على مسؤوليتي

حفيظ وشاك: انزكان.. حين يتحول الاحتجاج إلى فوضى

نشرت

في

في زمن تتسارع فيه الأحداث إقليمياً ودولياً، ويشهد العالم من حولنا أزمات متلاحقة وحروباً مدمرة وانهيارات اجتماعية واقتصادية، يظل المغرب استثناءً، بفضل استقراره السياسي وتماسكه الاجتماعي تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس.

غير أن ما وقع بمدينة إنزكان، يشكل ناقوس خطر، ويطرح علامات استفهام كبرى، حول حدود الممارسة المدنية وواجب المواطنة.

لقد تابع الرأي العام الوطني بذهول أحداثاً مؤسفة، حيث تحولت بعض التجمعات إلى أعمال عنف وتخريب، مست الممتلكات العامة والخاصة، ووصلت حدّ إحراق سيارات تابعة لمصالح الأمن، في مشهد غير مسبوق ولا يليق بمدينة لها تاريخ حضاري واقتصادي عريق.

إن مثل هذه التصرفات لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال، لأنها تخرج عن روح الدستور الذي يضمن حرية التعبير، وتضرب في العمق ثقافة الاحتجاج السلمي التي تميز المغرب عن كثير من الدول.

إن الاحتجاج حق مشروع، بل هو ممارسة ديمقراطية أصيلة متى احترمت القانون والتزمت بالسلمية، فالمطالبة بالحقوق يجب أن تكون بطرق حضارية، لأن العنف لا يوصل الصوت بل يضيع القضية، بل أكثر من ذلك، ان من يلجأ إلى التدمير و الفوضى، يسيء لمطالبه أولا ويمنح خصومه المبرر لإفراغها من مضمونها.

ولعل الدرس الأهم، الذي ينبغي استخلاصه من هذه الأحداث هو أن المغرب يملك مؤسسات قادرة على الانصات والاستجابة.

فجلالة الملك محمد السادس، أكد في أكثر من خطاب، أنه حامي حقوق المواطنين وضامن كرامتهم، وأن الدولة لا يمكن أن تكون صماء أمام معاناة شعبها. لهذا فإن الرهان الحقيقي يكمن في تعزيز الحوار والانخراط في أليات التعبير السلمي، بدل لانزلاق الى متاهات الفوضى التي لا تخدم سوى أعداء الوطن.

آن ما وقع في انزكان، يجب أن يكون جرس انذار لنا جميعا: مسؤولين ومجتمعا مدنيا وأفرادا.

فالمغرب، في ظل التحديات الإقليمية المحيطة، أحوج ما يكون الى الوحدة والتلاحم، لا الى تمزيق الجبهة الداخلية. لقد أثبتت التجربة أن قوة المملكة تكمن في صلابة مؤسساتها وفي التفاف الشعب حول ثوابته الوطنية، وعلى رأسها المؤسسة الملكية باعتبارها صمام الأمان وضامن الاستقرار.

إن الاحتجاج السلمي، سلوك حضاري يرفع من قيمة المواطن ويؤكد نضجه السياسي، أما الفوضى والتخريب فهي انزلاق خطير يسيء الى الوطن قبل أن يسيء الى الدولة، و من هنا فان الرسالة واضحة:

التعبير عن المطالب حق، لكن داخل إطار القانون، لان لا أحد فوق القانون، ولا شيء أغلى من الوطن.

وفي الختام، نوجه كلمة الى شباب المغرب: أنتم عماد الحاضر وأمل المستقبل، وأنتم من يعقد عليكم الوطن اماله في البناء والتنمية. طاقاتكم يجب أن توجه نحو الابداع والمبادرة و الابتكار، لا نحو التخريب والفوضى. فالتغيير لا يأتي من الحجارة الملقاة في الشوارع، بل من العقول المضيئة والأيادي التي تبنى. فلنكن جميعا أوفياء لوطننا، حريصين على سلمه واستقراره، متشبثين بثوابته ومؤسساته، حتى نثبت مرة أخرى، أن المغرب بلد لاستثناء والاستقرار في محيط مضطرب.

الدكتور حفيظ وشاك
برلماني
عضو الفدرالية الدولية لصحافي
وكتاب السياحة

انقر للتعليق

الاكثر مشاهدة

Exit mobile version