلموا أن المغرب هو الدولة الوحيدة التي تتحمل مسؤوليتها المالية الكاملة في تمويل بيت مال القدس. وكان حريا بالريسوني أن يتعظ مما جرّته عليه نزواته الفقهية، إذ لا يكاد يرأس هيئة حتى يُطرد منها بسبب تنطعه والإفتاء فيما لا يعنيه ولا يدخل ضمن المجال الفقهي.

* شطحات الفقيه الريسوني.

إن المتتبع لخرجات وفتاوى الريسوني سيدرك تناقضاته/شطحاته التي لا يحكمها مبدأ ثابت. فهو نفسه لم ينضبط لفتواه بتحريم أي تعامل أو “افتاق سلام” مع إسرائيل؛ إذ سبق له أن وافق، سنة 2006، عبر قناة الجزيرة على موقف أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، بجواز توقيع حركته على هدنة مع إسرائيل. بل ذهب الريسوني أبعد من هذا لما أفتى بإمكان حماس أن تسمي اتفاق الهدنة مع إسرائيل بأنها “اتفاقية سلام” مؤقتة. وفي غشت 2019، نشر فتوى يجيز فيها للمسلمين غير الفلسطينيين زيارة القدس والمسجد الأقصى، مع العلم أنه سبق أن أخبر الصحفي والكاتب الفلسطيني، منير شفيق، أنه “يفضل قطع رأسه على أن يطلب تأشيرة من سفارة صهيونية”.

شطحات الفقيه الريسوني لم تقتصر على العلاقة مع إسرائيل، بل شملت فتاواه قضايا أخرى منها ولاية المرأة على نفسها في الزواج؛ إذ شدد في تحريمها عبر بيانه، سنة 2000، حول مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، ثم غيّر رأيه، في حوار صحفي، بعد ستة أشهر فقط. وحين أعلن جلالة الملك عن مضمون التعديلات التي همت مدونة الأحوال الشخصية أمام البرلمان سنة 2003، برر الريسوني موافقته على التعديلات بأن “اختيار الحاكم يرفع الخلاف”. لكنه اليوم يقرر مخالفة هذه القاعدة الفقهية والخروج عما أفتى به جمهور الفقهاء بوجوب طاعة ولي الأمر إرضاء لنزعته الأيديولوجية ووفاء لتنظيم الإخوان.

أكمل القراءة
رياضة منذ 11 ساعة

كأس العرب: الأردن إلى النهائي على حساب السعودية

واجهة منذ 12 ساعة

لجنة المعطيات الشخصية تنفي رفضها نشر لوائح الصحفيين

رياضة منذ 14 ساعة

المغرب يتغلب على الإمارات بثلاثية نظيفة ويتأهل لنهائي كأس العرب

مجتمع منذ 16 ساعة

فيضانات آسفي.. اجتماع طارئ وتعبئة شاملة لمواجهة الأزمة

على مسؤوليتي منذ 17 ساعة

سعيد الكحل: تثمين العمل المنزلي عُقدة الإسلاميين

رياضة منذ 17 ساعة

تشكيلة المنتخب الوطني الرديف امام الإمارات

مجتمع منذ 18 ساعة

درعة-تافيلالت.. تعليق الدراسة مؤقتا بسبب سوء الأحوال الجوية

مجتمع منذ 18 ساعة

فيضانات آسفي.. النيابة العامة تفتح بحثا في الأسباب

منوعات منذ 20 ساعة

المخرج سعيد بن الثقة يكشف الستار عن فيلمه الجديد الكوميدي “3 دقايق”

مجتمع منذ 21 ساعة

آسفي : تعليق الدراسة بالمؤسسات التعليمية لثلاثة أيام

اقتصاد منذ 21 ساعة

(لارام) تفتح تسعة خطوط جوية مباشرة في اتجاه كل من أوروبا، وإفريقيا وأمريكا

واجهة منذ 22 ساعة

النقابة الوطنية للصحافة تتضامن مع أسر ضحايا فيضانات آسفي

مجتمع منذ 23 ساعة

فيضانات آسفي: ارتفاع حصيلة الخسائر البشرية إلى 37 وفاة

على مسؤوليتي منذ 23 ساعة

السياسة : في الحاجة إلى المعنى في زمن التفاهة

رياضة منذ يوم واحد

ريال مدريد يفوز على ديبورتيفو ألافيس 2-1

مجتمع منذ يوم واحد

الفيضانات الاستثنائية بإقليم آسفي: تعداد 21 حالة وفاة إلى حدود اللحظة

رياضة منذ يوم واحد

كأس العالم سيدات: الجيش الملكي يفوز على ووهان جيانغدا الصيني ( 2-1)

واجهة منذ يوم واحد

نشرة إنذارية: أمطار قوية وتساقطات ثلجية بعدد من مناطق المملكة

مجتمع منذ يوم واحد

أمطار غزيرة و فيضانات تُغرق أحياء في آسفي

منوعات منذ يومين

تيميتار: الفنانون الأمازيغ في صُلب حوار موسيقي عالمي

رياضة منذ أسبوعين

مدينة الصويرة تحتفي بأحد أبنائها البررة..محمد عبيد

رياضة منذ أسبوعين

إطلاق الدورة العاشرة للمنتدى الدولي للإعلام بواشنطن

على مسؤوليتي منذ أسبوعين

سعيد الكحل: سقوط الأقنعة عن تجار الفتنة

رياضة منذ أسبوعين

كاس العرب 2025: المنتخب الجزائري حامل اللقب يكتفي بالتعادل مع السودان صفر-صفر

على مسؤوليتي منذ أسبوعين

نحو إلزام الأحزاب الإسلامية بميثاق قانوني لوقف توظيف الدين وخطاب الكراهية

تكنولوجيا منذ أسبوعين

اختراق أمني يستهدف بيانات مستخدمي ChatGPT

رياضة منذ أسبوعين

أمريكا تقلص مدة انتظار التأشيرة بالمغرب إلى شهرين استعدادا لمونديال 2026

على مسؤوليتي منذ أسبوع واحد

سعيد الكحل: الفقيه الريسوني يعود إلى عادته القديمة

سياسة منذ أسبوع واحد

هيئات نقابية صحافية تجدد رفضها القاطع لمشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة

على مسؤوليتي منذ أسبوعين

محاكمة جديدة لسعد لمجرد بتهمة الاغتصاب في فرنسا

سياسة منذ أسبوعين

هذه هي الشروط الجديدة لدعم ترشح الشباب في الانتخابات

رياضة منذ أسبوعين

قرعة مونديال 2026: المغرب يقع في مجموعة البرازيل

سياسة منذ أسبوعين

وزير الداخلية يذكر باستمرار تسجيل الناخبين

منوعات منذ أسبوعين

محكمة فرنسية تقرر تأجيل محاكمة سعد لمجرد بتهمة الاغتصاب

تكنولوجيا منذ أسبوعين

غوغل تكشف عن تحديث يتيح للشركات الاطلاع على رسائل الموظفين النصية!

سياسة منذ أسبوعين

مجلس التعاون الخليجي يجدد التأكيد على مغربية الصحراء ويرحب بقرار مجلس الأمن 2797

رياضة منذ أسبوعين

المنتخب الوطني الرديف يستعد للقاء جزر القمر في كأس العرب

مجتمع منذ أسبوعين

الجديدة: 90 سنة سجنا للمتابعين الستة في قضية اغتصاب قاصر

مجتمع منذ أسبوعين

مراكش.. توقيف متورطين في سرقة سائحة أجنبية

سياسة منذ أسبوعين

مدريد تشيد بالعلاقات “الرائعة” بين المغرب وإسبانيا

رياضة منذ أسبوعين

مدينة الصويرة تحتفي بأحد أبنائها البررة..محمد عبيد

سياسة منذ شهرين

🔴 مباشر | الخطاب الملكي السامي

رياضة منذ شهرين

الدار البيضاء.. انطلاق المرحلة الرابعة من سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء

الجديد TV منذ 4 أشهر

الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge

رياضة منذ 6 أشهر

“الدوري الأول للراحلة حليمة مرجان”..الرياضة في خدمة العمل الخيري

رياضة منذ 7 أشهر

الرباط تكرّم الراحل يونس رودياس أحد رموز كرة السلة بنادي الفتح الرياضي

الجديد TV منذ 7 أشهر

الوداد الرياضي يحتفل بذكراه الـ88.. ليلة وفاء وتكريم لأساطير الأحمر

الجديد TV منذ 7 أشهر

المغرب يدخل عصر العلاج الثوري لسرطان البروستاتا بتقنية HIFU

رياضة منذ 8 أشهر

في حفل تأبيني مؤثر.. سبور بلازا يكرم روح الراحل كمال لشتاف

رياضة منذ 8 أشهر

نادي “النور اولاد صالح” ينظم الدوري السنوي للكرة الحديدية

الجديد TV منذ 8 أشهر

تفاصيل مؤامرة الجنرال أوفقير على رفاقه في الجيش وعلى الحسن الثاني

الجديد TV منذ 9 أشهر

محمد لومة يحكي عن أخطر جرائم أوفقير في حق الوطن والشعب

رياضة منذ 9 أشهر

للمرة الثانية الرباط تحتضن التجمع التدريبي الافريقي BAL في كرة السلة

الجديد TV منذ 9 أشهر

هكذا اقتطعت الجزائر أجزاء من التراب المغربي و التونسي بدعم من فرنسا ( فيديو)

الجديد TV منذ 12 شهر

بالفيديو..تفاصيل محاولة اغتيال الحسن الثاني سنة 1972

الجديد TV منذ سنة واحدة

1981: مقترح “الاستفتاء” حول الصحراء..عندما قال عبد الرحيم بوعبيد “لا” للحسن الثاني

الجديد TV منذ سنة واحدة

محمد لومة يكشف مراحل الصراع بين الحسن الثاني و عبد الرحيم بوعبيد (الجزء الأول)

الجديد TV منذ سنة واحدة

تفاصيل تحكى لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن حلون (الحلقة الثانية)

الجديد TV منذ سنتين

و شهد شاهد من أهلها..حقائق تكشف لأول مرة عن اغتيال الشهيد عمر بن جلون

الجديد TV منذ سنتين

حورية أجدور..صوت مجدد صاعد في سماء الأغنية الأمازيغية “فيديو “

إعلان

الاكثر مشاهدة