Connect with us

على مسؤوليتي

“كوبل الدارالبيضاء” يتمرّد على الأوامر الملكية.. ويسيِّر المجلس من الشواطئ الإسبانية!!

نشرت

في

* مراد بورجى

أضحت عمدة الدارالبيضاء، حاليا، متلبّسة بوضعيةٍ مُتقدمةٍ في الاستهتار بأوامر الملك محمد السادس، مُقدّمةً البرهان على أنها توجد الآن مسترخية بشواطئ الإسبان تمارس حالة من التمرّد والعصيان، في هذا الوقت بالذات، الذي اضطرت سلطات الدارالبيضاء إلى اتخاذ تدابير عملية جديدة لمواجهة أزمة شُح مياه الشرب، فضلا عن مواكبة التوجيهات الملكية المتعلّقة برفع رهانات تأهيل مدن المغرب لاحتضان كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.

والمراد بالذّكر، هنا، هو “كوبل الدارالبيضاء” وليس العمدة لوحدها، فهما وجهان لعملة واحدة، أقل ما يقال عنهما إنها (هي تُضرِّب، وهو يعفي)، هذا “الكوبل الحاكم” بمجلس جماعة الدارالبيضاء، نبيلة الرميلي وزوجها توفيق كميل، تركا وراءهما كل القضايا الملحّة والحساسة لأكبر مدينة مغربية، مدينة الدارالبيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، ولا نقول حَزَما أمتعتهما ومتاعهما لأن “عتادهما” هناك، بل فقط شدّا الرحال إلى شواطئ إسبانيا، للمساهمة في النهوض بالسياحة الإسبانية، عكس ما يفعله الملك محمد السادس وولي عهده الأمير مولاي الحسن، حيث يقيما كل صيف بالشواطئ المغربية التي تفوق الشواطئ الإسبانية رونقا وجمالا، أما إذا تحدثنا، على وجه التخصيص، عن شواطئ الأقاليم الجنوبية، وبالأخص في سواحل الداخلة، فذلك حديث له شؤون وشجون من الرمال الذهبية والمناظر الخلابة.

في نفس هذا الوقت الذي “تسبح” فيه العمدة الرميلي في المياه الأوروبية، يوجد الوالي محمد امهيدية وحده “يغرق” في عرقه تحت الشمس الحارقة في تدبير مشاكل الأوراش المفتوحة بالدارالبيضاء، وضمنها وضعية ملعب العربي الزاولي، التي فرضت الزيارة المرتقبة للجنة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم على والي ولاية الدارالبيضاء سطات أن يطلب من المجلس الجماعي للدارالبيضاء عقد دورة استثنائية، يوم الاثنين الماضي، لدراسة نقطة فريدة تتعلق بـ”الدراسة والتصويت على مشروع اتفاقية شراكة من أجل تدبير ملعب العربي الزاولي بعمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي من طرف شركة سونارجيس” ليحوز على التأهيل.

وحتى لا يقول قائل إن الدورة الاستثنائية صادفت وجود كوبل الدارالبيضاء في إسبانيا، نشير، وهذه فضيحة أخرى إضافية، إلى أن العمدة كانت في الدارالبيضاء عندما طلب منها الوالي عقد الدورة الاستثنائية، إذ هي من راسلت، عضوات وأعضاء المجلس لدعوتهم إلى الاجتماع، ثم سافرت كعادتها خارج البلاد! .

تماما مثلما تفعل، كل مرة، وكل سنة، وفي عدة سفريات خاصة، لم يكن آخرها الحج الباذخ إلى الديار المقدّسة، إذ أردفته، اليوم، هي وزوجها، بالحج إلى الشواطئ الإسبانية للسباحة والاستجمام وأخذ حمّام شمس، وتركا الوالي محمد امهيدية يطلب عقد دورتين استثنائيتين في ظرف 12 يوماً في إطار الحفاظ على السرعة القصوى، التي يتطلّبها تحيين أوراش الدارالبيضاء لاحتضان كأس إفريقيا 2025، الذي يطل على الأبواب، فيما الكوبل الحاكم نبيلة الرميلي وتوفيق كميل لا يتخلّيان عن سفرياتهما، التي جعلاها أهمّ وأولى من مشاكل وقضايا الدارالبيضاء ومشاغل وانتظارات البيضاويين، ففي يوم الخميس 15 غشت 2024، راسلت العمدة عضوات وأعضاء المجلس لدعوتهم إلى الاجتماع، ثم بعدها “الظاهر الغابر” كما يقال، فقد طارت إلى إسبانيا.

يوما عن يوم، يتبدّى كم كان سديدا قرار الملك عندما أمر بإقالة نبيلة الرميلي، ومن عجيب الصدف أنه هو أيضا كان يوم خميس، ففي يوم الخميس 7 أكتوبر 2021، عيّن الملك أعضاء حكومة أخنوش وضمنهم نبيلة الرميلي وزيرةً للصحة، ويوم الخميس 14 أكتوبر، في أسرع تعديل حكومي في العالم، سيقوم الملك بـ”طرد” الرميلي من الحكومة، موجهاً بذلك “صفعة” لرئيسها عزيز أخنوش، وموجّها إليها، عبر بلاغ للديوان الملكي، أمرا واضحا وصريحا وهو “التفرغ الكامل لمهامها كرئيسة لمجلس مدينة الدارالبيضاء، بعدما تبيّن لها حجم العمل الذي تتطلبه منها هذه المهمة التمثيلية، وما تقتضيه من متابعة مستمرة لقضايا سكانها وللأوراش المفتوحة بهذه المدينة الكبرى”…

لكن العمدة، مع الأسف، لم تتفرّغ للأوراش المفتوحة بالدارالبيضاء ولقضايا سكانها، وإنما تفرّغت، هي وزوجها، لمصالحهما الذاتية، مهما استطاعا إلى إشباعها سبيلا، حتى أصبحا محط اتهامات منعشين عقاريين باقتراف تهمة ممارسة التواطؤ والتماطل من أجل الابتزاز، ومحل مطالبات مستشارين وبرلمانيين بمحاسبة الكوبل وبعزل العمدة!.

“مسك” ختامِ الكوبل نوجّهه إلى رئيس حزبهما السي عزيز أخنوش، الذي جاء بهما، ومعه أغلبيته العددية، لنذكّرهم، إذا كانت الذكرى تنفع المؤمنين، بكلام الملك عن العمدة وعن زوجها وعن أمثالهما، عندما قال مندّدا: “أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول لا يقوم بواجبه أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء، وهو يعلم بأنهم يعرفون بأنه ليس له ضمير”.

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

رسائل خطاب العرش… سعيد الكحل

نشرت

في

بواسطة

1ـ تثمين المنجزات ضمن رؤية إستراتيجية.

تتجلى أهمية خطاب العرش لهذه السنة (2025) في مضمون الرسائل التي تضمنها، وهي موجهة إلى أطراف بعينها، اعتبارا لمسؤولياتها الدستورية أو مواقفها، سواء من الأداء الحكومي أو الإستراتيجية المتبعة.

ذلك أن الواقعية تقتضي من الفاعلين السياسيين، أيا كان موقعهم، أن يبرزوا ويثمنوا ما تحقق من منجزات على مستوى القطاعات الحكومية، وضمن ما عبر عن الخطاب الملكي بـ “رؤية بعيدة المدى، وصواب الاختيارات التنموية الكبرى، والأمن والاستقرار السياسي والمؤسسي، الذي ينعم به المغرب”.

فرغم توالي سنوات الجفاف، وتأثير وباء كرونا والحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد الوطني، تمكّن المغرب من الحفاظ على توازناته الماكرو اقتصادية والرفع من “الصادرات الصناعية، منذ 2014 إلى الآن، بأكثر من الضعف”. والفضل في هذا، كما جاء في الخطاب الملكي يرجع إلى “التوجهات الاستراتيجية، التي اعتمدها المغرب” بحيث “تعد اليوم، قطاعات السيارات والطيران والطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية والسياحة، رافعة أساسية لاقتصادنا الصاعد، سواء من حيث الاستثمارات، أو خلق فرص الشغل”.

ليس صدفة أن يصمد الاقتصاد الوطني بموارده المحدودة في وجه الأزمات الاقتصادية الدولية، ويتحمل آثار الجفاف لسنوات طوال وتكاليف الحرب المفروضة عليه من طرف أعداء وحدته الترابية على مدى نصف قرن، إذا لم تكن له إستراتيجية واضحة وأهداف محددة أجملها الخطاب الملكي في “بناء مغرب متقدم، موحد ومتضامن، من خلال النهوض بالتنمية الاقتصادية والبشرية الشاملة، مع الحرص على تعزيز مكانته ضمن نادي الدول الصاعدة. فما حققته بلادنا لم يكن وليد الصدفة، وإنما هو نتيجة رؤية بعيدة المدى، وصواب الاختيارات التنموية الكبرى، والأمن والاستقرار السياسي والمؤسسي، الذي ينعم به المغرب”. وبفضل هذه الإستراتيجية انتقل الناتج الداخلي الخام من 100 مليار دولار سنة 2011 إلى 140 مليار دولار سنة 2023، ثم 154.5 مليار دولار سنة 2024.

إنها رسالة إلى المعارضة البرلمانية التي تنشغل بتبخيس العمل الحكومي ونشر الإشاعات عن قرب التعديل أو الإقالة في صفوف الوزراء بدل الانخراط، بكل جدية، في بلورة برامج تنموية، سواء على المستوى الوطني، أو على مستوى الجماعات الترابية التي تشرف على تسييرها.

2 ـ التشديد على التأهيل الشامل للمجالات الترابية.
إن تثمين جلالة الملك لنتائج العمل الحكومي لا يلغي عدم رضاه عن استمرار الفوارق المجالية: “غير أنه مع الأسف، ما تزال هناك بعض المناطق، لاسيما بالعالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية”. ومسؤولية هذه الفوارق المجالية تتحملها القطاعات الحكومية المعنية التي لم تبذل ما يكفي من الجهد والابتكار، من جهة، لتقليص تلك الفوارق التي نتج عنها وجود مغرب يسير بسرعتين، ومن أخرى لربط المسؤولية بالمحاسبة في كل أبعادها. ولعل عدد البرلمانيين ورؤساء الجماعات الترابية المتابعين في ملفات الفساد خير دليل على التقصير في تحمل المسؤولية. ومن أجل تدارك هذا التقصير، شدد جلالته على “ضرورة توفير المنظومة العامة، المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية”. ومما يتوجب تضمينه في هذه المنظومة ضمانا للنزاهة والاستقامة: حرمان كل المشبوهين والمتابَعين والمحكومين في ملفات الفساد من الترشح للانتخابات سواء البرلمانية أو المحلية. إذ لا يعقل تزكية من أدين في ملفات الفساد أو قضيته معروضة أمام القضاء أو صدرت في تجاوزاته تقارير المجلس الأعلى للحسابات. فكفى من العبث بتزكية الفاسدين.

من التوجيهات التي تضمنها الخطاب الملكي كذلك: الدعوة إلى “الانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية، إلى مقاربة للتنمية المجالية المندمجة” وذلك بـ “اعتماد جيل جديد من برامج التنمية الترابية، يرتكز على تثمين الخصوصيات المحلية، وتكريس الجهوية المتقدمة، ومبدأ التكامل والتضامن بين المجالات الترابية”. وهنا على كل الأحزاب أن تنفتح على الكفاءات المغربية، داخل المغرب وفي المهجر، لإشراكها في بلورة مقاربة للتنمية المجالية المندمجة منفتحة على الخصوصيات المحلية وليس مكاتب الدراسات المعزولة عن الواقع الاجتماعي المغربي.

3 ـ مد طوق النجاة لحكام الجزائر.
التزاما من جلالته بمبادئ حسن الجوار، ومراعاة للروابط التاريخية والاجتماعية والدينية التي تربط المغرب بشعوب الجوار، وخاصة الجزائر، ومساعدة منه لإيجاد مخرج من النفق المسدود الذي دخله حكام الجزائر خصوصا بعد “الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية”، جدد جلالته التأكيد على “التزامنا الراسخ باليد الممدودة لأشقائنا في الجزائر، نابع من إيماننا بوحدة شعوبنا، وقدرتنا سويا، على تجاوز هذا الوضع المؤسف”، مع حرص جلالته على “إيجاد حل توافقي، لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف”. ولعل هذه الدعوة هي الأخيرة من جلالته لحكام الجزائر قبل أن يطوي مجلس الأمن ملف الصحراء إلى الأبد. حينها لا عتاب على جلالته الذي سبق وأكد للجزائريين، حكاما وشعبا، في خطاب العرش 2023 “أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء” لهم.

وكما أوجد الملك الراحل الحسن الثاني مخرجا “مشرفا” لبومدين إثر أسر عشرات العسكريين الجزائريين في معركة أمغالا في 1979، من طرف الجيش المغربي، يقدم الملك محمد السادس طوق نجاة لحكام الجزائر للخروج “بشرف” من الهزيمة الماحقة التي لحقتهم وعصفت بمخطط تقسيمهم للمغرب. وسواء بعد حرب الرمال أو أمغالا أو الآن حيث يحقق المغرب انتصاراته الدبلوماسية على قوى الشر الجزائرية، يظل ملوك المغرب يتصرفون بحكمة في مواجهة مؤامرات حكام الجزائر ويمدون يد الإنقاذ والصلح وهم في عز الانتصار. بالتأكيد لن يتخلى حكام الجزائر عن غيهم ولن يطفئوا نار أحقادهم أو يتخلصوا من ميولهم العدائية تجاه المغرب الذي ناصر ثورتهم وآوى قياداتهم. تلك طبيعتهم وسيبقى المغرب ماض في بناء قوته وتطوير اقتصاده ولو كره الحاسدون.

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

سعيد الكحل: يوم ناهضت نساء البيجيدي حقوق المرأة

نشرت

في

بواسطة

*اللي اختشو ماتو.

خرجت نساء البيجيدي، يوم 15 يوليوز 2025، ببيان يدافعن فيه عن بنكيران وتصريحه الذي دعا فيه الفتيات المغربيات إلى الزواج بدل الدراسة: “تنقول للبنات سيرو تزوجو، راه ماغدي تنفعكم لا قرايا لا والو”، محذرا إياهن من أن يصرن مثل “بلارج” إن هن اخترن متابعة دراستهن عن الزواج.

ودعوة بنكيران هذه لا تحتاج أي تأويل أو تفسير، فهي واضحة مفضوحة في حصر وظيفة الأنثى في صناعة “العلف والخلف”. وبدل أن تتصدى البيجيديات، وهن اللائي لم يفرطن في حقهن في الدراسة والتعليم والوظيفة والعضوية في البرلمان وفي الحكومة، ولا ضحّين به من أجل الزواج، لبنكيران الذي يعاكس تطلعات المغربيات ونضال الجمعيات النسائية من أجل المساواة والمناصفة والكرامة والحرية؛ انبرين للدفاع عنه وعن مواقفه المناهضة لحقوق النساء.

ودون خجل اعتبرن الانتقادات التي وُجّهت لبنكيران “مزايدة” و”سجالات عبثية”: ” لا نقبل أن يزايد علينا أحد في الدفاع عن كرامة المرأة وعن حقها في التعليم والتمكين والاستقرار الأسري، إذ أن مواقف منظمة نساء العدالة والتنمية وحزبنا معروفة وثابتة في دعم المرأة والدفاع عن كرامتها وعن حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في إطار المرجعية الدينية والثوابت لدستورية لبلدنا وثقافة وقيم مجتمعنا”. وطالما زعمت هؤلاء النسوة “الدفاع عن كرامة المرأة وحقها في التعليم والتمكين”، فإنه من الضروري تذكيرهن بمواقفهن المناهضة لمطالب وحقوق النساء المغربيات.

*إن كنت ناسي أفكّرك.

1 ـ التصدي لعريضة مليون توقيع لمراجعة مدونة الأحوال الشخصية.

حين بادر اتحاد العمل النسائي بإطلاق عريضة مليون توقيع بغرض بلورة رأي عام وطني ضاغط من أجل مجرد تعديل للمدونة لِمَا كانت تكرّسه بنودُها من استعباد وقهر للنساء، بل وتجريدهن من الحقوق وحتى من الآدمية (إسقاط النفقة عن الناشز، الرجوع لبيت الطاعة، الطلاق الغيابي، ترك الزوجة معلّقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة، العُضل..)؛ تصدت عضوات وأعضاء الحركة الدعوية “الإصلاح والتجديد”، التي يعدّ البيجيدي ذراعها السياسي بعد أن غيّرت، سنة 1996، اسمها إلى “حركة التوحيد والإصلاح” بناء على أوامر المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، مصطفى مشهور. وكأن تعنيف النساء وقهرهن اجتماعيا “تكريم” لهن في المعتقدات الإيديولوجية لتيار الإسلام السياسي.

2 ـ المناهضة الشرسة لمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية.

لم تتعظ البيجيديات من خذلانهن للنساء ومناهضتهن لتعديل المدونة التي، رغم ذلك، خضعت لتعديل بسيط سنة 1993، لكنه شكّل خطوة جبارة في سبيل رفع القداسة عن مدونة الأحوال الشخصية، فتحت المجال أمام الحركة النسائية لتوحيد نضالاتها ومطالبها من أجل تغيير المدونة وليس فقط تعديلها. وما أن استجابت حكومة المرحوم عبد الرحمن اليوسفي للمطالب النسائية عبر بلورتها في “مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية”، حتى أصاب السعار كل التنظيمات الإسلاموية، وعلى رأسها حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية وأذرعهما النسوية. كان هدفهم إقبار المشروع لتستمر شرعنة الظلم الاجتماعي للنساء وحرمانهن من كل حقوقهن بما فيها ولاية المرأة على نفسها في الزواج وحقها في إنهاء العلاقة الزوجية. لقد تصدّت نسوة البيجيدي للمشروع وشاركن بكثافة في مسيرة الدار البيضاء المناهضة له حتى يتم إسقاطه وتستمر وضعية المعاناة والحرمان والقهر لنساء المغرب.

اليوم تزعم هؤلاء النسوة البيجيديات أنهن يدافعن عن كرامة المرأة وحقها في التعليم والتمكين، وهن اللائي تصدين لمطالب: رفع سن الزواج إلى 18 سنة حتى تستفيد الفتاة من التعليم، واقتسام الممتلكات الزوجية عند الطلاق حفاظا على كرامة المطلقة وإنصافا لها ولمشاركتها في اكتساب ومراكمة تلك الممتلكات؛ أو حقها في الولاية على نفسها في الزواج حماية لها من العُضل المنهي عنه في القرآن الكريم، وضمانا لحقها في اختيار شريك حياتها. فعن أي كرامة يتحدث بيان هؤلاء النسوة وهن اللائي يطالبن بتزويج القاصرات وتحميلهن مسؤولية تكوين أسرة وهن أحوج إلى التربية والرعاية والتعليم؟ .

طبيعي أن تدافع نسوة البيجيدي عن أمينهن العام الذي علّمهن أن الأنثى خُلقت للمتعة والإنجاب، وأقنعهن أن الزواج أوْلى من التعليم وأوكد، وأوهمهن أن الأنثى لا تملك قيمتها في ذاتها وإنما تستمدها من الذَّكَر. لهذا حرّضهن على مناهضة حقوق المرأة التي تجعل منها كائنا كريما، حرا ومستقلا. فلما صرّح بنكيران “تنقول للبنات سيرو تزوجو، راه ماغدي تنفعكم لا قرايا لا والو” كان مطمئنا من تجاوب نساء حزبه وعدم رفضهن لخزعبلاته. لقد أتقن تشكيل ذهنيتهن على الطاعة والاستكانة. فلا يرَوْن إلا ما يرَى مهما كانت وضعيتهن الاجتماعية والمهنية.

*تعالين أذكّركن.

في 31 يوليوز 1999، نظم حزب العدالة والتنمية يوما دراسيا حول مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، ونشر أشغاله في كتاب تحت عنوان “المرأة والتنمية بين الأصالة والتغريب”. وأحب هنا أن أذكّر “قنديلات” البيجيدي بما جاء في مداخلة بسيمة الحقاوي، التي كانت حينها الأمين العام لمنظمة تجديد الوعي النسائي من رفض لمحو أمية الإناث وتعليمهن، خاصة في القرى: (إن المطالبة بمحو الأمية بمحدداته الحالية ما هو سوى سعي نحو تحقيق مشروع لا يتعدى كونه إنجازا لتوفير مناخ مناسب لتمرير خطابات ديماغوجية تنزيلا لأهداف الغرب في احتواء وتوجيه دول العالم الثالث. أما المقاربة المحاذية لتعليم الفتاة في القرى والضواحي فهي ليست مجرد اقتراح بل هي تاكتيك يمكّن من محاكاة المجتمع الغربي للتأثير فيه عبر قنوات التواصل المباشر المندمج حيث يؤخذ بعين الاعتبار البيئة والمحيط، وهذه مقاربات استعملها المستعمر في قيامه بالعديد من الدراسات والبحوث في مناطق نائية بالمغرب). أليس من العار أن ترفضن تعليم الإناث القرويات بحجة الغزو الثقافي الغربي، بينما ترسلن بناتكن لأرقى المدارس حيث يدرسن بلغة الغرب المهيمن؟.

نفس المبررات جاءت في مداخلة خديجة مفيد، التي كانت حينها عضوا بالأمانة العامة لمنظمة تجديد الوعي النسائي، التي شددت فيها على ضرورة الإبقاء على الولي في الزواج لأنه (يشكل عائقا في وجه المصالح والمخطط الدولي)، وأنه (عائق في وجه تحلل المرأة من الالتزامات الاجتماعية التي تقوم على أساس عدم إجازة أي شراكة بين اثنين إلا في إطار مؤسسة الزواج)، وأن (الولي لا يفسح الزواج في إطار عقد مدني ليس قائما على أساس الشريعة الإسلامية). أليست هذه مواقفكن في حقوق المرأة في التعليم والتكريم؟

3 ـ مناهضة تعديل مدونة الأسرة بأمر ملكي.

بدوافع إيديولوجية مناهضة لتحديث مؤسسات الدولة وقوانينها، تصدى البيجيدي وحركة التوحيد والإصلاح لكل مطالب الحركة النسائية بإقرار مدونة عصرية منصفة للنساء ومنسجمة مع الدستور ومجسّدة للالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق المرأة والطفل. ورغم كون مواقف الإسلامويين المعادية لحقوق النساء لم توقف مسلسل إصلاح مدونة الأسرة، إلا أنهم يواصلون معاكسة جهود الدولة وتعطيل الدستور أو الالتفاف عليه في كل ما يتعلق بحقوق النساء (إخراج قانون التحرش كسيحا يوم كان البيجيدي يقود الحكومة وتتحمل بسيمة الحقاوي حقيبة وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، عدم تأسيس “هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز” التي ينص عليها الدستور في الفصلين 19 و 164..). وتستمر المناهضة والتهديد بتنظيم مسيرات احتجاجية للضغط على اللجنة الملكية لمراجعة مدونة الأسرة.

*دفاع البيجيديات عن استغلال النساء.

ظلت نساء البيجيدي يعارضن بشدة، اقتسام الممتلكات الزوجية، منع تزويج القاصرات، إلغاء التعصيب الذي يشرعن حرمان المرأة من جزء مهم من تركة والديها أو زوجها، والذي لا أساس له في القرآن الكريم، وتثمين العمل المنزلي للزوجة وغيرها من المطالب النسائية. ومما برّرن به رفضهن أن ” تثمين العمل المنزلي من شأنه أن يجعل من الأسرة بمثابة “شركة تعاقدية” تسودها قيم المكايسة والمشاحة بدل قيم الفضل والعدل والرحمة والمكارمة”. وسبق للبيجيدي وحركة التوحيد والإصلاح وهيئاتهما النسائية أن رفضوا رفع تحفظات المغرب عن الاتفاقيات المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، وخاصة مقتضيات المادتين 9 و16 من الاتفاقية.

مواقف البيجيديات وهيئاتهن الحزبية والدعوية من حقوق المرأة المغربية كانت دائما مناهضة ومعارضة لها. وبعد الذي تحقق من مكتسبات وحقوق لفائدة النساء، كان أولى للبيجيدات أن يخجلن من أنفسهم ومن نساء المغرب وألا يحتكمن إلى مدونة الأسرة التي ناهضنها.

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

ذ.المنوزي: الدولة الرخوة و سيناريوهات ما بعد الوساطة

نشرت

في

قبل خمس سنوات، طرحتُ على صديق أكاديمي مخضرم في علم السياسة سؤالًا بدا حينها منطقيًا في سياق ما بعد دستور 2011 وما رافقه من ديناميات سياسية مشوبة بالحذر:
هل يمكن أن تستغني دولة العهد الجديد، أو ما أسميه اختزالًا بـ”الدولة المحمدية”، عن المجتمع المدني، خاصة بعد أن استنفدت العملية السياسية، في مناسباتها الرمزية الكبرى، كل ما في جعبتها من أدوات التعبئة والاستيعاب والتدجين؟.

كان جوابه صريحًا: “لا يُعقل، ولا يمكن، الاستغناء عن المجتمع المدني، وخصوصًا الفعاليات الحقوقية، لأنهم يشكّلون أحد آخر الجسور الرمزية بين الدولة والمجتمع، وأحد آخر خطوط الدفاع ضد التصدع الاجتماعي والمؤسساتي”.

لكن بعد مضي هذه السنوات الخمس، وما حملته من مؤشرات انكماش سياسي، وتقلص مجالات التعبير، واستفحال نزعة التحكم التقني في تدبير الشأن العام، بتنا لا نُعاين فقط استغناء الدولة عن المجتمع المدني، بل ما هو أعمق: استغناء الكل عن الكل.

فالدولة أغلقت أبواب الشراكة الفعلية ووسّعت نوافذ الاستشارة الشكلية. والمجتمع المدني، الذي كان يُعوّل عليه كرافعة للوساطة والاقتراح، صار إما مُراقبًا على الهامش، أو مروضًا داخل شبكات التمويل، أو منفيًا في صحراء اللامعنى. أما النخب الحقوقية، فقد أُنهكت بالاحتواء أو أُغرقت في التفاصيل، أو هجرت مساحات التأثير الفعلي نحو فضاءات رمزية، أكثر أمانًا وأقل جدوى.

في هذا السياق، لم نعد نعيش فقط أزمة فعل، بل نعيش انهيارًا صامتًا في معمار الشرعية الرمزية للدولة؛ فلا العملية السياسية تفرز تصورات قابلة للتفاوض المجتمعي، ولا المؤسسات الدستورية قادرة على التوسط بين الإرادة العامة والسلطة الفعلية.

وهكذا، بدأنا ننجرف تدريجيًا إلى ما يمكن تسميته بـ**”فوبيا ما بعد الدولة”**:
حيث تفقد الدولة صفتها كفاعل جامع وموحد ومؤطر،
وحيث تصبح السلطة مجرد تدبير فوقي للوقائع، بلا سردية جامعة ولا أفق مشترك،
وحيث تسود حالة من الفراغ الدستوري القاتل: فراغ في التمثيل، وفراغ في المبادرة، وفراغ في المشروعية المتجددة.

وفي المقابل، يزحف علينا من الجهة الأخرى شبح “فوبيا ما قبل الفوضى”:
حيث تتآكل الوساطات التقليدية (الأحزاب، النقابات، الجمعيات…)،
ويتوسع منسوب السخرية واللامبالاة،
وتتضاعف فجوات الثقة،
وتتحول الشعارات الكبرى إلى مجرد خلفيات باهتة على جدران مدينة تتآكل من داخلها.

كل هذا يحدث في ظل ملامح دولة رخوة:
رخوة لأنها تتردد بين الانغلاق والمراوغة،
رخوة لأنها تُفضل التحكم في المعلومة بدل مشاركتها،
رخوة لأنها تُعوّض التفاوض العمومي بالتوجيه العمودي،
رخوة لأنها تُدبّر الاستقرار بمنطق الخوف، لا بمنطق الثقة.
لكن الخطر لا يكمن فقط في هذا الفراغ، بل في تطبيعه، في جعل الانفصال بين الدولة والمجتمع أمرًا عاديًا، في ترسيخ فكرة أن التواصل الدستوري ترف، وأن الفعل المدني عبء، وأن التعددية لا لزوم لها.

هنا تُطرح الأسئلة الحرجة:
ما الحاجة إلى دستور لا ينبض بالحياة المؤسسية؟
ما جدوى مجتمع مدني منزوع المخالب ومقطوع الأفق؟
ما معنى السياسة إذا لم تكن مجالًا للفعل التشاركي والمساءلة المتبادلة؟
إن الإجابة لا تتعلق فقط بالإصلاح أو التقننة أو إعادة ترتيب الأولويات، بل بإعادة بناء السردية، بإحياء المعنى الغائب، وباسترجاع فكرة الدولة كفضاء للعيش المشترك لا كأداة لضبط الإيقاع.

نحن بحاجة إلى إعادة تأسيس الثقة العمومية عبر حوكمة المعنى، لا فقط تدبير الموارد، وإلى إحياء السياسة باعتبارها التقاءً بين الإرادة والذاكرة، بين الطموح والاعتراف، بين السلطة والمجتمع.

وإلا فإننا بالفعل سنكون أمام ما بعد الدولة، لا بوصفه تحوّلًا نظريًا، بل كواقع متسلل، يهدد البنيان من الداخل، ويمهد لنمط من التفكك الناعم الذي لا تُعلَن نهايته، بل يُعاش بصمت.

* مصطفى المنوزي
منسق دينامية ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية

أكمل القراءة
رياضة منذ 4 ساعات

نادي الرجاء يوقع اتفاقا مع “مرسى ماروك” ويصبح أول شركة رياضية بالمغرب

سياسة منذ 5 ساعات

هذه خلاصات اجتماع وزير الداخلية مع زعماء الأحزاب السياسية

دولي منذ 7 ساعات

الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان يصف الحرب في غزة بـ”الإبادة الجماعية”

رياضة منذ 8 ساعات

“الشان” 2024.. الملاعب الخمسة المحتضنة للمنافسة

الجديد TV منذ 10 ساعات

الخبير جمال العلمي يكشف أسرار ” صومعة المكانة” La Tour de l’Horloge

دولي منذ 12 ساعة

35 قتيلا برصاص إسرائيلي استهدف نقاط توزيع المساعدات في غزة

اقتصاد منذ 13 ساعة

بنك المغرب يحقق أرباحا صافية تفوق 6,4 مليار درهم

رياضة منذ 14 ساعة

أسامة العزوزي ينضم إلى أوكسير الفرنسي على سبيل الاعارة

واجهة منذ 15 ساعة

24 تلميذًا مغربيًا ينجحون في امتحانات بوليتكنيك باريس

واجهة منذ 16 ساعة

توقعات أحوال الطقس لليوم السبت

رياضة منذ 21 ساعة

القضاء الفرنسي يطالب بمحاكمة أشرف حكيمي بتهمة “الاغتصاب”

اقتصاد منذ 23 ساعة

ارتفاع سعر صرف الدرهم بـ 0,6 في المائة مقابل الأورو

سياسة منذ يوم واحد

برامج التنمیة الترابیة تجمع عددا من الوزارء والولاة والعمال

منوعات منذ يوم واحد

دراسة.. مرض نفسي يهدد الرجال المولودين في هذه الأشهر

سياسة منذ يوم واحد

وزير الداخلية يلتقي الأحزاب السياسية تحضيرا للانتخابات التشريعية المقبلة

سياسة منذ يوم واحد

حفل استقبال بهيج ببيلباو بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش

رياضة منذ يوم واحد

الرجاء يواجه غدا السبت اتحاد أبي الجعد في ثالث مباراة إعدادية بأكاديمية النادي

سياسة منذ يوم واحد

القنصلية المغربية بطورينو تحتفل بعيد العرش

مجتمع منذ يوم واحد

مقتل طبيبة في تازة.. السلطات الفرنسية توقف الزوج المتهم بالجريمة

على مسؤوليتي منذ يوم واحد

رسائل خطاب العرش… سعيد الكحل

إعلان

الاكثر مشاهدة