Connect with us

على مسؤوليتي

سعيد الكحل: غزة بين فكي كماشة.. الاحتلال والتطرف (1/2)

نشرت

في

لا يجادل أحد في حق كل شعب أن يكون له وطن حر مستقل. والشعب الفلسطيني لا يُستثنى من هذا الحق. ولعل تضحياته من أجل إقامة دولته المستقلة لم تبلغها تضحيات شعوب أخرى في العصر الحديث.

إلا أن هذه التضحيات الأسطورية تطبعها عدة مفارقات أبرزها:
1 ـ كلما زادت التضحيات تقلصت المكاسب: حين اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين رقم 181 بتاريخ 29 نونبر 1947، بتصويت 33 دولة مع، 13 ضد، وامتناع 10دول، أجمع العرب والفلسطينيون على رفض القرار. ويقوم القرار على تقسيم فلسطين إلى 3 كيانات هي:
أ ـ دولة عربية: تبلغ مساحتها حوالي 4,300 ميل مربع (11,000 كـم) 2 ما يمثل 42.3%) من فلسطين وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
ب ـ دولة يهودية: تبلغ مساحتها حوالي 5,700 ميل مربع (15,000 كـم) 2 ما يمثل 57.7%) من فلسطين وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبرية وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك إيلات.
ج ـ القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة: تحت وصاية دولية.

لقد أطلق الانتداب البريطاني يد الإسرائيليين في قتل وتهجير الفلسطينيين عبر ارتكاب سلسلة من المجازر التي لازالت مستمرة حتى اليوم، بل ازدادت وحشية وهمجية منذ 7 أكتوبر 2023. ظل الفلسطينيون متشبثين بالأرض وبحقهم في إقامة وطنهم مهما كلهم ذلك من تضحيات. وقد سلكوا ما كان باستطاعتهم من سبل النضال والتضحية عبر المقاومة المسلحة والمدنية.

وشكلت الانتفاضة الأولى لأطفال الحجارة منعطفا تاريخيا في مسار القضية الفلسطينية قاد إلى اتفاق أوسلو في شتنبر 1993، بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، الذي تضمن اعترافا متبادلا بين الطرفين والبدء بمسار تفاوضي نحو حل دائم للقضية الفلسطينية على أساس القرار 242. إذ سمح للسلطة الفلسطينية بإقامة نواة الدولة الفلسطينية التي مُنحت لها صلاحيات إدارية وأمنية محدودة (حكم ذاتي انتقالي في الضفة وقطاع غزة). لكن قوى التطرف من الجانبين: الإسرائيلي (حزب الليكود والأحزاب المتحالفة معه) والفلسطيني (حماس والجهاد وخلفهما إيران)، لم تكن راضية على الاتفاق فعملتا على إسقاطه.

هكذا اندلعت الانتفاضة الثانية التي تطورت إلى تصعيد عسكري بين الطرفين واجهته إسرائيل باجتياح الدبابات للضفة الغربية، في 2002، بأمر من شارون الذي قرر الشروع في بناء الجدار الفاصل وفرض حصار على الفلسطينيين. الأمر الذي أدى إلى تقليص أكبر لمساحة الضفة وقطاع غزة (تقلصت مساحة غزة من 365 كيلومتراً مربعاً إلى 50,24 كيلومتر مربع). أما الضفة الغربية المحتلة فتقدر مساحتها بعد اتفاقية أوسلو بـ 5860 كيلومتراً، لكن بسبب المستوطنات والجدار العازل تقلصت مساحتها بنحو 50 في المائة وفق أرقام وكالة الأنباء الفلسطينية.

2 ـ كلما زاد الدعم الدولي تعمقت الانقسامات الداخلية.
إن ما تحقق من مكاسب سياسية ودبلوماسية للقضية الفلسطينية سرعان ما تهاوى بفعل الصراع على السلطة؛ إذ أعلنت حماس تمردها على السلطة الفلسطينية في صيف 2007، بحيث اندلعت اشتباكات مسلحة بين حركتي فتح وحماس أدت إلى مقتل نحو 116 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 550 في خمسة أيام من القتال، حسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وكانت مشاهد مؤلمة لعناصر فتح تلقي بهم حماس من أعلى البنايات. وبهذا التمرد تم حل حكومة الوحدة الوطنية وتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى كيانين: الضفة الغربية تديرها السلطة الفلسطينية، وقطاع غزة تحكمه حماس. ومن أجل تكريس الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، قرر أرييل شارون الانسحاب من قطاع غزة عام 2005، وفق خطة “فك الارتباط” التي حصلت على تأييد 59 عضوا مقابل 40 معارض و5 ممتنعين عن التصويت.

كل الجهود العربية لتحقيق المصالحة الفلسطينية فشلت، بحيث استقلت حركة حماس بقراراتها عن السلطة الفلسطينية مصرة على الجمع بين الحكومة والمقاومة. إذ قررت حماس، على خلاف كل حركات المقاومة في العالم، أن تتخذ من الشعب متراسا لتتخفى وتحتمي خلفه؛ أي أن تقاوم بالغزيين وليس من أجلهم. ذلك أن المقاومة يكون من مسؤولياتها حماية أرواح الشعب وممتلكاتهم، لكن ما يجري في غزة هو العكس حيث حفرت حماس الخنادق لمقاتليها وتركت المدنيين عرضة للقصف.

وكان من نتائج هذا الجمع بين الحكومة والمقاومة الانفراد بقرار المقاومة المسلحة الذي أعطى ما يكفي من الذرائع لإسرائيل بشن حربها ضد القطاع الذي أعلنته سنة 2007 “كيانا معاديا”. ومن أبرز تلك المواجهات المسلحة:
ـ عملية الوهم المتبدد التي نفذتها الفصائل الفلسطينية في غزة فجر 25 يونيو 2006، استهدفت قوة إسرائيلية مدرعة كانت ترابط ليلاً في موقع كيريم شالوم العسكري على الحدود بين مدينة رفح وإسرائيل. حيث تسلل المقاتلون عبر نفق أرضي ومباغتة القوة الإسرائيلية. وانتهى هذا الهجوم بمقتل جنديين وإصابة 5 آخرين بجروح وأسر الجندي جلعاد شاليط ونقله إلى داخل قطاع غزة.
ـ “عملية الرصاص المصبوب” التي شنتها إسرائيل في 28 دجنبر 2008، واستمرت 28 يوما، والتي ردت عليها المقاومة الفلسطينية في القطاع بعملية سمتها “معركة الفرقان”. وأسفرت هذه الحرب عن مقتل أكثر من 1430 فلسطيني وجرح 5400 شخص، مقابل مقتل 13 إسرائيليا، بينهم 10 جنود، وإصابة 300 آخرين.
ـ عملية “عامود السحاب” في 14 نونبر 2012 واستمرت 8 أيام، وردت عليها المقاومة الفلسطينية بمعركة “حجارة السجيل”. قتل في العملية نحو 180 فلسطينيا، بينهم 42 طفلا و11 امرأة، وجرح نحو 1300 آخرين، في حين قتل 20 إسرائيليًا وأصيب 625 آخرون.
ـ عملية “الجرف الصامد” في يوليوز 2014، وردت عليها المقاومة بمعركة “العصف المأكول”، واستمرت المواجهة 51 يوما، وأسفرت عن مقتل 2322 فلسطيني وجرح 11 ألف آخرين، مقابل مقتل 68 جنديا إسرائيليا، و4 مدنيين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وأصيب 2522 إسرائيليا بجروح، بينهم 740 عسكريا.
ـ معركة صيحة الفجر حيث أطلقت حركة الجهاد الإسلامي مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية ردا على اغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الذراع العسكرية للحركة في غزة “بهاء أبو العطا” وزوجته.
ـ معركة “حارس الأسوار” التي ردت عليها حماس بمعركة “سيف القدس” بعد استيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين في حي الشيخ جراح، وكذا بسبب اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، وأسفرت عن مقتل نحو 250 فلسطينيا وأكثر من 5 آلاف جريح.
ـ عملية الفجر الصادق في 5 غشت 2022 وردت عليها حركة الجهاد بعملية “وحدة الساحات” بسبب اغتيال إسرائيل لقائد المنطقة الشمالية لسرايا القدس في جنين بالضفة الغربية “بسام السعدي”، وأسفرت عن مقتل 24 فلسطينيا بينهم 6 أطفال، في حين أصيب 203 بجروح مختلفة.
ـ هجوم طوفان الأقصى فجر يوم 7 أكتوبر 2023، الذي بدأ بإطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل، واقتحام نحو ألف من مقاتلي النخبة في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الأسلاك الشائكة إلى داخل المستوطنات حيث أسروا عشرات الإسرائيليين، بينهم ضباط وجنود، وقتلوا نحو 1200 جندي ومدني. وردت إسرائيل على الهجوم بعملية “السيوف الحديدية” التي لازالت مستمرة إلى اليوم وأسفرت عن مقتل نحو 60 ألف فلسطيني وجرح أكثر من مائة ألف آخرين بالإضافة إلى تدمير القطاع وإعادة احتلاله. ووسعت إسرائيل حربها لتشمل الضفة الغربية حيث أعلنت، في 22 ماي 2024، إلغاء ما يسمى “قانون فك الارتباط” بشمال الضفة الغربية المحتلة كرد فعل على اعتراف ثلاث دول (إيرلندا وإسبانيا والنرويج) بدولة فلسطين. وبهذا يفقد الفلسطينيون كل المكاسب التي حققتها انتفاضة أطفال الحجارة.

3 ـ من تحرير الأرض إلى تحرير الأسرى.
إن ما يشهده قطاع غزة من تقتيل ودمار لم يشهده إطلاقا من قبل. وبهذا يحق للفلسطينيين أن يصفوا واقعهم بعد طوفان الأقصى “بالنكبة الثانية” لما يشهده من تشريد 2.3 مليون فلسطيني بالقطاع وتدمير منازلهم ومؤسساتهم التعليمية والصحية والإدارية. أي القضاء على نواة الدولة الجنينية التي زرعها أطفال الحجارة بأناملهم وأرواحهم. إن الهدف الرئيسي لحماس من “طوفان الأقصى” ليس تحرير الأرض وتحصين نواة الدولة الجنينية، بل تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال. فما صدر عن حماس وعن قيادييها يؤكد هذا الخيار. ففي الرسالة التي وجهها صالح العاروري، نائب رئيس حماس، لكل الفلسطينيين أكد فيها أنّ معركة طوفان الأقصى هي “ردٌّ على جرائم الاحتلال.. وأنّ المجاهدين في القطاع بدأوا عملية واسعة بهدفِ الدفاع عن المسجد الأقصى وتحرير الأسرى”.

كما نشرت حماس بيانا أكدت فيه أنّ أولوية هذه العملية هي حماية القُدس والأقصى ووقفَ مخططات الاحتلال الرامية إلى تهويدهما وبناء الهيكل المزعوم على أنقاض قبلة المسلمين الأولى، وتحرير الأسرى من السجون، الذي اعتبرته “أحد أهم العناوين الوطنية والسياسية والإنسانية”. قبل حرب 7 أكتوبر 2023، كانت إسرائيل تحتجز أكثر من 5200 أسير فلسطيني، لكن بعد نوفمبر 2023، ارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين إلى ما يفوق 10,000 أسير مقابل 250 رهينة احتجزتهم حركة حماس في “طوفان الأقصى” بينهم إسرائيليون وغير إسرائيليين. وهذا الذي جعل جمعية الأسرى الفلسطينيين تصرح منتقدة حماس “أن المزيد من الفلسطينيين تم اعتقالهم بدلاً من الإفراج عنهم؛ منذ بدء وقف إطلاق النار.. وأنه مقابل كل فلسطيني تم الإفراج عنه، هناك فلسطيني آخر تم اعتقاله”.

والأدهى من كل هذا، أن إسرائيل أمعنت في تعذيب الأسرى وحرمانهم من الرعاية الطبية والطعام والماء والزيارات العائلية وزيارات المحامين. كما مُنع الأسرى المُفرج عنهم من ممارسة أي نشاط سياسي أو نشر محتوى سياسي على وسائل التواصل الاجتماعي أو المشاركة في الاحتجاجات. وقد اعتبرت حماس، في بيان لمكتب الشهداء والجرحى والأسرى بالحركة أن صفقة تحرير 642 أسير في الدفعة الأخيرة بتاريخ 27 فبراير 2025، “تمثل إنجازا نوعيا لمقاومتنا الباسلة”. علما أن هذه الدفعة التي شملت 642 أسيرا كان ضمنهم 445 أسيرا من معتقلي غزة بعد 7 أكتوبر، و46 من النساء والأطفال).

فكم يقابل الأسرى المفرج عنهم من الأسرى الجدد ومن القتلى والجرحى والمعطوبين؟ وما هي التكلفة؟ حسب المعطيات الرسمية لوزارة الصحة بقطاع غزة إلى غاية 5 أبريل 2025، بلغ عدد القتلى 50,695 شخص و 115,338 مصاب وأكثر من 15.000 مفقود، بعضهم ما زال تحت الأنقاض، وآخرون قُتلوا وتحللّت جثثهم بعيدًا عن الأنظار أو أكلتها الكلاب، أو دُفنوا كمجهولي الهوية، فيما فقد أكثر من 80٪ من سكان غزة منازلهم منذ 7 اكتوبر 2023.

لا استقلال ولا حرية دون تضحيات جسام. لكن لا يمكن التضحية بشعب من أجل تنظيم. فما بات يهم حماس ليس أرواح وممتلكات أهل غزة وكل الفلسطينيين، بل بقاؤها في السلطة. لهذا صدرت تصريحات عن قيادات حماس تستخف بدماء الضحايا. فقد اعتبر خالد مشعل، دماء الفلسطينيين مجرد “خسائر تكتيكية”. أعقبه تصريح أسامة حمدان (المقيم في موريتانيا): “الخسائر تُعتبر حين تصيب المقاتلين، وليس المدنيين”، ثم غازي حمد: “الشعوب ورقة ضغط، حتى لو مات منها عشرون ألفًا”، وقبلهم إسماعيل هنية: “نحتاج إلى دمائكم لتوقظ فينا روح العناد”، وصالح العروري: “المدنيون هم المسؤولون عن أخطاء 7 أكتوبر” (رغم أنه في ذلك اليوم قال: “الآن كسرنا الجدار، ومن لديه ثأر في إسرائيل فليدخل لجبايته”)، ويحيى السنوار: “سنُحارب حتى آخر طفل لتعيش أفكارنا”، وباسم نعيم: “من يفقد بيته في غزة، سيأخذ بيتًا أفضل منه في الجنة”.

إعلان
انقر للتعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

على مسؤوليتي

مصطفى المانوزي: أقاوم حتى لا يتحول الشَطَط إلى استبداد

نشرت

في

أعتذر عن النفس الشخصي الذي بمقتضاه أعيد صياغة نقدي الذاتي ؛ ففي ظلال حلول عيد ميلادي السادس والستين، لن أحتفي بالزمن بوصفه مجرد تقويم بيولوجي، بل كرصيد من التأمل النقدي في جدوى السيرورة، وعدالة المعنى، ومآلات الانتظار.

لقد بلغت سنًّا لا أبحث فيه عن جواب، بل أتحرى عمق السؤال. وأدركت أن “التعفن”، حين يستفحل في البنية الرمزية للنظام السياسي والاجتماعي، لا يقتل فقط الحياة، بل يعمّي البصيرة، ويُعدم التدرج الأخلاقي والمعرفي.

*الجملة المفتاحية: مرآة لسردية الانهيار الرمزي
“بسبب التعفن، يتساوى العَمَش مع العَمَى، كما يتحول الشطط إلى استبداد.”
ليست هذه مجرد استعارة. إنها بلاغة تحليلية تؤسس لسردية نقدية، تكشف كيف تُطمر الفروق الدقيقة في لحظة فساد المنظومات، وكيف يُعاد ترتيب الخطأ ليُغلف كضرورة، والانحراف ليُسوَّق كحكمة واقعية.
التأويل السيميائي: من الخلل النسبي إلى الانهيار الكلي.

1. العمش والعمى:
في زمن ما قبل التعفن، يمكن للتمييز بين النقص والبُعد أن يؤطر الفعل والنقد. أما بعده، فلا فرق بين من يرى غبشًا ومن فقد الرؤية كليًا، لأن النسق يُعيد تعريف الخلل بوصفه قاعدة.

2. الشطط والاستبداد:
حين يُترك الشطط بدون مقاومة أخلاقية أو مؤسساتية، يتجذر كعرف، ثم كشرعية، ثم كأداة للحكم. هكذا يولد الاستبداد من رحم التساهل مع الانحراف.

*السياق المغربي الراهن: من الرمزية إلى الواقعة
حين تُهدم معالم المدينة القديمة باسم التنمية،
وتُمحى الفوارق بين “المصلحة العامة” و”السطو على المجال”،
ويتحول النقد إلى جرم، والمشاركة إلى تهديد،
نكون أمام لحظة بلاغية/واقعية يتساوى فيها العَمَش بالعمى، ويتحول الشَطَط إلى استبداد.

إنه زمن سيولة المفاهيم، وتدجين الإرادة، وتعويم الانحراف.

بل زمن “إنتاج الشرعية من ركام الاستثناء”، حيث لا يبقى للشعب سوى أن “يرى ولا يرى”، أن “يُشارك دون أن يُحسب”، وأن “يُقرر ضمن شروط لا تسمح بالقرار”.

في الحاجة إلى سردية بديلة: من التشخيص إلى التأسيس
ما العمل إذن؟
إعادة تفكيك اللغة السائدة، وتحرير المعنى من تواطؤاته الرمزية.

الدفاع عن التمييز الضروري بين النقص والكارثة، بين التجاوز والخيانة، بين السلطة والمشروعية.

الانطلاق من ذاكرة النقد نحو أفق العدالة التوقعية، ليس بوصفها جبرًا للماضي، بل كــتحصين مستقبلي من تكرار الخراب.

* خاتمة في عيد الميلاد
عند ستة وستين عامًا، لا أملك ترف التفاؤل الساذج، ولا ترف التشاؤم العبثي.

لكني ما زلت أومن أن التفكير النقدي التوقعي ليس ترفًا فكريًا، بل فعل مقاومة ضد التعفن، وضد ذلك الانزلاق الذي يُسوّي العمش بالعمى، ويُجمّل الاستبداد بطلاء الشرعية.

ولذلك سأواصل المقاومة حتى لا يستفحل التعسف تحكمه وإستبدادا !

* مصطفى المنوزي
منسق ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

محمد الطالبي : وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة

نشرت

في

في البدء كانت الكلمة.
ومنذ تلك اللحظة، لم يكن الكون صامتاً أبداً. كانت الكلمة فعلاً خلاقاً، وكانت الحرية شرط وجودها. فليس ثمة معنى لكلمة تُولَد في القيد، ولا فائدة من صوتٍ لا يُسمع إلا بإذن.

*الكلمة التي لا تملك حق التحرك، لا تملك القدرة على التغيير.
الحرية ليست ترفاً ثقافياً، ولا موهبة سياسية تُمنح وقت الرخاء وتُسحب ساعة الغضب ولا مرتبطة بتغير عقارب الساعة اثناء تيهانها ، إنها الأصل الأول في الوجود الإنساني، وقلبُ الفعل الإعلامي.

الحرية هي ما يجعل من الصحافة سلطة رقابية حقيقية، لا تابعة. وهي ما يمنح الكاتبة والكاتب شرعية السؤال، والمواطن حق المعرفة، والمجتمع مناعة ضد الكذب والتضليل.

لكن يبدو أن هناك من لم يهضم بعد هذه الحقيقة. وان العهد الجديد وتوجهاته وتاطيره ربما ما زال البعض لم يهضمه ويتمثله في مسلكياته، فهناك من يتربص بالكلمة، وينظر إلى حرية الصحافة كخطر يجب تحييده، لا كأداة لبناء مجتمع واعٍ ومتين.

وهناك من يحاول – في صمت ماكر – أن يُعيد تشكيل المشهد المغربي ليصبح أكثر انضباطاً، لا بمعايير المهنية، بل بمعايير الولاء، والصمت، والاصطفاف.

في الأفق حديث “سري” لكنه يتسلل إلى العلن، عن تقنين التعبير، وضبط الكلام، وتقييد النشر، ومراقبة ما يُقال، ومن قاله، ولمن قاله.

هناك حديث لا عن من يمثل اصحاب وصاحبات الكلمة بقدر ما يُمثل عليهم.
حديث لا يُكتب بالحبر بل بالمقص، وعن “قوانين جديدة” تُفصّل لتمنح الشرعية للمراقبة، وتُشرعن التهديد، وتُدخلنا في عهد جديد عنوانه: الإعلام بلا روح.

لكننا نعلم – من تجارب الشعوب – أن القوانين حين تفقد صلتها بالعدالة، تتحول إلى أدوات للقمع.
وأن القانون بلا حرية، يشبه الجسد بلا روح، والدستور بلا احترام، لا قيمة له.

لا أحد فوق الدستور، ولا أحد تحته. الدستور ليس جداراً يُعلّق عليه الخطاب الرسمي، بل عقد اجتماعي يحفظ كرامة الأفراد ويصون حرياتهم.

وإن فقد الدستور وظيفته، فإن باقي القوانين تصبح بلا معنى وتفقد بعدها الأخلاقي.
المتسلطون ليسوا دائماً من يرفعون الهراوة، بل غالباً من يبتسمون وهم يكتبون تقارير …، ويرتبون جلسات التأديب، ويضعون الكلمة تحت المجهر.

أعداء الحرية يلبسون ثياب المسؤولية، يتحدثون باسمنا الجمعي ، ويقدمون أنفسهم كحماة لنا حتى من انفسنا .

لكن الحقيقة أن أكثر ما يهددنا هو الخوف.
الخوف من السؤال، الخوف من النقد، الخوف من الإعلام الحر، الخوف من مواطن لا يُصفق، بل يُفكر.

الحرية لا تخيف الدولة بل بعض من الجهات التي لا تؤمن بقوتها. بل تخيف فقط من يعرف في قرارة نفسه انه لا ينتمي الى عهدنا الجديد .

ولهذا، فإن معاداة حرية التعبير ليست مؤشراً على القوة، بل على الرعب من الانكشاف.
ألم نرَ كيف يُصنع “مجلس” لتمثيل الإعلاميين، ثم يُفرغ من روحه ليتحول إلى جهاز وصاية؟
هذه حكاية سنمار تتكرر كل مرة .

لكن من يقرأ التاريخ جيداً يعرف أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وأن الصحافة، كلما خُنقت، خرجت من ثقب آخر أكثر جرأةً ووضوحاً.

قد يقال: هذا كلام مثالي. لا يراعي “الواقع”، ولا يفهم “التوازنات”.
لكننا لسنا دعاة فوضى. نحن فقط نعرف أن السكوت لا يصنع حقيقة ، وأن الرأي الواحد لا يبني مجتمعاً، وأن المواطن الذي لا يعرف، لا يستطيع أن يختار، ولا أن يشارك، ولا أن يدافع عن نفسه.
الحرية ليست اختياراً، بل شرط حياة.

هي التي تبني العقول، وتحمي الدولة من الغرق في مستنقع التزلف والتضليل.
الإعلام ليس عدواً للدولة، بل صمام أمانها.

وحين يُخنق الإعلام، وتُربط الكلمة، تُفتح أبواب أخرى للخوف، وللإشاعة، وللشعبوية، وللانفجار الصامت.

*في البدء كانت الكلمة، وفي النهاية لا يصمد إلا الأحرار.
من تَحكَّم في الكلمة لحظةً، لن يستطيع أن يكبح جموح الزمن، ولا أن يُوقف صوت شعبٍ وُلد ليقول، لا ليُصفّق.

الكلمة الحرة لا تموت. حتى إن خُنِقت، تولد من جديد في أول صرخة، وأول منشور، وأول مقال يكتبه صحفيٌّ لا يخاف، ولا يبيع صوته .

أكمل القراءة

على مسؤوليتي

د.عبد الرزاق مساعد يكتب عن الأعطاب الجنسية عند الرجل

نشرت

في

بواسطة

“الاستيهام والخيال، ضروريان لإتمام العملية الجنسية”: و بالتالي، فإن المرأة و الرجل اللذين لم يمارسا الاستمناء في فترة المراهقة، سيتعرضان حتما، لاضطرابات جنسية تظهر على علاقاتهم الجنسية، مع شركاءهم أو العكس.

الشيء الذي يجب ان نعرفه، هو أن أكثر من خمسين في المائة من الرجال، يصابون بالفشل الجنسي في فترة من حياتهم ، هناك من يستطيع أن يعرف كيفية التعامل، مع الفشل او العطب الجنسي الذي أصيب به. وعندما أقول أن عددا كبيرا من الرجال استطاعوا تجاوز فشلهم الجنسي، بتبسيط المشكل، فبالمقابل، هناك أشخاص عند حدوث الفشل او العطب الجنسي، يشعرون بإحباط شديد و كأن حياتهم انقلبت رأسا على عقب، و بالتالي يصبحون أشخاصا خائفين من الممارسة الجنسية و هذا هو الاحساس الذي يجعلهم يسقطون في فخ العجز الجنسي في النهاية.

فعندما يصاب الرجل بالفشل الجنسي ويقتنع أنه لن يعود الى حالته الطبيعية، يتهرب من الممارسة الجنسية بتقديم أعذار : كأن يقول لزوجته تارة أنا مريض و تارة يدخل منزله متأخرا حتى تنام زوجته أو يدخل لبيته مبكرا ويخلد للنوم قبل الجميع ، لكن عندما يضطر للقيام بالواجب الزوجي أو يمارس الجنس مع زوجته تلبية لرغبتها ، يذهب للمارسة منهزما لأنه يقول لنفسه “عندك ماتدير والو” وهكذا يستحضر الخوف و يقع الفشل. للأسف هذا هو واقع الحال عند العديد من الرجال ، بحيث أن الخوف يقلص من حجم الشرايين بفعل “هرمونات الخوف”. و في هاته الحالة، تزداد نبضات القلب و يرتفع الضغط الدموي ويصاب بالعرق ، وبالتالي يقع فقدان أو عدم الانتصاب، لأن الانتصاب يحتاج الى تمدد الشراين، لتصبح أوسع مما هي عليه، مع ارتفاع الصبيب الذي يصل إلى عشرين مرة أكثر من العادي.

الشئ الثاني، هو ان الفشل الجنسي، يغير من سلوك الرجل و يصبح له سلوك مغاير أثناء العلاقة الجنسية، بحيث لايقاسم شريكته المداعبة، بل يستعمل جسدها لكي يخلق الانتصاب ، فيصبح تركيزه أثناء الممارسة على قضيبه، وبالتالي يوجه تفكيره نحو قضيبه، هل سينتصب ام لا؟ في الوقت الذي كان عليه ان يداعب شريكته.

هذه العينة من الرجال، يصبح تفكيرها منصبا فقط، على القضيب طوال الوقت، أثناء العمل، خلال تناول الطعام ، و في كل وقت إلى أن يسقط في فخ العجز الدائم، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على العلاقة الزوجية، و بالتالي، فمن الطبيعي أن يدفع مثل هذا السلوك، الكثير من الزوجات إلى التعبير صراحة عن تضايقهن من هكذا وضع.

هذا الامر، يتعلق أكثر بشخصية كل رجل، و بشكل خاص، عندما تكون شخصية الرجل ضعيفة، فحتما لن يحسن المعاملة مع الخوف وعندئذ، يقول مع نفسه:” أنا غير قادر على واجبي الزوجي، و ربما ستذهب زوجتي عند رجال اخرين باحثة عن ما يلبي رغبتها الجنسية”، و هو الأمر الذي سيؤثر حتما على نفسيته. وهنا افتح قوسا لأقول:” أن الحياة الزوجية ليست جنس فقط ، هي أخذ وعطاء، تبادل الحب والحنان و مؤازرة الاخر، و الجنس يتوج كل هاته الأشياء”.

لكن للأسف، فإن بعض النساء، يدهبن عكس دلك، بحيث يسيطر عليهن الشك، و يتجه تفكيرهن، نحو تبرير تصرف أزواجهن، بوجود علاقات جنسية خارج إطار الزوجية، الشيء الذي سيضاعف لا محالة المشكل عند الزوج، حيث يصبح مضطرا للقيام بالعملية الجنسية تفاديا للمشاكل بينه و بين زوجته، فيصاحب هذا الاضطرار الخوف من عدم إتمام العملية الجنسية وهذا يؤدي بهذه الأخيرة الى الفشل و هذا يأتي بطبيعة الحال كرد سلبي للزوجة.

ماذا يمكن ان نقول للزوجة، التي أصيب زوجها بفشل أو عطب جنسي. يجب على المرأة أن تساعد زوجها عند شعوره بالفشل و العطب الجنسي وأن يكون سلوكها إيجابيا وليس سلبيا وأن تخفف من معاناته : كأن تقول له مثلا :” هذا شيء عادي و سنتجاوزه و أن الطبيب المختص قادر على أن يرجعك الى حالتك الطبيعية” أو ما شابه دلك، لأن الرجل عندما يصاب بفشل جنسي فانه يشعر بإحباط كبير، ربما يكون السبب المباشر في إصابته بالعجز الدائم.

زيارة الطبيب طبعا ضرورية، إن لم يحسن الرجل معاملته مع المشكل. لأننا لاحظنا في أغلب الأحيان الرجال المصابون بفشل جنسي، لايزورون الطبيب مباشرة بعد الإصابة، إنما ينتظرون سنة بعد سنة لعل المشكل يتم تجاوزه بشكل تلقائي، وهذا خطأ والمرأة للأسف، هي الاخرى لاتشجع الزوج على زيارة الطبيب وهكذا يتضاعف المشكل ويكبر الى ما لا تحمد عقباه، حيث يتم زيارة الطبيب بعد تفاقم المشكل العلاقاتي و يصبح الزواج مهددا بالطلاق.

من بين أسباب تطور مثل هده المشاكل الزوجية، عدم وجود الحوار والتواصل بين الزوجين، حول هذا الموضوع بالضبط و كذلك عدم زيارة الطبيب عند غياب الحوار. فغياب الحوار، يعتبر سببا واضحا في تطور مشكل الفشل الجنسي وهنا أعود الى شخصية الرجل و المرأة و من له الجرأة للحديث في الموضوع وبدون حرج للوصول الى حل ايجابي ، أما الصمت فمن الواضح أن نتائجه حتما ستكون سلبية.

* الدكتور عبد الرزاق مساعيد..أخصائي في المشاكل الجنسية

أكمل القراءة
مجتمع منذ 8 دقائق

الصيادلة غاضبون ويدعون إلى حوار جدي مع وزارة الصحة

دولي منذ ساعتين

زلزالان عنيفان يضربان كامتشاتكا الروسية

منوعات منذ 3 ساعات

ندوة: دور الدبلوماسية الثقافية والفنية والإعلامية في تجسير العلاقات بين البلدان

اقتصاد منذ 4 ساعات

الاتحاد الأوروبي يتفاوض مع المغرب على شراكة شاملة لمكافحة الهجرة

دولي منذ 5 ساعات

غزة: مقتل 44 فلسطينيا من منتظري المساعدات بنيران إسرائيلية

على مسؤوليتي منذ 6 ساعات

مصطفى المانوزي: أقاوم حتى لا يتحول الشَطَط إلى استبداد

رياضة منذ 7 ساعات

أمم إفريقيا سيدات.. جنوب إفريقيا تفوز على السنغال بضربات الترجيح 4-1

سياسة منذ 8 ساعات

اليوم: مسيرة وطنية بالرباط ضد تجويع سكان غزة

دولي منذ 9 ساعات

أكثر من ألف قتيل جراء أعمال العنف في جنوب سوريا

واجهة منذ 10 ساعات

طقس الأحد: انخفاض في درجات الحرلرة مع هبوب رياح قوية

دولي منذ 21 ساعة

روتايو يطالب بنهج سياسة حازمة مع الجزائر

رياضة منذ 22 ساعة

أم صلال القطري يعلن تعاقده رسميا مع عادل تاحيف

واجهة منذ 23 ساعة

النيابة العامة بالدار البيضاء: لا صحة لادعاءات سرقة أعضاء بشرية

منوعات منذ 23 ساعة

بعد 19 سنة.. مصطفى الآغا يودع برنامج “الحلم”

رياضة منذ يوم واحد

إنفانتينو: المغرب أصبح مركزًا عالميًا لكرة القدم

منوعات منذ يوم واحد

وفاة الأمير النائم ” الوليد بن خالد” بعد غيبوبة دامت 21 سنة

مجتمع منذ يوم واحد

اندلاع حريق بغابة قرب مركز باب برد

مجتمع منذ يوم واحد

إدارة سجن الناظور تكشف حقيقة وفاة أحد السجناء

اقتصاد منذ يوم واحد

مندوبية التخطيط: 76% من الأسر المغربية تُقرّ بتدهور مستوى معيشتها

دولي منذ يوم واحد

ترامب يعلن الإفراج قريبا عن 10 أسرى إسرائيليين

إعلان

الاكثر مشاهدة