على مسؤوليتي

في الحاجة إلى تحيين الفكر التقدمي بتحديث وسائل إنتاجه

نشرت

في

لقد صار من البلادة والسذاجة أن نتجاهل تصاعد المد الرجعي والشعبوي وما ترتب عنه من تقلص حجم وحضور المد التقدمي والذي لم يكن سقوط جدار برلين إلا مؤشرا ناتجا.

ولأنه وجب الإعتراف أن بصيص العقلانية والإنفتاح الذي عاشه المغاربة خلال منتصف السبعينيات ودفع كثير من التعبيرات الوطنية والديمقراطية ذات الأصول التقدمية والمرجعية اليسارية إلى القيام بمراجعات فكرية وسياسية ، هذا البصيص قد عرف ارتكاسة ، خاصة مع ” نجاح ” الثورة الإيرانية إقترانا مع تنامي المد المحافظ خلال عهد ريغان وتاتشر .

فرغم محاولة سياسيو اليسار اعتماد الدفاع عن حقوق الإنسان وسيلة لبناء معارضة مدنية بمقاربة حزبية ؛ فإن طبيعة السقف اللبرالي حدت من نجاعة النضال الديمقراطي وفعليته ، في ظل التركيز على أولوية الحقوق السياسية بدرجة أولى ثم الحقوق المدنية بدرجة ثانية في حين ظلت الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية غير مهتمة بها بما يكفي ، رغم أنها أبعاد تأسيسية تستدعيها الهوية الحزبية للهيئات السياسية والجمعيات ذات الصلة .

ولأنه لم تتم اي مراجعة أو تحيين لاستراتيجيا النضال الديمقراطي في علاقتها مع الفكر الإشتراكي والصراع السياسي والإجتماعي مع الدولة ؛ فإن كثيرا منا ، حقوقيين وحزبيين ، لم يبذلوا جهدا قصد بلوغ حقيقة أن الصراع الطبقي لم يعد يتخذ الأشكال التقليدية المباشرة ، من حيث الإصطفاف والحس والوعي ومنهجية التغيير ، لأن الصراع بدأ يأخذ أبعاد ومنطلقات تمتح من ثمرات التحولات الثقافية والقيمية بمظاهر عقائدية وهوياتية ، وبذلك فالصراع صار أفقيا ( عرضانيا ) ، أي صراع مرجعيات ومشاريع ذات طابع مذهبي أو فئوي ، أذكته مواقع التواصل الإفتراضي بفعلها الدعائي أو الدعوي ، والذي له أوقاع خطيرة على مستوى الهيمنة المالية والإقتصادية والسيطرة السياسية والفكرية ، في سياق معارك يومية كثيفة الآثار الرمزية والسيكولوجية.

مما يدعو إلى اعادة فتح نقاش بحثي وعلمي حول العلاقة التبادلية والتفاعلية ( من التأثير والتأثر ) بين الوعي الإجتماعي والواقع الإجتماعي خاصة وأن الصراع ، والذي يبدو سائلا أو ناعما ، لا يخلو أحيانا من نفحات التقديس والتكفير والتخوين والشعبوية الأخلاقوية ، ناهيك عن كونه يقوي هامش الإنتظاريةو السلبية والتردد تجاه منسوب الثقة في الذات وفي العمل السياسي المؤسستي .

والخلاصة أن النقاش والحوار كضرورة لا محيد عنها هو الذي سيعيد الإعتبار لحسن ترتيب التناقضات وتدبير التحالفات ومأسسة الأولويات في جدول الأعمال الوطني والدولي حتى ، وإلا سنظل تائهين في غمار معارك وحروب متماهية وغامضة الأفق ، ولسنا ندري كيف سنواجه سياسة التكيف التي ينهجها الخصوم السياسيون و” الأعداء ” الطبقيون بدلا من تحقيق الإنتقال حقيقة والتحول واقعا نحو الديمقراطية.

* مصطفى المنوزي

.

انقر للتعليق

الاكثر مشاهدة

Exit mobile version