على مسؤوليتي

لهذا السبب لن تتوقف هذه الحرب على غزة الآن

نشرت

في

* معز كراجه
لن تتوقف هذه الحرب على غزة الآن، لا ببيان ثلاثي ولا خماسي. فهي “حرب الحسم” بالنسبة لإسرائيل الدولة، أي إسرائيل السياسة والجيش والمجتمع. توقفها في منتصف الطريق غير وارد، فليس هناك ما يجبرها على ذلك، حتى الآن على الأقل.

ولكن توقيت هذا البيان الثلاثي وظهوره فجأة، يفصح عن هدفين له، هما : إما تأجيل الرد الايراني، حيث من الصعب والمحرج لايران أن تذهب الى ضربة قوية في وقت تعقد فيه “طاولة مفاوضات” بين “المتحاربين”. ثانيا: إظهار إيران في صورة الدولة الساعية إلى الحرب وتخريبها لفرصة وقفها، في حال تجاهلت البيان ووجهت ضربتها، مما يعطي شرعية وقوة للرد على ردها، وربما لشن حرب عليها.

ولعل هذا ما يفسر مسارعة نتانياهو لقبول البيان والاستعداد لإرسال وفد، وربما يفسر أيضا تأخر رد حماش
بنفس هذا المنطق والسياق، يمكن فهم حالة التهويل الإسرائيلي المتعلق برفع حالة التأهب والاستنفار، واجتماع “الكابينت” في مكان “تحت الأرض”، وضخ كميات كبيرة من الأخبار ذات المصادر الإسرائيلية عن حالة الطوارئ في الجبهة الداخلية. فهذا كله لا يأتي فقط في إطار “الاستعداد للرد الايراني”، وإنما هذه دعاية إعلامية هدفها نقل ثقل الحرب من غزة الى طهران تدريجيا، وبناء الوعي والسيكولوجيا تجاه حرب واسعة قد تقع.

تهويل إسرائيل من حالة الفزع لديها، ومبالغتها في تصوير قدرات “الخصم” —رغم أن هذا الخصم يؤكد ليل نهار أنه لا يرغب في الحرب، وهو أصلا يرد على اعتداء وقع عليه– سلوك مدروس، يضع إسرائيل أولا في صورة الطرف الضعيف المجبر على التصدي من جهة، والمواجهة والرد على خصم جبار من جهة أخرى، والضعيف غالبا ما يمتلك في الوعي شرعية ما فيما يفعل.

وكأن سيناريو حرب العراق يتكرر، فقد تدحرجت تلك الحرب فجأة من أفغانستان الى العراق، من خلال ضخ إعلامي تدريجي عن قوة العراق واسلحته الكيماوية وقدراته الخارقة، حتى وقف العالم والعرب أولا ينتظرون ما سيفعله العراق في هذا العالم.

إن وقعت حرب موسعة الآن فسببها المباشر هو اغتيال هنية، في حين كل هذا الضخ الإعلامي والسلوك السياسي، ما هو إلا بناء بداية وهمية مختلفة لهذه الحرب، وتقديمها للعالم في رواية تكون فيها إسرائيل هي الضحية.

انقر للتعليق

الاكثر مشاهدة

Exit mobile version