Connect with us

على مسؤوليتي

ذ.المنوزي يكتب: حين يتحول النقد إلى حرب هويات صلبة

نشرت

في

إيمانا منا بأن كل مواطن ( بصيغة المفرد أو الجمع )، عينته الدولة في شخص ممثليها الدستوريين والقانونيين، يصيرون موظفين عموميين سامين لدى الدولة ومؤسساتها العمومية ، وموضوع محاسبة ومساءلة عمومية ، وكشخصيات عمومية يخضعون للنقد العمومي حسب السياقات والتعاقدات ؛ دون تعسف في إستعمال هذه الآليات .

لست أبالغ إذا قلت بأنه مهما بلغ هامش الإستقلالية والمرونة بين مجال السياسة العامة وما عداه من مجالات السياسات العمومية وخدمة الشأن العام المتاح للمنتخبين والحزبيين والتقنوقراطيين المستقليين ( بمعنى السياسيين غير المتحزبين ) ، فإن منطق الدولة يشتغل على سرعات متباينة ، يتحكم فيها من يملك الحق التاريخي في تملك واحتكار المجال المحفوظ مقرونا بحصانة خاصة ، فوق المحاسبة وبنفس الحجم الذي يبوؤهم فوق الدستور أحيانا . ومع ذلك يظل التعامل مع الجميع بنفس الوقار والتقدير وروح النقد البناء ، بعيدا عن أي تعنيف مادي أو لفظي أو رمزي حتى !.

إن الفضاء العمومي، باعتباره مشتركًا، لا بد أن يُدار بالحجاج المسؤول لا بالتحريض والانفعال. وما جرى مؤخرًا في إحدى الجامعات من تعامل غير لائق مع رئيس حكومة سابق، يطرح أسئلة جوهرية حول أخلاقيات الفعل العمومي، وحدود النقد المشروع. فمهما بلغت حدة الاختلاف السياسي أو الرمزي، فإن لكل مقام مقال، ولكل عتاب سياقًا، والخطأ لا يُصححه خطأ مضاد.

وفي هذا السياق، وجبت الإشارة إلى ظاهرة مقلقة بدأت تطفو على سطح الممارسة العمومية، وهي تضخم الخطاب الأخلاقي لدى بعض الفاعلين المعارضين، وتحوله في أحيان كثيرة إلى وسيلة لاستفزاز المقابل وخلق ردود فعل مشحونة، خصوصًا وسط فئات شابة كالطلبة. هذه الازدواجية بين الادعاء الأخلاقي وافتعال التوتير تفرغ الجامعة من بعدها التداولي، وتحوّل الفضاء العمومي إلى ساحة صراع رمزي، يغذي الانقسام بدل أن يطوّق الاختلاف.

إن التمادي في شرع اليد، والتطبيع مع العقاب الرمزي خارج المؤسسات، لا يبني أمنًا قانونيًا ولا عدالة اجتماعية. بل يغذي سرديات الحسبة الموازية، ويُربك شرعية الدولة ومؤسساتها، بما فيها الجامعة نفسها، التي وإن كانت حرمتها مقدسة، فإنها لا تفتقر إلى آليات الحماية والانضباط، ما دامت الدولة حاضرة، ولو بتراخٍ، لا غائبة.

في النهاية، لا مناص من التمييز بين النقد والانتقام، بين الاختلاف المشروع والاستهداف الممنهج. ومن واجبنا كمواطنين ومؤطرين أن نرتقي بالنقاش من الفعل الانفعالي إلى الفعل التشاركي المسؤول، ومن رد الفعل إلى المبادرة النقدية البنّاءة. هكذا فقط نصون الفضاء العمومي، ونحمي المشترك الوطني من الانزلاق إلى الفوضى الرمزية والمؤسسات الموازية.

هناك وقائع سوف تتكرر لتلازم نزعات التطرف مع العنف و ليطرح السؤال حول الأمن كقضية تثير الحاجة إلى مساءلة سرديات الدولة المؤطرة لاستراتيجية الأمننة مقرونة بمفارقة الإنفلات الأمني ، مما يستدعي تشخيص أسباب الهيمنة الرمزية للهويات الصلبة ، في أفق البحث وبلورة حلول بديلة لأزمة التسيب المستشرية كالسرطان .

إن الفضاء العمومي، بصفته مجالًا مشتركًا، لا يستقيم إلا عبر تسييره بالحجاج المسؤول، لا بالتجييش ولا بالتحريض. وما شهدناه مؤخرًا من تعاطٍ غير لائق مع رئيس حكومة سابق خلال زيارة لإحدى الجامعات، يعيد إلى الواجهة إشكالية الحدود بين النقد والمساءلة من جهة، والتشهير والإقصاء من جهة أخرى. فحِدّة الاختلاف، مهما بلغت، لا تبرر نسف قواعد الحوار أو تقويض أخلاقيات السجال. ذلك أن لكل سياق مقامه، ولكل فعل ردٌ يتوخى الاتزان لا الانتقام.

وفي هذا السياق، تبرز ظاهرة مقلقة في المشهد العمومي: تضخم الخطاب الأخلاقي لدى بعض المعارضين، وتحوله، أحيانًا، إلى أداة لاستفزاز الخصوم وخلق مناخ من التوتر، خصوصًا في أوساط شبابية مثل الجامعة. هذا التداخل بين ادعاء الطهارة الأخلاقية وممارسة التوتير السياسي يفرغ الجامعة من بعدها التداولي، ويحوّل الفضاء العمومي إلى حلبة لصراع رمزي يُغذّي الاستقطاب بدلًا من احتوائه.

وإن الانزلاق نحو شرع اليد، والتطبيع مع العقاب الرمزي خارج منطق المؤسسات، لا يبني أمنًا قانونيًا، ولا يعزز عدالة اجتماعية. بل يفتح الباب أمام سرديات موازية للحسبة، تُربك شرعية الدولة وتضعف مصداقية مؤسساتها، بما في ذلك الجامعة نفسها. فالجامعة،رغم قدسية حرمتها، لا تفتقر إلى آليات الحماية والضبط والانضباط، ما دامت الدولة قائمة، حتى وإن بدا حضورها باهتًا أو متراخيًا. لذلك، يصبح من الضروري التمييز بين النقد كأداة للمساءلة والبناء، وبين الاستهداف كوسيلة للانتقام والتصفية الرمزية. فواجبنا كمواطنين وفاعلين ومؤطرين، أن ننتقل من ردود الفعل الانفعالية إلى مبادرات نقدية تشاركية ومسؤولة، تصون المشترك الوطني وتحمي الفضاء العمومي من منزلقات الفوضى الرمزية والمؤسسات الموازية.

وإذا كان في التجربة ما يُستنطق، فإن ذاكرتي ما تزال تحتفظ بواقعتين تركتا أثرًا بالغًا في وعيي النقدي ومساري الحقوقي:
الأولى تعود إلى ربيع 1981، حين قررنا في تعاضدية كلية الحقوق بالدار البيضاء، ضمن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، تنظيم الذكرى الثانية لاستشهاد المناضل محمد كرينة. يومها، تعرض النشاط لهجوم منسق نفّذه بعض من طلبة الاتحاد العام المدعومين بفلول الشبيبة الإسلامية، وعلى رأسهم (م.ر) إمام الحي الجامعي ، الذي سيصبح لاحقًا وزيرًا وقياديًا بحزب المصباح. مُزقت صور الشهيد، واعتُدي على مناضلين من لائحة “المهدي وعمر”، بينما زعمت جريدة “العلم” في صفحتها الأولى أن “حرية الفكر تعرضت للاعتداء”، رغم أن العكس هو ما وقع. لولا تضامن الطلبة لفُرض علينا الصمت بالقوة.

أما الواقعة الثانية تعود إلى مارس 1996، حين نظّمت شبيبة الاتحاد الاشتراكي “الجامعة الربيعية” بكلية الحقوق ذاتها. لكن جماعة العدل والإحسان نظمت إنزالًا غير مسبوق، تحوّل إلى عملية ممنهجة لنسف النشاط، باستخدام العنف والتهديد في حق الحاضرين من قيادات الحزب ومؤطريه.

هاتان الواقعتان، بما تحملانه من تقاطعات بين التطرف والعنف، تظلان شاهدتين على مأزق متجدد: حين يتحوّل الفضاء الجامعي إلى مسرح لصراعات الهويات الصلبة، ويُستبدل فيه الحوار بالتخويف، والمعنى بالهيمنة، والنقد بالحسبة. وهو ما يستدعي التفكير في الأمن لا فقط كقضية، بل كمنظومة سردية تتقاطع فيها الدولة والمجتمع، وتُطرح بشأنها أسئلة الإنفلات والتسيب، والبحث عن بدائل عقلانية تُحد من تمدد السرطان الرمزي، الذي يفتك بمدنية المؤسسات ومصداقية المشترك الوطني.

لن ندين ما جرى عفويا ، ولن نتضامن بناء على طلب ، ما دمنا نتحمل جميعا مسؤولية سوء تدبير الإختلاف، وما دامت الهاجس الإنتخابي يؤطر قيادينا في نزواتهم ،في سياق سيميائية الأهواء، في حين تركن الدولة نفسها في زاوية اللايقين الضيقة ، فيرهن الوطن إلى المجهول واللامعقول .

*مصطفى المنوزي
منسق دينامية ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية .

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

المجلس الوطني لحقوق الإنسان ينهي الجدل حول مشروع قانون تنظيم مجلس الصحافة

نشرت

في

بقلم : الحسن باكريم
في البدء :
يشهد المغرب في الأسابيع الأخيرة نقاشاً محتدماً حول مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وهو النقاش الذي اتخذ طابعاً صدامياً بين الحكومة ممثلة في وزارة الاتصال واللجنة المؤقتة، وبين مختلف الهيئات المهنية والنقابية الصحفية.

رفض مهني شامل لقانون تراجعي وانتقامي:

منذ الإعلان عن المشروع، سارعت النقابات والهيئات الممثلة للصحافيين والناشرين إلى رفضه بشكل قاطع، معتبرة أنه خطوة تراجعية وانتقامية، تمس مكتسبات حرية الصحافة وتناقض ما جاء به دستور 2011 من ضمانات صريحة لحرية التعبير وحق المواطن في الحصول على المعلومة. هذه الهيئات نبهت إلى أن المشروع يروم إضعاف دور الصحافيين وإخضاعهم لمنطق إداري ضيق، عوض تقوية المؤسسات المهنية المستقلة.

إصرار الوزير ولجنته المؤقتة:

في المقابل، يبدو أن الوزير المكلف بقطاع الاتصال ومعه لجنته المؤقتة ماضون في محاولة تمرير المشروع بسرعة لافتة، دون مراعاة حجم الرفض المهني والمدني الذي يحيط به. هذا الإصرار يطرح علامات استفهام حول خلفيات استعجال إصدار قانون غير توافقي، في قطاع حساس مثل الصحافة الذي يحتاج إلى التشاور والحوار العميق.

موقف ديمقراطي وحقوقي قوي من المجلس الوطني لحقوق الإنسان:

المفاجأة غير السارة للوزير ولجنته المؤقتة، هي انضمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الأصوات الرافضة، حيث أصدر مذكرة قوية كشفت هشاشة المشروع ووصفت مضامينه بأنها نكسة تضرب في العمق حرية الصحافة، ولا تحترم المعايير الدستورية والحقوقية. موقف المجلس الحقوقي أبرز أن المشروع يسعى للتضييق على حرية التعبير ومنع تداول المعلومات في انسجام مع توجهات غير ديمقراطية.

استقلالية الصحافة أم تكبيلها؟

هذا الوضع يعيد النقاش إلى المربع الأول: هل نحن بصدد تعزيز استقلالية الصحافة أم تكبيلها؟. فالمشروع الجديد لا يفتح آفاقاً لتطوير الممارسة الصحفية ولا لتأهيل المقاولات الإعلامية، بل يكرس مزيداً من الوصاية والرقابة، في وقت تتجه فيه الديمقراطيات إلى توسيع فضاءات الحرية والشفافية.

عود على بدء :

إن الجدل الدائر اليوم ليس تقنياً فقط، بل هو رهان على مستقبل الصحافة المغربية بين من يدافع عن دستور يضمن حرية التعبير وحق الوصول إلى المعلومة، وبين من يسعى إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بترسانة قانونية تثير الشكوك. الرهان الحقيقي يظل في جعل الحوار قاعدة أساسية قبل أي إصلاح، بدل فرض قوانين تفتقر إلى التوافق المجتمعي والمهني.

* الحسن باكريم : عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية الصحافة ومهن الإعلام ، وعضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والإتصال – الاتحاد المغربي للشغل.

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

سعيد الكحل: هرطقات بنكيران وهلوساته المَرَضية

نشرت

في

بواسطة

ولاءُ نِفاق وتقيّة.

نشر موقع البيجيدي فيديو لأمينه العام، بنكيران، وهو يترأس اجتماعا للأمانة العامة يوم 13 شتنبر 2025، ظاهره تحذير القادة العرب من ثورة شعوبهم ضدهم، وباطنه تهديد مباشر منه لجلالة الملك بفسخ عقد البيعة. فقد تجاسر بنكيران على توجيه خطاب تهديدي نيابة عن الشعب، مفاده إما قطع العلاقات مع إسرائيل أو زوال المُلْك “حنا مهدَّدين كمواطنين ولكن أنتم مهددين في عروشكم. إذا الشعوب ما بقاتش تشعر بلّي الحكام سيحمونها سينحلّ الميثاق وستبحث الشعوب عن حل آخر”. وهو نفس الخطاب الذي روّجه البيجيديون وعدلاوة ومتطرفو اليسار خلال وقفاتهم الاحتجاجية ضد الحرب على غزة. وهنا وجب تذكير بنكيران بالأمور التالية:

1 ـ إنه لا يمثل الشعب المغربي وليس ناطقا باسم الهيئات الحزبية والنقابية والمهنية والمدنية والأمنية والعسكرية الذين بايعوا جلالة الملك عند توليه الحكم بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني. فلا جهة ولا أحد سمح له أو تشاور معه أو وكّله لمهمة البت في عقد البيعة. وهذا تطفّل وتجاوز للدستور والقانون والدين.

2 ـ إن علاقة الشعب بالملك في المغرب لا تخضع للمزايدات السياسوية ولا للابتزاز؛ ومن ثم لا يحق لأي كان أن يتدخل فيها. وقد حاول الاستعمار الفرنسي ذلك ففشل فشلا ذريعا.

3 ـ إن تجذر الملكية في وجدان الشعب المغربي عبر قرون حقيقة ثابتة لا تحتاج لبنكيران أو غيره أن يفتي فيها أو يستغلها لحساباته السياسوية. ويوم قرر المغاربة اتخاذ الملكية نظاما للحكم دون غيره، إنما فعلوا عن وعي وقناعة بصلاحيته لهم لتدبير شؤونهم الدينية والدنيوية.

4 ـ إن بنكيران كان ينتظر الفرصة التي تسمح له بالتهديد بالتحلل من الولاء للملك بصفته ولي الأمر، وبفسخ البيعة للملك بصفته أمير المؤمنين. لم يكن يجرؤ على هذا الابتزاز، من قبل سنة 2011، حين كان حزبه يحقق مكاسب انتخابية على مستوى الأصوات والمقاعد البرلمانية. إذ كان يدرك جيدا أن إبعاد الحزب عن المشاركة في الانتخابات ستعدمه سياسيا.

5 ـ إن ولاء بنكيران وحزبه وجماعته لم يكن يوما ولاء صدق وقناعة، بل نفاقا وتقية. والأمر لا يحتاج كبير عناء لإثباته والتأكد منه؛ إذ تكفي إطلالة سريعة على أدبيات التنظيمين وارتباطاتهما الإيديولوجية مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، للتأكد من أن الولاء الحقيقي للتنظيمين ليس للوطن ولا للملك، وإنما للمرشد العام للجماعة الذي يأمر فيطاع، ويوجِّه فينفَّذ. وخير مثال هنا هو الرسالة التي وجهها مرشد الإخوان بمصر، مصطفى مشهور، سنة 1996، لإسلاميي المغرب، وفي مقدمتهم حركة التوحيد والإصلاح، يحدد لهم الخطط التكتيكية والإستراتيجية التي التزموا، بتنفيذها وفق ما تستوجبه عقيدة الولاء والطاعة داخل التنظيم. ولا أدل على هذا، إفتاء أحمد الريسوني، في ماي 2003، يوم كان رئيسا لحركة التوحيد والإصلاح، بعدم أهلية جلالة الملك لإمارة المؤمنين ودعوته لإسنادها لغيره. وبنكيران لم يخرج عن نهج الريسوني في تهديده، اليوم، بفسخ عقد البيعة للملك والانقلاب عليه إذا لم يستجب لأوامر الخوانجية بإلغاء “التطبيع” الذي وقّعه أمينهم العام، وقطْع كل العلاقات الاقتصادية والعسكرية والعلمية والتجارية مع إسرائيل ضدا على المصالح العليا للوطن. ولا غرابة في الأمر ما دام الخوانجية لا يجعلون الوطن ومصالحه العليا ضمن أولوياتهم. وهذا أقوى دليل على أن الولاء للجماعة ينفي الولاء للوطن.

جبْنَا القْرَعْ يْوَنّسْنا عرّى راسو وهَوّسْنا.

يتوهّم بنكيران أن تهديده للحكام العرب سيُخلّف صدى في المغرب، حسب المثل (إياك أعني واسمعي يا جارة). لقد انتهت مدة صلاحية بنكيران كما تنتهي صلاحية المواد الاستهلاكية. إلا أن هوسه بكرسي السلطة أعماه عن استيعاب إشارة البلوكاج بانتهاء صلاحيته السياسية. وكما فقَدَ الصلاحية فقدَ معها المروءة وصار يتوهم أنه من أصحاب “الشَّان والمرْشَان”. إذ من الخسة والوضاعة أن يخاطب القادة العرب بما يسيء إلى مسؤولياتهم الدستورية ويطعن في وطنيتهم بقوله: “أول ما يجمعنا وحكامنا عقد فيه أنهم يلتزمون بواجب حمايتنا. دابا حنا مكنشعروش بنفوسنا محميين”. بل تمادى في خسته وحقارته ليَتّهم الملك، بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، بعجزه عن حماية البيجيديين ومقرهم ضد القصف الإسرائيلي: ” دابا حنا مكنشعروش بنفوسنا محميين. أنا ما تنشوف حتى مانع أن هاذ القاعة هذي أن تقصفها إسرائيل. أنا شخصيا جد جدّ متشائم “. وهذا تطاول خطير على أمير المؤمنين ورئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية الغرض منه ضرب الُّلحمة الوطنية بين الشعب والمؤسسة الملكية.

إن بنكيران، بمثل هذه الهرطقات و “التْبَوْحِيط” يتوهّم أنه سيبتز الدولة ويجعلها تراضيه مقابل سكوته. فهو يثبت من جديد أن تعيينه رئيسا للحكومة كان بمثابة “شمْتة” لن تتكرر أبدا (قال له شْمَتّك، قال له عرفتك). وحال بنكيران اليوم يصدق عليه المثل الشعبي “جبْنَا القْرَعْ يْوَنّسْنا عرّى راسو وهَوّسْنا”.

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

سعيد الكحل: العدميون لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب

نشرت

في

لم تستوعب فئة من العدميين أعداء النجاح، لحظة افتتاح الجوهرة الرياضية، ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط. لقد غاظتهم سرعة الإنجاز بأيادي وخبرات مغربية محضة، وكذا دقة الإنجاز التي جعلت المنشأة الرياضية تضاهي كبريات الملاعب الرياضية في العالم.

كعادة العدميين توقعوا تعثر الإنجاز وعدم وفاء المقاولات بتاريخ تسليم الملعب، أو ظهور عيوب في البناء أو الإنارة أو في الجوانب الهيكلية أو التقنية للملعب. لقد خاب انتظارهم للحظة الشماتة حتى يجلدوا كل المسؤولين، ويمارسوا هواية نصب المشانق وسحل أعضاء الحكومة؛ ولما لم يجدوا ما يغذي شماتتهم أو يفجرها، انقلبوا نائحين، في مسعى خسيس لتحويل لحظة الفرح بالإنجاز إلى لحظة نعيق وعويل كما تفعل النائحات في المآتم.

فجأة تذكّر العدميون ضحايا زلزال الحوز وساكنة المغرب العميق، فسارعوا إلى النبش في تقارير المندوبية السامية للتخطيط بحثا عن إحصائيات تخص نسبة البطالة والفقر. لم يكن غرضهم معالجة المشاكل الاجتماعية، بقدر ما كان سعيهم الخبيث إفساد لحظات الفرحة التي فجّرها افتتاح الملعب. إنهم غربان الشؤم يكرهون الفرح ويحاربون النجاح.

كلّ يرى بعيْن طبْعِه.
اعتاد العدميون على تبخيس كل ما هو إيجابي، سواء مكاسب سياسية أو اختراقات دبلوماسية أو إنجازات هيكلية أو مشروعات اقتصادية أو بنيات رياضية أو برامج اجتماعية. فالعدمية قبل أن تكون حقدا إيديولوجيا يوجِّه معتنقيه إلى تبخيس جهود الدولة بخلفية المناهضة/المعاداة لا الانتقاد، فهي طبْع مجبول عليه الشخص العدمي، به يرى ما حوله. وصدق الشاعر إيليا أبو ماضي لما نصح هذه العيّنة من البشر: “كن جميلا ترى الوجود جميلا”

والذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الوجود شيئا جميلا

إن طبع العدميين يجعل حالهم كحال من تعمى عيناه عن جمال الورود فلا يرى غير الأشواك المحيطة بها:

وترى الشّوك في الورود، وتعمى
أن ترى فوقها النّدى إكليلا

ومن تناقضات العدميين أنهم استكثروا على المغرب، أن يكون له قصب السبق في إنجاز مشروع القطار فائق السرعة “البراق”، أو يبني موانئ تنافس الموانئ العالمية في التجارة واللوجستيك والصناعة والخدمات، أو يشرع في إنجاز محطات الطاقة الشمسية. حجتهم في معارضة المشاريع الكبرى هي أن هناك أولويات تتعلق بالفقر والبطالة والصحة؛ وهذا حق يراد به باطل. لكن حين شرعت الحكومة في تنفيذ برنامج الدعم الاجتماعي المباشر إلى جانب نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO) كجزء من مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، خرج العدميون منتقدين الحكومة، تارة بحجة أن الدعم المباشر يشجع على الكسل والاتكال على الدولة بدل العمل، وتارة أخرى أن أموال الدعم أحرى أن تُوجَّه إلى خلق فرص العمل وتشجيع الاستثمار مرددين المثل الصيني (لا تعطني سمكة ولك علمني كيف أصطاد السمك)؛ وفي أخرى يتهمون الحكومة بأنها ستوظف الدعم الاجتماعي لتحقيق مكاسب انتخابية.

لا شك أن العدميين يتجاهلون الحقائق والمعطيات التالية:
1 ـ إن عدد الأسر المستفيدة من نظام الدعم الاجتماعي المباشر عند متم شهر يونيو من سنة 2025 قارب 4 ملايين أسرة (تم قبول 98,4 في المائة من ملفات طلبات الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر وفق تصريح الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع أمام البرلمان في يوليوز 2025). وهذا دليل على كون الدولة لم تترك الأسر المعوزة لمواجهة مصيرها، وإنما تبذل جهودها لتوفير الدعم لها، ولتزويد السوق المغربية بكل ما يحتاجه المواطنون ويعفيهم من الانتظام في طوابير طويلة أو من بطاقات التموين المذِلّة للكرامة. طبعا مبلغ الدعم ليس كافيا لكنه يحفظ ماء وجهها ويغنيها عن مد اليد.

2 ـ إن تكلفة الدعم الاجتماعي كلّف خزينة الدولة 37.7 مليار درهم سنة 2025. وهذا مبلغ مالي جد مهم كافي لتشييد على الأقل تسعة ملاعب من مستوى ملعب الأمير مولاي عبد الله. لكن الدولة استطاعت المزاوجة بين الدعم الاجتماعي وبناء الملاعب الرياضية بمعايير دولية، بالإضافة إلى تشييد مراكز استشفائية كبرى بعدد من المدن (الرباط، طنجة، أغادير، العيون وغيرها). طبعا العدد غير كاف لتوفير الخدمات الصحية للمواطنين ذوي الدخل المحدود. وبدل أن يكون ما تم تحقيقه مصدر فخر واعتزاز للعدميين، صار مبعث حقد وعداء للدولة ولكل المنجزات على اختلاف مستوياتها وتكاليفها.

3 ـ إن تكلفة تأهيل ملعب الأمير مولاي عيد الله، وفق ما جاء به مشروع قانون المالية لسنة 2023، حددت في 40 مليار سنتيم. أما تكلفة بناء ملعب بنسليمان، الذي يعد أحد أكبر الملاعب في العالم، فستكلف 5 مليارات درهم مغربي (500 مليون دولار).

كان من المفروض في العدميين أن يسائلوا أنفسهم بحس وطني صادق، ولكن هيهات أن يكون لهم هذا الحس ونفوسهم مرجل حقد وعداء لا ينطفئ، كيف للدولة المغربية، ذات الموارد المالية المحدودة، أن تنخرط في برامج اجتماعية رائدة وفي مشاريع تنموية واقتصادية طموحة رغم ظروف الجفاف وحرب الاستنزاف المفروضة عليها من طرف النظام الجزائري على مدى نصف قرن؟

4 ـ إن تطوير البنيات الرياضية وتأهيلها لا ينفصل عن تطوير وسائل المواصلات وتشييد الموانئ والسكك الحديدية والطرق السيارة. فجميع هذه المشروعات والمنشآت تساهم مباشرة في التنمية المستدامة وخلق فرص الاستثمار والشغل. إن الملاعب الرياضية ليست ترفا ولا مضيعة للمال العام؛ ذلك أن مردودها الاقتصادي والاجتماعي والنفسي والتربوي لا يقل أهمية عن المشروعات الاقتصادية والإنتاجية. وأنصح العدميين بالرجوع إلى نتائج مشاورة الكومنولث في عام 2015، مع مجموعة من خبراء الرياضة والتنمية لتقييم أفضل طريقة لاستخدام الرياضة للمساهمة في أهداف التنمية المستدامة. وتم نشر النتائج في منشور للكومنويلث بعنوان” الرياضة من أجل التنمية والسلام وخطة التنمية المستدامة لعام 2030 “، وكذا منشور آخر بعنوان ” تعزيز مساهمة الرياضة في أهداف التنمية المستدامة”. بالمناسبة، تشير التقديرات إلى أن الخمول البدني الذي تلعب الرياضة بكل أنواعها دورا مباشرا في محاربته، سيكلف الهند 7.5 مليار دولار أمريكي والمملكة المتحدة 26 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 إذا لم يتم اتخاذ التدابير المناسبة.

5 ـ إن محاربة الفقر وبناء المستشفيات ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة وتوسيع شبكة الطرق والمواصلات وخلق فرص الشغل يحتاج إلى موارد مالية مهمة عبر تنويع الاستثمارات، ومنها الاستثمار في الرياضة التي تمثل القوة الناعمة التي جعلت المغرب، منذ مونديال قطر الذي أبهر فيه الفريق الوطني لكرة القدم كل العالم، الوجهة السياحة الأولى في إفريقيا (بلغت مداخيل السياحة لسنة 2024 أكثر من 110 مليارات درهم (ما يقرب من 11.2 مليار دولار، بالإضافة إلى توفير مئات الآلاف من فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة). ويجدر تذكير العدميين أن الاهتمام بالرياضة وتشييد الملاعب هو من صميم واجبات الدولة والجماعات الترابية نحو فئات واسعة من المواطنات والمواطنين، سواء الممارسين أو المتفرجين والمشجعين الذين من حقهم ممارسة الرياضة والاستمتاع بمشاهدة المنافسات الرياضية. لقد صارت الرياضة صناعة وعاملا مهما من عوامل التنمية المستدامة (فرص الشغل التي توفرها الرياضة، عائدات الملاعب والإشهار وبيع حقوق البث التلفزي، ومداخيل اللاعبين، الأعمال الخيرية والاجتماعية التي يمولها اللاعبون (حكيم زياش، أبو خلال، حمد الله، أشرف حكيمي، بوصوفة، بلهندة وغيرهم. هذه مجرد نماذج)، فضلا عن الآفاق التي تفتحها الرياضة أمام المواهب. وصدق موليير بقوله: “نحن نأكل لنعيش، لا نعيش لنأكل”.

أكمل القراءة
دولي منذ 7 ساعات

الرئيس الفلسطيني يطالب حركة حماس بتسليم سلاحها

رياضة منذ 8 ساعات

أكرد يسقط سان جرمان في مرسيليا لأول مرة منذ أواخر 2011

مجتمع منذ 8 ساعات

هشام العلوي يُقاضي ” اليوتبرز” رضا الطاوجني

دولي منذ 9 ساعات

رفع العلم الفلسطيني أمام مقر البعثة الفلسطينية في لندن

واجهة منذ 10 ساعات

البيضاء: توقيف مواطن فرنسي من أصول تركية موضوع أمر دولي بإلقاء القبض

واجهة منذ 11 ساعة

إسرائيل تقول إنها لن تسمح لأسطول الصمود العالمي بخرق الحصار المفروض على غزة

رياضة منذ 11 ساعة

الرجاء ينهي علاقته التعاقدية مع المدرب التونسي لسعد جردة

منوعات منذ 11 ساعة

بعد “أنا حرة” كريمة غيث تتفاعل مع تجارب نساء عشن علاقات سامة “الصورة”

مجتمع منذ 12 ساعة

قاضي التحقيق يأمر باستخراج جثة “الطفل الراعي بويسلخن” لإعادة التشريح

دولي منذ 12 ساعة

فرنسا تستعد للاعتراف بدولة فلسطين

رياضة منذ 13 ساعة

رسميا.. فادلو دافيدز مدربا جديدا للرجاء

دولي منذ 14 ساعة

السيسي يصدر قرارا بالعفو عن الناشط علاء عبد الفتاح

منوعات منذ 16 ساعة

النادي السينمائي نور الدين الصايل يفتتح موسمه السينمائي بأكادير

واجهة منذ 18 ساعة

اليوم العالمي لتنظيف البيئة 2025 – أول تعبئة مواطنة في المغرب في المنتزه الوطني خنيفرة

رياضة منذ 19 ساعة

هذا هو الموعد الجديد لمباراة الوداد الرياضي ضد نهضة الزمامرة

واجهة منذ 20 ساعة

طقس الإثنين.. أجواء حارة بهذه المناطق

دولي منذ يوم واحد

ستارمر يعلن اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين

دولي منذ يوم واحد

كندا تلتحق بابريطانيا و تعترف بدولة فلسطين

دولي منذ يومين

سفير تركيا في الجزائر: 20% من الجزائريين “أتراك”

واجهة منذ يومين

طقس غير مستقر وأجواء ممطرة بعدة مناطق من المملكة

إعلان

الاكثر مشاهدة