أظهرت نتائج تتبع الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) للبرامج الإخبارية والمجلات الحوارية خلال الربع الأخير من سنة 2024، بالاشتراك مع معطيات المشروع الدولي “من يصنع الخبر؟” (GMMP)، عن استمرار تمثيلية ضعيفة للنساء في المشهد الإعلامي الوطني.
وقد كشف رصد الهاكا أن نسبة تدخلات النساء من الشخصيات العامة لم تتجاوز 18% مقابل 82% للرجال، وهو جمود بنيوي يؤكده الرسم البياني الممتد على مدى 15 سنة، والذي لم يشهد أي تحسن ملحوظ منذ سنة 2010، ويبرز هذا التفاوت بشكل لافت خلال الفترات الانتخابية، حيث لم تتعد نسبة حضور النساء في تدخلات انتخابات 2021 و2016 حاجز 19%، رغم التنصيص على مبدأ المناصفة في القوانين التنظيمية للانتخابات.
وعلى صعيد محتوى الأخبار، أكدت معطيات الدراسة الوطنية في إطار مشروع “GMMP” التهميش الملحوظ للنساء كمصادر أو مواضيع إخبارية، حيث لم تتعد نسبتهن 22% في التلفزيون، و18% في الصحافة الإلكترونية، و16% في الصحافة الورقية، و13% في الإذاعة، التي تُعد الأكثر إقصاء للنساء كمصدر للمعلومة والرأي، وتتعمق هذه الهوة بشكل خاص في الأخبار السياسية والحكامة، حيث لا تتجاوز نسبة النساء كمصادر أو مواضيع إخبارية 6%، مقابل حضور أكثر تجميلي في مواضيع الفنون والثقافة.
كما كشف تحليل مضمون الإنتاج الصحافي عن تقسيم غير معلن للأدوار بين الصحافيين والصحافيات، حيث تُكلف النساء غالبا بتغطية القضايا الاجتماعية والقانونية المتعلقة بالمرأة، بينما يهيمن الرجال على تغطية مواضيع العنف والجريمة والسياسة والاقتصاد، ويؤدي هذا التوزيع إلى تكريس صور نمطية ويجعل معالجة قضايا النساء سطحية وغير معمقة.
أما على المستوى البصري، فقد أظهر تحليل الصور الصحافية تراجعا في تمثيلية النساء، حيث ظهر الرجال في 71% من الصور مقابل 29% فقط للنساء سنة 2025، وتعتبر الصحافة أن صورة الرجل هي الأصل، حيث شكلت صورهن المنفردة 88% من مجموع الصور الفردية، حبث يبرز غياب النساء بشكل كامل في صور مواضيع مثل الرياضة والعلاقات الدولية والعلوم والدين.
وفي توصيف النساء في الأخبار، يغلب تقديمهن كشاهدات على تجارب شخصية أو ضحايا أو ممثلات رمزيات، بينما يحتكر الرجال صفات الخبراء والمحللين والفاعلين المؤسسيين، كما يتم التركيز على الحالة العائلية للنساء بنسبة أعلى بكثير مقارنة بالرجال، مما يكرس اختزالهن في الأدوار الأسرية.
وقد خلصت دراسة “GMMP” إلى توقع صادم مفاده أنه إذا استمرت وتيرة التقدم الحالية، فإن تحقيق التوازن بين النساء والرجال في الإعلام الإخباري العالمي لن يتم قبل سنة 2087، مما يستدعي تضافر جهود المؤسسات الإعلامية والهيئات التنظيمية، وعلى رأسها الهاكا، لتسريع وتيرة تحقيق المساواة في التمثيل الإعلامي.